قراءة متأنية لحقيقة وطبيعة صراع الإثنية الإرترية

هل نحن في مغالبة بين حقيقة بعد فكرٍ إقصائيٍّ، وبين بعد فكرٍ ظل يتمسك بحقه التليد؟

هل نحن في مغالبة بين فكرٍ منكرٍ للشراكة، وبين بعد فكرٍ يدعو لصناعة واقعِ تعايشٍ سلميٍّ؟

     آمل من كافة المؤسسات السياسية والمدنية على اختلاف مناهجها الفكرية وخططها العملية، ومن كافة الإخوة والأخوات الكرام الباحثين والمفكرين، أن تتسع صدورهم لمثل هذه القراءة التي دأبتُ عليها في كتاباتي حيث تجدون معظمها في عمودٍ خاصٍّ على موقع قاش بركة.

     ولأن من طباع الناس عدم التوافق الكلي والاختلاف الكلي بحسب المكون الفكري الثقافي،  فإن من يرى غير الذي ذهبتُ إليه في هذه المادة، عليه أن يقدم نقده بمنهجٍ علميٍّ، لا بما يستحسنه له فكره، ولا بناءً على إيحاء الجماعة أو الحزب.

     وإذ أننا نتصدى للكتابة بالأصالة أو بالابتداء، فينبغي أن نعلم، إنما نكتُبُ ما سيقرؤه عنا غيرنا في الحاضر والمستقبل، لهذا فليتحر كاتبنا الصدق والأمانة، وأن الصدق والأمانة لا يلتقيان أبدًا مع خصائص ردود أفعال هي من جنس أعمال الغوغاء.

     أيضًا ليعلم كل كاتب منَّا، أنه سوف يُعرِّضُ نفسه لنقدٍ، فللناس عقول وأقلام، ومن لم يكن أهلا لذلك، فلا ينبغي أن يُوقع نفسه فيما يضطره للتخفي أو الاعتذار، فذلك قد يؤثر في مستقبله بين الكتاب، فقد قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: “إياك وكل أمرٍ يُعتذرُ منه”

     ولنعلم جميعًا، أن من الحكمة البالغة في كافة الميادين الجمعية، وفي ميدان الكتابة خصوصًا، أن على المرء الحصيف لزوم حرص كل الحرص لأن يستفيد أبد الدهر من عقول رجال آخرين، فقد قال أحد الشعراء العرب:

                    الرأي كالليل مـسودٌ جوانبه       واللـيل لا يـنجلي إلا بإصباح

   فاضمم مـصابـيح آراء الرجال     إلى مصباح رأيك تزدد ضوء مصباح.

     لستُ مخوفًا لأحد، ولا استطيع فعل ذلك، بل ناصحٌ من أجل أن تستقيم أقلامنا الشاهدة علينا بجميل أو سيئ فعالنا، فإن كانت الغاية من النقد من أجل جلاء وتصويب فكر الآخر، فنعمَّ  هي.

 ماذا بعد التمهيد؟

     بعد هذا التمهيد ننتقل إلى قراءة المادة التي أصلها مقابلة أجرتها قناةRT الروسية مع أحد قادة الجبهة الشعبية، فمن وما الذي بينه وبين مَن حاوره في اللقاء، هذا ما سنتعرض له على النحو التالي:

     في تأريخ2014/02/17، أجرت قناة روسيا اليوم الفضائية في برامجها: (قصارى القول)، مقابلة مع أحد قيادات حزب الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، وهو الأستاذ يماني قبر آب، ومعلوم أن قبر آب المستشار السياسي لأسياس أفورق، وقد جرت المقابلة في موسكو حيث كان الرجل هناك ضمن وفد سياسيٍّ لحزب الجبهة الشعبية إلى القيادة الروسية السياسية، وإني إذ أتطرق إلى المقابلة بعد أن مضى سنتين، فذلك لأهميتها التي تجلت أكثر في واقع اليوم في الجزيرة العربية والشام، وما القرن الإفريقي إلا زاوية مكملة لما يجري هناك من أجل ضمان أمن البحر الأحمر من جهة شواطئه الغربية، فماذا جاء في المقابلة مما يهمنا؟

إعادة نظر لا بد منها.

     قبل الدخول في الحديث عن هذا الشأن الجلل، رأيت أن ألفت انتباه القراء الكرام والقائمين على المؤسسات السياسية والإعلامية الإرترية وغيرها، إلى أمر اختلاف صيغة هذه المادة عن الصيغة التي  كنت أخرج بها الدراسات والأبحاث السابقة، والاختلاف الذي أعني كالتالي:

     إنني كنت أقدمُ دراساتٍ بحثيةٍ مفصلةٍ بمنهاج الاستقراء التحليلي بحسب قراءتي للأحداث، وهي قراءات لا بد من موافقٍ لي عليها، ومن مخالفٍ لي عليها، وسواء الموافقين أو المخالفين، ليست موافقتهم أو مخالفتهم لي في كل شيء جملة وتفصيلاً.

