على صخرة العربيــة ستتحطم محاولات الشعبيـــة

ان ماسعت وتسعى اليـه الجبهة الشعبية الحاكمة فى ارتريــا منذ اعلان مجموعتها الاولى بيـان “نحن وأهدافنا” هو محاربـة اللغة العربيــة فى ارتريــا بمختلف الوسائل وفرض لغة التجرنيـــة بالامـر الواقع على كل أجـزاء ارتريــا, وهذا ماقامت بـه فى أيام الثورة وشرعته بعد الاستقلال عبر مفوضية الدستور الارترى التى كونتها. حيث مررت المفوضيـة حينذاك قضية اللغات – أكثر النقاط حساسية فى الدستور الارترى – دون ضجة تذكر وبنصوص فضفاضة لاتؤصل ولاتؤكـد قضيــة من مثل “مساواة جميع اللغات الارتريــة مصانة”. تم ذلك على الرغم من شبه الاجماع الذى وجدته المفوضيـة من المسلمين فى مسألة اللغة العربيــة عندما قامت بجولة فى الداخل والمهجر لاستقصاء أراء الشعب. الا أن الامـر كان قد تم حسمه مسبقـا. ومن اطلع على كتيب مفوضيـة الدستور الارتريــة الذى صدر بتاريخ أغسطس 1995م تحت عنوان “مقترحات دستوريـة للنقاش” يجـد فعلا بأن الامـر كان محسوما لصالح تمييع قضية اللغات ومن ثم فرض التجرنيـة على أرض الواقـع حيث تقول المفوضيــة بعد كلام يناقض بعضـه بعضـا فى صفحة رقم 24 تحت ” بنـد 5 مسألة اللغات” تقول بالنص” لهـذا ينبغـى أن لاينص الدستور على مايسمى بلغات رسميـة أو لغات عمــل…” انتهـى.

وواصلت الشعبية فى تنفيـذ خطتها القاضيـة باحيـاء اللهجات المحليــة لقبائل المسلمين لتحل محل اللغة العربيــة وتكون لغة التعليم لأبنـاء هذه القبائل فى المدارس على الرغم من أن هذه اللهجات لاتكتب بل هى للتخاطب المحلى فقط ، بل لايتعدى نطاق استخدام بعضها عدة كيلو مترات مربعــة. وامعانا فى فرض التجرنيـة على الشعب طلبت أن تكون كتابة اللهجات بحروف التجرنيـــة. وعلى الرغم من وضوح فشل المشروع فى الجانب التعليمى وانتقاد الكثيرين له حتى من أعضـاء الجبهة الشعبيـة الا أن قيادة الجبهة الشعبيـة الحاكمة أصرت على المواصلة فيــه ووضعت كل من يتكلم ضد ذلك فى السـجن.

ولم تتوقف الجبهة الشعبية الحاكمة فى ارتريـا عند ذلك بل قامت بـ-:-

1. اعتقـال عدد كبير من معلمى اللغة العربيـة ومشايخ المسلمين واقتيادهم من مدارسهم ومعاهدهم الى السجون لاذنب ولاجريرة لهم الا اصرارهم على الاستمرار فى تدريس اللغة العربيـة فى مدارسهم ورفض المنهج الحكومى الذى يفرض عليهم بشكل واضح ” لغة التجرنيـة” كماحدث فى مدينة كرن ومنصورة وغيرها من المدن الارتريــة ولم يعرف مصيرهم شئ منذ أن تم اعتقالهم. ومشايخ ومعلمى معاهد منصورة ووازنتت وغيرهما خير شاهد على ذلك.

2. اغلاق جميع المدارس والمعاهد التى لاتلتزم بالمنهج الحكومى –الذى يمنع اللغة العربية – مما أضحى معه الوضع فى الداخل صعبا جدا للكثير من الاسر الارتريــة التى أضحت بين خيارين اما ارسال أولادها الى السودان أو السعوديـة والدول المجاورة الاخـرى أو ادخالهم مجبرين فى هذه المدارس التى تحارب اللغة العربيــة والدين الاسلامى. وبالطبع كانت هذه الاجراءات أيضا بمثابة رادع عن التفكير فى العودة الى الوطن لكثير من الاسر الارتريـــة فى المهجـر.

