مقابلة مع محمد نور أحمد عضو سكرتارية الحزب الديمقراطي الاريتري وسفير اريتريا سابقا بالصين

كتب الأسئلة :ـ  أحمد محمود علي

ملبورن ـ 28/10/2004م

محمد نور أحمد يؤكد لقائه بالسفير الإثيوبي في السودان ويتحدث عن طرده من يوغندا والصومال ويقول :ـ

  • إسياس طموح وذكي وقارئ وماكر ومتآمر ولا يعرف الرحمة.
  • القيادات االاريترية أُستنزفت بما فيه الكفاية وعليها أن تستريح.
  • مجموعة الـ 15 لم تكشف بعد ممارسات النظام وجرائمه.
  • لاأعتقد بوجود تصور للمعارضة للتعامل مع قضية المعتقلين.
  • كان مآخذي علي التحالف في الفقرتين الثالثة والرابعة.
  • أساس فكرة الفيدرالية الاريترية الجغرافيا، وأنا لم أسمع بفيدرالية جغرافية.
  • إذا لم تكن هناك محفزات فروح التضحية تتضاءل.
  • لم أتحسس من اتفاقية “كاسل” ولكن لم أتبع الإجراءات التنظيمية.

 

كتب الأسئلة :ـ  أحمد محمود علي

ملبورن ـ 28/8/2004م

 

قصدت بهذه المقابلة مع السيد محمد نور أحمد تسليط الأضواء علي بعض القضايا التي تشغل بال الاريتريين أو بعضهم، ومع ذلك أشعر أن ثمة أسئلة مهمة لم أتمكن من طرحها لأني لاأعرفها. نحن الذين نعيش في الخارج تنقصنا طرح الأسئلة المتولدة من رحم المعاناة.. لوطلبت من شخص عاش العشرة أعوام الماضية في اريتريا وتعرض لتمييز طائفي وثقافي وخطف والده ونهبت ممتلكاته وتشرد بسبب الحرب وصودرت أراضيه ومنعت إبنته من السفر للعلاج أو للإلتحاق بزوجها ولا يعرف مصير إبنه الغائب منذ سنوات.. وبالجملة يتحسس رقبته كلما أشرقت الشمس، لو طلبت منه أن يطرح الأسئلة الي الحكومة والمعارضة لأتت أسئلته أكثر صدقاً ولشعرت بنبضها وحيويتها ولتألمت معها أيما ألم.

هذه ثاني مقابلة أجريها مع الاستاذ محمد نور أحمد منذ تعرفت به لأول مرة في ديسمبر عام 2002م بمدينة ملبورن، ولست واثقاً فيما إذا كنت محايداً وجريئاً في طرح الأسئلة أم لا. مع أني أعتقد اننا في حاجة ماسة للصفتين حين نحاور المعارضة، وإلا ما الذي سيميزنا عن إخواننا الذين يعملون تحت ظروف صعبة في وسائل الإعلام التابعة للنظام الاريتري؟.. في أجوبة هذه المقابلة تجدون مزجاً بين الرأي والمعلومة، بالتأكيد لاتوافقون الاستاذ محمد نور حول جميع ماقاله ومن هنا تتضح الجوانب الأخري للصورة أو للمشهد.. إن حركت هذه المقابلة شيئاً في نفوسكم فالرجاء إثرائها تعليقاً وتصحيحاً ونقداً.

ليس المقصود بهذه الأسئلة أو بعضها  محمد نور أحمد وحسب ولكن جميع الأطياف السياسية الحكومي منها والمعارض، ولأننا نستطيع الوصول الي قيادات المعارضة الاريترية في هذا الوقت علي الأقل، فان محاورتهم ومجابهتهم بالأسئلة تعد إحدي الوسائل لمعرفة أفكارهم ومشاريعهم وآرائهم وبرامجهم والي أين يريدون أن يقودوا البلاد غداً، وأعتقد أن هذه المسائل لو أتضحت لنا جلياً وأقتنعنا بها يمكن أن تكون بوصلة صحيحة لتحديد اتجاهنا.. في هذه المقابلة أيضاً أسئلة وددت أن أطرحها أمام قيادات اريترية داخل البلاد ليس من بينها إسياس أفورقي بالتأكيد، لأنه الرجل الوحيد الذي تجاوز زمن الأسئلة، قام  بوضع أسئلته العامة والخاصة منذ أربعين عاماً وتمكن “بمكره” أو “ذكائه” من جعل رجالات الشعبية يقرون بالجواب الذي حدده، وبعضهم حين بدأ يتراجع مؤخراً أكتشف أن الوقت متأخر جدا.. الآن لم تعد عبارات مثل المساءلة والنقد الذاتي والمساواة والتعايش تهمه في شيئ، لأنه ببساطة لايري مايستوجب ذلك.. يقول البعض أن الأزمة تتمثل في وجوده والبعض الآخر يخشي من أن رحيله سيخلف “مأزقاً”.. هذا بالضبط ماكان يحلم به أفورقي، أن نتحدث عنه حين يكون في القيادة وأن “نقلق” حين تزف لحظة  مغادرته  أيضاًّ.

 

السيرة الذاتية لمحمد نور أحمد:ـ

ولد محمد نور أحمد محمد عثمان بمنطقة “أردا” ضواحي مدينة كرن بأقليم سنحيت سابقاً وعنسبا حالياً في 5/5/1937م ودرس حتي الفصل السابع في كل من “علي قدر” و”كرن” وقضي جزءً من طفولته في مدينة أغوردات أيضاً، ثم عمل مدرساً لسبعة سنوات من 56 الي 1962م متنقلاً بين المعهد الديني الاسلامي بأسمرا ومدارس في جزيرة “دهلك” و”مصوع” وأردا الأخري (مقلو) ومدينة “أم حجر” الي أن غادر ارتريا في أغسطس عام 1962م الي السودان ومنه الي مصر، فأستأنف بالقاهرة دراسته ملتحقاً بالصف الثاني عشر في العام الدراسي 62 ـ 63م ثم بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة بغداد في الأعوام الدراسية 1967 ـ 1970 .

فيما يتعلق بنشاطه الوطني أنضم في صفوف حركة التحرير الاريترية في عام 1960م ويقول انه كان مسئولها في مدينة “أم حجر” وفي القاهرة ألتزم بجبهة التحرير الاريترية عام 1962م ثم جمد دراسته ليعمل متفرغا في مكتب الجبهة بالخرطوم من نهاية 1964م الي يناير 1967م، وهي الفترة التي عرف فيها ـ كما يقول ـ فتحي فضل (سوداني الجنسية) الأمين العام لإتحاد الطلاب العالمي آنذاك فعرض عليه هذا الأخير فكرة تكوين إتحاد طلاب اريتري، فنقل محمد نور الاقتراح الي الطلاب الاريتريين الذين كانوا يدرسون ببغداد عام 1967م، وتقرر بعد ذلك أن يعقد الاتحاد مؤتمره التأسيسي علي نفقة الاريتريين الدارسين بالقاهرة لكن السلطات المصرية لم توافق علي عقد المؤتمر في أراضيها، فتأسس الاتحاد بدمشق في 4/1/1969م وكان من أهم قراراته إلتحاق الطالب الاريتري المتخرج بالميدان.

حين ذهب الي الميدان عام 1970م تم إختياره عضواً باللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الأول عام 1971م ثم أصبح عضو لجنة تنفيذية ومسئول مدرسة الكادر بالميدان، لكن في المؤتمر الوطني الثاني عام 1975م خرج من تشكيلة القيادة الجديدة وتم تعيينه ممثلاً للجبهة باليمن الجنوبي لمدة عام ثم مسئولاً عنها في يوغندا الي أن أخبره الرئيس الراحل عيدي أمين بعدم مغادرة الفندق ثم طرده من البلاد بعد أن “زودها حبتين” بالعلاقات التي كونها مع أساتذة الجامعات وطلابها ـ كما يقول ـ وهي فئة لم تكن علي ود مع الرئيس الأوغندي، وإثر ذلك تم اختياره لتمثيل الجبهة بمقديشو بين عامي 77 و1979م ثم طرد أو أصبح شخصية غير مرغوب فيها بالصومال أيضاً  بسبب ماأسماه إغضاب جبهة التحرير الاريترية للحكومة الصومالية مرتين علي الأقل، كانت إحداها عدم إدانة الجبهة للهجوم السوفيتي والكوبي المشترك علي الصومال كما أدانته الجبهة الشعبية، بإعتبار ان الاتحاد السوفيتي كان يمثل “قوة تقدمية”، والمرة الثانية حين أصدرت جبهة التحرير بياناً قالت فيه أن هناك صراع في الدرق بين اتجاهين، إتجاه تقدمي يقوده منغستو هيلي ماريام وإتجاه رجعي يقوده أتنافو أباتي وهذا الأخير يمثل عقبة أمام “الثورة التقدمية” في المنطقة، فأغضب هذا البيان ـ كما يقول محمد نور ـ الصوماليين ورأوا فيه تحليلاً غير منطقياً ومنحازاً وأبلغوه إستيائهم، ثم قالوا له انه مندوب أو شخصية غير مرغوب فيها مما يعني الطرد باللغة الدبلوماسية فغادر الصومال في أبريل 1979م ليصبح ممثل الجبهة في السودان حتي مارس 1980م، ثم أُسندت اليه مسئولية قسم المنظمات الجماهيرية بالميدان حتي دخول الجبهة الي الأراضي السودانية في 15/8/1981م. بعد ذلك ساهم في تكوين جبهة التحرير الاريترية ـ المجلس الثوري وأصبح مندوبه في سوريا مابين 85 ـ 1991م، وفي مؤتمر التنظيم الذي عقد بيوليو 1989م تم إنتخابه عضو المجلس الثوري ثم عين في اللجنة التنفيذية مسئول العلاقات الخارجية بعد الإستقلال الي أن قدم إستقالته من التنظيم في يوليو 1992م، وسافر الي اريتريا بعد شهر من ذلك ليصبح هناك مدير دائرة آسيا في وزارة الخارجية الاريترية عام 1993م، وفي نهاية العام التالي (1994) مسئولاً لقسم الدراسات في وزارة الخارجية لأكثر من ثلاث سنوات، ثم مسئولاً لقسم المنظمات الدولية والأقليمية في وزارة الخارجية عام 1998م، وفي يناير 2001م عين سفيراً بالصين لكنه حين عاد من زيارة كان يقوم بها خارج “بكين” وذهب الي مقر عمله قال له الشخص الثاني بالسفارة ويدعي نقوسي : ” عفواً ياسيادة السفير أنتهت صلاحيتك الدبلوماسية”! كان ذلك في 11/11/2002م حين قامت الحكومة الاريترية بتوزيع تعميم الي السفارات الأجنبية ببكين والي وزارة الخارجية الصينية تخبرهم فيها أنها أستغنت عن السيد محمد نور ولم يعد سفيراً لها، فأخذ صورة من التعميم وذهب به الي السفارة الأسترالية طالباً لجوءً سياسياً، وقد وافقت السفارة علي طلبه بعد أسبوع واحد فقط ،ثم وصل استراليا في 3/12/2002م وهو الآن يحمل إقامة دائمة بها، وقد سألته لماذا برأيه أقدمت الحكومة علي إسقاط الصفة الدبلوماسية منه؟ فقال أنها كانت تتابعه منذ أن وجهت له مجموعة الـ 13 دعوي لحضور إجتماع “برلين” في 2000م ثم تعاطفه مع مجموعة الـ 15 وإبداء إحتجاجه لإعتقالهم  أمام المناديب الاريترية التي كانت تزور الصين.

ملاحظة : قمت بتدوين السيرة الذاتية للاستاذ محمد نور أحمد كما أخبرني بها تماماً، والآن أقترح عليكم قراءة المقابلة بعد الفطور أو الإفطار وكل رمضان وأنتم بخير.

 

السؤال الأول:ـ مرحباً بك.. هذه ثالث زيارة لك لأستراليا شاركت فيها لأكثر من مرة في التظاهر ضد النظام الاريتري سواء بسبب إقامة مهرجانه أو بخصوص اللاجئين الاريتريين المرحلين قسراً من ليبيا ـ ما الفائدة من التظاهرات برأيك؟ وما هي الرسالة التي تود جالية تعيش علي بعد الآلآف من الأميال إرسالها الي النظام في أسمرا؟ وكيف تري دور الجاليات في المهجر؟ لكن الأهم هل تري إمكانية إنتقال المظاهرات السلمية داخل الوطن كأداة محركة للتغيير السياسي؟ البعض يعتقد إستحالة ذلك لعدم وجود مؤسسات مجتمع مدني من الإتحادات والنقابات والأحزاب ولإفتقاد التجربة التراكمية وللقبضة الأمنية ولعدم وجود رمز محرك علي شاكلة غاندي ومانديلا يمكن أن يلتف الناس حوله، ولا أري ضرورة لأذكرك بعدم تجذر المعارضة في الداخل ووجود “فجوة” بينها وبين شعب الداخل خاصةً .. دعنا نسمع رأيك؟؟.

