مركز دراسات القرن الافريقي

 نظم مركز دراسات القرن الافريقي محاضرة تحت عنوان (التدخل الأجنبي وتأثيره على الأوضاع في الصومال) بتاريخ 31 مايو 2006م تحدث فيها الدكتور / محمد أحمد الشيخ علي المحاضر بجامعة إفريقيا العالمية والباحث بمركز الراصد للدراسات وعضو مؤسس بمركز دراسات القرن الافريقي(مزيد من المعلومات عن الدكتور في نهاية الموضوع).

وقد حضر المحاضرة المنظمة في إطار المنتدى الدوري للمركز القيادات السياسية والإعلامية والثقافية الارترية والسودانية والصومالية، وطاف عدد من الحضور على معرض الكتاب المصغر الذي نظمه المركز مستعرضاً إصدارات المركز والكتب ذات التخصص في منطقة القرن الإفريقي التي تضمها مكتبة المركز.

 

      افتتح المحاضرة السيد/ محمد عثمان محمد نور مدير المركز بالإنابة مرحباً بالحضور الكريم من ممثلي القوى السياسية والمراكز البحثية والإعلامية الإرترية وبالحضور الصومالي والسوداني.

وبعد ذلك بدأ بمقدمة عن الصومال وموقعها الجغرافي الهام الذي جعلها محط أنظار العالم ومحل اهتمام المستعمرين والغزاة عبر التاريخ، وذكر أن الشعب الصومالي منتشر ومكون أساسي لكثير من دول القرن الإفريقي، إذ نجدهم في جيبوتي وإثيوبيا وكينيا، ويعتبر الصومال الدولة الوحيدة في إفريقيا التي يشترك شعبها من حيث التاريخ والدين واللغة، ولكن في الواقع ومنذ سقوط نظام محمد سياد بري في العام 1991م فإن الصومال يعيش حالة اللا دولة، جسد بلا رأس ، ويقيننا أن الحرب شر ولكن تكون بطعم أمر عندما تكون بين الإخوة الأشقاء، ومن خلال هذه المحاضرة نريد أن نعرف :

o   لمصلحة من تستمر هذه الحرب؟ ومن يغذيها؟

o   من هم المتدخلون في الشأن الصومالي، وماذا يريدون؟

o   ما هي مظاهر التدخل الأجنبي وهل التدخل الأجنبي في الصومال أمر حديث ؟ أم هو أمر قديم جديد؟ وما هو موقف المجتمع الدولي من الأزمة في الصومال؟ وما هو موقف دول الإقليم؟

o   وأخيراً الأزمة الراهنة في الصومال، من هم أطرافها؟ وما هي إفرازاتها في الواقع حتى الآن؟

 يحدثنا عن كل ذلك الأخ الدكتور محمد أحمد الشيخ علي.

 

الدكتور / محمد أحمد الشيخ علي

   حيًا الحضور وأكد على صعوبة الحديث عن الصومال في ظل وجود هؤلاء المناضلين الذين يعرفون الصومال أكثر منه، مؤكداً على أن ما يربط بين إرتريا والصومال من علاقات وتاريخ أكبر من أن يحصر في هذه العجالة.

والآن نترككم مع حديث الدكتور كما جاء في المحاضرة:

    وعن التدخل الأجنبي في الصومال لم يكن جديداً بل هو قديم، وسوف لن أعود أو ارجع في التاريخ بعيداً بل سأتحدث عن العصر الحديث من تاريخ الصومال، فكما تعلمون فإن الحرب العالمية الثانية أصبحت الأراضي الإفريقية جزء من ميدان المعركة، وجراء هزيمة إيطاليا الدولة المستعمرة للصومال وإرتريا وليبيا، فإن الصومال وقع تحت الاحتلال البريطاني الطرف المنتصر في الحرب العالمية الثانية، فبداية من الأعوام 1940م و1941م أضحى الصومال جزءاً من المستعمرات البريطانية، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وتأسيس الأمم المتحدة ونشأة ما سمي بمجلس الوصايا، كان هناك اهتمام دولي بالقضية الصومالية كبقية الدول التي كانت مستعمرات إيطالية، فيمكن القول أن الصومال نال استقلاله نتيجة للصراع السياسي والدبلوماسي الذي كان يدور ما بين القوى العظمى، فإيطاليا كانت ترغب في إعادة مستعمرتها الصومالية في الجنوب وكان لها ذلك، إذ أعطيت عليها الوصايا، على أن ينال الصومال استقلاله بعد 10 سنوات، فكان استقلال الصومال في عام 1960م، وحصل في تلك الفترة اتحاد بين الصومالين الجنوبي والشمالي الذي كان بدوره قد نال استقلاله قبل أربعة أيام من استقلال الصومال الجنوبي، ومن المعلوم وعند بداية دخول الاستعمار فإنه كانت هناك جماعات جهادية ضد الإستعمار، ولكن وبعد الحرب العالمية الثانية تحولت الأحزاب والتنظيمات إلى قوى سياسية تناضل من اجل الإستقلال سياسياً، وبالرغم من وجود هذه الأحزاب التي ناضلت من اجل الاستقلال إلا أنه يمكن القول أن استقلال الصومال جاء نتيجة للصراعات الدولية التي كانت سائدة بين دول المحور والتحالف آنذاك، إذن يمكن أن نؤرخ للتدخل الأجنبي في الصومال منذ الحرب العالمية الثانية، وبعد الاستقلال تم تجزأة الصومال إلى خمسة أجزاء ثلاثة منها كانت مستعمرات بريطانية (شمال الصومال وأجزاء من الأراضي التابعة الآن لإثيوبيا وجنوب شرق الصومال والآن تعرف بـ(إندي) وهي المقاطعة الشمالية الشرقية لكينيا في الوقت الحالي) والجزء الأكبر من الأوغادين وأغلبه كان تابعاً لإثيوبيا والجزء الجنوبي من الصومال كان تابعاً لإيطاليا، أما الجزء الشمالي والذي يعرف بأرض العيسى والعفر ثم استقل تحت اسم جيبوتي كان تحت الإحتلال الفرنسي، وفي عام 1960 استقل جزءان من أجزاء الصومال الخمسة واستمر الإستعمار في أجزاء من الصومال، فالأوغادين لا تزال تحت السيطرة الإثيوبية وجنوب غرب الصومال ما يزال تحت تابعاً لكينيا، أما جيبوتي فقد استقلت في العام 1977م .

