من اجل تعزيز الثقة في صفوف القوى السياسية الارترية المعارضة

بقلم / عمر محمد احمد

لا شك ان المخرج الصحيح  لازمة معسكر المعارضة الارترية،التي ترفع شعار النضال من اجل اسقاط النظام الدكتاتوري واقامة البديل الديمقراطي ،يكمن في تبني استراجية واقعية ، تأخذ في الاعتبار في المقام الاول ، معطيات الواقع الارتري واعتماد القرار الوطني المستقبل. ويتضمن ذلك مقاربة موضوعية لقضايا الهوية، والارض، والتخلف ، والتنمية ، والتحديد الصحيح لطبيعة النظام الدكتاتوري، والقوى الاجتماعية والسياسية التي يمكن ان تلعب الدور الاساس في اقامة البديل الديمقراطي .. . .  الخ

ولكن . . .  قبل هذا وذاك يتطلب الامر الخروج من  دائرة ردود الافعال الى دائرة الفعل .

وبذلك وحده نستطيع اعتماد الموضوعية، التي تمكننا من امتلاك استراتيجية  صحيحة للنضال الديمقراطي .

من اين نبدأ ؟ ….

لا يمكن ان ندعو الى البدء من الصفر ……. وامامنا تجربة سياسية بدأت منذ ربع قرن من الزمان ، لها ايجابياتها وسلبياتها .

ولا ازعم انني وجدت حلولا ناجعة للمعضلات التي تواجه النضال الديمقراطي الارتري . . .

لكنني اناشد رفاق الدرب الى التوقف قليلا ، والتفكير مليا في مسيرتنا النضالية . . .  قراءة تلك المسيرة  قراءة نقدية  . . .  وصولا الى  اعتماد العقلانية في ممارستنا السياسية .

وبكلمات اخرى . . .  علينا ان نعترف بان هناك ازمة سياسية لابد من مواجهتها . . . حتى نستطيع تكريس كافة الطاقات ، المادية والمعنوية والبشرية ، لتحقيق الهدف الاساس لنضالنا الديمقراطي .

وتزداد المسؤلية التاريخية للمعارضة الارترية ، اكثر من اي وقت مضى بعد تفاقم الازمة السياسية للنظام الراهن في اسمرا بشكل يهدد مصير الوطن ، كيانا وارضا وشعبا .

لا اجافي الحقيقة . . . ولا اريد اثباط الهمم ، فيكفي الاشارة الى غياب السيادة الوطنية عن جزء مهم من الوطن لاكثر من عقد ونصف من الزمان ، واستمرار لجوء الشباب الارتري ، مما يشكل حرمان الوطن من القوى المنتجة الاساسية ، وارهاصات اعلان ارتريا دولة فاشلة  . . .

يحتم ذلك ان لا نكون اسرى حساسيات المراحل الماضية ، والابتعاد عن المهاترات ، وان نتعامل بموضوعية مع واقع المعارضة الارترية . . .  اعني مكوناتها ومنطلاقاتها وخلفياتها. . .  وان نبذل ما نستطيع لتحقيق الثقة بين القوى السياسية المعارضة .

هذه القوى والشخصيات السياسية لها خلفياتها ، السياسية والتنظيمية ، المختلفة  . . وشاركت ، بطريقة مباشرة وغير مباشرة، في احداث عظام شهدتها الساحة الارترية . . .

ولا زالت تداعياتها حاضرة في واقع المعارضة ،وتشكل ،للبعض ، عاملا مهما في تحديد الانتماء السياسي. .  . ربما يتطلب وضع نقاط فوق الحروف ، للابتعاد عن اللبس والغموض واعتماد الشفافية والوضوح ، باعتبارهما اقصر الطرق لتمليك الجماهير الحقائق . . .  ومن ثم مناقشة القضايا بموضوعية ، والتحلى بمسؤلية وواقعية في الانحياز الى الخيارات السياسية .

تنتمي القوى والشخصيات السياسية المعارضة الى مختلف الخلفيات السياسية والتنظيمية.

