صالح يعقوب: حياة تباين ما بين دولتين

اعدت من قبل : عواتى كوم.

ترجمة: فرجت كوم

13 سبتمبر 2006م

الاستاذ صالح ياقوب أحد الارتريين المشاركين في مسيرة الحرية ، تم احتجازه من قبل السلطات الامريكية  لبعض الوقت وبصورة مختصرة  ثم اطلق سراحه، وذلك في يوم الجمعة الموافق 26 أغسطس 2006م. التقى به موقع عواتى كوم على هامش مسيرة الحرية التي انطلق من نيويورك الى واشنطن ، ونحن ننقل لكم النسخة المترجمة من مقابلة عواتى لأهميتها. وفيما يلي قصته ، ولكن قصة  صالح ياقوب  تعود الى الوراء لأعوام مضت ، الى زمن أعتقد فيه أتباع النظام المستبد في ارتريا ، ان بالامكان التخلص من معارضيهم ومعارضي النظام بمجرد الاشارة اليوم ونعتهم بأسماء ” بن لادن ” ، ” القاعدة” ، و “الارهابيون ” و” الجهاديون” ، وذلك كافيا لجعل السلطات الامريكية  ان تشن حملة على كل معارضي النظام الارتري وجمعهم في حاوية واحدة وشحنهم الى أفورقي ليتم التخلص منهم. وكم حاول مؤيدي النظام جل طاقاتهم ومنها استخدام التلفون بكثافة للتبليغ عن كل معارض باعتباره ” ارهابي في حالة بيات شتوي” ، هذا في وقت حاول فيه اسياس ركوب جوقة التحالف ضد الارهاب والحرب ضد الارهاب ، واستمات النظام  وباسلوب الشحاذ في اقامة قاعدة للامريكان والتحالف في ارتريا بحجة بأن تضاريس أكثر شبها بتضاريس أفغانستان؟ في ذلك الوقت الذي تبجح فيه النظام بأنه سوف يحجز السجناء الارتريين لأى وقت يشاء كما في قاعدة “غواتنامو”.

التلميح الأول (2002م)

وتعود القصة الى صيف عام 2002م التلميح الأول بدأ عندما قام صالح يعقوب بجولة ما بين سياتل ودلس حيث كانت تزداد حالة التفتيش والاسئلة ، وفي اطلنطا اصبح التفتيش والتحقيق مكثفا ، واصبح يزداد باضطراد لدرجة انني عند انتهاء الرحلة كان لدى اقتناع جازم بأن اسمي مدرج ضمن قوائم الارهاب.

الاتصال الأولي بيني وبين الـ ” اف بي آى”  كان  عندما قام أحد ممثليهم بزيارة منزلي ، عندما كنت خارج المنزل ، وقام بالتحقيق مع جاري الذي أبلغه ما يعرفه عني وترك له  كرته الشخصي لكى أتصل به ، واتصلت به في اليوم التالي وجعلنا موعدا للقاء به. وعندا تم التعارف بيننا جيدا ، أبلغني ان الوكالة تتلقى ما بين 10 -15 مكالمة من ارتريين هنالك يبلغون عني بأني ” جهادي ” و ارهابي  ومن مؤيدي ” بن لادن”؟!

التحقيق في سياتل:

فى التحقيق الذي اجرى معي  أبلغني  رغبته في معرفتى وعلى المنظمة التي انتمي اليها ” الحركة الاسلامية الارترية ” ، واراد ان يعرف لماذا نطلق على أنفسنا  ” جهاد”  وما هو بالضبط الاهداف التي نسعى الى تحقيقها، وقلت ان الجهاد هو القتال من أجل الحق وحتى لا تصبح الى مواطن من الدرجة الثانية في وطنك، نحن لا نسعى الى فرض سياسات الاحتواء والهيمنة على الآخرين والدليل على ذلك نحن جزء لا يتجزء من مجموع الارتريين الذين يعارضون النظام وتجمعنا مظلة التحالف الارتري الوطني سابقا والآن التحالف الديمقراطين ، وهكذا  مع المنظمات الأخرى نعمل الى اعادة حقوق الشعب الارتري المستلبة. نحن لسنا ضد ا لمسيحيين  في ارتريا أو غيرها ولكننا ضد ان نرى المواطن المسلم في ارتريا مواطن من الدرجة الثانية.

