مظلة التحالف الديمقراطي الإرتري بين قيادات شاخت أفكارها وصبر شعب طال أمده (3)

في الحلقتين السابقتين تحدثت عن الفساد والاستبداد في ارتريا وانه قد استحكمت حلقاتها وان على القوى السياسية عامة والمنضوية تحت مظلة التحالف خاصة بان تعيد النظر وتحسن قراءة الأوضاع وتعمل على تقليب الصفحات في عمر التحالف نقدا و تقويما بحيث تجعل التحالف في وضع يمكنه ليكون على استعداد لانطلاقة جديدة وذلك خلال مؤتمره الذي أنهى أعماله في الشهر المنصرم ، والحديث عن التحالف وهدفه المتمثل في إسقاط النظام في اسمرا واقتلاعه من جذوره ليس محل نقاش وجدال .

فشعبنا الإرتري بكل أطيافه ومكوناته يجمع على هدف إسقاط النظام لأن هذا النظام وبكل وصف لم يصبح مرغوبا فيه لأنه يعيش في داخله في وضع بائس حيث افتقد كل القدرات التي تمكنه من تقديم شيء للوطن والشعب.

بالذات في الوقت الحاضر الذي نشهد فيه سقوط أصنام الديكتاتورية في المنطقة ونهاية عهد الإستبداد وحكم الفرد السيد ونظام الحزب الواحد  فهؤلاء الذين سقطوا كانوا مستحكمين بكل مفاصل الحياة في بلدانهم علاوة على ما كانوا يلقونه من دعم ومساندة من الدول الغربية تحت ذرائع مختلفة أو رهان على مصالح لتلك الدول وتبني رعايتها أو على فزاعة الإرهاب والقضاء على الارهابين أو بتخويف الغرب من وصول الإسلاميين على السلطة وتهديد مصالحهم وامن إسرائيل بالمنطقة .

لكن عندما هبت تلك الشعوب ونفضت الغبار وهامت نحو طريق الخلاص لم يكن هناك شيء مستحيل التحقيق فلقد صار كل مستحيل ممكنا ، وتحول الخوف إلى شجاعة وإقدام لا نظير له  وتأكد أن أرادة الشعوب لا تقهر.

والجفاء والاختلافات التي كرستها تلك الأنظمة وسط شعوبها عن قصد تحولت إلى لحمة وطنية ووحدة حقيقية كلهم ينشدون مصلحة وطنهم وتامين مستقبلهم ومستقبل أبنائهم ليعيشوا حياة مختلفة  تملأها الحرية والكرامة وارتسمت حب الوطن على الشفاه والحناجر والقلوب وفي داخل هذا الحب تلاشت كل الفوارق الدينية والقبلية والجغرافية.

 

في حالتنا الإرترية الوضع ليس مختلفا عن باقي الشعوب التي ثارت على حكامها وأنظمتها بل بالعكس بكل المقاييس يمكن القول إن الحالة الإرترية فيها الآلاف من أمثال أبو عزيز في حالهم من شدة الفاقة علاوة على مصادرة كل الحقوق التي تكفلها للإنسان الشرائع السماوية والوضعية .

حيال هذا الوضع بكل تداعياته ومشاهده هناك حكومة هي اللاعب الأساسي في المشهد الإرتري وهناك معارضة خارج إرتريا ولكنها حتى اللحظة لم يحدث وجودها أي اثر في المشهد الداخلي والخارجي.

وبين الطرفين هناك شعب بالطول والعرض على اختلاف مستوياته الثقافية واختلافه على تعدده ألاثني واللغوي  يعيش في داخل إرتريا وخارجها  ، وفي نظري هو الفيصل في ترجيح كفة احد الطرفين وهو صاحب الرقم الأساسي في إنهاء الوضع القائم وبإمكانه الخروج بسيناريو ليست في الحسبان ويقلب كل الموازين ويسكت العديد من الأفواه وأولها النظام الذي يظل يقنع نفسه بان هذا الشعب قد استكان وليس بوسعه أن يثور على الأوضاع مهما تفاقمت لكن هذا الشعب بإمكانه فرض إرادته على الواقع وكسر الجمود وتجاوز جدار الصمت .

والسؤال الذي يطرح نفسه بداهة هو إذا سلمنا واقعيا بان الشعب الإرتري قد وصل إلى قناعة رسختها تجربته مع النظام طيلة العشرون عاما  وهي أن النظام في اسمرا مستبد وديكتاتوري ظالم متسلط  ، فلماذا إذا يحجم عن العمل على إسقاطه والخلاص منه ؟

إنه سؤال مطروح أمام كل مهتم في الشأن الإرتري وبالأخص القوى السياسية المنضوية تحت مظلة التحالف التي تعتبر طليعة القوى السياسية الفاعلة.

إن مالا يمكن إنكاره حاليا هو أن شعبنا قد قطع الحبل السري الذي بينه وبين النظام والصلة ليست موجودة إلا في حدود المصالح التي تحتمها الظروف ، فهذا يعني أن هناك حالة فراغ بحاجة إلى إحلال .

