مفاتيح الحراك الوطني بين مطرقة الإنفصال وسندان تقرير المصير

من   ياترى  يثمن خطوة من  يظن   أن  كفاح الكيان الوطني الإرتري (بشرائحه التسعة المكونة لبناءه)،بدءاً بمرحلة تقرير المصير (أي بعد جلاء المستعمر الإيطالي)، ومروراً بالمقاومة السلمية للإرتباط التنظيمي القسري   (الفيدرالي)  بالكيان    الإثيوبي ، ثم إعلان العصيان المسلح ضد هذا الإرتباط (الإستعماري)ولمدة ثلاثة عقود ، لم يكن يهدف سوى إعادته ومن جديد الى ذات المربع الإستعماري بعد الإستقلال ،وذلك بإرساء آليات القبول الطوعي لمبدأ الإخضاع القسري  من قبل  إرادة تنظيمية (تقليدية)تريد أن تحوِّل مسار إرتباط  الشرائح الوطنية الإرترية (التسعة )بكيانها الوطني،من حالة  الإرتباط  الطوعي الى حالة إرتباط رهني (قسري)،لمجرد أن القيادات المنظمة للحراك  التقليدي لاتؤمن  بحق الشرائح في حرية التفكيروالتعبير والتنظيم ، ولا تقبل أن يكون لها حقوق وصلاحيات وأدوار وطنية فاعلة تعبر عن مصالحها، ومن ثم رأت أنه  لابد من عزلها عن تحقيق إرادتها التنظيمية الحرة المستقلة ……هذا ما حدث بعد الإستقلال  من قبل آليات الهقدف التنظيمية،وهو ما سيتكرر إن حكمت قيادات المعارضة المؤمنة بهذا السلوك التقليدي، وأخيراً هذا مايدافع عنه من يرفض إمتلاك الشرائح الوطنية التسعة لحقها التنظيمي  ،المرتبط بحق إستقلال إرادتها بعد فك إرتباطها بآليات التنظيم القسرية (التقليدية)التي تشكلت اليوم كمرحلة  إمتداد لما كان الوضع عليه قبل الإستقلال  ، فهل يقبل العقلاء العودة الى الوراء ، أم حسب  الذين  مارسوا أسلوب التغييب والتهميش لهذه الشرائح الوطنية ،في فترة  الكفاح المسلح لوجود فراغ تنظيمي حينها الأمر الذي مكنهم من تحقيق مرادهم ، أن الكرة اليوم (كالأمس)لازالت في ملعبهم ليعيدوا من خلالها عجلة الزمان للوراء ، فكيف بالله  يحكمون ،وقد تغير كل شئ من حولهم ماعدا  طريقة  تفكيرهم وأسلوب تعاملهم الخاطئ مع مفردة الوطن والمواطن وتركيبته الوطنية  (الطبيعية) التي  يرتضيها

ومنٍ ثم لا أعتقد هناك من يختلف معنا  في رفض أساليب  الرهن والإستعمار هذه(من الناحية النظرية )،أما من الناحية التطبيقية  ، فقد أثبتت التعليقات التي كتبت على المقالين السابقين  وجود من يعتقد أن هذه النظرية التي لايختلف حول صحتها عاقل !!،محاولة تطبيقها على أرض الواقع  أمر مختلف،وإذا تساءلنا وقلنا لماذا ؟ قالوا  لوجود صعوبة في تحقيق أغراضها التنظيمية وأهدافها التحررية بنفس مستوى التنظير !! فما الصعوبة في ذلك إذا توفر ت الإرادة وتحققت الأرضية والآلية التنظيمة العادلة بالإضافة الى تسخير الوقت في جدول زمني ..!؟ هذا ما يجب أن يتفضل بشرحه أصحاب الرأي المخالف لهذه القراءة الموضوعية  لمفاتيح الحراك الوطني ،أما وجهة نظر العارفين والمدركين بحقيقة أن أية شرائح داخل كيان إجتماعي يجب أن لا يكون إرتباطها به بصورة تعسفية ( أي خارج نطاق إرادتها وقبولها الطوعي)تؤكد أنه حق إنساني لا يمكن التنازل عنه بسهولة ، لأنه مرتبط بالكرامة ومؤسس للوجود ومعبر عن الحقوق ، المر الذي يستدعي متى ما تشكل هذا الرباط التنظيمي أن تتشكل حقوقه الوطنية بكامل طاقمها،ليأتي من ثم على رأس هذا الطاقم حق تقرير المصير ، لإثبات أن الأطراف الأخرى المساهمة في تأسيس الكيان الوطني الإرتري الموحد ،لم ولن تتجاوز حقوقها وحدودها التنظيمية ،ومتى ما حدث هذا التجاوز سيترتب عليه صدور حق تقرير المصير ، كحق طبيعي يستدعي تعبئة الشارع العام وإخباره أن الرباط التنظيمي السياسي  للمجتمع الإرتري قد تطاول على حقوقها ،فتجري المباحثات  حول مضمون هذا التجاوز ،فإن تأكد أصبح  هذا الإجراء التعسفي مبرر قانوني يمنح هذه الشريحة حق أن تقرر مصيرها بنفسها ، لتنتقل الكرة من خلال هذه العدالة الإجرائية الى ملعب الجماهير لتساهم بنفسها في تقرير شأن إرتباطها وتحديد موقفها من تجاوزالكيان السياسي للدولة لحقوقها بالإنفصال أو تجاوز الأزمة ومعالجتها مجددا،ً وبهذا الشكل الإجرائي وحده ستحقق الجماهير وجودها وتؤكد حضورها من خلال إمتلاكها لحقوقها الوطنية بصورة  كاملة تجعلها صاحبة سلطتها ومقررة مصلحتها ،ولا قيمة إذن لدستور يحول بين المجتمع وهذه الحقوق ليرسي بالمقابل حقوق نخبة  سياسية تقود كل هذه الشرائح بصورة قسرية  إن لم  نقل نفعية ،والواقع يشهد  على ذلك .

