منطق التفكير والحوار

(1)

وحدة الشعب الارترى

ام وحدة المعارضة السياسية

ان حركة اتحاد الشباب الثورى الارترى ممثلة فى قيادتها التنفيذية الموقعة على الاتفاقية الاخيرة مع الحركة الشعبية الارترية تتجه من خلال خطوتها الاندماجية الجريئة التى اعلنت عنها لتأكيد موقفها الحاسم ودورها الجاد لانجاح مساعى التحول الديمقراطى الذى بدأت خيوطه تتجمع فى الافق لتدفع بالعمل السياسى الى آفاق جديدة . وهى بلاشك مرحلة متقدمة وخطوة تاريخية غير مسبوقة وجرعة معنوية منعشة اخذت تغذى شرايين المجتمع الارترى لتمنحه المزيد من التفاؤل والامل . بيد اننا مع تفهمنا لكل هذه التداعيات المبشرة ندعوا للتوقف لحظة قبل المباشرة فى استكمال ادوار هذه المرحلة الهادمة من عمر النضال السياسى  لمراجعة اولوياتها وتحديد معاييرها الصحيحة واستيعاب متطلباتها الاستراتيجية والمرحلية تمهيد لإستقراء نتائجها المستقبلية بصورة دقيقة تعيننا على ادراك المستجدات ومواكبة المتغيرات المحتملة فى اوانها .

 

وحدة الكيان السياسى :-

ان وحدة المعارضة السياسية حلم يمكنه التحقق متى ماستوعبنا الفارق الكبير بين وحدة الكيان السياسى ووحدة كيان الشعب الارترى وادركنا ان وحدة تناظيم المعارضة السياسيةلايعدو كونه خطوة واحدة فى طريق الالف ميل المعبد لتحقيق وحدة الشعب الارترى اى انها خطوة تمهيدية ووسيلة تحضيرية لابد منها لتحقيق شرط اساسى من شروط وحدة الشعب الارترى الا وهو وحدة المنظور الاخلاقى  . وهذا بالتحديد ما يجعلنا ندعوكم من منطلق حرصنا الشديد الى تمحيص النظر للتأكد من ان هاتين العمليتين هما حقا مرتبطتان ببعضهما البعض وان الاولى هى مقدمة للثانية . كما ندعوكم ايضا للتأكد من ان توحيد مواقف المعارضة السياسية لن يؤدى فى الوقت نفسه الى عجزها الكامل عن صياغة برنامج عمل لوحدة الشعب الارترى . لتظل دعوتنا هذه وتلك تبحرفى مسارب العقول حتى ترسى القيادات الموحدة مفهومها للوعى التاريخى اللازم لتحقيق وحدة الشعب الارترى . وذلك لأن دروس الماضى تؤكد لنا حقيقة تاريخية مفادها ان الكتلة الاستقلالية فى مرحلة تقرير المصير- رغم موقفها السياسى الموحد – لم تكن تمتلك ذلك الوعي تجاه وحدة الشعب الارترى . وهذا ما اثبتته تجارب الثلاثة عقود التى سبقت الاستقلال اذ لم تنجح فى تحقيق ذلك الهدف وترجمته على ارض الواقع .

 

وحدة الشعب الارترى :-

ماذا نعنى بوحدة الشعب الارترى ؟! هل نعنى بها توحيد العقائد الدينية والمفاهيم الثقافية والانتماءات القومية … الخ ؟ كلا ـــ ليس بالامكان تغيير ماافرزته القرون وماصنعه التاريخ وكرسه التفاعل الاقتصادى والاجتماعى بقرار سياسى فوقى . بل نعنى الاعتراف بهذا الواقع والانطلاق منه ، فالتنوع العرقى والتباين الثقافى والتعدد الدينى كل هذه المعطيات تشكل ملامح الشخصية الارترية وليس علينا سوى ان نركز البحث حول الجوانب المشرقة والاكثر اهمية لكونها تمثل نقطة التلاق وحجر الزاوية ومركز الثقل فى بناء الشخصية الارترية (التى تتمتع بسمات مشتركة) . ومن ثم نشرع فى تثبيتها وتعميقها وجعلها جزءا اساسيا من التركيبة النفسية العامة ومصدرا للوحي السياسى للانسان الارترى داخل اطار الدولة المسخرة لخدمته وتطوير قدراته .

 

مفهوم الدولة :-

للدولة اشكال ومضامين ومفاهيم متعددة تختلف باختلاف المنظور الذى نعتمده فى بعث مبادئها وتشكيل عناصرها وتصميم مبانيها . فاذا اعتمدنا مثلا مفهوم السيادة الشعبية كمدخل لتعريف الدولة وتفسيرها وتحديد ادوارها وصلاحياتها فاننا سنجد حينها ان منظور السيادة الشعبية يعرف الدولة بانها تعبير مجازى يستخدم للاشارة على اشخاص المؤسسات الحكومية التى تنظم شئون الشعب وتحكم نشاطه وتبادر للدفاع عن سيادته والاعتراف بحقوق الملكية له لكونه صاحب الارض التى اقيمت عليها مؤسسات الدولة ولكونها تحمل اسمه وتسيِّرشئونها بأمواله العامة .وانطلاقا من هذا المبدأ يأتى اعترافنا بحق الشعب فى اخضاعها لارادته واخضاع نشاطها لمصلحته . وذلك لانها تمثله وتعبر عن سلطته فكان حريُّ بها وبقوانينها ولوائحها الدستورية والتنظيمية ان تدعم حقه وترسخ هذه الوضعية العادلة حتى ينعم افراده بطعم السيادة والسلطة والثروة . وحتى نجعل ارادته هى الارادة العامة التى ينبغى ان نخضع لها وان تصبح قواعده الاخلاقية المنبثقة عن قيمه الدينية التى يشترك فى الايمان بها جميع افراده هى القوانين الفعلية التى تستحق منا الاعتراف والخضوع ( حكاما كنا او محكومين ) .

مفهوم الوحدة :-

الانسان واحد فى اسباب وجوده ونشأته ونموه وفى طريقة عيشه وحصوله على سعادته واستقراره . واحد فى غايته التى يسعى اليها وفى مسيره الذى سينتهى اليه فى حياته وبعد مماته . وكل هذه الحقائق ثابتة لديه لا تتزعزع لمجرد كونه انتقل من موطنه الى موطن آخر او من بقعة من الارض الى أخرى . لأنه فى كل الاحوال سيسعى لحماية كرامته وقيمه ومبادئه الانسانية التى لا يستطيع العيش بدونها . ولأن الاديان السماوية التى يؤمن بها تحمل من القيم الاخلاقية ما يؤكد هذا المعنى ويدعمه وما يبعث آماله ويدفعها الى طريق التحقق . الامر الذى مكن هذه القيم الدينية من التغلغل فى اعماقه لتصبح جزءا لا يتجزأ من جذوره التاريخية ومن واقعه الاجتماعى والسياسى الراهن .

وانطلاقا من وعينا لحقيقة هذا الواقع الانسانى يتحدد امام رؤانا ملامح وتضاريس الوحدة الحقيقية التى علينا ان نرسخها ابتداء حتى نذوّب الفوارق ونزيل الحواجز ونعيد الثقة بين كافة شرائح المجتمع الارترى ( المسلمة والمسيحية ) . وبناءا عليه ندفع من معدل فعالية هذه القيم الدينية المشتركة بينها فى مادة الاخلاق والمظهر العام . لنكشف عن جوهرها الذى لايحتاج منا الى سوى  التعامل معها بمصداقية وشفافية كاملة تعيننا على صياغة برامجنا ومناهجنا السياسية والاجتماعية من منطلق وحدة المنظور الاخلاق للأمة الارترية . تعبيرا عن وحدة القوانين والتشريعات والدساتير المنبثقة منها وسعيا لتأكيد  دور العمل السياسى فى ضبط السلوك الاجتماعى والسياسى العام ( للمسلم والمسيحى ) ولتفعيل دوره فى ترسيخ مبادئ ومرتكزات الوحدة الحقيقية الآتية :-

1.     وحدة المنطلقات .

2.     وحدة المنهج .

3.     وحدة الاهداف والوسائل

4.     وحدة التشريع

5.     وحدة القيادة ( المتجانسة فى الفكر والسلوك )

 

مفهوم التدين :-

ان الغاية الاساسية من اقامة دين الله الواحد المتمثل فى تعاليمه السماوية المتعددة تتجلى فى توحيد الله وتقديسه والتزام اوامره وضوابطه السلوكية كمقدمة طبيعية لتوحيد غاية المجتمع ومصيره وقاعدة سلوكه ووجهته. والتى يصعب تحقيقها الا عندما نشرع فى تطبيق نظامه الاخلاقى الذى جاءت تحمل لواءه وتدعوا لإرسائه كل التعاليم والرسالات السماوية . وذلك لأن المنظار الاخلاقى لتلك الاديان السماوية هو القاسم المشترك بينها وهو الرابط الاجتماعى الذى تقيم عليه نهضتها وتؤسس من خلاله وحدتها . اما شعائرها التعبدية ومذاهبها الاعتقادية المتناقضة بينها فهى الصورة التى تعكس التعدد والتنوع الطبيعى الناشئ فى ظل الخيارات المسموح بها من قبل الخالق العظيم ( لا اكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغي ) . لتتحمل كل فئة مسئولية اختيارها بعد ان بين لها الخالق الحكيم الحق من الباطل والمصير الذى اعده لكل فئة . ولاغضاضة اذن بعد تبيان هذه الحقيقة فى ان يشترك مسلمو ارتريا ومسيحيوها فى وضع صيغة موحدة للمنظور الاخلاقى الذى ستعتمده الارادة السياسية والشعبية فى تسيير شئونها العامة والخاصة على حد سواء . ومن ثم ننطلق لتفعيله حتى يؤدى دوره الطبيعى كصمام امان ينظم مسار القوانين والتشريعات ويضبط السلوك العام لأفراد المجتمع الارترى ويحمى حقوقهم فى ممارسة شعائرهم المقدسة وتبنى ثقافتهم الخاصة وفق رؤاهم وقناعاتهم .

وبناءا على ماسبق ندرك ان اقامة دين الله الواحد من خلال نظامه الاخلاقى البديع هذا هو مسئولية اصحاب الكتب السماوية جميعهم تحقيقا لارادة الله سبحانه وتعالى : ( ان اقيمو الدين ولاتتفرقو فيه )( لا تتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )  ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقووذكرو نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداءا فالف بين قلوبكم واصبحتم بنعمته اخوانا ) . وعليه ندرك ان للتدين مفهومه المتطور الذى يسعى لتوحيد اطار السلوك العام للمجتمع الانسانى وتغليب نظرته الجماعية على الفردية بحمايته من التنافس والصراع ومن التفلت والانحلال ومن التشتت والضياع .

 

ذكرى الاستقلال: –

ان فصائل المعارضة الارترية مطالبة اليوم اكثر من اى وقت مضى بتحسس مشاعر الجماهير الارترية والعمل على تحقيق تطلعاتها فى الوحدة الحقيقية بمفهوم يتجاوز المكاسب التنظيمية الضيقة وباسلوب يضمن مشاركة الجماهير فى كل خطوة من خطوات الوحدة وتحرير الارادة . كيف لا والجماهير تؤمن بأن محاولات تمزيق وحدتها مصيرها الى الفشل وبأن شعلة سبتمبر العظيم  التى كانت تضيئ طريق الاحرار ستشتعل مجددا لتحرق اصابع من يحاولون تزييف ارادة الشعب . نقول هذه لنجدد فى هذه الذكرى التاريخية  مواقف الشهداء الذين خضبوا تراب الوطن بدمائهم الزكية ليجعلوا من ذكرى الاستقلال ناقوسا ينبه الغافلين ويحذر المتآمرين ويردد انشودة الزاحفين نحو الغد المشرق غد الحرية والعزة والكرامة .

    عمر محمد صالح                   

مسئول اللجنة الاعلامية                

بحركة اتحاد الشباب الثورى الارترى ( سابقا)

hezbena@yahoo.com  

 

(2)

1- شروط النهضة

نهضة اى امة من الامم ترتبط ارتباط وثيق بمشروعها الحضارى الذى تتبناه وتسعى الى تحقيقه هذا ولكل مشروع نهضوى خططه الاستراتيجية والمرحلية التى لابد لها من ان تراعى مطالب المرحلة التى تباشرها وافرازات الواقع الاجتماعى الذى تتصدى لمعالجته . لنستدرك من كل ماسبق ذكره ان النهضة حتى تتحقق كما ينبغى لا بد وان تتوافر لها شرطان اساسيات هما الفكرة والانسان، فكرة قادرة على صنع الحضارة وانسان قادر على حمل اعبائها وليست كل الافكار صالحة لصنع الحضارة التى نريد وليس كل انسان قادر على القيام بأعبائها .

تنتهى الى ان الفكرة التى نريد شروط واجبه التحقيق كما ان للانسان الذى يحمل هذه الفكرة مواصفات خاصة يجب ان تتوفر فيه فالفكرة مثلا يجب ان تكون صالحة لتأسيس مجتمع جديد والانسان الذى ينتسب اليها يجب ان يكون صادقا لدرجة تمكنه من تحمل عبئ الفكرة والدعوة لها والاستشهاد فى سبيلها .

الشرط الاول : الفكرة :

مما سبق ندرك ان اهم شروط النهضة هو وجود فكرة يتأسس عليها مشروع النهوض والواقع يشهد بأن وجود الفكرة ليس مجرد شرط من شروط النهوض ولكنه الشرط الاساسى الذى يتجاوز فى الاهمية ماعداه من الشروط فبدون وجود فكرة واضحة يجتمع الناس على تبنيها يستحيل نهوض الامم والمجتمعات .

ذلك لأن الفكرة هى مصدر الالهام والحماس القومى وهى اساس المشروع النظرى المتعدد الابعاد والمضامين ( الفلسفية والسياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية ) وسواء كان مشروع الفكرة ( دينيا او وضعيا) ( فلسفيا او سياسيا ) فإنه من الواجب ان يحظى بمجموعة مواصفات هى الوضوح والعقلانية والابتكار والشمول:-

اولا الوضوح :-

لابد ان تكون الفكرة واضحة يفهمها الناس ويؤمنون بها ولا يكفى ان تكون واضحة فى ذهن المفكرين او المثقفين او صفوة الامة فالنهوض الحضارى لا يتعمد على اقلية مهما كان شأنها بل تعتمد على حماس عموم الامة وايمانها بفكرة تتيقن انها قادرة على وضعها

للدرجة التى تدفع بهذا العموم والاندفاع والتضحية فى سبيلها لأن ذلك التداقع والتفاعل الايجابى من قبل المجتمع لايلغى دور الصفوة او القيادة ( سواءا كانت فكرية او سياسية ) . فالقيادة تلعب دورا حاسما بحكم استثنائها ووعيها وصلابة ايمانها وقدرتها على جعل الفكرة اكثر وضوحا واقرب للتنفيذ .

غير ان الصفوة ومهما كانت امكانياتها تظل عاجزة لوحدها عن النهوض بعبء الامم والمجتمعات . ولهذا كان لابد من اعطاء الجماهير دورا ايجابيا يمكنها من حمل الاعباء وتحمل المسئولية مناصفة مع القيادة .

ثانيا:- العقلانية

ان تتصف الفكرة بالعقلانية اى ان تكون قابلة للتحقيق فالافكار الطوباوية المجردة والاحلام البعيدة المنال تعجز عن خلق الالتفات الجماهيرى العام . وما لم تؤتمن الأمة بعقلانية الفكرة ومعقوليتها فانها تنصرف عنها وقد تقاومها او ربما تتسبب فى انتكاستها وجرها الى مزيد من اليأس والاحباط .