     أما هذه المادة فليست دراسة بحثية بالمعنى العلمي والأكاديمي، إذ قد حررتها في صيغة تساؤلات ليجيب عليها كل القراء من أهل العلم والتخصص، كلٍ من زاوية بعد نظره المؤسس على مكونه الثقافي، وهو الذي مؤسس عليه تصوره للأحداث والأشياء، المتجلي كل ذلك في قراءته للحدث بفكرٍ عمليٍّ أو بتقليدٍ لغيره؛ بهذا التقديم، أنا الذي سوف أقرأ لغيري في هذه المرة، وليس غيري هم الذين سيقرؤون لي.

ماذا جاء في المقابلة؟

     جاء في المقابلة مناقشة مسائل كثيرة سأل عنها المذيع ضيفه، وكانت إجابة ضيفه- قبر آب- صادقة وواضحة إذ لم يحيد عن أهداف الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا التي في: (نحن وأهدافنا) ثم في منهاج حزب الجبهة الشعبية الحاكم مترجمة بتطبيقاته العملية على أرض الواقع، نعم إنه لم يحيد عن الحقائق الثابتة، فله منا الشكر والتقدير، وأما ما سُئِلَ عنه ثم أجاب، فمنه ما يلي:

أولاً.

سُئلَ عن أهداف زيارتهم لروسيا، وهل تم الاتفاق على بعض المشاريع الاستثمارية، فقال:

(الزيارة كانت من أجل التفاكر في قضايا إقليمية ودولية مهمة، وتهتم بها الدولتين، لأن روسيا لها دور بناء وفعال وأساسي في المنطقة…….، ثم قال: وإن كانت الاستثمارات مهمة، لكن هناك ما هو أهم منها، ومن ذلك: البنية التحتية التي منها المطارات، والمواني، والطرق، والطاقة، والمياه، وفي هذا نود أن تكون للشركات الروسية مشاركة، وكذلك في المجال الصناعي والزراعي، وفي مجال التجارة نود أن نشتري مواد أساسية من روسيا، وفي مجال التعدين نود أن تكون للشركات الروسية مشاركة، وقد بدأت المشاركة الروسية فعلاً……..الخ)

أهم الأفكار للمناقشة في هذه الفقرة:

-1 قال: (الزيارة كانت من أجل التفاكر في قضايا إقليمية ودولية مهمة…………………..الخ)

*- والسؤال، ما هي هذه القضايا التي تهم البلدين، ولماذا في الوقت الذي تخوض فيه روسيا حرب إبادة شاملة في الشام ضد الشعب السوري الذي يطالب بإسقاط نظام الحزب الشمولي الطائفي بغية تحقيق الحرية والعدالة؟

-2 وقال في تبريره لأهمية روسيا: (أن لروسيا دورًا بناءً وفعالاً وأساسيًّا في المنطقة…..الخ)

*- والسؤال، ما هو الدور البناء والفعال والأساسي الروسي في المنطقة، ولماذا في هذا الوقت التي تحترق فيه المنطقة شرقي البحر الأحمر، وفي الشام، وفي القرن الإفريقي مع بعض صور الاحتراق؟

-3 وقال عن الاستثمارات: (وإن كانت الاستثمارات مهمة، لكن هناك ما هو أهم منها، وذكر منها: البنية التحتية التي منها المطارات…………………………………………………الخ)

*- والسؤال، ما هي الخصائص التي بموجبها تم اختيار روسيا لتولي القيام بتأسيس البنية التحتية في كافة المجالات؟

-4 (وقال عن رغبة حزبه في مشاركة روسيا: ” نود أن تكون للشركات الروسية مشاركة، وفي مجال التعدين نود أن تكون للشركات الروسية مشاركة، وقد بدأت فعلاً…………….الخ)

*- والسؤال، لماذا يود حزب الجبهة الشعبية أن تكون للنظام السياسي الروسي، وللشركات الروسية شراكة في الشأن الإرتري، وليس مستفيدين بموجب عقود تنتهي بنهايتها العلاقة؟

*- ثم ما سِرُّ تزامن هذا الحدث بين صعود نجم تنظيم مدرخ أو مدرك غير واضح المعالم، وبين ركون حزب الجبهة الشعبية إلى الدب الروسي الصانع للثورة البلشفية ثم وريثها؟

*- هل نفهم من هذا التزامن، أنه توزيع لاعبين في رقعة شطرنج معدةٍ على غرار ما عرف بـ: (محادثات أتلانتا) التي انتهت بتسليم كل إرتريا لتنظيم الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا بإسقاط وإقصاء الشركاء المؤسسين، وكذا تسليم كل إثيوبيا لتنظيم ويني تجراي؟

*- ولئن كانت محادثات أتلانتا قد أحدث قراءة سياسية جديدة ذات خصائص ومعاني ثقافية، فهل توزيع لعبة اليوم سوف تحدث معاني وخصائص ديمغرافية قد اقتضاها واقع اليوم بعد النجاح النسبي لتجربة العقدين ونيف الماضيين؟

*- إن لم يكن الأمر يأخذ معاني وأبعاد توزيع لاعبين على رقعة شطرنج معدةٍ، فهل هو بداية لصراع حقيقيٌّ متصلٍ بالصراع بين الشرق والغرب كما في زمن الحرب الباردة؟

*- وإذا كان الأمر كذلك، فهل هذا يعني إيذان بتهيئة إرتريا خاصة، والقرن الإفريقي والجزيرة العربية والشام وتركيا، لجولات حربٍ داميةٍ يُراد منها القضاء على كل شيء في هذه الأقاليم، ليشهد العالم لعبة التصالح القذرة بين الشرق والغرب كما يحصل دومًا في كل مكان وزمان؟

*- وإذا كان الأمر كذلك، فهل ستصدق نبوءتي السياسية القائلة: (أن إرتريا تهيأ لغير أهلها)،

*- وإن كان الأمر ليس بهذا ولا ذاك، فماذا عسى أن يكون؟

ثانيًّا.