ومنذ استقلال الصومال في العام 1960م بدأ ينادي بضرورة استعادة بقية الأجزاء الأخرى المتبقية منه، ومنذ ذلك اليوم دخل الصومال في صراع مع الدول ولكن هذا الصراع ونتيجة لضعف إمكانات الصومال الإقتصادية كان أكبر منه، إذ واجه الصومال كل من فرنسا وإثيوبيا وكينيا التي استقلت من البريطانيين بعد ثلاثة سنوات من استقلال الصومال. وهنا يمكن ملاحظة ان الصومال ومنذ استقلاله بدأ في مواجهة دولتين عظميين هما بريطانيا وفرنسا ودولة إفريقية قوية هي الإمبراطورية الإثيوبية، ومن هنا بدأ التدخل الأجنبي في الصومال من جديد، فإيطاليا كانت تسعى لأن تجعل من الصومال تابعاً لها، وكذلك سعت بريطانيا لجعل الصومال جزء من منظومة دول الكومنولث، فلذا يقال أن إعطاء الشمال الصومالي استقلاله قبل أربعة أيام من استقلال جنوبه كان محاولة بريطانية لجذب الصومال إلى مجموعة دول الكومنولث، إذن مع بداية استقلاله شهد الصومال تدخلات أجنبية، فالدول المستعمرة خاضت بصورة أو بأخرى صراع مع الحكومة الصومالية، ففي عام 1963م وقبل استقلال كينيا اتفقت الأحزاب الصومالية في الجزء التابع لمستعمرة بريطانيا الكينية على إجراء استفتاء يحدد وضعهم، فاختاروا ومن خلال الاستفتاء الإنضمام إلى إخوتهم الصوماليين في الوطن الأم، وبالرغم من أن نتيجة الإستفتاء كانت لصالح استقلال تلك الأجزاء وانضمامها إلى الصومال، إلا أن نتيجة الإستفتاء ألغيت، وأصبحت هذه المنطقة جزءاً من كينيا من يوم ذاك ولا تزال، فالدولة الصومالية اضطرت للدخول في مواجهات عسكرية في هذه المنطقة وفي منطقة الأوغادين، ودخلت في صراع دبلوماسي وسياسي مع بريطانيا، ففي عام 1963م قطعت الحكومة الصومالية الوليدة علاقاتها الدبلوماسية مع بريطانيا، وهكذا نلاحظ التوتر السياسي والدبلوماسي مع دول الجوار والدول العظمى.

الصومال والحرب الباردة:

رئيس الوزراء الصومالي حينها السيد / عبد الرشيد  سافر إلى أمريكا يبحث عن دعم عسكري وسياسي يواجه به الإمبراطورية الإثيوبية، – وللمعلومية فإن إثيوبيا لم تكن ترغب في استقلال الصومال عن الإمبراطورية الإثيوبية كما فعلت ذلك مع إرتريا، وأن أمريكا كانت تدعم إثيوبيا – فإلتقى الرئيس الصومالي بالسيد / جون كنيدي رئيس الولايات المتحدة الأمريكية في مدينة نيويورك وطلب رئيس الوزراء الصومالي دعما عسكرياً ومادياً يحمي به السيادة الصومالية، ولكن ما تلقاه من دعم حينها لم يكن كافيا بالقدر المطلوب، وهنا اتجه الصومال وعبر مصر إلى المعسكر الشرقي، فرئيس الوزراء عندما ذهب إلى موسكو وجد دعماً عسكرياً ومادياً هناك، ومن هنا أصبح الصومال طرفاً فيما كان يعرف بالحرب الباردة، ودخلت في صراعات وحروب كبيرة بالرغم من أنها دولة حديثة وضعيفة البنية التحتية.

وفي العام 1969م حدث انقلاب عسكري نتيجة للصراع الذي كان يدور بين المعسكرين، فالرئيس اغتيل في 10 أكتوبر 1969م وبعد خمسة أيام حصل الانقلاب العسكري، ويقال أن الانقلاب الذي قاده رئيس هيئة الأركان حينها الجنرال محمد سياد بري كان مدعوماً من الإتحاد السوفيتي، لكن في الجانب الآخر كان الرئيس الحالي الجنرال / عبد الله يوسف والعقيد محمد فرح عيديد عليه الرحمة كانوا يقودون انقلابا آخر مدعوم من الولايات المتحدة الأمريكية يهدف إلى تسلم هذه المجموعة قيادة وإدارة الصومال، ولكن في النهاية نجد أن المجموعة المدعومة من الإتحاد السوفيتي استولوا على السلطة، فلذا شهدنا التحالف القوي بين سياد بري والإتحاد السوفيتي، صحيح أنه كانت هناك علاقات مع الحكومة السابقة لسياد بري والاتحاد الإتحاد السوفيتي إلا أنها كانت متوازنة نوعاً ما مع العلم بأنها كانت تتلقى دعماً ماديا من الإتحاد السوفيتي ولكن ما يحسب لها أنها حكومة مدنية منتخبة ديمقراطياً، أما في عهد محمد سياد بري فكان الانحياز الكامل للمنظومة الشرقية، وصار يطلق عليه القمر الصناعي السوفيتي في المنطقة، وبدأ سياد بري يزور المناطق والدول الإفريقية ليقنع رؤساءها للانضمام إلى المعسكر الشرقي، ففي عام 1974م وعندما اصبح السيد / سياد بري رئيساً لمنظمة الوحدة الإفريقية فإنه استقل هذا المنصب ليطوف القارة الإفريقية داعياً رؤساء دولها للانضمام للمعسكر الشرقي، وفي تلك الأثناء كانت علاقات الصومال مع الحكومة الأمريكية مقطوعة، ثم أعدت نفسها عسكرياً وبدأت بدعم الحركات الصومالية في الأوغادين والتي كانت تقاتل لاستقلال الإقليم عن إثيوبيا، وأرسلت جيشها في العام 1977م إلى تلك المناطق لتدخل في حرب مباشرة مع إثيوبيا.

ويتضح حتى هنا الدور الذي لعبه الصومال في الحرب الباردة ودورها في المنطقة، لكن بعد حرب عام 1977م قطع الصومال علاقاته مع الإتحاد السوفيتي بعد وقوف الأخير في صف إثيوبيا التي كانت تحت قيادة منقستو هيلي ماريام. ولكن بالرغم من ذلك سعى الإتحاد السوفيتي للصلح بين الدولتين وسعى لإقامة حلف ثلاثي يضم جمهورية اليمن الجنوبي بالإضافة إلى الصومال وإثيوبيا، ولكن الصومال أصر على ضرورة انسحاب إثيوبيا من الأوغادين وان تصبح من الصومال، وبعد ذلك يمكن أن ينضم الصومال إلى هذا الحلف الثلاثي، وبذلت مساع كثيرة من قادة المعسكر الشرقي لحل هذه المشكلة فزار الصومال السيد/ فيدل كاسترو كما زار الرئيس الصومال محمد سياد بري اليمن الجنوبي، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل وانتهت بقطع العلاقات الصومالية السوفيتية، وانضمام الصومال إلى الحلف الغربي وزار الرئيس الصومالي الولايات المتحدة الأمريكية وبدأت صفحة جديدة من العلاقات الصومالية الأمريكية، ولكن ثمن عودة العلاقات الأمريكية الصومالية والذي أضعفها فيما بعد كان اشتراط الولايات المتحدة الأمريكية بضرورة سحب الصومال لقواته المواجهة لإثيوبيا وعدم دعم الأوغادين ومنازعة اثيوبيا في هذه المنطقة.

الحرب التي حدثت في العام 1977م انعكست آثارها على الواقع الصومالي، فنشأت جماعات قبلية مسلحة تطالب بإسقاط حكومة محمد سياد بري، فبعد أن كانت الحكومة الصومالية تبحث عن تحرير أراضيها من الإستعمار الإثيوبي اضطرت للدفاع عن نفسها بل أن إثيوبيا احتلت أجزاء من المنطقة الوسطى من الصومال ودعمت مجموعات قبلية صومالية مسلحة أدت لسقوط الحكومة في الصومال وانهيار الدولة معها، وبالرغم من أن الأمريكان وقفوا بجانب الحكومة الصومالية، ولكنهم وعندما شعروا بضعف موقف الحكومة فإنهم أوقفوا دعمهم لها، مما أدى لسقوطها، وبإنتهاء الحرب الباردة انتهت الدولة في الصومال لأنها كانت تعيش على الصراعات الدولية.

