لماذا يا جيبوتي؟

عندما كانت الدنيا تستعد لاستقبال سنة 2005 وكلها تفاءل بأن يكون أحسن مما قبله كعادة الناس دائما, صدم العالم بثورة الطبيعة في جنوب شرق أسيا, بحدوث زلزال قوى تسبب في أمواج توسنامى العاتية التي حصدت أكثر من ربع مليون من سكان المنطقة. وفى يوم 29 دسيمبر ومع انشغال العالم بتوسنامى تحرك 12 جنديا من الجيش الارترى وعبروا الحدود إلى جيبوتي هربا بأرواحهم وكلهم أمل في أن يجدوا ملاذ امن عند الجارة جيبوتي. ولكن وللأسف الشديد لم يجدوا الجار هو الجار, حيث اعتقلهم رجال الأمن عندما وصلوا مدينة ابوك في عمق الاراضى الجيبوتية واعادوهم الى إرتريا دون أن يأخذوا في الاعتبار, الإخوة , الجيرة وحقوق الإنسان تلبية لطلب افورقى الذي كان قد أرسل وزير خارجيته لإعادتهم إلى الوطن الجحيم الذي فروا منه.

 

أن هذا التصرف اللانسانى من حكومة جيبوتي يعتبر جريمة بكل المقاييس القديم منها والحديث وبعيد كل البعد عن قيم, عادات و تقاليد سكان جيبوتي من العفر وال عيسى التي تؤى الغريب وتحمي من يستنجد بها. استغرب انا لهذا التصرف من دولة جيبوتي المستقلة, عندما أقارنه بما كان يحدث قبل الاستقلال من فرنسا. في ذلك الزمان كانت جيبوتي ملاذ امن يقصده الجرحى والمرضى من الثوار فيجدون العلاج ويلجأ إليها من يريد أن ينفذ بجلده من الاستعمار الاثيوبى فيجد الأمن والأمان حتى يغادرها إلى ملاذ امن في ارض الله الواسعة. كذلك يتعارض هذا الفعل الشنيع مع قوانين حقوق الإنسان التي أظن إن السيد إسماعيل لم يسمع عنها, القوانين التي تمنع إعادة اللاجئين إلى بلدان يعتقد من أنهم لا يجدون فيها المحاكمة العادلة أو قد يحكم عليهم بالإعدام في محاكمات عسكرية صورية سريعة و تدين بشدة مثل هذا العمل. لو طبقنا المتعارف عليه من حقوق الجار على جاره نجد إن حكومة جيبوتي قد ارتكبت جرم كبير في حق من لهم حقوق الجار بل أكثر من ذلك حيث تربطهم علاقات الدم والإخوة مع شعب جيبوتي الكريم.

هذه الجريمة الشنيعة التي ارتكبتها حكومة جيبوتي ورئيسها إسماعيل عمر قيلي تعيد إلى الأذهان كل الجرائم التي تعرض لها الإرترين من ظلم وتعسف خلال أربعة عقود من حكومات الدول المجاورة:

أول هذه الجرائم ارتكبها نظام إبراهيم عبود الذي حكم السودان من 58 إلى64

قبل أن تسقطه ثورة أكتوبر في أل 64 عندما سلم سبعة مناضلين من رواد النضال الوطني وكانوا من أعضاء حركة تحرير إرتريا للمستعمر الاثيوبى ضاربا عرض الحائط بروابط الدم والإخوة بين الشعبين.( أنا لا اعرف أسماء الإخوة السبعة ولم أجد في كتاب الأستاذ طاهر إبراهيم فداب غير اسم محمد شفا ولكن أرجو من الذين يعرفون أسماء المناضلين الرواد وبالذات الإخوة في مركز سويرا, أن يبادروا في نشر الأسماء حتى تعرفهم الأجيال القادمة)

 

 

الجريمة الثانية تمت في سنة 94وارتكبتها حكومة سودانية وهى حكومة الإنقاذ الحالية وعندما كان الشيخ الترابي في قمتها. سلمت السلطات السودانية مجموعة من المجاهدين, اذكر منهم المناضل حامد بور سودان(أرجو أن يساعدني الإخوة الذين ناضلوا معه) وإسماعيل محمد موسى إلى نظام افورقى ولم يشفع لهم كونهم من تنظيم الجهاد الاسلامى. إضافة لهذه الجريمة هناك حوادث القتل والاختطاف التي تمت في الاراضى السودانية من قبل تنظيم الشعبية قبل 91 وحكومة افورقى بعد ذلك, اذكر منها اغتيال المناضلين سعيد صالح, هيلى قرزا, ولدى داويت تمسقن, إدريس هنقلا, محمود حسب وعثمان محمد قبر واختطاف كل من ولدى ماريام بهلبى, ولدى طادق ودى باشاى وقبرى هيوت قلتا ومحاولات اغتيال المناضلان عبد القادر جيلانى وعبد الله إدريس محمد مد الله في عمرهم وعافاهم. السؤال هو هل عجز الأمن السوداني من القبض على المجرمين, حتى تسجل كل هذه الجرائم ضد مجهولين أم أن هناك في الأمر شيئا؟.