واستمر هو في طرح الاسئلة حول الجهاد ،  وقلت له الا يشغل باله كثيرا بذالك ، وقلت له انني يمكنني الاجابة على هذا السؤوال وما تعنيه مفردة الجهاد في السياق الارتري، ولا يمكنني الاجابة عن الطريقة التي يمارس بها الجهاد أو يفسر من قبل الآخرين، أو ان اكون مسؤلا عن ذلك. وشرحت له ان كلمة جهاد تعني المقاومة وبذل الجهد من أجل ذلك ، وضمن هذا السياق جاء دعم الادارة الامريكية في عهد الرئيس ريغان للمجاهدين الأفغان ضد الطغيان السيوفيتي ، كذلك انا أدعم المجاهدين الارتريين من أجل نيل حقوقهم وتحرير أنفسهم من طغيان نظام الفرد. جهاد ، اجتهاد ، مجتهد ، لها معاني متعددة حسب السياق التي ترد فيه. مثلا الطالب الذي يبذل قصارى جهده لنيل درجة الدكتورة فهو مجتهد، وهذه لغة وليس أمر ديني ، مثال آخر أمراة عربية مسلمة وأخرى عربية مسيحية التي تمر بحالة ولادة صعبة يمكن تسمية ذلك جهاد او اجتهاد. ولهذه الاسباب مجتمعة يمكنني الحديث فقط عن الجهاد في السياق الارتري فقط فأنا غير مسؤلا عن المجاهدين من غير الارتريين ولتوضيح هذه النقطة قلت  له ” اذا ذهبت الى السعودية ” لا يمكن اعطائي الجنسية السعودية لمجرد كوني مسلما ” ولكني مسلم ومواطن ارتري.”

وأرد هو معرفة عما اذا كان جهادي محصورا في ارتريا فقط.  ولماذا موقع منظمتكم الالكتروني  يحتوي الى ربط لموقع منظمة حماس الفلسطينية؟

فقلت نحن الارتريين نبدي تعاطف كبيرا مع قضايا الشعب الفلسطيني ، بنفس قدر تعاطفهم مع قضيتنا، ونضالنا للاستقلال عن اثيوبيا خلال الفترة 1960 -1970 وهذا كان نابع  من ايماتهم بالنظرية الاشتراكية. أو اليسارية ، والآن يعبر عنها من خلال الاسلام. نحن لا نملك مصادر دعم كبيرة لدعمهم ولا هم ايضا وكل ما نملك فعله في هذا الحالة الدعاء لهم بالنصر وهم يدعون لنا بالنصر.

وقال لي مكتب الوكالة يتابع انشطتي وعملي ، ونشاطي الارتري والمسلم ، فمن يقوم بدعمك للقيام بمثل هذه النشاطات؟ فقلت له بخصوص الدعم يمكنك مراجعت تقارير الضريبة التي أرفعها سنويا وبصورة دورية أو عن حركتي وطاقتي فليس في ذلك غرابة فكل شخص يمكنه فعل ذلك اذا تخلى عن مشاهدة التلفاز والاسترخاء ، فأنا لست من مشاهدي التلفاو و لا احبه وأحب النشاط والحركة.

وتعر فت على الرجل جيدا وأعتقد انه رجل متدين ايضا واعتقد انه احترم فيني  الجدية في تديني والتمسك به.

التحقيق في انديانا:

 عندما رحلت الى ولاية انديانا ، تم تعيين عميلين من الوكالة لمتابعتي. وكنت متأكدا من أنه يستمعون الى مكالماتي التليفونية وانني متابع ، لم انقطع عن المسجد ، ففكل مرة احضر فيها درسا أو خطبة ، كان يسألني  عميلى الوكالة  ماذا كان رأيي عن الخطبة أو الدرس. وكنت أعطيهم اجابة صريحة  عن ذلك. في أحد المرات سألوني اذا كان بالامكان فصل الدين عن السياسة فقلت  لهم في رأيي انه لا يمكن فصل الدين عن السياسة. وأعطيتهم بعض الآيات والأحاديث التي تدل على ذلك، انني اناضل ضد الظلم في بلدي مما يعني انني امارس السياسة.

المشاركة في مسيرة الحرية:

عند سماعي عن  مسيرة الحرية ( منظمة من قبل منظمة أسبر – ايطاليا ، وبدعم من التحالف الارتري العالمي ضد الطغيا ، المكونة من منظمات لمجتمع المدني والمواقع الالكترونية الوطنية حول العالم ) – قررت ان اشارك فيها . المسيرة  هي عبارة عن مشروع لخلق الوعي والقاء الضوء على مسآة السجناء الارتريين والظروف الصعبة التي تمر بهم في السجون الارترية.

الهدف من المسيرة التعريف بقضية السجناء الارتريين وطرحهها للمنظمات الدولية وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة، الكونجرس الأمريكي، وزارة الخارجية الأمريكية ، للمساعدة في تكوين هيئة تحقيق دولية لمعرفة اماكن السجناء والمختفون  في ارتريا. لهذا قررت المشاركة في المسيرة مع اخوتي الباقيين.

