من الصحف الإرترية القديمة

هي عبارة عن روايات في إطار التاريخ الارتري لمراحل مختلفة, وجدتها في سلة المهملات وأريد أن أعيدها إلى الذاكرة لكي لا تنسى

(الحلقة الأولى )

اتفاق بين المجلس الثوري والجبهة الشعبية

في عدن للتفاوض مع النظام الأثيوبي

بقلم/ متكل أبيت نالاي

بعد اجتماع جرى في عدن ضم قيادتي المجلس الثوري والجبهة الشعبية لتحرير إرتريا ومسؤولين يمنيين جنوبيين ,أعلن عن توقيع اتفاق بين المجلس الثوري والجبهة الشعبية, وقد تضمن الاتفاق النقاط التالية :

انطلاقاً من إيمان جبهة التحرير الإرترية (المجلس الثوري) والجبهة الشعبية لتحرير ارتريا كممثلين شرعيين ووحيدين لشعب ارتريا واستنادا على المبادئ السياسية العامة التي اقرها التنظيمان في وثيقة التطبيق العملي لاتفاق 20 أكتوبر1977 التي تقر توثيق العلاقات مع كافة القوى التقدمية العالمية. وحرصاً على خلق الأرضية السياسية المشتركة لكلا التنظيمين من خلال بلورة نصوص اتفاقية الوحدة فان القيادة السياسية العليا المشتركة لكلا التنظيمين تؤكد على المبادئ في السياسة الخارجية لكلا التنظيمين ووفودهما المشتركة:

 

1-  أن الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا وجبهة التحرير الإرترية( المجلس الثوري ) هما الممثل الشرعي والوحيد للشعب الإرتري والمتحدث الوحيد في مختلف قضايا ومواقف نضالات الشعب الإرتري.

2-  أن الثورة الإرترية كجزء من حركة الثورة العالمية التي تناضل ضد حملات التشويه والتشهير التي تستهدف دول المنظومة الاشتراكية ودورها المساند لنضالات الشعوب في منطقتنا.

3-  أن الثورة الإرترية ترفض وبشدة سياسات الاحتواء والوصاية التي تحاول الامبريالية والصهيونية والرجعية فرضها على الثورة الإرترية وتؤكد على استمرار استقلاليتها بعيدا عن سياسات الاحتواء هذه.

4-  أن استمرار القتال وتصاعده بين ارتريا وإثيوبيا لا يخدم أبداً مصلحة الشعبين وانتصارهما. ويجلب المزيد من الكوارث لشعوب المنطقة ويضعف من مواقع الديمقراطية الثورية وانطلاقاً من هذا الفهم المسؤول فإننا نؤكد على ضرورة إتباع طرق الحل السلمي ونبدي استعدانا التام للدخول في مفاوضات مباشرة وغير مشروطة مع النظام الإثيوبي بغية إيجاد حل سلمي وعادل لقضية شعبنا, يرتكز على أهمية حق تقرير المصير المستند على نظرية الاشتراكية العلمية.

5-  وان القيادة السياسية العليا المشتركة المنبثقة عن التنظيمين الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا وجبهة التحرير الارترية (المجلس الثوري ) بتاريخ  20ابريل (نيسان) 1978 هي الممثل الشرعي الوحيد للشعب الإرتري في التفاوض مع النظام الإثيوبي والبت في كافة القضايا المصيرية للشعب الإرتري.

وفي مكان أخر  كررت قيادة المجلس الثوري لجبهة التحرير الإرترية أخطاها القاتلة في المنطقة حينما أعلنت في بيان مشترك مع حواتمه دعمها للنظام التقدمي في إثيوبية.

 كان ذلك حينما عقدت قيادة المجلس الثوري لجبهة التحرير الإرترية اجتماعاً مع السيد نايف حواتمه الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وذلك في 30 حزيران 1978 صدر على أثره البيان التالي:

استقبل حواتمة أمين عام الجبهة الديمقراطية وفد جبهة التحرير الإرترية(المجلس الثوري) برئاسة أحمد ناصر رئيس اللجنة التنفيذية وعضوية الشهيد/ زين العابدين عضو اللجنة التنفيذية والشهيد/ صالح أحمد إياي عضو المجلس الثوري والعلاقات الخارجية حينها.

