متي سنستبدل صورة عواتي بعريس جديد ؟

دكتور الجبرتي

عواتي نستميحك عذرا أن نتحدث عن فحولتك ونحن خصيان زماننا وقضايانا ، نجادل عن افعالك وافعالنا لا تساوي مناما لك في ساحات الفداء ، نتذكرك كل يوم ونحن نشرب الشاي بالنعناع علي شواطئ أوروبا ومولات الخليج ، ندافع عنك عبطاً وسفها ، نتقاتل ونتشاتم في كيف واين بدأت حياتك النضالية والفدائية ، ونحن في أحضان نسائنا ، القليل منا هكذا والبقية بين احضان اخريات . هذا نضالنا فاعف عنا دمائك الطاهرة ، واغفر لنا عندما سألنا عن قبيلتك وأصلك .

               اليوم نتجرأ عليك بعد أن أصبحت صورتك علي حائطنا وفي حفلاتنا وعلي ذواكرنا سيفا يطعننا علي مؤخراتنا الممتلئة سفاهة وكسلاً . ذكورتنا التي لم تحفظ سوي كلماتك ، وتاريخك ، وأغنيات النضال التي كنت تتغني بها . نكررها كل عام ، و إن نسيناها ذكرنا بك سفيه حاقد حاسد ، فنقوم لنرغي ونزبد ونستنكر وندين ، ونرفض مضاجعته  لنا مرة اخري في اي مؤتمر اواجتماع ، لانه اساء اليك .

            ذكورتنا لا تري في صورتك ، ذلك السلاح الذي رقصت علي انغامه ، لا تشاهد  الوشاح الرصاصي الذي تتوشح به من برودة الثورة فتعيد تعبئته لتدفئ الوطن . ذكورتنا لا تلمح في صورتك غرة الصلاة تلك التي علي جبهتك الذي لم يسجد لغير الله ، ولم ترجو غيره .

              فرسك ذلك الذي لا نساوي شعرة علي صدره ، نقطة عرق علي غرته ، أو زفرة من انفاسه التي قضاها معك جهادا نضالا كفاحا . نحن وبكل سياسيينا وشيوخنا ولصوصنا ومؤتمراتنا وتظاهراتنا ، لا نساوي دخان بارودك الذي طالما ملأ صدرك أملا وثقة في النصر . اصبح الفرس يصيبنا بالدوار بالانتكاريا ، يذكرنا بالخيبة الكبيرة التي تركبنا .  

         اليوم وفي نفس المواقع التي بدأت فيها أولي خطوات النصر والاستقلال ، يرقد العدو مع حفيداتك ، بعد ان بني علي رؤوسنا بارا وكنيسة ، ونحن هربنا وهربنا وهربنا مرة اخري ، لنموت بين احضان العجز والجبن والكلام . لساننا سيفنا الكذاب الذي لا نستله الا لمواجهة قريب او شقيق . أحفادك اليوم يشاطرون أحفاد العدو بيتك واحفاد فرسك ، يرقصون معهم علي انغام الالم .

          أحفادك اليوم يتباكون علي سمعتك الشريفة ، لان فلانا اساء اليك وعلانا شتمك وانت في الجنة . تري هل يدرك ابو الدرداق القمر ، تري هل يسئ للشمس قذي بعض العيون .. بالله من المسئ اليك عواتي ، ذلك الذي عرف قدرك وعلوك وشرف مكانتك ، واراد أن يتسلق روث خيلك و لم يبلغ مصدره .؟ ليظهر ولو علي قمة الروث . نعم لمحناه هناك واخبرنا الجميع .

           أم نحن الجالسون علي الارائك ، نستنشق اراجيلنا ، نداعب احفادنا ، ونحكي لهم كيف خذلناك يوم المعركة .. ونفتخر ، نحكي لهم  شيبتنا علي شواطئ النضال الناعم الكاذب ، واننا واننا و كيف هربنا من ملا قاتك في اعلي الجنان . تري من المسئ ، الذي يحفظ و يتحدث عن القران ولا يفعل منه شيئً ، أم الكافر .. ويل للمصلين .  