 

جـ1:ـ التظاهرة تعني التعبير عن احتجاج علي ظلم واقع والتشهير به لإثارة الرأي العام ضده بهدف ايقافه  أو الحد منه. وهي في ذات الوقت اظهار للتضامن مع من وقع ويقع عليهم هذا الظلم، والمقصود بالتضامن معه في تظاهرة الجالية الاريترية في أوستراليا هو الشعب الاريتري في داخل اريتريا فهو الذي يتعرض لعسف نظام اسياس، وللتظاهرة  أثرها علي معنويات الشعب الاريتري وحضه علي المقاومة وعلي الرأي العام العالمي لاستنكار ممارسات النظام القمعية وتحركه لايقافها، ولا تحقق ذلك مظاهرة واحدة أو حتي تظاهرات في بلد واحد وأنما مظاهرات متنامية ومتناغمة  وفي جميع مناطق تجمع الاريتريين في العالم واستقطاب قطاعات واسعة لشعوب تلك المناطق للمشاركة في هذه التظاهرات والعمل علي عكسها في وسائل الاعلام المتاحة وحينئذ تتضح الفائدة المرجوة منها، ولا أعتقد ان النظام سيتجاهل خطورة مثل هذه التظاهرات. أما انتقالها داخل اريتريا فإن ذلك يتطلب انحياز جزء من الاجهزة الأمنية وقوات الدفاع الاريترية للشعب للتصدي لمن  يحاول التعرض لهذه التظاهرات وهو مالم تعد له المعارضة حتي هذه اللحظة. فالسبب الرئيسي في عدم قيام مظاهرات في اريتريا هو الخوف من بطش أجهزة النظام القمعية للمتظاهرين، وسوف  تصدر الأوامر لامحالة من رأس النظام لاطلاق النار في المليان كما يقولون ضد كل من يتجرأ علي تحدي النظام لأن التهاون في تعبير الشعب عن رأيه هو تسليم النظام رأسه لهذا الشعب وهو مالايجازف به، ولا يتوقع أن تنشأ منظمات مجتمع مدني في نظام كهذا، كما لايمكن أن نتوقع بروز نموذج غاندي في هكذا نظام.

 

السؤال الثاني :ـ مضي أكثر من عشرين عاماً منذ دخول جبهة التحرير الاريترية الي السودان ولم نقرأ الي الآن أو نسمع تقييماً موضوعياً أو نقداً ذاتياً لما حدث كما أن قيادات الجبهة مستمرة في العمل السياسي المعارض بالرغم من أن البعض يوجه لها نقداً حول إخفاقها الأول ـ بصفتك أحد قيادات الجبهة كيف تقرأ الآن ماحدث لها؟ أعطنا شهادتك للحدث ولو بإختصار؟

 

جـ 2:ـ  مؤتمرات جبهة  التحرير هو المكان الذي كان يتم فيه تقييم تجربة الجبهة في كل مرحلة من مراحلها حدث ذلك في مؤتمرها الأول في عام 1971م عندما تم تقييم التجربة منذ اندلاع الكفاح المسلح، وقد أقرذلك المؤتمر وثائق قيمة بهذا الصدد يمكن أن تكون مصدراً رئيسياً لدراسة مرحلة ماقبل المؤتمر وهو ماينطبق علي المؤتمر الثاني الذي عقد في عام 1975م، وبعد انهيار الجبهة وانقسامها الي عدة فصائل كان كل فصيل يقوم بدوره بتقييم تجربته، مجمل هذه الوثائق تمثل تجربة الجبهة هذا بالاضافة الي أدبياتها وجزء كبير منها  في تقديري متوفر وان كان مشتت في أماكن مختلفة داخل وخارج الوطن. أما سبب انهيار الجبهة فالآراء بصدده مختلفة لأنه لم تتم  محاكمة جماعية لها، وكان يمكن أن يحدث  ذلك لولم تكن حركة 25 مارس التي أدت الي تفتت التنظيم، لهذا تخضع عملية إنهيار الجبهة الي تقييمات شخصية تقوم علي اجتهادات الأفراد بهذا الخصوص، فيما يتعلق بإستمرار قيادة الجبهة  في عمل المعارضة فذلك يعود لعدم وجود البديل لأنه لم يكن هناك مانع موضوعي يحول دونه، أما العامل الثاني فإن هذه القيادات تعتقد انها مازالت تملك الأهلية للعب دورها القيادي ولا تشعر انها استنزفت بما فيه الكفاية وأن عليها أن تستريح وتفسح المجال لجيل شاب يمكن أن يلعب دوره بكفاءة أكثر لتلبية متطلبات المرحلة، علماً  بأن هذا الجيل الشاب قد قل اقباله علي السياسة بعد الإستقلال وصار يهتم بالبحث عما يحقق مستقبله الخاص في ظل الدولة الوطنية حتي دفع دفعاً الي التفكير بالسياسة عندما وجد نفسه يساق به كالسائمة ليقذف به في هذه الحرب وتلك التي تفنن النظام في ابتكارها، أو عندما قذفت به الحرب الي  خارج البلاد ليلتحق البعض منه بالتنظيمات السياسية القائمة دون أن يشكل منافساً للقيادات التقليدية بسبب إفتقاره للتجربة، وهو ماحدث لمجموعة الحركة للتغيير من أجل الديمقراطية التي أنتهي بها المطاف للإنقسام إلي شقين أنضم أحدهما وعلي رأسه قائد الحركة سمرت كستي الي الحزب الديمقراطي الاريتري والشق الثاني الي الحركة الشعبية، ويمكن أن يقال ان الحزب الديمقراطي الاريتري والحركتين الاسلاميتين يضمون شباباً في مراكزهم القيادية، والأحزاب الاريترية التي  نشأت إما معارضة للجبهة الشعبية منذ فترة النضال من أجل الاستقلال أو بعده للمطالبة بإجراء إصلاحات سياسية كما هو شأن مجموعة الـ 13 ثم مجموعة  الـ 15 التي تأسس الحزب الديمقراطي ممن نجا منهما  من الاعتقال في عام 2001م  بحكم تواجده خارج البلاد.

أما قراءتي لأسباب إنهيار جبهة التحرير فأنها بإختصار شديد ترد الي ثلاث عوامل، عاملين داخليين وعامل خارجي، ويمكن تفريع العاملين الداخليين الي عامل محلي اريتري وعامل ذاتي جبهوي. أما العامل المحلي الأول فهو الصراع مع الجبهة الشعبية فيمن ينفرد بالساحة الاريترية ويفرض برنامجه، ولما كانت الجبهة الشعبية جادة في الانفراد بالساحة، بدأت تستعد لذلك منذ فترة بعيدة، فقد رفضت اللجنة الادارية وهي القيادة الميدانية لقوات التحرير الشعبية اتفاقية الوحدة التي وقعها الشهيد عثمان صالح سبي أمين البعثة الخارجية نيابة عن التنظيم مع جبهة التحرير الاريترية في عام 1975م في الخرطوم  وتسببت في إضعاف اتفاقية أكتوبر عام 1977م التي وقعتها مع جبهة التحرير الاريترية بعد تكوين الجبهة الشعبية عندما رفضت مشاركة قوات التحرير الشعبية فيها بسبب الخصومة مع سبي من جهة ورفضها لتحديد فترة زمنية يتم فيها دمج التنظيمين وفق قاعدة الحزب الواحد التي كانت سائدة آنذاك، وما كانت تقوم به وحداتها العسكرية  في أماكن التواجد المشترك ضد قوات الجبهة حتي وصل الأمر الي الهجوم الشامل في قسلت في 28/8/1980م علي قوات الجبهة التي كانت قد تبقت في الساحل الشمالي بعد أن سحبت  قيادة الجبهة بعض القطع العسكرية لإستعادة “ماي مني”  في “قوحايين” في سرايي التي كان قد  أستولي عليها الجيش الاثيوبي ومليشاته المحلية بقيادة ودي سلامسا. لم تكن قيادة الجبهة تتوقع ذلك الهجوم الشامل ولا حتي قواعد التنظيم العسكرية والمدنية فقد كان التوجه العام داخل التنظيم هو الوحدة مع الجبهة الشعبية في حين لم يكن للقيادة رؤية موحدة علي توجهات الجبهة الشعبية، فقد كان هناك من يتشكك منذ البداية في نواياها من أمثال رئيس المكتب العسكري عبدالله ادريس وهناك من كان يحسن الظن  بها من أمثال توتيل وغيره لذلك لم تراقب هذه القيادة تحركات الجبهة الشعبية وترصد خطاها حتي  كانت تلك المفاجأة المهولة.

العنصر الثاني من الأسباب الداخلية هو عدم وجود انسجام كامل داخل اللجنة التنفيذية للجبهة إذ كانت تنقسم الي ثلاث محاور، محور المكتب العسكري الذي كان يقوده عبد الله ادريس ومحور تحالف المكتب السياسي والأمن بقيادة توتيل وملآكي ومحور ثالث بقيادة أبراهيم محمد علي وهذا الأخير وإن لم ينسجم مع المحور الأول إلا أنه لم يكن جزءً من المحور الثاني، وكان الخلاف الأكثر وضوحاً هو بين مكتبي  الأمن والعسكري، حول اختصاصات كل منهما بسبب التقاطع في المهام، وقد أضعف عدم الانسجام هذا فعالية القيادة وشغلها عن عقد المؤتمر الثالث الذي كان قد فات أوانه  وتطوير جيش التحرير بعد الهجوم المعاكس الذي شنه الجيش الاثيوبي في عام 1978م وأستعاد المدن المحررة، وقد بدأ ذلك واضحاً في تفوق الجيش الشعبي علي جيش التحرير في القتال بينهما سواء في جانب اللياقة البدنية أو التكتيك أو استخدام الخرائط العسكرية أو سلاح الدبابات التي كانت تملك منه الجبهة الشعبية

كمية لابأس بها غنمتها من الجيش الاثيوبي بينما كانت الجبهة تملك واحدة فقط غنمتها من معركة إستعادة “ماي مني” المذكورة، كما لم تكن الجبهة تملك أسلحة مضادة للدبابات سوي مجموعة قليلة وعتيقة من مدفعية البلانسيت كانت باقية من الهبة السورية في عام 1965م ولم تكن لها أي فعالية في وقف دبابات الجيش الشعبي التي كانت تتقدم المشاة في  سهول بركا. كان يمكن الحد من العنصر التنظيمي في المشاكل لو عقدت الجبهة مؤتمرها  الثالث  للحزب الذي كان مقرراً له ثلاث سنوات والتي أنتهت بحلول نوفمبر عام 1978م وتمت مراجعة الفترة بين المؤتمرين وتقييم الآداء فيها وما أستجد من تطورات سياسية علي الصعيدين الأقليمي والدولي بالنسبة للقضية الاريترية. واذا تجاوزنا العامل الداخلي الي العامل الخارجي فاننا لانجد بداً من تقسيمها الي عاملين وهما:ـ  الجانب الايديولوجي  وأثره علي مواقف دول المحيط و العلاقة مع فصائل المقاومة الاثيوبية وآثارها الضارة.

