مناضلات من وراء الستار

 

بقلم ابوحيوت

Abuhayot@gmail.com

  

ربما شد انتباهكم مقال في موقع اسمرينو دوت كوم بعنوان ” لنتذكر شهيدات الجبهة الشعبية” كما شدني وكما ترون لا غبار على العنوان ولكن في داخله بعض المغالطات التي لا يمكن تجاوزها. لا تستغربوا فأن من يكتبون هذا هم نتاج غسيل المخ الطويل الذي جعلهم لا يرون ولا يسمعون إلا ما كانت تقوله وقالته الجبهة الشعبية واسمحوا لي أن أقول من أنهم أصبحوا مثل البغل أو الحصان الذي يركب له الحاجب حتى يتجه إلى الأمام ولا ينشغل بما يجرى على الشمال أو اليسار. و المناضلات المذكورات في المقال على عيني ولهن كل الاحترام والإكبار, لا فرغ بين من التحقن بالجبهة أو الشعبية وبالذات لأنهن يعتبرن من الرائدات بالتحاقهن في 73 ولكن لا يجوز أن نقول إنهن أول من التحق بالكفاح المسلح حيث كان قبلهن من التحقنا بالجبهة. و المؤسف هو انه قد تم تصفيتهن ضمن مجموعة المنكع بعد سنة من التحاقهن.

 أولا: مشاركة الإناث جاء قبل ذلك بكثير, عندما شاركت المناضلة سعدية تسفو مع الفدائيين في التخلص من الجاسوس الخطير في مدينة كرن وكذلك عندما انضمت المناضلتان جمعة عمر وبخيته عبد الله إلى المقاتلين وعندما شارك أكثر من عشرة من المناضلات في البعثة الطبية التي أوفدت إلى العراق لدراسة التمريض وعلى رأسهن المناضلة الكبيرة نصريت كرار.

ثانيا: تجاهل دور الجبهة وعن عمد واعتبار بداية الكفاح المسلح هو اليوم الذي انشق فيه اسياس دفاعا عن حقوق المسيحيين وسكان المرتفعات كما ورد في المنفستو “نحنا وأهدافنا” وليس دفاعا عن حقوق الشعب الارترى, كما فعل الشهيد عواتى في ال61.

انتهز هذه المناسبة للإشارة إلى الدور التاريخي للمرآة في الكفاح المسلح ليس كمقاتلة فحسب بل كست بيت تتحمل مسؤولية إعاشة المئات من المقاتلين الذين كانوا يعتمدون على الشعب في كل شيء, ولكم أن تتخيلوا عملية تحضير الطعام: التي تبدأ بجلب الماء والحطب ومن بعده الطحن والإعداد لتقدم إلى المناضلين قبل الأبناء على شكل بوجبوج او تكوشم او اكلت أو قراسة او الدجحا او الغطشا اوحبزة تندور او العبودة لتؤكل بالحليب او الروب اوالحن والحنقزا او البعيرة حن او بطبحها من نوسا.

