من قرارات المؤتمر الوطني العام السادس لجبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري

تأسيس حزب

 

جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري

مكتب الثقافة والاعلام

18 / 8 / 2006م

 
 

 

 

لماذا لم تتحول جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري الي حزب حتى الآن؟

1- لأن النظام في ارتريا لا يملك منهجاً يشجع على التعددية الحزبية:ـ

 

لو ساد في ارتريا بعد استقلالها أجواء سياسية صحية ملائمة، كان المفترض أن تتحول الجبهات التي تأسست من أجل محاربة المستعمر الي أحزاب سياسية، يذكر الجميع أن جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري منطلقةً من هذه القناعة أبدت استعدادها للتحاور مع الحكومة المؤقتة التي تولت مقاليد السلطة في ارتريا عقب التحرير، ليس ذلك فحسب بل أعلن التنظيم وقتها أن خياره من الآن هو خيار النضال السلمي، وأعلن رسمياً أن السلاح الذي حمله من أجل الاستقلال قد انتهت مهمته بنهاية وجود المحتل الأجنبي في البلاد.

 

بيد أن نظام إسياس الذي حاز السلطة في ارتريا كان حينها يعيش في سكرة موجة الدعم المادي والمعنوي اللا محدود التي أسبغت عليه خيرها وثناءها محلياً واقليمياً ودولياً، مما جعله يعتبر مبادرة تنظيمنا النبيلة ضعفاً وركوعاً أمام جبروته، لينخرط بعد ذلك في سلسلة من أعمال التصفية والاعتقالات التعسفية ويتجه نحو إشعال فتيل التناحر والتباغض واحتكار السلطة والثروة، وفي سبيل تصفية وجود معارضيه لم يترك من وسيلة سياسية، دعائية، دبلوماسية، اقتصادية، عسكرية وأمنية إلا واستخدمها لهذا الغرض، وباختصار اختار إسياس وأتباعه أن يواصلوا إدارة الدولة بأسلوب الثورة وحياة الغابة لا بأسلوب الحكم العصري المتحضر، ولم نلبث أن شاهدنا لهذا الأسلوب ضحايا كثر ليس فقط من بين قوى المعارضة التقليدية، بل من بين جمهور الشعب وأعضاء ومناصري الجبهة الشعبية نفسها، وهذا النهج الخاطئ الذي لا يسمح بالتعدد الحزبي، ولا يتقيد بالدستور والقانون، ولا يقتسم السلطة مع الآخرين، ويحاول معالجة كل أنواع الخلاف بالقوة والقوة فقط، أدى في نهاية الأمر الي تنامي تيار معارض ورافض لهذا النهج وسط عامة الشعب وداخل من كانوا قيادات أساسية وقواعد نشطة في الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا.

 

نظام إسياس وهرباً من هذه الأزمات الداخلية وصرفاً لأنظار الشعب نحو قضايا أخرى، قام بإشعال وافتعال سلسلة من الحروب والنزاعات المتكررة، وتغطيةً لقصوره وفشله الدائم، لجأ الي تلطيخ سمعة عامة معارضيه وتسويد صفحات رفاق دربه الذين حملوا معه السلاح حتى تحرير كامل البلاد، فلفق عليهم تهماً جزافية بغير منطق ولا دليل ليتـَّــهم بعضهم بالخيانة الوطنية وبعضهم الآخر بالفساد، وقام بعد ذلك باعتقالهم وتصفيتهم جسدياً أو اغتيالهم معنوياً.  هذه الظروف التي صنعها النظام بيمناه متضافرةً مع عوامل وظواهر أخرى عديدة وسـَّـــعت من قاعدة الفرضية القائلة بأن إسياس لا يؤمن إلا بلغة ومنطق القوة ودون توفر هذا الشرط لن يقــْـــــــدِم بنفسه طوعاً علي إجراء التغيير المطلوب عبر لغة السلم والحوار، بل عشنا زماناً اعتــُــبـــِــر فيه الايمان بضرورة الكفاح المسلح أو استخدام العنف مقياساً لجدية معارضة نظام إسياس من عدمها، وبهذا اضطر تنظيمنا الي مواصلة عمله النضالي حاملاً اسم جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري، بل وأن يتقلد ثانيةً السلاح الذي كان قد وضعه.