تناولت المباحثات الأوضاع العربية والفلسطينية ونتائج أعمال الاتفاق المشترك بين جبهة التحرير والجبهة الشعبية الإرترية. واتفق الطرفان على ما يلي:

 

1-  النضال ضد السياسة الامبريالية الأميركية في المنطقة الشرق الأوسط والقرن الأفريقي وضد الحلول الاستسلامية العربية وأخرها مشاريع بيغن التصفوية ومشروع السادات الاستسلامي ألإلحاقي باقتسام الأرض الفلسطينية بين إسرائيل والأردن ومصر وتمزيق الشخصية الفلسطينية المستقلة.

2-  تقدير اتفاق جناحي الثورة الإرترية بضرورة الحل الديمقراطي السلمي للمسألة الإرترية في صالح الثورة الإثيوبية والشعب الإرتري. ووقف أي تعبئة رجعية ضد القوى الثورية الإثيوبية والبلدان الاشتراكية, كما درجت عليه التيارات اليمينية والرجعية الإرترية.

3-  العمل على فتح باب المفاوضات  المباشرة بين الثورة الإثيوبية والإرترية بدون شروط مسبقة وبما يحمي المصالح المشتركة الإثيوبية – الإرترية.

4-  العمل لوقف الاقتتال الدائر الإثيوبي- الإرتري على أساس حق تقرير المصير في المبادئ الثورية التي تحدد العلاقات بين القوى الديمقراطية والتقدمية الإثيوبية- الإرترية.

5-  إدانة محاولات الرجعية في القرن الأفريقي والوطن العربي والتدخل في الشؤون الإرترية بهدف تحريف الثورة الإرترية عن خطها الوطني الديمقراطي وجرها للمشاركة بمخططات الاستعمار الجديد في القرن الأفريقي.

وفي اليوم التالي على صدور هذا البيان, أدلى احمد ناصر بحديث إلى جريدة “السفير: البيروتية قال فيه: ” نحن ندرك تماماً موقف بعض الدول التي كانت تسعى من خلال دعمنا,إلى استخدامنا كجسر لإسقاط الثورة الإثيوبية , وكنا حريصين على عدم الوقوع في الفخ وعدم السقوط في غلطة الصومال, الذي أطمأن  للوعود والمساعدات الرجعية مقابل التخلي عن تقدمية الثورة”

وأضاف عن  العلاقات بين المجلس الثوري والجبهة الشعبية ومدى إمكانية التوحيد

” الحقيقة أنه ليس هناك بعد وحدة تنظيمية بيننا وبين الجبهة الشعبية, ومن أجل إتمام ذلك شكلت لجنة من الطرفين مهمتها دراسة العقبات لإزالتها خلال 6 أشهر, على أن تجتمع القيادتان بعد ذلك… وسنناضل من أجل الوحدة الكاملة”

