مهرجان التسول ضرورة ام الهاء

22  ديسمبر 2005

تستعد مدينة ملبورن لاستقبال زوار غير مرغوب فيهم، فهم مثل جحا غير مدعوين ولكنهم يأتون مثل زائر ثقيل الظل لا يفهمون الرسالة التي اليهم عام اثر عام، لهذا تجري الاستعدادات على قدم وساق لجعل هذه الرسالة أكثر وضوحا ودويا هذا العام، فاللجنة المنظمة لللتظاهرة شحذت سلاحها هذه المرة لأن تصل هذه الرسالة الى المسؤولين الاسترالين ايضا.

ربما القارئ المتابع يعلم ان نظام القمبار قد دأب على اقامة مهرجان التسول المسخ في مدينة ملبورن أول كل عام الا ان هذه المرة يقام في نفس العام للمرة الثانية. والسؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هو: هل اقامة المهرجانات عند الجبهة الشعبية يخضع لضرورات منطقية وموضوعية اجتماعية كانت أو ثقافية؟  والاجابة التي تطرح نفسها ايضا: ليس هنالك اى شئ يدل ان هنالك اى قيمة موضوعية لهذا التهريج الذي يأخذ مسمى الوطن. ان جماعة الشعبية يتعاملون مع هذا الموضوع بعقليتين: عقلية “الـ دى جى” الذ كل همه ان يرى حلبة الرقص قد امتلأت بالارداف الثملى التي تتراقص في رعونة غرائزية محمومة، وبهذا االمقدار يحسب النجاح والخسارة لبرنامجه الليلي. والعقلية الأخرى هي عقلة التاجر المغامر صاحب البضاعة المغشوشة البائرة الذي كل رجاءه اقبال الناس على بضاعته والربح السريع معا، ولا هم له اذا الناس ماتوا من جراء تناول بضاعته المسمومة. كما ان هنالك بعدا آخر لا يمكن اغفاله وهو من ثوابت سياسة القمبار من قديم الزمان، حيث انها تقوم بالعمل المعاكس للرغبة الجماهيرية أو لرغبة الأغلبية، وفي ذلك كل شئ يثير حنق الناس فعلوه بدءا من تعاملهم مع قضية الوحدة الوطنية في فترة ما قبل الاستقلال وما بعد الاستقلال، موضوع معارضة تجنيد الفتيات، قضية التعليم بلغة الأم رغم وجود دراسات من قبل حزبهم بعدم جدواها وفعاليتها ولكنهم أصروا عليها لخلق جيل من انصاف المتعلمين، وقضية الارض ايضا موضوع آخر، ثم المهرجانات وهو موضوع رفض الناس استغلال الثقافة الوطنية فيه من اجل اسغلال امكتنياتهم المادية ومازالت الشعبية تصر عليه لأن عقلاء الناس رفضوه،  ان التعامل مع منظمة الامم المتحدة يوضح بجلاء هذه العقلية المريضة.

 

انها سياسات ” الكيتن” فمازالت منطلقات وتوجهات الغابة تحكم هذه السياسة لا منطلقات دولة المؤسسات التي تحدد برامجها وجدول صرفها حسب خطط اقتصادية موضوعة وفائدة مرجوة. فكما اسلفنا في افتتاحيات سبقت، ان ابتداع مايسمى بالمهرجانات في زمن الثورة كان له اسبابه منها التعريف بالثورة الارترية وعدالة قضيتها، استقطاب الشباب الارتري للمساهمة في العملية الثورية الجارية، وايجاد دعم مادي للثورة الارترية وربط المهجرين الارتريين بثورتهم ونضالهم. كل هذه اسباب موضوعية اقتضتها ظروف مرحلة تأريخية معينة. ولكن في زمن الدولة المستقلة ان المهرجانات أصبحت مصدر دخل قومي وتكاد الشعبية ان تنشئ وزارة مختصة تعنى بشؤون الذين يودون قضاء عطلة نهاية الاسبوع في ” ديسكوتيك ” ارتري صناعة شعبية طبعا؟ واذا كانت بعض البلاد تحرم الخمور للصغار والقًٌَُُصر فالشعبية من اجل الدولار يمكن ان تبيع عليهم الخمور كما تفعل في داخل البلاد، فالخمور مصدر دخل قومي ارتري؟

ووزارة المهرجانات في دولة القمبار تخصص كل عام احد الشخصيات من الحكومة للمجئ مع جوقة الزمارين والطبالين لاضفاء شرعية على المهرجان وفي بعض الاحيان مكافأ له لقضاء وقت ممتع أى اجازة مدفوعة الثمن؟ يا ترى كم يكلف  هذا من ميزانية الدولة أى مال الشعب الارتري  المفترى عليه، تذكرة كل فنان مثلا تكلف حوالى 2000  دولار امريكي، وهنالك على الاقل حوالى اربعة  فنانين واربعة عازفين، بالاضافة الى مقدم الحفل والشخصية الرسمية القادمة للالهاء الرسمي، فبحسبة بسيطة سنجد التكلفة تتراوح بين 20000 دولار  و25000 ألف دولار! يا ترى مالذي يمكن فعله بـ 25000 دولار في ارتريا اليوم؟ في وقت بعض القرى الارترية في مناطق رورا حباب، سبعت قرد، أمهميمي ، عريرب ، وهذه مناطق من ثديها رضعت الشعبية الناكرة  للجميل ، هذ المناطق لا توجد بها  حتى قابلة لتوليد النساء ولا ممرض رسمي هذا مع عدم وجود ” شفخانة” قادرة على  استيعاب  الكم الهائل من الناس الذين تقضي عليهم الملاريا وعيون الاطفال التي يداهمها الرمد بصورة مستمرة وامراض اخرى يمكن القضاء عليها  اذا وجد لقاحات  لتطعيم الاطفال ، وهذه تقارير واردة في الجريدة الرسمية للدولة وليس من عندنا! اذن هذه حكومة غير قادرة على ترتيب أولوياتها وتحديد أوجه صرف ميزانيتها حيث أوجه الصرف هذه تتحكم فيها أمزجة السلطان وسدنته.