أولاً: الجمود الأيديولوجي: أثناء الحرب الباردة وانقسام العالم الي معسكرين، المعسكر الاشتراكي والمعسكر الرأسمالي أو بمصطلحات تلك الفترة معسكر قوي الثورة العالمية ومعسكر الامبريالية العالمية وكانت حركات التحرر ومنها الثورة الاريترية تنتمي الي المعسكر الأول إذ أعتبرته حليفاً استراتيجياً حتي دون أن يقدم لها دعماً ملحوظاً اذا أستثنينا ماقدمته سوريا والعراق لأسباب قومية تتعلق بالصراع العربي ـ الاسرائيلي ولإعتبارهما الشعب الاريتري امتداد ثقافي للعرب، لكن بعد الانقلاب العسكري الذي حدث في أثيوبيا خاصة بعد تولي منغستو هيلي ماريام للسلطة واعلان برنامجه الاشتراكي تسابقت دول المعسكر الاشتراكي الي دعمه أولاً في مواجهة الصومال ثم في مواجهة الثورة الاريترية سواء بالمؤن والامدادات العسكري أو بالتخطيط أو بالمشاركة بالخبراء، وقد أدي ذلك الي تحول في مواقف الأحزاب الشيوعية العربية التي كانت تتعاطف مع الثورة الاريترية الي دعم نظام منغستو بحجة أن البؤرة الثورية أنتقلت من أسمرا الي أديس أبابا، كما نظر بعض أطراف اليسار العربي الي الثورة الاريترية كعقبة أمام تقدم الثورة الاشتراكية في أثيوبيا  فمارس الضغط علي فصيليها  الرئيسيين جبهة التحرير الاريترية والجبهة الشعبية لتحرير اريتريا، تجلي ذلك في  مؤتمر برلين عام 1977م فموسكو، وروما وغيرها للبحث عن حل للصراع الاريتري ـ الأثيوبي في إطار أثيوبيا الموحدة لكن قيادات الثورة الاريتري أصرت علي حق تقرير المصير للشعب الاريتري حتي الاستقلال الأمر الذي أدي الي فشل تلك الضغوط، ورغم ذلك كله ظلت قيادة جبهة التحرير الا ريترية بقيادة حزب العمل تتشبث بالتحالف الاستراتيجي بقوي  المعسكر الاشتراكية  دون مقابل في حين أتهمت قيادة الجبهة الشعبية الاتحاد السوفيتي بالانحياز الي مصالحه كدولة عظمي والتخلي عن مبدأ الانتصار لحركات التحرر، فأدانت تدخله في الصومال الي جانب أثيوبيا، وقد أثار موقف قيادة الجبهة

ريب الدول المجاورة المحافظة في أن الجبهة قد تكون بمثابة حصان طروادة للاتحاد السوفيتي في القرن الافريقي لازم ذلك بعض التصرفات من قيادة الجبهة عززت شكوك تلك الدول وكانت النتيجة محاصرة وتجريد جيش التحرير الاريتري من أسلحته عندما أنسحب الي الأراضي السودانية أثناء القتال مع الجيش الشعبي الذي أستغرق عام كامل من 28/8/1980 الي 15/8/1981م.

ثانياً: فيما يتعلق علاقة الجبهة بفصائل المقاومة الاثيوبية، كانت الجبهة في حالة مواجهات مستمرة مع وياني تقراي بسبب الخلاف حول أيلولة بعض المناطق الحدودية من أمثال بادمي كما تبنت الجبهة جبهة تحرير تقراي والحزب الديمقراطي الثوري لشعوب أثيوبيا (إ. ب. آر. ب) والإثنان خصمان لدودان لوياني تجراي تمكنت الأخيرة من تصفيتهما لاحقاً، كما رفضت الجبهة تمرير الامدادات العسكرية لوياني تقراي من السودان عبر منطقة القاش التي كانت تسيطر عليها رغم مناشدة الأمن السوداني وكانت هذه المنطقة أقرب الطرق الي خلفية “وياني” فقامت الجبهة الشعبية بنقل تلك الامدادات عبر طريق طويل يمر بالساحل الشمالي ومنطقة سمهر ومنها الي زرونا فكانت نتيجة هذا التعاون كما هو معروف تحالف الوياني مع الجبهة الشعبية لضرب جبهة التحرير. هذه بإختصار شديد ،وأرجو أن لايكون مخلاً، هي العوامل التي أدت الي إنهيار تنظيم جبهة التحرير الاريترية بالرغم من حظوها  بتأييد جماهيري كبير وقاعدة عريضة ومنظمات جماهيرية نشطة وجهاز اعلام يتمتع بكفاءة لابأس بها في حدود إمكانات الثورة.

 

السؤال الثالث :ـ دعنا في مسألة النقد والنقد الذاتي .. معلوم أن النقد الذاتي “يعلمنا محاسبة أنفسنا وتهيئتها الي الإستماع الي آراء الآخرين وإحترامها” وتقبل المساءلة إن كان هناك جرماً والإعتزال عن المسرح إن كان هناك إخفاقاً، مع ذلك يلاحظ غياب النقد الذاتي داخل مجموعة الـ 15 والتكوينات المتفرعة عنها، هل تلاحظ معي ذلك؟

 

جـ 3:ـ في كثير من الأحيان يفهم النقد الذاتي كما لو كان إعترافاً بالذنب أمام الكاهن، انني شخصياً أفهم عملية النقد لتجربة شارك فيها شخص هو نقد ذاتي ضمني وهو مافعلته مجموعة الـ 15 فأستحق من كان بالداخل السجن ونجا من كان خارج الوطن لكن السؤال هو: هل من نجا من الاعتقال بسبب تواجده في الخارج قام بما يكفي من الكشف عن ممارسات  النظام وجرائمه؟ أعتقد أن هذا لم يحدث الي الآن لكنهم جميعاً أكدوا تحمل مسئولية مشاركتهم فيما أتخذ من قرارات أثناء مشاركتهم في السلطة  أضرت بالبلاد وبحقوق مواطنين دون أن يوضحوا لنا ماهي تلك القرارات، كما أنكروا علمهم ببعض الممارسات عندما وجهت اليهم أسئلة من الجمهور. من وجهة نظري ليس الآن الوقت المناسب للقيام بعملية محاسبات علي الماضي وإنما ينبغي التركيز في هذه المرحلة علي نقاط الاتفاق بين قوي المعارضة علي تغيير النظام الشمولي بعد ذلك أي بعد قيام النظام الديمقراطي، حيث تتوفر الحقوق والحريات الأساسية سيفتح باب المحاسبة إن كانت سياسية أم جنائية.

 

السؤال الرابع :ـ محمد نور أحمد، شخصية واكبت مراحل النضال الاريتري ألتحقت بحركة تحرير اريتريا العام 1960 ثم بجبهة التحرير في العام 1962 فالحكومة بعد الاستقلال والآن في الحزب الديمقراطي الاريتري ـ ألم يحن الوقت للإستراحة؟ أم مازلت تري أن لك قضايا تخدمها وتدافع عنها؟ ماهي الظروف التي تستقيل فيها القيادات الاريترية من تعاطي الشأن العام؟

 

جـ 4:ـ لقد ناضلنا من أجل الاستقلال الوطني وطردنا المستعمر وعلقنا علمنا الخاص بدلاً من علم المستعمر ونصبنا حاكماً من عندنا بدلاً من الحاكم الأجنبي ولكننا لم نسترد بعد الحقوق والحريات الأساسية التي ضحي شعبنا من أجلها ثلاثين عاما.ً وما زالت كرامتنا تداس وتمتهن من قبل ذلك الحاكم وزبانيته، والفقر والمرض والجوع يفتك بأطفالنا ودماء شبابنا تراق في حروب عبثية، والرعب يجتاح كل بيت خشيةً ألآ ينفذ منه عبر جدرانه ماقد يصل الي مسامع أجهزة القمع والسجون تضيق علي رحبها بالرجال والنساء الأبرياء. فأي إستقلال هذا الذي نلناه في بلد يهرب منه أبناؤه ليلقوا حتفهم في صحراء ليبيا أو في أعماق البحر الأبيض المتوسط، ومن صادفة حسن الطالع يرزح في سجون ليبيا أو مالطا لينتقل منها الي سجن جزيرة نخرة، ذلك السجن القبو الذي بناه الطليان لعتات  المجرمين في عهدهم. إذاً مازالت هناك مهمة أساسية يجب انجازها لإستكمال الإستقلال، وهي اقامة الديمقراطية وحكم القانون وحينئذ سأستريح إذا مد الله في عمري.

 

السؤال الخامس :ـ شاهدتك تتحدث في برنامج “حصاد سنين” بالتلفزيون السوداني في يوليو الماضي عن جرائم أرتكبها ويرتكبها النظام الاريتري منها ماعرف بمذبحة “دسيت” وذكرت بعض الشخصيات الوطنية قيل ان النظام قام بتصفيتها جسدياً، لكني حين عدت بالذاكرة وبحثت عنك في تلك الفترة وجدتك داخل النظام وكنت ممثلاً له في الصين حتي قبل أقل من عامين هل تشعر بالندم الآن؟ لو أن أحداً قال لك أن والده أو أخوه أو إبنه أعدم وأنت داخل النظام كيف ترد عليه؟ طبعاً هذا يثير سؤالاً مهما: من هو المجرم الحقيقي في اريتريا؟ من يصدر الأوامر أم من يطلق النار؟ أم “المنحاز الصامت” الذي يعرف أن ثمة جرائم ترتكب في تلك الأثناء ولكنه لم يتحرك طالما أنها بعيدة عنه أو بعيدة عن “جماعته”؟

 

جـ 5:ـ أنا لم أشارك في إرتكاب جريمة أو أشاهدها وهي ترتكب أمامي ولم أسمع بها إلا بعد إنشقاقي عن النظام فكيف أندم علي جريمة لم أرتكبها أو أسكت وأنا شاهد علي أرتكابها، إنني لم أسكت عن الدفاع عن قضايا آمنت بها وكانت مخالفة لسياسات الحكومة دافعت عنها في السيمنارات والاجتماعات وحتي بقلمي في جريدة اريتريا الحديثة أو قدمت أوراقاً بشأنها وهذه الأمور يعرفها الذين عاشوها في اريتريا فأنا لم آت مايجلب علي الندم علي العكس من ذلك أنا فخور بما فعلت بفترة تواجدي داخل البلاد.

المجرم الحقيقي في اريتريا هو رأس النظام وقيادة حزبه وأجهزته القمعية والقادر علي الفعل ولم يتحرك لوقف الجريمة.

 

السؤال السادس :ـ احتفلت اريتريا قبل فترة بالذكري الرابعة والثلاثين لإنطلاقة الكفاح المسلح ولم يخب النظام ظن الشعب به، فقام بالاحتفال معه بطريقته الكلاسيكة المعهودة، فإستناداً الي ماجاء في “جيداب نيوز” بموقع “عواتي” في 11 سبتمبر الماضي، قام النظام بإعتقال المئات من أتباع الديانات المختلفة بينما الشعب يحتفل بالذكري في بداية الشهر، فإذا صح هذا الخبر والمشاهدات العامة تؤكد علي صحته، فإنه دليل آخر علي أن أكثر شيئاً مستباحاً في اريتريا اليوم هو حياة الانسان الاريتري نفسه. في اريتريا حيث يتم الاعتقال بدون أمر قضائي وبدون وجود محامي من الذي يصدر الأوامر برأيك؟ قيل أنه لايعقل أن تكون جميع قرارات الاعتقال الإعتباطي صادرة من الرئيس أفورقي؟ معني ذلك أنه ظهرت قوي وأشخاص آخرين من يكونون ياتري؟ وبخصوص المعارضة هل هناك تصور للتعامل مع قضية المعتقلين؟ هناك مسئولية جنائية ومدنية وأظن أن الإفراج وحده لايكفي. بمعني أن المسئوليات والآثار المترتبة علي عملية الإعتقالات ستنتقل الي أي نظام قادم أو ستظل معلقة علي رقبة هذا النظام  ماذا تقول؟

 

جـ 6: نعم جميع قرارات الاعتقال صادرة من أفورقي لأن مهمة الأجهزة هي رصد التحركات وجمع المعلومات حسب التصنيف المسبق للأنشطة غير المرغوبة ورفع التقارير ثم تنفيذ القرار الذي يتخذه الجالس علي كرسي الحكم، وما يقال عن وجود قوي أخري تتصرف بدون علمه أمر مجافي للحقيقة والمنطق واريتريا بلد صغير وعدد سكانه محدود لايتحمل وجود أكثر من قوة واحدة تديره في ظل نظام ديكتاتوري.

لاأعتقد بوجود تصور للمعارضة للتعامل مع قضية المعتقلين لكن المعروف هو أن إعتقالهم سينتهي بمجرد زوال النظام الذي أعتقلهم ومن حقهم أن يرد اليهم إعتبارهم وأن يحاسب من أرتكب جريمة إعتقالهم، لايسقط حقهم  بالتقادم أو  بمجرد سقوط النظام، وسيكون القضاء المستقل مفتوحاً أمامهم لمقاضاة هؤلاء ولا يمكن اعفائهم من ذلك حتي لو تمت مصالحة سياسية مع الحزب الحاكم اليوم. وأنا لست من السذاجة بحيث أتوقع ان تتم هذه المصالحة والمعارضة في حالة تشتتها هذه وهي حالة لاتهدد وجود النظام في شيئ.

 

السؤال السابع :ـ قرأت لكاتب يدعو الشعب المصري لإبرام صفقة مع “رموز النظام المصري” تقوم علي أساس أن يطلب منهم الشعب الرحيل مع العفو والصفح والمغفرة عما “أرتكبوه وأقترفوه من فساد وجرائم” أي إعطاء الأمان لهم مقابل أن يتركوا الشعب يعيش “ويصلح ماأفسدوه” هل تري إمكانية إسقاط هذا النداء علي الواقع الاريتري؟

 

جـ 7: ـ من الصعب التنبؤ بما سيقوله الشعب بشأن جلاديه عندما يسقطون علي يده فتلك قضية سيقررها ممثلوه المنتخبين من قبله في إنتخابات حرة ونزيهة وعلينا ألا نسبق الأحداث.

