قــطوف أرتــريـة

بقلم : أحمد نقاش

Nagash06@maktoob.com

الحلقة (1)

تحليل نص تاريخي

مدخل:

أريد ان اتناول تحت هذا العنوان (قطوف ارترية) كل ما اتسع المجال لذلك فقرات مختصرة،لكى يتناولها القارء الكريم،على عجلة من امره،وهذه الفقرات قد تكون فى مجال التاريخ،والثقافة،والسياسة،وكذلك فى الاجتماعيات وفى فقرة التاريخ قد نأخذ محطة من محطات التاريخ الوطني (نص من نصوص التاريخ) للتحليل والتعليق وفى مجال الثقافة والسياسة سوف أركز فيما اعتقد انه يساهم فى توسيع ثقافتنا السياسية والقانونية،وكذلك مفاهيم إصطلاحية،وفى الاجتماعيات سوف تكون فقراتنا فى المفاهيم الاجتماعية المختلفة،مثل الظواهر الاجتماعية او التركيب السكانى للوطن.

فى كل حلقة سوف نأخذ فقرة بشكل موجز الذى لا يخيل بالمعنى،دون ان نأخذ وقت القارء اكثر مما ينبغى،بل نريد للقارء الكريم  ان  يخطف المعلومة المفيدة فى وقت وجيز.

الدعوة مفتوح لكل القراء المساهمة بمالديهم من المعلومات التاريخية والروايات وكذلك الاشعار الشعبية، على العنوان الاكترونى أعلاه،والتى يمكن ان نضعها فى سياق الحلقات القادمة،واهمية هذه المساهمة تتضح أكثر اذا وضعنا فى الاعتبار ان الرويات الشعبية فى بلادنا تحتوى على مخزون كبير من التاريخ الوطنى والمواقع الحربية والبطولية للشعب الارترى اكثر بكثير مما هي بين صفحات الكتب،فقط تحتاج الى الترتيب والتحليل والتوثيق،وهذا ما نطمح اليه.

ومحطتنا لهذااليوم تحليل نص تاريخى للمؤلف البريطانى (السيد س.ك.تريفاسكيس) السكرتير السياسي للادارة البريطانية فى ارتريا فى كتابه المسمى(ارتريامستعمرة فى مرحلة الانتقال 1941 الى1951م) وهو يتحدث فى معرض تحليله لمستقبل الاتحاد الفدرالى الذى اقرته هيئة الامم المتحدة،بين ارتريا وأثيوبيا. ويقول ((… إن الميل لاخضاع ارتريا لرقابة شديدة،سيبقى بصورة دائمة مصدر إغراءات كبيرة بالنسبة لاثيوبيا.لكنها لو حاولت لتعرضت لاثارة اشمئزاز الارتريين،وربما لثورة من شأنها_بمساعدة وعطف خارجين_ان تقوض دعائم اثيوبيا وأرتريا معا…))إنته النص ص228ط1984 بيروت/لبنان

التحليل:

وبالفعل لقد  صدق  الرجل  فيما  ذهب اليه من التحليل لمستقبل  الاتحاد  الفدرالى بين اثيوبيا وارتريا وما سيتعرض له من الصعوبات على ارض الواقع،منطلقا  من  النواية السيئة التى كانت واضحة لدى امبراطور اثيوبيا،وكما  صدق فيما توقعه من رد فعل سريع من الشعب الارترى،والذى تمثل فى انفاجر الكفاح المسلحة فى بضع سنين،ويوم إذن عبر الشعب عن ارادته الحرة فى المقاومة والتصدى بالاسلوب التى يفهمها المستعمر فى فجر الفاتح سبتمبرمن1961م.

من المعلوم إن المرء لا يعلم الغيب،ولكنه انطلق فيما ذهب اليه من عدة معطيات بإعتباره شاهد عيان للحراك السياسي والتى كانت تعج به المنطقة بصفة عامة وأرتريا بشكل خاص،فضلا عن ان الرجل يعتبر من احد اركان صناع قرارالسياسة البريطانية فى المنطقة،يعلم جيدا ما يدور فى كواليس السياسة والغرف المغلقة والتى يتم حجبها عن انظار الجمهور .

وكما كان يعلم جيدا بأن غالبية سكان البلاد،قاوموا الاتحاد مع اثيوبيا بكل قوة وشراسة،بل قدموا فى سبيل ذلك عدد من الشهداء على رأسهم (الشهيد عبد القادر كبيرى)رئيس حزب الرابطة الاسلامية فى العاصمة اسمرا،حتى الذين طالبوا الاتحاد مع اثيوبيا لم يفعلوا ذلك حبافى أثيوبيا او من أجل سواد عيون امبراطور اثيوبيا،انما فعلوا ذلك لحسبات داخلية ضيقة الافق،وأنانية المسلك وهو القائل فى نص اخر(( … كما ان من شأن اى تدخل أثيوبى غير ضرورى،فى شؤون أرتريا ان يثير ردة فعل خطرة_ان لم تكن مباشرة_فى صفوف الارترين المسيحين أنفسهم،فبالامس أخذت جماعة الحزب الوحدوى الارترى بإرشادات الاثيوبين عندما كانوا بحاجة الى مساعدتهم.لكن ذلك لا يعنى أنهم سيرقصون غدا على الايقاعات الاثيوبية،إن معنى إزدياد الوعى السياسي بين الارتريين المسيحين لايتجسد فى كونهم طلبوا الوحدة مع أثيوبيا وإنما فى كون الكثيرين منهم تعلموا كيف يفكرون لأنفسهم وكيف يعبرون عما يفكرون به …))ص227ط1984 بيروت.

هكذا كان الرجل يعلم الجو الوطنى العام فى مسألة الاتحاد مع اثيوبيا،وإن اصبح واقع ملموس بسبب الخلاف الداخلى،وإلتقاء مصالح دول الكبرى مثل امريكا مع الرغبات الاثيوبية فى تلك المرحلة .

فى الجانب الاثيوبى كان يدرك المؤلف بالنواية الحقيقية لاثيوبيا والنية المبيته التى تضمرها اثيوبيا فى المسألة الارترية،وهذا ما نتلمسه فى النصائح التى قدمها المؤلف للحكومة الاثيوبية بعدم التمادى بتدخلات غير ضرورية فى الشؤون الارترية،لكن على ما يبدو ان العقل السياسي المتحجرللنظام الكهنوتى الاثيوبى،لم يدرك جيد تلك  الابعاد والرؤية الثاقبة فى قضايا الشعوب فقط كان يدرك ما يريد،وأثيوبيا لم تأتى الى ارتريا من اجل الفدرالية لان فاقد شيء لا يعطيه،إنما جاءت لاحتلال الارض وإحتواء الشعب وطمس ثقافته العربية والتجرينية معا،والكل كان يعلم وفى مقدمتهم الامم المتحدة صاحبت قرار الاتحاد،لم يكن هذا الاتحاد الا مدخل ومقدمة لاحتلال ارض ارتريا وشعبها، وعندها ادرك الشعب الارترى ما يجب ان يفعله من اجل استرداد حقوقه وكانت الثورة وكان الكفاح وتحقق الانتصار .

