كفاحي يكتبها حفار القبور أبو الجماجم

  بقلم  / متكل أبيت نالاي  

 

 عمي سلمون أبرها موغل في النهب والقتل  طارد الكتلة الاستقلالية وأخفي من المقاومة الوطنية الكثيرون ومنهم عبد القادر كبيري وهو الرجل الذي بسطا حركة الشفتا على عموم المشهد السياسي في الخمسينيات, توعد الإرتريون بالموت واستطاع أن يدير أجهزة الأمن الإثيوبية بكفاءة عالية. منحه الإمبراطور مكانة مرموقة بعد قتله مشروع الفدرالي الإرتري وكان من المستفيدين الأوائل من نظام الإمبراطوري.

 أما ولدي أفورقي لا أحد يشك في ولائه لإثيوبيا لقد عمل في مكتب الإقطاعي  وحاكم تغراي السابق في العهد التاج الإمبراطوري المدعو/ منقشا سيوم وكذلك في جهاز أمن محافظة إرتريا, وهو الذي لا يمكن أن يتصور المستقبل بدون إثيوبيا, ويرى نفسه الحارس الدائم لوحدة إثيوبيا مما جعله محل إجلال وتقدير جميع من حكموا إثيوبيا. ويمكن القول أسرتنا تنحدر من أصل إثيوبي ومن عائلة وضعت نفسها لخدمة التاج الإمبراطوري.

 الفاعل الأصلي هو الشهيد عثمان صالح سبي الذي تعرف على جملة من أخطاء الجبهة, سماها بالهمجية والقبلية المتخلفة واتهمها بالعجز في قيادة تلك المرحلة.أما نحن أطلقنا عليها (عامه) ووصفناها بالقتلة والمنتقمة من المسيحيين. وكان دليلنا في ذلك كداني كفلوا وولداي قدي وعلى هذا الأساس قامت روايتنا الانفصالية.  ثم قمنا بعرض وجهة نظرنا في المرتفعات الإرترية لنخلق منها خلاف ثقافي وهذه القطيعة الكبرى التي نعيشها اليوم. التأويل والتشكيك لحدث واحد. بهذه الطريقة ساعدتنا أن نضع بها كل الخطاء على الجبهة.

في نيتي أن لا أساوم في هذا المجال حتى عثمان صالح سبي, كنت متحيز ومخلص لأبناء جلدتي لهذا وضعت رؤية تشمل تصوراتي وأفكاري  لما ستؤول عليه أجيالنا القادمة. وثارت ظنون حول كتابي( نحنان عيلامانا) أي نحن وأهدافنا لأن اسمه توحي احتكارنا للوطنية, لهذا أخفينا هذه الأوراق السياسية  عن شركاؤنا في قوات التحرير الشعبية وكتمنا أسرارنا ومقاصدنا لغاية بعيدة لا يخطئها ذكي,(أعلمه الرماية كل يوم فلما أشتد ساعده رماني!).

 و بعض ذلك غلفنا بعض أفكارنا في المبادئ الاشتراكية وأذعت في برنامجنا الخاص بتثقيف السياسي خصوصاً تلك التي خلقت صراع طبقي فاعتنق كل ناقم وكل مضطهد مبادئنا وهرع الشباب إلى لواؤنا بما فيها المرأة التي خضعت تحت دعاوي براقة لمؤثراتنا كنا قد أشعناها في أدبياتنا الكثيرة.زعمنا فيها أن الإسلام ثقافة ظلامية رجعية لا يعطي المرأة حقوقها بسبب قوانين الحلال والحرام الذي  يغلف فيها حياة المرأة وفي تصوري المرأة الإرترية للإفتقارها  هذه العدالة الاجتماعية المطاطا, قابلت أن تناضل معنا وفق فلسفتنا التقدمية الذي نبدل فيها الفضيلة إلى الرزيلة.

 بعض الأمور من تلك الأيام حشرت الناس في زوايا ضيقة, أي تقدمية وأي تنوير فقط هو إيهام العامة من الناس إننا وحدنا المثقفون والمتحدثون باسم ظلم الاجتماعي الذي بنينا لمكافحتها هياكل ومؤسسات حقوقية تتكتل فيها الأفراد والجماعات أساساً ضدان في علاقاتهم.

 وفي عام 1975 نجحنا باجتذاب معظم القوى المسيحية في صفوفنا وهذا لا يعني بأن المسيحيين لم يلتحقوا في صفوف الجبهة ولكن قوات التحرير الشعبية اعتمدت بصورة أساسية على بناء قدرتها العسكرية وتكبير حجمها وكانت لها طريقة في تجنيد الخاص والعام, لا يستطيع أحد أن ينفذ إلى سرها الدفين. ولا ننكر إننا مارسنا التحريض العلني والكراهية الطائفية وإضمار البغض لعثمان سبي, وعمرو وإبراهيم عافه وأبو طياره وعجيب ومحمد على كلاي وآخرون من مجموعة منكع أولاد طنعي دقلي كلها فظائع, ولكن أمكننا قمع تلك الأسئلة التي كانت تنفجر بين حين وأخرى من رؤوس هؤلاء المتعجرفين. وفي نهاية تمت لنا السيطرة التامة على منطقة الساحل.

