منطقة الحمرة: دراسة سياسية وقانونية في النزاع الحدودي وآفاق المطالبة الإرترية باستعادتها وضمها كأرض ارترية

النخب الحلقة 152:

التحليل القانوني والسياسي: ابسلاب ارتريا

المقدمة

تُعد منطقة حمرة، الواقعة في المثلث الحدودي بين إرتريا وإثيوبيا والسودان، من المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية الجغرافية والسياسية في القرن الإفريقي. تتميز هذه المنطقة بتنوعها العرقي والثقافي، وتاريخها المعقد الذي شهد تنازعًا بين الدول الثلاث. تهدف هذه الدراسة إلى تحليل الوضع القانوني والسياسي لمنطقة حمرة، وتقييم مدى أحقية إرتريا في المطالبة بها استنادًا إلى القانون الدولي.

أولاً: الخلفية الجغرافية والتاريخية

الموقع الجغرافي

تقع منطقة حمرة في أقصى شمال غرب إثيوبيا، وتحدها من الشمال إرتريا، ومن الغرب السودان. تُعد مدينة حمرة مركزًا إداريًا مهمًا في هذه المنطقة، وتتميز بموقعها الاستراتيجي على ضفاف نهر ستيت.

الخلفية التاريخية

شهدت منطقة حمرة تاريخًا معقدًا من التنازع بين الدول الثلاث. ففي فترة الاستعمار، كانت الحدود غير مرسمة بشكل دقيق، مما أدى إلى نزاعات مستمرة بعد الاستقلال. تجدر الإشارة إلى أن منطقة حمرة كانت ضمن الأراضي التي شهدت صراعات أثناء الحرب بين إرتريا وإثيوبيا (1998-2000) .

ثانيًا: الوضع القانوني لمنطقة حمرة

اتفاقية الجزائر (2000)

في أعقاب الحرب بين إرتريا وإثيوبيا، تم توقيع اتفاقية الجزائر في عام 2000، والتي نصت على إنشاء لجنة لترسيم الحدود بين البلدين. وفي عام 2002، أصدرت اللجنة قرارًا نهائيًا وملزمًا بشأن الحدود، إلا أن إثيوبيا لم تنفذ هذا القرار بشكل كامل، مما أدى إلى استمرار النزاع .

القانون الدولي ومبدأ الحدود الموروثة

يستند القانون الدولي إلى مبدأ “الحدود الموروثة” (Uti Possidetis Juris)، والذي ينص على أن الحدود التي كانت قائمة عند الاستقلال يجب أن تُحترم. وبما أن منطقة حمرة كانت تحت الإدارة الإثيوبية عند استقلال إرتريا في عام 1993، فإن المطالبة الإرترية بها تواجه تحديات قانونية.

ثالثًا: تقييم المطالبة الإرترية بمنطقة حمرة

الحجج الإرترية

تستند إرتريا في مطالبتها بمنطقة حمرة إلى عدة عوامل:

  1. الروابط التاريخية والثقافية: تشير إرتريا إلى وجود روابط تاريخية وثقافية بين سكان منطقة حمرة والشعب الإرتري.
  2. الاعتبارات الأمنية: تعتبر إرتريا أن السيطرة على منطقة حمرة ضرورية لأمنها القومي، خاصة في ظل التوترات مع إثيوبيا.

التحديات القانونية

رغم هذه الحجج، تواجه المطالبة الإرترية تحديات قانونية، منها:

  • عدم الاعتراف الدولي: لا تعترف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بمطالبة إرتريا بمنطقة حمرة.
  • القرارات الدولية: قرارات لجنة ترسيم الحدود نصت على أن منطقة حمرة تقع ضمن الأراضي الإثيوبية.

