مؤتمر الحوار الوطني الهواجس والتطلعات

بقلم : محمد محمود عبد الله

 

اذا كان أوجه النضال من اجل استرداد الحق في السابق تقتصر على القوة القتالية المباشرة فان وسائل استرداد الحقوق قد تعددت في وقتنا الحاضر على تفاوت بينها حسب المطالب والفعل والزمان والمكان الا ان سياسة الأمر الواقع بالانتصار الفعلي عبر فرض الأمر الواقع لا تزال تحتل المكانة الأولى ، فاذا تعذرت فلسفة ووسيلة ما أخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة لاي سبب من الأسباب فان تحريك الكم الصامت من أصحاب القضية واستنطاقهم في ظرف جماعي وإشراكهم في صناعة مستقبل أوضاعهم يعتبر اليوم من الوسائل الفعالة ثم أن نقل إحساس شعبنا بالظلم والضيم الى الآخر من اجل كسب تعاطفه ومساندته يعتبر الطريق الأقرب الى محاصرة الطاغوت الجاسم على صدر شعبنا وان البكاء الصامت بحجة الخصوصية يعتبر في الوقت الراهن  منقصة وتعطيل للإرادة النضالية المنداحة وبما ان إعلامنا قاصر مكانا وإمكانا فعلينا دفع الإعلام العالمي حتى يكون مناصرا واقلها يكون مرآة صادقة يعكس الحقيقة لا يعاكسها أو يدسها ومعلوم أن الإعلام  اليوم أصبح وسيلة وهدفا وسلاحا ماضيا اثبت فاعليته في معارك  شرف استرداد قيم الحرية والحقوق الأساسية ؛ ولكن المرء يتساءل ما هو الحدث الذي يستطيع استفزاز الإعلام العالمي حتى يجعل من قضيتنا أحد محور اهتماماته ؟   

استطاعت المعارضة الإرترية في الفترة الماضية تحقيق مكسب هام وفاعل بإيجاد أرضية الوفاق السياسي من خلال اتفاق التنظيمات السياسية على العمل المشترك والرؤى المستقبلية لبعض قضايانا الأساسية ، ولكنها كانت ولا تزال بحاجة الى خلق الأجواء التي تدفع بالأوضاع الى واجهة الأحداث في المحيط الإرتري والساحة الدولية وقد كان بالإمكان إحداث شرخ في هذا الصمت العالمي وهزة مزللزلة في النظام الذي نواجهه لو نشطنا النضال بالتي هي أقوى وأقسى فان فاتتنا تلك فكان يجب الا نفوت فرصة استغلال مؤتمرات التحالف الديمقراطي عند تكوينه لنجعل منه حدثا هاما ومنظورا إعلاميا ولكن أعتقد أن قلة حيلة المعارضة في هذا الشأن وضعف رؤية وإعلام دول تحالف صنعاء لهذا الأمر جعل الحدث رخوا مع أهميته كما ان إغلاق التحالف أبوابه أمام منظمات المجتمع المدني الدولية والإقليمية جعلته مغرقا في المحلية منغلقا على نفسه ، الا ان الفرصة لا تزال مواتية لأحداث دوي إعلامي اذا أحسنا استغلال  مؤتمر الحوار الوطني المراد عقده في المرحلة القادمة ، الا ان المرء يخشى من سيطرة النظرة المتوجسة والمتشائمة التي تعيق عقد هذا المؤتمر حيث لا تزال هناك بعض قيادات التحالف الديمقراطي لا ترى أهمية تذكر لمثل هذا المؤتمر ولا تتوقع منه ان يأتي بجديد فضلا عن مخاوفها من أجندة خفية لبعض القوى الإقليمية من أن تمرر اجندتها عبر هذا المؤتمر أو تحوير قرراته لصالح بعض القوى الإرترية دون البعض الآخر ، وتفضل تلك القيادات تركيز الجهود على مؤتمر التحالف فقط فهو المعول عليه في رأيها ، ونحن نتفق مع هذه القيادات على ان التحالف يعتبر انجازا في اتفاقاته المبرمة بين فصائله وفي ميثاقه ونظامه الأساسي وفي اهمية استمراريته ، وليس هناك أي مانع من تطوير ومراجعة ميثاقه وبرامجه بعد كل فترة وأخرى ولكن التحالف سوف لا يأتي بجديد بشان قضية نقل الحالة الإرترية الى الواجهة فهو سيكون حوارا فقط للنخب السياسية ومباراة مغلقة ليس فيها مقاعد للجمهور والإعلام اما مؤتمر الحوار الوطني فهو فرصة لإشراك كل الفعاليات الارترية في الداخل والمهجر سواء كانت تنظيمات سياسية اومنظمات او واجهات او شخصيات بل حتى النظام ومؤسساته يجب الا يستثنى من هذا المؤتمر اذا أنتصت لصوت العقل والحكمة والرشد ، كل ذلك في إطار توسيع قاعدة الحوار الداخلي ؛ ومن الأهمية بمكان توسيع مشاركة منظمات المجتمع المدني الإقليمية والعالمية ومراكز الدراسات ووسائل الإعلام كمراقبين باعتبار المؤتمر حدثا مهما يؤسس لتقعيد علاقات سليمة ومتوازنة بين مكونات المجتمع الارتري باعتبار المجتمع الإرتري  جزءا من المجتمع الدولي وبحسبان ان قضية إشاعة الديمقراطية والسلم الإقليمي والدولي والتنمية المستدامة أصبحت من القضايا التي يؤمن بها الجميع ، بل يقول ويسعى من اجل سيادتها على النطاق العالمي وعلينا ان نقول للمجتمع الدولي ان النظام الذي يحكمنا في ارتريا اليوم هو في قاع الأنظمة من حيث ايمانه بسيادة قيم العدل والديمقراطية والمشاركة وعلينا الا نخجل من ان نقول ان شعبنا بحاجة الى دعم ومساندة المجتمع الدولي من اجل الخروج من عنق الزجاجة وهو بحاجة الى المساعدة في تبصر سبل الخروج من أزمته الديكتاتورية والى الاستفادة من  تجارب الشعوب الأخرى في إدارة الحوار الداخلي وطرائق بسط الرأي والشورى ؛ ويعتبر توسيع المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بهذه الطريقة الوسيلة الأسهل الى دفع اخبار الأوضاع في ارتريا في واجهة الأحداث وخير وسيلة لمحاصرة النظام الديكتاتوري الا اننا بحاجة الى تحضير جيد لهذا المؤتمر وبشأن المخاوف التي يثيرها البعض فالضمانة الأكيدة تكمن في وضع معايير المشاركة والإتفاق على القضايا المراد تناولها ويمكن ان نذكر بعض النقاط من اجل التذكير وهي لا تغيب عن بال الحصيفين من القيادات والكفاءات الإرترية : ـ

