طباعة العُملة الأرترية… خطوة إبتزاز .. أم إقتصاد .؟؟؟!!

(1)

لاشك إن الإستقرار الإقتصادى والتنمية هى مطلب كل مواطن بغض النظر عن موقفه من النظام ، لأن ذلك مرتبط بحياة الناس ومعاشهم ! عليه فالتناول بموضوعية هى الأساس والنظرة الإقتصادية البحتة هى الركيزة والمُنطلق فيما يخص قضايا الإقتصاد وتوابعها، ولهذا سنُناقش إعلان البنك المركزى الإرترى للأوراق النقدية رقم :124/2015 الصادر بتاريخ 4/11/2015 أسبابه، ونتائجه، مضاعفاته، على المواطنين، وقد نص الإعلان على أن تتم إستبدال العملة القديمة بالجديدة فى غضون 45 يوماً من تاريخ البدء وحدد أن يستلم الأفراد والجهات مبلغ :(20.000) نقفة كحد أقصى بغض النظر عنما  تمتلكه من النقود وتبلغ هذه القيمة (400) دولاراً فقط  وهى قيمة متواضعة جداً قياساً بأسعار السلع المرتفعة ، على أن تستلم باقى ما تملكه من مبالغ عبر شيكات أو سندات بنكية، أما الأجانب فسيتم إستبدالها لهم بعد التحقق من مشروعية مصدر النُقود التى يمتلكونها هذا وقد حدد الإعلان أن تكون فرصة الإستبدال مرةً واحدة ،

(2)

يُعتبر السبب الأساس لإتخاذ هذه الخطوة هو تدهور وضع الدولة الإقتصادى وخوف النظام حتى لا يقود هذا الضُعف لإنهيار الدولة وسقوط النظام فهى خطوة لحماية النظام من الإنهيار، إضافةً لذلك عدم تعامل المواطنين مع البنوك وإحتفاظهم بالأموال خارجها لإنعدام الثقة فى إستقرار النظام والوضع السياسى خاصة بعد المحاولة الإنقلابية التى حدثت فى عام 2013

ثم تأتى القيود القاسية جداً وغير الموضوعية التى تفرضها البنوك على المواطنين ضمن قائمة الأسباب التى جعلت المواطن يتعامل خارج صياغ البنوك ، كل تلك الأسباب السابقة أدت لبروز السوق الموازى (السوق الأسود)  بقوة وعلى الرغم من وجود النظام بقوة فى هذا السوق إلا أنه فقد السيطرة عليه تماماً وأنعدمت السيولة فى البنوك ، ويرى البعض بأن هنالك غرض أخر هو لمحاربة الفساد عبر كبح جماح بعض الجنرالات وأصحاب النفوذ وتُجار البشر وبالفعل ستُحجم هذه الخطوة أمثال هؤلاء ، لكنها للأسف ستُكبد التُجار خسائرة كبيرة وكان يُفترض مراعاة وضعهم فى مثل هكذا قرار ..

(3)

إن الميزان التجارى للنظام مُختل بصورة غير طبيعية ولا تُوجد أية مقارنة بين الصادرات، والواردات، بل ليست هنالك صادرات تُوفر النقد الأجنبى ولايوجد هنالك إنتاج وإن كان هنالك إنتاج فإنه لايتجاوز إنتاج البيرة ويذهب إنتاج الذهب لرأس النظام حيث هو المُشرف الأول عليه ! ولا يعرف أحد قيمة ما يتم إنتاجه ولاكيف يتم صرفه حيث لاتوجد دورة مالية بالمفهوم الإقتصادى المتُعارف عليه فهى إذاً بلد الفوضى المالية بإختصار! وفوق هذا تعيش البلاد عُزلةً إقليمية من دول الجوار ويُضيقُ نظامها على الإستثمار، وتشهد حدوده يومياً هروب القوى المنتجة من الشباب ..!

(4)

إن أى دولة تُريد أن ينمو إقتصادها وتقوى عملتها المحلية يتطلب ذلك مُقومات عدة أهمها قوة الإقتصاد المحلى، والإستقرار السياسى ، فأرتريا فى ظل هذه النظام لايوجد بها أى مؤشر إقتصادى إيجابى أو مؤشر سياسى إيجابى بالمُطلق ومن المُستبعد جداً حدوث أى إنفراج سياسى أو إقتصادى لتتعافى الدولة إقتصاديا ويستقر نظام الحُكم فيها ، فمن المستحيل جداً فى مثل هكذا ظروف أن تتحسن الظروف الإقتصادية وتتجاوز أرتريا محطة الضُعف هذه حتى لو أصدرت السلطة مئات القرارات..!

(5)

البعض يتساءل هل هذه الخطوة ستُنقذ البلاد من التردى الإقتصادى وفوضى السيولة النقدية ..؟! هذه الخطوة فى تقديرى ستُوسع الفجوة بين المواطنين والنظام وستُعمق حالة عدم الثقة أكثر ولن يكون هنالك إصلاح إقتصادى مالم يراعى جميع شرائح الشعب، ولهذا سيزداد الوضع الإقتصادى تدهوراً وستظهر النقفة الجديدة بغير قيمتها الحقيقية فى السوق الإقتصادى ولن تستطيع أن تستمر فى الإحتفاظ بقيمتها وسرعان ما ستتهاوى أما العُملات الأخرى لأنها عُملة تستندُ على إقتصاد هش ومنظومة حُكمٍ تفتقد لأبسط المعايير العلمية والإدارية ، وللعلم فإن هذه الخطوة ستجعل الكثيرين من أصحاب رؤوس الأموال  يلجأون لنقل مدخراتهم خارج أرتريا وكان يمكن لهذه الأموال أن تزدهر بها الأسواق وتُنعش سوق العمل مما سيُحسب ذلك خسارةً  وطنية ، ولهذا فقطعاً هذا الإجراء  لن يحل مشكلة البلاد النقدية والإقتصادية وهو ما ستكشفه الأيام.

(6)

بناءاً على المُعطيات السابقة وواقع النظام فى أرتريا فالخطوة لاعلاقة لها بالإقتصاد بل هى خطوة إبتزازية بإمتياز! القصد منها السيطرة على مقدرات المواطنين ونجح النظام فى ذلك بصورة ٍتامة، وسيرفد الخزينة بالعملة النقدية التى ستساعده حتماً فى إنفاقه على الجوانب الأمنية لإحكام قبضته على المواطنين فى الخارج والداخل ، وسيحتكر النشاط التجارى بصورة أكبر من السابق ، ولكن ما لايعلمه هؤلاء بأن إقتصاد الدول لا يقوم على أساس السيطرة .! بل يقوم على علاقة متوزانة بين الشعب  والسلطة  تُراعى السلطة فيها مصالحه ، وبخسارته لثقة الشعب بالكامل فسوف لن تصمد هذه الإجراءات بل ستُضعف بنية النظام الإقتصادية والسياسية و تُعجل من سقوطه وإن غداً لناظره قريب …!!

 

بقلم : محمد رمضان

كاتب أرترى

Abuhusam55@yahoo.cm

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35854

نشرت بواسطة في نوفمبر 15 2015 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010