والحقيقة كان دخول الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا في اتفاق أكتوبر 1977 كرهاً لا طواعية  أو عن إيمان بالوحدة ولم تدخر جهداُ في البحث عن  ثغرات  التي تؤدي إلى إلغاء  الاتفاقية فتحججت أولاً بالحروب الدائرة في ميناء مصواع  ثم قلت إنها مشغولة في حرب دفاعية شاملة في المدن المحررة وكانت تلك الفترة تتميز بالمواجهة الساخنة مع حملات الدرق, كان قد تحقق فيها انتصارات كبيرة لثورة الإرترية.  ثم حدوث تغير في ميزان القوى  لصالح الجيش الإثيوبي  على اعتبار ما حققه في أوغادين يمكن أن يتكرر في إرتريا. وانطلاقا من هذه الاعتقاد  قام الدرق  بحملات عسكرية في المدن المحررة مما جعل الجبهة الشعبية تنسحب إلى ضواحي نقفة المحررة . ولكن قالت الشعبية أثناء المناوشات العسكرية مع جيش العدو قام جيش التحرير(المجلس الثوري) وصاعد من عملياته ضدها حول مدينة نقفة أملاً أن يساعد إثيوبيا على إضعاف أكثر فأكثر بأسلوب ضرب الشعبية من الخلف إثناء انشغالها بحرب الدفاعية الشاملة مع العدو  وعليه تقول أطرت بإلغاء التعاون العسكري المحدود الذي كان قائماً بينهما بموجب اتفاقية أكتوبر  وبعد هذا الكلام سحب المجلس الثوري وحدته التي كانت تتمركز في بعض المواقع المشتركة مع الجبهة الشعبية في ضواحي نقفة وشرعت الشعبية في تصعيد الصدمات العسكرية وأشعلت حرباً أهلية محدودة مما أدي بالنتيجة إلى تفاقم حدة التناقضات بينهما. وللحقيقة كانت الاتفاقية مجرد محاولة للمناورة بها في عمل دعائي لكسب المعسكر الاشتراكي وعلي أعلنت الجبهة الشعبية برنامجها حول الوحدة على أساس وحدة الفكر وعلى مراحل مجربة من العمل المشترك. أما تنظيم قوات التحرير الشعبية أدان الحروب الأهلية ووجه الزعيم عثمان سبي  نداءاته من أجل الحوار الديمقراطي والوحدة الاندماجية فوراً, وطالب توجيه كل البنادق ضد العدو كما استعمل صداقاته مع قادة الدول العربية لضغط عليهم بهدف الوحدة الكاملة.

وحول بيانهم ذلك استنكرت قوات التحرير الشعبية وقالت هذا البيان يعبر عن استسلام القيادتين ضمن مسلسل مخططات الاشتراكيين العرب لرميي الثورة الإرترية في أحضان إثيوبية وسعي  لاعاقة استقلالنا ومنع شعبنا من حقه في تقرير مصيره الكامل.

 واليكم موقف قوات التحرير الشعبية:

أعلن قيادتا المجلس الثوري لجبهة التحرير الإرترية والجبهة الشعبية لتحرير إرتريا في مؤتمر صحفي عقدتاه في بيروت (29/6/1978) عن اتفاق جديد بينهما, اتفق الطرفان فيه على أنهما “الممثل الشرعي الوحيد للشعب الإرتري والمتحدث الوحيد في مختلف قضاياه” كذلك اتفقا على “أنهما يرفضان في شدة سياسة الاحتواء والوصاية” وأعلنا استعدادهما  للدخول في مفاوضات مباشرة ومن دون شروط سابقة” مع النظام العسكري الإثيوبي  بغية إيجاد حل سلمي للمشكلة الإرترية.

وتود قوات التحرير الشعبية لجبهة التحرير الإرترية أن تثبت, أمام الشعب الإرتري وأمام الرأي العام العربي والعالمي , موقفها من هذا  الاتفاق الجديد  الذي وقع في الأساس في عدن وأعلن في بيروت.

أن هذا الاتفاق الجديد يدخل ضمن سلسلة طويلة من الاتفاقات التي صاحبتها في كل مرة ضجة إعلامية كبيرة وانتهت إلى التجميد ثم الفشل ثم البدء في البحث عن صيغة جديدة لاتفاق جديد. والشعب الإرتري عبر أكثر من مرة عن اشمئزازه لهذه المهزلة التي تجري باسمه والتي تتولى قيادتي المجلس الثوري والجهة الشعبية عرضها بين العواصم.

أما الحديث عن احتكار تمثيل الشعب الإرتري والتحدث في قضاياه, فهو كلام فارغ لن نرد عليه, لان المعطيات الجديدة في الساحة الإرترية والمواقف من موضوع الاستقلال هما اللذان يحددان من يمثل الشعب الإرتري ومن يعبر عن إرادته.

أن البيان الجديد للمجلس الثوري والجبهة الشعبية قد صيغ في موسكو ووقع عليه في عدن وأعلن في بيروت, وهو يتضمن الحل السوفيتي  للمشكلة الإرترية, والحل السوفيتي يعبر عنه الموقف السوفيتي الرسمي, وهو الداعي إلى وحدة إثيوبيا وحل المشكلة الإرترية على أساس الحكم الذاتي, وبرأينا فان إصرار الإتحاد السوفيتي على الحكم الذاتي يمثل شرطاً مسبقاً لصالح إثيوبيا, وهو في نفس الوقت يجعل حق تقرير المصير بدون محتوى, وبالتالي فحن نعتبر الحل السوفيتي للمشكلة الإرترية حلا غير جذري وغير عادل , لأن الحكم الذاتي يعني في النهاية إعادة الهيمنة الإثيوبية على إرتريا باسم وشرعية جديدين بعد أن حرر الشعب الإرتري أكثر من 90% من أرضيه.