وكل هذه المعطيات هى التى اشارت الى السيد تريفاسكيس السكرتير العام للادارة البريطانية لارتريا فى تلك المرحلة بما ستؤول عليه اوضاع منطقة القرن الافريقى،وبالفعل حدث حرفيا ما سطره المؤلف فى نصوصه التاريخية بشأن الاتحاد الفدرالى بين ارتريا و اثيوبيا .

الحلقة (2)

مفهــــوم الدولـــة

 

تحدثت فى الحلقة الاولى من قطوف عن التاريخ، واليوم سوف أتحدث عن السياسة (مفهوم الدولة ونشأتها،وتعريفها، وعناصرها) :

أصل الدولة ونشأتها:

عند ما تذكر كلمة الدولة، فى القديم كانت تعنى او تشير على وجود مجتمع فيه طائفة تحكم، وأخرى تطيع، والدولة تقوم على مساحة من الارض يتوفر فيها أسباب العيش،من ماء وغذاء ومرعى،يجتمع حولها الناس من اسرة الى عشيرة وقبيلة،وتتطور الى قرية والى مجموع قرى،ومنها الى مدينة ثم الى مدن ومع زيادة عدد المدن تتشكل دولة تحكمها سلطة معينة لمجموعة لا بأس بها من الناس،ويطلق عليهم الشعب.

هكذا ظهرت الدولة الى الوجود مع تطور الزمن،والدولة مفهوم نظرى،لا يمكن قيامها على الواقع بأى صفة ملموسة اومادية الا حين تعبرعن نفسها من خلال الحكومة، والشعب الذى يؤمن بأنها موجودة،والدولة كيان قانونى تطور مع الزمن عبر النظريات والفلسفات والتى انطلقت من اجل معالجة اسلوب الحكم الى ما هو افضل، والدولة اذن هى الظاهرة الحقوقية التى تطورت مع الفهم البشرى،وباتت تعبر عن شخصيته.

فالدولة تضم المجتمع كوحدة منظمة تقوم على الوجبات والحقوق.ومن جهة اخرى  تمثل المجتمع ونظرته للحياة،والكون،والفن.وتشكل الدولة حاضنة للوحدة الاجتماعية على المستوى الداخلى،ومعبرة عن إرادته العامة على المستوى الخارجى.

تعريف الدولة:

 قام كثير من الفلاسفة وعلماء السياسة بتعريف الدولة،والحديث عنه قد يطول،لكن يمكن ان نذكر فى هذه العجالة ما اجمع عليه معظم فقهاء القانون والمفكرون والفلاسفة،وخلاصة القول عندهم:

الدولة هى جماعة من الافراد يقطن على الدوام والاستقرار،إقليم جغرافى محدد،يخضع فى تنظيم شؤونه لسلطة سياسية،تستقل فى اساسها عن اشخاص من يمارسها،وهى إذن مؤسسة سياسية يرتبط بها الافراد من خلال تنظيمات متطورة.

عناصر الدولة:

لقد ذكر علماء السياسة عدد من عناصر الدولة اهمها اربعة عناصر ,هى:

1- السكان اى الشعب،وإذ لا يمكن تصور الدولة بدون شعب،بصرف النظر عن تعداد هذا الشعب،فقط يشترط ان يكون عدد كافى من الافراد من اجل تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

2- الاقليم اى المساحة الجغرافية :

إن وجود مساحة من الارض لها حدود معينة تفصلها عن غيرها من الدول شرط اساسي لقيام الدولة،وهذه المساحة تشمل كل أقاليم الدولة (الاقليم الارضى اى اليابسة-الاقليم المائ البحار والانهر والبحيرات-الاقليم الجوى) وكل هذه الاقاليم محدودة الامتداد وفق الاتفاقيات والقوانين الدولية.

3- الحكومة اى السلطة السياسية :

الدولة من الصعب ان يكون لها واقع،دون وجود سلطة سياسية وإدارية يخضع لها أفراد الشعب لقراراتها ومن افضل السلطات التى عرفها التاريخ الى يومنا هذا،هى الحكومة التى تنشأ على أساس العقد الاجتماعى بين الحكومة والشعب.والاكثر الحكومات التى حققت للشعوبها التقدم والازدهار والاستقرار والسلام هى تلك الحكومات التى تقوم على أساس الدستورالذى جوهره الممارسة الديمقراطية فى ظل دولة القانون والمساواة والعدل.

4- الاستقلال والسيادة:

من العناصر الاساسية والمهمة للدولة،ان تكون مستقلة وذات سيادة كاملة على اقاليم الدولة بكل عناصرها المختلفة،والسيادة لصقة بالدولة وبها تتميز عن غيرها من الجماعات السياسية الاخرى.

إذا كانت هذه هى الدولة بمعناها القانونى ومفهومها الفلسفى،ما هو واقع الدولة فى بلادنا مقاربتا الى هذا المعنى …؟؟وللاجابة نقول إن كل اشكال الحكم يناقض إرادت الشعب،يعتبر مجرد اداة قهر وتسلط،وعندما تصبح الدولة بلا قانون وأشخاصها فوق القانون،تكف الدولة عن كونها دولة الشعب،وتصبح سلطة غاشمة فحسب،ولا معنى لكل ما تصف به نفسها من صفات جميلة وإنجازات عظيمة. باعتبار قوة الدولة تقاس بمدى إلتزامها بالدستور والقانون والعدل والمساواة لان هذه الاشياء مجتمعة هى معنى الدولة وماهيتها،وإذا فقدته فقدت ذاتها،والشعب الذى يدافع عن الدستور والقانون والعدل هو الشعب الذى يدافع عن سيادته ووطنه ومستقبل اجياله.

على الكل ان يسعى من اجل إيجاد دولة القانون، بدلا من قانون الدولة او قانون الزعيم . ومن ابرز إشكالية الفكر السياسي الارترى،فى الحكومة والمعارضة،هو غياب الفعل القانونى والممارسة الديمقراطية وثقافتها،بل الفوضى والعشوائية والارتجال هى السائدة فى الفعل التطبيقى.وذكر المعارضة هنا ليس من باب مقارنتها مع النظام الحاكم،ولكن لما يعتريها من فجوات كبيرة يجب التخلص منها فى مرحلة النضال الديمقراطى،حتى ننتقل بنصوص الدستور والقانون الى التطبيق العملى،بأسلوب إدارى علمي،بعيدة عن مزاج فردي،مهما كان موقعه السياسي، لكى لا نكررمأساة الشعب من جديد، إن شيطان السلطة لا يولد رجلا ولكنه ينمو ويكبر فى ظل غياب القانون وتغيب الدستور والمحاسبة،والقانون اذن يجب ان يكون فوق الجميع،مهما كان شأنه،عليه ان يكون شعارناالسياسي(الحاكم والمحكوم، الشريف والضعيف،سواسية أمام القانون) حتى لا نكون كمن قيلا فى شأنهم (( أتأمرون الناس بالبر وتـنسون انفسكم…)).

