محطات ورحلة ..”الجيلانى طريبشان.. القصيدة والإنسان”

رمضان سليم

ماذا يمكن أن نسمى الكتاب الذى أصدره أخيرا الكاتب الصديق أبو بكر حامد؟ نعم إن عنوان الكتاب هو “الجيلانى طريبشان، القصيدة والإنسان” وهو عنوان يوحى لنا بدراسة نقدية للوهلة الأولى لكن الأمر ليس كذلك فعليا، وبالتالى علينا أن نتساءل عن نوعية هذا الإصدار.. هل هو كتاب نقدي؟ أم هو كتاب فى السيرة؟ وهل هو كتاب يدرس حالة إبداعية؟ أم أنه كتاب أقرب إلى الرسائل الأخوية المعروفة بين الأصدقاء بطابعها الذاتى والاجتماعى والحقيقة إن الكتاب يجمع كل ذلك، ويغمس كل الاشياء فى بعضها بدون تحديد المعايير أو الجرى وراء المقاصد والانواع.

لقد أصدر ابوبكر حامد سابقا رواية بعنوان “رائحة السلاح” وهى عن الحرب الإريترية وكان نصا مفتوحا يتداخل مع السيرة الذاتية ورواية الحرب والرواية الحوارية، وهو أمر نراه يتكرر فى ها الكتاب الذى ينفتح على مقاربات كثيرة يسيطر عليها الجانب الذاتى الشخصى والتحرر من القالب الفنى من أجل الاقتراب من الشخصية التى يتعامل معها الكتاب وهى شخصية الشاعر الجيلانى طريبشان.

الكاتب والشاعر

لماذا الحديث عن النوع؟ لأن الكتاب كاد أن يقترب من الرواية لو أراد له صاحبه ذلك، لكن فضل هذا القالب المفتوح الذى جاء فيه الكتاب، عبارة عن تفاصيل واختيارات وقصاصات من مساحة زمنية قضاها الكاتب مع الشاعر.

يمكن لنا أن نقبل الكتاب على علاته باجتهاد واضح من الكاتب الذى ترك القلم يعبر ببساطة عن مشاعره تجاه شاعر متميز من شعراء ليبيا المجددين، لكن الناقد الأدبى يعتبر الكتاب مدخلا مهما لقراءة قصائد الشاعر طريبشان، فنحن فى النهاية نضع الإنتاج الشعرى فى المقام الأول وما يأتى بعد ذلك لا بد أن يكون فى خدمة هذا الهدف.

إنه كتاب من الحجم الصغير صدر عن مجلة “المؤتمر” التى تصدر عن المركز العالمى لابحاث ودراسات الكتاب الأخضر، وضمن سلسلة من الإصدارات التى تستحق التنويه لأنها شملت أنواعا عدة من الكتب وقدمت أسماء مختلفة أكثرها أصدر كتابه الأول للمرة الأولى.

يهدى الكاتب كتابه إلى بعض الأصدقاء وهم عامل مشترك بينه وبين الشاعر، والأصدقاء فى الحقيقة كثر، لكن وقع الاختيار على من هم أقرب للرحلة التى التقى فيها الكاتب بالشاعر.

الكاتب والشاعر، إنها محطة تجمع شخصين فى رحلة واحدة.. يقول مؤلف الكتاب: >هنا لا بد من القول إننى لا أهدف عبر هذه الأسطر أن أخط كتابة نقدية عن تجربة الجيلاني، فهذه مهمة ليست بالسهلة ولا أرانى قادرا عليها – الآن – على الأقل، وكل ما وددت أن أدونه عزيزى القارئ، كما ستلمس، هى مشهديات بسيطة عن ذكريات وعن شعرية فقيد الفن والإبداع الذى رحل عن دنيانا.<.

من الواضح هنا أن رحيل الشاعر الجيلانى طريبشان فى الثانى من شهر يوليو من العام 2001 كان سببا رئيسيا لتأليف هذا الكتاب ولذلك جاء فى شكل ذكريات مشهدية، سيطر عليها مبدأ الواجب الأخوى والشعور الوجداني، حتى وإن كانت تشير إلى توجهات أدبية نقدية.

وقفة خاصة

لذلك كله سوف نجد أن بداية الكتاب كانت مع وقفة بعنوان “اليوم الأخير” ويعنى به أمسية برابطة الأدباء والكتاب ضمت الكاتب الشاعر ومعه بعض الأصدقاء وعلى رأسهم الناقد أحمد الفيتورى الذى بدا وكأنه يلخص مسيرة الشاعر الجيلانى عبر تجربته فى صحيفة “الأسبوع الثقافي” فى السبعينيات وهو الناقد القادر على ذلك.

