كيف انسا ك يا أبتى

مرت قرابة خمسة عشرعاماً بعد رحيل ابى من وجه البسيطة. رحل من كان لى النبراس فى كل منعطفات حياتى. فقدته وانا اكابد ويلات البعد عن الأهل والأحباب والوطن الغالى فى نفس تاريخ ميلاد بنتى البكر لتمر ذكراه كل عام فى مناسبة عيد ميلادها وتؤجج دنيتى وتذكرنى بأحلى سنين من عمرى فلذا نظمت هذه القصيدة المتواضعة لروح والدى وايضا نظمهتا لأهديها لكل الذين فقدوا ابائهم وهم يكتوون بنار الغربة.

كيف انسا ك يا أبتى
شعر صالح إبراهيم أنجابا
AYEBYA@YAHOO.COM
بدأ حفل تقديس الإله بالتهليل
يتنفس الصبح الوسنان ويفيق
ويرفع يديه بالدعاء
ويخرج من غطاء
الحرير الرقيق
العصافير تُسَبِح
والضفادع تردد الحمد والثناء بالنقيق
والنسيم يُقبِل اغصان الأشجار

الأزهار
تملأ الأجواء باطيب الرحيق
وابى جالس على سجادته ونور الإيمان
يشع من وجهه
وترقص المسبحة مرحاً فى يده
ويردد يا فتاح يا عليم
يا رزاق يا كريم
وانا جالس بجانبه استنشق الأبوة
من جلبابه الأنيق
يمسح رأسى بالتبريكات
و يدعوا لى بالتوفيق

ابتى
كم إشتقت لصوتك الرخيم؟
كم إحتاج للإرشاد والتقويم؟
يا من كنت لى
الأب
الصديق
الشقيق

ابتى
كنت الكرم والإكرام والتكريم
كنت الصادق والصدوق
وعند الظلم تغلى كالحميم
كم إشتقت لتلك الطقوس
يا ترياق الأرواح والنفوس

ابتى
احب طعم هذه الكلمة فى فمى
يا من رحلت وانا اصارع
موج الحياة فى غربتى
اسمع صوتك فى صوت إبنى
ارى نظرات عينيك فى عيون زهرتى

ابتى
ستظل ًكوثراً من الذكريات
والهدى يسرى فى تضاريس دنيتى
كيف انسى
يا أبى حينما كنت تدق الطبل
وتنادى
إصحى يا نا ئم
الصلاة
السحور السحور
ووحد الدائم
اصحى يا صائم
اقطف من عناقيد الثواب
فى شهر الدعاء المستجاب

ابتى
كنت
النفحات الإيمانية
وكنت من علمنى
كيف اسلك طريق الصواب
مرت اعوام وخيالك يطاردنى
فى محطات الإغتراب
يخرج لى من الأوراقق القديمة
ومن رخصة السواقة
ويتبعنى فى كل حركة
وراديو فيلبس مازال يعلن هنا لندن
يذكرنى بك فى كل لحن وترنيمة
يذكرنى من بعدك دنيتى صارت سقيمة
صورة الجدران تحادثنى تبسم لى
تذكرنى بذكريات عتيقة

مرت اعوام
وطيفك فى يوميات حياتى ذاب
مرت اعوام
مازال الدمع يسيل ويحرق الأهداب
بعدك يابى
لم تعد تجمعنا المائدة
ولا الأتراح
ولا الأفراح
ولا جلسات قهوة الوالِدة
لم تبقى لنا سوى الذكريات الجارفة
حياتنا بدماء الأشواق نازفة
تفرق الأحفاد
راضية فى الشمال
وإبراهيم وياسمين فى الجنوب
وفى الشرق رِحاب
تفرق الأحباب
الأولاد
لقائاتنا
عبر الحاسوب والمحمول
وفقدنا السرور وحرارة التِرحاب
بيتنا تضعضعت اركانه
وحل به اليباب
هذا ما جنيناه بعدك
هذا هو الحصيد والحصاد
اما البلاد
الطغيان فيها ساد
الإنسانية
العدالة
الحقوق وكل المعانى السامية
سجلت
فى دفتر الوطن غياب
صار الولاء
للقبيلة والرهط والأحزاب
وكل حرائِرنا لبسن السِّلاب
احلام العودة الوردية
والأمانى الزاهية والعذبة
صارت سراب
انه الألم وانه العذاب

ابى
زورنى فى الأحلام
كن معى حتى فى الخيال
فى زمن الجفاء والإرتياب

كيف انساك
يا من علمنى
ان افتح فى معترك الحياة الف باب

كيف انساك
يا من علمنى
ان اكون فى مواقف الحق
رجلاً محراب

كيف انساك
يا من كنت شمساً
تضئ عقلى وقلبى
وتتغلغل فى الأعصاب

نشرت فى موقع
سودانيزاونلاين : Sudanese Online

بتاريخApril 4/2012

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=22624

نشرت بواسطة في أبريل 30 2012 في صفحة الشعر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010