وأن مما لا شك فيه أيضا بأن الشعب منذ الأزل تواق ويتطلع إلى الأفق في حلم جميل وذلك كغيره من الشعوب حيث يعشق الحرية ويريد أن ينعم بالاستقرار والسلام  والمدنية والرفاهية كما عايشها ويعيشها في بلاد اللجوء والمهجر في أوروبا وأمريكا واستراليا وكندا وغيرها من الدول التي تحترم الإنسان وتصون كرامته وتحافظ على حقوقه .

ولكن السؤال الذي غالبا ما يتخلل أحاديثنا ومجالسنا هو كيف يمكن تحويل هذا الحلم إلى حقيقة وواقع؟

في اعتقادي الشخصي أن هناك ثمة مشاكل كبيرة وأهمها الفجوات والتباينات التي خلقها النظام في وسط الشعب وأوجدت حالة اللا ثقة بين فئات شعبنا.

إضافة إلى ضعف الوعي السياسي والحقوقي لدى عامة شعبنا حيث أن الوضع البائس قد أوصله إلى درجة الاعتزال واّثر الابتعاد عن الانشغال بالسياسة وتوجه بجل اهتمامه نحو تربية أبنائه والاعتناء بمصير أسرته ومستقبلهم في الإطار  الأسري .

وان حالة الفراغ الموجودة في العقلية الإرترية ينبغي أن يحل مكانها ليس أفراد أو مؤسسات حزبية وتنظيمات إنما تملأها صورة واضحة للمستقبل بعد سقوط النظام ورحيل زبانيته.

فالديكتاتورية والتي تتمثل في:

  • الحزب الواحد
  • الإعلام الكاذب
  • الآمن القاهر
  • الاقتصاد لصالح الحزب والمحسوبين عليه

الصورة بعد سقوط النظام تتمثل في :

  • دستور للبلاد يتوافق عليه الشعب عبر الإستفتاء يشترك فيه كل من له الحق في التصويت من الجنسين في الداخل والخارج.
  • تعددية حزبية تعمل من خلال برامج لأعمار البلاد وإسعاد العباد
  • إعلام حر يعمل على تسليط الأضواء على أعمال الحكومة وتصرفاتها ونشاطات المعارضة وممارساتها ويهدف هذا الإعلام إلى تمليك الشعب الحقائق وخلق وعي يمكن شعبنا من متابعة مصالحه والوقوف على حركة الحياة بكل تفاصيلها ودقائقها.
  • القضاء على الأمن الذي يعمل لصالح النظام وبقائه وفرض نفوذه بمختلف الأساليب  ويحل مكانه القوانين والأنظمة التي تضبط حركة الحياة ويؤاخذ الناس بما فعلوا وليس بما يفكروا  والمتهم بريء حتى تثبت إدانته وأية عقوبة لا تتنزل إلا بعد استيفاء كل المسوغات القانونية الخاصة بها.
  • إرساء دعائم اقتصاد يجعل من المنافسة التامة في السوق هي سمة الحركة التجارية بحيث يتمتع شعبنا بكامل حريته لمزاولة كل الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية  في ظل سياسة تعمل على تحقيق رفاهية الشعب .
  • ايجاد قضاء مستقل يفصل  في النزاعات والقضايا فيما بين الشعب وفيما بين الشعب والحكومة وفيما بين السلطات في الحكومة  كل ذلك من اجل تحقيق  مقاصد العدالة .

إن على مظلة التحالف أن لا يقدموا أنفسهم إلى الشعب كبدلاء للنظام حتى لا تحوم حولهم أن القصد من نضالهم  هو الوصول إلى السلطة وبالتالي يكون التشبث بها متى ما وصلوا إليها, وللخروج من أزمة الثقة ينبغي على التحالف أن يقدم مشروعه التغييري ويجعله ملكا للشعب وفي حالة سقوط النظام  التأكيد بان التحالف سيعمل بأن تنتقل السلطة إلى الشعب وهو السيد أولا وأخيرا في وطنه والمشروع الذي يقدم إلى الشعب هو الذي يرسم معالم انتقال هذه السلطة.

إنني أتطلع إلى التحالف وفي دورته الحالية أن يلعب دوره الطبيعي والمرتجى وعبر كل وسائله وبالذات في الإعلام خاصة تلفزيون أخبار ارتريا أن يعرض مشروعه بكل شفافية ووضوح للشعب في الداخل والخارج ولو على شكل فقرات حتى يكون شعبنا كله على دراية ومعرفة تامة بالتحالف أهدافه ومشروعه والياته والقائمين عليه لاسيما وان شعبنا بالداخل يتابع تلفزيون أخبارارتريا بشغف .   وللحديث تتمة

 

أبو عبدالرحمن  الجبرتي

19/4/2011م

 

مظلة التحالف الديمقراطي الإرتري بين قيادات شاخت أفكارها وصبر شعب طال أمده 2

مظلة التحالف الديمقراطي الإرتري بين قيادات شاخت أفكارها وصبر شعب   

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=13128

نشرت بواسطة في أبريل 22 2011 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010