يقول مؤلف الكتاب: >كانت تلك الجلسة غريبة، كأنها تلخص مشوار الجيلانى وحياته الابداعية وتضع فاصلة فى آخر سطر من حياته! وكان الجيلانى يعبر عن رضاه لما تطرق إليه الفيتورى فى هذا الاستعراض التلخيصى وعبر عن رضاه الكامل عن تجربته وعن سيرته ومنجزاته.<.

يبدأ الكاتب فعليا من محطة اسمها اللقاء الأول، وهذا مدخل طبيعى للكاتب .. ففى عام 1989 تعرف الكاتب على الشاعر بمقهى باب البحر مع عدد من الاصدقاء الأدباء الذين يرد ذكرهم أكثر من مرة داخل الكتاب، والأهم أن الكاتب أبو بكر حامد قد عرف الجيلانى عن قرب عندما توثقت العلاقة بينهما وتوطدت وخصوصا عندما سكنا معا فى خان السراي، وهو مبيت جماعى فى المدينة القديمة بطرابلس يضم عددا من الغرف المنفصلة.

أما السبب المباشر فى استمرار العلاقة، فقد كانت أساسها دعوة طريبشان للكاتب بأن يسكن معه فى غرفته، ولا سيما بعد أن عرف بمشاكل السكن التى يصادفها بشكل يومي.

أمكنة تذكر

إن المكان هو مبرر العلاقة، وهو يبرز كأهم معلم فى هذا الكتاب، حيث يتكرر ذكر الأمكنة، المقاهى والمطاعم والفنادق الصغيرة ومقرات معينة وشوارع وأزقة، وكأن المكان هو الذى يجمع هذين الغريبين، ليس عن بعضها، لكنها غربة العابر الذى يبحث دائما عن مأوى ولا يكاد يجده.

إذا أضفنا إلى ذلك أن الكاتب من إريتريا، غادرها للاستقرار والعمل فى طرابلس، والشاعرمن مدينة الرجبان البعيدة نسبيا عن طرابلس، ارتحل من أجل العمل الصحفى والثقافى وبحثا عن آفاق مناسبة تهيئها المدينة بدرجة معينة، فقد علمنا إذن مقدار حاجة الكاتب للشاعر والشاعر للكاتب، فقد توحدت فيهما صفة العابر الراحل، الباحث عن الدفء اللاهث الذى يجرى وراء غايات لا يكاد يدركها.

منذ الصغر كان الجيلانى يتحرك ومثلما يراه كل شخص من النادر أن تجده جالسا أو واقفا، إذ ليس لديه وقت للجلوس والوقوف، فهو لا يجيد كثرة الحديث، إنما هى كلمات يقولها لا يدرى سامعها هل يعنيها فعلا أم أنه يعنى غيرها من المعاني.

ولقد جاء فى متن الكتاب ما يشير إلى ذلك، فقد سكن الجيلانى صغيرا فى أكثر من منزل، المدينة القديمة، أبو الخير، زاوية الدهماني، وقبل ذلك وبعد ذلك الرجبان، فضلا عن أمكنة العمل والسكن الفردى المبعثر والمقاهى والخانات التى لا بديل لها.

يمكننا أن نضيف إلى ذلك سفر الجيلانى إلى العراق وبقاءه هناك لسنوات، ثم سفره الى دبلن والعودة إلى ليبيا، وفى جميع الأحوال هو ذلك الشخص البسيط الذى يقترب من الأرض حجما ويرتفع عنها مقاما، وهو المحتاج دائما إلى أبسط ضروريات الحياة.

أما الكاتب أبو بكر حامد فهو من نفس النوع، بل يتفوق عليه فى المكابرة، والغريب أن كليهما باحثان عن ملاذ ومأوى يهرب منهما دائما رغم الالحاح بالوصول إليه.

محطات وتفاصيل

لا يخرج الكاتب فى كتابه على التسلسل التاريخى لتطور علاقته مع الشاعر الجيلانى طريبشان، بل يقفز فى تصوير والتقاط بعض الذكريات، ولعل أفقر المحطات ما يورده منها من الخارج، أى تلك المحطات التى سمعها وعرفها عن بعد ولم يكن شريكا فيها، لكنه وهو يعد كتابا حول هذه التجربة لا بد للكاتب أن يورد بعض التفاصيل التى تشير إلى الشاعر وعلاقاته وانطباعاته ولو كانت من الخارج.

