قرار مجلس الأمن الدولي 1907وضرورة مواجهته بتوحيد الجبهة الداخلية ” 2 – 2 “

بقلم/ وليد أحمد الطيب

wadaltaib@hotmail

* المعارضة الإرترية وضرورة ترتيب البيت الداخلي لمستجدات القرار 1907

التحالف الديمقراطي الإرتري الذي يمثل آخر ما توصلت إليه العقول السياسية في المعارضة فيما يتعلق بآلية التعايش والعمل المشترك بين فصائلها المتناحرة والمتنافرة في مسيرتها النضالية الماضية، ظل في حالة تيه مستمر وأصيبت قواعده بحالة من الإحباط  تساوي الآمال التي عقدت عليه لحظة ميلاده ولكن كالعادة تظل أحلامنا مؤجلة، ففي هذه المرحلة المهمة مطلوب من قيادة التحالف الديمقراطي أن تستخدم ما تملك من علاقات مع القوي المؤثرة وتعرض نفسها كواجهة جامعة لا يمكن أن يتم تجاوزها في أي معادلة قادمة، وأن لاتقبل بتجزئة مكوناتها والأخذ بمبدأ ” الخيار والفقوس ” علي أساس الوطنية والعمالة الذي تبرع فيه الجبهة الشعبية، وأن تحدد سقفاً للتغيير ضمن خططها يخرجنا من حالة التيه التي نعيش فيها فمعاناة شعبنا لا يمكن أن تستمر أكثر من هذا فقد بلغ السيل الزبي.

إن ترتيب البيت الداخلي وحلحلة القضايا الصغيرة بين مكونات التحالف أمر بالغ الأهمية، وذلك للعمل من أجل تقوية هذا الكيان وفرضه كخيار أوحد يمثل وجهة النظر المغايرة للحكومة، ويجمع في مكوناته كل وجهات نظر المعارضة، وإذا قدر لمعاناتنا أن تنتهي حرباً أو سلماً فلتكن بين هذين الطرفين الحكومة والتحالف الديمقراطي.

هل تتكرر تجربة الحوار المنفرد مع الجبهة الشعبية

بعض الأحزاب في التحالف الديمقراطي تظن نفسها أنها الأولي بقيادة الجميع، وأنها التي تستحق أن ينظر إليها دون الآخرين، لذا فهي تسعي جاهدة للبحث عن أي مكسب خارج التحالف، وتريد أن تكرر نفس الخطأ الذي وقع فيه التنظيم الموحد عندما ظن بعض قادته في هوجة الفرح العارم بالإستقلال أن العمل من الداخل خيارهم الأفضل، فتجاوزو كل التنظيمات الموجودة حينذاك، بل تجاوزوا مؤسسة حزبهم الرئاسية، وأبرموا إتفاقاً يقضي بالسماح لهم بالدخول كأفراد فتبخرت كل أحلامهم، وتلاشت آمالهم، وأصبح القرار التاريخي للقيادة التشريعية والتنفيذية للتنظيم الموحد عام 1992 بالعودة إلي الوطن والذي أكد علي المبادئ الآتية:

أ/ كفالة الممارسة الديمقراطية، والتعددية السياسية، والعدالة الإجتماعية وضمان الحريات الأساسية والحقوق الدستورية لجميع الإرتريين.

ب/ إجراء إنتخابات حرة لإختيار جمعية وطنية تضع دستوراً دائماً للبلاد يرتكز علي المبادئ الديمقراطية.

ج/ إلزامية التعليم باللغتين العربية والتقرينية ليكون ذلك ركيزة متينة من ركائز الوحدة الوطنية.

أصبح ذلك القرار التاريخي وكل تلك المبادئ السامية حبراً علي ورق، ورأينا بعض تلك القيادات تعود مهرولة مرة أخري للمعارضة الخارجية كتصحيح ضمني لتلك الخطوة المتعجلة التي لم تتوفر فيها أبسط  ضمانات التنفيذ.

لماذا تكتل حزب الشعب الديمقراي الآن

إن تكتل المجموعات التي خرجت من الجبهة الشعبية مع بعض الأحزاب ذات التاريخ المشاكس في التحالف الديمقراطي حدثٌ بالغ الأهمية، وذلك لأن هذا التكتل يجمع في داخله أحزاب وشخصيات قيادية تملك علاقات دولية مع العديد من الأطراف المؤثرة في المنطقة، كما أنها تتميز بالنرجسية وتمجيد الذات والتعالي علي الآخرين والتفاخر بأن من بينهم وزراء وسفراء وهم أحق بقيادة العمل السياسي في المعارضة والحكومة، ولعمري هذه النرجسية هي التي ستؤدي لتكرار تجربة الحوار المنفرد مع الجبهة الشعبية والبحث عن أي مكسب يشبع رغبتهم المتعالية.