التدخل الأجنبي فيما بعد انهيار الدولة الصومالية:

بانهيار الدولة في الصومال بدأت مرحلة جديدة من مراحل التدخل الأجنبي في الصومال، ففي السنة الأولى لم تكن هناك مبادرات تذكر، ولكن كانت هناك بعض المحاولات، فمصر كانت ترى أن انهيار الصومال سيسبب لها مشكلات فلذا وقبل سقوط نظلم محمد سياد بري سعت وبذلت مساع وجهود كبيرة للتوصل لحل ما بين الفصائل المسلحة والحكومة الصومالية، ولكنها لم تنجح في ذلك، كما أن ايطاليا بمفردها وبالتعاون مع مصر حاولت إنقاذ الحكومة الصومالية وتشكيل حكومة وحدة وطنية قبل أن تنهار أو تؤول الأمور إلى انهيار الحكومة المركزية، ولكن أيضاً نجد أن المحاولات الإيطالية هذه قد فشلت، في نهاية المطاف دخلت الحركات المسلحة العاصمة مقديشو وأسقطت النظام ولم تستطع أن تتفق على شيء معين يقي البلاد من التفتت والحرب الأهلية.

وكما أسلفت في العام الأول لم تكن هناك جهود تذكر سوى من دعم إغاثي من الدول العربية، وعقد أول صلح ما بعد انهيار الحكومة الصومالية في جيبوتي في شهر مايو مكن العام 1991م حيث كان مؤتمراً تمهيدياً لأربعة حركات كبيرة، وفي شهر يونيو من العام نفسه أصبح عدد الحركات المسلحة ستة، لأن جيبوتي مقر المفاوضات شكلت فصيلين جديدين من القبائل التي لها امتداد قبلي بين الصومال وجيبوتي، إذن هذه الحركات الستة اتفقوا على تسمية حكومة واحدة ولكنها فشلت، فإيطاليا ومصر لم تكونا ترغبان في إقامة دولة عسكرية في الصومال، وحاولوا إبعاد الجنرال محمد فرح عيديد من الساحة ولكنه رفض، وعند تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في الصومال صمد عيديد مما إضطر القوات الأمريكية للخروج من الصومال، ولكن السياسات الأمريكية تجاه الصومال لم تتغير حتى بعد مغادرتهم ساحة المعركة الصومالية، فالسيد/ محمد فرح عيديد قتل في إحدى المعارك وكانت الأيادي الأمريكية واضحة في هذه العملية وغيرها.

استمرت المحاولات لحل مشكلة الحرب الأهلية فلا الدول العربية فلحت في تحقيق ذلك ولا إثيوبيا كذلك فعلت، فإثيوبيا في البداية أبدت استعدادها لفتح صفحة جديدة مع الصوماليين، ذابت معها كل الحساسيات في بداية المرحلة واستقبلت اللاجئين الصوماليين وما يزال حتى الآن هناك عشرات الآلاف منهم يعيشون في سلام وأمان دون أن يسألوا عن هويتهم ولا يجدون مضايقات عكس الوضع في الدول العربية الذي يعاني منه الصوماليون، والكثير من الصوماليين حملوا جوازات سفر إثيوبية وسافروا إلى كثير من دول العالم، استطاعت الحكومة الإثيوبية التي جاءت بعد انهيار نظام منغستو هيلي ماريام أن تذيب الحساسيات التي كانت موجودة، ولكن هناك إتجاهات جديدة في الصومال بدأت تظهر، فقد ظهرت الحركات الإسلامية المسلحة بجانب الحركات المسلحة في الأوغادين ورفعوا الشعار الذي كانت ترفعه الحكومة الصومالية سابقاً من تحرير الجزء الشمالي من قبضة الإحتلال الإثيوبي ، وكما هو معلوم فإن إثيوبيا توفرت فيها مساحة كبيرة من الحريات والديمقراطية سمحت للمناطق من أن تقييم أحزاب سياسية، فإثيوبيا عملت مع الفصائل على إيجاد كيان صومالي تستطيع أن تتحالف معه ومن خلاله تستطيع أن تحسم أمر الحركات المسلحة في إقليم الأوغادين، فقد فشلت كل المحاولات الإثيوبية لتشكيل حكومة صومالية، ويقال أن إثيوبيا لم تكن ترغب في استقرار الصومال، حتى تستطيع أن تتعامل مع كل أسرة وقبيلة على حده وحتى تتمكن من  استخدام الموانئ الصومالية بعد أن فقدت الموانئ الإرترية بعد استقلالها في مايو 1991م، ولذلك كانت هناك اتفاقيات مع كل القبائل في الحدود وأغلب القبائل في الوجه البحري، ويمكن أن نشير لتدخل إثيوبيا بالعمل على تكوين حكومة موالية لها، إذ عقدت صلحاً مشهور تحت رعاية الأمم المتحدة في أديس أببا في عام 1993م وفشل هذا الصلح لأن الحكومة الأمريكية حاولت أن تطبق النتائج التي تمخض عنها هذا المؤتمر بالقوة ، ولكن الرئيس الإثيوبي وقف بجانب فرح عيديد وطلب من الولايات المتحدة الأمريكية أن توقف سياساتها العنجهية، وفعلاً انسحبت أمريكا ولكن ليس عملاً بنصيحة رؤساء المنطقة وإنما لفشلها في سياستها على الميدان.

محاولات إعادة الدولة:    

محاولات إصلاح البيت الداخلي الصومالي كثيرة، فبدأت جيبوتية في جيبوتي ثم إثيوبية في إثيوبيا وفي عام 1994م في مصر ثم في نفس العام في كينيا ثم اتجهت السفينة إلى اليمن وإلى القاهرة ثم عادت السفينة مرة أخرى إلى جيبوتي في عام 2000م(مؤتمر عرته) حيث سوقت جيبوتي مشروعها في المنطقة العربية وفي إثيوبيا واستطاعت أن تجمع أكبر تجمع قبلي عشائري وكل شرائح المجتمع وبعد أربعة أشهر تمخض عن ذلك قيام حكومة صومالية ضمت كافة القبائل الصومالية، لكن إثيوبيا لم ترض بهذا الأمر لأنها استشعرت بأن الإسلاميين تسللوا إلى هذه الحكومة وأشيع في حينها أن الرئيس المنتخب عبد القاسم حسن صلاد بأنه إسلامي، فسعت إثيوبيا لإفشال الحكومة والعمل على عدم استقرارها بمساندة أمريكية وأخيراً أدت السياسة الإثيوبية إلى عدم تمكن الحكومة الصومالية الوليدة من أداء مهامها مما أدى إلى فشلها وتلاشت بعد عقد مؤتمر المصالحة الصومالية في كينيا والذي أنجب الحكومة الصومالية الإنتقالية الحالية.

التدخل الفكري في الصومال:

  كان حديثي السابق فيما يتعلق بتأثير التدخلات الأجنبية المباشرة على تشكيل وعدم تشكيل الحكومات التي قامت في الصومال، ومن ناحية ثانية فإن الصومال مثله مثل الدول الإسلامية والعربية تأثر واستقبل الهجرات الثقافية والحضارية التي شهدتها المنطقة واستقبل التيارات الفكرية سواء كانت إسلامية أو يسارية أو علمانية وغيرهم، فنشأت حركات إسلامية في نهاية الستينات وبداية السبعينات، وهذه التيارات بدأت إخوانية ثم ظهر التيار السلفي وظهر في أجزاء منه التيار التكفيري وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات ظهر تيار جهادي محدود متأثر بالتجربة الأفغانية، وبعد انهيار حكومة سياد بري ولما كان السلاح في الصومال متوفراً والبلاد لم تكن مراقبة، دخلت أسلحة وأموال كثيرة ودخلت تجارب تتعلق بالكفاح والتدريب والاستخبارات.. الخ، ونشأت حركات مسلحة في أجزاء من الصومال وأجزاء من إثيوبيا، هذه الحركات ساهمت في الهزائم التي لحقت بأمريكا.