أما أكثر المناطق متعة فهى تلك اللحظات التى يقتنيها الكاتب مباشرة مع شخصية الشاعر، فى مقهى أو غرفة أو فى حوار جانبي.. من ذلك على سبيل المثال فقرات مثل: “مسرات ومسرات الزواج”، “السكن”، لكن الأهم تلك الفقرة التى اسمها “ليلة الحزن” والتى برز فيها ذلك المشهد الذى اصطاده الكاتب رغم ظلمة الغرفة الحزينة، ويكشف المشهد عن ذلك الحزن الذى يكمن فى أعماق الجيلاني، فهو ساخر أحيانا فى كلماته، لكنه من الداخل يحركه حزن دفين، وأحسب أن هذا الحزن الكامن فيه يكاد يمنعه من الحديث العفوى المنطلق، والمسألة هنا ليست ذاتية، بقدر ما تعود إلى ثقة كبيرة فى النفس لا تتناسب والمستوى الاجتماعى والمادى الذى عليه الشاعر، وهى مسألة لها طابع نفسى اساسها تقدير الشاعر لنفسه، ومعايشته للنصوص الشعرية وعالم الأدب الرفيع، الذى يجنح صاحبه نحو العزلة.
إن الجيلانى شاعر من جيل السبعينيات وهو من الشعراء الذين وصفهم الناقد منصور أبو شناف بأنهم “الجيل الجسر” حسب وصف الكتاب، لكنه الجيلاني، يختلف كثيرا فهو لا يعرف كيف يتملق وكيف يقترب، وكيف يجامل، وما نقله الكاتب فى كتابه صورة كاشفة لذلك، وسوف يصطدم بعض ممن لا يعرفون الجيلانى إلا شاعرا من خلال النص، بكل ما جاء فى الكتاب، من مرارة وقسوة، حتى إننا سوف نعيد فى الذاكرة ما حدث لبعض الشعراء من تجارب متشابهة، أمثال السياب وقبله الشابى وبعده أمل دنقل ونجيب سرور وغيرهم.

المشكلة هنا أن القسوة الحياتية قد هزمت الشاعر، فلم يعد يهتم ينصوصه، فهى تضيع منه غالبا، ويذكر مؤلف الكتاب شواهد على ذلك، ربما تساعدنا على الاقتراب من شعر الشاعر.

ولكن السؤال الذى يمكن طرحه على ضفاف الكتاب، هل ينبغى أن تكون هناك علاقة بين حياة الشاعر وشعره؟ أو بالأصح هل يجب أن تقودنا حياة الشاعر إلى شعره؟
إن الإجابة تظل مفتوحة لتسير بنا بعض سطور الكتاب إلى ملامح من كل ما ذكرنا، لكن وبسبب قلة الأبيات المذكورة فى الكتاب، فنحن لا نستطيع أن نربط ربطا مباشرا بين مكابدات طريبشان وقصائده المتناثرة القليلة والتى يصر على أن تكون قليلة.

مساحة القصيدة

من الزوايا التى يذكرها الكاتب، مساحة يخصصها لكيفية كتابة الجيلانى للقصيدة، والمكان بالطبع هو مقهى بفندق الأطلسي، حيث يمسك الكاتب بلحظة ولادة القصيدة، ويصف حالات ذلك من طريقة مسك القلم إلى طريقة الكتابة وانعكاس ذلك على الوجه واللسان، بل هناك لحظة يصعب التقاطها إلا لمن كان مقربا للشاعر، عندما تسقط العبرات من العينين وينتشى القلب من الفرح وتغمر الجسد لذة الإبداع.

لا أريد أن أكرر النصوص الدالة، فهى قليلة، لكنها كافية، والكتاب يختصر الكثير من اللقطات، مثلما يقتصد الشاعر فى اختيار كلماته ولا تخرج عنه، بعد أن تضغط عليه، إلا فى أقصر وأوجز حالاتها.. وهذا الملمح تشير إليه صفحات الكتاب عندما تتكرر عبارة مفادها أن القصيدة تبقى فى جيب الجيلانى مدة طويلة وهى بهذا إما أن ترى النور أو أنها تضيع!!

هناك بعض اللحظات الحاسمة التى مر عليها الكاتب، وهى تدلنا على أن ما بداخل الشاعر هو أشد توهجا مما يظهر فى الخارج، وخصوصا عندما تطرق الكاتب إلى اقتراب الجيلانى من لحظة الانتحار، أو سيطرة هذه الفكرة عليه لفترة طويلة، وأرجح أن الارتحال من مكان إلى آخر كان سببا فى ذوبان هذا الانتحارى مع مرور الأيام، ومن بعد ذلك دخول الشاعر فى تجربة زواج سريعة فرضت عليه اجتماعيا، وانتقاله إلى حياة أخرى مختلفة تتضمن الكثير من المسؤولية والتى حاول الجيلانى طريبشان أن يبتعد عنها طوال حياته.
الداخل والخارج

كان الكاتب خارجيا إلى حد ما بالنسبة لتطرقه إلى حياة الجيلانى الأسرية ومجيئ الأولاد بعد ذلك، وإن كان قد تلمس أبعادها من انفعالات الشاعر ومحاولاته اليائسة للحصول على مسكن فى طرابلس وقبل ذلك مشكلة العمل، وغيرها من المشاكل التى تفيد بأن الشاعر لم يستطع التأقلم مع الفضاء الذى يعيش فيه، وأنه كان يحمل غربته بين يديه، ولقد أجاد الكاتب أبو بكر حامد فى نقل بعض الشواهد على ذلك، وهى شواهد مختارة من أحداث ووقائع فعلية، صاغها الكاتب بطريقته الوجدانية ذات الحساسية العالية.