هذا ولنأكد ان معيار العقلانية لدينا مازال نسبيا ، فليس المقصود بالعقلانية الافكار البسيطة المجسدة التى يمكن ان يتلمسها جميع الناس وبدرجة واحدة . بل الفكرة العقلانية هى الفكرة الواقعية فى ذاتها وان بدت للأكثرية كحلم بعيد المنال . اذ يكفى ان تتسم الفكرة بدرجة كبيرة من المعقولية للمؤمنين بها تجعلهم قادرين على توسيع دائرة الاقناع وكسب المزيد من الانصار والمريدين .

ولايعنى ذلك بحال من الاحوال تجريد الفكرة من الهالة المعنوية والقدر الكبير من الاحلام والآمال . بل ان عقلانيةالفكرة توجب انطوائها على حلم كبير وآمال عظيمة . فالحلم والامل هما اللذان يلهيان الحماس ويدفعان اللنهوض ويخلقان القدرة لدى الناس على التضحية والفداء .

اذن المقصود بعقلانية الفكرة هو الابتعاد بها عن الآمال المزيفة والاساطير القريبة من عالم المثيولوجيا .. فهذه وتلك ليست سوى سراب زائف يجب ان نتحاشى الوقوع تحت تأثيراتها .

ثالثا :- الابتكار

ان نحمل الفكرة صيغة مبتكرة مبدعة ونابعة من صميم تراث الآمه وقيم واقعها الاخلاقى . فالافكا ر المبدعة هى التى تفجر امكانات النهوض وتحشد آلآمه وتجعلها تقبل التضحيات . ولايكفى لتحقيق النهوض مجرد الرغبة والرجاء بل لابد من فكرة خلاقة تشعر الآمه معها بعظمة ادوارها وضرورة مساهمتها.

رابعا:- الشمول

وأخيرا ان تتميز الفكرة بالاحاطة والشمول لتنهض الامة من خلالها الى معالجة واقعها الممزق وحرمتها المنتهكة ومستقبلها المهدد . فالفكرة التى لاتحمل فى طياتها الحلول الجزرية لكل مشكلة نعانى منها لا تستحق ان نبذل من اجلها ماتبقى من مكتسبات او ماندخره من طاقات لم تتفجر بعد

الشرط الثانى : الانسان

الانسان بطبعه كائن اجتماعى تصطرع بداخله دوافع الخير والصلاح مع دوافع الشر والفساد وتتجاذبه غرائز السلطة الفردية حينا وغرائز السلطة الجماعية حينا آخر . وتستعر فيه نوازع الجحود والانانية تارة ونوازع القبول والتسليم للاغلبية تارة اخرى . ليظل متارجحا بين الجانبين حتى تخضعه البيئة التى ينتمى اليها بمزاجها وسلوكها وعاداتها فيسلم امره لها نزولا لرغبة الجماعة ومقتضيات التفاعل الاجتماعى . ومن هنا ندرك مدى تأثير البيئة وقدرة الانسان على التكيف مع معطياتها ايا كانت وبطبيعة الحال لا يعنى تسليمنا لهذه الحقيقة ان كل مايتعاطاه الانسان اثناء تفاعله مع البيئة التى حوله بمعزل عن الواقع الذى يحلم به ويريده . ولايعنى ان المجتمع بحد ذاته اصبح يفرز هذه البيئة برغبته وارادته . بل هي ربما ناجمة عن وجود عوامل اخرى تتنازعه وتشكل بداخله مراكز ضغط تعمل على بلورة وعيه السياسى والاجتماعى والاقتصادى والثقافى ومن ثم تتجه الى  صياغة مزاجه وبلورة شخصيته من وراء الكواليس وعبر وسائل الاعلام القسرية التى تجبره على التعاطى مع وجهة نظرها المتوافقة مع وجهة نظر الحكام (تملقا منها ورياء) لتخرج لنا بيئة غير صالحة لنهوض المجتمع وغير عابئة لدوره الحاسم فى افراز المعطيات التى تحقق لانسانها ارادته وتترجم طموحه وتطلعاته ومن هنا يأتى دور فكرة النهوض ودور انسانها الذى يؤمن بها ولا يتعاطى الا مع الواقع الذى يحلم به ويريده .

 ذلك باختصار هو مشروع المنهجية وتلك هى عناصرها والانسان هو موضوعها ورائدها فلانهوض لامة تقلل من شأن الانسان او تجعل منه مجرد آلة لتفريغ المكاسب والثمار لحفنة من افراد المجتمع . ولاحضارة لأمة لاتعتنى بفكر ابنائها ولاتستمر قيم الانسان ومبادئه الاخلاقية العليا لصالح نهوضها ورفعة شانها

 

    عمر محمد صالح                   

مسئول اللجنة الاعلامية                

بحركة اتحاد الشباب الثورى الارترى ( سابقا)

hezbena@yahoo.com

 

منطق التفكير والحوار ( 3 )

خيارنا الديمقراطي بين

سندان التعايش ومطرقة الصراع

الديمقراطيه مفهوم حضاري له أبعاده الثقافيه والتاريخيه والياته السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه القابله للتفاعل مع جذور المجتمع الذي يتبنى سعارها ويسعى الى ترجمة مفاهيمها ومضامينها المعرفيه والسياسيه .                    

الديمقراطيه لذلك تعتبر مجرد أوعيه فكريه ومباني سلوكيه لتنظيم حركة المجتمع ؛وليست قوالب جاهزه كمانظن ونتعارف عليه حتى لانفرض الياتها ععلى المجتمع بشكل قسري وبصوره تتناقض مع المفهوم الحقيقي للديمقراطيه .ذلك أن لكل مجتمع انساني الحق في اعادة صياغة مفردات ذلك المفهوم وصناعته ليتوافق مع أهداف المجتمع وغاياته الانسانيه المتغيره التي قد تختلف ضرورتها وحاجة المجتمعات لها باختلاف ظرفها التاريخي وتداعيات بنائها الثقافي والمعرفي وأولويات المرحله التي أصبحت مستعده لبلوغها والوصول الى مشارفها لتعبر عن مستوى وعيها الحضاري والتنظيمي.

فالمجتمع المتحتضر اذن هو ذلك المجتمع الذي يختار اليات تنظيمه بنفسه وبصوره اراديه ليست املائيه أوتقليديه ليعمل على تحقيق مطالب الشعب وتوسيع أوعية المشاركه لابناءه بصوره عادله تسمح لهم جميعهم بحرية التعبير واتخاذ القرار الحر الذي يترجم طموحهم ويتناسب مع قدراتهم وميولاتهم ورغباتهم الحقيقيه في التطور والتفاعل والتداخل والتعايش السلمي داخل منظومة المجتمع .                             

ومع وضوح هذا المفهوم وسهولة ادراكه وبساطة مفرداته الا أننا لازلنا نجد صعوبه في فهمه وعند ممارسته وتطبيقه ؛ وذلك أمر يجعلنا نشك في سلامة عقولنا ونزاهتها ايضا ؛ ويجعلنا نعطي مجتمعنا الحق كل الحق في أن يظن  بقياداته السياسيه الظنون ..لانها لم تراوح مكانها منذ مراحل الكفاح المسلح وحتى يومنا هذا ؛ ولم تنجح في معالجة مشاكلها الخاصه ولم تطور وسائلها ومناهجها وبرامجها السياسيه لتضيف شيئا جديدا الى رصيدها يذكره التاريخ لها سوى عجزها الصارخ امام حالة المجتمع وقضايا تركيبته السياسيه والثقافيه والعرقيه المعقده والمتشابكه.. ولانها أيضا (لطبيعة حالها)لم تعلن عن عجزها هذا بكل صراحه ووضوح بل عبر لسان حالها عنه بالهروب تاره وبالتجاهل تاره أخرى حتى تفاقم الوضع وتأزم أكثر مماكان عليه في مراحله الاولى ؛وعوضا عنه تريد الان أن تصب الزيت في النار (أن ترفع من حدة تلك الحاله الاجتماعيه المعقده)بتبنيها لمبدأ الصراع السياسي كمفهوم ديمقراطي وخيار سياسي للمجتمع دون مراعتها لكون هذا الخيار يتوافق مع الحاله الراهنه وينسجم معها أمأنه سيزيد من حالة الاضطراب الاجتماعي والسياسي في المستقبل القريب أو البعيد ويتسبب في تفجر أوضاع جديده يصعب معالجتها كنشوب حرب أهليه مثلا أو ظهور كيانات اجتماعيه تطالب بحقها المستقل سياسيا (حق تقرير مصيرها)؛وذلك أمر متوقع لانه من افرازات الوجهه السياسيه التي تتبنى الصراع كوسيله مشروعه لانتزاع الحقوق؛ وهي بلاشك وجهه خاطئه علينا الاسراع في تصحيحها قبل أن تضع المجتمع الارتري أمام خيارات صعبه يستحيل التكهن بتداعياتها ونتائجها .                        

وحدة الخيار السياسي:-                                                                            

 لاشك اننا الان ندرك أكثر من أي وقت مضى مدى حوجتنا لتوحيد خياراتنا السياسيه ومعالجة حالة الانقسام التي اصابت الشارع السياسيي وجعلته يسير في اتجاهين متضادين ..اتجاه مؤيد لمبدأ الصراع وآخر يرفضه ويعتبره منافي لمبدأ التعايش وطارد لعملية الوحده التي يتعلق آمال المجتمع الارتري عليها طحل جزري للازمه السياسيه الراهنه .ومع أن لكل فريق أسبابه ومبرراته التي تجعله متشبثا برأيه وموقفه السياسي الا أن توحيد هذه الخيارات السياسيه المتناقضه أمر ممكن اذا أردنا حقا الوصول الى شاطئي المستقبل الامن.                                                       

خاصة وان الشعب الارتري كمجتمع ناشئ ــ خرج لتوه منرحم الصراع السياسي والعسكري والتبعيه والهيمنه الاستعماريه التي احتضنته لقرون طويله من عمره التاريخي ــ لمتسنح له من خلالها الفرصه المواتيه ليسترد عافيته ويستعيد توازنه ليقرر مصيره ووجهته السياسيه بحريه كامله ؛ لذلك نرى أنه ليس من العداله بمكان أن نحاول نحن كنخبه سياسيه تقرير هذا المصير نيابة عنه.. لنستغل الفراغ وحالة الصعف والتفكك التي أصابت بنيانه الفكري والسياسي والاجتماعي جراء الهيمنه المستمره التي مورست عليه من الانظمه الاستعماريه المتعاقبه ومن قبل النظام السياسي الجاسم على صدره الان .                                                       

وليس من العداله كذلك أن نعطي أنفسنا حقا لانملكه لمجرد أننا الان نتمتع بالامن وشعبنا هناك يتعرض للخطر ويبحث عن الذي يدافع عمه وينقذه من براثن الموت البطيئ والضياع المحقق ؛ بل الواجب يحتم علينا أن لانتعالى على الحقائق وأن لا نطوي عنقها حتى تسير فى الاتجاه الذى نريد ؛ ويحتم علينا ان لانتردد فى تطويع انفسنا للحقيقة مهما كانت حتى نوحد الأمة الارترية ونجمعها حول غاية سياسية واحدة وارادة وطنية واعدة متأهبة للتنازل عن حقوقها متى مااصطدمت بحق الشعب ومستعدة كذلك لتدفع بمكتسباتها الفردية والحزبية الموروثة ثمنا زهيدا للوصول الى خيار سياسى موحد يحمى مجتمع الارترى كافة من الاصابة بعدوى التنافس والصراع السياسى حول سلطة هى من حق الجميع وليست حكرا على النخبة السياسية .

ذلك هو خيارنا الصائب الذى ان نجحنا فى تحقيقه وارساء قواعده الاخلاقية عندها فقط سننجح لامحالة فى جعل نزاهة الممارسة السياسية غاية ( سياسية ) نبيلة نرفع بها من رصيدنا الفارق ونعلى من شأننا المتواضع الى مستوى الرمز والمثال الوطنى الذى يحتذى به ويتطلع اليه المجتمع الارترى عامة والشباب خاصة ايمانا به وثقة بفعاليته وجدارته واستحقاقه للتأييد والمناصرة .. حينها سنفاجأ جميعا بتدفق الشيب والشباب الينا من كل حدب وصوب تلبية لندائنا ووقوفا الى جانبنا لأننا حققنا امانيهم وتطلعاتهم فى الوحدة والسيادة والسلطة .

ومن ها يظهر لنا جليا حق الجماهير العريضة فى تحقيق حلمها المشروع للتحول من مجتمع القطيع الى مجتمع الدولة ذات السيادة الجماهيرية الوحدة التى تعترف رسميا بحق الشعب الارترى المهضوم فى ممارسة ادواره وصلاحياته السياسية داخل اروقة مؤتمراته الشعبية الاساسية تفعيلا لوجوده الاجتماعى المفقود وتاسيسا لكيانه السياسى المنشود .

وبذلك فقط نؤكد مصداقيتنا وجديتنا امام المجتمع عندما نتحدث عن حقوق الشعب ومطالبه السياسية والاجتماعية المشروعة ؛ ونكون حقا قد تجاوزنا منعطفات المرحلة السابقة ( المظلمة ) وحقيقة اقبلنا على خطوة تاريخية جديدة غير مسبوقة واحرزنا كسبا سياسيا عجزت عن تحقيقه كل المجتمعات الاخرى التى تتشدق او تدعى بانها متقدمة رغم انها لم تراوح مكانها ديمقراطيا ولم تزل انظمتها السياسية متشبثة بعقلية قرونها الوسطى الاستعمارية .

 

 

عمر محمد صالح

مسئول اللجنة الاعلامية

لحركة اتحاد الشباب الثورى الارترى ( سابقا)

hezbena@yahoo.com

 

منطق التفكير والحوار ( 4)  

نظام نذاهه وطني …لماذا ؟

أصبح من المسلم به أن يجمع الناس على أن اراء السياسيين وتصريحاتهم التي تتردد في وسائل الاعلام وتنادي بالديمقراطيه وحقوق الانسان وسيادة القانون وحماية الشعب .. ليست سوى جمل تكتيكيه وعبارات استهلاكيه للمناوره وكسب الوقت وتشكيل راي عام مساند ليس الا . مما جعل المواطن العادي يفقد ثقته في العمليه السياسيه برمتها ويعلق على اجراءاتها ووعودها ويصفها بأنها مجرد كذب ونفاق .. ذلك لأن التجارب عركته وجعلته يعي  أن مايقال ويكتب من قبل الساسه لاأثر له على ما يطبق عمليا على أرض الواقع .. وهذا ان دل على شئ فانما يدل على مستوى الوعي المتقدم الي بلغته الاوساط الجماهيريه . 

الأ مر الذي أصبح يهدد استمراريه وجود مثل هذه الممارسات من قبل النخب السياسيه .. وأصبح يطالبها بتطوير خطابها والارتقاء بممارساتها الى سقف الواجبات والمهام التاريخيه الراهنه حتى تواكب هذا الوعي الجماهيري الزاحف نحوها ..وحتى تسرع دون ابطاء في تأسيس نظام نزاهه وطني من شأنه أن يقوم بمحاسبة من في السلطه عبر اليات جديده تتمتع بدرجه عاليه من المصداقيه والكفاءه والفاعليه والصلاحيه تمكنها من الرقابه والمتابعه اللصيقه والمحاسبه المستمره والتأثير المباشر على مواقع اتخاذ القرار..