المحاكم الإسلامية:

     في بداية التسعينات وكما ظهرت حركات مسلحة ظهرت المحاكم الإسلامية لتخفيف حدة التوتر في داخل القبيلة الواحدة، فكل قبيلة عقدت مؤتمراً وكونت محكمة للحيلولة دون تحول الجرائم التي تحصل عادة داخل العشيرة الواحدة إلى حرب أهلية لأنه لم تكن هناك شرطة ولا مؤسسات عدلية، فلذا لعبت المحاكم دور الشرطة والقضاء بالإضافة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن ما نسميها اليوم بالمحاكم لا تقوم بدور القضاء الكامل المعروف في ظل حكومات ودول قائمة، وعندما نشأت المحاكم الإسلامية نشأت قبلية، ووصل قوة هذه المحاكم أوجه في العام 1996نم، وفي حينها بدأ الإتحاد الأوربي في مقاومة هذه المحاكم واستخدم بعض السياسيين الصوماليين، وخاصة في العاصمة الصومالية مقديشو للقضاء على تلك المحاكم وتحت هذا الضغط تراجع دور هذه المحاكم، فعندما كان عيديد حيّاً لم تكن هناك محاكم في المناطق الجنوبية من العاصمة والتي كان يسيطر عليها، وكان يقنع أو يسكت زعماء القبائل بدعوى انه يطبق الشريعة الإسلامية وأنه قائد إسلامي، فلذا لم تنشأ في مناطق نفوذه أية محاكم، ولكن في الجزء الشمالي من العاصمة مقديشو والذي كان يدار عبر علي مهدي فكان لكل قبيلة محكمة إسلامية، ولكن وبعد وفاة محمد فرح عيديد اهتزت قبيلته وحصلت فوضى داخلية مما اضطرت قبيلته هي الأخرى لتكوين المحاكم الخاصة بها مستفيدة من تجارب المحاكم التي أنشأت سابقاً في الجزء الشمالي من العاصمة مقديشو.

دخلت إثيوبيا في الميدان الصومالي بقوة للحيلولة دون توسع المحاكم وانتشارها في العاصمة ولكن أثناء هذا النشاط إنعقد مؤتمر عرته في عام 2000م وعندما إنعقد هذا المؤتمر فإن زعماء وشيوخ المحاكم الإسلامية دخلوا في هذه الحكومة، وتم تخصيص مقاعد في البرلمان عن طريق الحصص لزعماء المحاكم حتى لا يقفوا في طريق الحكومة، والرئيس عبد القاسم صلاد وعندما جاء – وقيل أنه إسلامي متحالف مع المحاكم الإسلامية – بدأ بنفسه بإضعاف قوة المحاكم، حيث قال صحيح أن الميثاق الوطني في مؤتمر عرته فيه نص واضح يقول أن الشريعة الإسلامية هي مرجع كل القوانين وأي قانون يخالف هذا الميثاق يلغى، إذن عبد القاسم صلاد وعند اجتماعه بزعماء المحاكم الإسلامية قال لهم إن مطلبكم هو تطبيق الشريعة الإسلامية وأنا أطبق الشريعة الإسلامية، والإسلاميين كما ذكرنا سابقاً انهزموا في بداية التسعينات أمام الزعماء السياسيين، وإثيوبيا استطاعت أن تضعف الإسلاميين المسلحين الموجودين في إثيوبيا، ولكن جاءت أحداث 11/ سبتمبر 2001م و عندما راجت عبر وكالات الأنباء فكرة نقل المعركة الأمريكية فيما يسمى بالحرب على الإرهاب إلى الصومال بعد أفغانستان وشاهد الصوماليون الطائرات الامريكية وهي تحلق فوق رءوسهم والبوارج البحرية وهي تستبيح مياههم والأطقم الإعلامية والإستخباراتية تجوب الصومال طولاً وعرضاً، عندها تنادى الإسلاميون وأنشأوا خلايا في جميع أنحاء الصومال وأصبحوا قوة، فإثيوبيا استفادت من هذا الجو العدواني الذي أثاره الأمريكان في منطقة القرن الإفريقي وتسليط الضوء على الصومال فبدأت تنشر الأخبار بأن في الصومال معسكرات وأفراد القاعدة ينتشرون فيه، ولكن ونتيجة للتواجد الأمريكي الكثيف في الصومال استطاعوا التأكد من بطلان هذه الأنباء التي أشاعتها إثيوبيا.

ولكن الذي يمكن ملاحظته في الفترة الأخيرة عمليات الاغتيالات المنتقاة للإسلاميين في المساجد والأماكن العامة من قبل أفراد يعملون لصالح جهات أجنبية، كما حصلت عمليات اختطاف لبعض الإسلاميين وتسليمهم إلى حكومات من دول الجوار في الخارج، وعندما استمرت هذه العمليات لأكثر من أربعة أشهر ظهرت العمليات المضادة من قبل الإسلاميين فقد وجد العديد من السياسيين والضباط ومن لهم علاقة بالاستخبارات وهم قتلى، كما أن هناك العديد من الغربيين قد اغتيلوا، وأكدت بعض الدراسات التي أجريت في الصومال وجود جهات تعمل لصالح جهات أجنبية، واستمرت عمليات الاغتيالات والاغتيالات المضادة طوال الثلاث سنوات الماضية، وفي فبراير من العام 2006م أعلن عن تكوين تحالف من أجل محاربة الإرهاب تحت إسم () مكون من 10 فصائل وهؤلاء منهم أربعة وزراء في الحكومة الإنتقالية الحالية، وهؤلاء الزعماء على الأقل اثنان منهم كانوا من مؤسسي هذه المحاكم، وعندما أصبحوا زعماء سياسيين أبعدوا أنفسهم من هذه المحاكم، وفور إعلان هذا التحالف بدأت المعارك بينهم وبين الإسلاميين المسلحين، ولكن الجديد أن الإسلاميين كانوا قد تغلغلوا داخل المجتمع الصومالي ووفروا لهم الأمان في أوقات الشدة، ومما ساعد على دعم الشعب لهم تدين المجتمع الصومالي، وتنكر التحالف للشريعة و فهم الشعب أنهم يحاربون الإسلام لصالح جهات أجنبية، فأحد قيادات التحالف صرح بعلاقاتهم بالإنتربول وبالسفارة الأمريكية، ولعلكم تابعتم ما كتبته الصحف الأمريكية والكينية عن استلام قيادات التحالف هذا لمبالغ كبيرة من الولايات المتحدة الأمريكية، والحكومة الحالية طالبت أمريكا بعدم دعم التحالف وتضاربت التصريحات الأمريكية حيال هذا التدخل إلى أن أكد المتحدث بإسم وزارة الخارجية الأمريكية بأنهم مع هؤلاء أي (التحالف) الذين يقاتلون المحاكم، وكان هناك حديث عن أن مدير الCIA  المقال زار الصومال سراً عبر كينيا ، وقبل يومين تم إقالة المسئول الأمريكي عن الصومال في السفارة الأمريكية بنيروبي وتحويله إلى تشاد، وربط هذا التغيير بفشل التحالف في تحقيق أهداف معينة في الصومال ، ويقال أن المسئول الأمريكي المقال كانت عنده رؤية مخالفة لرؤية وزارة الخارجية الأمريكية ، حيث يرى تحقيق الأهداف الأمريكية في الصومال عبر الصوماليين على العكس من الرؤية الرسمية في الوزارة التي ترى ضرورة مباشرة الولايات المتحدة الامريكية للمسألة في الصومال بنفسها، إذن نقل أو إقالة المسئول الأمريكي في صورته الظاهرة يعني فشل التحالف الذي انبرى لمحاربة الإرهاب على حد زعمه، وبل أن مراكز انطلاقه تتعرض للهجوم والاستيلاء من قبل المحاكم الإسلامية، ويقال أن هناك كلاماً حاداً بين التحالف في الداخل لأن كل واحد يمثل قبيلة، وهذه القبائل لم تنتهي حساسياتها القبلية وليس هناك جبهة واحدة ولا قائد عمليات واحد ولا غرفة عمليات واحدة، وإنما كل واحد يحارب من منطقته ، وإذا تعرض أحدهم إلى أي هجمات من طرف الإسلاميين لا يجد دعماً مباشراً، وإنما يأتي الدعم بعد فترة أو بعد أن ينسحب من منطقته، بينما الإسلاميون يتمتعون بتدريب عالي كما يظهر من تحركاتهم الميدانية، كما يمتازون بالتخطيط العالي والقرب من المجتمع الصومالي، حتى أن المليشيات التي كانت تحت قيادة الزعماء قالوا في الفترات السابقة كنا نقاتل ضد قبائل أخرى ، وهذا مشروع في الثقافة الصومالية ، وإننا لا نحارب  الله ولا الإسلام، وبالتالي كثيرون منهم انضموا لقوات المحاكم، فلذا نجد أن الإسلاميين مكونون من كافة القبائل الصومالية، والمسرح الصومالي يتشكل على النحو التالي:

المحاكم الصومالية تركت وظيفتها الأساسية لتتحول من المحاكم والقضاء إلى الحرب، والتحالف موزع على القبائل والعشائر والأفخاذ، أما الإسلاميون فهناك جهاديون وسلفيون وإخوان وفقهاء والإشكالات كبيرة بينهم، والتحالف الإسلامي لم يتكون تكويناً دقيقاً، وليس هناك رئيساً لهم ولكن إتحاد المحاكم يقاد تحت إمرة شريف شيخ أحمد.

رؤية مستقبلية:

إذا عدنا للحرب في الصومال فإن الحرب الأهلية غالباً لا غالب فيها ولا مغلوب، الحرب إستمرت في العاصمة لمدة 16 سنة، وبعد انتهاء أو سقوط نظام سياد بري بدأت حرب سميت حرب الشهور الأربعة (91/1992م) ففي تلك الحروب لم تكن القبائل تتجاوز حدودها ولا تعمل على احتلال مواقع القبائل الأخرى.

ونلاحظ أن المحاكم تحاول أن تسير على ذات المنهج والطريقة لأنها وعندما تستولي على منطقة ما فإنها تسلم أمر إدارتها لواحد من أبناء المنطقة ذاتها من تابعي المحاكم الإسلامية.

هناك الآن وساطات وأغلب الوساطات كانت تنجح في فترات سابقة لأنه لم تكن هناك تدخلات خارجية قوية، والآن هناك تدخل أجنبي قوي وتمويل من أمريكا ليس خافياً على أحد، فقد صرحوا بذلك في كافة الصحف ولكافة الجهات، لذلك لا أتوقع أن تفضي الوساطات التي تسعى لها بعض الجهات إلى نتائج إيجابية أو تحقق استقراراً أو صلح بين الأطراف المتقاتلة، والجلسات التي استمرت لأكثر من أسبوع لا أتوقع لها أن تحل الصراعات.

إذن الصورة الآن أن الإسلاميين يسيطرون على العاصمة مقديشو، وما يقال عن أنهم يسيطرون على 80% من العاصمة كلام غير دقيق، لأنه أصلاً المناطق التي تدور فيها المعارك مساحتها 20%، وأن 80% من العاصمة هي مناطق آمنة، لا نستطيع أن نصفها بأنها تخضع لهذا أو ذاك، فالمناطق التي تدور فيها الصراعات هي أقل من 20% وهي المناطق الإستراتيجية، مداخل ومخارج العاصمة وموانئ ومطارات العاصمة.

o   فإذا استطاع الإسلاميون إزاحة الزعماء من العاصمة مقديشو أو إضعاف نفوذهم ، هل يستطيعون تشكيل إدارة إقليمية للعاصمة ؟ هذا ممكن.

o   هل الحكومة الإنتقالية ستتعاون مع الإسلاميين إن استطاعوا السيطرة على العاصمة؟ هناك طرحان يقول أن الإسلاميين يسعون لذلك وسيعملون على استقبال الحكومة في العاصمة، لكن الرئيس الحالي عبد الله يوسف معروف بمناوئته للإسلاميين، وأنه خاض ضدهم معارك في عام 1992م وهزمهم في منطقته شمال شرق الصومال، وبعد 11 سبتمبر صرح أكثر من مرة بأن هناك معسكرات للقاعدة في مناطق في الصومال، مما جعل الإعلاميون والاستخبارات الأمريكية ييستجلون حقيقة هذا الإدعاء فتأكدوا من عدم صحة المعلومات المنقولة عن الرئيس عبد الله يوسف، فلذا من المتوقع أن لا يذهب الرئيس عبد الله يوسف إلى مناطق يسيطر عليها الإسلاميون.

o   هل يستطيع الإسلاميون أنفسهم من تشكيل حكومة ؟ يمكن أن يحدث، ولكن ما زال هناك عدم توافق في الرؤية الكاملة لهم.

o   هل يمكن أن تكون هناك حرب داخلية في المحاكم الإسلامية؟ ذلك وارد، لأن هناك تجربة الأفغان أمامنا.

o   من ماحية أخرى، هل يستطيع التحالف أن يسيطر الآن؟ لا يستطيع ذلك الآن إلا إذا دخلت معادلات أخرى، وحسب الوضع الحالي فلا يبدوا أن التحالف بإمكانه القضاء على المحاكم والسيطرة على العاصمة.

إذن الصورة متشعبة وهناك عدة سيناريوهات واردة الحدوث نلخصها فيما يلي:

o   أن تكون الغلبة للمحاكم.

o   أن لا يكون هناك غالب ومغلوب، وتهدأ الأمور كما هي عليه الآن وتكون هناك حلول أخرى غير الحرب.

o   هل هناك احتمال ثالث بأن تتدخل قوة خارجية أمريكية أو من دو الجوار؟ غير واضح الآن، لأن البرلمان الصومالي طالب ومنذ فترة وبشدة الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بضرورة إرسال قوات دولية إلى الصومال من أجل تهدئة الأوضاع في العاصمة مقديشو ، ولكن زعماء الفصائل الذين شكلوا الآن التحالف، هم الذين وقفوا ضد إرسال قوات دولية إلى العاصمة، والآن تبرهن كلام الرئيس عبد الله يوسف الذي كان يقول أن العاصمة غير مهيأة لإستقبال الحكومة وفيها أناس لا يريدون الحكومة ولا الإستقرار لذلك أريد دعماً دولياً بإرسال قوات إلى هناك تسهم في استتباب الأمن والاستقرار ونزع سلاح المليشيات، إذا سمح الآن لهذه القوات بالدخول إلى الصومال ، فهل ستتوجه إلى العاصمة والقتال لا يزال يدور فيها، لا أتوقع ذلك.