         اختصرنا تاريخك الذي نعيش علي شعلة نوره ، في كلمات خائبة نكتبها ونلقيها في مواسم العهر السياسي الذي نمارسه مع بعضنا في كل مكان وزمان ، اربعون عاما مضت علينا ونحن نمارسها علنا ، فاصبحت عادية فينا الرماثة . عواتي بالله عليك هل تعرف السياسة والخساسة والرياسة ؟؟ نحن نعرفها ونعرف اكثر منها كيف نحضر للدياثة . 

          اعذرني عواتي ، فانا أجبن من أن أواجه صورة فرسك .. لا أنت ! فكيف أنت .. كل صباح ، كل موسم وكل ما جاء سفيه وعبث . اعذرني عواتي فانا ابحث عن زعيم اخر يسكب البارود علينا يحرق موتنا ، ينطق الاصوات فينا ، يلمع الذخيرة والالغام ، يحشرنا اليها مثل النعام . يعلمنا كيف نصحوا من احلامنا لنركب موج العز لا موج اللئام . لنعتلي تلك الجبال الخضر نحضن تربتها ننام . نبحث عن خطواتك عليها ، نرتجي ان نسمع صهيل خيلك بين صدي طيات التلال .

            عذرا عواتي نبحث عن صورة اخري نعلق تحتها اسما جميلا قبل اسمك ، يعلمنا كيف نلمح بين سطور تاريخك ، الالهام .. غرام الارض حين يخذلك الانام . وصدق الله مثل صدقك  ، ان آمنت به وجدته وإن لم تؤمن به ، ضعت وضاعت الاوهام.

              يعلمنا كيف ان الارض هي الجنة الاولي و الأخيرة ، لا نحلم بغيرها ، لا نفعل لا نموت لا نسمع سوي صوت الانين ، لموت ابنائها في صحاري غيرها ، في بحار غريبة لا تقدر احضانهم تلفظهم بعيدا عنها . فنحن لم نفهم لغتك ، لم يعلمونا حروفها ، لم ندرسها حصة الفقه الذي كتبته بدمائك ، يفسر الوحي الذي تلوته علي مر الايام ، يحفظه الله القوي ، ويولد من سينشره علينا ، يعيده علي اسماعنا يلقيه علي وجوهنا لنرتد علي بصر . فالجهل والجبن علي عيوننا قد اعموا البصيرة لا البصر  .

         نبحث يا شباب عن شاب بعمر عواتي ، بفحولة فرسه ، بطول بندقيته ، بلمعان الرصاص ، صوته كالرعد حين يشق موج دخان السحب يخبر انها سحب فقط ، لا جبال  ، عينه كالبرق تُرجف كل من في قلبه خور او خيانة.  فكره النصر حيا أو مسلماً الامانة. حزبه وطن فسيح اخضر ، الكل فيه أعضاء ، الكل فيه له حقوق واحدة . قبيلته ارتريا في كل لون في كل موسم في كل عيد ، هل تسمعوني يا شباب أم رمتموني أن أعيد .

             نريد جيلا لا يخاف لا يعرف المصاعب لا يهاب الكفر والأعداء ، لايخشي صعود الجبال . لا يحب سوي بلاده ، لا يعشق غير من تحمل الكلاش تعتمر الرصاص تلبس علي خصرها طوق القرنوف ، ترسل الآلام للأعداء ، تغير من الحور العين ، تحضن صحبها حتي الممات ، تشرب من دماء الكفر كاسا طاهرا يروي الرفات . بنت اسمها حياة . اراها ترقد خلف جثة صحبها تكيد للاعداء كي لا يفوت حبيبها للحور ، تريد تذهب معه تريد غسلا بالدماء . فاتت حياة مع الحبيب ويبقي اسمها حياة .. ويييين يا بنات. 

        لماذا لا تكون صورة صدر البيت هي لحياة . لماذا كل صورة للجيش للاموات للشهداء ، ليس بينهم حياة . هل كنا سننام ان كانت صور الشهيدات العفيفات الحوريات هي ما يعلق في المواسم في صدورالمحافل ، للذكريات . الاحتفال غدا بيوم الشهيدات ، و سندرس تاريخ الشهيدة سلوي وحنان ، وكيف انهن لم يتركن العدو للحظة أن ينام ،  خمسة وعشرون عام .

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=34490

نشرت بواسطة في مايو 12 2015 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010