 التحدي التي تمثله التغرنية ينبع من تماسكها وأعدادها الكبير والمنحي الثقافي الذي  يحمل الكراهية لكل مسلم وعربي والديانات الصغيرة وقد أدى هذه الخصائص المتأصلة فيها إلى نجاح أفكرونا على عموم إرتريا. وكانت لها أهمية كبيرة في تبديل وجه هذه البلاد.  في البداية قمنا بتنظيمها بشكل دقيق من أجل حشدها ضد المناوئين لنا, لتشكل ضغطاً غير مباشر على القوميات الأخرى. بعضها بقليل رأينا أفكرونا تنموا وسطهم ويتقبلها الجميع, مما شجعنا متابعة تقدمنا , وطبقاً لذلك عدلنا التصورات المغلوطة في التاريخ الإرتري والتحامل الشائع المناهض لنا من( جبها عباي) وقمعنا المظاهر البارزة للإسلام والعروبة ثم دمجنا حقوق أصحابها ضمن سياق تطورنا جاعلين التغرنية هموم الشعب الإرتري كله.

وفي عام 1975 استبدلنا قادة قوات التحرير السابقة بأعضاء  جدد من التغرنية وبصورة تدريجية حلت التغرنية مكان اللغة العربية في كل أعمالنا اليومية , وخلقنا تعاضد فريد مع جميع القوميات كان هذا انجاز الذي أفخر به حتى الآن. ولو أن القارئ تفكر في هذا القول سوف يلاحظ ماذا كنا في الأمس وما نحن عليه اليوم.؟

 الذي نعيشه اليوم هو ثمار وأضح لتلك الفترة المدروسة بعناية تامة, تمخضت من تماسكنا ومن تضحيات أبناؤنا الذي أخذوا على أنفسهم عهداً لتعديل واقعهم, وأن تكون إرتريا اسما أخر لتغرنية, كل هذا حصيلة ذلك الأوضاع المعقد الذي سادة الساحة الإرترية واستفدنا من تلك المعمعة التي حددنا فيها أهدفنا, مما استيقظت فيهم روح المقاومة الشديدة ورصت صفوفها, بداً الإدراك من بيروت وشما ل أمريكا وصولاً إلى أوروبا تتفاعل, وتتجاوب, وتغلي في كل محاور الصراع الذي كنا نخوضه, مما أكسبنا مزيداً من الإرتريين المسخرين لخدمتنا,  وللحقيقة عانينا الكثير, وكابدنا الصعوبات  لنصل إلى هذا الازدهار الكمي والنوعي.

 واليوم أعداؤنا لا يشكلون قوة اقتصادية ضاغطة ولا عسكرية مسيطرة, والصنف الموجود معنا هو صنف مطلي بالتغرنية يتكون من مجموعة سكراه اخترناهم على أساس تقليدنا السياسية وليس على أساس كفاءتهم, عموماً لم يقدروا أن يغيروا من الأمر شيء, لأننا نراقب نشاطهم ويعملون ضمن حدود الذي أعطيت لهم فيها الصلاحية. ومن الطبيعي أن يبقى الأقوياء أقويا لأن الضعفاء يقرون لهم بهذه المكانة.

 انتقل أغلب المهمشين إلى منفاهم الكبير السودان, تحت هذا الضغط  كانت كافيه أن يربوا فيها عائلات وأولاد ولم يكن شيء يقلقهم للعودة , أما تنظيماتهم فقدت وتائر حركتها مبكراً وتكاثرت فيها المشاكل الغير محلوله, وبرزت فيها ظاهرت الهروب إلى السودان. وبدأ لنا بوضوح إننا سوف نستلم كل مواقعهم السياسية والاجتماعية وكان ذلك هدفنا نحن وثورة تغراي كمجندين لرسالة أبونا والدأب ولدي ماريام الذي نظر إلى مواقفه التاريخية على إنها من المكتسبات  الشعبين المعزز بالنضال المشتركة في الحاضر ويوعد بتحالف إستراتيجي للمستقبل, اقتنع به الطرفان في الميدان لاستدامة حكمهم في المنطقة. الأمر الذي أبعدت به الجبهة لاحقاً.

أما السودان نفسه يمثل لنا خطراً لا يتماشى مع إستراتيجيتنا والتوجه العالمي الجديد الذي نحن شركاء فيه, وهذا التحالف ينظر إلى السودان على إنها دولة ترعى الإرهاب في المنطقة. Sponsored Terrorism) State-), لهذا السودان يمثل خطراً أمنياً قابل للانفجار في أي حينً بحدوده الواسعة والمفتوحة علينا. لذا أخذنا له الضوء الأخضر من الولايات المتحدة لهزمه نهائياً, ولآن نعمل عبر التسويات السرية والصفقات الخارجية والمؤامرات الداخلية وسوف نقوم بمعركة كبيرة حتى يقر السودان بمكاننا وبدورنا الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي.