أن بيان المجلس الثوري والجبهة الشعبية يأتي  وسط ظروف ومداخلات غربية , فالبيان جاء نتيجة مساع عديدة قامت بها موسكو لإقناع الإرتريين بالتنازل عن الاستقلال , وصدر بعد يومين فقط من قرار إثيوبيا الرسمي الذي يعلن ” الحرب إلى أخر رجل لإلحاق العار بالإرتريين ” وفي وقت لا زالت فيه إذاعة موسكو وصحفها تهاجم الإرتريين وتعتبرهم انفصاليين , وبعد 4 سنوات من استلام العسكريين السلطة في إثيوبيا دون الاعتراف بحق الشعب الإرتري في تقرير مصيره, وأخيراً بعد أن أنيط اللثام عن اتصالات سرية كانت تجريها الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا مع إسرائيل حول مصير ارتريا ,أن صدر البيان وسط هذه الظروف الغريبة والمتناقضة يثير حوله الكثير من الشكوك  وأكثر ما نخشاه أن يكون الهدف الأساس من دفع الإرتريين على توقيع هذا البيان, هو تقديم أسباب وعوامل تفجير حرب أهلية خطيرة, تخدم في نتائجها مخططات إثيوبيا المعروفة للجميع والساعية إلى إعادة هيمنتها الكاملة على الأراضي الإرترية.

 

أن قوات التحرير للشعبية , انطلاقاً من التزامها بالحق الكامل للشعب الإرتري في تقرير مصيره دون ضغوط سواء كانت عسكرية أو سياسية , تعلن عدم إقرارها بما ورد في البيان الذي أعلنته قيادتي المجلس الثوري والجبهة الشعبية’ ولا تعتبر البيان ملزماً لها وهي طرف أصيل في الساحة الإرترية , كذلك لن تكون قوات التحرير الشعبية ملزمة بما ينتج عن هذا البيان الذي صيغ من قبل قوى خارجية تريد أن تفرض حلاً على إرتريا لا يعبر عن طموحات شعبها ولا عن إرادته الحرة.

أن قوات التحرير الشعبية ترفض, وسوف تحارب أي حل ينتقص أو يجعل تقرير المصير على مراحل, لأننا نعرف الهدف الحقيقي  من وراء طبخة كهذه ,ونعرف كذلك كل الضغوط التي سلطت على المجلس الثوري والجبهة الشعبية لحملها على القبول بالحلول المرحلية, التي تضع مصير ومصلحة النظام العسكري الإثيوبي قبل مصير ومصلحة شعبنا الإرتري ومستقبله.

أن صيغة البيان والمناسبة التي أعلن خلالها, تعبران عن استسلام قيادتي المجلس الثوري والجبهة الشعبية, وقبولهما المسبق بشروط النظام العسكري الإثيوبي الخاص بتقرير المصير ضمن دولة إثيوبيا.  ونحن ملزمين أمام شعبنا بأن نكشف قريباً جميع أسباب وعوامل هذا الاستسلام وستتولى قوات التحري الشعبية دورها الوطني الكامل في إحباط المؤامرات التي تحاك ضد النضال الإرتري وضد استقلال إرتريا.

أن الدول الكبرى, وبعد أن وصلت المشكلة ألإرترية إلى نهايتها, تحاول كل منها أن تنهي هذه المشكلة لصالحها على حساب مصلحة شعبنا ومستقبله, وعلى حساب الاستقرار في المنطقة,وهذا هو مبعث كل المناورات والضغوط وعمليات الشد والجذب التي تتعرض لها الثورة الإرترية في الوقت الراهن, ونحن إذ نعي تماماً كل خيوط اللعبة سوف نواصل مسؤوليتنا لكشفها وإحباطها, معتمدين على قدرة شعبنا البطل على الصمود والتحدي, شعبنا الذي لم يتوان طوال سبعة عشر عاماً عن مواصلة النضال وتقديم التضحيات من أجل حقه المشروع.