لقد ظلت اللغة العربيِــة فى ارتريـــا لغة التعليم والخطاب والتواصل مع العالم الخارجى لغالبيــة الشعب الارترى منذ قرون عـدة واختارها الشعب كلغة رسميـة له فى دستوره ابان مرحلة تقرير المصــير وكانت – ومازالت – من الثوابت الوطنيـة الارتريـــة. اللغة العربية ليست كما تزعم الجبهة الشعبية الحاكمة دخيلـة على المجتمع الارترى وانها من وحـى المستعمـر بهدف تقسيم الشعب الارترى الى طائفتين متناحرتين الى غير ذلك من محاولات التبرير لاسقاط اللغة العربيـة عن الواقع الارترى. وعلى فرض تصديق هذه الروايــة فان ذلك مما يدل على الوجود الفعلـى للغة العربيــة فى الواقع الارترى حينذاك حتى أمكن للمستعمر أن يستغلهـا لاغراضـــه.

ان وجـود اللغـة العربيــة فى الواقع الارتـــرى منذ أمـد بعيــد هو أمـر لاينكــره الا مكابر جاحـد لحقائق التاريخ والواقع، ومن ذلك:-

1- تأكيـد الدستور الارترى ابان مرحلـة تقرير المصــير فى الاربعينيات على أن اللغة العربيــة مع التغرنيــة هما اللغتان الرسميتــان للشعب الارترى (المادة رقم 38).

2- صدور أكثر من خمس صحف سياسية ارترية معروفـة باللغة العربيــة خلال فترة تقرير المصير حيث كانت تعالج القضايا المصيرية وتحرض الشعب للمطالبـة بحقوقه وكانت تمثل لسان حال القوى السياسيــة الارتريــة آنــذاك ومن هذه الصحف:- 1- الجريدة العربية الاسبوعية 2- صوت الرابطة الاسلاميـة 3- الزمــان 4- اثيوبيـــا 5- الاتحاد والتقــدم فهل كان محرروا هذه الصحف يوجهون صحفهم الصادرة باللغة العربيــة الى شعوب أخرى غير الشعب الارترى أم أنها كانت موجهة الى قبيلـة الرشايدة فقط من مجموع الشعب الارترى!!!

بل لم الابتعاد كثيرا فى الماضى والحاضر يؤكـد الحقيقة ذاتها، فهذه هى الساحة الارتريــة وهاهو المجتمع الارتــرى والقوى السياسية المختلفة فيـه سنجـد أن اللغة العربيـة والتغرنيــة هما اللغتـان الاكثر استخداما من قبل الشعب الارترى وقواه السياسية. انظر الى المواقع الارتريـة على الانترنيت

وأدبيـات القوى السياسية المختلفـة ستجد انها باللغة العربيـة أو تترجم الى اللغة العربيـة. فهل ياترى تخاطب هذه الادبيات ومواقع الانترنيت المختلفة الحكومات والشعوب العربيـة أم انها تخاطب الشعب الارترى وتحثه على مواصلة الكفاح لاسقاط النظام القائم فى ارتريــا. بل حتى النظام الحاكم والذى يريد فرض لهجات القبائل الارتريــة وتطويرها لتصبح لغة التعليم والتواصل ضمن حربه للغة العربيـة فانه فى سبيل توصيل رسالته لم يجد خيارا اخر غير استخدام اللغة العربيــة لمخاطبة القطاع العريض من الشعب الارتـرى، وهاهى جريدته ( ارتريا الحديثة ) تصدر ثلاثة أيام من كل اسبوع لتكون حجة قائمة على هذا النظام فى أنه يسعى لمحو وطمس مالايمكن طمسه أبـدا وليكون مثله كمثل الذى أراد أن يثير الغبار على السماء فأثار الغبار على نفســه وبقيت السماء ناصعة البياض باسمة المحيـا وهكذا ستظل اللغة العربيـــة فى ارتريــا.

بقلـم:

محمـد صالح مجــاوراى

الولايات المتحدة الامريكيــة E-mail: majawray@gmail.com

07 يوليـــو 2009

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=38591

نشرت بواسطة في يوليو 8 2009 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010