رابعًا: آليات المطالبة القانونية

في حال رغبت إرتريا في المطالبة بمنطقة حمرة قانونيًا، يمكنها اتباع الخطوات التالية:

  1. اللجوء إلى محكمة العدل الدولية: تقديم دعوى قانونية تستند إلى الأدلة التاريخية والقانونية.
  2. المفاوضات الثنائية: الدخول في مفاوضات مباشرة مع إثيوبيا للتوصل إلى حل سلمي.
  3. الوساطة الدولية: طلب وساطة من الاتحاد الإفريقي أو الأمم المتحدة لحل النزاع.

الخاتمة:

تُعد منطقة حمرة من النقاط الجغرافية الأكثر حساسية في توازن القوى بين دول القرن الأفريقي، حيث تتقاطع عندها الاعتبارات السيادية، والمصالح الاقتصادية، والأبعاد الأمنية والتاريخية لكل من إرتريا، إثيوبيا، والسودان. وعلى الرغم من أن السيطرة الحالية على المنطقة هي بيد السلطات الإثيوبية، فإن المطالبات الإرترية، وإن كانت غير معترف بها دوليًا حتى الآن، ليست بمنأى عن النقاش القانوني في المستقبل.

إن إرتريا، وإن كانت لا تملك سيادة فعلية على منطقة حمرة عند استقلالها في 1993، إلا أن هناك مستجدات قانونية وتاريخية يمكن أن تُوظف كأساس لمطالبة مستقبلية إذا ما تم إعداد ملف قانوني متكامل. من بين هذه المستندات:

  1. الروابط التاريخية والثقافية والإدارية القديمة بين سكان حمرة والمجتمعات الإرترية المجاورة، وخاصة في فترة ما قبل الاحتلال الإيطالي والحدود الموروثة من العهد الاستعماري.
  2. مبدأ “المراجعة الحدودية العادلة” (Equitable Reassessment of Boundaries) الذي قد يُطرح أمام محكمة العدل الدولية في حالات النزاع الحدودي المعقّد عندما تكون هناك مظالم تاريخية موثقة أو تغييرات سكانية قسرية.
  3. سوء تنفيذ اتفاق الجزائر من قبل إثيوبيا، خاصة أن بعض قرارات لجنة ترسيم الحدود لم تُنفذ كما نصّت عليه البنود، ما قد يُضعف الحجة الإثيوبية قانونيًا.
  4. التقارير الأممية حول الانتهاكات في منطقة حمرة قد تعزز من إمكانية المطالبة الإرترية بحماية أقليات لها جذور تاريخية هناك، تحت بند حماية الحقوق الجماعية والثقافية، وليس فقط على أساس السيادة.

بناءً على ما سبق، فإن المطالبة الإرترية بمنطقة حمرة، وإن كانت حاليًا محاطة بعقبات قانونية ودبلوماسية، إلا أنها ليست مستحيلة على المدى البعيد، شريطة أن يتم دعمها بمرافعة قانونية موثقة ومدعومة بوثائق تاريخية، خرائط، شهادات سكانية، ومبادئ قانونية معترف بها دوليًا. فالقانون الدولي لا يُغلق الأبواب نهائيًا، بل يتيح فرصًا لإعادة التقييم عندما تتوفر معطيات جديدة، وتُبنى المطالبات على أسس سلمية وشرعية

الملاحق

  1. الملحق (1): خريطة توضح موقع منطقة حمرة
  2. الملحق (2): نص اتفاقية الجزائر (2000)
  3. نص اتفاقية الجزائر
  4. الملحق (3): قرار لجنة ترسيم الحدود (2002)
  5. قرار لجنة ترسيم الحدود

المراجع
1. Eritrea–Ethiopia Claims Commission – Partial Award: Western Front.
2. Algiers Agreement (2000).
3. Eritrea-Ethiopia Claims Commission – Cases.
4. The Case of Sätit-Humära and Mätäma.
5. Eritrea–Sudan border.

إلى اللقاء في الحلقة القادمة، …….

ابسلاب ارتريا


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=47568

نشرت بواسطة في مايو 4 2025 في صفحة آبسلاب ارتريا. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. يمكنك ترك رد او اقتفاء الردود بواسطة

رد على التعليق

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010