سئل عن المعارضة الإرترية فقال:

(لا نرى قوى معارضة لها قوة وقبول في إرتريا، ولكن صحيح هناك محاولة من قبل إثيوبيا لخلق مشاكل في إرتريا، وهي سياسة اتبعتها إثيوبيا منذ 15 سنة ولم تؤدي إلى نتيجة…….الخ)

ثم أردف قولاً عن إثيوبيا وأميركا دون أن يُسألْ عنهما، ففال:

(المشكلة ليس من إثيوبيا، ولكن من السياسات الأميركية الخاطئة التي تعتقد أن إثيوبيا قد تكون لها السند في القرن الإفريقي، ولهذا تحميها في تجاوزاتها للقانون الدولي، وأن إثيوبيا تحتل أراضًا إرترية بعد التحكيم الدولي، وقرارات مجلس الأمن في الأمم المتحدة………….الخ)

أهم الأفكار للمناقشة في هاتين الفقرتين:

-1 ما مدى واقعية قوله: )لا نرى قوى معارضة لها قوة وقبول في إرتريا)؟

-2 وما مدى واقعية قوله: (ولكن صحيح هناك محاولة من قبل إثيوبيا لخلق مشاكل في إرتري منذ 15 سنة وإن لم تؤدي إلى نتيجة)؟

 -3وما مدى واقعية قوله: (المشكلة ليس من إثيوبيا، ولكن من السياسات الأميركية الخاطئة التي تعتقد أن إثيوبيا قد تكون لها السند في القرن الإفريقي، ولهذا أميركا تحمي إثيوبيا)؟

ثالثُا.

تحدث عن طبيعة نظام الحكم الإثيوبي دون أن يُسأل فقال:

(إن مشكلة إثيوبيا في كونها تحكمها أقلية صغيرة لا تزيد عن 5% من بين الشعوب الإثيوبية، وأن هذه الأقلية الحاكمة لكي تبقى في السلطة تخلق سياسة التفرقة بين عموم شعوب إثيوبيا، وأنها تخلق مشاكل مع دول الجوار بما فيها إرتريا………………………………………….الخ)

أهم الأفكار للمناقشة عما في هذه الفقرة:

-1 ما مدى واقعية قوله أن إثيوبيا تحكمها أقلية صغيرة لا تمثل أكثر من 5% من بين الشعوب الإثيوبية ……………………………………………………………………………..؟

-2 بصرف النظر عما قاله عن إثيوبيا من تحكم أقلية عليها، وأنها لكي تبقى على الحكم تمارس سياسة التفريق بين شعوبها، وأنها تخلق أزمات بين دول الجوار، أليس كل هذه المعاني تُمثلُ خصائص حزبه الحاكم بقراءة حقائق تطبيقاتها العملية؟  

رابعًا.

سئل مباشرة عن أسباب هروب الإرتريين وطلبهم للجوء، فقال:

(إن ظاهرة الهروب وطلب اللجوء في هذا العصر، تحصل من دول كثيرة في العالم، بما فيها دولة روسيا، ثم عدد بعض أوربا بأسمائها، وعمم دول أفريقيا، ثم أردف قائلاً، ولكن بشأن إرتريا هناك تسييس لظاهرة الهروب وطلب اللجوء، وأن وراء هذا التسييس هو العداء الأميركي لإرتريا، هذا بالإضافة إلى سياسات تهجير الناس، وفي لقائنا مع وزير خارجية روسيا طلبنا من روسيا النظر في هذا الشأن……………………………………………….الخ)

أهم الأفكار للمناقشة في هذه الفقرة:

-1 ما مدى واقعية قوله: إن ظاهرة الهروب وطلب اللجوء أصبحت عالمية دون ذكر الأسباب حتى لو حصل ذلك؟

-2 ما مدى واقعية قوله في الشأن الإرتري، إن أميركا هي التي تُسييس ظاهرة لجوء وهروب الإرتريين دون ذكر الأسباب؟

-3 ما مدى واقعية قوله، بوجود سياسات لتهجير الناس، ومن تكون هذه الجهات التي تمارسها؟

     بهذه التهيئة التي أعددتها بما جاء في أولاً وحتى رابعًا أعلاه، اقترحُ أن يتولى أهل العلم والمعرفة والاختصاص مناقشة المسائل الواردة من زاوية النظر في كافة معاني حياة الناس في واقعهم المدنيٍّ، ثم لتجتمع تلك النخب من الباحثين والكتاب والسياسية والمثقفين والصحفيين، وكذا المواقع الإعلامية الإرترية.

