شموع تنير الظلام : الشيخ الداعية ( أدريس حامد سعدالله )

عمر جا بر عمر

فى حياتنا تبرز من حين الى آخر شموع تنشر الفرح وتبدد الظلام الذى يحيط بالوطن والمواطنين. ولكن لأن جرعة اليأس وصلت فى نفوس الأرتريين درجة عالية فانهم لا يلتفتون الى تلك الشموع ويعتبرونها استثناءا ومظاهر عابرة ستختفى مثلها مثل كل جميل فى حياتهم. ولكن الحقيقة هى ان تلك الشموع موجودة بيننا ومن حولنا وأمامنا ومن خلفنا – فى كل مجالات الأبداع والنجاح : فى الأدب والفن والرياضة والعلوم والأقتصاد والأجتماع – فقط علينا أن نضعها فى موضعها الصحيح ونحتفل بها ومعها فى كل خطوة نجاح وابداع – ذلك هو الطريق الذى نهزم به اليأس ونبدد الظلام ونجعل حياتنا ضياءا وفرحا وسعادة.

وهذه المرة نتوقف عند ( شمعة ) كا نت وما تزا ل تنير الظلام لعقود طويلة وتنشر العلم والمعرفة بين النا س .. أنه الدا عية ورأئد من رواد التنوير الشيخ (أدريس حا مد سعد الله ).

الميلاد والنشأ ة : ولد فى ( حلحل – أرئس ) عا م 1935 ونشأ فى بيئة رعوية تميزت بأنتشار قيم التكا فل والتراحم والتعا ون.رضع من أمه حب النا س والأرض – لكن القدر لم يمهلها ..فهاجر بعد وفاتها وترك القرية وذهب الى ( أنقرنى) حيث عمل فى الزراعة ودرس القرآن على يد الشيخ ( حبيب ) من “عد معلم”. تذوق حلاوة العلم وفائدته لذا قرر الهجرة الى السودان .

الهجرة الى السودا ن :كا نت المحطة الأولى هى ( أم ضوء با ن) الشهيرة بخلاويها ومشايخها..لكنه مرض مرضا لم يمكنه من الأستمرار هنا ك لذا عا د الى ( الشجرة – ضا حية القضا رف) حيث أستقبله الشيخ ( دكين ) وأسكنه معه وعمل معه فى الزراعة.بعد ذلك سافر الى ( شندى) ودرس القرآن وحفظه على يد الشيخين ( عبد الله وعبد القيوم مجذوب )فى خلوة ( جوير ود دبعة).ثم سا فر الى ( أم درما ن ) وواصل الدراسة فى شتى فروع الدين الأسلامى :

1-الميرا ث على يد الشيخ الأمين ود الترابى.

2-الفقه على يد الشيخ أدهم

3-الحديث والفقه على يد الشيخ السيلحى

ثم غادر الى قرية ( النوبة ) فى الجزيرة ودرس الفقه ثم قرية ( المسعودة ) وواصل دراسة الفقه. لكنه بعد ذلك عاد الى أم درما ن وأصبح مؤذنا فى جامع وسكن فيه وواصل دراسة الفقه على يد الشيخ ( الأشقر).

الرحلة الى مصر : كا ن لا بد من ( الأزهر ) وأن طال السفر – تلك هى القبلة لطلاب العلوم الدينية من الأرتريين وحتى بقية العالم فى ذلك الوقت – سا فر عبر الطرق المعروفة

با لقطار الى حلفا ثم واصل حتى دخل الى القاهرة وألتحق بأ لأزهر الشريف.

الى جانب دراسته أصبح عضوا نا شطا فى أتحا د طلاب أرتريا ومساعدا للشيخ ( محمد أدريس ) شيخ رواق ألأرتريين فى الأزهر. عا م 1971عندما زار ( هيلاسلاسى ) القاهرة قا م الطلاب الأرتريون بمظاهرة وأحرقوا السفارة الأثيوبية وتم أعتقال العديد من الطلاب ومنهم الطا لب ( أدريس سعد الله) وتم وضع أسمه على القا ئمة السوداء !

بعد أن تخرج من كلية الشربعة والقانون حاول السفر الى السودا ن للدخول الى أرتريا لكنه

لم يحصل على تأشيرة بسبب أحداث السفا رة لذا قرر الذها ب الى ( عدن ) ومنها عبر البحر الى أرتريا ثم السودان.