       ومن منطلق الحرص على إيجاد حل عادل وكامل للمشكلة الإرترية ينهي عذاب شعبها ويبعده عن متناول الاستبداد ألإثيوبي, نطالب جميع الدول التي شاركت في صيغة القرار الفدرالي عام 1950 المساهمة في إيجاد مخرج للمشكلة الإرترية يضمن الحق للشعب الإرتري في تقرير مصيره بإرادته الكاملة وبخياره  ودون ضغوط خارجية, وبما في هذه الدول الإتحاد السوفيتي الذي دعم في تلك الفترة حق إرتريا في الاستقلال وحق شعبها في تقرير مصيره فليس  من مصلحة الإتحاد السوفيتي أن يتحمل مسؤولية تاريخية في فرض حل مرقع للمشكلة الإرترية ويسمح للمأساة أن تتكرر مرتين, ونحن من جانبنا لا نود للاتحاد السوفيتي أن يكرر الخطأ الذي ارتكبته أمريكا عام 1950 , حين فرضت بالمناورات وبالضغوط السياسية الإتحاد الفدرالي على الشعب الإرتري دون اعتبار لأرادته ورغبته, فكانت النتيجة سبعة عشر عاما من الحروب والدمار وعدم الاستقرار في إرتريا وفي إثيوبيا على السواء.

      أن النظام العسكري الإثيوبي قد أعلن منذ ثلاثة أيام الحرب على إرتريا وشعبها , وأن النظام الإثيوبي يخوض هذه الحرب بالخبراء والأسلحة السوفيتية المتطورة, لذلك فان على الإتحاد السوفيتي تحديد موقفه من هذا الإعلان قبل البدء في أي مساعي لحل المشكلة الإرترية,  فالإتحاد السوفيتي حين يكون داعماً تصبح كل مساعيه مثار الشكوك والمخاوف لدي الإرتريين , ونود هنا تنبيه الجميع إلى أن حق تمثيل الشعب الإرتري  لا يكتسب ببيان ولا بمؤتمر صحفي في بيروت, لان حسابات الواقع لا تنطبق دائماً على طموحات الأفراد.

 

الجنة التنفيذية

لجبهة التحرير الإرترية

قوات التحرير الشعبية

1- 7 – 1978

 وفي أديس أبابا انتهى  الاجتماع الذي بدأه النظام العسكري في 10حزيران واستمر 10 أيام للتشاور حول المشكلة الإرترية وطرق حلها, وان خلافات أساسية ظهرت في الاجتماع ومع ذلك, انتهى بإعلان الحكومة الإثيوبية عزمها على مواصلة الحرب ضد الشعب الإرتري وثورته بتكثيف الحملات العسكرية الضخمة ضده, وقالت إذاعة أديس أبابا  أن الاجتماع انتهي بنداء من أجل “إلحاق العار” بالإرتريين. وقد أعلن الملازم تاميرات فريدي وزير الإعلام الإثيوبي أن “القتال يجب أن يستمر حتى أخر  رجل مهما كان هذا القتال صعباً ومريراً” ثم رفع وزير الإعلام الإثيوبي شعار ” كل شيء  إلى جبهة القتال ” ويأتي هذا القرار الإثيوبي الخطير في نفس اليوم الذي تعلن  قيادتي المجلس الثوري والجبهة الشعبية اتفاقهما الداعي إلى مفاوضات بدون شروط مع النظام الإثيوبي.

وكان المجير برهانو بأيي مسؤول الشؤون الخارجية في نظام” الدرق” قد أعلن في 23 حزيران بأن الحل العسكري لا يزال هو الحل الوحيد الممكن في إرتريا  بعد فشل ما أسماه الوساطات التي قامت بها ألمانيا الديمقراطية, وكوبا, وليبيا, واليمن الديمقراطية.

