ليس حباً لقوت التحرير الشعبية.. ولا كرهاً لجبهة التحرير الإرترية .. وكلاهما وجهان لعملة واحدة .. يا أخي جابر ..!!

بقلم / حامد محمد

لقد ذاق الشعب الإرتري الأبي كغيره من الشعوب مرارة وويلات المستعمر البغيض في القتل والتنكيل والتشريد حينما أعلن كفاحه المسلح في الفاتح من سبتمبر من عام 1961م بقيادة الشهيد البطل حامد إدريس عواتى، كخيار أخير بعد أن فشل خيار العمل السياسي الذي قامت به القوة الوطنية الإرترية في الأربعينات من القرن الماضي

وفي منتصف الستينات من نصف القرن العشرين شهدت مختلف المناطق الإرترية مذابح بشعة بطرق وحشية تقشعر لها الأبدان ، وهي فظائع ارتكبت ومازالت ترتكب بحق الشعب الإرتري. الذي ارتكبوا هذه المجازر يعيشون كما قال الأستاذ/ متكل أبيت نالاي وعلى رأسهم القس “دميطروس” ود عرزا والذي كانت مهمته تنصير الأطفال الذين فقدوا أهلهم وهذا ما جرى لأطفال “عونا” و “بسقديرا” وهزمُو” في يد هذا القص الذي كان يرفع شعار الوحدة مع أثيوبية، وخير دليل على هذا مدرسة “مستريو” بكرن مستشفى القوات البرية حالياً والذي تم فيها تنصير العشرات من فلذات أكبادنا الذين فقدوا أمهاتهم على مرأى ومسمع من دول العالم التي تدعي التحضر ، ومنظمة الأمم المتحدة التي ترعى حقوق الشعوب في العيش الكريم وحتى دول الجوار العربية منها والأفريقية.

ومنذ ذلك التاريخ سار الشعب الارتري بجموعه الهادرة وراء الجبهة لمجابهة الاستعمار ، وتبرع الشعب لجيش التحرير بالطعام والكساء والسلاح فوق ضريبة الدم التي دفعها راضياً متحمساً . وكاد يكتسب النصر له لو لا خيانة الغرباء عنه، ووشاية الدخلاء عليه وطيبة القيادة فيه ، نعم حيينا الجبهة وهتفنا باسمها “سلطان .. سلطان سل سيفك واطرد الشيطان” (عيل برعد وملبسو حايوت ولاد جبهت لال قيسو) “حليب ست زبطقلن حقات وعدرد إمبليك كرن إتتأت” الخ.. والتحقنا في صفوفها سلمناهم أرواحنا ليهدوها فداء لهذا الوطن الغالي، ولكن الجبهة خانت!.. ليس “لدق اتأتبا” ولكن لكل الوطن والمواطن الإرتري تركونا جرحى نحتاج لمن يضم جراحنا، تركونا أيتام نحتاج لمن يرعانا،تخلون عنا مبعثرين ونحن نتطلع لمن يلم لم شملنا لمواصلة مسيرتنا النضالية ، لينتهي بنا المطاف معاً متسول بمعسكرات اللاجئين في السودان من أجل الحصول على جواز الـ”UN ” والقرين كارد، وتنكرنا ومازلنا نتنكر بالجلباب والمركوب السوداني نعم هذا ما فعلناه بحق الوطن والشعب الإرتري بكل صراحة!.

هنا استوقفني مقال الأستاذ / جابر سعيد أرض الهرم “الكتاحة3” والذي ذكر فيه بعض من مجازر نظام “هقدف” سرحت بخواطري وأنا أقرأ المقال ، الأبطال الذين جاهدوا من أجل هذا الوطن الغالي ولم يمتد بهم العمر ليعشوه ، سرحت بخواطري إلى الذين تلقوا الصدمة المروعة في مدينة كرن عندما شاهدوا جثث أبنائهم معلقة في معرض مفتوح لجثث الأبطال بـ “جير فيوري” سرحت بخواطري إلى أولئك الذين كر بهم النفي والتشريد والحرمان، وإلى أولئك الذي هدهم السجن والتعذيب والمرض، وإلى أولئك الذي أمضهم الاعتقال والمصادرة .. سرحت بخواطري إلى أولئك الشهداء الأبرار من خيرة شبابنا الذين سقطوا في معركة “حلحل” في عام 1968م بقيادة البطل الشهيد المناضل/ عمر حامد إزاز مجندلين من خلف الجراح فإذا البطل الشهيد تشخب دماؤه وهي تصرخ في الثرى الغالي هاتفة :

… خذ مكاني يا رفيقي في الكفاح

واحمل سلاحي لا يخيفك دمي يسيل من السلاح

وانظر إلى عيني أغمضتا على نور الصباح

أنظر إلى شفتي أطبقها على هوج الرياح

أنا لم أمت أنا لم أزل أدعوك من خلف الجراح

سرحت بخواطري إلى شهداء معوقي “مايْ حبار” الذين أند فعوا بروح وطنية مطالبين بأبسط حقوقهم .