هكذا كانت تسير الحياة من الحدود الى الحدود حتى سنة1975 والشاهد القرى التى كانت تقع فى الطريق ابتداء من عدحباب وعدحطور ومرورا الى قرى القدين او قرى قوفاتى الى منطقة موقرايب لتصل الى عد على بكت عبورا لخور بركة حيث عد سيدنا مصطفى وهنا لابد أن اذكر شهامة وكرم الشيخ محمد على ود سيدنا مصطفى وضيافته لنصل إلى عد قراب القرية المناضلة التي لم تخلوا يوما من فصيلة أو مجموعة أو طوف. من هناك إلى عد حمد شلح وهنا تتفرع الطرق إلى سبر حيث العم المناضل محمد نور سبر أو إلى عذف وكنشو و من هناك إلى ماىشوا إلى المناضل عثمان عدلان لنتقدم إلى قبى لغوم حتى نصل اف طروق إلى المناضل جمع حسوب وتواصل لتقطع عنسبا وربما يستضيفك عمال مخلاسى ببعض الفواكه لزوم الطريق إلى دقى وازنتت حيث المناضل جعفر محمد “نميرى” وتواصل الطريق إلى عندر الحصن المنيع بحماية العم المناضل محمد بخيت ومن هنا تأخذ طريق موشى وشبح وصولا إلى اجربب عرين المناضلون, الشهيد اقدوباى و إبراهيم إسماعيل ومبرهتو منابر(أول من اجبر إلى الرحيل من قريته ليس خوفا من إثيوبيا ولكن من الشعبية) أو إلى طباب حيث المناضل الشهيد احمد الشيخ زايد أو تأخذ الطريق الصعب إلى انسى وتواصل إلى رورا منسع حتى تصل مرات حيث تختار طريق زين إلى المناضل عمار كفلاى او إلى قربت لمقابلة المناضل قلا يدوس ومنها إلى وقريتت حيث المناضل شكر ابرهام لتنزل إلى شعب وهناك تجد المناضلان على امبيزرى وورار وتقطع مزارع قدقد وتدخل اجناد ارض المناضل عمر ادحنا ومن هناك تقطع الطريق العام اسمرا / مصوع عند دقدقتا وتواصل لتصل الى عقمدا ومنها إلى حديش عبر روبربيا حيث المناضل محمود محمد سعيد أو إلى زولا وافتا حيث المناضل شوم احمد أو لتدخل نب قدى وعند كوميلى تجد المناضل الشيخ محمد على قفع وتتوغل مع نباقدى حتى تصل سالو واجرا ومن هناك تتسلق الجبل, وان اتجهت يسارا تصل امباسويرا إلى ورحلو او مربر واذا اتجهت يمينا تصل قوحيتو وهناك تجد المناضلة اينا( الوالدة) سعدية عند عياقو.

لم اذكر أسماء القرى وأسماء المناضلون فيها للتعريف بها بل لتوضيح مدى مساهمة ومشاركة المرآة الإرترية في مسيرة النضال والأعباء التي كانت تتحملها حتى سنة 75 لأنه بعد ذلك خف الحمل قليلا نتيجة اعتماد التنظيمات على نفسها.

اخوتى القراء ما يحزنني و يؤسفنى كثيرا هو من إن هذه القرى التي ذكرتها فى رحلة مناضل متوجه من كسلا حتى يصل جبال اكلى قوزاى المنيعة لم توليها حكومة اسياس ما تستحقه من اهتمام ولم اسمع من انه تم حفر بئر ماء في عد قراب  أو مدرسة في القدين أو عيادة في كوميلى او تعبيد طريق فى قوفاتى او بناء سد فى ماى شو.

وفى هذا المقام لا أقول كما قال الأستاذ عمر محمد حمد “لا يمكن أن نحمل النظام الراهن تبعات أوضاع ترتبت عبر عقود طوال……. إلى أخر الفقرة” بل أقول نعم في الماضي كان التهميش لهذه المناطق متعمد ولكن لماذا اليوم؟  لو كانت هذه الحكومة وطنية, لمنحت هذه المناطق الأولوية وبدأت منها رحلة طويلة إلى التطور المتوازن والعادل, لتعوضها عن الغبن الذي وقع عليها في زمن الاستعمار. وأقول للأخ عمر لا يجوز البحث عن المبررات لهذا الإهمال المتعمد.

في الختام اعتذر من عدم ذكر قرى ومناضلين في إطار المقال وأرجو أن يفعل ذلك غيري من الذين تسعفهم الذاكرة.

والى اللقاء في الجزء الثاني من هذا المقال وشكرا.