ذلك لأن هذا النظام يعد بحق قفذه حقيقيهنحو الامام لكونه يحقق آمال وطموح القاعده الجماهيريه بأكملها .. ويؤسس نهج حضاري متقدم أهم مافيه القناعه بأن القضايا المتصله بشئون الحكم يجب أن تعالج في اطار كلي يشترك فيه جميع أفراد المجتمع الارتري .. كما يجب أن تعالج جزريا وبشكل حاسم لايقبل تجزئة هذه القضايا وترحيلها الى مراحل زمنيه لاحقه كي لايؤدي ذلك الى تراكمها وتعقدها أكثر مما هي عليه..أو يؤدي الى صعوبه التعاطي معها بعد أن تتطور الى حاله اجتماعيه طبقيه ذات توجه عرقي أو طائفي ..والى أنماط سلوكيه متمرده على قيمها الاجتماعيه والدينيه ولا يهمها سوى الدفاع عن وجودها المرتبط بتلك الوضعيه الخاطئه ..أو تبرير اعتقادها الاقصائي الذي يجعلها تؤمن بقضايا انصرافيه بحته دون وعي منها لتؤكد بأنها محقه وغيرها يجانب الصواب ..الأمر الذي أصبح يهدد بتجذئة المجتمع الى وحدات وشرائح متصارعه تتبنى مصالحها ووجهة نظرها ومستعده لتقف في خندق معادي للفئات الاخرى . 

ان انهاء أزمه اجتماعيه بهذا الحجم وايجاد حلول جزريه لها هي من أولويات هذه المرحله التي نقف على أعتابها الان….مما يستدعي منا ذلك الى توخي الحذر ونحن نلبي احتياجاتها الراهنه والى التعامل بشفافيه ومصداقيه أكثر مما نحن عليه الان .. وذلك لتهدئة  الاوضاع ونقلها الى طور صحي ومناخ اجتماعي متفاعل مع أطروحات هذه النظريه السياسيه الجديده التي ستمكن الجماهير العريضه من الامساك بخيوط العمليه السياسيه ومن المطالبه بتوحيد مواقف المسلميين والمسيحيين وتحديد برنامجهم السياسي الموحد وتوجيهه لتأسيس دوله ارتريه مستقله تعترف بسيادة الشعب وتحترم حريات المواطنين وتحافظ على كرامتهم كهدف سامي وخطوه تصحيحيه تحديد ملامحها الان يمهد الطريق لتحقيق آليه سياسيه عادله من شأنها أن توحد كيان المعارضه وأن تطرح صوره مغايره للممارسه الديمقراطيه معتمده في ذلك على مبدأ المشاركه والمحاسبه

والشفافيه وعلى خطط استراتيجيه لتنمية القدرات الماديه والبشريه كهدف رئيسي لانعاش جسد الامه الارتريه وانتشاله من بؤر الفساد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي .

ان المحصله النهائيه للممارسه السياسيه في اي مجتمع  يجب أن تتلخص  في تحقيق الامن والاستقرار والحريات وسيادة القانون واقامةحكومه وطنيه مقيده بسياسة الشعب وبمطالبه المرتبطه بتأمين معيشته واستقلال ارادته وسيادة قراره .

عمرمحمد صالح

bladiyat@yahoo.com

 

منطق التفكير والحوار(5)

 

نظام نزاهه وطني ..لماذا ؟

 

ذكرنا في الفقره الأخيره من المقاله السابقه ان المحصله النهايه للممارسه السياسيه في أي مجتمع يجب أن تتلخص في تحقيق الأمن والاستقرار والحريات وسيادة القانون واقامة حكومه وطنيه مقيده بسيادة الشعب وبمطالبه المرتبطه بتأمين معيشته  واستقلال ارادته وسيادة قراره ..ذلك لأنه من العبث أن نمنح الحكومه المنتخبه صلاحيات مطلقه لتفرض وصاياها على خيارات الشعب وحرياته ..وكأنها اله يعبد  ــ  ( شأنها ولسان حالها أنها .. تسأل ولاتسأل .. وأن تحاكم ولاتحاكم .. تأمر ولاتؤمر ..تحاسب ولاتحاسب .. تعاقب ولاتعاقب …الخ ) —  ثم ننتظر منها بعد كل ذلك أن تنصف الشعب أو أن تصبح نموزج يحتزى به في الممارسه الديمقرطيه العادله .. كماأنه من الظلم أيضاأن نجعل سيادة الشعب وسلطته وثروته تركه أوورثه مخصصه لحفنه من المجتمع لهم فيها حرية التصرف وكامل الحق في التمتع بمكاسبها وصلاحياتها دون سائر  أفراد المجتمع الارتري (المغلوب على أمره) . فالى متى سنتجاهل حقوق المجتمع الشرعيه هذه ونسقطها من حساباتنا عمدا لنخالف منطق الاشياء وطبائع الامور التي نحن في امس الحاجه الي تسليط الاضواء عليها لاستنباط القواعد والقوانين الاجتماعيه العادله منها .. لقد آن الاوان لنصحح أولوياتنا ونعيد ترتيبها حتى يرتفع ايماننا بقضية المجتمع الارتري المتظلم الى مستوى الحقيقه التي تجعل منا موقنين بأن ما لا يتم الواجب الا به فهو واجب ومن ثم نجمع على صحة هذا المسار الجديد الذي يؤ كد لنا بأن نظام النزاهه الوطني  ضروره اجتماعيه لايتم واجب الحكومه الرشيده الا بها..فنتفق فور ادراكنا لهذه الحقيقه على وضع أسس موضوعيه  لبرنامج وطني يقيد الحكومه ويخفف تركيز السلطه التي في متناولها . ولا نعني بذلك أن نؤسس هياكل ومؤسسات هزيله تقام فقط لحفظ المظهر أو لتلعب دور المخرج وهي عمليا بعيده كل البعد عن قضايا الناس لانشغالها بعمليات تجميل لوجه النظام الحاكم أو لايجاد مبررات لممارسته الخاطئه .. كلا ـ انما نعني ايجاد نظام للمحاسبه يقيد الحكومه ويجعلها  لاتسطيع تجاوزه ولايمكنها تحقيق المصلحه العامه للمجتمع الارتري بدونه .

     ومن مميزات هذا النظام أنه يوزع السلطه وينظم ممارستها حتى لاتكون حكرا على فئه معينه ..كما يحرص على تقسيمها وفق معادله موزونه  وصلاحيات محدوده في كل مستويات الحكم .. ليبرز الى الوجود دور الكيان الاجتماعي في المشهد السياسي كشريك في السلطه وادارة الحكم .. وينهي بذلك الحصار المضروب على المجتمع المدني لعزله عن ممارسة أدوار سياديه موازيه لأدوار الاداره الحكوميه ومكمله لها .. كما يطرح علنا آليه سياسيه جديده تتوج أدوار الكيان الاجتماعي وترتقي بها الى مستوى الحقوق والصلاحيات السياديه المنوطه بها حتى توازي أدوار الكيان السياسي وتتساوى معها في القيمه الاجتماعيه (أدوار المجتمع = أدوار الحكومه) ..  ومن ثم ليؤكد لنا هذا النظام أن الغاء أدوار المجتمع في معادلة السلطه والحكم هو تفريغ مباشر لأدوار الحكومه من القيمه الاجتماعيه (أدوار المجتمع _أدوار الحكومه = 0) .. وبذلك يحصد المجتمع الارتري  كله ثمار هذه المحصله المنطقيه للقيمه الاجتماعيه  الجديده التي سيرسيها نظام النزاهه الوطني ويفعلها بقوة القانون لانهاء أزمة الصراع والتنافس حول قيم اجتماعيه زائفه منطقها الوحيد أنها تريد أن تطرح معادله سياسيه غير موزونه تمنح من خلالها شريحه من المجتمع حقوق وأدوار  وصلاحيات المجتمع الارتري بأكمله .. لتحرمه ممن مميزات السياده والسلطه والثروه ومن ثم تلقي بها في متناول نخبه قادره على أن تهيمن على كل شيء .

    ومن هنا يأتي دورنا كفعاليات سياسيه وشرائح مثقفه ونخب متعلمه تعي حدود امكانياتها ومساحة قدراتها لتباشر مهامها التاريخيه بكل جرءه وشجاعه ووضوح لتغير هذا الواقع المزيف وتصحح مساره من خلال الحوار الديمقراطي وتعبئة الرأي العام حتى يدرك كل فرد في المجتمع أنه من الصعوبه بمكان أن يكتمل بناء الدوله مالم ندعمه بنظام نزاهه وطني ومالم نشرع في اقامة آلياته السياسيه المتمثله في مؤتمرات شعبيه تؤسس في الاحياء والمناطق والاقاليم لنقل أفراد المجتمع السوداني من طور الجمود والتهميش والاقصاء الى طور نشط مواكب لمتطلبات تسييس وضبط هذا الحراك الاجتماعي الناشط وتوجيهه الى غاياته المرصوده نحو مرافئ التقدم والازدهار السياسي والاجتماعي والاقتصادي . هكذا بكل وضوح نكشف للمجتمع الارتري ملامح المعطيات التي يجب أن تفرزها العمليه السياسيه كواقع اجتماعي عادل يؤهل الجميع لممارسة حياتهم السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه في اطار دوله تعترف بهذا الواقع وتسعى الى تطويره وحمايته من الانتكاس – (أي من العوده الى مربع الاحتكار للسلطه والاستغلال للنفوذ والتلاعب بالادورا والصلاحيات والحقوق الاجتماعيه ) –

     وذلك من خلال فرض هيبة الدوله وسيادة القانون وتكامل مهام السلطه العسكريه والقضائيه والاعلاميه واستقلالها في ذات الوقت عن السلطه السياسيه وخضوع جميع هذه السلطات لموجهات الدستور الوطني الذي يحدد نطاق أدوارها وحدود صلاحياتها حتى يحافظ على كفة التوازن في معادلة السلطه المتداوله بين طرفي الكيان السياسي والاجتماعي .

     اذ أن من شأن تناول الدستور لهذه التفاصيل أن يحمي المجتمع الارتري من تكرار سيناريو الحكومات الغوغايه التي تؤمن بنظرية الصراع وتعتمد ممارستها على الهيمنه والاستكبار ولاتستحي من جعل المجتمع خصم لدود تزيغه ألوانا من القهر والاستعباد ولا تخشى عواقب اهدار انسانية الانسان .. لتخلف وراءها أجيال منسلخه عن أدوارها الاجتماعيه لفراغ محيطها السياسي والاجتماعي من الغايه الانسانيه .      

     وختاما  نرفع الأكف للمولى عز وجل ونسأله ضارعين أن يمدنا بالعون والتوفيق حتى يرى مؤتمر الحوار الوطني النور ويصبح صفحه مشرقه من تاريخ نضالنا الثوري نطوي به صفحة ماضينا المظلم ونستقبل عبره رؤى جديده لواقع سياسي غير مسبوق .

ان هذه الافكار التي أسميتها منطق التفكير والحوار ليست سوى نداء وحافز لكل من يحب أن يساهم في تشكيل عناصر المستقبل وتحديد ملامحه .. انهاأحرف من نور  أهديها لكل من يجد المعنى الحقيقي لحياته من خلال مساهمته في ارساء هذا المفهوم  الحضاري الجديد وترجمته على أرض الواقع .

 

 عمر محمد صالح

bladiyat@yahoo.com

 

منطق التفكير والحوار(6)  

 

نقــد العقـليه الاقصـائيه

في فهم الوظيفه السياسيه

طـريقـنا نحـــو الموضوعيه

 

ان الوظيفه السياسيه هي الركيزه الأساسيه التي يقوم عليها بناء المجتمع .. وهي أولى الوظائف الحيويه التي تعتمد عليها الاراده الشعبيه أثناء ممارستها لأدوارها وصلاحياتها وحقوقها السياديه .. التي يكفلها الدستور ويدعمها القانون في ظل نظام سياسي يحترم الحريات والحقوق والخيارات الاجتماعيه ..نظام يعترف بسيادة الشعب وحقوق الانسان وكرامة المواطن .

    ذلك لأنها السبيل الوحيد لارساء أسس العداله والديمقراطيه .. التي اعتدنا أن نرفع شعارها ونحن نجهل أن انزالها الى أرض الواقع يعني مطالبة أولي الأمر بتطبيق هذا المنهج السياسي العادل القائم على الثوابت الأخلاقيه .. كما يعني محاكمتهم  عند تجاهلهم  لحقوق وأدوار وصلاحيات المجتمع السياديه .. التي تعبر عن ولاء الفرد لقيمه الاجتماعيه ومثله العليا كشرط من شروط وحدة الكيان الاجتماعي وتماسكه . الا أن هذا الغياب للمنهج السياسي العادل وذاك التجاهل المتعمد للحقوق  والصلاحيات والأدوار الاجتماعيه أديا الى بروز خلل في البناء التنظيمي للمجتمع  ساهم في شرخ جدار المنطق السياسي وسمح بمرور القيم الزائفه والممارسات اللاأخلاقيه الى شرايينه .. وأفرز نتيجة لزوبانه فيها أوضاعا مأساويه دفعت الكثير من القيادات التاريخيه والحديثه لتبني مالايعتقدون من المبائ والقيم السياسيه المتناقضه دفاعا عن وجودهم واثباتا لحقوقهم الموضوعيه بطرق تفتقر الى المشروعيه والى روح التسامح والتوافق مع الآخر و حتى مع المجتمع .

     فكانت تلك الظاهره هي النتيجه منطقيه لذلك الانحراف الاخلاقي الذي أدى الى تجزئة الكيان السياسي الموحد بالفطره .. والىتفاقم وارتفاع في وتيرة الصراع القائم بين القيادات السياسيه .. والى تنافسها الى حد النزاع العسكري والتصفيه الجسديه والانزلاق عن الكيان التنظيمي الواحد والانشقاق عنه .. حتى أصبح تسجيل المواقف والانتصارات السياسيه على الاخر غايه في حد ذاتها لدى النخب السياسيه.. بل وأضحت وسيلتهم لتحقيق تلك الغايه هو التسابق للانفراد بحقوق الاراده الشعبيه ومكاسبها الشرعيه وتقليص ما أمكن من أدوارها المصيريه وصلاحياتها السياديه.. وذلك حتى لا يصبح للمجتمع الارتري كيان مستقل واراده حره قائمه بذاتها تطالب بحق الشراكه مع الكيان السياسي في سلطة تخذ القرار.. وحتى لايؤدي ذلك الى امتلاك المجتمع رؤيه سياسيه مستقله وآليه خاصه (مؤتمرات شعبيه) تمكنه من الاستفاده من المناخ السياسي المكفول ديمقراطيا لمزاولة الادوار والصلاحيات السياديه بصوره شرعيه .

  الامر الذي يجعلنا ندق في وعي المجتمع أجراس هذا الخطر .. وندعو الى الخروج من هذا النفق السياسي المظلم .. والى انهاء هذا الحصارالاجتماعي الظالم الذي يتعرض له أفراد المجتمع الارتري في الداخل والخارج على السواء ..ومن ثم التوقف عن استغفال المجتمع وتغييب وعيه عن ادراك آليته السياسيه اللازمه لتحقيق حاجاته ومطالبه الضروريه المرتبطه بحقه التاريخي في القيام بواجب المشاركه المباشره في عملية صناعة القرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي . ان ادراك هذه الحقيقه التاريخيه والازعان لها سيمكننا من الوصول الى أن تفريغ المجتمع من أدواره وصلاحياته أو تحييده وابعاده عن حقوقه السياديه قد أدى الى هذا التردي والانحطاط في أوضاعه الانسانيه والمعيشيه..كما أن ادراك هذه الحقيقه سيمكننا من معرفة هوية أدوار الثقافه السياسيه التقليديه(ثقافة النخبه) ..لتي هي ليست سوى أدوار استغلاليه مضاده لثقافة المجتمع ومناهضه لمصلحته.. ذلك لأنها ثقافه أجنبيه دخيله على العرف الارتري بزرها المستعمر كعرف سياسي (مسلم به) أراد له أنيتكاثر في أحضان الشريحه المثقفه ليكسبها عقليه انتهازيه (اقصائيه) ونظره استعلائيه تنزع الى القياده وتتشبث بحقها في ممارسة الادواروالصلاحيات السياديه نيابة عن المجتمع وبعزل عن ارادته الشعبيه وبصوره مخالفه لمشيئتها وغير عابئه لوجودها .. وبذلك ضمن المستعمر بقاء الوضعيه التي ستؤمن له في المستقبل تمرير مصالحه المتوافقه مع مصالح هذه النخب السياسيه المنفصله عن قيمها الأخلاقيه والمنعزله عن محيطها الجماهيري.. ومن ثم أصبحت نتيجة لذلك الانفصام وتلك العزله تتخبط في سيرها وبحثها عن أدوات ربط بديله للتواصل مع هذا المحيط الاجتماعي المهمش وفق معايير تتسم بالازدواجيه.