الاعتقال في بلتيمور:

وصلت المسيرة الى بلتيمور مبكرة ،  فتركت الأخوة وذهبت سائقا حافلة ، وفي اعتقادي انني لم أتوقف جيداً في اشارة مرورية ، فأوقفتني  شرطية مرور وسألتني بكل أدب عن رخصة القيادة وعند اخراج رخصة القيادة  وبعد فترة قامت المرأة وشخص آخر بشكل فجائي  باعتقالي وأخرجوا مسدساتهم وقاموا بوضع القيود على معصمي. وقالوا سأبقى رهن الاعتقال الى حين يقوم البوليس بالتحقيقات اللازمة. ثم أجلوسني خارج العربة في ركن ووضعوا شريطة الشرطة  – شريطة عليها عبارة ممنوع عبور او دخول المكان – حول المكان الذي اجلس به، حوالى خمسة أو ستة عربات من أجهزة حكومية مختلفة وصلت الى المكان. ثم تم وضعي في حافلة الشرطة ، ثم قيلي ستذهب الى نقطة الشرطة من اجل حمايتي والتحقيق معي، حيث أخضعت للتفتيش وقامو بتوجيه عدة اسئلة الى ، وقامو بالاتصال بولايات متعددة لمعرفة خلفيتي وقام الكلاب بشم الحافلة التي كنت اقود.

بعد مضى أربعة أو خمس ساعات جاء الشرطي وقال يمكنك الذهاب الى حيث تشاء واذا تريد ايصالك الى المكان الذي أخذناك منه سوف نفعل ذلك، واعطاني الشرطي اسمه ورقم تلفون للاتصال به في حالة الحاجة الى ذلك كما قام بالاعتذار الى وقال اذا شعرت باننا عاملناك المعاملة الغير حسنة يمكنك رفع دعوى على الشرطة. فقلت للشرطي ” لو كان ما حدث لي في موطني الأصلي لكنت في هذا الساعة اما ميتا أو مغشيا عليه ، نحن نسير من  اجل هذه الحقوق لاسرى  الضمير فى ارتريا  واحترام حقوق الانسان ، عند التأكد من براءته يطلق سراحه وهذا هدف مسيرتنا  ثم شكرته للقيام بواجبه وأنصرفت.

مراسل صحفي كان يغطي الحدث قال هل ترغب في رفع دعوى  على الشرطة ، فقلت للصحفي بدلا من تغطية رفعي للدعوة على الشرطة ألا يمكنك تقديم خدمة لي بتغطية مسيرة الحرية ، فقال واجبي تغطية هذا الحدث أما الاعلان للمسيرة  ليس ضمن واجباتي.

دائما عن تطبيق القانون ، غالبا ما تسأل  هل تريد ان يكون المحامي حاضرا معك – لماذا؟ –  ليس هنالك بامكان فعله  ولا اقدر فعله لنفسي، انا نتأكد من براءتي ولهذا لم اصرخ احضروا لي المحامي  وهي حركة دائما تدعو الى الشك من قبل رجال الشرطة. انا اقول الحقيقية كما أراها ولا ازيد على ذلك. ولا اعطيهم اجوبة مضللة لكسب رضاهم. واعتقد انهم يحترمون ذلك. واعتقد انني احبطت توقعاتهم عن المسلم المتدين. فانا مثلا اذا اعطيتهم ما يحبون سماعه من اجوبة مضللة فيمكنني العيش بسلام بلا تحقيقات أو ازعاج من السلطات ولك الى متى  هل حتى نهاية العمر لا اعتقد وحتى وان حصل فأين أولي وجهي من ربي.

الهوامش:

السجناء الارتريون ، بينهم سجناء من اتباع طوائف مسيحية  غير معترف بها من قبل الحكومة، كذلك بيهنم سجناء  مسلمين من معلمي المعاهد المدارس الاسلامية ووجهاء من المجتمع المسلم. والذي التزامهم وتدينم  وضعههم في قائمة المتهمين بالارهاب. كذالك يحتوي السجناء على اتباع الكنيسة الارثوذوكية  الذين رفضو تدخلات الحكومة  المتزايد في شؤون الكنيسة الارترية.

وزراء سابقون  وقادة سياسيون طالبو بالاصلاحات السياسية وتطبيق القانون، بينهم ايضا العاملون بالسفارة  الامريكية الذين اتهمو بالتجسس لل سي آى ايه . الصحفين من الصحف المستقلة ، المواطنيين المرحلون من مالطا وايطاليا ، أولياء امور الذين لم يتمكنوا من دفع غرامات اختفاء الابناء، والاطفال الذين رفضو اداء الخدمة العسكرية . مازال الكثيرين منهم محتجزين في حاويات حديدية  في الصحاري ، والبعض يمارس عليه التعذيب  تحت الأرض أو بالتعليق في الشجر فيما يعرف بربطة الطائرة المروحية. وقد أمضى معظمهم ما ينيف عن عشرة أعوام في المعتقل والبعض مهم مات متأثرا بالتعذيب وبأمراض اخرى اصابتهم في المعتقل.  قد قام موقع فرجت كوم بوضع قائمة باسماء معظم السجناء  يمكنكم الاطلاع عليها من هذا الربط ==◄ سجناء الضمير

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5547

نشرت بواسطة في سبتمبر 13 2006 في صفحة حوارات. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010