عندما يسألني الشعب عن حقيقة ما, أحاول التهرب منهم إلى خيالات واسعة مولودة من ذات الموقف أبلورها لهم كفلسفة من مبادئنا, مثلاً روايتنا لهم أن التغرنية هي الأغلبية والمسيحية هو الدين الكاسح في إرتريا, ولكن في الحقيقة الأمر هي كذبة جديدة ليس لها دافع سوى تظليل الكادر الموهوم ليوهم بها الناس من حوله حتى تساعده في تشويش ما تبقى من الحقيقة, ومع ذلك أتمنى رؤية أفكاري المجنونة فيهم حينما يتحدثون في مساءلة القوميات , واللغات الأم خصوصاً حينما يفلسفها الأمين محمد سعيد أو عبد الله جابر أو مسؤول إستراتيجيات منطقة القرن الأفريقي كحقيقة مطلقة , وأستغرب كيف يستقبلها شعبنا في الخارج ويلتف حولها يبدو الشعب يرغب أن يحترف الكذب والخداع,وأنا  أفكاري   ليس لها  ميناء واحد ترسي عليه, تتحرك مع قوة الموقف ومدى استقبال الناس المحيط بي. مثلاً في العزل السياسي نستخدم كلمات التخوين, والانتحار, والاختلاس في محاربة من يخالف سلطتنا في الرأي, وهي رائجة اليوم تمثل أعلى الأصوات المسموعة بين الإرتريين, وعلى هذه الخلفية يسميني البعض, خادم الحقيقة (Serving The Truth) لكثر مجابهتي الباطل, لهذا يكون من الطبيعي أن يرفض الشعب, أي مزايدات علينا.

 أنا ورجال التليفزيون متسامحين مع التبشير الديني المسيحي , لا نمانع من أن يعرض التليفزيون أعمال من المسيحية ولكن أضيق عندما يتعلق الأمر بالإسلام. وأن أي مراقب لتليفزيوننا يلمس بعض حالات من هذا النوع المستفزة والمكشوفة , التي لا تراعي المرعيات ولا تحسب حساب الأخريين, ومع ذلك نمارسها عن عمد وإصرار كلما أردنا  استحضار أبطالنا  التاريخيون. هذا ذوقنا والذي لا يعجبه إرسالنا هذا عليه تركه, الفضائيات كثيرة, لا نريد أن نسمع كلام فارغ.

 سامحني أيها الرفاق إنني فقط أتذكر الآن قرأتنا الماضية, التذكر بداية الثورة ونهايتها والحقد والوجع ويؤسفني أن أقول بأن التغرنية بدأت بخيانة نفسها حينما قبلت أن تتوحد مع من يسموا نفسهم قوة التحالف, بالله عليكم ماذا يعني لنا التحالف؟ وإذا كان التحالف يمحوا عنا كل المميزات التي اكتسبناها ؟

 تذكرت الآن من يدرسون هذه تحولات في اجتماع نخب التغرنية الأخير في أسمرا وهم يفضلون حكمي وأقسموا أن يقاوموا ويمنعوا هذا النوع من العودة للجبهة التحرير المتوحشة في البلاد حتى لا تقضي عليهم, مهم جداً الفوارق الاجتماعية التي صنعناها وأصبحت مقبولة الآن.

 أن بلدكم إرتريا تسير بالاتجاه الذي نعتقد إنه ليس الاتجاه الذي خططنا له والوضع أصبح لا يحتمل, استدرنا العطف السياسي من المجتمع الدولي لحل مساءلة بادمي ولكن إثيوبيا تستخف بالمادة السابعة لقانون مجلس الأمن برفضها تنفيذ ما أقرت واتفقت عليه, وتسامحنا مع يمن لاحلحلت الأوضاع ولكن فشلنا, وابتعدت عنا كل أصدقاؤنا هذا على صعيد الخارجي.

 أما الأوضاع الداخلية هي الآن خارج دائرة الضبط,, هناك صعوبة في المعيشة طالت كل بيت, وأفكار جديدة دخلت في جيشنا عن طريق المجندين من السودان والسعودية والمغتربين الزائرين لنا من العالم العربي, وأصبحت أفكار أخر تأتينا عبر الأقمار الصناعية والإنترنيت , و كل يوم أرى في هذه القنوات  يتصاعد الترويج لديمقراطية وحقوق الإنسان, وأسمع هروب رجالاتنا المبدعين, والغريب مسفن حقوص أصبحت نجاحاتنا له مزيفة وأستخف بها وهو يعرف بدونها لا يضمن تقدم التغرنية لوحدها.

أي ديمقراطية هذه الذي يكذب بها هؤلاء الماكرين الجشعين الأمر الذي نرغب توضيحه لكل من أدخلوا في نفسهم الشك حتى لا تتكون فيهم تلك الأحكام السطحية المدمرة.  أما نحن بدأنا في تفكير الجدي, وتوصلنا إلى طرق للهروب وسوف نعلنها إذا قامت الحرب بينا وبين تغراي ونحتفظ بحقنا على مكان ووسيلة الهروب.


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6423

نشرت بواسطة في أبريل 20 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010