ما الذي يلي إرتريا من زيارة رئيس وزراء إسرائيل لإثيوبيا

نتنياهو مع زعماء شرق افريقيا

نتنياهو مع زعماء شرق افريقيا

لا بد أن جولة نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل في إفريقيا تحمل الكثير في طياتها مما قد لا يفطن له بنظرة عابرة ، وإن كان في إعتقادي أهم أهدافها ترتيب الأوضاع في جنوب السودان وفي إرتريا بإعتبارهما قاعدتين متقدمتين لإسرائيل في إفريقيا وقد إستفحلت أزماتهما إضافة إلي الأوراق الإسرائيلية الأخرى خاصة في شرق في إفريقيا .

وما يهمنا نحن هو الشأن الإرتري في الملفات الإسرائيلية وهو للعارفين شأن مستعمرة بمستعمرها بكل أوزان وتصاريف الكلمة ومن أراد التأكد فاليراجع دور إسرائيل في تقرير مصير إرتريا سواء في الخمسينيات أو التسعينيات من القرن الماضي . فلإسرائيل أكبر قاعدة عسكرية في إرتريا ، وهناك قواعد أمنية برية وبحرية وجوية ، ولإسرائيل مصالح ووجود إقتصادي ثقيل بشركات زراعية تستغل حتى إنتاج الدول المجاورة بالتهريب كالصمغ العربي والسمسم والفول السوداني والمولاص ، إضافة الي الإنتاج الزراعي من الخضر والفاكهة والحبوب الذي توفره المشاريع الإسرائيلية في إرتريا يقول عثمان سبي أنه إبان مقاطعة الدول الإفريقية لإسرائيل في سبعينيات القرن الماضي كانت إرتريا وحدها كافية لتوفير كل متطلبات الأسواق الإسرائيلية من سلع زراعية وحيوانية وسمكية .

وكانت الشركات الإسرائيلية مثل شركة انكودا في الخمسينات والستينات تذبح 250 بقرة يوميا تصدر لحومها الي الأسواق العالمية في أوروبا وأمريكا وغيرها واليوم توجد سفن ضخمة تشحن الأبقار بكميات كبيرة يطلب من المواطنين شحنها مباشرا وذلك منذو التسعينيات فاليوم لإسرائيل شركات تعدين كبيرة وحيوانية وسمكية بالإضافة الي الزراعية والتجارية والصناعية ، إذن لإسرائيل ثقل كبير وكبير جدا في إرتريا ويكفيك أن تجارة الأسلحة الإسرائيلية عبر إرتريا كشفتها إحدى الطائرات التي أزمت العلاقة ظاهرا في منتصف العقد الماضي تقريبا بعد تحقيق إسرائيلي كشف أن الطائرة أقلعت متلبسة من مطار تل أبيب .

فمن يأتي بقواعد يستأجرها في إرتريا يأتي ضيفا علي إسرائيل وليس علي إرتريا ، وليس الهدف هنا هو دعوة لمحاربة الوجود الإسرائيلي أو مقاومته ، وإنما نستهدف قراءة واقعية وموضوعية لثقل التأثير الخارجي في الشأن الإرتري والأدوار الفاعلة في المصير الإرتري خارج الإرادة الوطنية سواء عند النظام الحاكم أو المعارضة أو أي نظام قادم في المستقبل .

ولأن لإثيوبيا دور عملي فاعل في الشأن الإرتري الحالي أو القادم تعتبر إثيوبيا أيضا من ذوي الثقل والتأثير الخارجي لا ينكره إلا مغالي ، ومعلوم ومؤكد أن بيد إثيوبيا الكثير من الملفات الإرترية الخطيرة والمصيرية حاضرا أو مستقبلا ، أقول هذا ليس من باب إبراز أهداف إستحواذية أو تآمرية لإثيوبيا وإنما الهدف تحديد القوى الفاعلة والمؤثرة في المصير الإرتري ولجملة ماسبق كان من المفترض أن الملف الإرتري أهم برنامج زيارة نتنياهو لأديس أبابا ولأسباب أخرى تعطي الزيارة الخصوصية التي نفترضها منها :

– إنهارت الأوضاع الداخلية للنظام في إرتريا وأصبح منتسبيه والأقربين يتمنون زواله  فهومتهالك إلي ما لانهاية .