وختاماً كل الإحتمالات واردة، وليس هناك احتمال يرجح على الآخر ولكن الأوضاع الصومالية حبلى بالمفاجآت .

والسلام عليكم ورحمة الله.

الأسئلة :-

بعد إكمال الدكتور محمد أحمد حديثه اتاحت المنصة الفرصة للأسئلة والاستفسارات واليكم بعض من تلك الأسئلة:

1- سؤال عن الدور الإرتري في الصراع الصومالي؟ وعن دور المتعلم والمثقف الصومالي؟

2- هل كان لغياب التطور الإجتماعي والاقتصادي سبب في تدهور الأوضاع في الصومال إلى هذه الحد؟ وهل يعتبر غياب الفصائل المسلحة عن مؤتمر عرته سبب لعدم نجاح المبادرة والحكومة التي أفرزتها؟

3- إلى أي مدى تؤثر عادة وثقافة حمل السلاح في تأجيج الأوضاع في الصومال؟ وهل السلطة لها محاولات لجمع السلاح؟ أم أن جمع السلاح حاليا غير ممكن؟

4- هل انحصر هم المحاكم الإسلامية في نطاق نشأتها؟ وان دورها انحصر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟

5- ما الذي حدث لتغير الموقف الأمريكي من الحكومة الصومالية بعد أن كانت تدعمها؟

الدكتور دودش:

فيما يتعلق بالدور الإرتري، فإرتريا بداية كانت تنسق مع إثيوبيا في الشأن الصومالي، ولكن بعد الخلاف الحدودي بينهما كانت هناك معارضة إثيوبية تنطلق من إرتريا عبر البحر الأحمر إلى الصومال ثم إلى إثيوبيا لتنفذ هجماتها عبر الحدود الصومالية الإثيوبية، وهناك حديث عن أن إرتريا تدعم المحاكم الإسلامية وتمدها بالسلاح. ولكن لا نستطيع الجزم بذلك، ولكن ونتيجة للخلاف بين إرتريا وإثيوبيا فإنه من المتوقع دعم إرتريا لأي جهة معارضة لإثيوبيا.

أما بالنسبة لسؤال تغير الموقف الامريكي من الحكومة الإنتقالية فهذا يعزى لأن أمريكا وإثيوبيا غير راضيتان عن الرئيس عبد الله يوسف، ويقال أن الأمريكان يحتفظون بتسجيلات لعبد الله يوسف مع محمد فرح عيديد يدعمه فيها ويدفع مناصريه لمقاتلة الأمريكان بعبارة شهيرة تقول (إذا لم تقاتلوا الأمريكان ستقتلكم البعوض، فإن تموت شريفاً أفضل من أن تموت في سرير المرض).

ولكن يبدو أن عدم وجود لوبي ضغط على الإدارة الأمريكية لتسرع في حل المشكلة الصومالية هو ما لا يدفع الإدارة الأمريكية للإسراع في حل المشكلة الصومالية، وإشعالها النيران كلما قاربت على الانطفاء، فأمريكا الآن تسيطر على كل شيء في الصومال، طائراتها تحلق فوق رؤوس المواطنين وسفنها وبارجاتها تتصنت على وتتابع كل المكالمات الهاتفية، وأمريكا الآن تعرف كل شيء عن الصومال وتريد أن تبقيه على هذا الوضع، لأن وجود رئيس عسكري قوي متعنت كعبد الله يوسف سيغير في الواقع الصومالي الحالي، وهذا ما لا تريده أمريكا، فأمريكا تدير شمال الصومال بتدخلها في إقالة وتعيين وزراءه، وهذا ما لا يتوقع ان يقبل به الرئيس عبد الله يوسف، فلذا غيرت أمريكا موقفها لتبقي على الوضع كما هو عليه الآن.

حكومة صلاد تكونت من كل شرائح المجتمع, وعندها ضعف موقف زعماء الفصائل ولكن اثيوبيا هي من أحييت هؤلاء الزعماء وأسست (التحالف الصومالي للإنقاذ), فالدعم الخارجي الذي وجده زعماء الفصائل هو ما اضعف حكومة عبد القاسم, مع العلم بأن الحكومة كانت مقبولة من الدول العربية.  

في الإجابة على سؤال المحاكم الإسلامية :

  فبدايتها كانت برؤية محدودة لحل المنازعات ومحاربة الجرائم والأخلاقيات الفاسدة داخل المجتمع ولكن لم تستطع أن تحقق الأمن الكامل لأنها وعندما تحقق أمناً نسبياً في منطقة ما فهذا يعد خصماً على زعماء الفصائل لأنهم يتغذون على التوتر الذي يحدث داخل القبائل، ومن دون توتر يكون وجود زعماء الفصائل بلا معنى، فلذا غالباً ما يحدث توتر ومعارك بين زعماء الفصائل والمحاكم الإسلامية، ويأتي هذا الصراع الأخير في هذا السياق، لأن المحاكم وجدت قبولاً داخل المجتمع ورفض من المجتمع لزعماء الفصائل، فلذا حاول زعماء الفصائل البحث عن دعم خارجي عن طريق تسويقهم مشروع محاربة الإرهاب ووجدوا دعماً لذلك، ولكن يبدو أن يوميات المعارك تشير إلى أن الأمور لا تسير في صالحهم.

التأثير الإقتصادي: 

سكنت العاصمة الآن بالقادمين من الريف بعد أن غادرها سكانها الاصليون إلى أوربا وأمريكا واستراليا، وانتشرت حالة الفقر مما قلب الموازين.

نزع السلام:

من الوارد نزع السلاح الثقيل، ولكن من الصعب جمع السلاح الصغير المنتشر في أوساط المواطنين إلا إذا أتت حكومة قوية، ولا أعتقد ذلك سيحدث على المدى القريب.

المناقشات والمداخلات :

بدأ المناقشات المناضل أحمد ناصر مسئول العلاقات الخارجية بالتحالف الديمقراطي الإرتري:

   أولا أشكر الدكتور المحاضر لأنه كان موفقاً في وضع صورة عن الوضع في الصومال الآن، وكما تفضل فإن العلاقة بين الشعبين الإرتري والصومالي قديمة، ونذكر المشاعر والمواقف الصومالية تجاه القضية الإرترية، فإننا اليوم نتأسف ونتألم لما نرى ، صحيح أن الوضع عندنا سيء كما في الصومال.

   أما بالنسبة للتدخل الأجنبي فهذه هي السياسة الدولية، فعندما تريد أن تحقق مصالحك تتخذ سياسات ربما تؤثر على الآخر، وهذا شيء مبرر، فلذا يجب أن يكون هذا داعياً للنظر في القضايا الصومالية الكبيرة، وان ما يحير المرء هذا الاقتتال في ظل توافر كل عوامل الانسجام في الصومال، فحتى العامل الاقتصادي فإنه يمكن القول أن الصومال مثله مثل دول المنطقة وأنه عاش فترة من الزمن في ظل دولة مستقلة.

ولكن ما يؤسف المرء هو انتقال الصراع والعداوة القبلية إلى المثقفين والمستنيرين حتى أولئك الذين هم خارج الصومال وهذا من مشاهداتي، وأعتقد أن دور المثقفين مهم جداً كما أشار لذلك الأستاذ حامد تركي، ويمكن للمثقفين الصوماليين أن يلعبوا دوراً هاماً في معالجة هذه المشاكل إذا جدو في ذلك.