     وفي هذا أرى ترشيح إشراك ما أمكن إشراكه من مراكز الدراسات والأبحاث السياسية والإستراتيجيات الدولية المستقلة، ثم جمع وتحرير نتيجة ما يتوصل إليه كل هؤلاء، ثم إصداره في كتيب بغرض إيصاله إلى كافة الإرتريين ومواقع التواصل الجمعي التي يهمها الأمر.

فالأمر كما قاله الشاعر:

الرأي كالليل مسودٌ جوانبه        والليل لا يـنجلي إلا بإصباح                                                             فاضمم مصابـيح آراء الرجال         إلـى مصباح رأيك تزدد ضوء مصباح.

خامسًا.

اللاجئين الإرتريين في السودان.

     قلتُ في مقدمة هذه المادة تحت عنوان: (إعادة نظر لا بد منها): ومختصرها هو التالي:      “كنت أقدِمُ دراساتٍ بحثيةٍ مفصلةٍ بمنهاج الاستقراء التحليلي بحسب قراءتي لأحداث الماضي والحاضر وتصور المستقبل، أما هذه المادة فقد حررتها في صيغة تساؤلات ليُجيب عليها القراء وأهل العلم والتخصص، كلٍ من زاوية نظر بعد مكونه الثقافي المؤسس عليه قراءته للحدث وفكره العملي؛ وبهذا سأكون أنا الذي سأقرأ لغيري، وليس غيري هم من سيقرؤون لي.

     بيد أني وجدتني قد ملتُ قليلا في غير إخلال عن هذا الطريق لمَّا كان الأمر عن واقع ومستقبل اللاجئين الذين في السودان، ذلك بناء على إجابة يماني قبر آب، للسؤال المفاجئ الذي وجهه إليه المذيع قائلا له: ماذا عن الإرتريين الذين في السودان الذين يقال أن عددهم مليون، ثم أردف قوله: وما صحة عددهم الضخم هذا، ثم أردف ثانية قوله: وكأنهم دولةٌ داخل دولةٍ،          والعبارة الأخيرة يقرأها السياسي والمفكر في أبعادِ معانٍ دقيقةٍ وخطيرةٍ تفيد: (لماذا ما زال هؤلاء اللاجئين إلى حينه في السودان بهذا العدد بعد إذ نال وطنهم استقلاله)؟؟

     لهذا رأيتُ تعجيل شيءٍ يسيرٍ من مناقشته لكونه لا يحتمل التأجيل كله حتى يُجاب عليه،  فقد تتحقق الإجابة المنتظر، وقد لا تتحقق، لاسيما أن الحديث أن شأن اللاجئين يُمثل بعدنا الثقافي والفكري والسياسي والتأريخي.

قال قبر آب عن  واقع ومستقبل اللاجئين:

“نحن لا نعتبر الإرتريين في السودان لاجئين، هذا بلدهم…………………………………..الخ”

قراءة معاني وأبعاد ما جاء عن اللاجئين:   

     إن الهم والتخطيط والعمل من أجل عودة اللاجئين إلى وطنهم عامة، وإلى ديارهم وأرض إرثهم خاصة، يعني تفويت  فرصة تمكين مصادرة أرضهم بحجة عدم وجودهم فيها بما يُخطط لذلك لوبي اليوتوب، وإن عودتهم إلى وطنهم عامة حيث شاؤوا فيه، وإلى أرض إرثهم خاصة، بالإضافة إلى أنها تُفوت فرصة سرقة أرضهم، تثبتُ اللغة العربية في واقع الحياة بعد إذ ظل لوبي اليوتوب النصراني يكيد لإزالتها من أجل إتاحة الفرصة لتجرنة إرتريا.

     وهكذا بتكامل هذه الأبعاد الثلاثية تتحقق أهدافنا، وببعثرتها وتمزيقها وتشتيتها تتكامل عناصر مأساتنا، لهذا لا يمكن أن نتصور الفصل بين هذه المعاني بكل أبعادها الدقيقة الثقافية والسياسية والأخلاقية، فهي أسَّ الأسباب الحقيقية لواقع الصراع الثقافي بين الإثنية الثقافية الممثلة في مطالب تجرنة إرتريا وإظهارها في مشهد كون إرتريا ليست إلا للناطقين بالتجرينيا، وذلك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى هذا التأريخ.

     إننا إذْ نتمسك بعودة اللاجئين، وبالأرض، وباللغة العربية، إنما نتمسكُ ببعدنا الثقافيِّ والفكريِّ والسياسيِّ، تمامًا كما يعمل الناطقين بالتجرينيا دومًا، من أجل تجرنة كامل إرتريا، لذا، فإن مَن يقول بغير هذا، إما مكابرٌ يتعالى على الحق البيِّنْ، أو متخلفٌ لا يدري بما يجري، أو مرتزقٌ هو من صنف الطابور الخامس.