فبعضها لعبت ادوارا قيادية في تنظيم ” الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا” في مختلف المراحل– النضالية السابقة ، وارتكبت ( اُرتكِبَت) اثناء تلك المراحل عمليات اغتيال ضد اعضاء تنظيمات ارترية اخرى .

وتتهم ” قيادة الجبهة الشعبية ” في اغتيال تلك الجرائم .

وبعض من قيادات المعارضة الارترية تورطت  في ممارسات جرائم النظام الاثيوبي في عهد ” الدرق” .

وبعض ثالث  كان جزء من قيادة ” جبهة التحرير الارترية ” وارتكبت ممارسات غير ديمقراطية، ابرزها انقلاب 25 مارس ، التي راح ضحيتها  الشهيد ملاكي ” تخلي” واعتقال القيادة الشرعية والكوادر الاساسية في جبهة التحرير الارترية ، التي كانت السبب الاساس في تفكيك تنظيم ” جبهة التحرير الارترية “.

ولا يمكن ان ننسى جريمة اغتيال الشهيد عثمان عجيب ، التي تمت في رابعة النهار في “الخرطوم” .

هذا  غيض من فيض.

ويعني ما اشرت اليه ضمن ما يعنيه ان ليس هناك بعض يمتلك صفاحات ناصعة البياض ، ويمتلك الحق في توزيع صفات الوطنية والديمقراطية. . .  وبعض آخر يمتلك صفحات سوداء او رمادية مشكوك في وطنيته وديمقراطيته .

ويصح هنا ايراد ما ورد في الكتاب المقدس ” من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر” .

قد يحتج البعض قائلا كيف تساوي او تقارن مساهمة بعض، بطريقة مباشرة او غير مباشرة ، في احداث جسام عديدة، ومساهمة بعض آخر ، بطريقة مباشرة او غير مباشرة في احداث قليلة جدا ؟ .

اجيب هنا مسترشدا بقاعدة فقهية ” من اسكر كثيره  فقليله حرام “.

العبرة هنا بالمنهج  . . .  والكيف  لا الكم . . . . .

اذا ما العمل ؟

هل نحذف من ذاكرتنا تلك الممارسات ، وطي الصفحات ،  وعفى الله عما سلف والبدء من الصفر  ؟

كلا . . . . .  بل يجب علينا ان نتعامل مع المعطيات ، في مختلف المراحل ، بعقلية سياسية .

نحن في مرحلة نضالية محددة ، لها اولوياتها تؤخذ في الاعتبار . وما عدا ذلك يناقش ويقيم في وقت آخر – تسنح فيه الشروط الموضوعية  . . .  وحينئذ لن نكون  اسرى دوافع الانتقام  والثأر . . .  بل سننحاز الى الواقعية ونعتمد النهج الديمقراطي .  . .  ونعطي الاولوية  مصلحة الوطن – ارضا وشعبا – ونحذو حذو تجارب الشعوب الناجحة لحل القضايا الخلافية في صفوف  القوى الاجتماعية والسياسية . . . .  وامامنا تجربة جنوب افريقيا بعد اسقاط نظام الابرتايد – كمثال لا الحصر – .

وقبل الختام  ارى من الضرورة الاشارة ، بعجالة ، الى مسألتين :

اولا: المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي  .

كان تكوينه مكسبا وطنيا . . .  وكانت الجماهير تتطلع الى ان يشكل هذا الانجاز قفزة نوعية في النضال الديمقراطي . . .  وتحديا حقيقيا للنظام الدكتاتوري.

ولكن وللاسف . . .  لم يكن الامر كذلك .

فبدلا من ان يسهم في تصعيد النضال ، وتعزيز التلاحم بين مكوناته السياسية اصبح مسرحا للتشاحن والصراعات العقيمة .

ولا ابتعد عن الحقيقة اذا اكدت ان المجلس الوطني – بوضعه الحالي – اصبح عبئا ثقيلا على معسكر المعارضة الارترية .