ومن ثم كان لابد من الدعوة لمرحلة دستورية جديدة بعد إسقاط النظام تدعم هذاالحق ، كأساس للتعايش الجمعي والإشتراك التنظيمي العادل ، لتتشكل بذلك الأرضية الخصبة لنمو الثقة كعامل مؤثر وفاعل في تأسيس إطار وحدة وطنية حقيقية ، مبنية على أرض الواقع وليس على سراب الأماني والحلام الوطنية ، والتي كانت يوماً ما الأرضية الخصبة لظهور القوى الإنتهازية  لتستولي على حقوق مكونات الشعب الإرتري ، وتقوم من ثم بسحقه تحت قبة الرباط الوطني الزائف ، ومن ثم يمكننا اليوم عبر هذا الملتقى للقوميات الإرترية ، رفع صوتنا عالياً قائلين وبملئ الفم ، أن هذا هو إعلان التحرير الحقيقي المعبر عن إكتمال شروط إقامة الإستقلال الوطني الأصيل على أركان الإستقلال القومي التسعة المحددة لمساحة الحراك الوطني ولملامح سيادته الشعبية المغيبة خلف سيادة النخبة القابضة على الزمام والرافضة للإقتسام ،إلا على سبيل الدعاية والإنتصار على الخصوم  ومن يتفوه بتلك الحقوق والمطالب ولو بالكلام .

وفي الختام سأفرد ماتبقى من مساحة  للرد على من  ظن أننا تجنينا على البناء التنظيمي وعلى قياداته عندما وصفناها بالتقليدية ، وعلى من ظن بأننا مرضى فكر شوفيني أو قبلي يميل الى النعرات والإنقسامات الطائفية ….

أولاً :علينا أن ندرك أن الجسم الوطني هو جسم ميكانيكي متحرك  وليس جامد ، ومن ثم كان جموده مثار تساءل لكون أن المنطق يقول الجسم المتحرك عادة ما تنبعث منه طاقة ،فماهي إذن أسباب الجمودالذي يميز حراكنا الوطني ويجعلة صبة أسمنتية  ، الأمر الذي جعلنا نتأكد أن :