مناضلات من وراء الستار  (2)

بقلم ابوحيوت

Abuhayot@gmail.com

    

في الجزء الأول كتبت عن ألام الإرترية في الريف ونضالها من وراء الستار وتحملها الأعباء لسنوات طويلة صابرة لا تحتج ولا تتمرد حتى أوصلت الثورة إلى مراحل متقدمة وفى هذا المقال سوف أحاول الكتابة عن مناضلات شاركن مع الرعيل الأول في ريادة العمل الوطني, بمؤازرة أزواجهن في لحظات اتخاذ القرار التاريخى, اللحاق بالشهيد عواتى وتسلم الراية الوطنية بالرغم من معرفتهم جميعا, الصعاب التي ستواجههن في بلاد الغربة مع أطفالهن, ولكن وبكل أسف اقول, نسينا هذا النصف الذي لا تكتمل الصورة من دونه. حمل الرجال مسؤولية الوطن الكبير وتركوا لهن مسؤولية الوطن الصغير وهن بعيدا عن الأهل. تخيلوا العيش في المهجر, في زمن كان المجتمع يعتبر فيه الهجرة مثل الرحيل عن الدنيا, ويردد مقولة ” موتما من يمرئيت ابوا” وأكيد هناك مثل هذا المقولة بكل اللغات الإرترية. واليكم هذا المشهد للتأكيد على ما أقول, والمسرح اسمرا, المحطة المركزية للباصات, في الساعة السادسة صباحا في يوم وداع القلة من الطلبة المحظوظين, الدارسين بجامعة هيلي سلاسى, تجد الموقف يعج بالنساء من الأهل والجيران والكل يبكى والدموع تجرى في مشهد جنائزي وكأنهن يودعن احد الموتى, والعكس تجده في يوم الاستقبال حيث الزغاريد وكأنه يوم عرس. كان هذا يحدث عندما كانت إرتريا مثل حضن ألام, تجد فيه الحب والحنان والإخوة والصداقة بعكس أيامنا هذه, التي أصبح فيها الوطن طاردا, يتمنا الكل النجاة منه وكأنه سفينة تغرق, و تتمنا فيه كل أم أن تهاجر ابنتها قبل ابنها خوفا من المصير الذي ينتظرها في معسكر ساوا السيئ السمعة ومن الموت في الحروب, هواية اسياس المفضلة.

وعند الكتابة عن هذه الشريحة من النساء سوف أبدا بمقولة ” وراء كل رجل عظيم امرأة” كثيرا ما تمر علينا هذه العبارة كلما نجح احد الرجال في تحقيق إنجازا كبيرا, عندها فقط يتذكر الناس, أن هناك مخلوقة اسمها المرآة ويبداون في الكتابة عنها من باب تكملة الصورة. أما نحن لم نفكر يوما في الكتابة عن الدور الكبير لشريكات حياة الرعيل الأول, التي لولا تضحياتهن وصبرهن ووفائهن لتغيرت الصورة.

هناك من يحاولون اختزال دور المرآة في حمل السلاح مع أن دورها كان اكبر من ذلك بكثير حيث بدأ مع إطلاق الطلقة الأولى في أدال. هل يمكن نسيان ما حدث لزوجة الشهيد عواتى التي اعتقلت ومعها مجموعة من نساء قرية “قرست” ومعهن أطفالهن في رحلة طويلة إلى مدينة تسنى ومنها إلى اغردات وهناك تم شحنهن في القطار مثل قطيع من البهائم يتفرج عليهن الناس في المحطات التي مرا عليها القطار في طريقه إلى اسمرا ( وكان الهدف من ذلك هو إرهاب وتخويف الشعب) حتى سجن ططرات, و في نفس الوقت تم جمع ممتلكات عواتى من الإبل والمواشي ليتم بيعها في المزاد.

من باب العرفان بالجميل يجب علينا تكريم النساء اللواتي تركهن أزواجهن وهن في مقتبل العمر مع أطفال يرضعون لمواجهة المجهول بعيد عن الأهل والأقارب. تلكن هم شريكات حياة الشهداء محمد إدريس حاج وطاهر سالم, و حامد جمع, وعمر ازاز, واحمد محمد على عيسى, وعثمان ابوشنب و محمود ديناى, وعمر دامر, وادم قندفل, ومحمد سعد ادم, وجعفر محمد تسفاتيدروس, حشال عثمان وعثمان تفشجى, ومحمد عثمان داير وكذلك اؤلئك الذين مازالوا على قيد الحياة محمد عمر عبد الله “ابوطيارة”, محمد على ابورجيلة, محمد عمر ادم, إدريس أبو سف, إبراهيم بهدوراى وصالح حدوق, قبرو يقين, على جامع عامر وإدريس تيدروس, حامد مسوكر وكثيرين كان لهم شرف النضال لم أتمكن من استحضار أسمائهم متعهم الله بالصحة والعافية.

