طريق الديمقراطيةمحفوف بشبهة الحرية وعقبة الديمقراطية

بقلم: عمر محمد صالح

كاتب وصحفي

omerMSalehdhnet2010@hotmail.com

في البدء يجدر بنا لزاما أن نتطرق ولو بإسهاب بسيط الى الفارق بين الإستقلال الشكلي والحقيقي لنسعى من خلال ذلك لتحديد الإستقلال كمفهوم تحديدا دقيقا يحمي كل الحادبين على مصلحة الوطن من اللبس أوالوقوع أو الإنجرار وراء معاني لم يفرزها افستقلال الوطني الذي تحقق بينما برزت كإنعكاس للخيال المتطلع والمتعطش لرؤية الحرية مكتملة كالبدر وسط الظلماء ، خيال أجبر الكثيرين للتعامل مع الوقع وقبوله بموضوعية وجعل آخريين يرفضونه جملة وتفصيلا بينما بينما تقبع الأغلبية في حيرة لا قرار لها أو نهاية لا تدري مع أين الحق والباطل في خضم هذا اللبس والغموض والتلاعب بالمبادئ والقيم النضالية العليا التي ضحت من أجلها أجيال الآباء والأجداد . لذا كان لابد من أن نستصرخ في ضمير الأوفياء من ابناء شعبنا الأبي البطل تساؤلا حول ملامح الإستقلال الذي نريد وكيف سيجزي ضلع الإستقلال الذي تحقق (إستقلال الأرض) عن باقي أضلاع المثلث المكون للسيادة الوطنية ؟ ولعل ذلك هو دور الكتاب والصحفيين والباحثين والنشطاء السياسيين لطرح هذا الموضوع من زوايا متعددة حتى تكتمل الصورة وتنعكس الأضواء حول المعاني المفقودة أو التي ينبغي أن يتضمنها إستقلالنا …

ومن ثم سأحاول هنا إن سمحتم لي لأدلو بدلوي حسب جهدي المتواضع ومن يدري لعلي أنجح في تسليط بعض الضوء حول الموضوع من خلال زاوية جديدة لم يتطرق إليها أحد من قبل أو سقطت سهوا عن التناول وعليه أرى من واجبي رفع هذه القراءة الى مستوى النظر حتى يعلم الجميع أن الإستقلال ليس هية تمنح لمجتمع ما ثم يطلب منه بعد ذلك أن يدفع ضريبتها (أي المنحة) مثل مايحدث مع من حصل على الهجرة أو اللوتري من إحدى الدول المتقدمة …كلا …ّ!! وألف كلا .. !! الإستقلال هو حالة إجتماعية متطورة تناضل الأمم والمجتمعات من أجل الوصول إليها ، ثم بعد ذلك ينتقل المجتمع بكل فئاته الى وضع إنساني يعبرون فيه بحرية عن سيادته وطريقة إدارتهم للآتي (أرضهم وممتكلاتهم وحقوقهم وصلاحياتهم الإجتماعية والسياسية والإقتصادية) . إلا أن ما تحقق لدينا هنا بعد الحرية لا يعبر عن ربع الحقوق والمطالب السيادية التي ضحى من أجلها أبناء الشعب الإرتري دون تمييز خلال أربعة عقود أو يزيد . بل إنما يعبر عن تحرر مضلع الأرض وحده دون تحرير لمضلع الإنسان الإرتري الفرد أو تحرير لمضلع الحقوق والصلاحيات السيادية للمجتمع الإرتري ككل من قبضة الإخضاع والتبعية غير القانونية للفرد والحزب والدولة الحاكمة(باسم الوطن) .. ألا يجعلنا ذلك نعتقد بأن الأرض نفسها لك يكتمل تحررها لأنها في الوقت الذي تحررت من المستعمر الأجنبي وقعت في قبضة الإخضاع والتبعية غير القانونية للفرد والحزب والدولة المتسلطة وبصورة أكثر بشاعة من وضعها الإستعماري السابق …. بلا …. (يجعلنا نقول أكثر من ذلك ) بعكس الذين يؤمنون بالإستقلال الشكلي بإعتباره تحرر هيكلي وتنظيمي بحت يعبر عنه فقط بقيام كيان سياسي مستقل (الدولة ورفع العلم الإرتري واستخراج جنسيات وجوازات وطنية) متى ما تحقق كشعار يصبح مضمون الإستقلال قد إكتمل ، وبذلك يصبح ما تبقى من متطلبات الإستقلال من حقوق وواجبات ودستور ومؤسسات قانونية ونظام ديمقراطي وسياسي دائم مجرد رفاهة وترف زائد لا يرق إحتياجنا له الى مستوى التضحية من أجله بالنفس والمال والبنون لأن الإستقلال الشكلي يحزي كحد أدنى .. وبهذا الفهم البسيط يرسي البعض دون وعي عقيدة التعايش مع الإستعمار الشكلي المتجسد في ظل سيادة نظام وطني ديكتاتوري وذلك لأنه في إعتقادهم أرحم بكثير من التعايش مع وضع يغيب فيه الإستقلال الشكلي ويسود فيه الإستعمار الحقيقي (الأجنبي).