إن كثرة الانتكاسات فسرها الكتاب بأنها لعنة تطارد الشاعر، فهو الذى يصنع قصائده باستمرار ومن ذلك ما ضاع فى خان السراي، ثم المجموعة القصصية التى سلمت لأحد الأشخاص وفقدت بعد ذلك ولا توجد أية أخبار عنها.

أما ما ارتكبه الجيلانى بحق نفسه فأكثر من ذلك، ذلك أنه أتلف كتاباته عندما رماها فى نهر الليفى بأيرلندا لكى تكون قربانا من أجل ما هو مجهول، وكأن النصوص تبقى أكثر خلودا عندما تذوب فى الماء.

وما ينبغى ملاحظته أن الشاعر يسير فى أكثر من خط، فهو حينا يستعدى عذابه، وفى أحيان أخرى يضحى بما عنده من أجل أن يبقى ويعيش ويستمر فى حياته.
لم يتطرق الكاتب كثيرا إلى علاقة الجيلانى بالمرأة عدا شذرات بسيطة عن فتاة من أيرلندا “إيزابيلا”، ومراسلته للكاتبة نورا من الجزائر، وزواجه السريع ولا تبدو المرأة قاسما مشتركا للحوار بين الصديقين إلا فى حالات نادرة.

هناك علاقات شخصية تربط الشاعر مع بعض الأصدقاء،وقد تم ذكرهم فى أكثر من مكان ومن ذلك علاقته بالكاتب كامل المقهور، وعبد السلام الغرياني، ومحيى الدين المحجوب، وأحمد بللو، وحسين المزداوي، وغيرهم، لكن تبقى تلك الصداقة التى جمعته مع أبناء جيله هى الأهم، وهى تبرز من خلال ثنايا الكتاب واضحة، ولا سيما علاقته مع صديقه رضوان أبو شويشة الذى يعرف الجيلانى طريبشان عن قرب ويتداخل مع حياته معايشا ومفسرا لتصرفات الشاعر ومتغيرات الأقدار من حولها بنكهة فلسفية.

المسؤولية والجدية

يوحى لنا الكاتب بأن الجيلانى طريبشان كان على مشارف إدراكه لقرب يوم وفاته وهذا ما نجده دائما يتردد، عند الشاعر أو عند غيره، ومن ذلك استخدامه لمصطلح “حامل التوابيت” الذى رآه وهو يحمل نعشه ويعود به من فنزويلا التى ينوى الجيلانى الرحيل إليها ليعمل فى العمل الثقافى الخارجي، والمقصود طبعا هو الروائى إبراهيم الكونى الذى أحضر معه جثمان الكاتب الصادق النيهوم من سويسرا، لكن الكاتب عن الشاعر عرف هذه المرحلة الأخيرة، جعل الحديث عن الموت خفيفا.

لم يكن الشاعر الجيلانى طريبشان عابثا، بل كان شخصا جادا، لكنه كان يخشى المسؤولية ويخاف منها، وربما كان السبب فى ذلك طبيعة عمله المتواضع والذى جعله يعيش عيشة الكفاف رغم محاولة كل الاصدقاء مساعدته.

لم يأت الكاتب بالكثير من كتابات الشاعر المقصود، وربما لم تبق معه إلا بعض القصاصات التى أوردها فى آخر الكتاب وهى مراسلات بين الشاعر والكاتبة الجزائرية، أما باقى الأوراق فهى إما ضائعة أو تنتظر النشر، ومن ذلك رواية لسنا ندرى ماذا حل بها!!

لقد كتب الجيلانى طريبشان الكثير من الشعر، أودع بعضه فى ديوان صدر مبكرا بعنوان “رؤيا فى ممر 75″، والثانى “ابتهال إلى السيدة ن” والباقى شبه ضائع أو شبه مفقود، بالإضافة إلى رسومات وتخطيطات كان يرسمها الجيلانى منذ سنوات طويلة، واعتقد أن أصدقاءه وهم كثر عليهم واجب جمع كل ما كتبه فى لحظة مهمة يحتاجها هذا المبدع، لأن ما كتبه هو أكثر وأغزر مما نشره، وربما أهم!

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7297

نشرت بواسطة في ديسمبر 31 2006 في صفحة الصفحة الثقافية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010