 

السؤال الثامن :ـ بالرغم من أن النظام يتحدث عن الانجازات كإنشاء الطرق وبناء المستشفيات وتشييد المدارس والدفاع عن الوطن وتوفير الأمن وبناء الوحدة الوطنية كما يقول .. بالمقابل المعارضة تتحدث عن إخفاقات كثيرة وجرائم خطيرة كغياب القانون ومصادرة الحريات وملأ السجون بالمعتقلين وإغتيالات عشوائية وتمييز قائم علي أسس طائفية وثقافية.. وأخيراً الأزمة المعيشية كالغلاء وإنعدام السلع. والسؤال ماذا يريد المواطن العادي؟ يمكن أن نقول أنه يريد الجمع بين الأمرين.. الجمع بين الحرية وتوفير متطلباته المعيشية .. الجمع بين الأمن والعدل والمساواة.. الجمع بين سيادة القانون والتنمية الشاملة.. لو أفترضنا أن النظام أراد الجمع بين هذا وذاك فما هي الوصفة التي تعطيها له؟ وما رأيك بالآراء التي تقول أن النظام يمكن أن يتبني ماتطالب به المعارضة حتي دون أن يجلس معها، بمعني انه يقوم بإنفتاح داخلي وخارجي ويقوم بترميم علاقاته مع العالم ودول الجيران ساحباً البساط من تحت أقدام المعارضة؟ هل تعتقد أن النظام يمكن أن يحل أزماته بدون الإستعانة بالمعارضة الاريترية؟

 

جـ 8:ـ ان ماتطالب المعارضة به هو إطلاق الحريات الأساسية والافراج عن كافة المعتقلين السياسيين أو تقديمهم الي المحاكم الطبيعية وإتاحة الفرصة لهم للدفاع عن أنفسهم ورفع قضايا ضد من أعتقلوهم وأبقوهم رهن الاعتقال والتعذيب كل الفترة التي أمضوها في السجون وهي سنين طويلة ضاعت من أعمارهم، والسماح بحرية الصحافة، وقيام الأحزاب وإجراء إنتخابات عامة تحت إشراف مراقبين دوليين، فلو حقق النظام هذه الأهداف فإن المعارضة لن تستأذن منه لدخول البلاد ولن تطلب منه الجلوس معها وإنما ستحزم أمتعتها وتدخل بلدها وتقدم برامجها الي الشعب ومرشحيها في الانتخابات العامة وسيكون القول الفصل للشعب حينئذ. فهل سيقوم  النظام طواعية بهذه المطالب، لاأعتقد ذلك لأن نتائجها ستكون وبالاً عليه، كما أن النظام لايجلس مع المعارضة إلا إذا أضطر الي ذلك إضطراراً، ولا يتحقق ذلك الا إذا رصت المعارضة صفوفها وشددت من الضغط عليه وبدأت تسحب البساط من تحت أقدامه بإستقطاب العديد من العناصر التي يعتمد عليها، فهو سيقوم بذلك لإنقاذ مايمكن إنقاذه لا من نظامه وإنما للتخفيف من إستحقاقاته للشعب، ان أزمات النظام مرتبطة بطبيعته الشمولية وهو لايستطيع تغيير جلده والأزمة هي أزمة البلد عموماً وأصلها هو النظام الشمولي، ولا تنتهي هذه الأزمة إلا بزواله سواء جلس مع المعارضة أم لم يجلس.

 

السؤال التاسع :ـ حين ظهر التجمع الاريتري المعارض تفاءل الناس به ورأوا فيه مظلة يمكن أن تجمع تحتها جميع الفصائل لكن بعد خمسة سنوات تحول التحالف الي أحد فصائل المعارضة بجانب الفصائل الأخري، الحزب الديمقراطي مثلاً ظل خارجه، أنت أحد الذين أقترحوا شكلاً بديلاً لهذا التحالف حتي دون أن تدخل اليه،

معني ذلك أن لديك مآخذاً عليه فما هي هذه المآخذ؟ وما المقصود بالجبهة المتحدة التي أقترحتها؟ وما الفرق بينها وبين التحالف؟ واذا سلمنا بنشوءها كيف يمكن أن نتصور بأنها تشكل “العصا السحرية” لتفعيل العمل المعارض؟

 

جـ 9:ـ يعتبر التحالف أهم إنجاز حققته قوي المعارضة الاريترية ولم يسبقها في مثله إلا الكتلة الاستقلالية التي كانت تتكون من أحزاب وطنية مختلفة، وطنية بمعني أنها كانت تطالب بالاستقلال الوطني في مواجهة الوحدويين. والتحالف في تكوينه عبارة عن جبهة متحدة تتكون من تنظيمات سياسية أتفقت فيما بينها علي برنامج الحد الأدني لإسقاط النظام القائم في اريتريا، وإسم التحالف لاينفي الصفة الجبهوية عنه فالعبرة بالمضمون وليس بالشكل وما ينطبق علي الجبهة ينطبق عليه في أن كلاهما يتكون من تنظيمات سياسية، لكل منها برنامجه الداخلي مع إلتزامه بما أتفق عليه مع الآخرين، كان مأخذي علي التحالف في الفقرتين الثالثة والرابعة من ميثاقه الذي  لم يقرأ واضعوها التغييرات الديمغرافية والسياسية التي حدثت خلال الأربعين سنة الماضية من حياة الشعب الاريتري وركزت علي بعض الظواهر السلبية التي خلقها نظام أسياس وهي من السطحية بحيث تنتهي مع إنتهائه، وتعديل الفقرتين هما من صميم إختصاص التحالف لكن ذلك لايعني أن علي التحالف أن يجمد في مكانه ويطلب من الآخرين خارجه الانضمام اليه لأن الهدف من قيامه هو إسقاط النظام وذلك يحتاج الي حشد  أكبر قدر من القوي السياسية لاسيما تلك التي تتمتع بتأييد جماهيري أفضل وأن يتم توزيع نسب التمثيل في القيادة وفقاً لذلك. أما عن نجاحه أو  فشله فأنا لست حكم علي ذلك لكن ماجاء علي لسان أمينه العام في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر جبهة التحرير الاريترية ـ المؤتمر الوطني التي شارك فيها بكلمة وهو “أن التحالف فشل حتي الآن في  تحقيق أهدافه” هو مايمكن الإعتماد عليه في الحكم علي التحالف.

فيما يتعلق بالجبهة المتحدة وأن كنت صاحب الفكرة إلا أن غيري تبناها فمشروع جبهة التحرير الاريترية ـ المجلس الثوري قائم عليها، كما جاء في البيان الختامي لمؤتمر الحزب الاسلامي للعدالة والتنمية ضرورة تكوين جبهة وطنية عريضة وما زلت أكرر أن العبرة ليس بالتسميات وإنما بالمضمون خاصة البرنامج والميثاق، فالبرنامج يجب أن يشكل استراتيجية واضحة لكيفية إسقاط النظام وترتيبات المرحلة الانتقالية وصولاً الي الشرعية الدستورية. علي أن يتضمن الميثاق مايعتبره كل الاريتريين ثوابت وطنية وهي وحدة الأرض والشعب والسيادة واللغة الرسمية والمساواة بين مختلف التكوينات الاجتماعية والثقافية والحقوق والحريات الأساسية وتوزيع الثروة والسلطة بشكل عادل تحقيقاً للاستقرار الذي بدونه لاتتحقق التنمية.

 

السؤال العاشر :ـ الكل تقريباً ـ بما فيهم القيادات ـ يتحدث عن إخفاق وقصور المعارضة المنظمة في تحقيق هدفها الرئيسي المتمثل في إسقاط النظام ولكل رأيه في أوجه أو أسباب الاخفاق والعجز منها عدم وجود المعارضة في الداخل ومنها

وجود أزمة قيادة في فصائلها بالاضافة الي تكاثرها وولادتها كل صباح لأجنة مشوهة والبعض يقول عن طغيان العموميات في طرحها ويمكن أن نضيف الي ذلك أهم عامل وهو إبتعاد الشعب عنها الي حد كبير أو لنقل الي حد ما. ـ لعدم وجود دراسات نقيس من خلالها ـ دعنا في هذه النقطة، معلوم أن الثورة الاريترية وجدت تأييداً كاسحاً من الشعب وكان لهذا التأييد الدور الحاسم في النصر، الآن لماذا لانجد هذا الدعم للقوي السياسية التي تسعي لتحقيق التغيير السياسي في البلاد؟ هل الشعب لايدرك أهمية التعددية السياسية؟ أم أن مصالحه وأولوياته اختلفت؟ أم أنه لم يعد يثق في قيادات وهياكل المعارضة؟

 

جـ 10:ـ قامت الثورة لتحقيق الاستقلال الوطني وكان العدو الذي تواجهه أجنبياً غريباً بلغته غريباً بأهدافه وبصفته هذه كان يتعامل مع المواطن الذي كان يبحث عن هويته الخاصة وتدبر شأنه بنفسه لذلك كان الي جانب أبنائه الذين حملوا السلاح لهذا الهدف لكن الوعي بالمفاهيم المذكورة لم يأت دفعةً واحدة إنما أخذ فترة طويلة، كانت ممارسات العدو من تطبيق سياسة الأرض المحروقة في الريف والإعتقالات والتعذيب هي التي لعبت الدور الأكبر لإنحياز الشعب الي الثورة لاسيما في الريف أكثر من أعلام الثورة الذي كان محدوداً سواء في وسائله أو مساحة إنتشاره.

أما الوضع اليوم بالنسبة للمعارضة التي يمكن تصنيفها الي معارضة قديمة يعود نشوءها الي فترة الكفاح المسلح وقد وجدت نفسها خارج أرض الوطن حينما لم يكن يسمح نظام الحزب الواحد  بالرأي الآخر والحزب الآخر والعمل المشترك عندما أنفردت الجبهة الشعبية لتحرير اريتريا بالساحة منذ عام 1981م وتحملت عبئ الكفاح المسلح خلال السنوات العشرة التي تلت، ولا ننكر أن يكون لهذه المعارضة متعاطفين داخل أرض الوطن ولكن دون تفعيل لهذا التعاطف بسبب الغياب عن الأرض وبمرور الأيام ينطبق علي وضع كهذا المثل القائل بأن ” من كان بعيداً عن العين يكون بعيداً عن القلب” هذا من ناحية ومن ناحية أخري أن أهداف المواطن العادي ولا سيما في الريف الذي دعم الثورة وشد من أزرها قد أختلفت، فهو في ظل الاستقلال يفكر في تنمية موارده وممارسة حياته الطبيعية مالم يكن أحد يتعرض علي حياته وماله وعرضه  وأنه لايفهم صراع السلطة ولا يهتم بمن سيكون علي رأسها مالم يمسسه بسوء، كما أن النظام غير مقصر في نشاطه الاعلامي والدعائي دون منافس للتأثير علي عقول المواطنين هذا بالإضافة الي  بعض الأخطاء التي أرتكبتها بعض الفصائل التي مارست النشاط العسكري ضد النظام. أما في المدن فأن عيوب النظام وجرائمه وإن بدأت في وقت مبكر الا أنها لم تكن قد تكشفت للمواطنين إلا مؤخراً وقد أستغلت بعض الفصائل هذه الجرائم لتأطير بعض كادراتها فأتخذ النظام اجراءات وقائية راح ضحيتها كثير من الأبرياء تمت تصفيتهم عسكرياً في بعض المناطق الريفية ولا يعرف مصير بعضهم حتي الآن دون أن يكون هناك رد فعل رادع لعناصر الأجهزة القمعية كما كان يحدث في عهد الثورة وهي العناصر التي كانت أشد قمعية للمواطنين مما كان يضطرها علي إرخاء قبضتها علي خلايا الثورة التي كانت تنشط داخل المدن، لهذا لانستطيع أن نزعم أن لهذه المعارضة قواعد تنشط داخل أرض الوطن.