     ولهذا فالبُون شاسعٌ بين الفريقين، فريق يعمل من أجل تجرنة إرتريا مُسقطًا كامل حقوق الفريق الذي لا تمثله التجرينيا لا في لغة دينه، ولا في لغة ثقافته، ولا في لغة سياسته، ولا في لغة حياته اليومية، وإنما يفعل كذلك غمطًا دون النظر إلى مستقبل الوطن بمكونه الإثني منذ اجتماعه في أربعينات القرن الماضي في بيت قرقيس المعلوم بالضرورة.

     وأما الفريق الآخر فظل يذبُّ عن كافة حقوقه الثقافية والسياسية والتأريخية، وعن إرثه الحضاري والأخلاقي، وبهذا فقد اتضح أن حقيقة الصراع بين الفريقين منذ ذاك وحتى حينه، ليس إلا صراعًا ثقافيًّا.

     إن عمر هذا الصراع الذي اتضحت معالمه في أربعينات القرن الماضي، واستمر حتى هذا التأريخ لسبعة عقودٍ مليئة بحروب مدمرة بسياسات واقع قتل جمعي منظمٍ قد اكتسب معاني عمليات ما يعرف بسياسة التطهير العرقي، بيد أنها في الحقيقة كانت وما زالت سياسة عمليات تطهير ثقافي أحرقـ الوطن كله.

     ومع بشاعة هذه الصورة، لا فريق تجرنة إرتريا حقق أهدافه كما توهما، لمَّا كان ذلك حلم مستحيل التحقيق على أرض الواقع، وإن عظم ما كان يحظى به من تأييد عسكريٍّ وسياسيٍّ، ولا الفريق الثاني حقق الذب عن حقوقه لمَّا كان وما زال يُعاني من بؤسٍ قيادي أصله التخلفٌ عن فهم طبيعة المعركة؛ وإذ لم يكن الأمر إلاَّ كذلك، فلا بد من تأصيل القراءة بذكر بعض الشواهد القولية والفعلية مما تحفظه ذاكرة الإرتريين في تأريخهمُ المعاصر، وبناء على هذه المعاني بكل أبعادها، تكون القراءة إذًا على النحو التالي:  

    في تسعينات القرن الماضي عقب استقلال إرتريا، سُئل أسياس أفورق عن مصير اللاجئين الذين في السودان فقال: “إنهم في بلادهم” وها هو مستشاره السياسي الأستاذ-يماني قبر آب- يقول الكلام نفسه بدون مجاملة ولا حتى تجميل، فهلا أجرينا قراءة بحثية ثاقبة لأبعاد ومعاني هذا الفكر العقائدي الثابت لدى حزب الجبهة الشعبية؟

بعد هذا التمهيد نعود إلى منهاج التساؤل لأقول:

ما المراد بقولهم أن اللاجئين الإرتريين في بلادهم؟

-1 هل المراد بهذا الكلام، تقرير كونهم في بلادهم بحكم إرث مُدَّعىً يتَّكئُ على واقعٍ يحظى في تقديرهم بتأييد القانون الدولي لطول إقامتهم فيه، أو بتأييد عرفٍ جرى ويجري بين التداخل السكاني لهذا الإقليم، هذا بصرف النظر ما إن كان ذلك بالأصالة أو بالابتداء؟

-2 هل يعني كونهم في بلادهم أنهم غدوا سودانيين وليسو إرتريين البتة، وبناء على ذلك إن الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا من قبلُ، ثم حزب الجبهة الشعبية الحاكم من بعدُ، لا يُقرُّ بوجود إرتريين لاجئين في السودان وفي غيره؟

-3 هل تقرير كونهم سودانيين وليسوا إرتريين وإن اضطرتهم من قبلُ آلة حرب إبادة إثيوبية إبان الكفاح المسلح لمغادرة وطنهم، يعني أن حزب الجبهة الشعبية الحاكم يجزم أن الذين في معسكرات اللاجئين بشرق السودان ليسوا إرتريين، وماذا يعني ذلك في بعده الإستراتيجي؟

-4 هل المراد من توزيع نظام الحكم السوداني الحالي الجنسية السودانية على اللاجئين الإرتريين الذين في معسكرات اللجوء في شرق بلاده منذ منتصف ستينات القرن الماضي، جزء من مخطط إفراغ إرتريا من سكانها الأصليين من أجل دعم مخطط تجرنة إرتريا؟

-5 هل المراد من تورط السودان في مخطط إفراغ إرتريا من سكانها الأصليين بالتواطؤ مع حزب الجبهة الشعبية الحاكم، ومع حكومات ومؤسسات دولية وإقليمية سينتهي إلى إحداث قراءة ديمغرافية جديدة بعرض تحقيق تجرنة إرتريا كما تحدثتُ عن ذلك كثيرًا في أهم دراسات بحثية قدمتها في صفحتي هذه، وفي المواقع الإرترية وغيرها، وقد وضعها في جزأين من كتاب بعنوان: (إرتريا في قراءات سياسية)، ومن هذه القراءات الدراسية البحثية ما يلي: 

  أ- السيادة الوطنية.            ب- اللغة وبعد الانتماء.           ت- علم التأريخ.