بدا ية الدعوة: كا ن يحمل فى عقله ( رسا لة ) قرر أن يتشرها بين النا س يوما ما –

وكا ن يسكن فى قلبه أيما ن لا يتزعزع بأ ن الله سينصره ويوفقه فى أداء تلك الرسا لة ..

ورغم ضيق ذات اليد وعدم وجود أى دعم من أية جهة قرر أن يخوض التجربة بمفرده

معتمدا على الله وعلى ما تسلح به من علم وعلى علاقا ته الأنسا نية الواسعة التى نجح فى

بنا ئهاطوا ل سنوات دراسته. كا ن كخلية نحل لا يهدأ له با ل حتى ينجز المهمة التى

أمامه وبالرغم من هدوء وموضوعية عقله وحجته الا أنه لم يكن يجامل فى قضايا الحق ولا يدافع عن الباطل – لكنه يعطى الأولوية للفرائض ويترك النوافل للأجتهاد.

بهذه الروح وهذا الأستعداد بدأ مشواره – جمع بعض الكتب الدينية من تبرعات البعض وساعده فى ذلك بدا ية فى كسلا كل من ( عمر حا ج أدريس )و( جعفر محمد) وكان يتم

تخزينها فى منزل ( محمد آدم أرى – قصير) حتى يتم نقلها الى دا خل أرتريا.

بدأ توزيع تلك الكتب فى ( عد فكاك – أفأيد – عد درارى –عد قرصت – أسما ط –

أف شروخ- حلحل وتواصلت المسيرة حت عمت – كما قا ل الشاعر – كل القرى والحضر.لم يكن يكتفى بتوزيع الكتب ومستلزمات التعليم فحسب بل يقوم بأنشاء معهد فى كل قرية يمر بها حتى يواصل المواطنون الرسا لة أعتما دا على قدراتهم ومبا دراتهم الذاتية وبهذا خلق وعيا لدى أبنا ء وبنا ت تلك المنا طق.

الأنجا ز الكبير : بعد نشر ذلك الوعى وتمليك المواطنين قدرات المواصلة والأتصال كان لابد من الأرتقاء بالعمل وتجميع الطاقات والوصول الى مستويات عليا من التعليم وتوجيه الأجيا ل الجديدة نحو آفاق أرحب ومساحات أوسع سواء كا ن با لأنتشار الجغرافى أو ترقية الأداء كما ونوعا. واليوم تشهد مدينة (كرن ) ذلك الأنجاز:

@ عمل الشيخ أدريس سعد الله مديرا لمعهد أصحاب اليمين فى كرن لمدة 12 عام.

@ وهو الان يعمل كمدير لمعهد ( الضيا ء الأسلامى ) فى كرن.

يضم المعهدان المذكوران مئا ت الطلاب – بنين وبنا ت –وقد تم تخريخ المئا ت خلال السنوا ت الما ضية. لكم أن تتخيلوا هذا الشيخ الذى تخطى السبعين من عمره يعمل فى اليوم أكثر من أثنتى عشرة سا عة – صبا حا يدرس البنين ومساءا يدرس البنا ت- يساعده فى ذلك معلمون متطوعون – كله لله ومبا درات أبنا ء المنطقة هى التى تسا عد على أستمرارية الرسا لة.

@ بعد لجوء أعداد كبيرة من الأرتريين منذ سنوات الى الحدود السودا نية وأقامتهم فى

( ود شريفى ) ذهب اليهم وبنى معهم معهدا يتعلمون فيه ومقرا يسا عدهم على تحمل

مشا ق الغربة .

فى الختا م لايسعنا الا أن نسأ ل الله أن يجا زى الشيخ أدريس على ما قدمه لأهله وبلده

ومعه متطوعون من المعلمين لا يرجون الا ثوا ب الله وأجرا من عنده. أنها الرسالة

الخالصة المخلصة ولا يبتغون من ورائها الا العمل الصالح ونشر العلم ومحاربة الجهل

وتمليك الأجيال الجديدة ذخيرة تعينهم على مواجهة تحديات الحياة والعمل على الأرتقاء بالمجتمع الى درجات أعلى وأكثر أستقرارا وسلاما.

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=28208

نشرت بواسطة في ديسمبر 30 2012 في صفحة شخصيات تاريخية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010