الشق الثاني من المعارضة هي العناصر التي أنقسمت من الحزب الحاكم ولهذه بالتأكيد متعاطفين وقد يكونوا مستعدين للالتفاف حولها فيما لو تحركت جادة للعمل وسطهم ولكن بسرية تامة ومع ذلك فالسؤال الذي يفرض نفسه هو هل هناك إمكانية للعمل السري في ظل الرقابة الأمنية الخانقة؟ وهل هناك من بين هؤلاء من هو مستعد للتضحية بين هؤلاء حتي لو كان ثمن هذه التضحية حياته؟ وهل أهداف التغيير واضحة لهذه العناصر أي هل البديل الديمقراطي واضح الي الحد الذي يستحق التضحية؟ هذه أسئلة يصعب الاجابة عليها لكن ماهو واضح لي شخصياً هو إذا لم تكن هناك محفزات قوية فأن روح التضحية تتضاءل، والمحفزات القوية من وجهة نظري هي وحدة قوي المعارضة بقديمها وجديدها فذلك يبعث الأمل في قلوب المواطنين العسكريين منهم والمدنيين العاملين في أجهزة الدولة وخارجها لأن وحدة قوي المعارضة سوف لن ترفع فقط من معنويات الشعب وإنما ستوضح له صورة مستقبل من خلال برنامج واضح للتغيير وميثاقاً يحدد كل الثوابت التي يلتقي عليها الشعب بمختلف مكوناته الثقافية ويحقق العدل والمساواة والإستقرار والسلام وسيكون لهذه المعارضة صوتاً واحداً تخاطب به الشعب بدل من أن يكون لكل حزب خطابه الخاص.

 

السؤال الحادي عشر :ـ عطفاً علي السؤال السابق نسمع أو نشاهد دائماً أنشطة لفصائل المعارضة مجتمعة أو فرادي، مهرجانات ومؤتمرات وإتفاقات وإجتماعات وسمنارات وهناك إنقلابات واقالات بدون انذار و”يالطيف علي القادم”! كل ذلك علي المستوي الداخلي ولكن لم نسمع بوجود تحرك ذا أثر في الإتجاه الصحيح يعني ضد النظام، أنتم مثلاً في الحزب الديمقراطي الاريتري بإعتبار أنكم إمتداداً لمجموعة الـ 15 قيل أن لديكم وجوداً بالداخل وعناصر في الجيش، ماهي الميادين التي تقارعون فيها النظام؟ هل قمتم بإيقاف دعم دولة ما له؟ هل قمتم بإحراجه في محفل دولي؟ هل قمتم بتوثيق جرائمه ورفعها الي جهات قانونية دولية؟ هل سيرتم مظاهرة ضده؟ هل قمتم بمحاولة إنقلاب عليه؟  هل قمتم بإختراقه من الداخل؟هل حاولتم أن تحرروا السجناء؟ أذكر لي حالات سجل فيها حزبك أهدافاً في مرمي النظام الاريتري؟

 

جـ 11:ـ ان الحزب الديمقراطي حزب جديد لم يمض علي تكوينه أكثر من سنتين ونيف ولم يمض علي عقد مؤتمره التأسيسي سوي ثمانية أشهر، كانت الفترة بين التكوين والمؤتمر التأسيسي فترة طفولة بالنسبة للحزب وكانت جل مهامه تتركز في مقارعة النظام في استقطاب القواعد ولم يكن له برنامج مقرر في مؤتمر وقيادة أخذت شرعيتها منه، مع ذلك قام أفراده بجهد كبير في التحدث عن أوضاع البلاد

والطريقة السيئة التي تدار بها وما جرته عليها من ويلات وكانت رؤيتهم تتطور مع

ماكان يوجه اليهم من أسئلة من قبل الجمهور ومن آراء وأفكار يطرحها عليهم المستنيرون الاريتريون، في ذات الوقت لم ينقطع اتصالهم بالدول التي تتعاطف مع التوجه الديمقراطي ماأتيحت لهم فرص في اللقاء مع مسؤولين في هذه الدول، كما أن لدي التنظيم عناصر ذات صلة بمنظمات حقوق الانسان تزودها بما يتوفر لها من معلومات حول خروقات النظام لحقوق الانسان وبسجناء الضمير. لم نسير مظاهرات بإسم الحزب لكن بالتأكيد شارك أعضاءه في كثير من المظاهرات التي قام بها الاريتريون ضد النظام في مناطق تجمعهم، كما شارك فرع التنظيم بالسويد في الاحتفال المشترك بحلول الذكري الحادية عشر للإستقلال، وكانت فكرة الإحتفال المشترك بهذه المناسبة في السودان هي فكرة الحزب وتجاوبت معها التنظيمات الأخري، كما شارك في الندوة التي أقيمت بهذه المناسبة وكذلك المقابلات التلفزيونية التي أتاحتها الفضائية السودانية. كما عقد ندوات منفردة سواء في أروبا أو السودان وبعث برسائل الي الاتحاد الأفريقي السابق والحالي والي العقيد معمر القذافي الذي يعتبر من المقربين الي اسياس تكشف مايتعرض له الشعب الاريتري من القمع والاضطهاد وإنتهاك حقوق الانسان من قبل هذا النظام. بالنسبة للدعم الدولي للنظام  فان الجهات الداعمة في العالم هي الاتحاد الأروبي والولايات المتحدة الامريكية واليابان وكندا والصين والمملكة العربية السعودية ودول الخليج. كانت هذه الجهات تقدم مايعرف بمساعدات التنمية والمنح والمساعدات الفنية والقروض الميسرة  والمساعدات الانسانية، وقد توقفت بالنسبة للغرب واليابان والمملكة السعودية ودول الخليج تلك المساعدات  منذ عام 2001 ـ للأسباب المعروفة وهي انتهاك حقوق الانسان بالنسبة للغرب واليابان، وكان دعم السعودية ودول الخليج موجه الي البنية التحتية وقد توقف ذلك الآن بفضل تطاول اسياس علي الجامعة العربية وتجاوزه لحدود اللياقة الدبلماسية عندما تأتي ذكر مناسبة أي من هذه الدول ويكفينا مثالاً صارخاً علي سلوك رأس النظام حتي بجهله بأصول الضيافة بما بدر منه في مؤتمره الصحافي في زيارته الأخيرة للكويت منذ فترة قصيرة رغم أنه جاء يطلب المساعدة بما ينطبق عليه المثل الشائع ” شحاذ وقليل أدب “!. أما المساعدات الانسانية بسبب الحروب والكوارث الطبيعية فما تزال مستمرة لأنها لاتخضع للمعايير السياسية.

 

السؤال الثاني عشر :ـ ضمن السيناريوهات المتوقعة للتغيير حدوث تحالفات بين قوي داخل النظام والمعارضة الاريترية لكن هذه التحالفات إن حدثت ستتم بالتوافق علي أهداف ورؤي ومصالح محددة، هنا أسمح لي أن أسألك فيما إذا كنت تري وجود  قوي منفتحة  داخل النظام يمكن أن تتحالف مع المعارضة الخارجية أو جزء منها لإحداث تغيير سلمي؟ وما هي الجهة المعارضة الذي يمكن التحالف معها؟ وهذا يقودنا الي سؤال أعم وأشمل وهو قائم علي فرضية إعتراف النظام بالأزمة بعد طول انكار لها وأراد أن “يركب الموجة” ويصبح جزءً من التغيير بدلاً من أن

أن يكون مستهدفاً به، ثم فتح خطوط اتصال بالمعارضة، فهل للمعارضة خطة واضحة وموحدة تتفاوض بها مع النظام؟ وماهي الشروط التي تضعها المعارضة لمثل هذا الحوار المفترض؟ وإذا أفترضنا ان الحوار بين الطرفين بلغ مداه وتوصل الجميع الي تشكيل حكومة وفاق وطني من الطرفين تكون فيها شخصيات بارزة من النظام الحالي، ألآ يثير ذلك المسائل الجنائية؟ هناك جرائم لاتنتهي بالتقادم وضحاياها وذويهم بل عامة الشعب يريد أن يعرف الحقيقة فهل بإمكان أحد أن يحرك دعوي ضد شخصية عامة تكون علي رأس النظام أو أحد أجنحته؟ كمعارضة ماهي مسئوليتكم في النداءات التي بدأت تصدر الآن والقائلة بأن المساءلة قبل المصالحة؟ وأنه لايمكن رؤية مصالحة دون أن يعرف الشعب ما الذي حدث؟ ولماذا حدث؟ ومن يتحمل نتائجه؟

 

جـ 12 :ـ قد يكون هناك تيار معتدل داخل النظام لكنه مشتت ولا تسمح له طبيعة النظام الفردي الذي يعتمد علي احصاء أنفاس الناس الي التحول الي قوة سياسية لذلك نسمع بهروب هذا الشخص أو ذاك الي الخارج أو إنضمام هذا الشخص أو ذاك الي أحد تنظيمات المعارضة أو وقوع هذا أو ذاك في يد أجهزة الأمن لذا يدخل في باب التفاؤل القول بوجود “قوي” حتي هذه اللحظة،وإذا سلمنا بما أطلقنا عليه من تيار يمكن أن يتحول الي قوة فأن ذلك رهين بفقدان النظام السيطرة الكاملة علي الوضع وذلك بدوره  رهين بإصطفاف قوي المعارضة للعمل المشترك.

أما شرط الحوار مع النظام ـ وهذا لايقوم به طرف واحد من المعارضة ـ فهو قبوله للرأي الآخر وإطلاق الحريات الأساسية وفتح أبواب السجون أمام المعتقلين السياسيين وصولاً الي ماذكرته بتشكيل حكومة وفاق وطني تشارك فيها وفي تشكيلها قوي المعارضة السياسية تمهيداً للإنتقال الي الشرعية الدستورية.

فيما يختص بتحريك دعاوي قضائية جنائية ضد شخصية عامة فهذا حق طبيعي لكل مواطن لحق به أذي والقول الفصل في ذلك للقضاء المستقل إلا إذا قرر البرلمان المنتخب إنتخاباً حراً ونزيهاً عكس ذلك، فذلك حق يملكه نواب الشعب وليس لأحد غيرهم الحق في ذلك.

 

السؤال الثالث عشر :ـ في تصريح لك مع “المركز الاريتري للخدمات الاعلامية” رحبت بإتفاقية “كاسل” الموقعة بين بعض فصائل المعارضة الاريترية ثم عدت بعد أيام وأصدرت توضيحاً من خلال المركز ذاته قلت فيه ان ترحيبك بالاتفاقية يعبر عن وجهة نظرك الشخصية ما الذي حدث؟! قيل وقتها أنك تعرضت لضغوط من زملائك في سكرتارية الحزب الديمقراطي الاريتري، البعض تمني أن لايراك في موقف كهذا لكن الأهم هو ماقيل عن وجود مآخذ لحزبك في الاتفاقية. طالما أن اتفاقية “كاسل” الهدف منها وحدة فصائل وطنية فلماذا التحسس منها؟ ألم تكن وحدة الفصائل رغبة الشارع الاريتري؟

 

جـ 13 :ـ لقد بادرت بالترحيب بإتفاقية “كاسل” لأني أعتبرتها ومازلت خطوة علي طريق وحدة كافة قوي المعارضة وتسهيلاً لها، فبدلاً من التفاوض مع كل تنظيم

علي حدة من تلك التنظيمات فأنك تتفاوض مع كتلة وذلك يقصر الطريق الي الوحدة الشاملة لكني لم أتبع في ذلك الطريق التنظيمي المألوف أو سمه الاجراء التنظيمي اللازم وهو طرح موقفي علي زملائي في قيادة الحزب للإستئناس برأيهم فلفتوا  نظري الي  ذلك، وكان لابد من تنبيه القارئ بأن التصريح يعبر عن وجهة نظري الشخصية وذلك لايعني بالضرورة تحسس حزبنا من اعلان “كاسل”، فالاعلان لم يكن موجهاً ضد أحد ليتحسس منه، ولم أسمع او أقرأ لقوة سياسية اريترية أفصحت عن هذا التحسس. أما ماتسطره بعض الأقلام سواء باسماء أصحابها أو بأسماء حركية وينشره هذا الموقع أو ذاك فهو أمر ملازم للمرحلة التي تمر بها الساحة الاريترية، فهي بداية للانطلاق الديمقراطي، تفلت فيه بعض الأقلام أحياناً من عقال الرقابة الذاتية وذلك أمر غير مثير كثيراً للاستغراب، وكلما أقتربنا من مشارف النضوج السياسي كلما أختفت هذه الظواهر.