 

2- المكايدات التي أوجدتها الانقسامات:ـ

 

كان من مميزات الانقسامات التي تظهر وسط معسكر المعارضة الوطنية التنازع وتبادل المكايدات حول الحفاظ على الاسم القديم السابق للانقسام، والحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن هذا التنازع الي جانب عوامل الخلاف الأخرى أدى الي إعاقة العمل المشترك بين التنظيمات ذات البرامج المتشابهة، وأسطع دليل على هذا التمسك بتراث المسميات القديمة يتمثل في أن الكثير من التنظيمات الارترية المعارضة ما تزال منذ الاستقلال وبعده وحتى هذا العام 2006م تتمسك بأسمائها في مرحلة الكفاح التحرري وما قبل الاستقلال. وهذا طموح سياسي فج وغير صحي خلقه تقليد عدم الانصياع لقرار الأغلبية، ووهم التعلق بالأسماء والاتكال عليها.

 

3- الخوف من أن لا يؤدي تغيير الاسم الي البلبلة والارتباك وسط قواعدنا الشعبية:ـ

 

صحيح أن تغيير التنظيمات لأسمائها قد يؤدي مؤقتاً الي إحداث بعض البلبلة والإرباك، بيد أنه يجب أن يكون معلوماً لدينا جميعاً أن الشعب يهتم بالرسالة النظرية التي يملكها التنظيم السياسي ومدى التزامه العملي بها وليس من الضروري أن يكون حاملاً هذا الاسم أو ذاك، بل يسأل الشعب التنظيم عن أية مصلحة وطنية عامة قد تحققت على يديه وليس أي اسمٍ يحمل، لهذا فإن أية التباسات يخلقها تغيير الاسم لن تدوم طويلاً، فالشعب سوف يلتف عاجلاً أو آجلاً حول التنظيم الذي يراه جديراً بتحقيق المصلحة الوطنية دون الاهتمام كثيراً بالنظر الي أوراقه الثبوتية وما يحمله من أسماء أو ألقاب.

 

يجب ألا يغيب عنا أنه في النظام الديمقراطي أن الشعب بأكمله هو الساحة التي تحتكم اليها الأحزاب السياسية المتنافسة، أي إن الشعب قد يناصر اليوم هذا الحزب، وقد ينقلب غداً على ذلك الحزب فيناصر ويدعم آخر يراه أجدر من سابقه بتحقيق المصلحة العامة، وهذا ممكن جداً حدوثه وتوقعه، ثم إنه حق طبيعي للشعب يجب صونه والإقرار به، ففي السياسة لا يعقل التسليم بأن هذا القسم أو القطاع من المجتمع ملكي أنا وذلك ملكك أنت مرةً والي الأبد.

 

4- الأحزاب السرية التي كانت قائمةً في عهد الكفاح المسلح:ـ

 

إن الأحزاب السرية التي كانت قائمةً في عهد الكفاح المسلح سواء داخل جبهة التحرير الارترية أو  قوات التحرير الشعبية أو الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا، وبغض النظر عما حققته من إنجازات أو ما شابها من عيوب ونواقص، خلقت وسط كل المناضلين الذين لم يتم استيعابهم فيها شعوراً بالمرارة وإحساساً بالتهميش، مستغربين إخفاء الكثير من الأمور عنهم، وانعدام الثقة بهم بالرغم من تضحيتهم بدمائهم وبأغلى ما يملكون، هذه الطعون والاتهامات بحق تلك الأحزاب وبغض النظر عن موضوعيتها وعدم موضوعيتها وما خلقته وما تزال تخلقه من ريب وشكوك حول أي حزبٍ يتم تأسيسه  ليست بالأمر الذي يمكن التقليل من شأنه، ومن المألوف جداً أن نسمع عند إثارة مسألة تكوين حزب أصواتاً تثير المخاوف والظنون حول هذه المسألة وتقول: ( من الخير لنا أن نحافظ على جبهتنا، فالحزب قد يشتت جمعنا أو يفرق آراءنا ).

