لسنا شعب راقص يا عبد الجليل

فارس عامر قنع

Faris.amer@yahoo.com

 

        مساء يوم أمس الخميس 23/7/2009م إتصل بي  صديق قطري وبعد  السلام سألني أين أنا الآن ؟ فأخبرته أنا موجود حالياً بمنطقة الريان ،فقال أني قريب من موقعك سأكون معك خلال خمسة دقائق فقلت له أهلاً وسهلاً ، وبالفعل وصل صديقي القطري قبل أن تكتمل الدقائق التي حددها لوصوله ، وسألني إن كنت مشغول ؟ فهززت رأسي نافياً ، فطلب مني مرافقته لموقع المهرجان الأرتري ،فإستغربت الأمر وسألته أي مهرجان وأي أرتري ؟ قال شكلك تستهبل عليّ ! قلت لا والله ما عندي خبر أن هناك مهرجان أرتري ! وحتى لا أطيل عليكم إستمر نقاشنا قرابة النصف ساعة تقريباً وتحت ضغط إلحاحه عليّ أو ربما رغبتي الدفينة في التواجد في كل المحافل والتجمعات الأرترية ، صعدنا في سيارة صديقي (اللاندكروزر) وإتجهنا إلى حيث يقام المهرجان (المركز القطري لأصدقاء البيئة) ، وعند وصولنا لموقع المهرجان وجدنا من يقف في البوابة(شاب وشابة) وبحوزتهما تذاكر فأصر صديقي أن يدفع ثمن التذاكر، و أثناء قيامه بالدفع قال مازحاً وبروح مرحة أنتم ما تعرفون ضيوف مفروض تسمحون لنا بالدخول مجاني فإذا بالشاب والشابة ينتفضا ويردا عليه بأسلوب خشن و بعربية ركيكة وفي توقيت واحد (ما تعرف أنت دا لأبناء الشهداء) وكأنهما قد سبق وأن تدربا على العبارة ، عموما صدم صديقي وأخذ يعتذر باللهجة القطرية أنا (إتغشمر معاكم ) ، أي أنا أمزح معكم ، وبعد أن إجتزنا البوابة أخذ صديقي يسألني عن أي شهداء يحكون ، فطلبت منه أن يؤجل كل أسئلته إلى حين خروجنا من موقع المهرجان .

عموماً مع دخولنا قد بدأت مراسم إفتتاح المهرجان ، لذا أخذت لجنة النظام تسوقنا بطريقة عنيفة كالبهائم من الساحة لإدخالنا إلى قاعة المهرجان ، تلك القاعة العجيبة التي تشبه عربات القطارات ، قاعة عرضها خمسة أمتار وطولها خمسة عشر متراً تقريباً ، وأن درجة الحرارة بالقاعة تكاد تكون أربعون درجة مئوية أو أقل بقليل ، حيث أن المكيفات التي بالقاعة وجودها كعدمها ، والمصيبة إن القاعة يوجد بها ضيوف من كبار الشخصيات منهم مسؤول الدائرة الأفريقية في الخارجية القطرية ، والسفير السوداني بالدوحة وعائلته، وجمع غفير من بعض أصدقاء النظام من الصحفيين السودانيين اليساريين (سبق وأن نظمت لهم السفارة رحلة إلى أرتريا) ، هذا بالإضافة لراعي المهرجان القادم من أرتريا السيد عبدالله جابر ، وطبعاً السفير علي إبراهيم عقد والقنصل محمد شيخ عبدالجليل الذي صعد للمسرح وبدأ يقدم فقرات برنامج المهرجان ،وقد كانت مختصرة جداً بسبب درجة الحرارة العالية ، وعندما وصل سعادة القنصل لفقرة الفرقة الغنائية قدمها كالأتي :لأن الشعب الأرتري شعب راقص نقدم لكم الأن فرقة الفنون الشعبية لشباب الدوحة حتى تطربكم وترقصكم ، ثم أستطرد طبعاً الشعب الأرتري يرقص وهو يقاتل العدو  ويغني وهو يبني ، لا  يا محمد شيخ نحن لسنا شعب راقص ، على الرغم من أن الرقص التراثي المنضبط بالقيم والعادات والتقاليد في المناسبات ليس عيباً ، إلا أن هذا لا يعطيك الحق في أن تصفنا بالشعب الراقص ، أمام مسمع ومرآى كل اللي يساوي واللي ما يساوي ، فإذا كنت أنت ومن تلف في فلكه ديدنه الغناء والرقص فهذه مشكلتكم أنتم وليست مشكلة الشعب الأرتري،و إذا كنت أنت و رئيسك تنظرون بفارغ الصبر صافرة بداية الحفل لتمارسوا هواية الرقص ، فهذه إذن مشكلتكم ومشكلة من يقتضي بكم ، أما الشعب الأرتري فهو برئ من صفة الشعب الراقص، فهو الشعب المقاتل ، وهو الشعب البطل أليس هو نفس الشعب الذي قال فيه شاعرنا الأرتري محمد الحاج موسى :