الأستاذ/ حامد تركي المسئول المالي في التحالف الديمقراطي الإرتري:

كنا نتمنى نحن الاريتريين أن نكون في وضع أفضل في ظل دولة مستقرة لكي نسهم في حل المشكلة الصومالية, وتعرفون خصوصية العلاقة بين الشعبين الصومالي الارتري وهي علاقة محبة فطرية ولا أريد أن أطيل في هذا الجانب.

 وأحب أن أقول أن نتطلع إلي المستقبل, والسؤال المطروح علينا, ما الذي ينبغي علينا عمله للخروج بالصومال من أزمته هذه؟ وأنا أعول على المثقفين خاصة الموجودين في الخارج, وعليهم أن يتحدوا ويتجمعوا, وإذا تجمع هؤلاء واتفقوا على شيء من اجل الصومال يسمع لهم أكثر من القبائل أو أي اعتبارات أخرى, والبداية الصحيحة يجب أن تنطلق من المثقفين

والشيء الآخر والذي يجب على الإخوة الصوماليين معرفته وهو أن اثيوبيا كانت ولا تزال اللاعب الأساسي في الشأن الصومالي، فأنا أقول ان الكل في الصومال محتاج إلى اثيوبيا للحل، والكل في الصومال بما فيهم المثقفين بعد ان يتفقوا على أمر واحد عليهم ان ينفتحوا على اثيوبيا لأنها المفتاح الأساسي لحل مشاكل الصومال, وللصومال أهمية كبرى بالنسبة لدول المنطقة, وعدم استقرار الصومال هو عدم استقرار لدول المنطقة واستمرار لحالة الحرب هذه.

الدكتور الأمين عبد الرزاق باحث سوداني ومهتم بشئون المنطقة:-

اثمن كل الجهود التي يبذلها /الدكتور محمد أحمد, ورسالتي لنيل درجة الماجستير كانت عن التدخلات في الصومال في الفترة من عام 1991م -2002م وأنا ذهلت كسوداني في التدخلات الكثيفة في الصومال وكلها متقاطعة المصالح, فإثيوبيا تدخلها في الصومال قديم والصومال منذ استقلاله لم يسلم من التدخلات الخارجية, كما لم ينعم منذ استقلاله بحكومة قوية, حتى حكومة سياد برى كانت مخالفة لتوجهات الشعب الصومالي الإسلامي بطبعه, فأعدمت العلماء وعملت الكثير, وان التوزيع الذي حصل للشعب الصومالي كان لابد أن يؤدي اليوم لما هو حاصل ألان, فالصوماليون والجيبتيون شعب واحد, الصوماليين والـNNFG في المحافظة الشمالية الشرقية في كينيا شعب واحد, الصومالين والأغادين شعب واحد, فكان لازم في المستقبل ان تحصل هذه التدخلات, فإن سياد برى رفع درجة المطالبة بإسم الصومال الكبرى, ولا اعتقد حسب دراساتي أن هناك دولة افريقية واحدة عليها تدخلات كما هو حاصل في الصومال، فحتى في السودان وإرتريا لا توجد بها تدخلات بهذا الكم, واعتقد أن التدخل في الصومال سيستمر, وذلك لموقع الصومال, والموقع الآن حاكم أكثر, لأن الأمريكان الآن يفتكرون ان تفجيرات السفارتين الأمريكيتين في كينيا وتنزانيا انطلقت من الصومال بقيادة ابوحفصة المصري عام 1998م والآن يعتقد الأمريكان ان الصومال هو المنطقة التي فر إليها أفراد القاعدة من أفغانستان لأنها دولة بدون سلطة مركزية, وأنا لا أدعي بأن القاعدة موجودة ولا أنفيها، خاصة وان الاتهام كان موجهاً للاتحاد الإسلامي الصومالي, لأنه آوى أبو حفصة المصري وقتل بعض اليهود في الصومال ولكني اعتقد أن الوضع مهيئاً لاستقبال القاعدة, لكن الأمريكان قضيتهم اكبر من ذلك, لأنهم يستخدمون محاربة الإرهاب كغطاء لتحقيق كل أهدافهم في كل العالم, والصومال منطقة حيوية في القرن الأفريقي ووصلت في بحثي انه لا يمكن لأي دولة خارجية ان تحل مشكلة الصومال, الصوماليون وحدهم هم من يحلون هذه المشكلة, لأن هناك أربعة عشر مبادرة كلها فشلت وهذه الأخيرة أفشلت مع سبق الإصرار والترصد, فأؤكد على ضرورة جلوس الصوماليون لحل مشاكلهم واعتقد لا توجد مشكلة كبيرة في شمال الصومال, المشكلة اغلبها في جنوب الصومال, فعلى الصوماليون الجلوس أولاً لحل مشكلة الجنوب، ثم يبحثوا عن حل مع الشمال الذي أصبح لا يثق في الجنوب منذ ان ضرب سياد بري (هرقيسا )وأباد أكثر من 10الف مواطن في ليلة واحدة, فإعادة الثقة بين الشمال والجنوب مهم جداً وأنا اعتقد أن أمريكا سوف لن تتدخل تدخلاً مباشراً في الصومال وسوف تستعمل أداواتها, ولا اعتقد ان التحالف سيقوم بهذا الدور كما ان الإسلاميين قد تمددوا في كل إرجاء الصومال, فإن المحاكم كانت لها الكثير من الايجابيات في التأمين على الأفراد والممتلكات الصومالية و في تامين الأجانب على حد سواء.

 وما يحير العالم كيف استطاع المواطن الصومالي ان يعيش وتقدم له الخدمات بدون وجود دولة! فهل هذا وارد ان يحصل عندنا في السودان وفي إرتريا.

وأنا لا أومل على المثقفين كثيراً, بل على الموجودين في الساحة، فالفصائل الموجودة لابد من أن تتفق، لكن لا يمكن أن تحل القضية الصومالية بتجمع المثقفين.

وحكومة صلاد فشلت لأنهم حاولوا ان يعزلوا أمراء الحرب واعتقد ان دور المثقفين مكمل وليس أساسي والحل لابد ان يشمل كل الصوماليون (شعبيين ,أمراء حرب,مثقفين ).

ولا يمكن أن نتوقع أن تسهم اثيوبيا في حل مشكلة الصومال، وان مخابرات العالم كلها متواجدة في الصومال، وأنا اعتقد أن مشكلة الصومال يصعب حلها في ظل ضعف الدور العربي والإسلامي والذي يكاد ان يكون معدوماً.

الأستاذ/محمد نور احمد مسئول الرعاية الإجتماعية بالتحالف الديمقراطي الإرتري:

 أود أن اكرر شكري للمحاضر لأنه أعطانا فكرة واضحة عن التطور السياسي في الصومال، وبالتأكيد مسألة التدخل الأجنبي في الصومال ليست جديدة, والصومال في البداية ثم تقسيمه نتيجة للتدخل الأجنبي، فعندما كان الصراع الإنجليزي الفرنسي وعندما احتلت فرنسا جيبوتي دعا البريطانيون ايطاليا لاحتلال الصومال الجنوبي وقاموا هم باحتلال الصومال الشمالي, ودعت أيضا ايطاليا لتحتل إرتريا في مواجهة الثورة المهدية, إذن التدخلات الأجنبية في الصومال قديم جديد.