وليس امام هذا الكيان السياسي الا العمل من اجل ايجاد مخرج للخلافات العقيمة بطريقة ديمقراطية ، واقناع التنظيمات السياسيية المعارضة التي لم تنخرط بعد تحت “لواء” المجلس     . . .  والا فعلى قوى المعارضة ان تبحث عن البديل الافضل .

فالمجلس الوطني للتغيير الديمقراطي ليس بقرة مقدسة وليس من مصلحة النضال الديمقراطي التمسك  به اذا اصبح عقبة كأداء امام تطور النضال الديمقراطي .

ثانيا : المنتدى الديمقراطي – مدرخ

اعتقد ان ” المنتدى الديمقراطي ” سيشكل اضافة نوعية للمعارضة الارترية .

يتطلب ذلك خلق بيئة جاذبة ، ترحب بمساهمة الجميع ، مهما اختلفت الخلفيات ، السياسية والتنظيمية .

يتحمل  مسئولية تحقيق ذلك الهدف النبيل الجميع .

وبصراحة اكثر وضوحا . . . .  اذا كان البعض لم يطمئن بعد . . .   او لديه الشكوك في محتوى برنامج الحد الادني والاعلى ” للمنتدى الديمقراطي ” فلا زال هناك بعض له  تساؤلات حول مدى ولاء بعض القوى المعارضة للنهج الديمقراطي – سواء في مرحلة النضال من اجل اسقاط النظام الدكتاتوري او في مرحلة بناء دولة المؤسسات، وترسيخ دعائم الديمقراطية .

وفي خضم تناسل التنظيمات السياسية ، ذات المرجعية القبلية ، اليس من حق البعض ان يعبر عن تخوفه من ان يشكل  ذلك اضعافا للوحدة الوطنية !!؟.

وبعيدا من تأييد تلك الشكوك او رفضها ، فيجب ان يكون معيار تقييم القوى والشخصيات السياسية المعارضة ، منطلقاتها وممارستها الراهنة . . ..  وفي هذا السياق يجدر بنا ان نقرأ  بتأمل مقالة المناضل احمد صالح القيسي – احد ابرز رموز المنتدى الديمقراطي – تحت عنوان” الاسفنجات التي تمتص  خطايا النظام والزعيم ” .

جاء في تلك المقالة  باختصار ( انفراد الجبهة الشعبية بالسلطة السياسية في دولة الاستقلال منحها  تفويضا شعبيا . . . .  وكان الجميع – دون استثناء – يتطلع ان تضع الجبهة الشعبية نصب اعينها معالجة قضايا ما بعد التحرير – ترسيخ الوحدة الوطنية من خلال اشراك الجميع لان الانجاز الوطني هو حصيلة لنضال الجميع دون استثناء – السعي لاحتواء القضايا الخلافية مع سائر التنظيمات عبر حوار وطني يشترك فيه الجميع – بناء مؤسسات الدولة الجديدة واعداد دستور معبر عن ارادة الشعب – سن قانون للاحزاب يتيح المجال للجميع وفق اسس وطنية – تبني سياسة اقتصادية وتنموية تهدف الى ردم الهوة بين مختلف الاقاليم – وضع سياسة عملية وموضوعية لعودة اللاجئين مكرمين الى وطنهم – والمهم هو تنفيذ المهام باعتبارها الاساس لمعنى الاستقلال . . . .  والا ماذا يعني الاستقلال ؟ ) .

لا اعتقد ان ما احتوته تلك المقالة قناعات مقطوعة الصلة بقناعات سابقة . . .  أي قبل انشقاق كاتب المقال عن النظام الراهن في اسمرا . . .  بل هي – في اعتقادي– تطوير لقناعات لبعض اجنحة ” الجبهة الشعبية” .

وفي هذا السياق اناشد قيادات ” المنتدى الديمقراطي” ان تصدر وثيقة سياسية شاملة تعالج مختلف القضايا التي تطرق اليها – كعناوين رئيسية – المناضل القيسي –

وسيلعب ذلك – بلا شك – دورا ملحوظا في تعزيز الثقة في صفوف القوى السياسية الارترية المعارضة .

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=37160

نشرت بواسطة في مايو 13 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010