 

 

 

الحلقة (3)

مسيرة جبهة الانقاذ الارترية

من إعلان كاسل إلى مؤتمر أديس

إن العمل السياسي لا يتقدم الا بالملاحظة والتقويم من فترة الى اخرى، تحدد فيه الايجابيات والسلبيات،بإعتبار المعرفة السياسية لا تتأتا الا بتراكم الايجابى منها وتحسس النواقص لاكمالها.والنقد عندما يكون من البيت يكون أقرب الى الواقع،وابعد من الشبهات،وتأكيدا للنقد الذاتى،وممارسة الديمقراطية ولكن يجب ان يكون النقد دائما بناء وليس هدام،ولا يجوز الخلط بينهما،لان الخلط بين النقد البناء وأخر هدام، هى التى احدثت إختلال فى حياتنا السياسية ،وبتالى هى المسؤلة عن معاناتنا اليوم والازمات المختلفة بل هى التى اوصلت الوطن الى ماهو عيله اليوم من تسلط فريد لم يشهد له التاريخ مثيل فى العصر الحديث.

 والنقد عند الانسان عموما يأتى بإعتبار ان حياة الانسان فيها إجبيات جيدة يفضل ذكرها،لكى يستمد منها القوة والعزيمة والامل.ولكن علينا ان نحذر ان ينتهى بنا الصمت الى تجاهل السلبيات  فنرجع بذلك الى نقطة الصفر ونحن نتوهم أننا نصعد الى السماء.ما ايسر ان ننتمى الى تنظيمات سياسية ونسجل اسمائنا فى سجلاتها،وما اصعب ان نكون عضوية ناقدة وحرصين على المبادئ،وإصلاح ما إعوج فى مسيرة العمل. ورحم الله الخليفة الثانى عمر الفاروق(رض)،الذى قال لإمرأة وجهة اليه النقد: ( بارك الله فيك، ثم اتبع قائلا: لا خير فيكم إن لم تقولها،ولا خير فينا إن لم نقبلها…).

إن ثقافتنا السياسية نحن الارترين مليئة بالمجاملة،ومراعاة الاواصر والانتماء التنظيمى، والثقافى،وكذلك الاجتماعى،فكيف يتسنى لنا أن ننزلها منزلة النقد البناء الذى به وحده يتقدم العمل وتبنى الثقة.

وفى هذا السياق اريد ان اتناول مسيرة جبهة الانقاذ الارترية، من إعلان كاسل عام 2004 الى انعقاد مؤتمرها الاخير 20/08/2006م وما صحاب هذه المسيرة من الايجابيات والسلبيات.

فى نهاية يوليو من عام 2004م وقعت خمسة تنظيمات من قوى المعارضة الارترية على هامش مهرجان كاسل بألمانيا،إعلان وحدوى،وكانت الفصائل هى : جبهة التحرير الارترية(المؤتمر الوطنى)، الجبهة الثورية الديمقراطية (سدقى)،الحركة الشعبية الارترية،المنظمة الديمقراطية لعفر البحر الاحمر، الحركة الديمقراطية لتحرير كوناما أرتريا.

من اهم الايجابيات الذى تمخض عن هذا الاعلان،هو التأكيد على إستراتيجية وحدة العمل المعارض،لتحقيق الانتصار للشعب الارترى، فضلا عن انها احيت روح الوحدة والتفاعل الجماهيرى وسط الجالية الارترية فى المهجر والذى انعكس بدوره الى الداخل.

فى يونيو من عام 2005م عقدت هيئة القيادة للتنظيمات الثلاث وهى: جبهة التحرير الارترية(المؤتمر الوطنى)، الحركة الشعبية الارترية، الجبهة الثورية الديمقراطية(سدقى)اعلنت فيه عن وحدة إندماجية بين تنظيماتها الثلاث،مواصلتا لما اعلنته فى مهرجان كاسل،بينما انسحبا التنظيمين الاخرين من عملية الدمج،نتيجة لتباين برامجيهماوإختلاف المطالب والاهتمامات فى اولويات كل من الطرفين.

من اهم القرارات التى خرج بها إجتماع القيادة هى:

*عقد المؤتمر التوحيد فى اقرب وقت ممكن.

*تشكل لجان وآليات الدخول الى المؤتمر.

كان لهذه القرارات صدى طيب فى قواعد التنظيمات الثلاث التى اكدت تمسكها بكل خطوة فى إتجاه الوحدة،ومن ابرز ايجابيات تلك الخطوة،خلقت روح الالفة والتعارف بين كوادر وقواعد التنظيمات، والذى ادى بدوره إلى إكتشاف ان العوامل المشتركة اكثر بكثير من غيرها.

فى شهر ديسمبر عام 2005م عقدت التنظيمات الثلاث فى الخرطوم مؤتمر تداولى بحضور جميع مجالسها التشريعية،وخرج المؤتمر التداولى بعدد من القرارات التى جعلت الوحدة الاندماجية واقعا شرعيا لا رجعت فيه، ومن ابرز تلك القرارات هى :

*دمج المجالس الثلاث فى مجلس واحد.

*دمج القيادات التنفيذية.

*البدء فى عملية خلط القواعد.

*تشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر.

*تحديد المكان والزمان لعقد المؤتمر.

وضعت هذه القرارات النقاط فوق الحروف،وكلفت اللجنة التنفيذية لتطبيق القرارات فى ارض الواقع.وإن أعتبرت كل هذه القرارات إيجابية فى مسيرة الوحدة،إلا ان تشكيل اللجنة التحضيرية لم يكون على المستوى المطلوب،إذ لم تراع فيها الاستقلالية عن التنفيذية فى شخوصها وصلاحيتها،ولعل هذا ما جعلها فيما بعد جسد بلا روح،وكانت الرؤية ضبابية فى الفصل بين صلاحيات اللجنة التحضيرية،واللجنة التنفيذية  فيما يخص التحضير للمؤتمر من اعداد البرنامج السياسي والقانونى،وكذلك فى مسألة تحديد نسب الفروع والاشراف على الاختيار.ورغم ان مهمة اللجنة التحضيرية إدارية صرفة، وحيادية فى نفس الوقت،لكن فى عرف الثورة الارترية بمختلف فصائلها لم تكن كذلك،بل يتم إختيارها من شخوص القيادة السياسية نفسها،مما كان يجعل تكوينها ووجودها فى كثير من الاحيان تحصيل حاصل، ولعل حظ مؤتمر الانقاذا فى هذه المسألة لم يكن اكثرحظا من المؤتمرات الارترية السابقة.

فى فترة ما بين 19-22إبريل2006م عقدت الهيئة التنفيذية للانقاذ إجتماعها الدورى الثانى فى الخرطوم لتعبيد الطريق للوصول الى المؤتمر وخرجت بقرارين مهمين وهما :

*عقد المؤتمر فى المكان والزمان المحددين.

*تحديد أسلوب التمثيل النسبي للتنظيمات الثلاث،وتم تحديد نصيب كل منهما.

مسألة التمثيل النسبي فاجئ الجميع بما فيهم قواعد وكوادر جبهة الانقاذ ذلك لعدد من الاسباب :

* بإعتبار ان مثل هذا القرار الذى يحدد كيفيت مشاركة قواعد الانقاذ من  المفترض ان يكون من صميم قرارات تشريعية وليس تنفيذى،وإن تم تبرير مثل هذا لقرار بتفويض الذى تحصلت عليه اللجنة التنفيذية من المجلس التشريعي الموحد،ولعل هذا المبرر هو الذى،جعل قواعد الانقاذ لقبول القرار رغم الملاحظات والتحفظات التى سجلت هنا وهناك.وما زاد الطينة بله ان قرار اللجنة التنفيذية فى مسألة التمثيل النسبي،لم يحدد كيفيت تطبيق هذه النسبة وكيفية توزيعها داخل كل تنظيم بل ترك الحبل على القارب،لكل تنظيم ليحدد الكيفية وفق ما تراه القيادات التنفيذية لكل تنظيم على حد،وبتالى تصرف كل تنظيم فى هذا الشأن حسب رصيده الديمقراطي وخلفيته العملية،مما جعل مشاركة القواعد يترنح بين الانتخاب والتعين،وكانت الكعكة خليطة بين السكر والحنضل.