 

السؤال الرابع عشر :ـ تصريحك لموقع “عونا” بتأريخ 29 أغسطس الماضي والذي قلت فيه ان كلمة السيد مسفن حقوص الخاصة بالعلاقة بين أثيوبيا واريتريا تعبر عن وجهة نظره الشخصية وأنه لم يستشر في إلقائها زملائه في قيادة الحزب، تصريحك هذا أحدث نوعاً من المفاجأة لدي البعض ورأي فيه البعض الآخر دخاناً ينبعث أو يتصاعد من داخل الحزب، طبعاً هذا يثير أكثر من سؤال، دعنا نركز في الجانب الشكلي، أولاً : كيف تصدر القرارات داخل حزبكم؟ وثانياً : كيف نميز بين المعبر عن الحزب والمعبر عن وجهة النظر الشخصية؟ وثالثاً : مسفن حقوص بصفته رئيساً إن لم يتحدث بإسم الحزب فما هي مهمته إذن؟ ورابعا : تصريحك ثم مقالك ألم يكن من الأفضل لو أنه صدر في إطار الحزب؟ هذه الأسئلة ربما لاتهم الكثيرين لذلك دعنا نختصرها في سؤال كبير.. سيد محمد نور أحمد الي أي مدي يمكنك أن تطمئننا علي صحة الحزب الديمقراطي الاريتري؟

 

جـ 14 :ـ رفض الإجابة علي هذا السؤال.

 

السؤال الخامس عشر :ـ لقد قلت في  تصريحك المذكور آنفاً وفي مقالك لاحقاً بأنه لو نشأت الحرب بين أثيوبيا واريتريا ” فإن مواجهتها مسئولية كل الاريتريين ولكن ليس تحت قيادة أو جنباً الي جنب مع الحزب الحاكم ” كيف يتم ذلك من الناحية العملية؟ حين تشتعل الحرب ـ لاسمح الله ـ فخيارات المعارضة محدودة.. ثلاث مواقف لاغير، إما أن تكون مع أثيوبيا أو أن تكون مع اريتريا تحت النظام، فلا يمكن تصور الدفاع عن اريتريا وأنت بعيداً عن نظامها وعن أرضها( لا أقصد الدفاع القانوني والسياسي ) وهناك الموقف الثالث وهو الحياد ولكل من المواقف الثلاثة ثمن ما رأيك في ذلك؟ وضح لنا أكثر كيف نواجه الحرب دون أن ندعم النظام؟ وكيف ندافع عن اريتريا بدون أن نكون  مع  نظامها؟

 

جـ15 :ـ لم يعلق الاستاذ محمد نور أحمد علي هذا السؤال أيضاً.

 

السؤال السادس عشر :ـ علي ذكر إثيوبيا سمعت بأن الحزب الديمقراطي قرر فتح الخطوط معها علي أعلي المستويات وقد قيل لي أنك شخصياً  كلفت بذلك إثر مؤتمركم الذي عقد بألمانيا بفبراير الماضي فأين وصلت هذه الاتصالات؟ وهل حصل أن ألتقيت بصفة رسمية مع أي مسئول إثيوبي طول وجودك داخل الحزب؟

 

جـ 16:ـ قرر المؤتمر التأسيسي لحزبنا تقوية العلاقة مع دول الجوار وسماها بالإسم وهي السودان وإثيوبيا واليمن وهي دول محور صنعاء، لأن هناك مصلحة مشتركة بين هذه الدول وبيننا تتمثل في اقامة نظام ديمقراطي في اريتريا يحقق لها الاستقرار والسلام والتفرغ لعملية التنمية، أنشاء علاقات مع دول الجوار تقوم علي سياسة حسن الجوار والاحترام المتبادل والتعاون الاقتصادي والثقافي وعدم التدخل في الشئون الداخلية وحل النزاعات بالطرق السلمية.

فيما يتعلق بإثيوبيا أكد المؤتمر علي تمسك حزبنا بقرار محكمة التحكيم الدولية بشأن ترسيم الحدود بيننا وبينها دون أن يضع تنفيذها للقرار شرط للتعامل معها. لهذا قررت السكرتارية في أول إجتماع لها بعد انفضاض المؤتمر أن أسافرشخصياً الي أديس أبابا لأن المنطقة تدخل في نطاق نشاطي وأنور الجهات الاثيوبية المعنية بالشأن الاريتري بنتائج مؤتمرنا واستطلاع مناطق التعاون بين حزبنا والادارة الاثيوبية. من أجل هذا ألتقيت بعد وصولي الي الخرطوم بفترة بمسئول الملف الاريتري بالسفارة الاثيوبية مرة وبالسفير الإثيوبي مرتين وأفصحت عن رغبتنا في زيارة إثيوبيا لكن الإدارة الإثيوبية لم ترد علينا حتي الآن حسب معرفتي ولم نلح من جانبنا أيضا،ً لذلك ليست لنا علاقة مع إثيوبيا حتي الآن ولم نتلق منها أي دعم.

 

السؤال السابع عشر :ـ أصبحت العلاقة مع إثيوبيا للأسف محل “مزايدة” لدي

البعض ولكن البعض الآخر يعبر عن مخاوف حقيقية بالنظر الي الماضي الاستعماري وبالنظر الي ان اثيوبيا الآن تمثل الطرف الرافض لقرار التحكيم وتظهر انها الطرف الذي يصعد الأمور، وهناك حديث يتردد الآن يقول انها تفكر علي المدي البعيد بخلق “جيوب سلمية” تهيئ لها التدخل  في الشئون الداخلية علي غرار التدخل السوري في لبنان، ويزداد التخوف حين نتذكر بأن إثيوبيا (تأريخيا) تراهن علي جزء من الشعب الاريتري وليس كله.. الآن معروف وجود هدف مشترك بينها وبين المعارضة الاريترية وهو إسقاط النظام ولكن بعد ذلك يمكن أن تتقاطع الخيوط وتتبدل التحالفات والمصالح، بعيدأً عن العبارات القاسية والاتهامات الجوفاء ماأود قوله هو : هل هناك رؤية إستراتيجية للمعارضة حول كيفية التعامل

مع إثيوبيا؟ ماهي الخطوط الحمراء الذي لايجوز تجاوزها في العلاقة بين الطرفين؟ هل طرف واحد بمقدوره أن يوعد إثيوبيا بشيئ دون الأطراف الأخري؟ ماهو أقصي شيئ تطمح إثيوبيا للحصول عليه؟

 

جـ 17 :ـ ” ليس في السياسة عدو دائم أو صديق دائم، وانما هناك مصلحة دائمة ” هذه مقولة أطلقها درزائيللي رئيس وزراء بريطانيا في عهد فكتوريا وصارت مبدأ ثابتاً في السياسة الخارجية لأي دولة. ينطبق هذا علي علاقتنا باثيوبيا. فمن عداء في عهدي الامبراطور ومنغستو الي تعاون وصداقة في عهد التحالف الحاكم ثم عداء بينه وبين النظام وتعاون مع التحالف الوطني الاريتري والحركة الشعبية للمصلحة المشتركة في الإطاحة بالنظام الحاكم في أسمرا. فلاثيوبيا مصلحة هي حوجتها الي الموانئ الاريترية القريبة وسبق أن أشرت الي ذلك في مقال سابق، ولنا مصلحة في الحصول علي عوائد الموانئ والسوق الاثيوبية الواسع لمنتجاتنا التي لامثيل لها في ذلك السوق وفي الطاقة الكهربائية الرخيصة. هناك إذاً مصالح مشتركة وهناك أيضاً مشكلة ترسيم الحدود التي تقف السلطة الاثيوبية الحالية عقبة أمام انجازه لأسباب لانود الأجتهاد فيها والتكهن، وسبق أن تحدثت في هذا الموضوع في موقع “عونا” مما لاأري ضرورة لتكراره ولا يمكن حل هذه المشكلة أو تبادل تلك المصالح في ظل الأجواء المتوترة الحالية وانما لابد من ايجاد مناخ ملائم. وهو مالا يتحقق الا بإزالة الدكتاتورية واحلال الديمقراطية محلها وتسليم السلطة للشعب. وهناك الكثير الذي يقال عن الأجندة الخفية للحكومة الاثيوبية تجاه اريتريا وما تثيره من مخاوف. ونحن لانستبعد أن يكون لأي دولة اجندتها الخاصة في سياستها الخارجية ولكننا لانعرف شيئ عن هذه الاجندة، وبالتالي لاينبغي أن نبني سياستنا علي المجهول وانما علي وقائع ماثلة أمامنا واضحة للعيان، والوقائع التي أمامنا اليوم هي أن لاثيوبيا مصلحة في تغيير النظام الاريتري الحالي ولنا أيضاً مصلحة في ذلك وهذه هي الأرضية المشتركة التي تجمعنا في هذه المرحلة والتي يمكن التعاون من أجل تحقيقها، وفي هذا الخصوص علي اثيوبيا تقديم الدعم والتسهيلات ويتولي الاريتريون مسئولية اسقاط النظام بالوسائل التي يتفقون عليها. أما اذا كان لاثيوبيا أن تفرض شروطاً مقابل دعمها كما يتبادر الي بعض الأذهان الاريترية ويفصح عنه أحياناً صراحةً فوقتها وحينئذ فقط نقول لإثيوبيا كوطنيين اريتريين وبأدب جم ” أمسكي عندك دعمك ” فنحن لانقبل دعماً مشروطاً. وهذا هو الخط الأحمر الذي لايمكن السماح بتجاوزه. هذا من ناحية، من ناحية أخري ليس بمقدور أي قوة سياسية اريترية الوفاء بشرط لاتقره المؤسسات الدستورية الاريترية التي ستقوم بعد سقوط النظام والتي ستضع التشريعات اللازمة لادارة البلاد وترسم سياستها الخارجية، ولا نعتقد ان السلطة الاثيوبية تجهل ذلك من هنا فأنها بالتأكيد تحترم القرار الاريتري المستقل.

 

السؤال الثامن عشر:ـ أمامنا في الساحة الحركة الفيدرالية الديمقراطية الاريترية

وهي تطرح الخيار الفيدرالي كوسيلة تحصل عبرها كل فئة اجتماعية عن حقها السياسي والثقافي والاقتصادي وذلك بضمانات دستورية تشكل كوابح لكل شخص أو مجموعة تفكر في الافتئات علي الآخرين كما هو الحال في اريتريا، الآن ثمة تقارب بين الحركة الفيدرالية والحزب الديمقراطي ولكنك سؤلت قبل هذا عن الطرح الفيدرالي من الزملاء في “مجلة النهضة” فأعطيت إجابة لم تشف غليل البعض ولم تكن فيها “موفقاً” عند البعض الآخر.. الآن بشيئ من التفصيل ماهي مآخذك علي الخيار الفيدرالي؟ ولماذا لاتري إمكانية إنزاله في الواقع الاريتري ذات المجموعات الإثنية والثقافية المتعددة؟

 

جـ18 :ـ لم أكن أود الخوض في هذا الموضوع ولا أذكر ان كنت طرقته من قبل أم لا. لأنني اعتقد ان من حق أي مجموعة اريترية ان يكون لها تصور حول كيفية إدارة البلاد بعد سقوط النظام، وعلي الشعب الاريتري وحده ومن خلال مؤسساته الدستورية أن يختار الطريقة التي يدار بها. أما مايشغل بالنا اليوم هو كيفية التخلص من هذا الكابوس الذي يجثم علي صدورنا. وما دامت الحركة الفيدرالية تتفق معنا في هذا الرأي فعلينا أن نفكر فقط في كيفية تجميع طاقاتنا لتحقيق الهدف الأساسي.