 

واليوم ما الذي جد لتدعو جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري الي تأسيس حزب؟

 

خلال الخمس عشر عاماً التي مضت على الاستقلال في ارتريا، وسواء أدركنا ذلك أم لم ندركه، فقد حدثت تغيرات كبرى على التفكير السياسي الارتري، وأول تلك التغيرات هو أن الشعب الارتري من خلال تجاربه عرف تماماً أن كل تلك القوى التي طالما هتفت وأقسمت باسم الجماهير لم تقم من أجل مصلحة الشعب، كما أدرك شعبنا أن القوى السياسية المعارضة الممزقة وغير الموحدة لن تستطيع جلب التغيير المنشود، ولذلك فإن القسم الأكبر من شعبنا ظل بعيداً عن كلٍّ من النظام الحاكم والمعارضة واختار الجلوس في مقاعد المتفرجين، وقد خلقت هذه الأوضاع ضغوطاً على تفكير كلٍّ من الحزب الحاكم والقوى المعارضة، ولا جدال في أن تأسيس ما عرف بالتجمع الوطني الارتري لقوى المعارضة ثم التحالف الديمقراطي الارتري الحالي، وما اشتعل في 2001م داخل النظام الحاكم نفسه من مطالبة وتحركات ملحــــَّـــــة بالتغيير، قد كانت نتائج مباشرة أو غير مباشرة لتلك الضغوط المادية والمعنوية، وخير شاهد على هذه الحقائق أن كثرةً ممن كانوا بالأمس أعضاء وقيادات بارزة بالجبهة الشعبية لتحرير ارتريا نراهم اليوم قد انضموا الي صفوف المعارضة التي تتصدى للنظام الحاكم وتعمل على الإطاحة به، ولا نبالغ إذا قلنا أن هناك اليوم تنظيمات تتفرع من كلا مدرستي الجبهة والجبهة الشعبية وبغض النظر عن خلافها الفكري حول ماضيها السياسي لا ترى أية حواجز أو فوارق أيديولوجية تمنعها من العمل معاً في كل ما يتعلق بمستقبل ارتريا. معظم الأحزاب التي ظهرت أو لا تزال تظهر في عالمنا اليوم قد نجد داخلها خلافات في الرأي حول ما تتبعه من سياسات، ولهذا نجد داخل الحزب الواحد تيارات أو كتل أيديولوجية غالباً ما توصف بتيارات اليمين واليسار والوسط تعمل سوياً في إطار الحزب الواحد، وبغض النظر عما إذا كانت نسبة الخلاف بين تلك التيارات تبلغ ال5 أو ال10 أو 20% أو ما فوق ذلك نراها جميعاً تتفق على العمل يداً واحدة على إنجاح وإنجاز ما يغلب بينها من أهداف حزبية مشتركة، انطلاقاً من هذا المفهوم، نود التأكيد على أننا قد تكونت لدينا قناعة راسخة بوجود أرضية ملائمة في ارتريا لإمكانية تأسيس حزبٍ ذي قبول وقاعدة عريضة وسط الشعب.

 

يضاف الي ذلك، أن تجاوز قوى المعارضة الارترية لما كانت ترتع فيه من مستنقع الانقسامات، وما يستتبعه من مكايدات وتنازع على الأسماء، ودخولها الي مرحلة جديدة تتسم بالوحدة وروح العمل المشترك، يعني أن تلك القوى قد خطت خطوةً إيجابية أدخلت بها تغييراً كبيراً علي تفكيرها السياسي، وإن تكوين الجبهة الديمقراطية الارترية، المؤتمر التوحيدي لجبهة الإنقاذ الوطني الارترية، وما يجري من لقاءات وحوارات متواصلة بين مختلف التنظيمات بحثاً عن قواسم عمل مشتركة، يمكن اعتباره أمثلة بارزة في هذا المجال، من هنا يتضح أن هذا بدوره يعتبر من أقوى العوامل المساعدة على وصول التنظيمات ذات البرامج المتشابهة الي عملية تأسيس حزب كبير يجمعها في إطارٍ واحد.