    ومن هنا يبرز لنا وبكل وضوح أسباب اعتماد النخب السياسيه سواء الحاكمه منها أو المعارضه بثقافتها النخبويه ونظرتها الفوقيه المنبثقه عن اعتقادها الخاطئ بأن الشعب المستكين والقابل للخضوع لايستحق أن يرقى الى مستوى الند المكافئ أو الشريك المحاسب ……..يتبع

      عمر محمد صالح    

bladiyat@yahoo.com     

 

 

منطق التفكير والحوار(7)

 

نـقـد العقـليه الاقصــائيه

في فهم الوظيفه السياسيه

طـريقـنا نحو الموضوعيه

 

      الامر الذي دفع النخب السياسيه الى المراهنه بحياتها لتؤكد بأنها تظل منفرده بسلطة اتخاذ القرار دون أن تترك مساحه للمشاركه من قبل شعبها .. مع تلويحها بأن كل من يعترض طريقها حتما سيخسر رهانه .. وهنا يتساءل الشرفاء وارباب العقول النزيهه-من أين تحصلت هذه النخب السياسيه على هذا الحق الذي أصبحت تلوح به و تريدمن خلاله أن تمارس دور الوصي على المجتمع الارتري (لتتميز عليه) ..؟؟ومن أوحى لها بذلك..؟؟ وكيف ستمارس كل وظيفه سياسيه يحتاجها المجتمع دون اللجؤ الى الشعب صاحب السلطه ومالك القرار الحاسم..؟؟

      انه خطأ جسيم ذلك الذي ترتكبه هذه النخب عندما تسرف في ظنها ويبلغ بها الغرور الى هذا الحد من التجاهل  لارادة المجتمع .. وكأنها لم تفطن الى أن الشعب الارتري المغوار الذي نازل الاستعمار وألحق به الدمار في ساحة المعركه .. قادر على المطالبه بعقد اجتماعي موثق ينظم العلاقه القائمه بينه وبين الحكومه داخل اطار الدوله (ليقرر مصيره السياسي بنفسه ).. وقادر على أن يفتحها (أي هذه العلاقه)بتوقيع القياده السياسيه على بند التنازل الفوري عن كيانها السياسي (الحزبي ) المنفصل عن كيان الشعب ..

      ذلك لأنها الخطوه الانتقاليه الوحيده التي معها يصبح كيان الشعب هو الكيان التنظيمي للدوله وتصبح الحكومه هي الاوعيه التي تضخ اراته وتغذي حاجاته ومطالبه الآنيه والمستقبليه ..ومن ثم بهذه القراءه الصحيحه للواقع السياسي القويم يستنشق الشعب الارتري أنفاس الحريه والديقراطيه والعداله .. ويبدأ زحفه المقدس من أجل استرداد حقه الطبيعي في السياده والسلطه والثروه.. من خلال ممارسته لأدواره وصلاحياته السياديه داخل أروقة مؤتمراه الشعبيه الأساسيه (على مستوى الأحياء) كخطوه مبدئيه .. تعبر عن قيام الشعب كسلطه حقيقيه تنبثق عنها جميع السلطات في المجتمع .. كما تعبر عن حقه الطبيعي في ممارسة هذه الحقوق السياديه :-

1-     حق تصعيد قراره الى أعلى المستويات التنفيذيه والتشريعيه .

2-     حق اجازة القرار الصادر عن الجهه التنفيذيه أو نقضه اذا انتهك الحقوق والمصاح السياديه للشعب.

3-     حق تعديل التشريع الذي تم صياغته من قبل المختصين من أعضاء المؤتمرا الشعبيه غير الاساسيه (الجهاز التشريعي على مستوى المنطقه أو الاقليم أو القطر)بالحذف أو الاضافه ومن ثم الاجازه .

4-      حق مراجعة ومحاسبة الاجهزه الحكوميه على ممارستها .

5-     حق انهاء صلاحيات الجهه المنفذه واستبدال أفرادها .. اذا أخلوابالأمانه أو تجاوزا حدود صلاحياتهم السياديه .

    هكذا نحقق شعار ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ).. وهكذا نعمق في وعي المجتمع مفهوم الممارسه الديمقراطيه الحقه .. التي يتسع نطاق المشاركه فيها ليشمل جميع أفراد المجتمع الارتري .. حتى يواكبوا خطوات اعداد التشريع وصناعة القرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي .. من خلال ارتباط آلية المؤتمرات الشعبيه الأساسيه (مؤسسات صناعة القرار الاجتماعي ) بآلية المؤتمرات الشعبيه الغير أساسيه (مؤسسات اعداد التشريع وصناعته) ارتباط وظيفي وتنظيمي .

     أما عن مرحلة تنفيذ القرار ونقله الىحيز التطبيق فتلك مرحله تنفرد بها الاجهزه التنفيذيه المصعد أفرادها من الأحياء الى مستوى المنطقه والاقليم والقطر .. ليصبحوا أدوات سياسيه فاعله ( وزراء) نطلق عليهم اسم أعضاء اللجان الشعبيه (علىمستوى المنطقه والاقليم ) واسم أعضاء اللجنه الشعبيه العامه (على مستوى القطر) .. ولن تجدوا بالتأكيد أي وجه للغرابه أو التعجب في اطلاق هذه التسميه عليهم .. طالما أنهم لاينتمون الى أي كيان تنظيمي آخر سوى الشعب .

 

عمر محمد صالح     

bladiyat@yahoo.com     

 

 

منطق التفكير والحوار(8)

 

نقـد العقـليه الاقصائيه

في فهم الوظيفه السياسيه

طريقنا نحو الموضوعيه

 

 اذ أن علامات التعجب والاستفهام .. ستبرز بكثافه ووضوح عندما تجدوا من بيننا من يعترض على انتمائه التنظيمي الى الشعب أو يرغب في الاستقاله عنه بكيان تنظيمي آخر (بديل) كالجبهه الشعبيه والحركه الشعبيه والحزب الديمقراطي …الخ . لنؤكد من خلال هذه القراءه أن المنطق الديمقراطي السليم هو الذي يقر لهؤلاء وأولائك بحق الانفصال عن كيان الشعب التنظيمي ان وجدوا لأنفسهم كيان آخر يناسبهم وأرض أخرى غير تراب الشعب الارتري ليقيموا عليها دولتهم المستقله .. ذلك لأن الشعب الارتري كغيره من الشعوب ماكان ليتنازل عن أرضه وكيانه النتظيمي وقراره السياسي وحقوقه السياديه لينضوي تحت مسمى كيان تنظيمي آخر .. وما كان ليتنازل عن سيادته وسلطته وثروته ليعمل لحاب سلطه أخرى تريد أن تستغله .. هكذا تقتضي العداله الناجزه وهكزا برتقي الشعب الارتري وكل شعب في ظلها أعلى منازل الكرامه الانسانيه .

     ومن ثم تبرز أمامنا بكل وضوح الوضعيه الطبيعيه المناسبه التي ينبغي أن نتفق عليها ونسعى لتحقيقها .. حتى تسعد أجيالنا الحاضره والقادمه بثمارها .. وترتقي عبرها الى مستوى الحقوق والأدوار والصلاحيات السياديه المنوطه بها .. وتصبح قادره أكثر من أي وقت مضى على التمييز بين الحقوق والواجبات وبين مصلحة الشعب والمصالح الاخرى وبين من يريد تحقيقها ومن يريد استخدامها قنطرة عبور لمصالحه الخاصه .. وعند ذلك سيتمكن كل فرد في المجتمع الارتري من تداول حقه الطبيعي في ممارسة السلطه داخل أروقة مؤتمره الشعبي الأساسي المقام داخل أحياءه الشعبيه (المنظمه) ودونما حوجه منه الى وصي أووسيط أو من ينوب عنه في حضوره ..

    حينئذ نستطيع أن نقول بالفم الملئان أننا أقمنا مجتمع ارتري جديد خالي من بؤر الصراع وقواعد الظلم ومنطق الهيمنه والاستغلال والاحتكار .. مجتمع ديمقراطي قائم بذاته .. يمارس علاقاته السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه بصوره عمليه .. ويتخذ تدابيره ويصرف شئونه بصوره مستقله .. انطلاقا من منطق الشراكه السياسيه القائمه بينه وبين حكومته ( الموظفه لخدمته ).. ومن واقع العقد الاجتماعي الموثق الذي وقعت عليه الحكومه اعترافا منها بشرعية العلاقه السياسيه القائمه بينها وبين الشعب وايمانا منها بحقوقه التاليه :-

1-   حق السياده الكامله غير المنتقصه .

2-   حق الرعايه الشامله لشئون أفراده الخاصه والعامه .

3-   حق الحصانه الدستوريه لأفراده وممتلكاته ومصالحها المرتبطه بحقه في التمتع بأدواره وصلاحياته الاجتماعيه .

4-   حق النقض للقرارات الحكوميه المخالفه لمبادئه ومصالحه ومطالبه العليا المنصوصه في العقد والتي يفصلها الدستور ويدعمها القانون .

    ومن هنا وحتى يسترد أفراد الشعب الارتري هذه الحقوق المنتزعه منه يحق لنا أن نتساءل .. أليس هذا هو الواقع الذي يحلم به كل فرد في المجتمع ليتحرر نهائيا من القيود التي أصبح يتظلم منها ؟؟ ألا يعبر ماذكرناه ويفسر المطلب الذي تفجرت من أجله ثورة الفاتح من سبتمبر بقيادة البطل حامد ادريس عواتي ؟؟ أم أن للعداله والحريه والديمقراطيه منطق آخر غير الذي تقدم ذكره ؟؟ أم هو الكبرياء الزائف والنظره الضيقه المرتبطه بالذات ومصالحها هي التي حتمت على القيادات السياسيه قبل بزوغ فجر الاستقلال وبعده لتحتال على الشعب حتى تبقيه بعيدا عن دائرة الضوء يناضل ويضحي بكل شئ تقطف هي بكل مكر ودهاء ثمار ما يبزله من جهد ..؟؟؟؟

                       …. يتبع ….

 

عمر محمد صالح     

bladiyat@yahoo.com     

 

 

منطق التفكير والحوار(9)

 

نقـد العقـليه الاقصـائيه

في فهم الوظيفه السياسيه

طريقنا نحو الموضوعيه

 

       ومن ثم لنرى في ظل هذا المناخ الآسن .. كيف أن القيادات السياسيه أخذت تتوالد بشكل بكتيري لتزيد من عفونة المناخ .. ولتطالب بقسمتها من المكاسب المنتظره .. التي تهيئ الوسط السياسي لانتزاعها من الشعب (بعد اسقاط النظام الحاكم ) عبر زريعة الانتخابات .هكذا أصبح مناخنا السياسي يفرخ مع صبيحة كل يوم قيادات وليده تدخل حلبة الصراع السياسي لتزيد من حدة المنافسه ولتقلل في الوقت نفسه من معدل الخبره والنضج السياسي .. ولا عجب بعد ذلك ان عجزوا جميعهم عن ادراك غاية وظيفتهم السياسيه .. وان أضاعوا طريق التعايش والسلام .. والوصول الى معادله سياسيه موزونه .. تجعل من كفة الأدوار والصلاحيات والحقوق السياديه لطرفي الكيان السياسي والاجتماعي .. في الميزان الأخلاقي متكافئه ومتعادله .

       ومن ثم ليعلم الذين ظلموا أنه قد آن الأوان ليدرك كل فرد في المجتمع الارتري أن تلك هي قضيتهم الأساسيه .. التي لاتعلوها قضيه أخرى من قضايا الوطن الشائكه .. وهذا هو واجبهم الذي يحتم عليهم .. أن يكونوا أبناء حقيقيين لهذا الشعب المقهور .. وأعضاء منتمين لكيانه التنظيمي .. وجنود مدافعين عن حقوقه ومصالحه التاريخيه العليا . ومنثم ليساهموا قدر امكانهم في كشف اللبس والغموض الذي يكتنف الادعاءات الزائفه .. التي يراد لها أن تحل محل الحقائق الثابته .. وهنا نذكر على وجه المثال لاالحصر .. ادعاء النخب السياسيه الحق في ممارسة السلطه بمعزل عن مشاركة صاحب السلطه ( الشعب ).. وبحجة التميز عليه بالخبره والمؤهل العلمي أو الاداري .. وردا على ذلك نقول :-

        ان ادارة السلطه( الدوله) مسأله فنيه لايتطلب القيام بها أن يتنازل صاحب الحق ( الشعب ) عن سيادته وسلطته عليها .. لمجرد أنه وظف أشخاص ليقوموا بادارتها .. ولا يعقل أن يأتي  شخص متعلم لمجرد كونه خبير في الاداره السياسيه أو الاقتصاديه أو الاجتماعيه أو القانونيه ..ليزعم أن هذه الخيره لايمكن الاستفاده منها الا اذا تنازل له صاحب المؤسسه المعنيه عن كامل حقوقه وأدواره وصلاحياته ( ليمارسها بالنيابه عنه ) .. والا لأمكن لكل من يحمل مؤهلا علميا أن يستولى على كل منشأه صاحبها جاهل بأسس الاداره أو لايجيد الكتابه والقراءه.. فالتاجر مثلا الذي لايحمل مؤهل يمكننا أن نفرض عليه أن يتنازل عن منشاته أو متجره لأن هناك الان من يحملون مؤهلا ويريدون أن يقوموا بواجب تسييرها بالنيابه عنه .. وهو أمر يثير الضحك لأنه يفتقر الى أبسط قواعد المنطق والاقناع .. ولهذا يرفضه العقل ويسخر منه.

       ولايعقل كذلك أن تستبيح القوانين والتشريعات هذا التعدي للحقوق الشرعيه .. اذ ليس من مهامها أن تقيد صاحب الحق وتجبره على التنازل …وليس من حقها أن تطلق يد المسئول الموظف ليمارس هيمنه كامله كامله على مصالح الشعب صاحب المؤسسه (السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه ) والمستفيد الوحيد من انشائها .. الا اذا أراد المشرعون استغفاله وابعاده عن مؤسسته( دولته ) ليسرح فيها الموظفون كيف شاءوا .. وهو حق لايملكه المسئول الموظف صاحب المؤهل العلمي .. بل هو حق حصري لصاحب المؤسسه (الشعب ) ..الذي يملك الحق في أن يوظف ويقيل ويحاسب من يشاء وكيفما يريد .. ويملك أن يضع اللوائح والقوانين المنظمه بنفسه أو بالاستعانه بمن يدعمه لحفظ ملكيته من تلاعب هؤلاء المحترفين .. وهو حق طبيعي يفرضه العقل والمنطق .. لهذا نقول لمن يمتهن حرفة السياسه ويحمل رتلا من الشهادات العلميه .. أن الخروج عن القواعد الأخلاقيه لهذه المهنه .. يعتبر نصب واحتيال وشكل من أشكال التطاول والاستخفاف .

                               ……. يتبع …….