ولعل هذه الشبهة هي العقبة الأولي التي يجب تجاوزها أولا لنتمكن من بعد ذلك من تحديد الأولويات وتجييش الطاقات التي تقف الى جانب المعارضة المسلحة وتؤازر جهدها وهي في نفس الوقت مستعدة للتضحية من أجل هذا الهدف السامي الذي يغيب الآن عن أفق سماء الوطن وسماء هؤلاء الشكليين لسؤ فهمهم لمعنى الإستقلال والتحرر وعليه لا نستطيع نحن الآن (نسبة لفارق السن وفارق المكانة السياسية المرموقة التي يتصدرونها) أن نلومهم إذا ما نافحوا أودافعوا عن النظام القمعي دون وعي ظنا منهم أن الواقع الظرفي يفرض عليهم المحافظة على ما تبقى من مكاسب سيادية ويتطلب منهم كذلك التمسك بخيط معاوية كي لا ينقطع فيخسروا كل شئ .ولهذا نجد هذه الشريحة ربما لضيق الأفق أوضبابية الرؤية ليس لديهم الصورة الكاملة لشكل ومضمون الإستقلال ومثل هؤلاء يجب علينا كأولوية نضالية تسبق أولوية الإسقاط العسكري للنظام أن نعكس لهم الصورة الصحيحة بطريقة مقبولة دون إظهار التعجب أوالسخرية منهم . بيد أن  الذي يثير السخرية والتعجب معا وجود فئة من هؤلاء لا تخفي وقوفها الى جانب المعارضة ولا تستحي من تمسكها بهذا الفهم الضيق الذي يعتبر أن السيادة الوطنية للمجتمع الإرتري قد إكتملت من اللحظة التي تحررت فيها الأرض وعليه فإن عقيدتهم السياسية هذه تأبى عليهم قبول وسيلة النضال المسلحة والمبرر واضح هو أن الوصول للديمقراطية يجب أن ينتخب وسائل ديمقراطية ، وبذلك أعلنوا وبوضوح رفضهم وعدم قناعتهم لهذا الأسلوب غير الديمقراطي المستخدم لإسقاط الديكتاتورية ..   وهنا نجد أن الواقع نفسه يطرح عليهم تساؤلا مصيريا حول مضمون الكفاح المسلح قبل الإستقلال هل كان يمثل أسلوبا ديمقراطيا أم ماذا ..؟ فاذا كان ردهم الإيجاب فما الذي منح الكفاح المسلح قبل الإستقلال صبغة الديمقراطية …؟؟؟ بينما الكفاح المسلح في ظل الديكتاتورية غير ديمقراطي (حسب إعتقادهم)…؟؟؟ هل السبب هو أن الأرض أغلى قيمة من الإنسان ً أولهذا غضضتم البصر عن إستخدامكم وسيلة غير ديمقراطية  سابقا أم ماذا …؟؟؟  لقد إستخدم المستعمر وسيلة غير ديمقراطية مستخدما عصى الدول الكبرى وصلاحيات الأمم المتحدة ليعقد قرانه بأرضنا لكن الشعب الإرتري إستخدم من الوسائل الديمقراطية مايكفي لتقرير المصير وإعلان الإستقلال لولا الوسائل غير الديمقراطية التي أستخدت ضده ومن ثم كان من حقه بعد تجربة الفدرالية الفاشلة أن يعلن إنفصاله الشرعي عن المستعمر كنظام غير ديمقراطي حاول قمع شعبنا وحكمه بالحديد والنار من خلال ثورته المسلحة الشعبية .. ومن حق الشعب الإرتري الآن أيضا أن يعلن إنفصاله الشرعي عن نظام الحكم الديكتاتوري بالكفاح المسلح بعد تجربة الدولة الفاشلة التي جرب معها من الوسائل السلمية ما يكفي لإحقاق الحق لو كان النظام له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد !! إن شبهة الإستقلال يجب أن لا تعيق أبصارنا عن رؤية العدو المشترك الذي مارس نفس الأدوار السابقة للمستعمر وانتزع نفس الحقوق السيادية لشعبنا الأبي البطل ، كما يجب أن لا نستكثر على مجتمعنا أن يختم نضاله ويتوج كفاحه الطويل بدولة ديمقراطية تجيئ بعد إستخدامه لكل السبل النضالية الممكنة أمامه والتي يأتي السلاح على رأسها من أجل إسقاط الدولة الديكتاتورية التي لا تعي ولا تفهم سوى حوار الأقوياء المنازلين لها في ساحة الميدان جندي بجندي وطلقة بطلقة ومعركة بمعركة حتى يقتنع بوجودنا أو يفر بنفسه من ضرباتنا كما فعل سابقيه المتدكترون على شعوبهم والمتطاولون على جيرانهم  .

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=260

نشرت بواسطة في نوفمبر 16 2009 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010