ولكن الجميع كان حريص على الدخول الى المؤتمر وإنجاحه تحت اى ظرف بإعتبار المؤتمر هو الذى سينقل الوحدة الى افاق ارحب رغم العثرات التى قد تصاحبه، وتحت هذا الهدف الكل كان يتنازل ويتجاوز عن الاخطاء سواء كانت مقصودة او غير ذلك، حتى اصبح المؤتمر قاب قوسين او ادنى وفى لحظة الصفر، هبة رياح أسمرا الباردة بقوة  لتختلط برياح الخرطوم الساخينة،محدثتا مناخ غير طبيعى وغير متوقع فى سماء عاصمة الامام المهدى وارض المهيرة،ورغم محاولة امواج الامير عثمان دقنة لتلطيف الاجواء، ولكن دون جدوى.وهنا حدث إرتباك شديد فى الفكر السياسي الارترى الذى لم يعمل يوما بنظرية توقعات التغير وتجهيز البدائل فى المناخ الافريقى المتقلب.

مما جعل طائرة الانقاذ وفى اللحظات الاخيرة أن تقلعت إضطرارا من الخرطوم، لتهبط بسلام فى أديس أبابا بلاد الملك النجاشى والامام أحمد قران. إلا ان بعض وفود الانقاذ لم يتمكنوا من المشاركة نتيجة هذا التغير والارتباك الذى حدث، وإنعقاد المؤتمر رغم هذه الظروف,كان إيجابية كبرى تحقق بفضل المجهود الجبار الذى بذلته قيادة الانقاذ وكذلك تمسك كوادر وقواعد جبهة الانقاذ الارترية فى كل مكان بضرورة انعقاد هذا المؤتمر.

هكذا بدأ المؤتمر أعماله فى 18/08/2006م فى جوى من التفاؤل والترقب وبالفعل تقدم المؤتمر فى اعماله بشكل سريع واقرا برامجه السياسية والقانونية، وإن تعثر قليلا كعادة المؤتمرات الارترية فى إنتخاب مجلسه التشريعى،ليتريث اكثر فى إنتخاب اللجنة التنفيذية،على ما يبدو ان ديمقراطية حرق المراحل هى التى سادت اجواء إختيار القيادة تحت شعار( الضرورات تبيح المحظورات). إذا اردن الحديث عن إيجابيات هذا المؤتمر يمكن ذكر النقاط التالية :

*إنعقاد المؤتمربمشاركة اكثرمن(200) شخص من العضوية العاملة، وميلاد جبهة الانقاذ فى ثوبها الجديد كانت محمدة كبرى فى ظل مناخ سياسي متقلب فى القرن الافريقي.

*اقرار برنامج سياسي واحد وكذلك النظام الاساسي .

*تقليص عدد القيادة من الكم الهائل الى (37)عضوا فقط .

أما النواقص تتمثل فى الاتى:

*غياب الديمقراطية المباشرة .

*قلة العناصرالاكاديمية والشابة فى القيادة الجديدة .

ما هو المستقبل ؟؟

مستقبل الانقاذ يتوقف بدرجة الاولى الى حكمة القيادة الجديدة ومدى تحررها من الارث التنظيمى السابق وان تنظر الى الامام،وان تدرك جيدا إن الظروف التى جاءت بهم ليست مرضية للجميع،وإن فرضتهاالضرورة المرحلية، وكما ان جماهير جبهة الانقاذ فى درجة عالية من الوعى والطموح،مما يساهم ذلك مراقبتها لاداء القيادة الجديدة فى كل الخطوات والمستجدات، وكما يجب على هذه القيادة ان تخلق ثقافة إحترام الدستور والقانون،بدءا بنفسها وان تسعى لعقد المؤتمر القادم فى موعده او قبله، وان تشرع من الان فى السير الى مؤتمر يتمتع بشفافية واضحه وديمقراطية أكثر. وكما يجب عليها  ان تسرع فى إكمال ما لم يكتمل من عناصر الوحدة وان تتحرر من اسلوب إتخاذ قرارات مهمة فى ظل غياب إستشارت القواعد والرجوع إليها لان المرحلة القادمة لن تكن مثل السابقة.

اما جماهير جبهة الانقاذ وكوادرها عليهم مسؤليات كبيرة فى الحفاظ على ما تحقق من الانجازات وعليهم التركيز على الايجبيات اكثر من السلبيات وان تكون هذه القواعد حريصة على هذا المولود الجديد،وأن تركز من الان من اجل  عقد المؤتمر القادم فى موعده، ان تركز على قانونية الاعداد،وأن تساهم القواعد فى تكوين اللجنة التحضيرية القادمة، من ذوى العدل والقدرة والامانة(إن خير من إسأجرت القوى الامين) اكثر من عقد المؤتمر فى حد ذاته.

وكما يجب على هذه القواعد ان تتمسك الان بكل ما خرج به المؤتمر سواء من حيث القرارات او القيادة،من أجل الحفاظ على الوحدة وعلى ما تحقق من الاجبيات، بصرف النظر عن السلبيات التى صاحبة المؤتمر، بإعتبار ما تراكم عبر الزمن يحتاج  لمعالجته الى شئ من الوقت والصبر والنظرة البعيدة الى الامور،والتحرر من الاطر السابقة وخاصة إذا وضعنا فى الاعتبار الظرف السياسي السيئ الذى يمر به الشعب الارترى اليوم.

فى الختام اتمنى لهذا الميلاد  وقيادته وقواعده فى كل مكان كل التوفيق والسداد… إنه نعم المولى ونعم المجيب.

 

 

 

الحلقة (4)

الصراع الصومالى والاستقطاب الاقليمي

((فى ظل رؤية تاريخية))

إن منطقة القرن الافريقي تعتبر تاريخيا  من أسخن مناطق العالم فى صراع الثقافات وتلاقى المعتقدات وتقاطع الحضارات،ولعل الموقع الاستراتيجى لهذه المنطقة وقربها من منابع المعتقدات والاديان وإطلالها على اهم الممرات الدولية مثل مضيق باب المندب،وما  له  من علاقة مباشرة لهذا  المضيق بالخليج العربى وقناة السويس المصرية،ومنئى العقبة وإيلات في شمال البحر الاحمر، جعل من المنطقة قديما  وحديثا من  بؤر التوتر شديدة الحساسية والالتهاب،وكانت  دول المنطقة وما زالت فى سيرورة دائمة من التوتر وعدم الاستقرار وخاصة المثلث الاثيويى،والصومالى،والارتري.

وسكان القرن الافريقي هم خليط من الجنس الحامى والسامى،وقليل من الزنوج،ميالون بفطرتهم الى الروحانيات،والغيبيات،والميتافيزيقا والتعصب  الشديد  لما  يؤمنونا  به لدرجة التضحيات بمصالحهم الدنيوية  والانية.

