شيطان ارتريا المسكين!

روبن: "قوة دفاع تيغراي ربما ستدخل إريتريا لإسقاط أفورقي الذي تقدم به العمر وصحته معتلة وشعبه محبط" (رويترز)
رئيس نظام هقدف اسياس افورقى

فتحي_عثمان

يشرح ديفيد ميلر استاذ العلوم السياسية في جامعة اوكسفورد وعضو الاكاديمية البريطانية أسباب الحاجة للاهتمام بالفلسفة السياسية.
يقول ميلر: أولا: كون الحكومة صالحة أو فاسدة يحدد إلى مدى بعيد نوع الحياة المعاشة؛ أي مدى سعادة وشقاء المحكومين في حقبة زمنية ورقعة جغرافية محددتين، وكذلك مصيرهم.
ثانيا: إن الحكومات ليست منزلة من السماء؛ بل هي هياكل يبنيها الإنسان ويهدمها.
أخيرا: بمقدورنا أن نحدد نوع الحكومات الصالحة والفاسدة؛ ونستطيع وضع المعايير المطلوبة للحكم الأمثل والأصلح، وبذلك يكون عندنا معارف أو علوما سياسية.
هذه الأسباب التي يطرحها ميلر سبق بها افلاطون وأرسطو والفارابي وأبو بكر الطرطوشي وصولا إلى جون رولز صاحب كتاب العدالة في العصر الحديث.
لكن هل يحتاج الإنسان العادي إلى الفلسفة بكل تعقيداتها ليعرف ما إذا كان الحكم أو الحاكم فاسدا أم لا؟
في زمن الحجاج نصح رجل بالتحوط من وباء الطاعون، فقال لناصحيه: “إن الله أرحم من أن يجمع على عباده الطاعون والحجاج في وقت واحد.”
بصيرة الناس ومعاناتهم تحت الجبابرة الباطشين لا تحتاج إلى فلسفة سياسية، فالعبرة بالسجون والعسس وفساد الحياة العامة والخاصة وهوان الإنسان، وطغيان الحاكم الفاسد والرأي الكاسد.
وفي ارتريا ينتشر كل ذلك، ولا تحتاج رؤيته إلى مجاهر الميكروسكوب؛ حتى اجتمع على الناس الفساد والاستنفاع، وغابت الكرامة من صفحة الحياة. ولا يعتد بحكم من هو في سيدني او تورنتو عن وجود الحياة الكريمة أو عدمها في ارتريا اليوم؛ بل يؤخذ هنا بشهادة ساكن عصب وبارنتو، تمثيلا لا حصرا.
ومن يدافع عن تسلط اسياس وحكمه كأنه يقوم بمهمة “محامي الشيطان” وسوف نشفق على الشيطان نفسه إذا تطوع بهذه المهمة المستحيلة أو ال”ميشن امبوسبل” مع الاعتذار لتوم كروز.
فالرجل (وبعظمة لسانه) في مقابلاته الطويلة والمملة ينقض غزله أنكاثا في كل مرة بالقول “اننا لم نحقق شيئا”، ثلاثين عاما، بشهادة تكراره الممل، ولم نحقق شيئا في التعليم، أو حتى الاستفادة من أسماكنا (وليهنأ سمك بلادنا بطول سلامة)، وبعد ذلك كله لا يستحي أن يقول أن المسيرة أمامنا لا زالت طويلة.
قبل الحديث عن المسيرة، لنا الحق أن نسأل أين الطريق؛ بل إلى أين المسير؟ ثم إذا كان هناك بنيان فابحثوا عن الأساس. علق مولانا عبد الله خيار على المنشور السابق بالقول “اننا لا نطالب بالديموقراطية الغربية، بل نطالب بالحقوق الأساسية للإنسان”. وأزيد على ذلك بأننا لا “نطالب بترف الديموقراطية”؛ وتكوين الحزب الاشتراكي الارتري، والحزب الديموقراطي المسيحي، وحسب الرفاه والبنين، بل نطلب ونطالب بالحق الذي هو أساس كل حق وهو “الحق في الحياة”، والحياة الكريمة بشكل أكثر تحديدا، ثم بعد ذلك فليحكم الشعب نفسه بما شاء.
إن المحاولة البائسة واليائسة والفاسدة كذلك لربط السلطة القائمة بمصير الوطن هي قاصرة النظر ونفعية المقاصد حتى النخاع، ومحاولة الغاء فساد الحكم وتغطيته بالقول بأن هناك تعمير وبناء لا تظهر سوى استجداء خانع وذليل؛ حيث لا يستطيع الشيطان نفسه الدفاع عن الحكم القائم في ارتريا اليوم، وإذا عرض عليه ذلك فإنه، لا شك، لن يقبل بها حتى لا يوصف بأنه يحاول المستحيل أو يوصف بأنه “مسكين”

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=46926

نشرت بواسطة في سبتمبر 22 2023 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010