شبح المعاناة يلاحق الإرتريين

بقلم/ احمد عثمان محمدنور

 

ثلاثون عاماً هى مسيرة النضال التى خاض غمارها الشعب الإ رترى  رافضاً الظلم والطغيان والخضوع لجبروت العدو الغاشم  وممارساته البشعة التى كان ينتهجها للقضاء على الشعب الارتري وطمس هويتهه  وذلك تنفيذاً لسياساته وخططه التى كان شعارها :  ( نريد ارض إرتريا  وليس شعبها ) فكانت حملات الإبادة الجماعية  فى القرى والأرياف الإرترية .

        إلاًً أن الشعب الإرتري والذى عرف بقوة إرادته واصالة معدنه  فى حبه لوطنه . لم يبالى بما يحاك ضده من مؤامرات دولية  بل زاده ذلك قوةالى قوته وإيماناً الى إيمانه الذى وقر فى قلبه بإن العدالة الإلهية هى  مآله معتقداً اعتقاداً راصخاً بإن الله  لاشك ناصره . فكان له ما اراد بإن تصدى لأقوى ترسانة عسكرية  فى افريقيا  ليحقق بذلك الحلم الذى يراوده لينعم بالأمن والسلام  وليشتم  عبق الحرية والإستقلال  فى وطن قدم  من أجله  المهج والارواح  حتى اشرقت شمس الحرية والإستقلال وفاح عبيرها فى ارجاء الوطن  بل  شمل عبيرها  كل بلدان  العالم التى يتواجد  فيها  الإرتريون وهم  يعبرون  عن خالص سعادتهم وفرحتهم  العارمة للحرية التى طال انتظارههم لها  فى مسيرات  وهم يرددون :  

(  مرحب مرحب بالحرية *** مرحب مرحب بالحرية ) اما طلاب المدارس  فكانو هم الأ كثر سعادة والأكثر روعة وجمالاً  باللوحة التى شكلوها وهم يقولون :-

  اغلى ما املك ياقلبى              مهراً  لعيون الحرية

  ابطالك فى ساحات البذل          عواصف نار رعدية

  وهشيم الباطل لم يبقى             تزروه رياح ثورية

  فارفع راياتك يا شعبي             المرتفعات الصخرية

  وهشيم الباطل لم يبقى              تزروه رياح ثورية

 

           ولكن هيهات . هيهات . أن تستمر  تلكم الفرحة حين من  الدهر ؟؟           وهيهات. هيهات ؟  ان يشتم عبق  الحرية والإ ستقلال  بل ان علامة الحسرة والندامة اصبحت ترتسم جبينه  فبات يعبش  حياةً يائسةً بائسةً ممذوجة بجراحات الماضى الآليم وآنين الحاضر الذى تتشعب ألوانه بين عشية وضحاها ومسلسل الشباب الهاربين لهو خير شاهد ودليل.، الذين تركوا أهلهم وديارهم وأموالهم  وراء ظهورهم  يبحثون عن بديل  ينعمون فيه بالأمن والسلام والإستقرار بعد إن اصبحت الحياة فى وطنهم جحيم لا يطاق . ذاقو  فيه اشد صنوف العذاب …. كيف لا ومشهدهم يحكى عن قيامة صغرى ( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه …..) لكل واحد  منهم مما يقع عليه من ظروف قاسية شأن يغنية . ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هل لهم ما يضمن لهم رحلة استكشافهم عن ذلك الوطن المزعوم؟ لا.  بل أن حياتهم تتأرجح فى الهلاك بين صحراء ليبيا عطشاً ومياه بحار مالطا غرقاً وفى كلا الحالتين فهم فى اعداد الأموات ، ولربما قد احسنو الإ ختيار  بإن فضلوا الموت بصورة خاطفة  من موت آنين السجون والمعتقلات التى تزداد  يوم بعد  يوم  بمتواليةهندسية .

 اما المشهد الثالث من مشاهد المعاناة  وهو الأ شد وقعاً على الشعب الإرتري أذ انه يعاني  من الأمرٌين ، لهيب الشوق والحنين للوطن الذى عانا كثيراً من حرمانه.