 وفي حديث لوزير خارجية عدن الرفيق/ سالم صالح محمد

أجرته معه مجلة ” الحوادث اللبنانية لتي تصدر في لندن, ونشرته في عددها الصادر في 23 تشرين الثاني(أكتوبر) 1981 تحدث حول قضايا الراهنة في القرن الأفريقي وبعد لف والدوران انتزع منه مندوب المجلة الأجوبة التالية في القضية الإرترية:

قال السيد الوزير للمندوب المجلة” قضية إرتريا ستحل على أساس حق تقرير المصير. والنظام الإثيوبي الجديد سيحل هذه القضية وفق هذا المبدأ, وهو يسير على هذا الطريق” ثم أضاف ” لقد كنا من المؤيدين والمساندين الذين فتحوا عدن لتكون قاعدة لإرتريا الثورة عندما كانت تمثل الثورة ضد النظام الإمبراطوري السابق. اليوم نظام إثيوبيا القائم ثوري يؤمن بصداقاته مع الشعب العربي ويؤيد قضايانا , فنحن ننظر إلى القضية من هذا المنطلق. وقد بذلنا الجهود المضنية مع الإرتريين ومع كافة الفصائل الإرترية لكي يعملوا مع قيادة الثورة الإثيوبية من أجل إثيوبيا الموحدة(..) ونشعر الآن بان مجموعة الإرتريين يعملون بخط معاكس لاتجاهات الثورة الإثيوبية ومواقفنا ينطلق من هذه الاعتبارات”.

ــــ نحن نشعر بأنه عندما يبدأ الإرتريون اكتشاف الاتجاهات الجديدة ـــــ والتي ينبغي عليهم أن يتبعوها ـــ فالمجال مفتوح أمامهم”. ـــــ على الإرتريين ” أن يتعاملوا مع النظام الجديد على أساس أنه ما كانوا يفكرون به خلال النظام السابق”.

هكذا أجاب السيد وزير خارجية عدن بالحرف, دون زيادة أو نقصان ودون رادع أو ضوابط دبلوماسية أو سياسية أو مبدئية.  وعلق الزعيم  عثمان صالح سبي  قائلا: “هذا القول هو انقلاب ضد الثورة الإرترية ويريد الوزير أن تصفى ثورتنا الإرترية نفسها على مذبح السياسية المنحرفة والمدمرة لحكومة عدن وعلى أساس المذبح العنصرية الشوفينية لنظام مانجستو الفاشي. وإذا كانت القضية الإرترية سوف تحل كما يقول على أساس حق التقرير المصير لماذا يطلب من قيادة الثورة الإرترية العمل من أجل إثيوبيا الموحدة!! فكيف يمكن التوفيق بين هذا القول والدعوة  لدمج إرتريا وصهرها في” إثيوبيا الموحدة”  كيف تجرأت عدن على طمس الهدف الأساسي لنضال الشعب الإرتري وما هو مقياسهم الثورية لنظام الدموي الحاكم, عليهم أن يعرفوا بأن هذا عار تاريخي سوف يلاحق عدن الذي تجاوز موقفها كل الحدود المقبولة وسوف يوقعها في مطبات المنطقة ويسقطها تماماً.

  وفي عام 1981 حصل  تطور مفاجئ إذ  قامت السلطات العدنية استدعاء ممثل جبهة التحري  الإرترية السيد/ تخلي إزاز ثم حجزته مدة طويلة, وأخيراً طلبت منه مغادرة البلاد في غضون 48 ساعة دون إبداء أي أسباب لهذا الإجراء. وكانت حكومة عدن قد أغلقت مكتب جبهة التحرير في عدن في عام 1980 وطلبت حسر تمثيل الجبهة بشخص واحد على ألا يمارس أي نشاطات سياسية علنية. وإنه ليس من المستبعد أن يكون هذا الإجراء جاء بطلب من السلطات الإثيوبية. ويذكر أن قوات التحرير الشعبيةـ قد أغلقت مكتبها في عدن بمبادرة منها في عام 1976 عندما تحول موقف الحكومة العدنية ضد الثورة الإرترية وشاركت في القتال الذي دار حينها في مصوع, وأغوردات, كما أغلق مكتب الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا في عام 1979.