وقديما تاثرت المنطقة بالمعتقدات الفرعونية ذات الطابع  الوثني والايمان بالطبعيات،وبقيى السكان  على هذا الحال الى ان جاءت تباشير الدينات السماوية الى  المنطقة وخاصة الدين المسيحى الذى دخل اليها فى وقت  مبكر ليستقر  به  المقام فى قلب مملكة  الاكسوم التى تكونت فى القرن الاول للميلاد من عدة ممالك صغيرة أنشأها المهاجرون الساميون من اليمن فى عهد سبأ وحمير فى هضبة تجراى وارتريا بعد  ان اختلطو بسكانها الاصلين الذين كانوا يحترفون الزراعة،فى مقابل القبائل البدوية الرعوية المحيطة بهم .

فى منتصف القرن الرابع للميلاد تحولت مملكة اكسوم الى مملكة مسيحية بعد ان اعتنق ملكها (عيزان ) الديانة المسيحية على ايد المبشرون العرب السوريون،الا ان القبائل البدوية المعادية للمملكة منذ نشأتها لم تعتنق هذا الدين الذى اصبح الدين  الرسمى لعدوتهم  التاريخية واللدودة .وبتالى ظلت مملكة اكسوم فى عداء شديد وصراع  مرير مع  تلك  القبائل شديدة البأس من قبائل الصومال وارومو وقبائل العفر وأساورتا،وأبناء سمهر والجبرت وكذالك قبائل البجة التى انتهت مملكة اكسوم على ايدهم.الا ان هذه القبائل لم  يكن لديها اى مركزية او تنسيق فى صراعها مع  المملكة، بقدرما كان كل  طرف يحارب على طريقته فى الدفاع عن مناطقهم بشكل تلقائ، مما جعل كل ذلك للحيلولة دون تحقيق حلم حكام اكسوم من ان تصبح مملكتهم مملكة بحرية،وظلت المملكة محاصرة فى الهضبة الى ان اجتحاتها بقوة قبائل البجة التى قضت علي وحدتها فى القرن الثامن الميلادى.

وعندما جاء الدين الجديد فى مكة المكرمة انعكس بشكل سريع الى القرن الافريقي ودخل الدين الاسلامي السواحل الارترية عبر قرية معدر فى منطقة دنكالية ومنها الى مملكة النجاشى الذى اعطى حق اللجوء السياسي للمهاجرين  الاوائل من اصحاب الرسول محمد(ص). والجدير بالذكر إن القبائل البدوية التى ظلت فى عداء شديد مع مملكة اكسوم ودينها الرسمى سرعان ما لبت نداء الدين الجديد الذى جاء به المهاجرون الاوائل من خيرت حوارى خاتم النبين محمد(ص) وكأن هذه القبائل وجدت ضالتها فى هذه الدعوة الشمولية والوحدوية دواءا شافيا لما كانت تعانيه من الشتات والضعف رغم كثرتها،وبتلك النقلة النوعية أضافة هذه المجتمعات عنصر قوة جديد فى معادلة الصراع فى القرن الافريقي .وبعد  حين من الزمن قامت فى المنطقة إمارات إسلامية فى كل من الصومال واثيوبيا وارترياوكذلك مملكة فونج الاسلامية فى شرق السودان وغرب ارتريا.

كان يرتكز صراع القرن الافريقي قديما على الجزية والرعي والزراعة،تغير هذا الصراع بعد دخول الاديان الى صراع الثقافات والحضارات وهذا بدوره اضاف الى الصراع البعد الاقليمي والدولى مما جعل من الوضع شديد الحساسية والتوتر.ما من صراع فى القرن الافريقي والا انعكس صداه بشكل سريع الى الدول القريبة والبعيدة،وهذا ما يتضح لنا من التاريخ القديم والحديث.وهناك قاعدة عجيبة فى القرن الافريقي تلاحظ من استقراء تاريخ الصراع السياسي كما تلاحظ فى كثير من بقاع العالم مفادها:”إن لهذه الصراعات الثقافية والدينية حدود طبيعية ينبغي ان لا يتجاوزه اى من طرفى الصراع” والتوازن هو الاصل فى المنطقة والاختلال هو القاعدة الشاذة تحدث فقط فى بعض محطات تاريخ القرن الافريقي ونحن البشر قد تكون لدينا مساحة محدودة نلعب فى إطارها اما اذا تجاوزنا ما هو معطى لنا قد تتدخل عناصر خارج ادراكنا البشرى لتحافظ على إرادتها  فى التوازن.ولعل هذا بتحديد ما يلاحظ من استقراء صراع التاريخ السياسي للقرن الافريقي، كل ما حاول أحد اطراف الصراع تخطي ما هو معطى له، واراد الاخلال فى التوازن  الذى اراده الله لتلك  المنطقة، تنقلب الاحداث رأسا على عقب دون سابق إنذار…_ ولله فى خلقه شؤون_ هل يدرك حكام القرن الافريقي هذه الحكمة التاريخية، فضلا عن الرؤية الثاقبة التى اهداها الفيلسوف الالمانى (هجيل) للبشرية جمعاء حينما قال :(إن العقل الكلى هو جوهر التاريخ وبتالى فهذا العقل هو الذى يتحكم فى احداث العالم عن طريق التاريخ نفسه،فكل حدث من احداث التاريخ إنما جرى وفقا لمقتضيات العقل الذى يموضع الاحداث العالمية لتحقيق هدف محدد،وما البشر فى نظر هذا الفيلسوف إلا ادوات لتحقيق اهداف العقل الكلى- الذى فى مفهوم شعوب القرن الافريقي هو (الله) كما هو فى الاية الكريمة :((لو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض))  من اجل استضاح هذه المسالة يمكن  ان نذهب الى بعض محطات تاريخية فى القرن الافريقي:

* عندما قام الملك (لبنادنقل)بهجوم كبير على الامارات الاسلامية امارة عدل وزيلع،وحقق فيها انتصار فى اوائل القرن السادس عشر،كانت تقوم الحملة البرتغالية بهجوم مماثل على الامارات الاسلامية فى كل من جزيرة دهلك ومصوع وسواكن فى اشارة واضحة لتدخل العنصر الخارجى فى صراع القرن الافريقي.

الا ان هذا  الفعل سرعان ما وجد رد فعل قوى معاكس له فى الاتجاه ومساوى له فى القوة،وظهر فى امارة عدل وزيلع امير قوى والذى عرف فى التاريخ ب (الامام احمد قران) التف حوله جموع المسلمين فى القرن الافريقي وحقق بدوره  انتصارا ساحقا لم يسبق له مثيل فى تلك المنطقة والعنصر الخارجى كذلك لم يكن بعيدا عن الصراع والاتراك العثمانيون كانوا الى جانب الامام احمد الذى لم يريد بقاءهم طويلا فى بلاده.والامام عند ما بالغ فى رد فعله وتوسع شمال تمت هزيمته بمساعدت القوات البرتغالية التى دخلت بسلاحها النارى الى المنطقة.