 25000 دولار رقم ليس بالسهل في ميزانية بعض الدول الافريقية وارتريا تتصدر قائمة الدول الافريقية الأشد فقرا، أليس هذه اشارة واضحة ان هؤلاء الذين يتربعون على سدة الحكم في ارتريا انهم حكام بالصدفة، أوجدهم ظرف ومرحلة وفي غفلة الناس بفرحة الانتصار سرقوا ثورته وانتصاره وحولوا الوطن بأكمله الى سجن كبير، ورغم وضوح قصورهم هذا يحاول كتاب السلطة الذين لا يتعدون على اصابع اليد الواحدة اقناعنا بان حكومتهم الرشيدة قصدت من اقامة المهرجانات ان تنقل الى جماهير المهجر تحيات السلطان فان لم يصل اليهم بالسيف والمقصلة فانه يمكن الوصول اليهم بواسطة الطبل والمزمار، ثانيا يشرحون الانجازات التي تمت في مجال بناء السجون السرية منها والعلنية، ثالثا: يستمعون الى أرائهم ومقترحاتهم لنقلها الى جناب السلطان.. يا سلام.!

أولا : ان كل شخصية رسمية من الشعبية أتت على رأس كل مهرجان كانت أشبه بتاجر شنطة اكثر منه الى وزير أو غفير، فأحيانا يأتون ومعهم اسهم بنوك وشركات وصكوك غفران يودون بيعها هذا بالاضافة الى بيع الارض واحيانا يبيعون “عرق” محبة السلطان؟

ثانيا: ما يتم انجازه في ارتريا المعني الأول به الشعب في الداخل لأنه يمس حياتهم اليومية وهذا الشرح والسمنارات لا تحدث هنالك الا اذا كنا نعتبر الاعتقالات العشوائية وطرد قوات حفظ السلام انجازا؟

ثالثا: اذا كانت الدولة تملك ارضا فلتوزعها على سكان ” قزا تانيكا” و “مقارح” و طوالوت” بدلا من انتزاع الارض من اصحابها الحقيقين؟

رابعا: اذا كانت الحكومة تصغي الى الناس وتستمع الى أرائهم فيها وفيما يحدث في الوطن وتضع مقترحاتهم موضع اعتبار حول اصلاح الشأن الارتري وهو حق تكفله للمهاجرين اصحاب الدولار وتمنعه على مواطني الداخل! فرأى االشعب الارتري في الداخل والخارج هو مصالحة وطنية، اصلاح سياسي واطلاق السجناء السياسيين والصحفيين والاباء والامهات الذين يقبعون في السجون ومزيد من الحريات، وهذا أيضا يشكل رأى المتظاهرين الذين سيقفون أمام بوابة المهرجان في ملبورن، كما يشكل رأى معظم الارترين في الخارج على الاقل ما عدا اثنان: وحيد القرن والصبي بتاعو؟!

موضوع المهرجان والمهرجين لا يخرج عدا كونه مزايدة سياسية والا فان القمبار تعلم تمام العلم ان السيمنارات التي تعقدها في الخارج يحضرها الناس من المقربون مجاملة اما الناس العاد يون لا تستهويهم هذه المسائل وكل ما يرغبون فيه هو ليلة الديسكو هذه.

ونحن من منبرنا هذا ندعو جماهير المهاجرين الارترين في استراليا للوقوف وقفة رجل واحد من اجل ابطال مهرجان تمسيخ الثقافة الوطنية والتسول باسم الشهداء والتسول باسم الوطن وتحويل المهاجرين الى البطة التي تلد ذهبا.

أخي ان كل دولارا تدفعه لهذه الزمرة الحاقدة سيبني سجنا وسيحرم كثيرين من الا طفال من ابائهم وامهاتهم وكثيرين من الاباء والامهات من أبنائهم، حكم ضميرك ان وقفوك مع اللجنة المنظمة للتظاهرة لا يعني انتماءا الى حزب أو معارضة انما هو اعلانك لانتمائك الى وطنك وشعبك، ووقفتك الشجاعة هنا يمكنها ان تقرر كثير من الاشياء في ارتريا وتحدد مصير كثير من الاشياء والاحداث في داخل الوطن، انها سوف تعطي الامل للكثيرين بأن هذا النظام البائد ان زواله أمر محتوم وضرورة تأريخية من أجل بقاء الامة الارترية موحدة والوطن الارتري حرا ومستقلا وأبنائه ينعمون فيه بالحرية والرفاهية، فخذ مكانك واصطف مع الهاتفين من اجل غد أفضل لك ولي ولهم..لنا جميعا وليس لزمرة بعينها.

 

ونهمس في اذن اللجنة المنظمة للتظاهرة بأن تقوم بتحركات وسط البرلمانيين المحلين والنشطاء السياسين واحزاب الخضر والديمقراطيين من الأحزاب الاسترالية وأخيرا تراصوا أمام السدنة ورسل السلطان من التبع والصبيان فانه زائل لا محالة بوحدتكم وتماسككم.

 

فرجت

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=5709

نشرت بواسطة في ديسمبر 22 2005 في صفحة كلمة التحرير. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010