ماهكذا تساس الأمور يا……..!!!

(إن الذين لايذكرون الماضي مكتوب عليهم أن يخوضو التجربة مرة آخري)

بقلم : عبد الإله الشيخ

إن الكلمة أمانة وهي مفتاح الشخصية كما أنها سلاح ذوي حدين ولها دور لايقل عن بقية الأسلحة في عصر ثورة المعلومات وفي ظل الإنفجار الهائل الذي احدثته الطفرة التكنلوجية وللكلمة تأثيرها الايجابي والسلبي فقد ترفع من شأن صاحبها اذا توفرت لها العناصر المطلوبة لذلك  كالصدق والدقة والموضوعية وقد تجعل صاحبها يتردي في القاع إذا جافت الحقيقة وفقدت أحد عناصرها المهمة ويصدق عليها قول الله تعالي:-  (مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار) –  إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب –  فالإنسان مخبوء خلف لسانه والكاتب تحت قلمه . وتتأكد خطورة الكلمة  حال كونها مكتوبة إذ أنها تكتسب صفة البقاء وتكون إمكانية إنتشارها ميسورة ويسهل الإحتفاظ بها وتداولها لا سيما إذا كانت منشورة فإنها لا تصبح حين ذلك ملكاً  لصاحبها بل يصبح هو أسيراً لها بمجرد نشرها فكم من كاتب أضحي تحت طائلة المسائلة القانونية نتيجة نشره لمعلومات جانبت الحقيقة أو فقدت عوامل السلامة وكم من صاحب قلم رصين هوت به معلومة مغلوطة إلي الدرك السحيق ففقد مكانته في المجتمع وخبى بريقه ولمعانه . إذن فإن أهم الشروط الأساسية لكل مكتوب بغرض النشر والتداول أن يتسم بالصدق في إيراد المعلومات والدقة في نقل الحقائق والأحداث والموضوعية في الطرح والتعامل مع الوقائع بواقعية بعيداً عن العواطف الشخصية ، سيما إذا كان الأمر يتعلق بمجتمع يتمتع بحاسية عالية والأمر يتأكد أكثر في حال التعامل مع وقائع تأريخية لدي الناس عنها معلومات موثقة تحفل بها السطور أو تحفظها الصدور أو تختزنها الذاكرة .

 القارئي الكريم يأتي هذا المقال إفتتاحية لسلسلة حلقات أحاول من خلالها التصدي لتخرصات المتزمتين التي  نشرتها بعض المواقع الإرترية علي الشبكة الدولية باللغة التجرنية.

إن إفتئات هذه الشرذمة الحاقدة علي تأريخ المسلمين الإرتريين ومحاولتهم طمس الحقائق وتزيف الوقائع ومجانبة الصواب لايجعلنا نشتط في الرد أونتنكب الجادة فنتنكر لأدوار الوطنيين من المسيحين أونغمطهم حقهم في النضال أو نلوي عنق الحقيقة ونطمس معالمها إذ أن العدل من صميم تعاليم ديننا (ولا يجرمنكم شنئآن قوم علي ألاّ تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى ) .

ونؤكد لهم بأن الوطنية ليست منحة يملكها فرد أو طائفة فيوزعها كصكوك وشهادات في الوقت الذي يشاءون ولمن يشاءون فإن ذلك تصدق عليه مقولة (  عطاء من لايملك لمن لايستحق ) ، فليست الوطنية منحة لكنها حق يستوجبه البذل والعطاء وتترتب وفقا له الحقوق والواجبات ، والوطنية لا تعني بأي حال من الأحوال تزوير التأريخ أو كراهية الآخر ومحاولة إقصائه كما يفعل هؤلاء الطائفيون .