 

عمر محمد صالح     

bladiyat@yahoo.com     

 

 

منطق التفكير والحوار(10)

 

نقـد العـقـليه الاقصائيه

في فهم الوظيفه السياسيه

طريقـنا نحو الموضوعيه

    والا لماذا تعد القيادات السياسيه نفسها لمطالبة الشعب للتنازل عن سيادته وسلطته وثروته ..عبر زريعة الانتخابات (النيابيه والرئاسيه) .. وهم يعلمون سلفا بأن الانتخابات لن تمنحه شيئا مما يروجون له سوى التجاهل والاقصاء ..؟؟ هل لمجرد أن هذه القيادات تمتلك الخبره العمليه لمزاولة الوظيفه السياسيه .. ولأن الشعب لم يتخذ خطوه عمليه للدفاع عن حقوقه السياديه.. أصبح من حقهم ملئ هذا الفراغ واغتصاب تلك الحقوق وحرمان المجتمع بأسره من التمتع بمميزاتها ..؟ أم أن ولائهم للثقافه الغربيه ولأدوارها السياسيه (التي تستدعي تنصلهم عن أدوارهم الوطنيه ) هو الذي يفرض عليهم اتباع هذا الخيار والتشبث به ..؟

     وكأنهم يجهلون أن السلطه التي يتحايلون للوصول اليها لاتعتمد فقط على المؤهل أو القدره على اتخاذ القرار والقدره على تنفيذه .. بل هي تعتمد في االاساس على حق اتخاذ هذا القرار وحق تنفيذه .. وهو مايتميز به الشعب بامتلاكه لهذا الحق .. فان تنازل لهم عن حقه هذا كما يخططون له .. أصبح هؤلاء (فجاءه) أصحاب السلطه .. وتحول الشعب (بين ليلة وضحاها ) من سيد يتميز بوضعيته المستقله عنهم .. الى مجرد تابع زليل لايملك من الامر شئ .. وحينها بامكانهم أن يهيمنوا عليه .. واذا قاومهم مارسو ما شاءوا من وسائل القمع والتعزيب والسجن والترهيب دون أن يعترضهم أحد أو يلاحقهم قانون .. وذلك لأنهم أصبحوا رمز السلطه والممثل الوحيد لها .. وبالمقابل تحولت قوات الجيش الشرطه والأمن والاستخبارات وكل الدساتير والقوانين والتشريعات .. التي كانت تحكمهم سابقا الى مجرد أدوات للتسليه مسخره لرغباتهم ولتنفيذ أوامرهم .

      أمن أجل الوصول الى هذه الغايه الاستعماريه (غير الانسانيه ) .. هم يتصارعون فيما بينهم ويختلفون ..؟؟أم من أجل السياده الشعبيه وتحرير الاراده الوطنيه كما يزعمون ..؟؟ فان كانت المصلحه العامه (حقا) هي مقصدهم من وراء كل هذه التناظيم السياسيه التي برعوا في تأسيسها ..؟؟ فان ذلك أيضا لايمنحهم المبرر لمطالبة الشعب للتخلي عن سلطته والتنازل عن سياديه لهم ..الا اذاتمكنوا من اثبات أن هناك تناقض صريح بين المصلحه العامه ومصلحة الشعب .. وحتى يأتوا ببرهانهم هذا لاخيار أمامهم سوى الاعتراف بالسياده الشعبيه وسلطتها الشرعيه .. وسوى المطالبه (فقط) بحقهم في الحصول على وظيفه سياسيه داخل أوعية المجتمع السياسيه (المؤتمرات الشعبيه الأساسيه وغير الأساسيه ولجانها الشعبيه ) .. لايختلفون في ذلك عن المهندس والمحاسب والمحامي والدكتور والمدرس المؤهل .. الذي قامت الدوله بتوظيفه لصالح الشعب في مؤسساته ( الاجتماعيه والاقتصاديه والقانونيه والصحيه والتعليميه ) .. باعتبار أن الدوله كيان يملكه الشعب ويخضه لرغباته ومطالبه ومصالحه العليا .. وليس العكس .

     لقد آن الأوان لحسم قضية الصراع السياسي لصالح الشعب .. ولسد جميع المنافذ التي تتسرب منها الحقوق والأدوار والصلاحيات السياديه من بين يدي الشعب لتتلقفها الأيدي غير النزيهه فتصنع منها قضيه لصالح كيانها التنظيمي .. الذي يعتمد وجوده على ارساء النظام النيابي والرئاسي (الاستعماري ) .. والذي يقضي بانتقال كل الصلاحيات التي يملكها الشعب كحق مشروع اليهم .. فنساهم بذلك دون وعي منا وقصد في استمرار معاناة الشعب الارتري و تعميق جراحه الممتده منذ عهود المستعمر الأجنبي .. ومن هنا يتحدد موقفنا ويتأكد مبدأنا باعلان أن القيام بواجبات الوظيفه السياسيه لايستدعي أن يتنازل المجتمع عن كافة حقوقه وأدواره وصلاحياته السياديه .. التي هو بحاجه ماسه الى كل مميزاتها حتى يحافظ على بناءه المتماسك ومصالحه المشتركه .

عمر محمد صالح

bladiyat@yahoo.com

 

منطق التفكير والحوار(11)

نقـد العقـليه الاقصـائيه

في فهم الوظيفه السياسيه

طريقنا نحو الموضوعيه

    ومن ثم ندرك أن على القوى السياسيه واجب عظيم .. يتأكد من خلال حضورها والتزامها بمتطلبات وظيفتها السياسيه .. وعبر ولاءها وانتماءها التنظيمي الجديد الذي أصبح للشعب مائه بالمائه (100%) .. باعتبار أن ذلك وحده هو المؤهل الحقيقي والعامل الأساسي الذي منحهم حق القيام بأعباء تلك الوظيفه السياسيه .

    ولو أنهم كانو من قبل قد أعطوا هذا العامل الأخلاقي أدنى تقدير لما حدثت تلك المفارقه الكبرى بين الحقائق التي يؤمنون بها والواقع الذي يمارسونه .. ولما تقاتلوا فيما بينهم من أجل الاستيلاء على السلطه .. ولما اختاروا مبدأ الانفصال عن عن الكيان التنظيمي للشعب ليقيموا بديلا عنه أحزابهم السياسيه .. تلك الاحزاب التي تريد أن تضاهي المجتمع بتشكيلاتهاالمفبركه وصور خلاياها الزائفه التي يفتقر منبتها الى الجزور التاريخيه تفتقر علاقاتها الى المكون الأساسي ( البيئه الاجتماعيه) .. وهي لذلك لن ترقى لأن تكون نواه حقيقيه للمجتمع المدني المنشود .. ولايمكنها أن تحل محل نواة المجتمع الأساسيه المكونه من أسر طبيعيه .. ومن هنا يبرز حق الشعب الطبيعي في الدفاع عن كيانه ( الاجتماعي والسياسي الاقتصادي) .. وفي المحافظه على سيادته وسلطته وثروتهمن هذا التلاعب والتحايل الذي يمارسه هؤلاء المحترفون تحت غطاء حق تداول السلطه نيابه عن الشعب وحق اقامة أحزاب سياسيه منفصله عنه .. لتبدو لنا من خلال هذه الاجراءات وكأنها وسيلتنا الوحيده لتطبيق الديموقراطيه وتحقيق العداله والحريه والمساواه .

     بيد أن منطق العقل والحكمه يدعونا الى الالتفاف حول أسس العداله الاجتماعيه الحقيقيه .. التي تسعى الى اقامة علاقه موضوعيه بين الشعب والحكومه الموظفه داخل كيان الدوله.. علاقه تؤسس على قدم المساواه وعلى أرضية المصلحه المشتركه بينهما والتي تقر بحق السياده الكامله للشعب (أي بحق اجازة القرارات السياسيه والاجتماعيه والاقتصاديه وحق نقضها أو الحصانه منها اذا تعزر النقض قانونا ) .. وبهذا يحصل الشعب على المهارات اللازمه لادارة مؤسساته ومصالحه من حكومته الموظفه ..  وتحصل الحكومه مقابل أدائها لتلك المهام الحيويه على الأجر المناسب والمكانه الاجتماعيه المرموقه .. وبذلك تتحدد الأدوار والصلاحيات والحقوق اللازمه لاستمرار هذه العلاقه .. كما تتحدد ــ أمام الحكومه الموظفه وكل الادارات والأجهزه التابعه لها ــ المطالب التي ستسعى من وراء تنفيزها الى تلبية رغبات شرائح المجتمع الارتري الواقعه تحت نطاق صلاحياتها الاداريه .. فان تعارض قرار صادر عن هذه الأجهزه  مع مصلحة شريحه من المجتمع .. فان أمانة المؤتمر الشعبي الأساسي لتلك الدائره الجغرافيه ( الصغيره) .. تملك حق ارسال مزكره لايقاف ذلك القرار ونقضه بالحجج والبراهين .. فاذا لم تستجب الاداره الحكوميه لمطلبها .. عندها يحق لها أن ترفع دعوى دستوريه لنقض القرار عبر قنوات محكمة العداله الدستوريه المخصصه لمثل هذه القضايا السياديه .. وذلك لكون هذه المحاكم تملك بالاضافه الى سلطة الفصل في الأمر واصدار الحكم .. سلطة تنفيذه بقوة الشرطه القضائيه التابعه لها والمسخره لتطبيق العداله الاجتماعيه ..

     هكذا نتجه بكل ثبات الى سد واغلاق أخطر ثغره موجوده في جدار المنطق القانوني .. تلكم الثغره التي تستغل سابقا لتسريب هامش من الثلاحيات والامتيازات بصوره غير شرعيه لمن كانوا يهددون أمن المجتمع وسيادته ويتلاعبون بمكاسبه ومستقبله .. وذلك عندما كانت قوات الجيش والشرطه والأمن والاستخبارات تتبع السلطه السياسيه ومسخره لأغراضها ..في حين القانون ممثلا في القضاء يفتقر الى القوه تدعمه لتحقيق العداله وارساء القيم والمبادئ الأخلاقيه في المجتمع وتفعيل سلطة الدستور في البلاد..

      فان تفاجأ البعض من هذه المعالجه الجزريه الحكيمه ..أو تساءلوا عن المساحه المتوفره لموظفي السلك السياسي ..؟؟ وعن الصلاحيات التي تبقت للحكومه وفق هذه المتغيرات ..؟؟

                                           ………يتبع ……..

      عمر محمد صالح

bladiyat@yahoo.com

منطق التفكير والحوار(12)

نقد العقليه الاقصائيه

في فهم الوظيفه السياسيه

طريقنا نحو الموضوعيه

    نقول لهؤلاء : لو أنكم تأملتم قليلا لوجدتم أن الاجابه حاضره في السياق .. ومدعومه بقولنا أن أهميه الوظيفه السياسيه لاتكمن في مساحة السلطه المتوفره لها .. بل في القدره المتجدده لأفرادها على العطاء لتسيير الجانب الفني والأداري والتنظيمي لشئون المجتمع على كافة المستويات (الانتاجيه والخدميه والتربويه) .. كما أن أهميتها نكمن في قدرتهم على الاشراف والمتابعه المستمره لمسار الاتفاقات والخطط والسياسات التنمويه المعده لتطوير الامكانات الماديه والبشريه .

    فهذه المهام والمسئوليات كما نرى هي محدده ولن تحتاج للقيام بها الى سوى التخصص والتفرغ لتأدية واجباتها على أكمل وجه .. بمعنى أن الفئه التي ستمارس هذه الوظيفه الحيويه لن تحتاج لتجريد المجتمع من كافة حقوقه وأدواره وصلاحياته السياديه حتى تؤدي مهمتها هذه  بنجاح تام .. وذلك لسببين هما :ـ

1 ـ  لأنهم  مجرد أفراد طيعيين .. قام الشعب باختيارهم وتوظيفهم لممارسة أدوار سياديه        محدده تحت نطاق سلطته وسيادته الشعبيه .. ومتى ماتجاوزا هذه الحدود تحولت صلاحيات  السلطه التي في أيديهم الى لعبخ في قبضة الشخص الذي يملك النفوذ والسلاح ليفرض هيمنته على أجهزة الدوله ومصالح الشعب .

2ـ  لأن وظيفتهم تقتضي بأن يمتلكوا بعض الصلاحيات التي تتناسب والمهام التي سيؤدونها أثناء الفتره المقدره لبقاءهم في الحكم ( الوظيفه ) .. ولايجوز لهم أثناءها بأن يحاولوا امتلاك سلطة القرار الشعبي .. باعتبار أن ذلك ثابت وطني وحق حصري للشعب صاحب المؤسسه(الدوله) .. كما لايحق لهم امتلاك سلطة القانون ( السلطه العسكريه ) .. لأن القضاء وحده الذي يملك هذا الحق .. باعتبار أن ذلك أيضا ثابت وطني وحق حصري للقضاء .

   وبهذا تنسحب السلطه العسكريه من أدوارها التقليديه ( الاستعماريه ) .. لتصبح قوه مسخره لخدمة القانون وتابعه لسلطة القضاء ولاعلاقه لها بالسلطه السياسيه .. وبالتالي يمكننا الآن أن نسخر قوة القانون لخدمة المجتمع الأعزل ولتوفير الحمايه الأمنيه له ولمصالحه المشتركه .. ويمكننا بهذا الفهم والادراك الكامل للوظيفه السياسه .. أن نوظف قوة المجتمع العسكريه على النحو الذي يبعث في الوطن روح الأمن والطمأنينه والنظام .. ويخلق في أبنائه حس الرقابه والشعور بالمسؤليه الأخلاقيه والواجب المشترك .. وبذلك تتكامل أدوار الفرد مع أدوار منظومته الاجتماعيه التي ينتمي اليها .. وتتوازى مع أدوار الأوعيه الحكوميه المستوعبه لنشاطه والمحققه لأغراضه ..

     وذلك من خلال سيادة القانون وهيبة الدوله المؤمنه بقيمها الاجتماعيه الجديده ومنظورها الأخلاقي الموحد المنبثق عن مفهوم دين الله الواحد .. الذي يلزم جميع أفراد المجتمع الارتري (المسلم والمسيحي ) .. بأن يوحدوا الله ويقدسوه ويلتزموا أوامره وقواعده الأخلاقيه وفق ماجاء في تعاليمهم السماويه .. ذلك باعتبار أن الاستجابه الفوريه لتعليمات الاراده الالهيه هي قاعدة المجتمع الذهبيه لحماية وحدته الوطنيه ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا .. واذكروا نعة الله عليكم اذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم وأصبحتم بنعمته اخوانا …) .. وهي اشاره واضحه منه (سبحانه وتعالى ) الى أن الايمان يه وحده واخضاع السلوك العام لأوامره وتعليمه .. يمثل مركز ثقل المجتمع ومربط وحدته .. وأن هذه الوحده هي النعمه والرحمه والبركه المتنزله من السماء على الحراك الاجتماعي والسياسي الاقتصادي .. كنتيجه منطقيه لموافقة هذا الحراك لضوابط الايمان والالتزام بالقواعد الأخلاقيه الصادره عن الاراده الالهيه ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء …) .

    وبالتالي يفقد مدلول ( أو مصطلح ) فصل الدين عن الدوله مبرره المنطقي وسنده الأخلاقي وقيمته الاجتماعيه  .. وعليه ندرك عظم المسئوليه الملقاه على عاتقنا .. والتي تدفعنا رغما عنا لنوافق ضمائرنا ونصرح بالحقيقه الكامله .. ومن ثم لننادي بأعلى صوتنا .. لايمكن للقوى السياسيه أن تمارس أي وظيفه سياسيه بمعزل عن قيمها الاجتماعيه المرتبطه بجزور المجتمع التاريخيه وبواقعه الاجتماعي والسياسي الراهن .. كما لايمكنها  تجاهل أن ولاء المجتمع الارتري والتزامه بقيمه الدينيه المشتركه ( وقيمه الأخلاقيه المنبثقه منها) .. شرط أساسي من شروط وحدة كيانه وتماسك بنيانه .     