أخواني بكينا ومازلنا نبكي على ماضينا بدون التطلع لمستقبلنا ومستقبل وطننا ولعل عبء التاريخ هو الذي قيد حياتنا وحول الماضي إلى رمز نحمله بمشاعرنا وعلى ظهورنا ، ونلقنه أولادنا حتى أن الانتساب لذلك الماضي أرتفع إلى حد التقديس ، وتحول إلى أسطورة، حتى عجزنا أن نتخلص من سلبيات الماضي وعوائقه القاتلة .. والإنسان الذي لم يعد لديه الاستعداء لاختراق حصاره، وبات يستعيد الماضي ، والماضي نفسه جثة في مقبرة المزبلة تحول إلى رمز مقدس نبكي عليه، ولا يبكي عينا .

أخي الأستاذ/ جابر سعيد أرض الهرم ما أخذني لان أذكر اسم المناضل موسى رابعة كأحد من بين الذين حضروا في تلك المجزرة ليس حباً لقوات التحرير الشعبية ولا كرهاً لجبهة التحرير الإرترية ولكن من خلال الوثائق والبيان الموجودة التي أصدرته قوات التحرير الشعبية في ذلك اليوم وأنا أعتبرهم كلاهما وجهان لعملة واحدة ، أخي جابر أسألك بالله الواحد الأحد بأن الأخوة المناضلون الذي ذكرتهم في مقالك “الكتاحة3” كأول من حضروا في مجزرة “دقى اتأتبا” هل باحوا بها يوماً؟!! هل كتبوا عنها أو تحدث عنها؟!!. ما زالوا سامتين وهذا ما يدل على خفيا تلك المجزرة ونحن لا ننكر حضورهم في ذلك اليوم وهذا واجبهم الذي حملوا من أجله السلاح ليحموا شعبهم ولا ننكر شجاعتهم ومواقفهم البطوليه التي لا تذل محفورة في ذاكرتي وعلي مقدمتهم الشيخ المجاهد البطل / محمد اسما عيل عبده .

أخواني أخواتي إن ما حل بوطننا اليوم في يد عصابة الشر “الشعبية” من التصفيات والاضطهاد والتنكيل وتجرنة الأرض والمجتمع الإرتري هي امتداد للأخطاء الذي ارتكبناها نحن بحق وطننا وشعبنا ! و جاء الاستقلال لمكافئة الخونة ومعاقبة الأبطال فهناك يا أخواني أراضي ومساكن أهديت لمن عملوا في صفوف الكما ندوس الذي قتلوا أمهاتنا وأحرقوا بيوتنا وكلنا نعرف حي “حَنِيشْ” بكرن الذي أهدته حكومة “هقدف” لأسر الكما ندوس.

وفي الختام نتجه كبيرنا وصغيرنا بقلب شعب، ووفاء جيل إلى ضحايانا.. إلى اسرانا.. إلى شهدائنا .. إلى الأبرار الذين عذبوا وشردوا وضيعوا في سبيلنا .. إلى من صاغ الجلاء من عمره أو رزقه أو قوته أو أمنه أو ولده أو حريته . إلى كل أولئك الأبطال المعروفين منهم والمجهولين على السواء .. إليهم في قدس مثواهم .. إليهم في طهر سواهم .. إليهم في نبل الفداء وسمو الوفاء .. إليهم جميعاَ تتجه دموعنا وتاريخنا وحاضرنا وكل ما فينا من كرائم الإنسان . وإذا كنت هنا في مقام الاعتبار قاصر عن إحصاء الملايين والجموع الهادرة التي شقت الطريق وعبدته وأضاءت أرواحها على طوله للعابرين فهذا من ضيق الوقت .

 

رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5917

نشرت بواسطة في أكتوبر 18 2004 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010