مَلّسْ زيناوي : الديكتاتور الآخر الذي إستفاد من حرب الحدود حتى الموت !

… وربما لم تجف أدمُع تقراي الأخرى ولكن …

محمود محمد ليليش / صنعاء**

حين إفتعل إسياس أفورقي معركة بادمي ، ثم أشعل نار الحرب الحدودية بين أسمرا و أديس أببا ، كان يتعمد من ذلك بسط سلطته المطلقة وتحكيم قبضته أولاً و أخيرًا على ” دولته ” ، وذلك من خلال تعطيل الدستور الذي أصبح حينها محل التساؤل الضمني و المباشر في الداخل و الخارج للشروع في بدء تطبيقه بعد إكتمال إعتماده دستورا للبلاد .

فبالرغم من أن إسياس أفورقي كان هو الآمر و الناهي في هندسة ذات الدستور إلا أنه رأى فيه مؤخراً ،  فبمجرد الدخول في تطبيقه ، سيحد ذلك من عمر بقائه  في السُلطًة ، والتي كانت سوف لا تتعدى دورتين حسب تلك المادة الدستورية المتعلقة بفترة الرئاسة، هذا لو نجحت اللعبة الديمقراطية التي لم تعرف طريقها في عقلية هذا الرجل الديكتاتوري الطبع ونواياه الخفية منذ إلتحاقة بالثورة.

فعليه كانت الحرب المفتعلة بتخطيط هذا الرجل وحده ، هي المفر الوحيد و الأوحد لتعطيل دولة الدستور ” النظام و القانون ” – تلك الدولة التي كانت  ستحدد مصير إسياس في الحكم وفق مواد دستورها المعتمد ، و ليس على حسب رغبة ديكتاتوريته الحالية ونظامه الإنفرادي السُلْطَوي ، كما أن تلك الحرب كانت الفيصل ما بين حلم الشعب الإرتري من الإستقلال و ما بين نوايا إسياس أفورقي من الحكم المُطْلَق ، وبالفعل نجح في تنفيذ تخطيطه كي يحقق مبتقاه من حرب الحدود التي تحولت إلى حرب شاملة ما بين البلدين ، فكان الجُرْحُ أعمق مما كان عليه في زمن مرحلة الثورة و التحرير ، وكذلك كان الطلاق ما بين الدولة الإرترية وشعبها من جانب ، و ما بين الجبهة الشعبية و الميثاق الوطني لحزبها الوليد ” هقدف ” من جانب ٍ آخر –  لتُحْكًمْ البلاد كما نشاهدها الآن ، بعقلية رجل واحد سُلْطَوي تزرّع بالحرب التي رسمها للجميع حتى يتربع على عرش السلطة إلى منتهى ديكتاتوريته كيفما كان السبب و وكيفما كانت  النهاية ، في باطِن  حُفرةٍ كان أو خلف القُطبان – أو ربما هارباً  على متن طائرة ، فارا بجلده لو حالفه الحظ ، و تلكم كمياء جميع الدكتاتوريين ، إذ أنهم لم و لن يتعظو  مستفيدين من نهايات الذين سبقوهم .