– ملفات حقوق الإنسان كشفت حقيقة النظام الدموي الدكتاتوري وإحتشاد الإرتريين في كشفه وتعريته جعل منه محل لعنة دولية لا يمكن له التبرئة بعدها .

– كل من حول النظام من الدول المجاورة تكن له البغضاء والعدواة ، حتى من يتظاهر منهم بغير ذلك لأن هناك ملفات سرية مسكوت عليها مليئة بالتجاوزات والعدوانية والشغب تجاه هذه البلدان .

– والأهم من ذلك لدى إسرائيل أن إثيوبيا هي من يملك بديل النظام أي خيارات بديله

أقرب لإثيوبيا ، وهي من تتوفر لديه وسائل تغييره مباشرا أو غير مباشر مثل الصدام الأخير بين البلدين إذا تكرر أو تطور ربما يعني زوال النظام .

كل هذه المخاطر والمهددات لمصير النظام الإرتري لا يمكن أن تقبل به إسرائيل فخيار إسرائيل إما أن يبقى النظام آمنا مطمئنا أو إذا لزم الأمر أن يتم التغيير وفق سيناريو إسرائيلي لا يفرطىقيد أنملة في مصالح إسرائيل وحراس هذه المصالح ولا شك في أن الدبلماسية الإثيوبية تقدر الأمور حق تقديرها ولذلك ليس المتوقع هو خلاف بين إثيوبيا وإسرائيل في الملف الإرتري وإنما تنسيق في إدارة ما هو موجود معارضة أو نظام وكذلك فيما يأتي من بعد .

وإثيوبيا دائما مقدمة علي إرتريا إسرائيليا ونظام منسق مع إثيوبيا أولى عند إسرائيل.

الزيارة ليست عادية والتغيير متوقع في كل لحظة لأن الوضع أصبح بحاجة الي ترميم عاجل لذلك علينا إستشراف النظام القادم حسب المواصفات الإسرائيلية والحضور الإسرائيلي في الحراك الإرتري المعارض في بديل النظام لا يشك فيه متابع ومراقب حصيف .

ولذلك يمكن قراءة الخيارات الإسرائيلية للنظام الإرتري القادم حسب الفرضيات التالية :-

– لا يمكن أن تسمح إسرائيل بنظام يحكم إرتريا خارج سيطرتها وتحكمها .

– وبإعتبارها لا تتوفر فيها المواصفات الإسرائيلية لا يمكن تمكين القوى الوطنية ذات الثقافة العربية والإسلامية بل ستظل ضيفا علي كل نظام قادم يقرب منها أو يبعد .

– ستصنف القوى الوطنية المعارضة تصنيفا جديدا لتحديد من يهادن أو يحارب ويبعد أو يقرب ويقبل .

– ليس هناك خلاف مع أي من برامج التظيمات التي يغلب عليها المسيحيين وبرامجهم .

– سيتاح لبعض التنظيمات القومية فرصة ملمعة بارزة لإمتصاص الغبن القومي الذي أوجده النظام الحالي .

– النظام القادم يجب أن يرسخ كل ما نفذه النظام الحالي علي أنه إنجاز وطني يجب

الحفاظ عليه .

– سيسمح للاجئين بالعودة ولكن ضمن نفس الشروط السابقة أو ما حولها ، وليس الأمر بالخيار كما يرجون العودة الي ديارهم وأرضهم ، لأن الهدف وراثة الأرض لا يمكن أن يفرط فيه ، فالأمر سيتعلق بحل إشكالات النظام والإشكالات المزمنة الأخرى ولو مؤقتا .

ليس هذا تشاؤما أويأسا وإنما هي محاولة لتلمس الحقائق المتوقعة بناءا علي ما هو موجود فأرضية الدولة ومرتكزاتها وضوابط التغيير وخصائص البديل كل ذلك ينبني علي شروط داخلية أو خارجية وماهية القوى المتحكمة في جملة هذه العوامل وما يجب إستقراءه سلفا وجس عوامل نبضه للتعرف علي مواصفاته المفترضه .

قد يكون هناك سينايوهات أخرى لكن عواملها ليست في الأفق الآن والله أعلم .

ولا نملك إلا أن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل

صالح كرار 15/7/2016 salehkarrar@Gmail.com

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=37494

نشرت بواسطة في يوليو 18 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010