وشغف العيش الضنك والظروف القاسية فى معسكرات اللجؤ الذى انعدمت فيه ابسط  مقومات الحياة ناهيك عن كمالياتها التى ماعرف طريقها يوماً  ولم يحدث بها نفسه ، والطامة الكبرى التى اضيفت الى معاناة  الفقر والمرض  هو ذلك الظلام الدامس  لتكتمل به المعادلة  فى مثلث متساوى الاضلاع  وذلك بإن أغلقت المدارس التى كانت تؤدى رسالتها وعنوانها ( العلم شمس مشرقة والجهل نار محرقة ) فى معسكر ام قرقور  ذلك الذى تجمعت فيه  بقية المعسكرات .سمسم .الحواتة .المفازة .ابو رخم . كركورة . ليصبح تعداد سكانه قرابة  ال13 الف نسمة  بسبب  تجاهل وفتور منظمة الامم المتحدة (الكور ) عن تعليم  ابناء  اللاجئين الارتريين وذلك   فى عدم المصداقية   لمرتبات  المعلمين بل  وتخفيض الكثير منهم  فى الوقت الذى كنت فيه  المدارس فى امس الحاجة للمزيد  من  والمعلمين هذا مقارنة بالإ كتزاز السكاني فى المعسكر .  

          اما مدارس جهاز التعليم الارتري ذلك  الصرح السامخ  الذى كان خير معين لأبناء الارتريين  ينهلون منه العلوم والفنون والأداب  هو الآخر، فقد هجره المعلمون وابناء سرحته الذين  كانو به يغنون بعد إن تجاهلته الحكومة الإرترية  حتى اصبح  مرتعاً للمواشى والأبقار  تلوذ اليه فى  وقت الهجير. . ليجد بذلك الجهل طريقه  الي نفوس الطلاب والشباب الذين هم ركيزة هذه الأمة وعمودها الفقرى ، والناظر الى الشوارع فى كل من الشجراب  وكيلو 26 وأم قرقور وود شريفى  وهى مكتظة بالاطفال الذين يلهون ويمرحون ، يتبادر الى زهنه  بأن العطلة المدرسية  لم تنتهي بعد ، اما المقاهى  والأندية فقد زاد مشتركيها بالشباب الذين استسلموا الى واقعهم المرير ولم يجدوا الى غير ذلك سبيلا . مما اضطر اصحاب المقاهى والأندية لزيادة المقاعد واوراق الكتشينا التى  اصبحت مصدر معيشتهم  ولربما  قد  درسوا وتعلمموا من  واقع حياتهم العملية  تلك النظرية الإقتصادية التى  تقول :- ( كلما زاد الطلب زادت الكمية المعروضة)

        ثم ماذا بعد هذا المثلث الفقر ، المرض ، الجهل ، الذى تدور عليه حياة الشعب الإرتري  كدوران عقارب الساعة حول محورها ؟وهنا  حرىُ بنا ان نتساءل  ما الذي اقترفه هذا الشعب  ليلقي كل هذا العذاب ؟  ثم اين منظمات حقوق الإنسان  التي لم يهدء لها بال  ولا يرتاح  لها  ضمير اذا سجن اسرائيلي او قتل امريكى؟  ثم اين المجتمع الدولي من هذا الفلم الذي هو امتداداً كلياً لفترة الثلاثون عاما  التى قضيناها فى عهد الإستعمار الأثيوبي وإن اختلفت اوجه زمانه ومكانه وسينياريوا اخراجه ؟   اما آن له ان يستريح من الآهات والهنات التى اتسمت بها حياته .

 

        ولم يبقى لنا شيئ  غير ان نطلق صرخةً داوية الى منظمات المجتمع المدني

ومنظمات حقوق الإنسان الدولية والهيئات الخيرية والمنظمات الإنسانية بأن يعيرونا الأسماع ويتحركوا خطوة لإنقاذ هذا الجيل من الضياع ……

 

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6704

نشرت بواسطة في ديسمبر 18 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010