                           ……. يتبع ……

 

 

      عمر محمد صالح

bladiyat@yahoo.com

منطق التفكير والحوار(13)

نقد العقليه الاقصائيه

في فهم الوظيفه السياسيه

طريقنا نحو الموضوعيه

      فهل يمكن أن يلقى هذا الجهد المبزول في تحليل المرض وتشخصه بعض التقدير ..؟؟ وأن نطمح في بلوغ ادراك القوى السياسيه الى مستوى الوعي الذي أرسيناه لمعالجة الأزمه السياسيه من جزورها ..؟؟ ومن ثم هل ستراجع نفسها في أمر اقامة كيانها السياسي على أنقاض كيان الشعب الارتري ..؟؟ وهل ستتفهم ببساطه هذه الحقيقه التاريخيه ..؟؟ وتهتدي ــ بعد قراءه فاحصه ومراجعه موضوعيه شامله وجاده ــ الى أن الاصرار على الغاء حقوق وأدوار وصلاحيات الشعب السياديه (كحق حصري وثابت وطني) .. يعتبر بكل المقاييس جريمه أخلاقيه .. ويعتبر اخفاء وتغييب صارخ لوجوده .. كما يعتبر ايضا  هدم متعمد لأركانه وبنياته الأساسيه .

       وبالتالي نجمع على أنها وسيله غير ديمقراطيه .. لأنها تسعى الى اقامة بناء الدوله على أنقاض بناء المجتمع .. ومن ثم نعلم أن بناء المجتمع المدني يعتمد أساسا على بناء الشعب .. وبناء الشعب يعتمدعلى بناء الدوله .. وبناء الدوله الحديثه يعتمد بناء المجتمع المدني .. أي أن حلقه البناء هذه يربط بعضها البعض .. ليبرز بناء الشعب في صورة المكون الأساسي لبناء المجتمع المدني وبناء الدوله الحديثه .. وعليه نصل الى النتيجه الحتميه التي مفادها .. أن تنظيم كيان الدوله لايمكن أن يكتمل مالم يكتمل تنظيم كيان الشعب .. لنؤكد لمن يجهل هذه الحقيقه أو يتجاهلها .. أنه من رابعة المستحيلات أن يتقبل المجتمع الارتري هذا المنهج السياسي القائم على المنطق الانتهازي والعقليه الاقصائيه .. تلك العقليه التي تريد أن تحقق المصلحه الحزبيه على حساب المصلحه العامه للمجتمع .. وتريد أن تعود به قسراالى مربع الفساد الاجتماعي المرتبط بالفساد السياسي ( احتكار السلطه والمال .. واستغلال النفوز والعلاقات .. والاستهتار بالقيم والحقوق الاجتماعيه .. والتلاعب بال المصالح والمكاسب الوطنيه) .. وذلك بعد اقصائها للقيم الدينيه المشتركه والقواعد الأخلاقيه( الضابطه والمنظمه لمسارها ) .. عن مسرح الممارسه السياسيه والاجتماعيه والقانونيه .

        أليس من حقنا بعد الكشف عن هذه الحقائق الدامغه ــ أن نتساءل : كيف لم ينتفض الشعب الارتري حتى الآن ..؟؟ كيف وهي بهذا المسلك تستفز ارادته الجماعيه الواعيه ( كما كان يفعل بها الاستعمار ) .. فتقلل بذلك من اعتبارها القانوني ومنزلتها الانسانيه ..؟؟ وكيف لا تبعث في أفراده ارادة التمرد والخروج عن مسار التعايش .. الى منعطف التصارع والتنافس من أجل اثبات الذات واسترداد الحقوق والأدوار والصلاحيات السياديه المنتزعه منهم ..؟؟ كردة فعل طبيعيه معاكسه لها في الاتجاه ومساويه لها في المقدار (كما يحدث الآن ) ..

       ثم أليس من واجبنا أن نجيب على كل التساؤلات التي أصبحت تؤرق مضجع المجتمع الارتري وتصيبه بالحيرى والاحباط ..؟؟ وأن نسرع ( كاستجابه طبيعيه لمعالجة هذه التداعيات ) في الدعوه الى اقامة مؤتمر حوار وطني جامع ..لنعيد بناء الوظيفه السياسيه والدينيه في المجتمع .. ونؤسس واقع سياسي وثقافي جديد .. نسترد به للشعب (على الأقل ) اعتباره القانوني ومكانته السياديه اللائقه به.. كمطلب حيوي أساسي يتفق على ارساءه كل الارتريين .

       ومن ثم نتفرغ بعده الى أمر اسقاط النظام الحاكم .. أي بعد تقويضه من خلال وحدتنا السياسيه والاجتماعيه وعلاقتنا الخارجيه القويه .. وتأثير وسائلنا الاعلاميه المتطوره .. والتي يجب أن تضم الى منظومتها قناة الجماهير الفضائيه .. لتتحدث باسم المعارضه الارتريه في ثوبها الجديد (المعارض للنهج السياسي الاقصائ) .. ولتعبر بكل صدق عن آمال وطموح الشعب الارتري وعن وجوب انتماء افراده للمعارضه والولاء لمفاهيمها وقيمها الثوريه الجديده ..

                           ……. يتبع ……

      عمر محمد صالح

bladiyat@yahoo.com

منطق التفكير والحوار(14)

نقد العقليه الاقصائيه

في فهم الوظيفه السياسيه

طريقنا نحو الموضوعيه

     

      … ومن ثم نتفرغ بعده الى أمر اسقاط النظام الحاكم .. أي بعد تقويضه من خلال وحدتنا السياسيه والاجتماعيه وعلاقتنا الخارجيه القويه .. وتأثير وسائلنا الاعلاميه المتطوره .. والتي يجب أن تضم الى منظومتها قناة الجماهير الفضائيه .. لتتحدث باسم المعارضه الارتريه في ثوبها الجديد (المعارض للنهج السياسي الاقصائ) .. ولتعبر بكل صدق عن آمال وطموح الشعب الارتري وعن وجوب انتماء افراده للمعارضه والولاء لمفاهيمها وقيمها الثوريه الجديده .. التي أصبحت تبثها القناه في صورة مواد وبرامج تعبويه وتثقيفيه .. مواكبه لمتطلبات النهوض الحضاري بالممارسه الديمقراطيه .. ومستخدمه من أجل ايصال رسالتها هذه مختلف أشكال التعبير والاخراج الفني (الخطاب الديني والسياسي .. فرق الانشاد الديني والغناء الوطني .. التمثيل الدرامي والكوميدي .. الالقاء الشعري .. الحوار الديمقراطي .. منتديات ثقافيه وسياسيه .. برامج ومسابقات ترفيهيه ..الخ ) .

       وذلك .. حتى نضع المواطن الارتري أمام الصوره الحقيقيه للواقع الثقافي والسياسي المنشود بعد اسقاط النظام الحاكم .. ولعل هذا يعني أول ما يعني أن يتوافق الواقع المقروء (في صورته النظريه) .. مع قضايا التحرر والانعتاق الجماهيري .. ومع قضايا الانتقال (بالمواطن) من طور الجمود والتفرج على الأحداث .. الى طور صناعتها والتفاعل معها .. كما يعني التحرك السريع لتعديل المسار وتصحيحه .. قبل أن يتعقد أي انحراف بسيط ويصبح بمثابة قاعده ملزمه لمسار المجتمع وواقع مفروض عليه..

      ولاشك أن بلوغ هذه المرحله المتطوره وتحقيق هذه المكاسب المشتركه .. يتطلب المزيد من الثقه في النفس والاخرين .. كما يتطلب أن نرفع الروح المعنويه .. الى مستوى التفاءل بأنه لن ينتهي مفعول هذه الدعوه الكريمه .. أو يتلاشى بريقها وينزوي (ان شاء الله) .. قبل أن يصبح كل من آمن بها وأدرك جدواها وأهمية انزالها الى أرض الواقع .. قادر على تفعيلها وكسب الأنصار والمؤيدين لها .. وقادر كذلك على توسيع هذه الدائره لتشمل كل الجاليات المقيمه في المهجر ( أي في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا ) .. ومن ثم نتجه لعقد مؤتمر للحوار الوطني ..

     وذلك بعد تشكيل لجان تحضيريه من عضوية هذه الجاليات الناشطه .. لتتولى عملية تعبئة جماهيرها وتوحيد موقفها لصالح كيانها التنظيمي (الشعب) .. ومن ثم الاتصال بالقوى السياسيه والجلوس معها لمناقشة قضايا التحول الديمقراطي .. وأهمية اقامة مؤتمر للحوار الوطني كخطوه تحضيريه .. تتناول أدوار وصلاحيات الوظيفه السياسيه والدينيه في المجتمع .. وكيفبة جعلها محققه لأغراض الوحده الوطنيه المنشوده .. ومحققه أيضا لأغراض (اقامة) المؤتمر التوحيدي للكيان السياسي الممزق(من بعد ذلك) .. وفق ما تقتضيه الضروره الملحه وتمليه المصلحه المشتركه ..

      ومن ثم نسعى بجديه الى الوصول لبر الأمان والاتفاق حاسم حول بنود الوثيقه التاريخيه للعقد الاجتماعي .. وبذلك نبلغ مرحلة تحديد المنظور الأخلاقي الموحد للقيم الدينيه .. لننتقل بعدها الى مرحلة تحديد المسارالعام الأخلاقي (للممارسه  السياسيه والاجتماعيه) لأفراد الأمه الارتريه .. وهي بالتأكيد نقله حقيقيه مزهله وقفزه حضاريه متقدمه ستضاف (متى ما تحققت ) الى رصيد القوى السياسيه .. وسنخطوا بها (باذن الله) أول خطوه تاريخيه مثمره في حياة الشعب الارتري .. يستحق كل من ساهم في ارساءها .. أن يخلد اسمه في ذاكرة التاريخ الارتري المشرق (مع سجل الأبطال المكرمين ) .. وأن تحتفي به الأجيال وتتقلد وسامه مع مرورهذه الذكرى التاريخيه .. كما يستحق كل من يحاول افشالها واحباط مساعيها الجاده .. أن يخلد اسمه في ذاكرة التاريخ الارتري المظلم(مع سجل الخونه والمارغين) .. وأن تلعنه الأجيال وتصب عليه جام غضبها مع مرور هذه الذكرى التاريخيه .

       هكذا يجب أن نحكم أمورنا ونحسم قضايانا بكل جديه وحزم .. حتى لانترك وراءنا فراغ للعبث والتحايل والخداع .. وهكذا ينبغي أن نحدد للحقائق العلميه مساراتها وللحقوق والأدوار والصلاحيات السياديه مناطها .. ليدرك كل فرد من أفراد المجتمع الارتري ما له وما عليه من واجب الرقابه والمسئوليه الأخلاقبه المشتركه .. تحقيقا لشعار المجتمع الموحد المتماسك (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ) ..

         ختاما .. دمتم يا أبناء ارتريا في حفظ الله ورعايته .. حتى يرقى ايمانكم بعدالة قضيتكم وبأحقية وجودكم الى مستوى الغايه والحكمه والرساله الاجتماعيه التي عليكم أن تأدوها .. حتى تعيدوا الى ارتريا عزتها وكرامتها .. ومن ثم تأسسوا على أرضكم دولة عزكم .. عندها سيفتخر كل أفراد المجتمع الارتري بولاءهم لهذا الأبي وبانتماءهم لكيانه التنظيمي وقراره السيادي وارادته المستقله .. وسيسهل عليكم وقتها نقل همومكم وامالكم وطموحكم الى مستوى ترجمتها الى واقع مقروء ومنهج راسخ منظور للفكر والسلوك .. تستدل الأجيال الممتده طريقها وتستعيد به وعيها ويستنير عقلها .. برؤية الحقائق المجرده بعيدا عن عن حجب الزيف والتضليل المتراكمه من حولها .

                             

      عمر محمد صالح

bladiyat@yahoo.com

منطق التفكير والحوار(15)

           

قيم المدينه الفاضله

نظره اجتماعيه حالمه

أم سنه كونيه راسخه

     فقد الكثير من الناس ايمانهم بالقيم الاجتماعيه والميادئ الاخلاقيه .. لأنها لم يعد لها موطئ قدم في حياتنا اليوميه بعد أن حاصرتها القيم الماديه (اللاأخلاقيه ) وأقصتها عن موقعها الريادي ودورها الطبيعي في تنظيم الفكر والسلوك الاجتماعي وتوجيهه .. الأمر الذي أضفى على القيم الماديه (هذه) صبغة الشرعيه والموضوعيه .. ومنحها حق التقييم والتوجيه لمسار المجتمع .. وحق ارساء نظم وقواعد اجتماعيه وسياسيه (مصطنعه ) مخالفه لنظمنا وقواعدنا الاخلاقيه الموافقه لفطرة الانسان ولسنن الحياه الكونيه المنظمه لحركة الوجود المادي والمعنوي في صورته الكليه .. ومن ثم أصبح من المنتظر منا أن نذوب في هذا التيار المادي الجارف .. طالما أننا نتهيب مواجهته ولانتجرأ على منازلته وقطع الطريق عليه.. هذا بالرغم من الايمان الصادق الكامن في الصدور بالقيم الاخلاقيه وبرسالتنا الاجتماعيه المرتبطه بتحقيق هذه القيم وترجتمها الى واقع منظور ومشاهد .

      الأمر الذي جعل أرباب القيم الماديه والعلمانيه يشعرون بالغبطه والانتشاء لعدم وجود مقاومه تذكر من دعاة القيم الفاضله والمبادئ الأخلاقيه .. ولذلك نراهم لايستحون من تسليط الأضواء على قيمهم المستورده من الغرب تمهيدا لانزالها وفرضها على المجتمع تحت غطاء التمدن .. ومن ثم لايتهيبون التلويح بعبارة المدينه الفاضله تهكما وسخريه بكل دعوه تريد أن تصحح الأوضاع الأخلاقيه في المجتمع .. أو تريد أن تنادي بانزال قيم العداله والحريه والديمقراطيه على أرض الواقع وبشكل لاتعارض فيه بين النظريه والتطبيق وبين الشعار والممارسه وبين المقدمه والنتائج ..

       لقد فقد الصراع الاجتماعي والسياسي مضمونه ومعناه بعد تفريغنا له من القيم الحقيقيه (الفاضله) وبمسايرتنا للقيم الزائفه .. وأصبحنا تبعا لذلك نجد الصعوبه كل الصعوبه اذا حاولنا تحديد مفاصل هذا الصراع أو الاشاره بأصبع الاتهام لجهة ما على أنها هي التي تديره وتستفيد منه .. وذلك لأن الجميع برعوا في استخدام الأقنعه واخفاء وجهتهم الحقيقيه .. ولأن عناصر الخير والشر ـ (والفضيله والخطيئه ـ والحقيقه والزيف) ـ هي الأخرى لم تعد متواجده في صوره نقيه (أومعلنه) يمكن أن يشار لها بالبنان .. وهو خطأ جسيم وقعنا فيه لأننا لم نضع معيار محدد ولم نلزم أنفسنا على التقيد به ..

      لذا صعب علينا أن نتقبل هذا الواقع المزيف المخالف لهوى أنفسنا .. كما صعب علينا أن نميز بين الخير والشر وبين الصالح والطالح .. ومن ثم حار دليلناهل نقرر بأن هذا النظام الحاكم هو الشر الذي لامفر منه أم أن المعارضه هي الخير الذي لابد منه .. وذلك لأننا أصبحنا نحيا في فوضى عارمه لايمكننا خلالها أن نرحج الأمورلصالحنا أن لنرى الوقع على صورته الحقيقيه .. ولم يعد لذلك  هناك في منهج حياتنا حدود أخلاقيه مضيئه(خضراء وصفراء وحمراء)تحدد لنا مسارنا .. ولأن تلك الحدود ربما أصبحت باهته وغير مرئيه حتى نشعر بوجودها ..  