* فى منتصف القرن السادس عشر قام حاكم الهضبة الارترية (اسحاق بحر نقاش)والذى كانت عاصمته دباروا فى اقليم سراى الارترى،بتحالف مع اتراك العثمانين،ونائب مصوع من اجل طموحاته التوسعية فى المنطقة، الا ان ملك امهر (صرصا دنقل)إستطاع هزيمة التحالف وقتل (اسحاق) ثم قام بتدمير مسجد وقلعة الاتراك فى دباروا واللتين كانتا ترمزان الى عربون الصداقة والتحالف بين الاتراك واسحاق بحر نقاش،هذا الاخير الذى سمح للاتراك ببناء مسجد فى عاصمته دباروا، فى الوقت الذى كان يحرم  مسلمين الهضبة من الجبرت والساهو من حقوقهم الدينية والثقافية.وما قام به حاكم الهضبة الارترية يشير بكل وضوح على ان الضرورات تبيح المحظورات فضلا على ان الصراع  على السلطة يتجاوز الانتماء العقائدى والثقافى ولو كان ذلك لحين من الوقت.

*فى نهاية القرن التاسع عشر حاول الملك (يوهنس) فرض سيطرته  على  القرن الافريقى تحت احادية  الثقافة وزحف بجبروته شمالا الى ارتريا وكذلك الى حدود السودان،مهددا بالقتل والانتقام لكل من لا يقر بالمسيحية دينا  له  ولاسرته،مما اضطر الكثير من مسلمى تجراى  وارتريا التظاهر بأنهم مسيحين وضاق بهم الحال فى إخفاء اسلامهم والصيام سرا والسحور فى الظلام حتى اقترن دعاء الفرج مع ذكر الله فى السن العباد،وكانت الاستجابة من رب العباد اسرع من توقعات البشر،وجاء الدراويش من جيوش مهدى السودان لاعادت التوازن فى منطقة القرن الافريقى،وانتصرت جيوش المهدى على جيوش (يوهنس)وأتوا برأس يوهنس الى حاضرت امدرمان،وعادت حرية الاعتقاد الى شعوب القرن الافريقي بأسره .

*وفى العصر الحديث جاء امبراطور اثيوبيا (هيلي سلاسي) المدعوم من الدول الغربية على رأسها امريكا وإسرائيل،وجاء الى البحر الاحمر ليسبح فى الشواطئ الارترية ظنا منه انه حقق  الحلم التاريخى الذى استعصى على اباطرت اثيوبيامن قبله،الاان التاريخ ما كان ليتوقف من اعادة التوازن،وجاء القائد الشهيد محمد إدريس عواتى،مفجرا ثورته مؤكدا على ان العقم غير ممكن فى تربة القرن الافريقي،وكانت الثورة وكان الانتصار.

*ثم جاء العقيد (منجستو هيلي ماريام) على اثر الانقلاب عام 1974م مستفيدا  من الاضطرابات فى المنطقة الا انه استمر فى نهج سلفه فى ظلمه لشعوب (ارتريا،وتجراى واغادين،واروموا،وبن شنقون) دون ان يعترف بحقوق اى واحد منهم واستمرت الثورات فى عموم القرن الافريقي،وحققت هذه الثورات انتصارات كبيرة اقتربت من الهدف لولا تدخل حكام الاتحاد السوفيتي والقوات الكوبية لصالح التلميذ الشيوعى الجديد،ضد التلاميذة الشيوعين القدامة فى كل من الثورة الارترية ومحمد سياد بري فى الصومال،ولعل الخلفية المسيحية لحكام موسكوا هى التى  لعبت الدور الاكبر فى تفضيل منجستو الماركسي على محمد سياد برى الماركسي وامثاله فى الثورة الارترية.

الا ان ثورات شعوب (ارتريا،وتجراى،وارومو،وبن شنقون،واغادين) استطاعت ان تجعل نظام الدرق فى مزبلة التاريخ،الا أن أكثر تلك الشعوب التى ساهمت فى الانتصار على الدرق، المحسوب على (قوميةالامهرة)،لم تحقق اهدافها المنشودة فى العدل الثقافى والعقائدى فضلا عن حقوقها الاقتصادية،والسياسية، والاجتماعية،مما  جعل الحدث مجرد تقليب الاوضاع دون اى تغير حقيقي كالتى كانت تحلم به الشعوب فى كل من اثيوبيا،وارتريا،واغادين،ذلك نتيجة لتدخل الخارجى فى ترتيب الاوراق الجديدة فى القرن الافريقي. لذا إن بذرة العودة الى انفجار الاوضاعى فى القرن الافريقي ما زالت قائمةوفى اى لحظة من لحظات التاريخ،بإعتبار اساس  استقرار هو العدل والمساواة الذى لم يجد طريقه الى المنطقة حتى هذا اليوم.

هذه المحطات التاريخية التى هى قيد من فيض تؤكد على حقيقة واحدة الا وهى ان للثقفات والمعتقدات فى القرن الافريقي حدود طبيعية ينبغى على الكل ان يقر بها ويحترمها.وعلى الساسة فى هذه المنطقة ان يدركوا هذه الحقيقة،وان  يقروا بحقوق  كل  منهما  على ارضه فاليتركوا كل  شعب يعالج  قضاياه  الداخلية بطريقة التى تناسبه دون تدخل من اى طرف  اقليمى او  دولى.وان  كان لابد  من التدخل فاليكون فى اتجاه  الخير والسلام والاستقرار،ام التدخل عكس مسارات الاشياء وتياره العارم قد  يدخل  المنطة بأسرها الى دوامة الحرب والهلاك والذى عانت منه شعوب القرن  كثيرا،واذا كان لابد من الثمن يدفع فى صراع الحضارات،ينبغى على هذه الشعوب ان لا  تدفع  اكثر من حجمهاالطبيعي فى ميزان الحضارات العالمية وليس من الحكمة ان تهلك شعوب لحسابات استراتيجيات اخرى،وعلى القادة ان  يجنبوا شعوبهم كوارث الحروب بالحكمة والدبلوماسية الهادئة،لان اوضاع دول القرن متشابه ومتشابكة وكلها على شفا الانزلاق نتيجة غياب العدل والمساواة واعطاء كل ذى حق حقه.

وما يحدث فى الصومال اليوم من صراع شديد وتدخلات دول الجوار من هنا وهناك،ليس ببعيد عن هذه السيرورة التاريخية  التى ذكرنا بعض المحطات منها_وما اشبه الليلة بالبارحه_ إن الحرب فى الصومال ليست جديدة،والشعب الصومالى يعانى منها منذ ستة عشر عاما والدول المجاورة والعالم بأسره يتفرج،وعندما  برزت قوة جديدة تحت شعار اسلامى وتحول ميزان القوة لصالحها،وبدأت ملامح عودة الدولة الصومالية المفقودة منذ عقد من الزمان الى الواقع الصومالى،وبدأت المركزية المصحوبة بالامن والسلام والاستقرار فى المناطق التى سيطرت عليهاالمحاكم الاسلامية قامت قائمة العالم والدول المجاورة ولم تقعد،مثل منظمة الايقاد لمنطقة شرق افريقيا،ومنظمة جامعة الدول العربية،وهيئة الامم المتحدة والدول الغربية  ،فضلاعن التقارير الدولية والصحفية التى تشير الى التدخل المباشر لكل من اديس ابابا،ومن ورائها بعض عواصم الدول الافريقية فى الجوار ذات الثقافة الغربية فى بناءها الرسمى،متخوفتا من الاحداث الجديدةفى الصومال، قد يكون لتخوف هذه الدول ما يبرره وفق رؤيتها السياسية ومساراتها الايدلوجيةوالتى قد تنتمى الى عوالم زهنية خارج القارة السمراء. الا ان هذه التخوفات لا تعطى الشرعية لوءد خيارات الشعوب فى الدول المجاورة،بل يفترض فى مثل هذه الامور المعالجة الهادئة والدبلوماسية الحكيمة، بعيدا عن الزهنية التاريخية والمؤثرات الخارجية والتصنيفات العابرة من البحار.لان شعوب المنطقة هى وحدها التى ستدفع فاتورة الحرب.وفى عوالم السياسة والتاريخ لا يدرك كل ما يتمناه  المرء فى لحظة زمنية معينة،إنما  الامور تؤخذ بروية.