أما عن النظام الفيدرالي فأنا لاأدعي انني تعمقت في القراءة عنه وانما لدي فقط معلومات عامة عن الظروف التأريخية التي نشأ فيها والأسباب المختلفة التي أدت الي نشوءه، وهي أسباب تأريخية كما في الولايات المتحدة ونسختها الثانية أوستراليا وشبيه ثالث هو ألمانيا الاتحادية ولا ضرورة للخوض في التفاصيل، هناك نموذج آخر قام علي الأساس الاثني مثل بلجيكا وسويسرا وكندا  وجنوب أفريقيا ونايجيريا.. الخ. أما الأساس الذي قامت عليه فكرة الفيدرالية الاريترية فأنها الجغرافيا وأنا لم أقرأ عن فيدرالية تقوم علي الجغرافيا، فالجغرافيا مجرد وعاء يضم البشر ومدي إنسجام هؤلاء أو عدمه هو الذي يحدد كيفية تقسيمهم علي رقع جغرافية يمارس فيها نشاطه الانساني من تجمع بينه أواصر اللغة أو الدين أو التأريخ ثم يلتقي الجميع في إطار أوسع مع مجموعات أخري تتفق في جوانب عامة هي عبارة عن مصالح مشتركة فتنشأ لها المؤسسات المركزية التي تديرها وتحدد العلاقة القانونية بينها وبين الوحدات الخاصة مما يتيح لهذه الأخيرة الاستقلالية النسبية في إدارة شئونها الداخلية والوفاء بإلتزاماتها تجاه المركز، ونظام كهذا يحول دون هيمنة مجموعة عرقية علي أخري أو سكان وحدة سياسية معينة علي أخري وأن ألتقت معها في اللغة أو الثقافة الا انها تختلف عنها في تكونها التأريخي وما يبقي من علاقة بينهما هو التعاون لفائدة الجميع. وتقسيم كهذا لاينطبق علي مشروع الحركة الفيدرالية الاريترية فهو في بعض جوانبه قومي كأقليم العفر وهو في مناطق أخري خليط بين قوميات أو لنقل مجموعات إثنية وثقافية مختلفة. فالساهو تضمهم منطقة غالبية سكانها الناطقين بالتيجرنية وهم يشكلون فيها أقلية. والبلين والكوناما والنارا والايليت والمتحدثين بلغة البداويت تضمهم منطقة يشاركهم فيها

المتحدثون بالتيجري. فكيف يستقيم عقلاً أن نخلط كل هؤلاء بعضهم ببعض؟. فاذا كان لابد من تطبيق النظام الفيدرالي ليكن من حق كل مجموعة إثنية أن تكون لها ولايتها الخاصة بها والتي تدير شئونها في حدود ماينص عليه الدستور الفيدرالي بهذا تتحق المساواة التي تنطوي عليها فكرة الفيدرالية إذا كانت الخيار الوحيد أو الأمثل لكني أعتقد بوجود بدائل أخري تتناسب وحجم السكان والرقعة الجغرافية والتأريخ الاداري في مختلف المراحل التأريخية منذ أن أصبحت اريتريا كياناً سياسياً وإدارياً واحد. صحيح أن نظام إسياس فرض هيمنة ثقافة قومية التغرينيا لكن ذلك ليس رأي هذه القومية التي لم يأخذ نظام اسياس رأيها مثلها مثل بقية القوميات، وليس هناك حتي الآن حسب علمي تيار بين قومية التغرينية حتي من هو في السلطة بل اسياس نفسه، جهر نيته لفرض هيمنة هذه القومية علي غيرها من القوميات لكن أسياس تحايل لتحقيق هدفه ومن خلال تواطؤ عناصر من المجموعات القومية الأخري من خلال إستبعاد اللغة الرسمية وفرض اللغة الأم في التعليم الابتدائي دون إستشارة المجتمع وفي مقدمته أولياء الأمور ودون أن تكون هذه اللغة مؤهلة لنقل المعرفة الي الأطفال، والجزء الأكبر من اللغات الاريترية المحلية تفتقد حتي الي الحروف الأبجدية ناهيكم عن الشروط الأخري التي تؤهل اللغة للتدريس بها.

 

السؤال التاسع عشر :ـ قدم لنا تصوراً عملياً مشمولاً  بتسوية  دستورية يعيد تشكيل اريتريا  من جديد بحيث تكون دولة لجميع مواطنيها أفراداً ومجموعات .. بحيث يتم فيها توزيع الثروة والسلطة توزيعاً عادلاً .. بحيث يتوفرفيها تكافؤ الفرص والإنماء المتوازن .. بحيث يتم فيها تحقيق قدر متكافئ من التمثيل السياسي في الجهازين التنفيذي والتشريعي بطريقة تضمن الحقوق الجماعية لكل مجموعة إثنية وبطريقة تشارك فيها جميع الجماعات في صنع القرار وفي المراكز العليا للدولة .. بحيث تكون فيها جميع مؤسسات الدولة المركزية ثنائية اللغة (العربية والتيجرنية) .. بحيث يكون النظام اللامركزي (الأقاليم)، التي تنادي به فصائل المعارضة ومن

سخريات القدر تأخذ به الحكومة أيضا،ً نظاماً مثالياً تكون فيه الجماعات قادرة علي المشاركة السياسية الفعلية من خلال إداراتها؟

 

جـ 19:ـ أي دستور مستقبلي في اريتريا يجب أن يتضمن كافة الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في جميع إعلانات حقوق الانسان بالإضافة الي الثوابت الوطنية التي تجمع عليها كل مكونات الشعب الاريتري الإثنية والثقافية، وأن ينص علي توزيع الثروة والسطة، بالنسبة للثروة فيتم توزيعها من وجهة نظري أولاً من خلال التنمية التي تعطي الأولوية للمناطق الأكثر تخلفاً ومن خلال توفير فرص العمل للجميع وتشجيع الإستثمار بحيث يلعب دوراً فاعلاً في توفير فرص العمل هذه. أما السلطة يبدأ توزيعها بتمثيل كل مجموعة اثنية في البرلمان بما يتفق وعدد أفرادها باعتبار أن البرلمان هو الجهاز الذي سيضع كافة التشريعات التي ستسير

البلاد بموجبها والي حد ما يجب أن ينطبق ذلك علي الجهاز التنفيذي الذي يشترط علي العاملين فيه المؤهلات العالية وقد لايتوفر ذلك علي الجميع. أما الجيش فيجب أن يعكس هذه التركيبة وبدقة حتي لايخضع لسيطرة فئة اثنية معينة يمكن أن تستغله لأهدافها السياسية وهو يجب أن يبتعد عن السياسة إبتعاداً كاملاً وأن لاينتمي أعضاؤه الي حزب سياسي وتقتصر مهامه علي حماية الدستور وسيادة البلاد براً وبحراً وجواً. إن التمثيل المتكافئ في البرلمان يتطلب اجراء احصاء مسبق لتقسيم الدوائر الانتخابية التي تراعي التركيبة الإثنية حفاظاً علي أصوات أفرادها، كما أن التوزيع العادل للسلطة يتطلب  تقسيم البلاد الي أقاليم بحيث تنشأ فيها مجالس أقليمية تتمتع ببعض الصلاحيات التشريعية التي تمكنها من تقديم متطلبات الأقليم الخدمية والتنموية ومتابعة الأجهزة التنفيذية في القيام بمهامها في الأقليم وهي تتوجه بتقاريرها ومطالبها الي البرلمان المركزي الذي سيقوم بوضع التشريعات اللازمة لذلك.

 

السؤال الـ 20:ـ يقال أن أفورقي يتمتع بشخصية مركزية تدور الأحداث والأشخاص حولها بطريقة يصعب فيها تصور الحال في اريتريا لو أن هذا الشخص اختفي، لكن هنا سنفترض غيابه عن المسرح لسبب أو لآخر فهل لديك تصوراً معيناً لما سيحدث؟ وما رأيك في الذين يقولون أن اختفائه المفاجئ يمكن أن تخلفه “فوضي عارمة” في ظل غياب البديل القوي والجاهز والحامل لمشروع متكامل، أسمح لي هنا أن أفرع عدة أسئلة : ماهي الظروف التي جعلت إسياس اللاعب الوحيد؟ ومن أين أكتسب هذه القوة؟ وهل تتوقع أن يتكرر نموذجه في اريتريا علي المنظور القريب؟وهل تتصور حدوث فراغ في السلطة وصراع أجنحة في النظام في حالة غيابه؟ يقال أن الرئيس إسياس بالرغم من مساوئه فهو مسيّس  يمكن التحاور معه في حين يكون التحاور أكثر صعوبة أو معدوماً مع جنرالاته وقياداته العسكرية وفيهم من لم يكمل الابتدائية أصلاً والخطورة أن نجم بعضهم بدأ أكثر سطوعاً؟ وهناك سؤالاً  أيضاً وهو مصير الجبهة الشعبية كحزب سياسي كيف سيكون برأيك؟ حيث لايعقل إختزال الجبهة الشعبية وما تملكه من رصيد نضالي وخبرة سياسية وكوادر حزبية وإدارية وعلاقات دولية ومؤسسات إقتصادية ولنقل مجازاً بنشوء جيل كامل لايعرف في حياته إلا الجبهة الشعبية ـ لايمكن اختزال كل ذلك في شخص واحد، لذا البعض يقول ان المستقبل للجبهة الشعبية حتي في ظل الحياة الديمقراطية بإعتبارها القوي الأكثر تنظيماً، ولو أن المعارضة الخارجية عادت الي اريتريا فيمكن أن نشهد عودة أبناء الجبهة الشعبية ( بما فيهم الحزب الديمقراطي) اليها مع إحداث تغييرات في برامجها ومراجعة للنموذج السياسي والثقافي الذي قامت بتكريسه؟ عفواً علي الإطالة دعنا نسمع رأيك؟

 

جـ 20 :ـ دمج الإجابة عن هذا السؤال مع إجابة السؤال الأخير.

 

السؤال 21:ـ يجزم البعض بأن المؤثرات الطبيعية الناشئة عن العرق والدين تلعب

دوراً حاسماً في التشكيلات السياسية بالعالم الثالث لكن علي مستوي الساحة الاريترية يتشكك البعض علي ذلك، فالحركات الدينية والجهوية والعرقية الموجودة الآن من الصعب أن نقول أنها استقطبت جميع الفئات التي تتحدث بإسمها وتدافع عن مصالحها، هذا بالطبع لايعني عدم أحقية ماتنادي به هذه الأطراف ولكن الإختلاف في الشكل الذي تأخذه، البعض يقول ان هذه الأطر ستنتهي تلقائياً بمجرد إيجاد الحل السلمي  المناسب للقضايا التي تناضل من أجلها الآن والبعض الآخر يقول أن الشعب سيظل يتحسس مفردات العرق والدين حتي لو تشكلت الأحزاب السياسية ـ برأيك ما الشروط الواجب توافرها في أي جهة سياسية اريترية حتي تقنع

الآخرين بعدالة ماتنادي به وحتي تستقطب أكبر عدد من المناصرين؟ وماهي الأسس التي تقوم عليها الأحزاب السياسية؟ وهل أي حزب يؤسس في اريتريا يجب أن يحتوي علي تنوع اقليمي وعرقي وديني معقول في قاعدته وقيادته؟ والتنظيمات التي تعبر عن خصوصية إجتماعية اليوم ماهو مصيرها غداً؟ وبرأيك هل هناك “مسألة قوميات” تستوجب التميز عن الآخرين في وطن يشعر فيه الجميع بأنه لم يتحصل فيه علي حقوقه الفردية والجماعية؟

 

جـ 21:ـ  كان أول درس وعاه  شعبنا هو أن الفرقة والانقسامات تؤدي الي الفشل في تحقيق الهدف، فذلك ماآلت اليه تجربة الحركة السياسية في مرحلة حق تقرير المصير لهذا ركزت الثورة الاريترية منذ البداية علي تفادي نقطة الضعف هذه بأن كثفت التوعية في مسألة الوحدة الوطنية ونبذ التفرقة الدينية والأقليمية والقبلية في مواجهة جهاز الاعلام الإثيوبي الذي كان يبث التفرقة في المجالات المذكورة وخاصة في الجانب الديني عندما كان يصف الثورة بالاسلامية وأنها تستهدف المسيحيين، وعلي الصعيد الميداني عندما أنشأ فرقة الكماندوز من عناصر مسيحية صرفة أرتكبت فظائع في حق القري المسلمة، وعلي هذا الأساس قامت فصائل الثورة الاريترية من حركة التحرير فجبهة التحرير والجبهة الشعبية رغم غلبة العنصر المسيحي في عضوية الأخيرة لأسباب تأريخية معروفة. وثمة تنظيمات فشلت في اجتذاب عضوية من مختلف المكونات الثقافية والدينية فظلت واقفة في الهامش دون فاعلية أو تأثير وسينطبق ذلك أيضاً علي الأحزاب السياسية ذات الصبغة الوطنية، فكلما كان الحزب متنوعاً في تركيبته بحيث يعكس في عضويته وعلي مستوي قيادته التنوع الذي يحمله المجتمع فأن الكل سيري فيه نفسه وينتمي اليه أو علي الأقل يتعاطف معه ويعطيه صوته في الإنتخابات. لكن ذلك وحده لايكفي، لأن هناك عنصر أساسي ومكمل للتركيبة بل ومحدد لإجتذاب العضوية والتعاطف معه وهو البرنامج الذي يتبناه هذا الحزب، فالبرنامج يجب أن يعبر عن مصالح جميع المواطنين من مختلف ألوانهم الثقافية والدينية ويضمن المشاركة العادلة في السلطة والنصيب العادل من الثروة والاحترام اللازم للعقيدة والحريات والحقوق الأساسية وعدم التفرقة بين الجنسين في الحقوق والواجبات حتي يحظي بتأييدهما  وأن يفي في التنفيذ بما يعلن.

ان أي حزب يوفر هذه الشروط سيحظي بتأييد جماهيري واسع، وأحزاب من هذا النوع هي التي ستبطل حجة المطالب القومية والدينية لأن الأخيرة وليدة الظلم والتمييز وظواهر محاولات الهيمنة، فهي إذاً رد فعل لذلك.

