لك الله … يا وطن

ما يجرى في ارض الوطن من دمار وخراب واعتداء على حقوق المواطن و سلب أمواله بات امرأ معتادا وسلوكا مألوفا في حياة الشعب الاريتري وملازما له منذ فجر الاستقلال وبوتيرة متصاعدة تزداد ضراوة يوما بعد يوم وكأنه عمل ممنهج لسحق تطلعات الشعب في الحياة الكريمة الآمنة واغتيال للشخصية الاريترية التي تميزت بالصبر والتضحية والعفة والكرامة  عبر تجويعها وقهرها على يد زمرة صغيرة مأفونة استباحت كل شيء وأعطت لنفسها حق التصرف والوصاية في ماله وعرضه ومصيره تجاوزت بذلك كل المعايير الانسانية وجعلت من صبره جسرا للعبور به إلى الهاوية وهو حائر في حالة سكون تام لا يملك من أمره شيئا و لا صدى  لصوته المخنوق من بطش النظام لدى الضمير الإنساني العالمي الغائب بإرادته عن ما يجرى في اريتريا.  والضمير الانساني العالمي كما نعلم خاضع تماما للسلوك السياسي للدول الكبرى ولا تتحرك هذه الدول إلا إذا اهتزت عروشها أو هددت مصالحها ولا أرى في بلد فقير وصغير منزو في ركن قصي بعيد مثل اريتريا أن يتحرك من اجله هذا الضمير طالما لا يوجد في اريتريا ما يثير لعابه المتخم بالبترو دولار ولا يعزز من رصيده السياسي في بورصة السياسة الدولية والمصالح ألإستراتيجية الكبرى ولذاك علينا أن لا نعول كثيرا على المجتمع الدولي ما دمنا غير قادرين الوصول  اليه  باللغة التي يفهمها وهي لغة المصالح وليس عبر رسائل يتيمة فيها الكثير من الشكوى والتظلم ضد نظام منبوذ و منعزل يعيش في صومعة كاهن و حوله الكثير من سحرة فرعون  الذين قالوا لفرعون أئنا لنا لأجرا إن كنا نحن الغلبين،  قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين. فبئس الوعد و بئس الموعود.

إذا كان هذا هو حال الضمير العالمي فما بال حال ضمير المثقف الاريتري الذي نراه هو الأخر مستكينا  وصار ينظر إلى قضايا الوطن نظرة المتفضل ومال كل الميل إلى مقاعد المتفرجين     ودكة الاحتياط في حالة من حالات الترقب السلبي لما قد تأتي به الأحداث دون إن تكون له بصمته الخاصة في إثارة وتنشيط  حركة الشباب الاريتري القاصي منه والداني والتي اتسمت كلها بالسلبية وألا مبالاة، متنازلا هذا المثقف عن حقه في الريادة و في صناعة الحدث فيما يشبه الاستسلام مرده قد يكون الضعف البنيوي لمؤسسات المجتمع المدني وأيضا الرغبة في البعد عن المخاطر والرهان على المجهول نأمل إن  يكون ذالك ارتداد معنوي وتقهقر عابر غير متأصل  بعد أن أخذ منه أليأس ولإحباط كل مأخذ و قد أعطى عصارة جهده وحماسه في العقود المنصرمة إبان فترة الكفاح وإذا كان مثل هذا التبرير يلامس بعض من الحقائق والجراحات القديمة إلا انه لا يمكن إن يعفى المثقف الاريتري من المسؤولية ويمنح ضميره الحصانة من المسائلة والذي نحسبه سوف يبقى حيا و يقظا طالما بقى الوطن محتاجا إليه لأنه ببساطة سوف يبقى هذا المثقف ضمير الأمة وصوتها.

نحن ندرك الظروف و التعقيدات والمعوقات ألتي تكبل وتقيد حركة المثقف وفي مقدمتها غياب مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة وبالتالي غياب التواصل والتأثير على المجتمع ويجدر بنا إن نقول مهما كانت المعوقات ومهما كانت التحديات يجب أن لا يستسلم شبابنا وهو يرى بوضوح انحدار الوطن إلى الهاوية ويساق إلى المجهول على يد زمرة صغيرة مستهترة وغير مدركة

 

لخطورة مفاعيل قراراتها ومواقفها السياسية على الشعب ولن نكون بمنأى عن ما يجرى في اريتريا من تداعيات حكم منفلت و خطير على الصعيد السياسي و الاقتصادي والاجتماعي  .

لاشك إننا إمام نظام اقسم أن لا يعود إلى جادة الصواب وسوف يستمر لا محالة في غيه          واستكباره على هذا الشعب المسكين.

لوحة من التراجيدية السياسية يرسمها  ويمارسها النظام ضد شعبنا بإحكام منقطع النظير ويجب أن نعمل كلنا في الداخل والخارج لوقف الهذيان السياسي الذي تمارسه عصابة الحكم بحق شعبنا و مع حالة إنكار دائم للأذى الذي ألحقه بالبلاد و العباد دون رادع أخلاقي أو انسانى (فاقد الشيء لا يعطيه)  لا يبقى لنا إلا إن نقول لهذا النظام وبقوة كفى .. كفى  العبث بمصير شعبنا

ولهذا نتطلع إلى حراك ثوري حقيقي يشعر شعبنا في الداخل بأنه ليس وحيدا واخص بالذكر شبابنا في كل من السودان والقاهرة والخليج العربي معاقل النواة الأولى لثورة عام 61م والخزان البشري  لقوة الثورة بحكم الموقع الجغرافي والتاريخي  وأن لا تنسينا الجنسيات البديلة شرقا أو غربا شمالا وجنوبا شرف الانتماء لأرضنا و شعبنا حيث  جذورنا و أصولنا واحتراما لتأريخنا و نضالنا و تضحياتنا.

وبالنظر إلى واقعنا الحالي المقلق جدا لجهة انعدام فرص العودة القريبة إلى الوطن بسبب الظروف الراهنة تأتى مسألة الهوية والانتماء التي ستواجه الأجيال القادمة والتي باتت بعض من ملامحها تطل علينا ونحن  على أعتاب الجيل الثالث في ديار الغربة  والشتات أمرا في غاية الخطورة يجب الانتباه إليه والعمل للحيلولة دون ذوبان الشخصية والهوية الاريترية في مجتمعاتها الجديدة وهذه مهمة المثقف ألاريتري بلا شك .

واذكر هنا المقولة التي أطلقتها غولدا مئير رئيس وزراء دولة إسرائيل السابقة في أعقاب تهجير الفلسطينيين  إلى دول الجوار والتي عرفت بنكبة 48م: “الكبار يموتون والصغار ينسون”.

حفظ الله اريتريا… وشعبها وحمي ذاكرتنا من النسيان.

أبو زهرة

25/4/2016 م

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=37088

نشرت بواسطة في أبريل 25 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010