     لذا أصبح من واجبنا أن نعيد صيانتها وتفعيلها من جديد .. حتى لايختلط الحابل مع النابل.. وحتى لا نخطئ عند تقديرنا للحراك السياسي والاجتماعي أو عند توزيعنا الحقوق والادوار والصلاحيات السياديه لذلك الحراك أو ذاك .. ومن ثم أصبحنا في منعطف يحتم علينا أن ندرك كم نحن بحاجه الى هذه الحدود الأخلاقيه لتعمل كجهاز رادار (أو أداة استشعار) تكشف للمجتمع الارتري هويه أفراده الذين الذين باتوا يتسترون خلف الأقنعه ليخفوا أغراضهم الحقيقيه من وراء تهكمهم الساخر من شعار المدينه الفاضله .. وكأن هذا الشعار يفتقر الى النظره العلميه والقراءه الموضوعيه .. وكأنهم هم الراعي الوحيد لأمر انزالها وترجمتها.

………يتبع……….

                          

      عمر محمد صالح

bladiyat@yahoo.com

منطق التفكير والحوار(17)

قيم المدينه الفــاضله
نظره اجتمايه حــالمه
أم سنه كونيه راسخه
ومن ينصر الشيطان (اله الزيف والشر والخطيئه) يخزله وينكد عيشه ويسرق من قلبه أنوار البصيره .. ومن ثم يستبدل أمنه خوف وسعادته شقاء وراحته عناء وعزه زل لايفارقه أبدا .. حتى يهتدي الى طريق الحق والخير والفضيله .. وحتى يساهم في اهتداء المجتمع الارتري الى هذا الطريق السالك .. والى هذه الغايه الساميه التي خلقنا جميعا (مسلمين ومسيحيين) من أجل ارساءها والنزالها الى أرض الواقع .. ومن ثم لندرك أن للحياه والموت حكمه واضحه وسنه كونيه راسخه .. علينا أن نرتقي الى مستوى تحققها وواجب تفعيلها .. لاحداث هذا التوازن المنشود في حياتنا الاجتماعيه والسياسيه ولاشباع حاجاتنا الماديه والمعنويه .. علينا كذلك أن نستشرف النظر ونطل بعين البصيره الى تضاريس هذا الواقع الارتري المطلوب تحققه .. لنستمد من ثماره المنتظره القوه والعزيمه .. ولنرى بوضوح الصوره المشرقه لواقع المعارضه عندما تتحول وجهتها الى هذه القبله التي يؤمن بها أفراد المجتمع والتي هم على استعداد للتضحيه في سبيلها .. كما سنرى بوضوح ذلك الخوف والهلع الذان سيطلان على من عين العدو (المتخفي تحت عباءة الزيف والخديعه وخلف ستار الأمن والحراسه المشدده) .. وذلك عندما يحس بحراك الجماهير ويشعر بانتفاضتها القادمه نحوه وبوقوفها الصارم الى جانب المعارضه (المؤمنه بقيم الحق والخير والفضيله .. 
هذا ما وعد الرحمن وأكدته ارادته العليا .. وهذا ما نستحقه اذا ما صدقتا في أمر استجابتنا لموجبات رحمته وتحقق ارادته( المرتبطه بتحقق هذه القيم في حياتنا) .. ومتى ما التومنا بخط سيرها (موجهات الاراده الالهيه) .. وآمنا بدستور تعليماتها .. وتقيدنا بجدول أعمالها الصالحه وبمعيار نموزجها الأخلاقي الذي سيحدد لنا قالب السلوك الاجتماعي والسياسي العام الموافق لفطرة الانسان ..وهذا ما سنحرم منه ونعاني من فقدانه ونشكو خلاله من شظف العيش وتكالب الطامعين وتكاثر الاعداء والادعياء والمخادعين .. وذلك لأنه انتابنا الشك حول مصداقية آيات الله وحول قدراته التي تفوق قدرات البشر وصلاحيات نظامه الذي يفوق أنظمة البشر (دقة واحاطه) .. 
وليس علينا اذا ما أردنا التحقق من صحة هذا القول سوى .. أن نستعيد أنوار البصيره ونستكشف علامات هذا الطريق ونتأكد من سلامته .. وذلك من خلال المراجعه المستمره للنفس وفحص نظامها( المادي والمعنوي ) المرتبط بحياة القلب ( مركز كينونتها ) .. ومن خلال الاجابه على هذه التساؤلات :ـ
من الذي أوحى لهذا القلب في صورته الماديه (المجسده) .. لكي تتردد نبضاته في الدقيقه بضع وسبعون مره .. ليصبح هذا النبض المنتظم معيار سلامته واكتمال عافيته ؟؟ ومن الذي أمر الرئتين لتضخ الهواء من والى خارج الجسم لنقل الأكسجين ( عبر شعيراتها الدمويه ) الى شريانها الرئوي المتصل بالقلب ( مركز التغزيه والتموين ) ليقوم بتوزيعه على خلايا الجسم المختلفه وشعيراته الدمويه المنتشره بداخله حتى نشعر معها بالحياه المتدفقه في العروق ؟؟ ومن الذي جعل المعده ( من خلال عروقها وشعيراتها المنتشره في الجسم ) تشعر بحاجة الجسم للماء والغزاء لتصدر أجراس انزارها في صورة هذا الظماء وذاك الجوع الذي ينتابنا فجأه فنسارع لاشباعه ؟؟ ومن الذي أبدع هذه الخلايا وجعلها المكون الأساسي للجسد .. وخلق من أجل وظائفها المتعدده وحاجاتها المتكرره أجهزه متخصصه يقوم كل عضو من أعضائها بمهمته الموكوله اليه على أكمل وجه وباتساق وتناقم بديع مع باقي المنظومه ( لاشباع حاجات الجسم المختلفه ) ؟؟.. 
فهل يعقل أن نظن بأن هذا الاحكام وتلك الدقه المتناهيه في تسيير هذا النظام الحيوي لجسم الانسان .. مجرد وهم أو صدفه ؟؟ .. أم هو هو الدليل العلمي الشاهد على حضور الاراده الالهيه وتأثيرها المباشر ومواكبتها اللصيقه لمجرى الاقدار المسيره لحياتنا( الماديه والمعنويه ) .. والتي نحن بعيدين كل البعد عن مواكبة مجرياتها وعن التدخل المباشر في تفاصيل عملها .. الا بالنزر القليل الذي يتناسب مع امكانياتنا المتواضعه وقدراتنا المحدوده .. كمضغ الطعام مثلا وابتلاعه .. ليتولى النظام الخلوي ( الذي يسير بأمر الاراده الالهيه ) باقي المهام .. ومن ثم ندرك أن دورنا يتركز فقط في استنساق الهواء وشرب الماء وتناول الطعام الصالح لنحافظ على صحة الجسد وعافيته .. ويتركز أيضا في تجنب الفاسد منه حتى لانصاب بالمرض .. كما أن هناك مهمه أخرىبسيطه مرتبطه بسلامة الروح وعافيتها .. وذلك من خلال النظام الاخلاقي الذي وضع لتسيير نشاطها الحيوي المرتبط بحركة الفكر والمشاعر والسلوك .. للحصول على حاجتها من السياده والسلطه والثروه (اللازمه لتحقيق أحلامها وطموحاتها الماديه والمعنويه .. 
ومن ثم نظام الروح ( الأخلاقي ) لايختلف كثيرا عن نظام الجسد الخلوي الا بكونه ( أرادي ) مشروط بقبولنا وموافقتنا قبل أن تتولى الاراده الالهيه ( بنفسها ) ادارة تفاصيله الكامله( الغائبه عن ادراكنا ).. وما علينا حينها سوى التعاطي مع المسؤليه البسيطه الملقاة على عاتقنا والمرتبطه بالمحافظه على سلامة الروح من فساد البيئه المحيطه بها ( حتى لايصيبها العطب والضعف والمرض ) .. وسوى موافقة الفكر والشعور والسلوك واستجابته للتوجيهات التي تتنزل على قلوبنا من وحي الاراده الالهيه لتنير لنا طريق الحق والخير والفضيله .. ومن ثم تصبح مبايعة الاراده الالهيه على السمع والولاء والطاعه هو معيار الصحه والعافيه والرضى والسعاده لمجتمعنا .. كما يصبح معيار الفساد والتخلف والمرض وخيبة الأمل وشقاء الروح وضياعها هو التنصل من هذه المبايعه .. ومن ثم هو الدليل العملي على القدره الالهيه للتدخل السريع لتحقيق مطالب والجسد وحاجات الفرد والمجتمع (عندما نستوفي شروطها)..
وذلك لأن الدين هو قوام الحياه ودستور نظامها المتزن .. وغيابه يعني أن تصبح حياتنا بلا معنى وبلا هدف .. وتصبح تفاصيلها مشوهه وقريبه من التداعي ومليئه بالفساد ..وشعارها حينئذ يصبح هو التمرد والخروج عن الاجماع والتنصل من الانضباط .. ذلك حتى نعي أونهتدي الى أن جسم الانسان هو الكتاب المفتوح الذي من خلاله يمكننا أن نتعلم أساليب الحكم والاداره وتنظيم الفرد والمجتمع والدوله ..ويمكننا خلاله أن نستنبط من طرية عمله نموزج النظام السياسي الذي يحقق لنا نفس النتائج المزهله التي حققها نمزج النظام الحيوي الذي يدير أنشطة الجسم ويسمح لخلاياه المنتشره بداخله رغم تعدادها الضخم ( كتعداد أفراد المجتمع) .. بأن يساهم كل منها على حدى بدوره في عملية البناء الوظيفي والخلوي ( المشابه لعملية البناء السياسي والاجتماعي) .. كما أنه يمنح منظومة الخلايا العصبيه ( المشابهه لمنظومة أمانة المؤتمرات الشعبيه الأساسيه وغير الأساسيه) ميزة مراقبة هذا النظام وادارته من خلال ارتباطها بالجهاز الحاكم ((المخ) المشابه للجهاز التنفيزي أواللجنه الشعبيه العامه ) وقيامها بحلقة الاتصال بينه وبين خلايا الجسم (المشابهه لخلايا المجتمع) وأجهزته المختلفه ( المشابهه للمؤتمرات الشعبيه الأساسيه وغير الاساسيه) .. لتقل الرسائل والمطالب الملحه اليه ليتولى في الحال أمر الاستجابه الفوريه لتحقيقها .. وبذلك نشهد وبكل وضوح د يمقراطية هذا النظام الحيوي الواقعي ونشعر بمدى حوجتنا الماسه اليه .. حتى نحقق لأفراد المجتمع الارتري حاجاته المستمره ومطالبه المتلاحقه للحصول على السياده والسلطه والثروه كحاجته الى الهواء والماء والغذاء .. فهل لدينا بعد هذا البيان أي شك في أن قيم المدينه الفاضله سنه كونيه راسخه وليست ( مجرد ) نظره اجتماعيه حالمه ..

                          

      عمر محمد صالح

bladiyat@yahoo.com

منطق التفكير والحوار(18)

                           بنــــاء قواعـد التـنـظـيم

لمجتمعنا الارتري الكريم

بحاجه الى اعادة تقـيـيم

      حديثنا عن تنظيم المجتمع الارتري من خلال مسيرة نضاله الطويل لن ينتهي .. مالم نحسم أجندة الصراع السياسي لصالح الشعب .. ومالم نصحح مساره ونستعيد لأفراده كل الحقوق والأدوار والصلاحيات المنتزعه منهم .. ومن ثم .. حتى نعي بأن الواقع الذي يعاني منه المجتمع بأسره هو افراز طبيعي ومحصله منطقيه لوجود أحزاب سياسيه منافسه للحزب الحاكم .. ونتيجه مباشره لسعيها المشا كس لانتزاع قسمتها المزعومه من السياده والسلطه والثروه (بلا وجود مبرر منطقي أو سند شرعي سوى ما تراه بأنه حقها التاريخي ) .. على حساب حق الشعب وقسمته العادله .. وبالتالي طالما أنها متمسكه بمطالبها تلك وعقليتها هذه..  سنظل نرى مانراه ونسمع مانسمعه ونعاني ممانعاني ( من قبل هذه النظام الحاكم ) …

      لأن اسياس أفورقي الذي خبر هذه القيادات التاريخيه وعرك معدنها عن قرب .. لن يترك الشعب الارتري لحال سبيله حتى يؤمن موقعه ويحمي نفسه من غدر هذه المنافسه غير الشريفه ( حسب وعيه لممارستها ) .. ولهذا كان من الطبيعي أن نرى منه اصدار حكمه النهائي عليها واتخاذ قراره الحاسم بشأنها .. ( ليس اليوم أو الأمس القريب ) .. بل قبل اكتمال النصف الثاني للعقد الثاني من عمر الثوره .. وذلك عندما أخذ يعد العده للخروج من رحم تنظيمها الذي انحرف وأصبح مرتعا للصراع  والتنافس الطائفي والقبلي (بين قياداته) .. وباجراء مراجعه سريعه للنتائج الجاده التي حققها مرورا بكل مراحلها( قبل وبعد الاستقلال).. نرى بكل وضوح مدى احكام الخطه التي انتهجها لمسايرة الاوضاع المحيطه به آنذاك .. حتى يفرز الوضعيه التي أصبح يؤمن بها ومقتنع بكونها السبيل الوحيد لتحقيق أغراضه الجديده التي أجبر على اعتناقها .. بعد ما وعى ما كان يدور حوله من تجاوزات أخلاقيه تتنافى وروح الثوره وقيمها النزيهه التي كان يؤمن بها والتي كانت تعني لديه الكثير لأنها ترمزالىالبطوله والاستبسال والى التضحيه والفداء) .. ولهذا نجده قد جاء متحمسا من أجل أن يساهم في تحقيقها..وذلك قبل أن تتشوه صورة النضال في ذهنه وتتحول وجهته من قبلةالمجتمع الى الوجهه المضاده له.. وتلك باختصار شديد وموضوعيه (ودون تحيز)الصوره المنطقيه لأول ظهوره وبروز نجمه في قيادة الثوره .. وهي صوره حقيقيه خطها التاريخ وحفظها له .. وليس من حقنا أن نبادر بتشويهها أو انكارها .