1.  ان استصحاب الحالة المزرية التي يعيشها وطننا الغالي من الانحدار والتمزق وما يعيشه شبابنا الذي هو مستقبل امتنا من الشتات والضياع والجهل لهو أعظم حافز لكل القيادات من اجل الإسراع بمثل هذا المؤتمر والعمل على إنجاحه

2.  استيعاب تجارب الشعوب الأخرى التي مرت بمثل حالنا اختصارا للوقت والجهد

3.   يجب ان يسبق تحضير الأفكار والأوراق تهيئة الذات من حيث استحضار أهمية مثل هذا المؤتمر وكيفية الاستفادة منه في تحقيق الوفاق الوطني

4.   إدراك الجميع بان المؤتمر ليس منافسات  بين القيادات والتنظيمات السياسية وأن باقي الحضور ما هو الا جمهور مصفق ، بل يجب اعتباره شريكا أصيلا وأن المؤتمر مائدة تسع الجميع في جو من الإخاء والإيثار

5.  ان التحضير الجيد يعتبر الضمانة الأكيدة لنجاح مثل هذه المؤتمرات وان اختيار لجنة منسجمة تسع الناس بأخلاقها ونشاطها وأفكارها الوحدوية هي الأساس لذلك

6.  وضع المعايير العادلة والعملية لمن يحق لهم المشاركة في هذا المؤتمر

7.  دراسة الاوراق والقضايا المراد تناولها بصورة متأنية من الجميع قبل انعقاد المؤتمر

8.  إن اختيار المكان المناسب لعقد هذا المؤتمر سيكون لها الدور الأساس في المشاركة الفاعلة أولا من الارتريين والأصدقاء وفي ابرازه اعلاميا ثانيا وارجو ان تأخذ قراراته طريقها الى التنفيذ مع الضمانة الدولية ان تيسرت 

9.  إن المحافظة على التحالف الديمقراطي كمرجعية لهذا المؤتمر سيحميه من أي انحراف عن مساره كما يقلل من مساحة التنظير والتوهان في تشققات التفلسف الأجوف لصالح البرامج العملية

تعميق هدف جعل هذا المؤتمر دعما لدور التحالف الديمقراطي وليس بديلا عنه ويتأكد هذا الهدف مادام التحالف حاضرا بشخوصه القيادية وفاعلا بجهوده الجماعية

 

          

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6819

نشرت بواسطة في يوليو 10 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010