 

السؤال 22:ـ لاشك أن التعايش المشترك بين مسلمي ومسيحيي اريتريا بصورته المتكافئة هو الذي ستبني عليه قاعدة السلم والاستقرار حيث يعدون اتباع الديانتين شركاء في الوطن ولا يمكن لأحدهم أن يلغي الآخر، هذا كخط عام لاأظن أن فيه خلافاً ولكن علي المستوي العملي وإستناداً الي النموذج السياسي القائم اليوم بدأ المسلمون الاريتريون يحسون بمعاناة حقيقية بعد أن أصبحوا ضحايا لظلم قائم فعلاً علي التمييز الطائفي والثقافي.. هناك دولة غير حيادية بالرغم من إدعائها العلمانية وهناك هوية جزئية بدأت تشكل البلد.. الشيئ الايجابي هو الآن أن بعض الاخوة المسيحيين بدأوا يعترفون بالظلم الواقع علي إخوانهم المسلمين ويرون أن نموذج أفورقي يشكل خطراً علي الجميع ـ أنت أحد الذين عاشوا في اريتريا بعد الاستقلال هل بإمكانك أن تعدد لنا أمثلة  نجد فيها الوجه الطائفي للنظام ؟ وعلي مستوي المعارضة هل تحملون تصوراً كاملاً لمسألة التعايش المشترك بين الثقافتين والطائفتين؟ وهل بحثتم بشكل جدي أسس الخلاف والوفاق؟ ولماذا لاتستعينون “بذوي آراء ثاقبة” من الطائفتين يقدمون تصوراً بناءً للتعايش المشترك؟ ويضعون حلولاً بعد أن يتنبأوا بالمسائل التي تثار نتيجة الاختلاط والتعايش ولا بأس أن يوضحوا  لنا بالتفصيل هواجس ومخاوف كل طائفة؟

 

جـ 22:ـ إن الأجوبة علي الأسئلة السابقة تتضمن بشكل أو بآخر الإجابة علي هذا السؤال، ومع ذلك أستطيع أن أقول فيما يختص بتوفير دعائم للتعايش بين المسلمين والمسيحيين في اريتريا فانهم كانوا دائماً متعايشين إذ لم يذكر لنا تأريخ اريتريا في أي صفحة من صفحاته عن حروب دينية وثأرات بايتة كما يقول التعبير الدارج، ولهذا أسباب لايتسع المجال للخوض فيها، وحتي تأطر غالبية المسيحيين في حزب الوحدة مع اثيوبيا وغالبية المسلمين في حزب الرابطة الاسلامية لم يؤد الي أي صدام بين الطرفين رغم محاولات أجهزة المخابرات الاثيوبية بهذا الصدد وكانت قواعد الحزبين تسير مواكب في شوارع المدن الرئيسية ترفع شعاراتها وتتغني بأناشيدها وتهتف بحياة أحزابها، كما لم يحدث ذلك عندما أسس اسياس حزبه في بداية السبعينات تحت مسمي  “سلف ناظنت”  أو حزب الاستقلال والتي كانت عضويته تقتصر علي أبناء المرتفعات المسيحية ولم يستمر هذا الحزب طويلاً فسرعان ماأنضم الي قوات التحرير الشعبية ولم يمض علي تكوينه أكثر من سنة ونيف، وما نراه اليوم في الحركة الاسلامية من تبني برامج تجمع الصبغة الدينية والأهداف الوطنية الشاملة في التنمية والإستعداد للاحتكام الي صناديق الاقتراع يدل

علي عدم تقبل المجتمع للتطرف أياً كان نوعه.

أما المرحلة الوحيدة التي مورست وتمارس فيها الطائفية هي مرحلة نظام اسياس والعبرة ليست بوجود هذا الوزير المسلم أو ذاك وهم يعملون بلغة التيجرينية، والأمثلة عديدة ومنها إستبعاد اللغة العربية من دواوين الدولة وهي اللغة التي يتبناها المسلمون الاريتريون كلغة دين وثقافة وإدارة فحرم بذلك 95% من خريجي الجامعات والمعاهد العربية من العمل في أجهزة الدولة، كما يحرم أطفال المسلمين من التعليم في المرحلة الابتدائية لفرض اللغة الأم التي لايقرها غالبية أولياء الأمور فأصبحوا يمتنعون عن إرسال أبنائهم الي المدارس كنوع من التعبير عن الاحتجاج ويدفع ثمن ذلك الأطفال. في تقديري أن ذلك سيزول مع زوال نظام اسياس لأن جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية الاريترية تعي خطورة هذا الأمر لذلك تنص في برامجها علي رسمية اللغة العربية الي جانب التجرينية وعن المساواة في الحقوق والواجبات بين الطائفتين، وقد أصدر الحزب الديمقراطي قراراً بهذا الشأن في مؤتمره التأسيسي الذي أنعقد في 20 و22 من فبراير 2004م، كما قرر اعطاء الحق لأولياء الأمور لإختيار اللغة التي يتعلم بها أبنائهم في المرحلة الابتدائية.

 

السؤال 23:ـ تخيل نفسك تلميذاً ـ بعد مائة عام من الآن ـ في إحدي المدارس الاريترية وطلب منك الاستاذ فتح كتاب المادة التأريخية، وجدت في فصله الأول “شخصيات اريترية” وبينما تجول ببصرك في تلك الصفحات توقفت فجأة أمام إسم لشخص يدعي إسياس أفورقي أستهل الكتاب النبذة عنه بالقول أنه أول رئيس لدولة اريتريا بعد الاستقلال من الاستعمار الاثيوبي وقد عرف عهده بـ …. عفواً أكمل!

 

جـ 20 و23 :ـ أسمح لي هنا أن أجمع بين إجابة السؤالين العشرين والثالث والعشرين، وإجابة هذا السؤال الأخير هي أن اسياس أفورقي رجل طموح وذكي الي حد ما ومجتهد ومتآمر من الدرجة الأولي ويعرف كيف يدس بين الفرقاء بأن  يشككهم في بعضهم البعض ليجتمعوا عنده وهو بخصومه شديد البطش لاتعرف الرحمة طريقها الي قلبه. عندما ألتحق بالثورة في عام 1965م كان في السنة الثانية من كلية الهندسة في جامعة أديس أبابا عين مفوضاً سياسياً في المنطقة الخامسة ولم تمض سوي فترة قصيرة علي إلتحاقه بالثورة حينما أختارته  قيادة جبهة التحرير الاريترية ضمن بعثة تدريبية الي الصين الشعبية وكانت أول بعثة وربما كان الشخص الوحيد الذي أستفاد منها فائدة أكبر، فقد ظهر أثرها جلياً في نهج الجبهة الشعبية العسكري والسياسي. أسياس قارئ ممتاز بغض النظر عما يقرأ لهذا فهو أوفر دفعته في القيادة حظاً في الثقافة العامة. فقد تعلم اللغة العربية بالميدان ولم يكن يعرف منها حرفاً واحداً قبل إلتحاقه بالثورة. فهو يتحدثها بطلاقة يحسده عليها حتي بعض الناطقين بلغة الضاد وهو رغم ذلك أكثر الناس كرهاً لها وأكثر تصميماً علي إستئصالها من الواقع الاريتري لكنه عملي يستفيد منها سواء في الساحة الاريترية أو في المحيط العربي. إن الصفات التي ذكرنا  من ذكاء نسبي وأساس أكاديمي

ومثابرة علي القراءة وطموح بالاضافة الي قدم إلتحاقه بالثورة إذ أمضي بها 25 عاماً قضي  90% منها في الميدان مكنته من أن يتقدم الي الصفوف الأمامية في قيادة الثورة، وصفتا التآمر والمكر مكنتاه من تصفية خصومه ومنافسيه الواحد تلو الآخر وأستمر في ذلك حتي بعد الاستقلال، هكذا ألقي القبض علي زملائه ممن قدموا عصارة شبابهم لخدمة الحركة الوطنية وهم الآن  يقبعون وراء جدران أو دهاليز أو أقبية لايعلم إلا هو وزبانيته مكانها ولا يعرف أحد ان كانوا علي قيد الحياة أو فارقوها. وهاهو اليوم حاكم مطلق في البلاد مسخراً القوات المسلحة في حمايته من الشعب المغلوب علي أمره وهو في ذلك يستغل خوف القيادات العسكرية وهي قيادات “جربندية” كما يقول التعبير السوداني الدارج، من أي تغيير قد يعصف بها ويجرفها خارج المؤسسة العسكرية لعدم أهليتها  لبناء قوات نظامية تتطلب مؤهلات أكاديمية وتدريبية عالية في ظل دولة مؤسسات تحتاج الي كفاآت علمية وادارية عالية لإدارة البلاد وتنفيذ برامج التنمية فيها. كما يعتمد اسياس علي بطانة فاسدة تتربع علي قمة الحزب والمجلس الوطني “الدمية” قد لاتفتقد هذه البطانة المعرفة أو الكفاءة النسبية لكنها تضع ماتتمتع به من امتيازات السلطة فوق ضمائرها. هذان هما الجهازان اللذان يعتمد عليهما اسياس، أحدهما يقوم بالقمع العضوي والثاني بالقمع السياسي وألتحق بهما أخيراً بعض رجال الدين ليقوموا بالقمع الديني والروحي. هكذا تدرج اسياس الي قمة السلطة وهكذا يحتفظ بها ولا يهمه ماينزل بالبلاد علي يده ويد زبانيته من مصائب وويلات متتالية فشعاره هو “من بعدي الطوفان”.

أما ماذا سيحدث لو مات اسياس فجأة لأي سبب من الأسباب فاني أعتقد بأن قيادة الحزب الحاكم قطعاً ستسارع الي عقد اجتماع لملأ الفراغ وسوف تقدم من يمثلها في مثل هذا الظرف حتي وإن أفتقرت الي  مزايا أسياس الذي كان الأول بين المتساوين، وقد يلجأوا الي توزيع السلطة أو الي جماعيتها وفي حالة حدوث خلاف، وهو أمر لايمكن إستبعاده، قد يستولي علي السلطة الفريق الذي يضمن العسكريين الي جانبه، ومن السهل في مثل هذه الحالة إطلاق تهم الخيانة ودفع البلاد الي الفوضي وإضعاف قوتها وستكون مادة الوياني هي المادة الرائجة كالعادة، وقد يلجأ هذا الفريق الي إطلاق سراح المعتقلين من أعضاء القيادة والكادر الحزبي للإستقواء بهم وتحميل الفريق الآخر وأسياس ماآلت اليه البلاد من وضع سياسي واقتصادي مزري وقطيعة عن العالم، وقد يحاول مد جسر اللقاء ببعض أطراف المعارضة بغرض إجراء بعض الاصلاحات السياسية، وقد يتم التلويح بتطبيق الدستور بحثاً عن دعم جماهيري وربما الدعوة الي حوار وطني شامل يجمع كافة القوي السياسية الاريترية للبحث عن مخرج للمأزق السياسي الذي تعيشه البلاد، لكن هذا الأخير يشترط وجود معارضة قوية منظمة في إطار جبهوي واحد يمكن أن يستقطب تأييداً جماهيرياً واسعاً وجزءً من القوات المسلحة وبعض كادرات الحزب. وقد يحدث انشقاق عمودي داخل الحزب الحاكم بين فريق يريد أن يستمر علي نفس النهج السابق ويحافظ علي إمتيازاته وآخر يريد التخلص من التركة المثقلة ويمد يده الي

قوي المعارضة وحتي دول الجوار ويدعي تمثيله للجبهة الشعبية وإرثها النضالي واتهام الطرف الآخر بالانحراف وأنه سيعيد بناء الجبهة الشعبية كل هذه السيناريوهات محتملة.

أما السؤال عما سيكون عليه موقف الحزب الديمقراطي الاريتري من هذا السيناريو الأخير لو حدث فلا أعتقد أن الحزب يلتفت نحو الوراء. أولاً لأن الحزب يجمع بين أعضائه قيادات سابقة للجبهة الشعبية وآخرين من جبهة تحرير ارتريا. ثانياً أن الحزب وضع برنامجه الذي يختلف تماماً عن برنامج الجبهة الشعبية السابق سواء في مرحلة التحرير أو بعد أن تحولت بعد الاستقلال الي الجبهة الشعبية للديمقراطية والعدالة، ويتضمن هذا البرنامج رؤية جديدة لمستقبل البلاد من كافة جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية فهو والحالة هذه أرضية ملائمة لإجتذاب قواعد عديدة من الجبهة الشعبية التي أصبحت في ذمة التأريخ وليس افرازاتها الحالية التي تعيشها البلاد إلا حالة مؤقتة.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5796

نشرت بواسطة في أكتوبر 28 2004 في صفحة حوارات. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010