إذا كان هذا في ما يتعلق بالمناضلين الذين التحقوا بالميدان بعد أن تركوا الجيش السوداني فهناك أيضا أولئك الذين التحقوا من الداخل من رجال البوليس والأمن بعد أن تركوا نسائهم وسط العدو, ومشاكلهن كانت اكبر, لتدخل العامل الامنى في حياتهن من ملاحقة واستجواب إضافة إلى العامل الاقتصادي والاجتماعي أسوة بأخواتهن في السودان. إليكم أسماء البعض منهم: الشهداء محمد سعيد شمسي, و قمحت, وعمر ناصر شوم, وعلى احمد, وعثمان ادم, ومحمد ياسين الحاج(أربعة عينو) والشاويش مالك ادنا ورمضان موسى, و الشاويش محمد عمر, إبراهيم فازاقى (بوليسي), شاويش حامد بلاى,على ابرهيم, إبراهيم حرسي, إبراهيم يوسف”بوليسي” شامبل ولدى هيمانوت وشاويش خليفة على والاثنين من حرس السجون الذين شاركوا في عملية إطلاق سراح المناضلين من سجون العدو وانضموا الى الجبهة. وكذلك الذين انضموا من الكوماندوس المناضلون فسهاى “منظمة العقاب”, محمود اباطرق, الشهيد مكئيل , قرماى تخلى, تولدى محارى, اشملاش قيتؤم. ومن البوليس الشهيد حديش ولدى قرقيس.

ولا يفوتنى أن اذكر في هذا المقام مناضلين انضموا إلى صفوف الثوار من الريف الارترى بعد أن تركوا زوجاتهم وأبنائهم لرب العباد في مواجهة السلب والنهب والدمار والحرق من الجيش الاثيوبى. وقد واجهن الكثير من الصعوبات وفى النهاية  لم يبقى أمامهن إلا السودان , اذكر منهم الشهداء احمد ولولو, عثمان شاجى, دونقس ارى, و محمد ادريس كلباى, و قبرى هيوت ودى حمبرتى” عافه حمد, وعثمان صالح, و على دبلو, ومحمد طيواى , محمد امام, وود قشش, وحامد مزرت, و حامد زبوى, وادم صالح “قيح شامبل” و دقلل, و على إدريس, كاسا شولىا, وسليمان اضحا. 

والسؤال هو, هل كان يمكنهم تحمل الأعباء الوطنية الثقيلة والقيام بالبطولات والتضحيات المشهود لها لولا وجود نساء فاضلات من ورائهم يتحملن الأمانة والمسؤولية؟  والجواب, لا وألف لا ولهذا أقول “أن وراء كل مناضل امرأة: هي الزوجة وهى ألام وهى الأخت”

انتهز عيد المرآة العالمي للوقوف احتراما للمرآة الإرترية واعترافا بدورها التاريخي وأقول ما كانت الثورة لتستمر وإرتريا لتستقل بدون مشاركة ألام والزوجة والأخت و تضحياتها من خلف الستار ومن أمامه.

في الختام اسمحوا لي أن أقول إن الكتابة معتمدا على الذاكرة,  صعبة وقد تسبب الإحراج, حيث يمكن أن تنسى الكثير من الأسماء, ولهذا أرجو المعذرة مقدما و هذا عنواني لمن تذكر ما غاب عن العبد لله.


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5977

نشرت بواسطة في مارس 10 2005 في صفحة المنبر الحر, شخصيات تاريخية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010