أنا اعتقد ان التخلف الاقتصادي والاجتماعي في الصومال كان له دور كبير في الشكل الحالي للصراع, والصومال لا يختلف كثيراً عن الدول الأفريقية التي تتكون من مجموعات قبلية, وكثراً من هذه المجموعات القبلية كانت تذوب عندما يحدث تطور اقتصادي واجتماعي لتبرز مجموعة مكونة من كل المجموعات تقود دائما تلك الشعوب في مواجهة الاستعمار الأجنبي وهذا لم يحدث في الصومال.

فللأسف الشديد فإن الاقتصاد في الصومال كانت تسيطر عليه ايطاليا في استعمار شبه استيطاني في الجنوب، واقتصاد شبه رعوي في الشمال, لذا نجد الضعف البين للاقتصاد الصومالي، كما لا تزال القبلية موجودة والتنافس بين الزعماء موجود، حتى الحكومات كانت تتأثر بالقبيلة فسياد بري لأنه من جهة الأم من الاوغادين فقام بدعمهم، فيبدوا أن ثمة ملامح إختلاف مبشرة ظهرت في الفترة الأخيرة, فالبر غم من عدم وجود دولة إلا أن هناك شركات ومؤسسات تجارية تنمو, وهذا سيسهم في بناء الدولة الصومالية, بالإضافة إلى دور المثقفين الذين لا نستطيع أن نقلل من دورهم ولكن ايضا أنا اتفق مع الرأي القائل ان دورهم يجب أن يكون ثانوي وهو ثانوي حتى الآن, فبالتالي لا يمكن أن نتحدث عن تدخل خارجي يحل مشكلة الصومال، فالصوماليون وحدهم هم من يحل هذه المشكلة، ولكن عندما تكون الظروف فعلاً ناضجة ولم تنضج من وجهة نظري بعد, لأن الشرائح الاقتصادية والاجتماعية التي يجب ان تقود لم تتوفر الآن، ولكن هنالك بذور حيوية موجودة في تقديري، وعندما يكون ذلك سيكون هناك حلا للمشكلة الصومالية.  وشكرا

 الدكتور معلم :-

التدخل الخارجي في السابق كان إيجابياً خاصة التدخل العربي والهندي, الذين أسهموا في نمو وتطور الصومال، والبرتغاليون لم يواجهوا آية مقاومة من جنوب أفريقيا وفي كل الدول الساحلية إلا عندما حاولوا دخول الصومال، حيث اندهش البرتغاليون عند مشاهدتهم القلاع والمساجد الضخمة التي وجودها في الصومال.

فإثيوبيا كررت تدخلها القديم بنبشها وسرقتها للتراث الثقافي الصومالي، والتدخل الأجنبي حوَّل حروف الكتابة في الصومال من الحروف العربية إلى الحروف اللاتينية.

والتدخل الأجنبي اثر حتى في المتحف الصومالي الذي كان يعد من اكبر المتاحف في المنطقة, فيقال أن بعض مقتنياته ذهبت إلي اثيوبيا والي غيرها من الدول.

 وشكرا

الدكتور المحاضر:-

اشكر المناضلين والإعلاميين والباحثين على حضورهم واشكر مركز دراسات القرن الافريقي الذي اتاح لنا هذه الفرصة.

 فختاماً أقول وان كان دور المثقفين غائبا في الصومال وهذا صحيح إلى حدٍ كبير ولكن بعض الكلام يكون مبالغ فيه, لأن هنالك بعض الجهود تبذل, وان الصوماليون تعلموا الآن, ففي الصومال مستشفيات وجامعات, فإذا قارنا هذا الوضع بالدول التي بها حكومات فان مركز دراسات صندوق السلام الأمريكي عمل دراسة في 148 دولة ونشرتها جريدة السياسة الخارجية الامريكية فحددت مستوى الفشل, وحددت أن أول دولة فاشلة هي السودان بينما الصومال وتشاد في المرحلة السادسة.

   الآن مستوى الخدمات المعيشية في الصومال أفضل بكثير من بعض الدول الاخرى, لكن الأمن غائب في العاصمة وضواحيها. إذن المثقفين لعبوا هذا الدور الإنمائي الثقافي الاجتماعي إلى حد كبير, ولكن صحيح لماذا فشل المثقفون؟ ففي اعتقادي ان الاستقلال الصومالي لم يأت بالنضال على عكس استقلال إرتريا الذي ناضل شعبها أكثر من ثلاثين عاماً, لذا التماسك وسط الشعب الارتري والمثقفين الإرتريين كبير، ونعرف كيف يستوعبون قضيتهم باختلاف أعراقهم وأديانهم نجد أنهم على مستوى كبير من الوعي والتماسك والدفاع عن القضية, فلذا نجد أن النضال ساهم على ذلك كثيراً ولكن أن الاستقلال جاء في الصومال منحة, صحيح انه كان هنالك نضال في بداية الاستعمار ولكن السنوات الأخيرة النضال كان عبر الدبلوماسية, فلذلك عندما استولى السياسيون على السلطة بدءوا ينصرفون إلى مصالحهم الشخصية, صحيح القبلية لعبت دوراً ومازالت تلعب ذاك الدور لأن الثقة أصلا انهارت في داخل المجتمع, لكن القبائل ليست هي المشكلة الحقيقة, المشكلة ان القبائل تسيست، فعندما دخلت السياسة في القبيلة أثرت على استيعاب الناس لمفهوم المنصب أو الوظيفة العامة وربطها بالقبلية أكثر منها بالحرفة أو الاتجاه الفكري، كما أن حجم التدخلات الأجنبية كبير جداً وقد أشار إلى ذلك السيد احمد بهاء الدين في كتاب له نتيجة خبراته الطويلة في الصومال، كما أن السيد /مايكل ما يرن الأمريكي الجنسية الذي عمل في الصومال في مجال الإغاثة في عهد الرئيس سياد بري في الثمانينات ألف كتاب واسماه (الطريق إلى الجحيم ) وأشار إلى أن التدخلات الأجنبية والإغاثة غيرت في تفكير الإنسان الصومالي وعقليته, مما أدى في نهاية المطاف إلى نهاية الدولة الصومالية, والذي أدى بدوره إلى هروب الصوماليين إلى جميع أنحاء العالم, فلا اعتقد أن هناك دولة في العالم لم يصلها صوماليون، وهذا سيؤدي إلى تغيير تلك الصورة الواحدة للشعب الصومالي من حيث اللغة والثقافة والدين, إذ أن الأطفال سيتأثرون بالوطن الجديد, وسيتحدثون لغات أوطانهم الجديدة، وسيدافعون عن أفكاره ومبادئها، فلا تتوقع بعد عشر سنوات الحديث عن الأمة الصومالية الواحدة في كل شيء.

 وفي الختام اشكر لكم جزيل الشكر واعتذر عن الحديث أمام هؤلاء المناضلين والدبلوماسيين والسياسيين والعلماء والمثقفين, واشكركم مجددا والسلام عليكم ورحمة الله.   

         

المحاضر في سطور:

خريج قانون جامعة أفريقيا العالمية.

ماجستير دراسات إفريقية من معهد البحوث والدراسات الإفريقية بجامعة أفريقيا العالمية.

دكتوراه في الدراسات الإفريقية من معهد الدراسات الإفريقية والآسيوية بجامعة الخرطوم.

يعمل استاذاً متعاون بجامعة إفريقيا العالمية.

باحث بمركز الراصد للدراسات

عضو مؤسس لمركز دراسات القرن الإفريقي.

من دولة الصومال الشقيق.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6750

نشرت بواسطة في سبتمبر 5 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010