ث- أحـداث الـتـأريـخ بـيـن الـحـيـدة عـنهـا وقـراءتها بمـقـاصـدهـا.

ج- هل مخطط تجرنة إرتريا سيحقق أهدافه، وهي دراسة أجريتها عقب لقاء فرنكفورت.

ح- هل مخطط طي سجلنا سيحقق أهدافه، وهي دراسة أجريتها عقب لقاء نيروبي، وقد بينتُ في مجمل هذه القراءات ما ذا أعني بتجرنة إرتريا؟ 

6– هل المراد بقول كونهم في بلادهم، أن الجزء الجغرافي الذي يعيش فيه أولئك اللاجئين من بلاد السودان، يعتبره حزب الجبهة الشعبية جزءًا مغتصبًا من دولة إرتريا لصالح السودان، ولهذا فهؤلاء اللاجئين إنما يعيشون في بلادهم؟

-7 هل تقرير كون اللاجئين في بلادهم التي قد تم اغتصابها السودان في زمنٍ ما، لذا لا بد من إعادة هذا الجزء المغتصب إلى الخريطة الوطنية الإرترية، لاسيما أن الجميع يعلم جيدًا أن مثل هذا الادعاء شائعٌ بين الإرتريين منذ عهد الثورة، وأن السودانيين يعلمون ذلك جيدًا، ثم أن الحكومات السودانية أسست على ذلك مواقف وإجراءات قد تحدثتُ عنها في الجزء الأول من كتاب لي بعنوان: (إرتريا والمأساة التأريخية)؟

8– هل السودان سواءٌ في السابق أو في اللاحق أحسن دراسة هذا الواقع قبل أن يفاجأ بما لا يسعه غدًا دفعه عن ساحته؟

9– هل ما يجري في شرق السودان من المطالبة باستقلاله كما تحقق لجنوب السودان قبل عقدٍ، وكما يُطالب بذلك غرب السودان، ذي صلة بتجرنة إرتريا؟

10– هل ما يجري في شرق السودان من جرائم الاتجار بالإرتريين ذي صلة بتجرنة إرتريا، هذه الجرائم التي يتغافل عنها نظام حزب الجبهة الشعبية الحاكم وهو قادر على القضاء عليها، وكذا يتغافل عنها نظام الحكم السوداني لَمَّا لم يبذل أقل قدر من القوة والتنظيم والتخطيط لحسم تلك العصابات المجرمة التي تمارس هذه الفظائع في بلاده أمام رأي وسمع العالم كله، والأفضح عارًا، أن بعض أجهزة أمن السودان أصبح واضحًا تواطئها مع عصابات الاتجار بالآدميين بما يبدو توكيد إسهامهم في صناعةِ واقعٍ ديمغرافيٍّ جديدٍ في منطقة القرن الإفريقي، وفي إرتريا خاصة؟

      أليست الشهادات والأخبار الموثقة، والمتواترة بشأن تواطؤ بعض رجال الأمن السوداني، لم تعد سرًّا بعد إذ تناقلتها وسائل الإعلام المعاصرة بين مختلف الأوساط السياسية والثقافية، وأن آخر هذا التوثيق هو النص التالي الذي أقدمه للجميع دون أدنى تصرف فيه:

جاء في راديو دبنقا (Dabanga) الخبر الموثق التالي في يوم2015/12/24  تحت عنوان:

مسؤول: ضباط من الشرطة وجهاز الأمن يتلقون (الرشوة) من عصابات الاتجار بالبشر.

    كشف مسؤول في الشرطة أن عصابات الاتجار بالبشر التي تعمل على اختطاف وتهريب البشر في شرق السودان تدير أنشطتها من مدينتي كسلا وسواكن، وقال إن نشاط هذه العصابات ازدهر بشرق السودان، نظراً لأن هناك ضباط من الشرطة وجهاز الأمن متواطئون معها لأنها تغدق عليهم الأموال مقابل تسهيل تحركات العصابات.

     وكشف عن اختطاف عصابات الاتجار بالبشر 8 عربة لاندكروزر تابعة لشرطة ولاية البحر الأحمر، خلال الأيام الماضية لم يتم استردادها أو معرفة مكانها، وفي خبر آخر توقعت لجنة شهداء 29 يناير، الذين قتلوا برصاص الأمن في مدينة بورتسودان عام 2005م، ظهور نتائج إيجابية تتعلق بالشق الجنائي للقضية في الجلسة المحدد لها يوم 30 من شهر ديسمبر الحالي. وأكد رئيس اللجنة إبراهيم عمر تمسكهم بالحل القانوني يأتي من قناعتهم بأن الجناة الذين قتلوا  23شهيداً وأصابوا 40 آخرين لن تستطيع السلطة حمايتهم والإفلات من العقاب. وطالب شيبة ضرار رئيس مؤتمر البجه الأصل بالقصاص موضحا أن ضحايا 29 يناير سقطوا من أجل العيش بالكرامة والتنمية في الشرق.

سادسًا.

التعددية الحزبية والممارسة الديمقراطية.