قالت مجلة( المجلة ) التي تصدر في لندن عن تلك الأيام في مقال لها تحت عنوان

 الرهان السوفيتي قائم على  إثيوبيا وعدن في المنطقة

أن باب المندب يقع بين اليمن الجنوبي وإثيوبيا وهما دولتان صديقتان للإتحاد السوفيتي , على عكس إيران وعمان المطلتين على مضيق هرمز . وأهمية باب المندب أنه تحول إلى موقع نفوذ سوفيتي رئيسي في المنطقة ملتهبة تتأثر كثيراً بالنزاع العربي الإسرائيلي . ويعرف قادة موسكو أن نفوذهم في البحر الأحمر والمحيط الهندي يرتبط بتأمين حرية الملاحة أمام الأساطيل السوفيتية. لذلك  يعتبر الكرملين كل محاولة لتغير نظام عدن موجهة ضد وجود السوفيتي في هذه المنطقة. وبعد خسارة السوفيت لقناة السويس , أثر التحول الذي حدث  في السياسة المصرية وطرد خبراء موسكو من مصر , رأي قادة الكرملين أن باب المندب  كانت بين الأسباب التي دفعت القيادة السوفيتية التي تغير تحالفاتها في القرن الأفريقي والتخلي عن الرفاق  الصوماليين في مقابل الانفتاح على النظام الإثيوبي . فالتسهيلات التي قدمتها إثيوبيا للأسطول السوفيتي والقواعد التي سمحت لموسكو بإقامتها أدت إلى أحكام السيطرة على باب المندب.

وفي نهاية أغسطس ( آب ) من عام 1981 تم التوقيع على معاهدة الصداقة في عدن بين ليبيا واليمن الجنوبية وإثيوبيا وبعد اجتماع دام عشرة أيام بين العقيد معمر ألقذافي, وعلى ناصر محمد, ومنجستو هيلي ماريام) أعلن الرؤساء الثلاثة تشكيل مجلس أعلى يضم رؤساء الدول الثلاثة ولجان وزارية تتولى مهمة متابعة تنفيذ معاهدة الصداقة. وجاء في البيان المشترك أن إبرام معاهدة الصداقة والتعاون بين الدول الثلاثة يرجع إلى ضرورة تحديد موقف موحد إزاء الإمبريالية والاستعمار والصهيونية والعنصرية. كما أشاروا في بيانهم إلى ضرورة تعميق وتطوير العلاقات الإستراتيجية مع دول الكتلة الاشتراكية والقوى الدولية التقدمية. وقد نصت المعاهدة أن أي  عدوان على احدي الدول الثلاثة الموقعة على المعاهدة سيعتبر من جانب الدولتين الآخرين عدوانا ضدهما وإنهما سيدفعان عن الدولة المعتدي  عليها  بشتى الوسائل . وأوضح  نص المعاهدة أن الدول الثلاثة تتعهد بتنمية تعاونهما في مجال العسكري والأمن من أجل دعم قواتها الدفاعية للمحافظة على استقلالها وسيادتها وطابعها الثوري. وكانت المعاهدة تتكون من 28 بندا يؤكد في نظر المراقبين الطابع العسكري للتحالف بين هذه الدول والتي يقوم الإتحاد السوفيتي بتسليح جيوشها بأقوى التجهيزات. ولكن  أن الخطابات والتصريحات العلنية التي ألقيت في مؤتمر قمة عدن قالت إنها ستنسق نضالها ضد الإمبريالية والصهيونية وستقف خاص في وجه المؤامرات التي يدبرها الموقعون على اتفاقيتي كام ديفيد. وتنص المعاهدة من جهة أخرى على تشكيل لجنة سياسية من وزراء الخارجية ولجنة اقتصادية تضم وزراء الاقتصاد والتخطيط و سيجتمع مرة كل عام مجلس أعلى يضم زعماء الدول الثلاثة.

