عدالة قراقوش والفصل الحادي عشر

بقلم / متكل أبيت نالاي

 

قراقوش الذي أصدر فرمان يقضي بأن ينام بالعراء  كل رجل “يتخانق ” مع زوجته إذا كان مخطئاً. وإذا كانت هي المخطئة تنام وحدها في البيت وينام زوجها خارج البيت , بكلام أخر فاءن زوجها ظالماً كان أو مظلوماً فمكانه خارج البيت. ومكانها هي ظالمة أو مظلومة داخل البيت لأن عدالة قراقوش عادلة ولا تقبل بان تظلم أحداً. لذلك كانوا يقولون حكم قراقوش أو عدالة قراقوش.

ومن هنا نقول كلنا نحتاج العدل حتى لو كان في الظلم على طريقة “ظلم في السوية عدل في الرعية أو حتى ظلم  أو عدل قراقوش بشرط أن يحصل كل واحد على ما يستحق.وإذا كنا نحن الإرتريون نتحسر على الماضي ,ليس لأنه الماضي جميل إلى هذا الحد: ولكن لأن الحاضر سيء إلى الحد الذي يجعلنا نترحم على الماضي. نحن نعيش في إرتريا أمر مذل للغاية ومخيف أقلق كل الإرتريون.

أن الموارد البشرية لأي أمة هم علمائها ومفكريها ومخترعيها وإداريها المهرة وهؤلاء تفوق قيمتهم قيمة أي أصول مادية أخرى… ويظل العامل التعليمي هو العنصر الفاعل والمحرك الرئيسي لعملية التنمية الشاملة. وهذا ما يجعلنا نقول أن لطلاب الإرتريون هم فئات من المجتمع الإرتري مسلوبي الحقوق, لضعفهم وجهلهم بمستقبلهم وعدم قدرتهم بالمطالبة بها. كما أن الإهمال التي يتعرض له مستقبلهم يبدأ من سياسة التعلم بالغة الأم ثم يتصاعد إلى أن يصل إلى ويلات الفصل الحادي عشر.

ولنتساءل بعقلانية وشيء من المنطق أي حصيلة علمية سيتم جنيها عندما يتم الاختبارات في ساوا.؟  ولماذا انتزع العلم من جذوره ومن بيئته ليضع في بيئة مغايرة تسمى ساوا.؟ لا أحد يعرف الإجابة, ولا أبعاد هذه السياسة التي تدفن علماء المستقبل.؟  تستهدف إجهاض أمال الشباب وإحكام الخناق حولهم, فقط من أجل الاستفادة منهم في بساتين الدولة..  يبدو لنا أنهم لا يعنيهم النهوض والارتقاء لأن معاييرهم ومقياسهم هو جمع الأموال بأي وسيلة.

أن أستاذ في احدي المدارس الريفية في بلادنا أعد دراسة تنبأ  فيها عن مصائر بعض الطلبة معروفون بفقرهم ثم أضاف الأستاذ إلى تقرير كل طفل يخضع للدراسة تنبؤاته حول مستقبل الطالب المحتمل نجاحه في معترك الحياة… وجاءت التقارير يصف أحوال الفقر والبؤس ولذل واليأس التي يعاني منه هؤلاء الأطفال في ريف وتنبأ لهم بأسوأ العواقب عندما يبلغون مرحلة الفصل الحادي عشر(هذا إذا قيض لهم أن يبلغوها.) ويا للمهازل! المدارس في بلادنا قائمة لمكافحة الأمية, نمضي فيها سنوات من العمر, ونفني العمر كله في العسكرية.

  ومرة أخرى نقول بأن هذا الجيل مظلوم نشأ تحت نظام فاسد تسود فيه الثقافة النفعية تجعله يضع أولوياته لمصالحه المادية ويدفع بالتعليم إلى التراجع.  ويمكن أننظر إلى العملية التعليمية بكل مكوناتها الإدارية والتعليمية والمنهجية جميعاً لنجد التعليم يعاني قصوراً شديداً في الأداء وتردياً خطيراً في المستقبل.

 هناك أدلة كثيرة توضح بأن التعليم الإرتري يشكو من اختناقات حادة. خصوصاً في الطاقة الاستيعابية للجامعة الإرترية التي لا تستطيع أن تواكب النمو في الطلب على التعليم الجامعي. كما الجامعة نفسها تفتقر إلى الكثير من التخصصات والمختبرات العلمية والكليات الضرورية, لهذا لا تستطيع مجاراة زميلاتها من الجامعات المشهود لها حولنا.