    وما أن أوشك يماني قبر آب أن يُنهيَ حديثه عن اللاجئين، قاطعه المذيع قائلاً له:

     هناك انتقاداتٍ موجهةٍ إلى سياسة الرئيس أسياس أفورق باعتبارها سياسة الحزب الواحد،        ألا تفكرون بفتح الطريق أمام التعددية الحزبية والانتخابات، وتشكيلُ هيئاتٍ، والسماح لأحزابٍ سياسيةٍ عاملةٍ، لاسيما أن لإرتريا قد كان برلمان، بيد أن الرئيس أسياس أفورق عطله؟

     هنا ظهر قبر آب في حال كونه السياسي الذي لم يُتقن فن الدبلوماسية، فتارة قال باستكبارٍ، وفي أخرى نقض حديثه ببعضه، ومما جاء في حديثه وهو يحاول تبرير وتزيين سياسة حزبه، كونه الأحرص على الوطن، ما يلي:

قال: أولاً إرتريا دولة جديدة، ودولة ناشئة، عمرها عشرين سنة، ونحن في بداية بناء وطن، وبناء دولة، والكلام عن الديمقراطية وعن التعددية الحزبية، يجب أن يكون في نقاش.

وقال: ولما ننظر إلى تجارب الشعوب، وتجارب الغرب الذي يدفع بموضوع الديمقراطية،    كم سنةٍ، كم عقدٍ، كم قرنٍ، أمضت هذه الشعوب حتى تصل وتبني النظام السياسي الحالي؟

وقال: التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي يجب أن يكون متوازنا، وعلى الأمور أن تمشي في كل المسارات كلها، وليس في مسارٍ واحدٍ، ونحن لسنا مستعجلين في هذه المسائل، وهذه كانت منه قفزة غير موفقة،  فقد دحض الرجل بنفسه على ما قاله.

هنا ختم المذيع المقابلة بقوله:

من هنا نفهم أنكم سوف تفتحون الحياة الديمقراطية بعد أن تكونوا على ثقةٍ بأن الدولة قد تم بناؤها بمؤسساتها؟!

مرة أخرى أقول: ما المراد بهذا الكلام؟

*- نعم، ما المراد بقوله: إرتريا دولة جديدة وناشئة، وأن عمرها عشرين سنة؟

أ- هل المراد بهذا القول، أن إرتريا ما زالت لم يكمل فيها لوبي اليوتوب خطط تجرنتها؟

ب- أليس كونها دولة جديدة وناشئة يلزم بالضرورة حشد كافة كفاءاتها الوطنية للنهوض بها؟

ت- لماذا لوبي اليوتوب لا يزال مصرًا على إفراغ إرتريا عن كفاءاتها الوطنية المؤهلة عامة، وعن الإسلام والكفاءات الإسلامية خاصة؟

ث- هل وجود الكفاءات الوطنية التي لا توافقه على تجرنة إرتريا يعدُّ مُعيقًا لخطط تجرنتها؟

ج- هل لدى لوبي اليوتوب أدنى تصور لسياسة التعايش بين المكون الوطني الممثلة في التجرينياوي وغير التجرينياوي؟

ح- هل يلزم الذين لا يؤمنون بتجرنة إرتريا، القَبول بالعيش فيها، وإن فرضت عليهم واقع التجرنة سياسات تصنيفهم مواطنين من درجة البدون؟

خ- هل يُفهم من هذا أن سياسة التجرنة تخطط لأن تقذف بهم خارج الوطن جملة وتفصيلاً؟

د- هل يُفهم من هذا أن سياسة التجرنة تُهيِّأُ إرتريا لغير أهلها؟

ذ- هل يُفهمُ من هذا أن سياسة التجرنة لا مانع لديها أن تتحقق عملية التجرنة ولو بالمرور من خلال تروس طاحونة حربٍ أهليةٍ كما سيُصنفها العالم، أو يصنفها كونها حربٌ طائفية بين المسلمين والنصارى، فتتداعى لها الأمم النصرانية ليتم القضاء على رافضي التجرنة بموجب قرار أميركي، أو قرار مجلس الأمن الدولي، هذا دون النظر إلى معاني التجرنة التي لا تمثل للمسلمين بعدهم الثقافي والسياسي، ولا حقوقهم التأريخية، ولا أهدافهم الحالية والمستقبلية؟

*- ما المراد بقوله: نحن في بداية بناء وطن وبناء دولة؟

أ- هل المراد بقوله كونهم في بداية بناء وطن وبناء دولة، هي الدولة الإرترية، أم هذه تورية يراد بها دولة تجراي تجرينيا؟

ب- هل يُفهم من هذا أنهم يتمتعون بحق الفيتو إن كان المعني حقٌّا هي دولة إرتريا؟

ت- هل يظنون أن العالم ليس شاهدًا على كونهم قد دمروا إرتريا تدميرًا كبيرًا في ذات الإنسان الوطن خلال العقدين اللاتي هي فترة حكمهم؟

*- ما المراد بقوله:  الكلام عن الديمقراطية والتعددية الحزبية يجب أن يكون في نقاش؟

أ- هل النقاش المطلوب مع يجب أن يكون مع السكان الأصليين، أم مع حلفائهم من الجوار والعالم الخارجي، ولما ذلك؟