أعلنت الصومال فوراً  قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الجماهيرية الليبية وطلبت من موظفي مكتب الأخوة العربية الليبي (السفارة) في العاصمة الصومالية مغادرة البلاد خلال ثمان وأربعون ساعة. وقلت الصومال كان هذا الإجراء ضرورياً بعد مؤامرات العقيد معمر ألقذافي ضد الشعب الصومالي ومساندته لنظام الحكم الإثيوبي ضد الشعب في أوغادين وإرتريا ووصفتها بأنها معاهدة للاعتداء على الصومال. وفي تصريح للزعيم الليبي العقيد معمر ألقذافي الذي نشرته جريدة السفير اللبنانية

 (26ـــ 8 ـــ 1981 ) قال( يمكن أن تكون إثيوبيا حليفاً قوياً لحركة الثورة العربية ويجب التعاون معها لأنها لو تحالفت مع قوى غير عربية لشكلت خطراً على الأمة العربية. ومع أن الثورة هناك ترفع الشعارات الماركسية, إلا أن إثيوبيا أمة تعتز بوطنيتها والمعاهدة معها تشكل حجر الزاوية في تحالف الأمة العربية والأمة الإثيوبية. وحول موضوع إرتريا أكد أن هذه القضية خلقت أزمة ثقة بين العرب والإثيوبيين ولكن حصل مؤخرا تطور إيجابي داخل الثورة الإرترية نفسها. كما أن الرئيس الإثيوبي مع إيجاد حل مقبول لهذه القضية وإن كان يرفض رفضاً قاطعاً انفصال إرتريا ويعتبر ذلك سابقة تتبعها حركات انفصالية أخرى بالنسبة لسائر القوميات في بلاده. وأشار إلى (حقيقة يجب أن لا يغفل عنها العرب وهي أن المسلمين في إثيوبيا يشكلون الأغلبية).       

ونددت مصر وسلطنة عمان بالمعاهدة فقال الدكتور محي الدين نائب رئيس مجلس الوزراء المصري أن هذا الاتفاق هو في خدمة النفوذ السوفيتي ومخططاته وان هذا المثلث هو محاولة لإقامة هلال غير خصيب يطوق المنطقة بمعاونة السوفيت  ويهدف على إسقاط نظام الحكم السوداني برئاسة الرئيس جعفر نميري)  وفي زيارة للعقيد ألقذافي لإثيوبيا ندد القائدان ما يسمى بقوات الانتشار السريع التي يجري إقامتها في عدد من الدول الأفريقية والعربية مثل مصر والسودان التي قدمت القواعد العسكرية والتسهيلات لقوى العدوان والهيمنة والقهر. أن المخاوف السودانية في ظل التحالفات الإقليمية والدولية الراهنة جعل السودان على طرف نقيض لما أقدمت عليه المنطقة. كما أن ليبيا قدمت لإثيوبيا معونة اقتصادية مقدارها 450 مليون دولار إثناء زيارته الأخيرة لأديس أبابا. وقد أيدت إثيوبيا في البيان المشترك مع ألقذافي حكومة الرئيس التشادي جكوني عويدي المدعوم من ليبيا في حين تؤيد حكومة السودان خصمه العنيد, وزير الدفاع السابق حسين هبري الذي يشن حرب عصابات ضد حكومة جوكوني وقد حاول نميري جهده في إقناع دول الخليج  لإحباط التحالف الجديد.  وان بعض الدول الخليجية كانت تقدم مساعدات نفطية ومالية لا بأس بها لإثيوبيا لإبعادها من النفوذ السوفيتي. وتلقت الثورة الإرترية بدورها وعداً لدعمها إذا توحدت في إطار واحد يجمع كل الفصائل الإرترية.

وقد أثارت معاهدة عدن مخاوف الدول الخليجية فبادرت بعقد مؤتمر وزراء خارجية مجلس التعاون في الطائف في مستهل سبتمبر ( أيلول) 1981 وكانت المعاهدة ضمن جدول أعمال

 المؤتمر. إلا أن ليبيا واليمن الديمقراطية قد قاما بمحاولات لطمأنة الأنظمة الخليجية بأن المعاهدة غير موجهة ضدها.

وفي موسكو ذكرت صحيفة البرافدا أن التحالف الجديد بين إثيوبيا والجماهيرية الليبية واليمن الديمقراطية يخدم مصالح وأمن واستقرار المنطقة. ويحد من تزايد الوجود العسكري الأمريكي في المحيط الهندي والخليج.

 

                                    

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6848

نشرت بواسطة في أبريل 19 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010