هذه المجموعات التي هربت من الجبهة الشعبية، وآثرت سلامة ذاتها وهي التي كانت تتولي مناصب قيادية رفيعة في الجهاز التنفيذي للحكومة، وكان بإمكانها أن تقلب الطاولة علي الرجل، وأن تتولي مهمة التغيير من الداخل، لا يمكن أن تأتي بجديد إذا إنعزلت بمفردها ونسجت غزلها بمعزلٍ عن بقية مكونات التحالف، إن النظرة الدونية وإحتقار الآخرين وتمجيد الذات والهرولة في محادثات سرية مع النظام الحاكم لن يفيد الوطن بشئ، وإنما المطلوب قراءة الماضي وتصحيح الحاضر بما يحقق مصلحة الوطن في المستقبل.

جبهة التضامن وحقيقة مكوناتها

جبهة التضامن الإرترية التي تمثل تجمعاً لأحزاب المستضعفين الذين تجرعوا كل مرارات الماضي والحاضر لم تكن بقدر الآمال التي إستبشرت بميلادها، وذلك لأنها تحمل في مكوناتها أسباب ضعفها وهي:

– لأنها تجمع أحزاب ذات توجه إسلامي جهادي مرفوض دولياً خاصة بعد أحداث الـ 11 من سبتمبر.

– أنها مجموعات تحمل في برامجها تباينات مهمة، فبينها من يريد تطبيق الشريعة وطلبنة إرتريا، ومن يريدها حكماً علمانياً، وأخر يريدها فدرالية وبعضهم يريدها ممازجة بين هذا وذاك.

– لا تملك أي علاقات مع المجتمع الدولي المؤثر يمكنها من تسويق نفسها كقوة تغيير لا يمكن تجاوزها أو تهميشها داخل الإطار الجامع للمعارضة – التحالف الديمقراطي-

– نتيجة لجمعها بين أحزاب جهادية وأخري ذات غبن تأريخي مع الجبهة الشعبية سيدفع الجبهة الشعبية للعمل علي عزلها ووصفها بالإرهاب الذي سيجد القبول من المجتمع الدولي تحت تأثير فوبيا الإرهاب ولغلبة المجموعة الإسلامية داخل الجبهة، مما سيضعف حظوظها السياسية هذا إن لم يتم حظرها وإخراجها من الملعب بتهمة الإرهاب.

– وجود حزب عريق ضمن مكوناتها عرف عنه الميل لتمجيد الذات، ونسب البطولات إلي نفسه، ونشر المعلومات المضللة التي تنسب له إنجازات وهمية، بالإضافة لجمعها بين حزبين إسلاميين إنشقا عن بعضهما وحدثت بينهم مرارات لا تنسي ، ستكون كلها عوامل مساعدة علي ظهور حالة من عدم الإنسجام أو المنافسة غير الحميدة نتيجة لتأثير تلك الطباع والخلافات التاريخية.

لكل ما سبق فإن جبهة التضامن لم تأتي بجديد منذ ميلادها، ولا يوجد في الأفق ما يبشر بجديديها، بل إنها كانت خصماً علي كسبها السياسي حيث قذفت الرعب في خصومها داخل المعارضة، ودفعتهم لتكتل مقابل تعتبر حظوظه في القبول الدولي والمحلي أكبر منها، الأمر الذي عاد علي جبهة التضامن بالخسران من حيث لا تدري وجعلها تصارع من أجل البقاء بين سندان خصومها داخل التحالف ومطرقة الجبهة الشعبية واللذان لا يختلفان عن بعضهما تجاه نظرتهم لمكونات جبهة التضامن.

خلاصة:

في خلاصة المقالين وبعد قرائتنا لمعطيات الساحة وإحتمالات تغيير النهج الإقصائي للجبهة الشعبية، وبعد النظرة المتأملة لواقع المعارضة التي يفترض أنها الخصم المقابل الذي يدافع عن حقوق الشعب ضد الحكومة، يتبين لنا أن المعارضة ممثلة في التحالف الديمقراطي  تحتاج لعمليات ترميم عاجلة لبيتها الداخلي حتي تتمكن من الإستفادة من مجريات الأحداث السياسية من حولها، ولتقابل مستجدات قرار مجلس الأمن الدولي 1907 وما سيترتب عليه من من خلط وفرز للأوراق هنا وهناك، فإن الفرص لا تتكرر والعاقل من إغتنمها في حينها.

دمتم

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=1713

نشرت بواسطة في فبراير 18 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010