ثم  إنتهت حرب بادمي بأجلٍ لم يتعدى السنتين من الإقتتال الذي حصد من الأروح ما حُشِدَ لها،  وشرد من البشر ما لا يحصى أو يُعَد ، حتى رضخ ديكتاتور أسمرا لإتفاقية الجزائر، لكي يُوَقِّع على شروط أثيوبية كاملة التفصيل و تامة التفاصيل، و ذلك حين أشرقت شمس بادمي و فق إرادة أديس أببا و عكس مَقُولة ديكتاتور أسمرا الذي وجد نفسه في مَطَب ِ الأنظار المحتشدة نحوه فور نهاية آخر صوت رصاصة أو إطلاق نار على الحدود ما بين البلدين ، وبدأ  حال لسان الداخل في إرتريا و خارجها  يتساءل حول كُنه المسببات لحقيقة تلك الحرب و مدى ضرورتها ، بل بدأت قيادات الصف الأول للحزب الحاكم ” هقدف” ترمي برأيها نحو الحوجة المُلحِة لتقييم نتائج الحرب إشارة للهزيمة التي تكبلها نظام إسياس ، لكن إسياس كعادته لم تفوت عليه صناعة الحيل ، فكانت ” مسرحية الخيانة والخونة ” هي محطة المخرج إلى الجلوس في سُدة الحكم إلى سنينٍ و سنواتٍ أُخر ، ليصبح ماعُرِف بال” جي 15 ” كبش فداء مرحلة ما بعد حرب الحدود ، كي يصرف الناس جميعا أنظارهم عن ذاكرة تلك الحرب المفتعلة و ينصرف الناس ألى تداول ” كذبة المهددات الأمنية بفعل ال ” جي 15 ” – فنجح مرة أُخرى الذي دبر هذه المسرحية أيضا ، وحقق إسياس ما شاء من إستمرار السلطة تحت بلاطه ، و ما زالت في جُعْبته تدابير المَكْر والدهاء ما دام يُجيد ميكفلية  النهج والسلوك ، و كيف لا و هو قارئٌ جيد للكُتب ومنظّر ٌ لما في بطون صفحاتها                                                                                                                                    .

نعم إنتهت الحرب الفعلية – حرب الحدود ما بين أثيوبيا و إرتريا ، إلا أن الغرض الذي من أجله إشتعلت غياهبها لم ينتهي في أسمرا ، لنجد إسياس أفورقي أكثر إنفراداً وتمسكاً بالحكم ، بل يستمد قوة إستمراره من عناد حكام أديس أببا و رفضهم في ترسيم الحدود وفق مُخرجات و نتائج قرارت المحكمة الدولية رغم توقيع أثيوبيا على الإتفاق الذي يرجع الأمر ألى تنفيذ ما تقرره من حُكْمٍ ، وتلك مصيبة أُخرى كانت بالنسبة  لحاكم أديس أببا رمية بلا رامي ، إذ أنّ ملس زيناوي إتخذ بدوره من رسم الحدود زريعة جيدة الإستثمار و دانية القطوف – فتناول بُعبُعها مطية لإستمراره في سدة الحكم كنظيره في أسمرا ، بعدما أنتجت أديس أببا دائرة من ” المجموعة الحاكمة ” مثلُها مثل تلك التي تتأبط فساداً في إرتريا ، و إلا لو أراد ملس زيناوي في حياته خيراً لشعب إرتريا ثم لشعبه الأثيوبي ” و لا نقل لشعب تقراي ” لبادر بتنفيد رسم الحدود دون مماطلة و وفق مانصت عليه قرارات المحكمة الدولية التي وقّع مُسْبقاً للقبول على حُكمها و الإلتزام بما ينتج عنها نهايةً و تنفيذا ، بدلا من التلويح لإسقاط  نظام إسياس أفورقي بواسطة تفريخ مؤتمرات ترفيهية للمعارضة الإرترية أضرّت بوحدتها و عمقت عوامل فقدان الثقة بينها مُبدداً أموالا ً – كان الشعب الأثيوبي أكثر الحاجة إليها ، ألاّ أن ملس زيناوي هو الآخر وجدته ديكتاتورا إستفاد بدوره من إستنذاف قضية الحدود وتوظيفها للبقاء في السلطة ، والحقيقة تبقى ” ما أنْ رسُمتْ الحدود مابين البلدين ، و إلا سقطت الديكتاتورتين في كلٍ من أديس أببا و أسمرا ” ، وهذا ما يخشانه زعيمي المجموعة الحاكمة في البلدين ، لإن سقوط أحد النظامين فهو مقدمة لسقوط الآخر من بعده ، و لا سيما في مرحلة ربيع سقوط الديكتاتوريات المتجاورة كالتي رأينها في كلِ من تونس و مصر ثم ليبيا و البقية آتية لا محال و لو كره بشار الأسد و العسكري عمر البشير ” الشوّاي ” ، فبالأمس كان الشاويش علي باليمن ولكن فهي جيناتهم التي لا تتبدل

ثم كان للموت القرار فى اديس اببا فلا نامت أعين حاكم أسمرا  ولكل مرحلة أحداثها .

         .  ** لاجئ إرتري باليمن

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=26039

نشرت بواسطة في سبتمبر 20 2012 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010