في انتظار التغيير

اخذ زلزال  البوعزيزي  الذي لم يكن في الحسبان, كل المراقبين  ومراكز الدراسات والبحوث المتخصصة في قضايا  الشرق الأوسط على حين غرة, ولكن المفاجئة الكبرى كانت للرؤساء الملوك, رموز التسلط  والاستبداد الذين حكموا أكثر من ثلاثة عقود وظنوا بأن لهم الحصانة من تمرد الشعب عليهم ولكن خاب ظنهم, عندما كسرت الجماهير حاجز الخوف الذي لجمها لعقود لتكتشف,  وهن وضعف  تلك النمور الورقية التي استعبدتها وداست عليها. حاول الطغاة وأسيادهم  تقديم تنازلات هنا وهناك حتى يكسبوا الوقت ولكن كل هذا لم ينجح لأن الجماهير كانت ترفع سقف مطالبها مع كل خطوة تنازل لتتمكن في الأخير من خلع جلاديها. شعار التغيير والتخلص من رموز الفساد ومحاكمتهم أصبح مطلبهم والديمقراطية وتداولي السلطة واحترام الإنسان هدفهم.

مظاهرات ميدان التحرير أعادتي لي ذكريات  من ال9 و10 من يونيو 67 عندما أعلن عبد الناصر تنحيه عن السلطة, يومها خرجت الجماهير بشكل عفوي, معلنة رفضها للتنحي وخرجنا نحن الطلاب الوافدين مع الشعب المصري وتوجهنا من ميدان التحرير إلى منشية البكري حيث منزل الزعيم نردد نشيد بلادي واليوم تجمع الناس في نفس المكان ولكن بشعار معاكس يطلب من مبارك التنحي ويقول له  أرحل كفاية بقى!!!!! و مصر من غيرك أحلى!!!!!!      

 أما في إرتريا فأن النظام يحجب أخبار ثورات شعوب المنطقة والحراك الشبابي المطالب بالتغيير خوفاً من وصول العدوى إلى إرتريا و أجهزة أمنه تشدد من قبضتها وتراقب تحركات بل همسات الشعب وتمنع الإنترنت وغيرها من وسائل التواصل,  وينسى من أننا نعيش عصر المعلومة التي تنتقل من دون تأشيرة أو استئذان.  

 معسكر المعارضة ما زال يراوح في مكانه  ويمكن أن يقال  “نسمع جعجعة ولا نرى طحين” ومن أنه مازال مشغولاً بخلافاته الداخلية, هذا داخل وذاك خارج, يتوالد مع كل صباح جديد, هذا التكاثر العددي ذكرني بمسرحية “كأسك يا وطن” للفنان السوري دريد لحام وحواره مع والده الشهيد عن تكاثر الدول العربية وضياع حلمهم, حلم الوحدة العربية. إن فقدان الثقة بين مكونات التحالف يهدد بفشل تجربتنا في إرساء الديمقراطية وتداول السلطة وما حدث في المؤتمر الأخير للتحالف يدل على أن البون واسع بين القول والممارسة. لكن مع كل هذا, هناك بصيص أمل مبشر يلوح في الأفق, الأول ـ الجهود المبذولة لعقد المؤتمر الجامع وأرجو أن نستفيد من الأخطاء والسلبيات التي صاحبت  التحضير للملتقى حتى نخرج بنتائج مقبولة لا بمسكنات تؤجل الأزمات  لتنفجر في زمن لاحق, والثاني ـ حراك الشباب في المهجر, لتنظيم أنفسهم والنضال من أجل إسقاط عصابة الكوزا نوسترا والقيام بمظاهرات هنا وهناك يمكن أن تتطور وتكبر مثل كرة الثلج وتصل بلدنا وترفع من معنويات شعبنا ليتحرك و يكسر حاجز الخوف ليتحول إلى قوة عاتية ويزيل الطاغية, أما نحن جيل الأربعينيات علينا أن نعي ما قاله الرجل التونسي  الذي تتكرر صورته في الجزيرة والذي قال ” انتم قمتم بما لم نقدر عليه نحن, لأننا هرمنا ونحن في انتظار هذه اللحظة التاريخية”ونحن كذلك هرمنا  وآن الأوان لتسليم الراية, مادام أبنائنا وبناتنا على استعداد لحملها والقيام بما لم نقدر نحن عليه وكما يقولون لكل عصر رجاله ونسائه.

 

هناك نقاش يدور حول التنظيمات ذات الصفة القومية, هناك من يرفضها وهناك من يعتبرها صناعة إثيوبيا وهذا لا يجوز في حقها  ولا تنسوا “أن أل يدو في النار ليس مثل أل يدو في آلميه” والعيب أن يقال هذا بالرغم من معرفة الكل الأسباب التي أدت إلى قيامها :ـ الظلم والتهميش  واغتصاب الأرض واستباحتها وتهميش اللغة والثقافة والاستبعاد من السلطة والحرمان من الثروة فهل هناك أسباب اكبر من هذا ياترى؟؟ كله.  حق تقرير المصير حق مشروع لا يختلف عليه اثنان والوطن ملك الجميع شريطة ضمان الحقوق لكل أبنائه وان لا يأكل القوي فيه الضعيف, أما اعتبار الوطن شيء مقدس, تجبر العيش فيه منقوص الحقوق وغيرك يتمتع بكل الحقوق فلا وألف لا لمثل هكذا وطن.

بينما المنطقة من حولنا تغلي وتطالب بالتغيير نحو الأفضل, نعيش نحن في أجواء حرب  تدق طبولها واليد فيها على الزناد والسبب وجود من يخيفهم السلام ولا يقدرون العيش في ظله, لأن للسلام استحقاقاته, وأولها محاربة الجوع والعطش والجهل والمرض واحترام حقوق الإنسان وحريته والمحاسبة والمراقبة وووو الخ. الشعب الإرتري يحلم بالسلام بعد أن حقق حلمه في إيجاد الوطن من العدم واقفل باب الحرب لأنه يعرف أن الحروب تدمر ولا تعمر ويريد العيش مع كل جيرانه في سلام واحترام متبادل ويركز على إعادة البناء والتعمير. ومن هنا أوجه النداء  لإثيوبيا للتأني وعدم اتخاذ قرارات متسرعة ومتهورة, أقول هذا لقناعتي بأن إثيوبيا  دولة مؤسسات وليس كما عندنا دولة الرجل الواحد الذي يصعب عليه العيش في أجواء السلام والوئام ولكن مهما كان فأن إزالته مسؤولية الشعب الإرتري وواجبه ولا يقبل التدخل في شؤونه.  

في الختام أرجو أن يأتي اليوم الذي تعود فيه البسمة لشفاه الأمهات ونقول لعواتي ولكل الشهداء إن دمائكم الغالية لم ترح هدر, لأن شبابنا قد شمر عن ساعد الجد وتحرك وبدأ  يردد كلمات الشاعر إبراهيم ليمان التي غناها الفنان محمد باعيسى   ردؤ ردؤ اباي هلا ديب عدنا هروسو لتهرقتا ……………

                               إبراهيم محمود قدم    ابوحيوت

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=13101

نشرت بواسطة في أبريل 21 2011 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010