وارتريا لم تكن مكتوفة الايدىلما يحدث فى الصومال وخاصة فى ظل العداء الشديد بين ارتريا واثيوبيافى مسألة الحدود وغيرها من الامور المستورة،و التدخل الارترى له ما يبرره فى ظل الاستقطاب الاقليم فى صراع الصومال،واسمرا ليست ابعد  من غيرها.الا أن تدخل ارتريا لصالح المحاكم الاسلامية،هو الذى اثارة شئ من العجب،والاستغراب، ومثل هذه التناقضات فى التحالفات السياسية ليست غريبة فى تاريخ صراع القرن الافريقي،والموقف الارتري الحالى هو اشبه بتحالف اسحاق بحر نقاش مع  الاتراك ونائب مصوع ضد التوسع الاثيويى فى منتصف القرن السادس عشر. وليس حبا لحق المسلمين فى الصومال،لان من لا يراع حق اهل بيته فى حقوقهم الدينية والثقافية لايمكن ان يراعه فى غيرهم، ولكن لسياسة احكام ولتاريخ مسارات يوجه اليها ادواته من البشر.الا ان على المحاكم الاسلامية ان لا تامن، جانب النظام الارترى، وقد ينقلب ضدهم وبقوة فى اى لحظة،كما فعل مع ثوار ارومو إذا تغيرت الاحداث، لان الاستراتيجية الحقيقية للنظام الارترى هى اضعاف المسلمين وثقافتهم فى القرن الافريقي،وليس العكس.ومن الحكمة السياسية ان  ننظر الى جوهر الاومور وليس الى اعراضها(إذا رأيت أسنان الليث بارزة**لا تظنن ان الليث يبتسم) كذلك من الطبيعي ان تدعم بعض الدول العربية التدخل الارتري،كما تدعم بعض الدول الافريقية الموقف الاثيوبي،وإن كان الدعم العربي لن يرتقى الى المستوى المطلوب كالعادة.

وجيبوتى ليست بعيدة مما  يجرى على مرمى حجر منها،ومن مصلحتها استقرار الصومال وقوته،الا ان هذه الدولة الصغيرة التى تقع وسط دول غير مستقرة،تتصرف بحكمة سياسية مدروسة الخطوات،اولا بسبب وجود قواعد بعض الدولة الغربية فى اراضيها،وهذه القواعد التى تمثل سيف ذو حدين،من ناحية تمثل هذه القواعد حماية لهذه الدولة التى قد تكون  فى حاجة اليه ضد الانظمة المتهورة فى المنطقة،من ناحية اخرى قد تشكل وجود هذه القواعد التى هى الحليف التاريخى لاثيوبيا دون حرية تصرف جيبوتى فى رسم سياستها فى القرن الافريقي بحيث يتلاءم  مع هوية شعبها ومصالحه بعيدة المدى فى المنطقة. الا ان الدبلوماسية الجيبوتية حتى الان اسبتت حكمتها فى التعامل مع  الاحداث المتلاحق فى منطقة شديدة الحساسية.

والسودان المعاصر ميال بحكم ثقافته السياسية الى قضايا الشرق الاوسط  اكثر منه بمنطقة القرن الافريقي القريبة منه والمؤثرة عليه مباشرة،لذا ليست للخرطوم إستراتيجية واضحة المعالم فى القرن الافريقى، رقم ان السودان عنصر مهم عبر التاريخ فى صراع الثقفات فى القرن الافريقى وحفظ ميزان توازن القوة،كماكان دوره فى نهاية القرن التاسع عشر.وبسبب عدم وجود هذه الاستراتيجية،خرجت الدولة الوليدة فى ارتريا من الاستراتيجية الداعمة لسودان الى المعادية له،والحلفاء الطبيعين للاستراتيجية السودانية فى ارتريا اصبحوا تحت الاضطهاد الثقافى للنظام الارتري رغم كثرتهم،والسياسة السودانية عاجزة عن اعادة التوازن لصالحها فى ارتريا رغم العوامل المساعدة لها،فى مقابل محاولة النظام الارتري من العدم لخلق جيوب له فى السياسة السودانية _ولكل مجتهد نصيب_ ولنفس السبب نرى السياسة السودانية فى الصومال غير ذات فاعلية،بل نراها تتعاطف مع المحاكم الاسلامية على استحياء،حتى لا  تتدهور علاقتها الجيدة مع اثيوبيا،وبالفعل قد لا يستطيع السودان فى ظل وضعه الراهن  المحاصر من كل اتجاه نتيجة تراكم الاهمال فى إستراتيجيته الاقليمية واهمال المجتمعات التى تقع فى مجاله الحيوى من ذى قبل وعدم تقويتها فى الوقت المناسب،ان يلعب اى دور حيوي فى المنظور القريب.الا ان الفوران الذى تشهده منطقة القرن الافريقي قد يعطي لسودان مجال اوسع ان يعيد دوره التاريخى فى حفظ التوازن الاقليمي الذى هو فى مصلحة الجميع، ولكن على السياسة السودانية ان تميز بين حلفاءها الاستراتيجين والتكتيكين فى مجتمعات القرن الافريقي.وان تنتقل السياسة السودانية من التعامل مع الواقع السياسي فى القرن الافريقي الى خلق واقع جديد يساعد الى حفظ التوازن وحماية امن السودان الاستراتيجية،وهذا الاخير لايتحقق لسودان الا بنقل قضايا المعارضة فى القرن الافريقي من الملف الامن الى الملف السياسي والاستراتيجى وان تستعين فى خططها بالمثقفين والمتعلمين من ابناء المنطقة _لان اهل مكة ادرى بشعابها_فضلاعن الاية الكريمة(اسألوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون).

وجملة القول إن اى تدخل اقليمى او خارجى سوف يعقد من الوضع فى الصومال،بل قد يمتد الى دول الجوار،ويعيد منطقة القرن الافريقي الى التوتر وعدم الاستقرار،والشعار الاسلامى فى القرن الافريقي يجب ان لا يفهم كما يفهم فى منطقة الشرق الاوسط او غيرها بإعتبار الدين مكمل للنسيج الاجتماعى وترابطه،وليس له ابعاد ايدلوجية او عالمية او طموحات اقليمية،كما يحاول ان يصوره البعض  لاغراض فى نفس يعقوب،والوحدة الصومالية واستقراره سوف تكون اقرب الى الواقع بواعظ الدين الذى يمثل العنصر الاساسي فى الوحدة الصومالية،فضلا على ان المجتمعات البدوية لا تقم لها دولة الاعلى يد نبي مرسل اودين متبع ولكل منطقة خصوصيتهاولكل شعب مورثاته وطبيعته وعلى العالم ان يحترم خصوصية المنطقة.