أن هذا الوقع المرير أجبر أعداد كبيرة من الشباب الهروب إلى السودان وإثيوبيا لنجاة من “البهدلة والمرمطة” العسكرية , والبحث في مستقبل أفضل. ومازالت هذه هي الرغبة العامة التي يتحدث بها الكثير من الطلاب هذه الأيام. ولعلكم سمعتم على ما حصل لأولياء أمورهم بعد ذلك.؟

أنزلت الحكومة الإرترية عقابها على أولياء الأمور الذي هربوا أولادهم إلى خارج  البلاد,بعقوبة سجن وغرامة مالية مقدارها خمسون ألف نقفة. وهي مساءلة تشبه قانون قراقوش الذي حكم في غير زماننا ليجد ذكرى جميلة في بلادنا لمخططاته القانونية.

  وما لا يتصورها العقل إنهم يحاكمون آباؤنا بتهمة لا يملكون في أمرها شيئاً وهي تهمة مجردة من أي معنى وليس لها قيمة قانونية يمكن أن لا تدين أحد غير صاحبها. ما الذي يجعل الأب الملهوف على ابنه يوافق على تسليم ابنه سجن( عدي أبيتو, أو تراكبي) قراقوش تثير أفكاره العجب والدهشة لأنها لا تتحلى بأي قدر من العقل والمنطق ولا يمكن أن تحل المشاكل بهذه القوانين. ولكن ماذا علينا أن نفعل إذا جاء الغباء وهو يحمل كل أعماله الكاملة ليدفعنا إلى الأسوأ.

 أولياء الأمور عاجزين عن إيجاد حل لهذه المشكلة, ولا يعرفوا كيف يتدبروا المبلغ المذكور, الذي يفوق طاقتهم المحدودة.كما أن الحكومة هي بدورها عاجزة  وفاشلة أن تمسك بأماكن العلة والخلل القائم, ويقول احدي هؤلاء الآباء  وهو يتحدث في هذا شأن:” هم يعرفون كثيراً عن البيوت الإرترية التي تعيش حالت شظف العيش والإحباط واليأس الخانق وهذا الأمر أصبح واقعاً نحياه ونعيشه جميعاً, وحينما يكون الشيء ملزم بحكم مسبق كان علينا أن نتحرك داخل إطاره الحديدي الصارم . وعليه إ طلعنا الحكومة على إمكانياتنا الفعلية ولكن رفضوا سماعنا واعترضنا على هذا المبلغ الكبير, وكان الأمر لا يعنيهم في شيء بل نصحونا أن نسعى بترتيب ضامن بالمبلغ المذكور أو نتحمل مسؤوليتنا, وكان الموضوع كله مبني على أساس مادي بحت وأكدوا لنا لن يتوانوا من سجن في كل الأعمار ومن كل الجنس, ضاق صدرنا وتألم قلبنا  حينما رأينا فعلاً قاموا بسجن النساء ولعجزة. من عمر80 عام وكان السجن قد خلق لهم متاعب صحية ومادية كبيرة تهدد أملاكهم البسيطة.

وهنا فهمنا أن في بلادنا لم يكن جائز لصاحب البيت أن يقاوم الذي يسرقه أولاده, ولم يعد من الجائز أن يقاضي من دفع أبنه للهروب, بل أصبح يرحب بالجلاد ويدفع له خمسون ألف نقفة ليقتل أولاده الباقون.

هذا  هو منطقه حكومتنا, أن يشكر القتيل القاتل , ليس في قاموسهم إلا “أنا” أما الآخرون فلا يعني لها سوى استغلالهم أو معاداتهم إنه نظام ارتدادي يعود إلى زمن قراقوش.

أن الشباب الإرتري بهروبهم هذا من البلاد يسعون إلى لفت الأنظار المنظمات الدولية, والإنسانية, والشعب الإرتري في المهجر. وأن الرسالة لابد أن تصل طلابنا في داخل والخارج لتوقظ شرارتها في وعيهم شيئاً من العمل المدروس. أنظروا أيها الأخوان أي مستقبل ينتظرون أخوانكم الطلبة؟   ومن هذا  الموقع الإلكتروني نقولكم هم في حاجة منكم إلى وقفة وصرخة عالية مدوية لتخرج أحلامهم من هذا النفق المظلم الذي طبقه عليهم النظام الجائر.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6861

نشرت بواسطة في ديسمبر 13 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010