 

كذلك فإن محتوى اسم جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري وإن كان متفقاً ومتسقاً مع عصر الكفاح المسلح ضد الاستعمار الأجنبي، فليس بإمكانه اليوم الانسجام مع مضامين نضالنا الحالي في سبيل العدالة، الديمقراطية، السلام، المساواة واحترام حقوق الانسان، إن النضالات التي تخاض من أجل إقامة النظام الديمقراطي لا تقتصر على المنتمين الي تجربة جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري فقط، بل هي ملكٌ مشترك لكل من لهم مصلحة في إقامة الحكم الديمقراطي من المواطنين الارتريين وأحزابهم وتنظيماتهم وجماعاتهم السياسية، وخاصةً الأجيال الشبابية الصاعدة، لذلك فإن تأسيس حزبٍ جديد يحمل اسماً جديداً أصبح اليوم أمراً ضرورياً أكثر مما كان عليه في أي وقتٍ مضى، كما أننا على قناعة بوجود أرضية مناسبة لتطبيق هذه الفكرة في الواقع العملي.

 

قرار المؤتمر الوطني السادس لجبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري:ـ

 

انطلاقاً من هذه الحقائق، فإن المؤتمر الوطني العام السادس لجبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري دعا التنظيمات والمجموعات ذات البرامج المتشابهة وكذلك الأفراد والجمعيات المهتمة بقضية الديمقراطية الي أن يقوموا خلال عامين بتأسيس حزبٍ كبيرٍ ذي قاعدةٍ شعبيةٍ عريضة، لم يكن هناك ما يمنع جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري من إعلان تحولها الي حزب في مؤتمرها هذا، ولكن حرصها على تجنب الظنون السيئة والالتباسات المربكة التي يحدثها تأسيس الحزب الذي يتكون من وبمادرة تنظيمٍ واحد فقط، بالإضافة الي إصرارها على ألا تقتصر عضوية الحزب الجديد على أعضاء جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري، وفوق هذا وذاك تحبيذها إشراك الآخرين خارج التنظيم ممن يؤمنون بفكرة تأسيس هذا الحزب من اتجاهاتٍ وأفراد، في جميع عمليات ومراحل تكوين الحزب من الإعداد الي التأسيس، إن تلك العوامل مجتمعةً هي التي اضطرت تنظيمنا الي اتخاذ قرار تكوين الحزب خلال مدة أقصاها عامان، والتي رآها كافيةً للفراغ من هذه المهمة الوطنية العظيمة، على أنه من المعلوم أيضاً أن الأطراف التي تملك الفهم المشترك والاستعداد الكافي يمكنها أن تصل الي عملية تأسيس الحزب خلال مدة أقل من العامين، أما استغراق الأمر لأكثر من مدة العامين فلا يعتبر في رأينا إلا بطئاً غير مبرر، لذلك يجب أن يكون مفهوماً من الآن أن جبهة التحرير الارترية/ المجلس الثوري قررت أن تعقد خلال هذه المدة مؤتمراً يوصلنا الي تكوين الحزب مع كل الأطراف التي نتفق معها على إنفاذ هذه الفكرة.

 

يجدر بالذكر أنه سوف تقام في مختلف أنحاء العالم لجان يقودها أعضاء من المجلس الثوري تقوم بمهمة الاتصال والحوار مع كل الجهات المعنية من قوى ومجموعات سياسية وجمعيات مدنية وأفراد، بالإضافة الي ذلك وحرصاً منا على إنضاج فكرة تكوين الحزب عبر تبادل الآراء حولها لدينا الآن برنامج لإقامة منبر خاص بموقع نحارنت الالكتروني يعمل على بلورة فكرة الحزب وكل ما يتعلق بها.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6807

نشرت بواسطة في سبتمبر 4 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010