لماذا اختيار مسمى حزب قوات التحرير الشعبية الجزء الثاني ؟

لكل حركة نضال وطني وشعبي ضد قوى القهر والظلم والجور مراحل تسلسل تاريخي في نموها وأطوارها واشتداد عودها ولا بد من تمليك مثل هذه المسيرة التاريخية والصعاب التي واجهت التنظيم في مختلف مراحله للأجيال المتلاحقة حتى تلم بمدى الجهود التي بزلت في سبيل أن يأخذ التنظيم موقعه الطبيعي في تحرير الوطن والبناء وتصحيح المسيرة وتثبيت المبادئ والأهداف التي تأسست عليها الثورة الارترية .

ولم تقتصر أو تنحصر جهود تنظيم قوات التحرير الشعبية في المهام العسكرية الصرفة ولكن أخذ على عاتقه مسؤولية التنمية البشرية في مختلف مجالاتها: التعليمية والتربوية والصحية والإجتماعية والإنسانية حيث أسس جهاز تعليم اريتري الذي كان بمثابة وزارة التربية والتعليم في بعض الدول وفي المجال الصحي تمكن التنظيم من إنشاء عيادات طبية في معسكرات اللأجيين وفي بعض المدن السودانية للعناية بصحة الأريترين ولمحارية الأوبئة بعد أن أحضر لها أطباء من بعض الأقطار العربية الشقيقة وأيضاًَ أطباء ارتريين في مختلف الأقسام . كما أهتم التنظيم بأمر الفقراء والمحتاجين وقدم المساعدات العينية منها والنقدية.

        كل هذا لم يكن على حساب العمل العسكري بل كانت قيادة التنظيم الاجدر والأنشط في توفير مستلزمات وسائل المقاومة من أسلحة حديثة ودعم لوجستي فاق كل التوقعات إلا أن التيار الانعزالي الطائفي بدعم وتوجيه من القوى التي كانت تقف خلفه لقد تغلغل داخل الثورة الأريترية في مرحلة ابتليت فيها الساحة الأريترية بصراعات داخلية ، ذلك التيار الذي لم يروق له نجاح المشروع الوطني الذي تأسست عليه الثورة الأريترية ، فكان يتحرك ويطور وسائله للأنقضاض علي المشروع  الوطني وأن الأختراق لم يقتصر على قوات التحرير الشعبية بل امتد لجبهة التحرير الأرتيرية ، وعندما حانت ساعة الصفر وبناء على تعليمات من القيادة الفعلية لهذه المجموعات لقد تحركت لضرب الجبهة حتى أوصلوها إلى خارج أرتيريا تمهيداًَ لهيمنة الجبهة الشعبية في الساحة الأرتيرية.

ولعل تصرفات اسياس الحالية في محاولة منه لتقديم نفسه كزعيم متحرر مناوئ لسياسات أمريكا في المنطقة ومحاولته كسب ود واحترام الزعماء الأحرار ماهي إلا خديعة الهدف منها المتاجرة بالمواقف الزائفة ولا يمكن أن تنطلي على الأرتيرين العارفين بحقيقة الأمور وربما على بعض الزعماء العرب.

        ان من يعرف عن ماضي وحاضر اسياس لا يمكن أن يفكــر بأن الرجــل قد يفارق أو يغادر معسكره الذي نشأ فيه ويعمل وفق تعليماته نظراً إلى أن ارتباطه بالمعسكر استراتيجي يتناغم وينسجم مع عقليته ونفسياته وأحقاده الدفينة.

        صحيح أن اسياس كان يطمع ويطمع في أن يعطى له دوراً أكبر في المنطقة قياساً بما لعبه من أدوار مشبوهه لكي يزيد من أهميته . ولكن اعتقد بأن الرجل قد خانه زكائه ولم يقرأ التاريخ جيداً ، لأن كل من تكون بداياته على النمط الذي بدأ به اسياس فنهايته معروفة سلفاً.

لهذه الأسباب بأنه يعيش في حالة من العزلة والحسرة وبالتالي يتصرف بشكل جنوني.