كل البطولات في التاريخ داخلها فن التخيل تزييناً وتجمييلا

إلا بطولتنا جاءت مبراءة فالفعل نبدعه والقول يعنينا

لقطات من المهرجان:

*هذه الحلقة الأولى من مهرجان أرتريا السنوي في الدوحة .

* أن الحضور لم يتجاوز المائة شخص وهو عدد قليلاً جداً إذا ما قورن بعدد أفراد الجالية الأرترية بقطر ، الذي تجاوز المسجل منهم بالسفارة الـ 13 الف أرتري ، ناهيك الأعداد الكبيرة التي لم تجبرها التجديدات علي مراجعة السفارة وبالتالي هي غير مقيدة في إحصائيات السفارة .

* المضحك المبكي مقدم الحفل كان الرجل الثاني والدبلوماسي المخضرم في سفارة دولة أرتريا بالدوحة سعادة القنصل محمد شيخ عبد الجليل.

* بالإضافة للقاعة الموصوفة أعلاه كان يوجد بالمهرجان معرض للصور في خيمة صغيرة إعدت خصيصاً للمعرض درجة حرارتها أكثر إرتفاعاً من درجة حرارة القاعة .

*الرباعي الأكثر نشاطاً والأكثر تشنجاً كان (محمد شيخ عبد الجليل ، طاهر أري ، آدم شفراي ، مالك الأمين ) وهم من منتسبي الجبهة الشعبية في فترة ما بعد الإستقلال(وقحتا) .

* الملفت أن أعضاء حزب الجبهة الشعبية لفترة ما قبل الإستقلال كانوا الأكثر هدوءاًً ، والأكثر ترحيباً و إبتساماً في وجوه زوار المهرجان .

* لقطة تأسفت كثيراً لها وهي أن السفير علي إبراهيم عقد ، كانت تجري معه وسيلة إعلامية مقابلة تلفزيونية في خيمة المعرض ، وكان يتوقف الإعلاميين بين فترة وأخرى ، حتى يعطوا السفير فرصة ليهبب نفسه بهبابة (من المعروضات ) كان ممسكاً بها في يده.

*لقطة أخرى مؤسفة رأيت رئيس الدائرة الأفريقية في وزارة الخارجية القطرية وهو ممسكاً بقطعة حمباشة ، واحسست أنه متورط ولا يدري كيف يتخلص منها.

ملاحظة :

أمضيت ثلاثة ساعات أخرى مع صديقي القطري وأنا أشرح له المآسي التي يتعرض لها الشعب الأرتري تحت حكم الدكتاتور أسياس أفورقي وزبانيته من الذين رأهم في المهرجان اليوم وغيرهم المتواجدين في أرتريا، وكذلك أوضحت له الأسباب التي جعلتني أتهرب من مرافقته للمهرجان ،رغبة مني في عدم المساهمة مآسي شعبي .

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=39487

نشرت بواسطة في يوليو 25 2009 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010