عبد الله ادريس : ياعنيدا مثل جبالنا ويا معطاءا حتى جفاف الشريان

عبد الرحيم الشاعر.

هكذا وبلا مقدمات ونحن في غفلة .. ترجل الفارس عن صهوة جواده ورحل وهو مسكون بهمومنا وهمومه وهم الوطن الكبير ، وكثيرون الذين سوف يحاولون امتطاء جواده وقليلون هم القادرون للقيام بدوره ، هكذا ونحن في غفلة يرحل بهدوء ودون جلبة  ، عندما حاصرته الجدر البيضاء  والسرر البيضاء وستائر النوافذ البيضاء ، والنساء ذوي المعاطف البيضاء ، اشتاقت نفسه للأودية والجبال  ولكنه اختار السرير الأعلى!

يا عنيدا مثل جبالنا ويا معطاء حتى جفاف الشريان ، ماضرك لو انتظرت قليلا ولكنك بنفس عنادك ترحل وبنفس اصرارك تمضي لتلحق بركب رفاقك واحبائك ، فامضي تصحبك  دعوات امهاتنا وابتهالات سجنائنا  واحزان لاجئينا التواقون للعودة لوطن ينتظر بندقيتك .

يا حاملا وزرنا ووزر ما فعلت ومالم تفعل ، يا لهف قلبي على احبائك من الشامتين والمتحينين للفرص والصائدين في مياه شاكاتنا البكر ، المستعدين بسناراتهم لتطليخ كل شئ بعدما لطخو جدر الوطن بالموت والايدز والزنازين الجحور والقبور.

لا تعبأ بهم وارحل  واشرق في بلادنا شمساً تبعث في الاجساد المقشعرة دفئ العناد والكبرياء والصمود والتضحية. هذه الجموع يهزها الحزن اليوم ولكنها اكثر استعدادا لخوض غمار التغيير فها هي تنادت في ملتقاها ان حي على المقاومة والتغيير ، وان اصرارها اليوم وعنادها هو نفس اصرارك وعناد رفاقك الأوائل اذا ما اهتز مصير الوطن ازاء عدوان وتكالب قوى الشر أو تطاول على الثورة باغ ، نعم سنمضي ونستمر كما اخترت ورفاقك استمرار البندقية بدلا من ان تبلى المشاعر وتختلط المبادئ و تصدأ البنادق في كركون ، الخروج من حصار الرفاق والاصداقاء الى وديان الشمال وظلال نخيله ودومه ودفئ شعبك  ، بينما قايض الآخرون البندقية مقابل قميص من الدمور حتى يعبروا  الحدود الى فضاءات الشتات. أيهما اصعب حصار الرفاق والاصدقاء أم حصار الاسرة البيضاء والملاءات البيضاء.؟ ربما هذه المرة ايضا طيفك تأبط ذراع بندقية وارتحل الى دواخلنا ليملأنا بالتصميم والعزم ، بالفرح والحزن بالضحك والبكاء.

هكذا يرحل هذا الطود غريبا وحيدا سوى من كرسي متحرك ونافذة تطل على ضجيج لا ينتهي ، يرحل تاركا خلفه الكثير من البطولات والانتصارات ، والانكسارت والهزائم ، والمؤمرات والمحاولات ، والمطاردات والكثير من الشكوك والاتهامات والتخوين والخيبات ، والارث الكبير من نضال وعناد ورجال ما انفكت يدهم على الزناد وعينهم على الوطن ونار مواقدهم تغلي فيها عدس الرجولة وتخبز قراريص الفتريت المعجونة بدماء التضحية.

لا تبتس ياوطني ،  فكلنا في هذا الدرب عبدالله ، ومحموداى ،ووللو ، وازاز وشمسي وتمساح وهنقلا وقرزا وعثمان وسعيد وكلباى ويا شعب ان الدرر التي تنتظر كانت هنالك بالامس في وديانكم وجبالكم لكنهم اليوم ارتحلوا، فهب من ثباتك واستقم وأشعل الدجى نارا من دمك وأصنع فجرا تجد اطيافهم رجعوا .

.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=13425

نشرت بواسطة في مايو 2 2011 في صفحة المنبر الحر, مرفأ الذاكرة. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010