 

الجريمة الثالثة بطلها دولة مالطا التي إعادة أعداد كبيرة من اللاجئين الذين وصلوا إليها لينتظروا حظهم في الحصول على سفينة تعبروا بهم إلى أوروبا حلم الكثيرين من أبناء القارة السوداء. والكل يعرف ما حدث لهم بعد العودة, السجن في عد ابيتو ومنها إلى نوخرا وبعد ذلك إلى ساوا والله وحده يعلم أين هم الآن.

الجريمة الرابعة نفذها النظام الليبي بقيادة القذافى الذي أعاد مجموعة من الشباب اغلبهم من الفارين من الجيش الارترى,  كانوا قد تسللوا إلى ليبيا عبر السودان هربا من الجحيم الارترى و هم بقايا من دفنوا في الصحراء أو من أكلتهم الذئاب. عاشوا فى المدن والقرى الليبية و يتحملون ظلم المهربين والسماسرة على أمل أن يجدوا فرصة العبور إلى أوروبا إذا لطف بهم رب العباد ولم يصبحوا وليمة لأسماك القرش والحيتان, الأمر الذي يحدث مرات ومرات وسعيد الحظ هو من يصل الشواطئ الإيطالية ليبدأ مرحلة جديد في معسكرات اللاجئين وهو بين الخوف والرجاء. إن إعادة لاجئين إلى نظام لا يحترم حقوق الإنسان, جريمة يجب أن يستنكرها الكل وسجل نظام اسياس في هذا المجال لا يحتاج إلى تعريف أو جهد كبير ودول كثيرة على سبيل المثال السويد,  تطالب نظام افورقى بمحاكمة أو إطلاق سراح من يحملون جنسيتها, مثل الصحفي داويت اسحق أو السيد كفلي سوس عقباكرستوس الذي مات قبل أسبوعين في احد السجون الإرترية بعد اعتقال دام ثلاثة سنوات ونصف من دون محاكمة.وهناك معلومات تؤكد أن منظمة رعاية  حقوق اللاجئين قد أبلغت الدول إلى يوجد فيها لاجئون من إرتريا بعدم إعادتهم إلى هناك. ومع هذا نجد دول مثل جيبوتي تفعل ذلك.

لم أتمكن من معرفة أسماء كل الإخوة الذين خيب نظام إسماعيل قيلى أمالهم في الخلاص من نظام الجلاد والاثنين الذين تحصلت على أسمائهم هم محمود قاسم شحيم( وهو من العفر الارترين وله آهل وأقارب يحملون الجنسية الجيبوتة,  قدموا للسلطات أوراق تثبت روابط الدم بينهم وبين محمود شحيم) واستيفانوس سلمون.

إن هذا العمل الشنيع لا يتفق ابدآ مع قيم وأخلاق الشعب الصومالي الكريم, الذي كان أول من ساند ووقف مع الثورة الإرترية ولا أظن باننى بحاجة إلى توضيح أكثر عن دعم ومساندة الصومال شعبا وحكومة.

 

ما يعرفه الناس هو, أن عمل وزير الخارجية يتعلق بالعمل الدبلوماسي ولكن لوزير الخارجية في إرتريا مهام شاذة مثل ما قام به الأخ على سيد عبدا لله, من مرافقة المعتقلين ودفنهم تحت الأرض لاهم من الأحياء ولا هم من الأموات. لم أقابل الاخ على شخصيا ولكن كنت احتفظ له بصور طيبة, الأولى من أيام الفداء والتضحية أيام منظمة العقاب, عندما كان رفيق كل من الشهداء حامد شنين ومحمود سليمان ومحسن,  والمناضلين فسهاى ومحمد سعيد سنقور ومحمد طلول متعهم الله بالصحة والعافية أن كانوا على قيد الحياة وان كان غير ذلك فرحمة الله عليهم. والصورة الثانية أخذتها مما قرأته, من انه هو الذي كان يقود معركة تحرير نقفه المشهورة في السبعة والسبعين. كان بودي أن احتفظ له بهذه الصور إلا أن ما قام به مؤخرا لا يترك مجال لذلك. قاتلا الله اسياس الذي قتل أحلامنا بمستقبل مشرق ولا يريد أن يبقى لنا الذكريات.

إن جريمة جيبوتي تتطلب تحرك من الارترين ومن منظمات حقوق الإنسان لإدانة هذه الجريمة والقيام بمظاهرات وتقديم مذكرات احتجاج إلى السفارات الجيبوتية والفرنسية والإرترية تطالب بضمان سلامتهم واجراء

 محاكمات عادلة لهم.

ملحوظة: فاجئني الأخ عمر جابر بأدراج أسمى ضمن الكتاب الارترين وهذا كثير على, نعم أنا أقوم بمحاولات من وقت إلى أخر لكن لا أظن أن هذا يعطيني مكانة بين الكتاب.  الشكر الجزيل للأخ عمر جابر على هذا التقدير. وأرجو من الله العلى القدير أن يوفقني في أن أكون عند حسن ظنه وحسن ظن القراء.

                                   ابوحيوت

ا

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6082

نشرت بواسطة في يناير 31 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010