مواقف المسلمين الوطنية

إن سفر التأريخ الإرتري حافل بالمواقف المشرفة للمسلمين من أبناء إرتريا حيث تصدوا منذ وقت مبكر لمشاريع المستعمر الذي كان يسعي وبشتي الوسائل لضرب النسيج الوطني ونهب خيرات البلاد وإستغلال موارده وإذلال شعبه لكن وعي المسلمين كان الصخرة التي تحطمت عليها كل المؤامرات والدسائس فأطماع المستعمر كانت تصطدم بالرفض القاطع من قبل الوطنيين من أبناء المسلمين في الوقت الذي كان مواقف أغلب المسيحيين مع المستعمر نكاية بالمسلمين وممالئة للأجنبي الأمر الذي عرّض المسلمين عبر التأريخ لبطش قوى الإستعمار بل إن فريقا من المسيحين كان الأداة الذي يستخدمها الأجنبي في ضرب المقاومين الوطنيين .

 

ويجدر بنا هنا إيراد بعض الشواهد علي سبيل المثال :-

*أنه في عام 1938م عقد لقاء ضم عدد من الإرتريين المسلمين والمسيحيين في بيت( قرقيس) بضواحي أسمرا لبحث الأوضاع الإرترية تلاه إجتماع موسع في عام 1942م تمخض عنه تكوين ]محبر فقري هقر[ أي: جمعية حب الوطن، وقد كان الهدف من ورائها تحرير إرتريا من الإستعمار الإيطالي لكن جاء التباين عند طرح مبادئ الجمعية ولوائحها في إجتماعات لاحقة إذ أوضح المسيحيون أعضاء تلك الجمعية أن المقصود بالوطن هو إثيوبيا وليست إرتريا الأمر الذي أدي بأبناء المسلمين الي الإنفضاض عن تلك الجمعية وسحب عضويتهم منها وقد إنصهرت جمعية حب الوطن في حزب (الأندنت) الإتحاد مع إثيوبيا الذي كان أبناء المسيحين جُل أعضائه .

*تشكلت الرابطة الإسلامية في حشد جماهيري كبير شهده عدد مقدر من المسيحين الوطنيين وقد كانت أهم أهدافها :

(أ) مناهضة مشروع بيفن – سفورزا وزيرا خارجية كل من بريطانيا وايطاليا القاضي بضم إرتريا الي إثيوبيا والمطالبة بالإستقلال الفوري لإرتريا.

(ب) معارضة أي شكل من أشكال الوحدة مع إثيوبيا ورفض مشروع تقسيم إرتريا بين السودان وإثيوبيا .

في الوقت الذي وقف فيه جل أبناء المسيحيين ضدها رافعين شعار(إثيوبيا وي موت) أثيوبيا أو الموت .

*لقد نشطت عصابات (الشفتا) التي كانت أغلب عناصرها من المسيحين الإرتريين في تلك الفترة وقد كانت تستهدف الوطنين دعاة الإستقلال فأغتالت العشرات من قادة الرابطة الإسلامية وعلي رأسهم الشهيد /عبد القادر محمد صالح كبيري .

*لقد إستمال المستعمر الي صفوفه بعض ضعاف النفوس من رجال الدين المسيحي وقادة الرأي الذين إشترى المستعمر ذممهم فأطلقوا فرية أن الثورة ضد تعاليم الكنيسة وأنها تسعي لفصل مسيحي أرتريا عن الكنيسة الأم في إثيوبيا وناصبت العداء كل من يناصر إستقلال ارتريا وأن الكنيسة ستحرمه من حقوقه الدينية الأمر الذي جعل الكثيرين من العنصر المسيحي يترددون  في الإلتحاق بالنضال المسلح الي أواخر الستينات ومنتصف السبعينات من القرن الماضي بعد مضي أكثر من عقد علي تأسيس جبهة التحرير الإرترية .