على قادة الصومال ان يرتفعوا عن المصالح الضيقة من أجل عودة الصومال الى الاسرة الدولية حتى يحقق هذا الشعب وحدته واستقراره وتقدمه ليلحق بركب الامم الاخرى،عليهم اذن ان يجنحوا الى السلم كافة،ويحقنوا دماء الشعب  الذى سال طويلا. على دول الجوار ان تساعد الشعب الصومالى بالخروج من ازمته الحالية بدفع الجميع الى الحوار والوفاق وليس العكس.

 

 

تحدثت فى الحلقة الاولى من قطوف عن التاريخ، واليوم سوف أتحدث عن السياسة (مفهوم الدولة ونشأتها،وتعريفها، وعناصرها) :

أصل الدولة ونشأتها:

عند ما تذكر كلمة الدولة، فى القديم كانت تعنى او تشير على وجود مجتمع فيه طائفة تحكم، وأخرى تطيع، والدولة تقوم على مساحة من الارض يتوفر فيها أسباب العيش،من ماء وغذاء ومرعى،يجتمع حولها الناس من اسرة الى عشيرة وقبيلة،وتتطور الى قرية والى مجموع قرى،ومنها الى مدينة ثم الى مدن ومع زيادة عدد المدن تتشكل دولة تحكمها سلطة معينة لمجموعة لا بأس بها من الناس،ويطلق عليهم الشعب.

هكذا ظهرت الدولة الى الوجود مع تطور الزمن،والدولة مفهوم نظرى،لا يمكن قيامها على الواقع بأى صفة ملموسة اومادية الا حين تعبرعن نفسها من خلال الحكومة، والشعب الذى يؤمن بأنها موجودة،والدولة كيان قانونى تطور مع الزمن عبر النظريات والفلسفات والتى انطلقت من اجل معالجة اسلوب الحكم الى ما هو افضل، والدولة اذن هى الظاهرة الحقوقية التى تطورت مع الفهم البشرى،وباتت تعبر عن شخصيته.

فالدولة تضم المجتمع كوحدة منظمة تقوم على الوجبات والحقوق.ومن جهة اخرى  تمثل المجتمع ونظرته للحياة،والكون،والفن.وتشكل الدولة حاضنة للوحدة الاجتماعية على المستوى الداخلى،ومعبرة عن إرادته العامة على المستوى الخارجى.

تعريف الدولة:

 قام كثير من الفلاسفة وعلماء السياسة بتعريف الدولة،والحديث عنه قد يطول،لكن يمكن ان نذكر فى هذه العجالة ما اجمع عليه معظم فقهاء القانون والمفكرون والفلاسفة،وخلاصة القول عندهم:

الدولة هى جماعة من الافراد يقطن على الدوام والاستقرار،إقليم جغرافى محدد،يخضع فى تنظيم شؤونه لسلطة سياسية،تستقل فى اساسها عن اشخاص من يمارسها،وهى إذن مؤسسة سياسية يرتبط بها الافراد من خلال تنظيمات متطورة.

عناصر الدولة:

لقد ذكر علماء السياسة عدد من عناصر الدولة اهمها اربعة عناصر ,هى:

1- السكان اى الشعب،وإذ لا يمكن تصور الدولة بدون شعب،بصرف النظر عن تعداد هذا الشعب،فقط يشترط ان يكون عدد كافى من الافراد من اجل تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم.

2- الاقليم اى المساحة الجغرافية :

إن وجود مساحة من الارض لها حدود معينة تفصلها عن غيرها من الدول شرط اساسي لقيام الدولة،وهذه المساحة تشمل كل أقاليم الدولة (الاقليم الارضى اى اليابسة-الاقليم المائ البحار والانهر والبحيرات-الاقليم الجوى) وكل هذه الاقاليم محدودة الامتداد وفق الاتفاقيات والقوانين الدولية.

3- الحكومة اى السلطة السياسية :

الدولة من الصعب ان يكون لها واقع،دون وجود سلطة سياسية وإدارية يخضع لها أفراد الشعب لقراراتها ومن افضل السلطات التى عرفها التاريخ الى يومنا هذا،هى الحكومة التى تنشأ على أساس العقد الاجتماعى بين الحكومة والشعب.والاكثر الحكومات التى حققت للشعوبها التقدم والازدهار والاستقرار والسلام هى تلك الحكومات التى تقوم على أساس الدستورالذى جوهره الممارسة الديمقراطية فى ظل دولة القانون والمساواة والعدل.

4- الاستقلال والسيادة:

من العناصر الاساسية والمهمة للدولة،ان تكون مستقلة وذات سيادة كاملة على اقاليم الدولة بكل عناصرها المختلفة،والسيادة لصقة بالدولة وبها تتميز عن غيرها من الجماعات السياسية الاخرى.

إذا كانت هذه هى الدولة بمعناها القانونى ومفهومها الفلسفى،ما هو واقع الدولة فى بلادنا مقاربتا الى هذا المعنى …؟؟وللاجابة نقول إن كل اشكال الحكم يناقض إرادت الشعب،يعتبر مجرد اداة قهر وتسلط،وعندما تصبح الدولة بلا قانون وأشخاصها فوق القانون،تكف الدولة عن كونها دولة الشعب،وتصبح سلطة غاشمة فحسب،ولا معنى لكل ما تصف به نفسها من صفات جميلة وإنجازات عظيمة. باعتبار قوة الدولة تقاس بمدى إلتزامها بالدستور والقانون والعدل والمساواة لان هذه الاشياء مجتمعة هى معنى الدولة وماهيتها،وإذا فقدته فقدت ذاتها،والشعب الذى يدافع عن الدستور والقانون والعدل هو الشعب الذى يدافع عن سيادته ووطنه ومستقبل اجياله.

على الكل ان يسعى من اجل إيجاد دولة القانون، بدلا من قانون الدولة او قانون الزعيم . ومن ابرز إشكالية الفكر السياسي الارترى،فى الحكومة والمعارضة،هو غياب الفعل القانونى والممارسة الديمقراطية وثقافتها،بل الفوضى والعشوائية والارتجال هى السائدة فى الفعل التطبيقى.وذكر المعارضة هنا ليس من باب مقارنتها مع النظام الحاكم،ولكن لما يعتريها من فجوات كبيرة يجب التخلص منها فى مرحلة النضال الديمقراطى،حتى ننتقل بنصوص الدستور والقانون الى التطبيق العملى،بأسلوب إدارى علمي،بعيدة عن مزاج فردي،مهما كان موقعه السياسي، لكى لا نكررمأساة الشعب من جديد، إن شيطان السلطة لا يولد رجلا ولكنه ينمو ويكبر فى ظل غياب القانون وتغيب الدستور والمحاسبة،والقانون اذن يجب ان يكون فوق الجميع،مهما كان شأنه،عليه ان يكون شعارناالسياسي(الحاكم والمحكوم، الشريف والضعيف،سواسية أمام القانون) حتى لا نكون كمن قيلا فى شأنهم (( أتأمرون الناس بالبر وتـنسون انفسكم…)).

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6692

نشرت بواسطة في أغسطس 12 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010