من يقود هذا الجسم أخطأ في قراءة مفاتيح هذا الحراك الميكانيكي ،الأمر الذي ترتب عليه قرارات خاطئة صدرت من جهة غير علمية جعلت الجسم الوطني يفقد قدرته الميكانيكية الحركية ،وبالتالي أضحى الحراك الوطني في الساحة اليوم يتميز بالجمود وعدم التفاعل وكأن ذلك هي إحدى سماته التكوينية المعروفة،وذلك بالطبع ليس صحيح (فما هو الصحيح إذن؟)، الإجابة العلمية تقتضي المعرفة التفصيلية بما حدث ،ومن ثم وضع الحل الذي يرفع  عن الجسم أسباب جموده ،وهذا هدف رئيسي لظهور ملتقى مقلي ، حيث يرى أن القرار الذي إتخذته قيادة الجسم بتوحيد أوعيته التسعة المحددة لمكوناته القومية في وعاء وطني واحد بصورة تخفي ملامح كل مكون وتتجاهل مطالبه وحقوقه الثورية ،ظناً منها أن إزالة  الأطر الفاصلة بين أوعية القوميات  التسعة بهذه الصورة (التعسفية)سيزيد من حجم الطاقة المتولدة  من عموم الجسم الوطني ،وذلك جهلاً بحقيقة أن الطاقة الصادرة من كل مكون لا تنبعث بنفس القوة  ولا تمنح المحرك الرئيسي للجسم قوة الدفع اللازمة إلا  إذا حافظ كل مكون على إطاره القومي كوعاء مولد لطاقة الحراك الوطني العام ، فتتجمع الطاقة المتولدة عن كل وعاء وتلتقى لدى المحرك الرئيسي وهي تشعر بحماسة الإندفاع التنافسي الشريف فيما بينها ، كإحدى أسباب إرتفاع معدل القوة الميكانيكية المتجمعة لدى كل وعاء وطني من الأوعية التسعة،وذلك سر قوة الثورة في بداية إندفاعها ضد روابط المستعمر التنظيمية في الستينات،وهو السر الذي سيفجر  الحراك الوطني اليوم إذا ما تم إعادة هيكله التنظيمي المحدد لأطر وعاءكل قومية داخل الجسم الوطني ليمارس وظيفته الميكانيكية في تفجير الطاقات الحقيقية بعد تجميعها بصورة تعبر عن الخلفية الصادرة عنها الوعاء القومي،ولمن لم يسعفه  مستوى وعيه  أو حضوره الزهني في هذه اللحظة لفهم القراءة السابقة ، أختمها بضرب مثل بسيط لا يوجد أحد لم يسمع به ،على الأرجح ،وهو الجسم الميكانيكي للعربة (السيارة)الذي يتميز بأوعيته الأربعة المصدرة لطاقته الحركية (الميكانيكية)،وهو وعاء البنزين والزيت والكربريتروالبطارية  ،لكل من هذه الأوعية طاقة كهربية تتولد عند وصولها المحرك الرئيسي الى طاقة ميكانيكية  مساهمة في إندفاع العربة بسرعة طردية مساوية لحجم ومستوى الطاقة المنبعثة من كل وعاء على حدى ،داخل الهيكل العام (الوطني) للعربة،فهل معنى هذا الحراك المنفصل بوعاءه عن بقية الأوعية الأخرى أن العربة تعرضت الى عملية إنفصال لهيكلها العام ،بالطبع لا،ولكن النظرة التقليدية لا تسعفها الإضاءة العلمية لمشاهدة الحقيقة، ولهذا يربطون الدعوة لتنظيم قومي دعوة الى عملية الإنفصال أو دعوة للفتنة والإقتتال،وحاشى لله أن نستهدف كوطنيين أسباب وحدتنا، لهذا تابعوا معي بدقة ولا تخرجوا عن الموضوع بخيالاتكم الإعتراضية، وأجيبوا على هذا التساءل،إذا طبقنا النظرية التقليدية للجسم الوطني الخاضع اليوم  لقرارات القيادة التقليدية (غير العلمية)في فهمها البسيط لمفهوم الوحدة الوطنية، فما الذي سينتج عنه ؟، بمعنى .. لو وحدنا الأوعية الأربعة هذه (وعاء البنزين والزيت والبطارية والكربريتر)في وعاء واحد تحقيقاً للوحدة الوطنية على طريقتهم التقليدية ،فماذا برأيكم ستكون النتيجة ، هلا أخبرني المتطاولين على مفاتيح الحراك الوطني عبر تعليقات غير موضوعية ولا تعبر من قريب أو بعيد عن وعي علمي له تطبيقاته على الطبيعة المخلوقة وفق سنن علمية محددة يصعب تجاوزها ، وإن حدث ذلك عن جهل كما فعلت القيادات من قبل ،فإن النتيجة هي تكرار لنفس الواقع الجامد الذي نعاني منه ، وملتقى الحوار الوطني الإرتري للتغيير الديمقراطي لا يستطيع إفراز نتائج خارقة لهذه الطبيعية المحكومة بسنن الحياة ،ومن لم  يفهم  فليجرب خلط البنزين وزيت المحرك وماء البطارية وماء الكربريتر في وعاء البنزين مثلاً أوإحدى الأوعية الثلاثة المتبقية (لتحقيق الوحدة الوطنية أقصد وحدة الطاقة المنبعثة من كل وعاء)،ولينظر من بعد ذلك الى النتيجة بنفسه لعل نظريته التقليدية هذه تنجح في دفع العربة بصورة خارقة ،كما حلم بذلك أجرى تطبيقات النظرية التقليدية على الجسم الوطني (الميكانيكي)للشعب الإرتري في مرحلة الثورة والدولة، ولذلك نؤكد أن الشعب الإرتري اليوم  بات ينتظر من الشباب خلاصة تجاربهم العلمية لرفع القدرة الوطنية  وتفعيل حراكها بإتجاه تحقيق الحلم  الجماهيري المهضوم دوماً وأبدا ،حيث لا فكاك لنا من هذا الواقع طالما أن هناك محسوبون على الحراك السياسي والثقافي  لا تبتعد أنظارهم قيد أنملة عن مستوى مؤثرات المنظار التقليدي الذي لا يساعدهم على الإبتعاد عن الأفق الضيق  وبالتالي  وقوعهم في مطبات الأحكام الجزافية الفاقدة للمنطق الواعي .

ثانياً:ردي على من ظن أن عواتي سيتبرأ مماقلت ، بحجة أنه طالما حذر رفاقة من مقبة النعرات القبلية ، مستخدمً هذا المثل لإثبات جهلي بحقيقة ماكان يدور في مرحلة الإنطلاقة الأولى للثورة، فلينتظر الأخ عثمان أحمد…. موضوع المقالة  القادمة بإذن الله رقم(4)

علي أحمد أبو نضال

Abu.nedal@live.com

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=3946

نشرت بواسطة في يوليو 17 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010