*نجح المستعمر في إيغارصدور أبناء المسيحيين على المسلمين وإستطاع أن يجندهم ضد الإستقلال فأظهر البعض منهم ذلاً وهواناً لايشبه شيم الإرتريين أصحاب الأنفة والشهامة والكبرياء حيث نجد أن أسفها ولد منكائيل يركع للأمبراطور /هيلي سلاسي ويقبل حذائه فأنعم عليه بأن ولاه رئاسة الحكومة ثم عينه سفيراً ، بل تمكن المستعمر  من أن يجعلهم خنجراً يطعن به ظهر الوطنيين نتيجة مواقفهم الوطنية فقد إنخرط معظم أبناء المسيحيين في المليشيات التي عرفت (بالباندا والكمندوس) التي مارست شتي أنواع التعذيب في أوساط الشعب الإرتري المسلم كأحد أبرز جرائم الإبادة الجماعية قتلاً وسحلاًونهباً وحرقاً لقري بأكملها والتي منها (عد أبرهيم ، وعونا ، حرقيقو …. الخ) وقد نفذ تلك الحملات أبناء قري مسيحية معروفة منها (عدي نأمن، دقي شحاي، ليبان، هبلا…الخ).

تسامح المسلمين وحرصهم علي التعايش الديني وجهودهم في الوحدة الوطنية

*يحسب للمسلمين وعيهم وكشفهم للمؤامرة التي كانت تستهدف إرترياً أرضاً وشعباً علي أسس طائفية وعرقية ،  فبفضل رفضهم القاطع لمشروع التقسيم قد حافظوا علي الكيان الإرتري موحداً علي الرغم من مناصرة المسيحين لذلك المشروع إما جهلاً وغفلة ، أو تواطؤا مع الأجنبي ، وتصديهم لمشروع ضم إرتريا الي إثيوبيا وتقديمهم  لأطهر الدماء وأغلي الأرواح قربانا لذلك ،ثم رفضهم للتهافت علي فتات الحلول الجزئية والإستمرار في المطالبة بالإستقلال وتفجيرهم للكفاح المسلح أحال ما كان يراه أنصار حزب الأندنت مستحيلا بالأمس جسدته تضحيات أبناء المسلمين وبعض الوطنيين من المسيحين الذين ناضلوا جنبا الي جنب إخوانهم المسلمين حقيقة ماثلة .

*قبولهم المسيحيين الذين تدافعوا الي صفوف جبهة التحرير الإرترية- بشكل ملفت للنظر  عقب سقوط نظام هيلي سلاسي –  التي ناصبوها العداء وتم الترحيب حتي بأولئك الذين كانو يحتلون مواقع قيادية في صوفوف العدو الإثيوبي ويحاربون الثورة الإرترية بل كانوا هم من  تولى أمر مواجهة الثورة وساموا الشعب الإرتري سوء العذاب دون  تحفظ أوالإلتفات الي ماضيهم الأسود وعلي سبيل الإستدلال نذكر( تدلا بايروا) الوزير ثم السفير للحكومة الإثيوبية  و(برخت هبتي سلاسي ) وزير العدل في حكومة الأمبرطور علاوة علي مئات الجنود ممن مارسوا الظلم والإضطهاد ضد الشعب الإرتري .

*فتحت الجبهة أمامهم كل مؤسساتها لإستيعابهم حيث تبوأ أصحاب الكفاءات منهم مواقع قيادية وأسندت للعديد منهم مهام التثقيف والتوعية في أوساط المجتمع وفي صفوف الجيش .

*بلغت درجة التسامح أعلي مستوياتها حين تنازل أبناء المسلمين دون إملاء من أحد  عن حقوقهم من أموالهم  ودماء أهليهم التي سالت علي أيدي تلك المليشيات وغضوا الطرف عن مرتكبي تلك الجرائم بمجرد إنخراط أولئك  في صفوف الثورة والتحاقهم بجبهة التحرير الإرترية .

*لفرط حرص أبناء المسلمين علي إحترام مشاعر المسيحيين ترك الكثير من المناضلين من أبناء المسلمين  الشعائر التعبدية ( كالصلاة )  وقد بلغ الحرص ببعض السذج من أبناء المسلمين  لدرجة أن صاروا قياصرة أكثر من القيصر نفسه فما أن يلتقي المسلمون في شأن يخص عقيدتهم إلا وتجد من يتصدى لذلك من بينهم قائلا ولكن ما موقف إخواننا المسيحيين من ذلك .

 

في الحلقة القادمة نواصل ،،،،،،

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6646

نشرت بواسطة في يونيو 26 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010