      وعليه فقد نضال الشعب الارتري ثقة ابنه العبقري وثمار قدراته الفذه .. بسبب فساد القياده الثوريه وسؤ تقديرها وعجزها الكامل عن القيام بما كان يمليه عليها ضميرها من أدوار تاريخيه نزيهه .. وهكذا تمكن هذا الابن وحده من خلال عبقريته المتفرده وتقديراته المحكمه من التعامل مع معطيات المرحله ومن اثبات وجوده واقصاء منافسيه باستخدام ذات الوسائل غير الشريفه التي تعلمها منهم (وتفوق من خلالها عليهم) .. ليصبح بعد جهد ومجاهده هو الممثل الوحيد للثوره ورجل الدوله الأول بعد الاستقلال .. بالرغم من أن هذا بعينه كان حلم القيادات التاريخيه قبل مجيئ اسياس أفورقي وبعده .. لكن وعيها وممارستها وحنكتها وقدرتها على المناوره لم تكن في مستوى الطموح والتحدي آنذاك .. ولم يزل هذا هو حالها حتى يومنا هذا .. والذي يؤكد ما ذهبنا اليه .. هو ما نراه من غض للنظر عن كل أخطا ئها الجسيمه وتجاوزاتها الفادحه .. لتلقي بكل هذا الحمل على ظهر اسياس ورموز قياداته .. بغرض ظهورها من جديد على المسرح السياسي في صورة الحمل الوديع( البريئ ) من تلك الآثام .. ولعلها بذلك تريد أن تخطب ود المجتمع الارتري وتستعيد مكانتها ومقامها الرفيع عنده كقياده شرعيه لكيانه التنظيمي .. ولكن بعدا لها وهيهات .. فهي تعلم أنها غير مؤهله .. وتدرك أن الحاجز الذي يحول بينها وبين ما تحلم به .. هو بحر من الدماء الطاهره انسكب بفعل جرائمها وتجاوزاتها الأخلاقيه .. وبفعل انحراف ميزان الثوره وخروجه عن المسار الصحيح(بسببها أيضا ).. هذا بالاضافه الى تملصها من تبعات ممارستها الخاطئه وهروبها من المسئوليه وانسحابها المخزي من ساحة المعركه وميدان الشرف والكرامه .. وتنازلها المهين عن حقها الطبيعي في الوجود وعن أدوار البطوله والاستبسال المرتبطه بحماية الشعب والدفاع عنه من هجمات العدو الغادره حتى الرمق الأخير .. لكنها عوضا عن ذلك اختارت أن تسكب ما تبقى من كرامتها وكبرياءها على بساط الأرض السودانيه .. ولم تكن تلك هي رغبة الجيش الارتري الملتف حول رايتها .. بل كان ذلك قرارها وحدها الذي أجمعت عليه بمحض ارادتها لتتنصل عن أداء أدوارها التاريخيه ومسئولياتها الثوريه المتعاظمه.. بعد أن قويت شوكة اسياس وأصبح شعاره ومنطقه الجديد القوي يأكل الضعيف .. وبذلك اختارت أن تحيا سليمه من الأذى وبعيده عن مواقع السجال والنزال .. ومختبئه مع اللاجئيين العزل الذين لاحول لهم ولا قوه .. ولا شك أن هذا التصرف منها يعتبر بكل المعايير شاذ وغريب لايتناسب مع مقام قياده تاريخيه كانت تملك ما تملكه من أسباب القوه والمنعه وأسباب الالتفاف والدعم الجماهيري .. مايجعلها تصمد أمام رياح ذلك التهديد والحصار العسكري .. ولكن حساباتها للاسف الشديد لم تكن مضبوطه في هذا الاتجاه الصحيح .. بل كانت منغلقه على عقلية اقصاء المنافس .. كما أن أحلامها لم تكن مرتبطه بحلم الجماهير العريضه في الوحده وتحرير الاراده الوطنيه من هسمنة المستعمر بل كانت مرتبطه بشهوة الانفراد التام بالساحه والاحتواء الكامل للسلطه ( بأيسر الطرق وأسهلها ودون أن تتكبد عناء التضحيه في سبيلها) .. ولما عجزت عن تحقيق حلمها وفق شروطها .. فقدت مبرر وجودها وخارت عزيمتها الى مستوى انعدام الوزن وفقدان الرغبه في اكمال ما بدأته من نضال وتحرير للأراضي المحتله ( التي لم يتبقى منها سوى 5%) .. هكذا نرى بكل وضوح مدى قصر نظرها وبعد نظر اسياس أفورقي .. وهكذا ( بدون تعليق ) نراها اليوم تحسب أن الوقت قد حان لتستأنف حلمها السابق ومجدها الآفل .. أولتدرك مافاتها وتثأر من خصمها الدود ( صاحب العقليه الفذه والاراده القويه ) بعد أن استفحل شره وتعاظمت قوته .. وعليه تحولت الأوضاع بعد الاستقلال من فرحه وانتشاء الى أنين وبكاء .. وتحولت حياة الشعب الارتري من سؤدد واباء الى مجرد كبش فداء بفضل هذا الصراع غير النزيه .. وتحول الوطن الواسع العريض الى رقعة شطرنج صغيره بحجم أحلامهم المتواضعه .. وأصبح كل فرد من أفراد المجتمع الارتري بداخلها مجرد دميه ( أو قطعه من الرخام ) تتحرك بأمر الملك الخصم ولتحقيق أهدافه وخططه العسكريه والسياسيه .. كما أصبح حراك المجتمع بأسره مقيد لخدمة هذه المعارك الجانبيه ( الانصرافيه) ولاحراز نتائج ميدانيه واعلاميه (ملموسه) على حساب الآخر .. ولم يتبقى أمامنا والحال هكذا سوى أن نقسم المجتمع الى فريقين قسم يحمل الشعار الأبيض ويقف الى جانب المعارضه وقسم يحمل الشعار الأسود ويقف الى جانب الحكومه .. هذا ماتبقى بالفعل حتى نفرز الوضعيه التي تناسبهم وتحقق أحلامهم ..وهي ذات الوضعيه التي ستهدد بنية الاستقرار في المجتمع وتنسف ماتبقى من مقومات وحدته وتماسكه .. وكأن بلسان حالنا أصبح يقول لأعدائنا تأهبوا فنحن سنمهد لكم الطريق لتستعيدوا حكم بلادنا من جديد .. فهلا وعت هذه القيادات خطورة هذا الوضع وتفهمت معانات شعبها المكلوم .. وهلا بادرت لا للتكفير عن جرائمها السابقه وهيمنتها الدائمه على مراكز القرار فحسب .. بل لاتخاذ موقف جرئ وشجاع يفجر في المجتمع طاقاته المعطله ويساهم في اعادة التوازن للمعادله ويصحح صورة الممارسه التي تشوهت بفعل هذا الصراع المتفاقم .. نقول هذا لأن لسان حال المجتمع اليوم أصبح يشي بذلك وينتظر بصبره المعهود تجلي هذا الموقف .. موقف الاعلان النبيل والاقرار الكريم منها بأن هذه المرحله المتقدمه من تاريخ البلاد قد خلق الله لها أجيالها الذين لا معنى لوجودهم ان لم يستلموا مهامها ويباشروا أدوارها ويكملوا مانقص من بناءها .. .. انه موقف الاباء والشموخ الذي سيضاف الى رصيدها ويسجل في صحيفتها متى مااعترفت صراحه وبكل وضوح بأن تسليم القياده للوجوه الشابه هو الجذء المفقود من معطيات هذه المرحله .. وهو الذي بدونه لن يحرك المجتمع ساكنا ولن يتقدم خطوه واحده في اتجاه تغيير الأوضاع الخاطئه واستعادة الحقوق الضائعه .. وبدونه لن يسعىسوى لترسيخ ذات الأوضاع التي يعاني منها .. وذلك استجابة منه للمعطيات التي ستجبره حينها للانقسام على نفسه دفاعا عن وجوده المرتبط ببقاء المعارضه أو الحكومه …….يتبع

 

                          

      عمر محمد صالح

bladiyat@yahoo.com

 

 

منطق التفكير والحوار(19)

                          

بنــــاء قواعــد التنظيـــم

لمحتمعنا الارتري الكريم

بحـاجه الى اعــادة تقييـم

      ومن ثم .. هلا بلغ ادراكنا الى مستوى الوعي بأن القيادات الشابه التي لاتمت الى هذا الصراع بصله والتي لم تشارك في انبعاثه وتأجج نيرانه وترسخ أركانه والتي لم تحاول ربطه بجزور المجتمع وبحاضره ومستقبله .. هي الأقدر على اخراج المجتمع الارتري من دوامة هذا الصراع باقل الخسائر .. ذلك لكونها واكبت جميع مراحل الثوره في صباها وتأثرت بمدها وجزرها … وخرجت من تجربتها القاسيه مكتملة النو والنضج وممتلئة العزيمه والاراده لتحقيق مالم يتحقق من أدوارها .. ولأداء واجباتها التاريخيه المرتبطه بهذه الجديده المنوطه بها وحدها لابتلك القياده التاريخيه التي انتهت صلاحياتها وفقدت مبرر وجودها بمجرد انقشاع مرحلة التحرير والثوره .. و بزوغ مرحلة البناء والتنظيم للمجتمع والدوله .. ومن ثم  يتأكد لنا بأن هذه القيادات الجديده هي الأقدر ـ من خلال تعليمها العالي ووعيها المتطور ودماءها الشابه وضميرها الحي وممارستها النزيهه ـ على أن تلقي بحراكها على الأحداث وتفرض بوجودها على الواقع السياسي والاجتماعي بقوه .. وتنزل بخططها وبرامجها الوطنيه الواعده على قلب المجتمع بردا وسلاما وعلى واقعه المضطرب أمنا واستقرارا ..

       وذلك أمر محتم لابد من حدوثه متى ما استفدنا من التجارب السابقه وأصبح مستوى التعامل في حياتنا مقيد باستخدامنا  منطق التفكير والحوار المقنع ومعيار السجل النظيف من السوابق والقدره الراقيه على التعايش مع أحكام ومتطلبات هذا الواقع الجديد .. وعلى التجاوب الجاد مع قضايا الوطن ومع مواصفات هذا الفكر والسلوك الاجتماعي والسياسي النزيه ( الخالي من أمراض العصبه والتعصب والحزبيه والتحزب والطائفيه والتطرف ) .. وحينها يمكن للقيادات التاريخيه أن يكون لها حق المشاركه غير المباشره .. من خلال مشاعر الأبوه الصادقه والدعم اللوجستي والوقوف المرن الى جانب هذه القيادات الشابه .. وذلك لتحقيق مايلزم من خطوات استراتيجيه ومرحليه ومن أجل افراز معطيات هذه الوجهه الصحيحه ونشر ثقافتها وممارسته الجديده .. بعيدا عن اقحام الشعب الارتري وأجياله الممتده في أي صراع يدور خارج مدار المصلحه العامه .. وادراكا منها أن أدوات الصراع وآلياته لاتخدم قضية البناء والتنظيم .. بل تستخدم فقط لأغراض التدمير وتفكيك ماتحقق من البناء والتنظيم الاجتماعي ..

        ونحن هنا بدورنا لم ندلوا بهذا الدلو من خلال السرد التأريخي الذي سرنا عليه في توصيف وتحليل وقائعه وتسلط الأضواء على مفاصله المرتبطه بهذا الصراع الدائر بين القيادات التاريخيه واسياس أفورقي .. الا لكوننا نؤمن بأنه المنبع الحقيقي ــ  للأزمه الحاليه التي نعيشها ونتجرع آلامها ــ والشريان الرئوي الذي يغذيها ويمدها بأسباب البقاء والاستمراريه .. ولكوننا أيضا لانخشى أن يساء فهمنا ويحرف مقصودنا الى غير ما ذهبنا اليه وأردنا تبيانه .. ولانستبعد كذلك أن يزعم من له مصلحه وغرض بأننا (مثلا) نبرر للنظام الحاكم أخطاءه ونقف الى جانبه ضد فكرة المقاومه الشعبيه والسياسيه لممارساته .. وذلك اعتقادا منه بأننا نحول دون وصولها الى مرحلة المواجهه الحقيقيه معه أو منازلته في ساحة المعركه ..

       كلا ــ ومخطئ من يظن بأننا نكن له المحبه والولاء .. بل كل ما في الأمر أننا ننظر الى هذا الواقع بتجرد وموضوعيه ولانريد من خلال هذه القراءه سوى أن تصبح المعارضه في نظر الشعب مقاومه حقيقيه وليست زائفه .. وأن يأتي أوان قطافها وجني ثمارها اليوم وليس الغد في حياتنا وليس بعد مماتنا .. ولكي نحقق هذا الهدف السامي في وقته المقدر ..علينا أن نبزل من الجهد والتضحيه ما يكفي لتأهيل الكيان الارتري حتى يقوى على تحقيق تلك النتائح المرجوه عند بلوغه مرحلة النزال ..وأول خطوات هذا التأهيل هو البدء في تحديد معايير صحيحه للقيم الاجتماعيه والسياسيه لتصبح صالحه للتبني وقابله للايمان بها والاجماع عليها .. ومن ثم قادره على معالجة قصور الفهم والممارسه الاجتماعيه والسياسيه معالجه جزريه وحاسمه ..

       وذلك حتى يشعر كل فرد من أفراد المجتمع بعدالتها وأحقيتها في الوجود وصلاحيتها في تفعيل الاراده وتصحيح الأوضاع وتنظيم المجتمع .. وهذا مالم يتحقق حتى الآن لأننا نسير في الاتجاه المضاد لوجهة المجتمع .. ولأننا أصبحنا نخلق هذا الجو من العداء والشحناء وهذا الكم من الأحقاد والكراهيه التي تجاوزت مداها وانقلبت على أصحابها لتصبح من بعد ذلك نواه لتجمعاتهم وأجنده خفيه لتنظيم أوراقهم السياسيه.. ورغم ذلك لازلنا نزرف هذه العداوه في مقالاتنا وبياناتنا وندوانتا وتجمعاتنا السياسيه لندعي بأنها موجهه ضد اسياس أفورقي (ونظامه المتهالك) وحده .. متجاهلين بذلك وغير مبالين بالأسباب الحقيقيه الكامنه وراء هذا التداعي والانحراف.. وكأن هناك خصومه شخصيه تجمعنا معه تحول بيننا وبين ذكر الحقيقه الكامله ..مما قلل من نزاهة المعارضه ومن عدالة موقفها .. ومما جعلها في نظر المجتمع تبدو وكأنها الوجه الآخر لعملة اسياس أفورقي .. الأمرالذي سحب منها بساط التأييد والالتفاف الجماهيري ..

       لذا كان لابد لنا من أن نصحح هذه الوجهه ونكشف للمجتمع الارتري حقيقتنا ونظهر له بأننا لانضمر عداء شخصي لاسياس أفورقي لمجرد أنه اسياس .. بل لأن ممارسته كانت ظالمه .. ويكفي أنها خرجت عن اطار الاجماع وتجاوزت حدود المنطق السليم وحبست أنفاس الحراك الاجتماعي والسياسي .. بل وانتهكت بشكل صارخ كل الأعراض والحرمات والمقدسات لدينا ولدى الشعب .. ولأنها أيضا في سبيل ذلك لم تميز الصالح من الطالح والموالي من المعارض بل استهدفت كل أفراد المجتمع الارتري .. وفساد بهذا الحجم والمقدار لايمكننا مقاومته مالم نستهدف كل أشكاله التي تفشت بسبب هذه الممارسه العدائيه .. بالتالي كان علينا أن نحام كل من مارس أ لازال يمارس هذا الفساد حتى لو كان في صف المعارضه .. بذلك فقط يمكننا أن نعيد للمعارضه مصداقيتها وميزان عدالتها .. ونكشف للمجتمع الصوره التي ينبغي أنيكون عليها أفراده فكرا وسلوكا ايمانا والتزاما ..

       ومن ثم نفرز المناخ الصحي الذي تشبعت منه أنفسنا بقيم الخير والحق والفضيله وتمخضت عنه تربتها بمياه العزه والكرام وارادة الشموخ والمقاومه (الفرديه والجماعيه)في أسمى معانيها وأبهى صورها ..وعندها سنشهد بأم أعيننا التحول المفاجئ الذي سيطرأ في مسار حياتنا ..ونعايش عن قرب وقائع النضال الحقيقي والتفاعل الجماهيري الذي سيغير مجرى الأمور لصالحنا ويعيد لكفة المعادله الموازنه.. ثم ما يدرينا أننا عندما نوحد الصف ونصحح الوجهه ونقبل على الله بقلوب تائبه ونعيد لتعاليمه السماويه ونظامه الأخلاقي صلاحياته المعطله نحصل على الدعم والاسناد غير المباشر.. ما يقر أعيننا ويلبي طموحاتنا ويحقق أحلامنا ..وما يدرينا أن الفرج عندما نحقق هذه الخطوه يكون قريب .. ومايدري القياده التاريخيه عندما تمنح القيادات الشابه ماتستحقه من ثقه .. و تنزع من اثيوبيا الحاقده هذه الثقه .. تنال من جماهيرها  الساخط كل الثقه .. أوتحقق ما كانت تصبو اليه بأيسر الطرق وأقربها الى النفوس الطاهره .. والآية الكريمه الصادقه التي التي لاتنطق عن الهوى (ان هي الا وحي يوحى)وحكمتها الأزليه الراسخه تدعونا قائله ( عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو كره لكم والله يعلم وأنتم لاتعلمون) ..  

  وماذلك على الله سبحانه وتعالى (ان استعنا به) ببعيد .. وماذلك على الشعب الارتري (ان تحرك) بغريب .. وماذلك على القيادات التاريخيه (ان صححت موقفها )بكثير

 

                          

      عمر محمد صالح

bladiyat@yahoo.com

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6941

نشرت بواسطة في يونيو 6 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010