ب- هل يخفى أنهم قد قطعوا تمامًا كل صلةٍ لهم بالإرتريين الذين لا تمثلهم التجرينيا؟

ت- هل يستطيعوا أن يُخبرونا عن الذين سُيجرون معهم النقاش حول مستقبل الوطن؟

ث- ها هم حلفاء البارحة، أم آخرون من وراء البحار، أم كل هؤلاء وأولئك مجتمعين؟

ج- هل لهم تصور عن طبيعة ونتيجة النقاش الذي سوف يُجرونه حول الديمقراطية والتعددية الحزبية لرسم مستقبل الوطن بعد تغييبهم وإقصائهم أهل الوطن الأصليين؟

ح- هل يتصورون أن لوبي اليوتوب النصراني بهذا سوف تنتهي مستقبل إرتريا؟

خ- هل نوجه هذه الأسئلة إلى أنفسنا، ولكن مَن نحنُ، وما الجامع بيننا؟

د- هل نوجه هذه الأسئلة إلى غيرنا، ومَن هو يا ترى هذا الغير، وما هي علاقته به، وما هو الخطاب السياسي الذي نوجههُ إليه، ومرةً أخرى، مَن نحنُ، وما الجامع بيننا؟

ذ- هل يا تُرى نستطيع أن نتنازل قليلاً فنجتمع لنجيب على هذه الأسئلة بفكر علميٍّ وعمليٍّ مترجمٍ بخططٍ عمليَّةٍ وبخطابٍ سياسيٍّ راقٍ، يجمع بين الماضي والحاضر وتصور المستقل؟

*- ما المراد بقوله: ولما ننظر إلى تجارب الشعوب، وتجارب الغرب الذي يدفع نحو الديمقراطية والتعددية الحزبية، كم سنةٍ، كم عقدٍ، كم قرنٍ أمضت هذه الشعوب حتى تصل إلى ما وصلت إليه من بناء النظام السياسي الحالي؟

أ- أليس هذا القول كافٍ وشافٍ لمن له عقلٌ فهو لذلك يُحسنُ القراءة، ذلك لأنه قاله بخطابٍ سياسيةٍ عاليِّ السقف قد وُفِّق إليه لمرة واحدةً، إذ قال: إذا كانت تلك الشعوب قد استغرقت عددًا من السنين والعقود والقرون لتصل إلى ما وصلت إليه من بناء النظام السياسي الحالي تحققًا، فنحن لسنا على عجل من أمرنا، ولن نُبالي بغير الذين لا يدينون بما ندين به، لذا عليهم أن يفنوا وهم ينتظرون، ومن يتعجل منهم، فليذهب إلى الجحيم، أو ليُسلِّم بالعيش حيث هو، أو ليرضى بما سنقسمه له فيُريح نفسه عن عنت السياسة؟

ب- أليس هذه إجابة صريحة بأن عقدي حكمهم كسنتين فقط، ولهذا قال: لسنا مستعجلين؟ 

ب- أليس هذا خطابٌ صريحٌ مُجهٌ إلينا بلسان الفعال والمقال يقولوا لنا: أيها الغوغاء الجوييم المبعثرة المتخلفة، إننا سائرون على دربٍ قد رسمناه يوم كنتم نُيَّامًا، ولن يتراجع عنه أبدًا؟

*- ما المراد بقوله: كم سنة ستحتاج دولة مثل دولة إرتريا حتى تكون دولة اقتصادية متطورة حديثة؟

-1 هل يُفهم من هذا السؤال الموجه، تأصيل تصورهم وخطط عملهم آنفة الذكر بأن نهضة الأمم والشعوب الحية تُقاس ببضع عقود من العمل الدؤوب، وربما ببضع مئين السنين أيضًا مع عملٍ دؤوبٍ، وإنا أمةٌ حيِّةٌ ولسنا جوييم، ولهذا لسنا على عجلٍ من أمرنا؟

-2 هل المراد بقوله: كم سنة ستحتاج دولة مثلُ إرتريا لتصبح دولة اقتصادية متطورة وحديثة حتى يُرسيَ لوبي اليوتوب قواعدَ بُعده الفكري وأهدافه السياسية قبل أن يفكر لتصبح دولة إرتريا دولة اقتصادية متطورة وحديثة بالمعايير العصرية؟

     أيها الأحرار المناضلون والمجاهدون والمثقفون والمفكرون والثوريون، وكافة أبناء الوطن المظلومين والمهمَّشين، انهضوا، أجيبوا، خططوا، اعملوا، واعلموا أن سنن الله لا تحابي أحدًا، فالتأريخ قد تم تزويره، والأرض يتم تزوير ملكيتها، والناشئة الذين معهم غدوا يصنعونهم على أعينهم بما يوافق غدًا تجرنة إرتريا، أما الكبار فسوف يفنون، فماذا إذًا ننتظر؟

مع تحياتي للجميع تحياتي، وإلى قراءة أخرى قريبًا- بإذن الله-.

أبو أسامة المعلم.   

 

 

 

 

 

 

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=36468

نشرت بواسطة في فبراير 12 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010