لنعود إلى عنوان المقال وهو الاستفسار الذي يطرحه بعض الأخوة : لماذا اختيار قوات التحرير الشعبية لحزبنا الذي تأسس حديثاً ؟ هل يعني ذلك محاكاة وإحياء لماضي تنظيم قوات التحرير الشعبية الذي تأسس في مطلع السبعينات من القرن الماضي ؟ نقول: ليس بالضرورة ان يكون حزب قوات التحرير الشعبية صورة نمطية أو صورة تقليدية للتنظيم المذكور وليس شرطاً أن يكون الحزب متطابقاً في كل ما كان يحمله أو ما كان يمثله التنظيم في نهجه السياسي والتنظيمي وذلك بحكم اختلاف الظروف وطبيعة الصراع ومعطيات المرحلة الراهنة في الساحة الإريترية ولما تتطلبه هذه المرحلة من تطوير وتحديث في البرامج السياسية والرؤى المستقبلية وأيضاً أن اختيار هذا المسمى ليس من أجل دغدغة المشاعر والأحاسيس ولا من أجل إثارة النعرات واجترار الماضي.

        لكن ، هذا لا يمنع من القول بأن هناك سمات تجمع بين الحزب والتنظيم تتمثل في الارث النضالي والتجربة المشتركة والخصائص المتجذرة التي لا يمكن انكارها او الفكاك عنها بأي حال من الأحوال . ومع هذا فإن هذه المسألة لا يمكن أن نعطيها حيزاً أكبر من تفكيرنا لأن ما يهمنا الآن هو أن يتبوا حزبنا مكانه الطبيعي في أطار المعارضة الأريترية وأن يبرز دوره الفاعل المعهود مجدداً.

ولنفصل في بعض المبادرات والرؤى السياسية التي طرحها تنظيمنا في المراحل السابقة يمكن القول بأن تنظيمنا كان سباقاً في طرح رؤى سياسية متكاملة حول مستقبل اريتريا ونظام الحكم الذي يتناغم ويتماشى مع حقائق الواقع الأريتري ويستوعب كل مكونات الشعب الأريتري . كما أكدنا في برنامجنا على خيار الديمقراطية التوافقية وتقاسم السلطة والثورة بين كل أطياف الشعب الأريتري عبر صيغة اللامركزية السياسية لأن فيها مفاتيح الحل من خلال إتاحة الفرصة لكل إقليم أن يحكم من أهله وعبر مجالسة التشريعية وحكوماته المحلية المنتخبة .

        لقد رفعنا شعار وخيار الحكم اللامركزي في الوقت الذي كانت فيه مثل هذه الأفكار تعتبر من المحرمات وتدخل في دائرة الممنوعات ، وقد لاحظنا في السنين الأخيرة أن بعض التنظيمات اقتربت من اطروحاتنا وذلك لما تمثله هذه الأطروحات من رؤية واقعية وموضوعية دون مغالات أو غلو وبما يحافظ على الهوية الأريترية وتنوعها الاثني وثنائيتها الدينية والثقافية .

        كما تناولنا في وثائقنا المقدمة خلال السنين الماضية القضايا الحساسة بشكل واضح وصريح ووضعنا النقاط على الحروف في مكاشفة صريحة لا تجهل الماضي ولا تمكن طرف من إزاحة الطرف الأخر بحجة الابتعاد عن الطائفية ولكن أن طرح الإشكالية الطائفية بصيغتها الحضارية والتي أسمينها بالصيغة الواقعية الموضوعية وبشفافية تامة يؤكد واقعيتنا المجردة . أن الطائفي الحقيقي هو من يتنكر الطائفية ثم يمارسها بصورة بشعة على غرار ما يقوم به نظام أسمرا وليس من يعترف بها ويضع لها الحلول لكي لا تستفحل وتصبح معضلة يستعصى حلها .

        إذا نحن نطالب بالأبتعاد عن الأساليب الضبابية ونطالب أيضاًَ بإسقاط الأقنعة وإزالة المساحيق واعتماد مبدئ ( ما لنا لنا وما لكم لكم ) وليس كما يقول البعض ( ما لنا لنا وما لكم لنا إيضاً ) .

        وعليه يجب علينا أن لا نخجل من قول الحقيقة بأننا مجتمعين وديانتين وثقافتين بل ودائرتين جغرافيتين وإقرار هذه الحقيقة ضمان للتعايش والسلم الأهلي في أريتريا.

أمانة الأعلام

23/12/2010م

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=10090

نشرت بواسطة في ديسمبر 25 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010