“نكثهم للعهد ليس بجديد … والغائب كان تحت التدريب”

عمر ليلش- لاهاى

 

فى البداية لابد من الأشارة الى الحزن العميق  الذى يسيطر على افكارى وانا اكتب هذه الأسطر، على اثر سماعى للنبأ المفجع الذى مفاده استشهاد شهيد الوطن  والقضية الشهيد/ سيوم عقبا ميكائيل. ولذا   استهل الكتابة هنا معبرا  اولاً عن الأسى الذى ينتابنى بفقداننا للشهيد/ سيوم، والذى بفقدانه تكون ارتريا ارضا وشعبا قد فقدت احد ابطال رموزها الأشاوس الذين ساهموا فى صنع التاريخ الأرترى للأجيال الحاضرة و القادمة.  وانه وبالرغم من اختلاف الشهيد مع بعض قوى المعارضة الأرترية  فى توجهاته السياسية ، الاّ ان شهيدنا البطل”سيوم”  كان  يتفق مع جميع احرار ارتريا وقوى المعارضة ، ان العصابة التى تحكم ارتريا الآن قد عجزت عن تحمل مسئولياتها على جميع اصعدة وجود الأنسان الأرترى وفعالياته وخاصة على صعيد التعليم والثقافة ومحاربة الجهل والجوع والمرض … نعم  كان يتفق مع جميع الأحرار، ان هذا النظام عاجز  عن القيام بدوره فى تننمية الوعى الثقافى لدى الفرد ، ناهيك عن الدعوة لقيام دولة القانون والدستور والمؤسسات ولذا لم يدخر جهدا فى اتخاذ قرار المواجهة والتحدى والتصدى والنضال  مع اخوته الأحرار الثوار  من اجل الأطاحة بهذا النظام الدكتاتورى و الوصول بالشعب الأرترى  الى الأمل المنشود.

 واننى  لازلت اذكر حين قال شهيدنا  فى احد الملتقيات  الجماهيرية لأتحاد الشباب والأتحاد العام لطلبة ارتريا بالسودان  فى ثمانينات القرن الماضى مخاطباً: اننا فى جبهة التحرير الأرترية نطمح بأن رسالة الجيل الجديد ان تكون امتدادا لرسالة الجيل القديم وليست نسخة مكررة منه  لأننا نتطلع الى ارتريا الأفضل ونتطلع الى غدٍ مشرق ومستقبل اسعد وارقى .

 هكذا ودعنا الشهيد وكان يرواده نفس حلمنا وهمنا وغمنا فى بناء حياة افضل  فى بلد سرقت ثورته و اهينت كرامة شعبه  وسلبت حريته.

 

 وبعد هذه المقدمة المتواضعة  اعود الى موضوعى الرئيسى تحت عنوان   ” نكثهم للعهد ليس بجديد … والغائب كان تحت التدريب”

 

وانا اتصفح موقعى “عونا” وفرجت” على شبكة الأنترنت،  شد انتباهى  الخبر الذى ورد على الصفحة الرئيسية للموقعين  المذكورين اعلاه  تحت عنوان” تغيب عنه وفد “هقدف”. 

 تناول الخبر فعاليات اجتماع الشرطة الأسترالية باللجنة الأرترية  المنظمة لتظاهرة ملبورن السلمية ضد مهرجان التسول.

 المحصلة النهائية للأجتماع كانت اضافة انجاز دبلوماسى جديد للجالية الأرترية فى استراليا واخفاق أخر لممثلى حكومة هقدف فى خدمات التسول . وهذا ليس بالأمر الجديد حيث عهدنا ان نكث العهود ليس بجديد على الجبهة الشعبية فى الماضى  كتنظيم ابان حرب التحرير كما هو ليس بجديد عليها اليوم وهى فى سدة الحكم . والأمثلة على ذلك كثيرة و ابرزها المؤامرة التى نفذتها  بالتحالف مع الجبهة الشعبية لتحرير تقراى وتصفيتها لجبهة التحرير الأرترية عسكريا بالرغم من انها كانت قد وقعّت معها اتفاقية وحدة اندماجية وشكلت  معها لجان  مشتركة  لتحقيق ما تم الأتفاق علية على ارض الواقع وكان هذا فى سبعينات وثمانينات القرن الماضى.

 اما بعد تحرير التراب الوطنى فكانت القصة المشهورة والحدث العجيب الذى حدث مع وفد التنظيم الموحد الذى دخل الى ارتريا  الى ابرام اتفاقية مصالحة وطنية بناء على اتفاقية ممثل حكومة الشعبية فى الخرطوم وذلك الوفد. ومخالفا لكل الأعراف والأتفاقيات الدولية وجد الوفد المشارك للمفاوضة نفسه رهن الأعتقال المنزلى  واصبح فى خبر كان الى يومنا هذا.

اما فى قرننا الحديث فالمسألة لاتستدعى ارهاق الذاكرة والعودة الى  فتح ملفات قديمة، حيث  الحدث لازال  طازجا وقد  تناولته كل وسائل الأعلام الدولية   امام الرأى العام العامى والأقليمى وهو طرد ممثلى الأمم المتحدة  لحفظ السلام، حيث غادر رئيس مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة جان ماري جويهينو ارتريا فى الأيام القليلة الماضية بعدما أخفق في إقناع أسمرة بالعدول عن قرارها طرد الغربيين.

 

فنكث العهد من قبل الحكومة الأرترية فى ارتريا ودول الجوار ليس بجديد ولا يدعوا الى الحيرة والأستغراب حيث ولدت الجبهة الشعبية لتحرير ارتريا على هذا النهج وستدفن عليه. ولكن  مايدعو الى الحيرة  والدهشة هو ان تمارس حكومة هقدف نفس النهج  فى دول تحاول فيها انجاح العمليات الجراحية لتجميل صورتها المشوهة وتمرير اهداف برنامجها الهادف الى التسول وخاصة انها فى حاجة ملحة جدا  اكثر من اى وقت  مدى لأحراز تقدم على حساب الجالية الأرترية  التى نجحت جيل بعد جيل فى التصدى لمهرجانات التسول وذلك وفقاً الى ما ذكر فى إعترافات شهادة العين الساهرة التابعة للنظام فى استراليا،  حيث تعترف هذه العين الساهرة فى احد المواقع التابعة للجبهة الشعبية لتمزيق ارتريا تحت عنوان ” المهرجان لم يعد مناسبة.. بل ثقافة” قائلةً (  وكان طبيعيا أن تفرز تجربة مهرجان أسترالية كادر فني مؤهل  ومقتدر كله عزم على مواصلة الدرب  … ففي كل محطة من المشوار براعم  تنتظره بفارغ الصبر لتستلم الشعلة وتسير بها في خطى واثقة … ثم يسلمونها لمن بعدهم وهكذا تتواصل الشعلة …)

وبالفعل  وبأعترافات  شهادة العيون الساهرة تلك،  ان  عزيمة الجالية الأرترية فى استراليا تزداد عاما تلو الآخر  فى تحديها لمهرجانات التسول.

 وانه  ليس جديد  على جاليتنا فى استراليا  فى ان تعمى بصر تلك “العيون الحائرة”  فى وضح النهار امام الشرطة الأسترالية ناهيك عن الليل  بالرغم من  ادعائها لقدرتها على السهر من اجل حماية اهداف جلادى شعبنا.

ولذا فإن السؤال الذى يطرح نفسه هنا هو:  ماذا كان اذن  سبب غياب العيون الساهرة لحضور ذلك الأجتماع التاريخى  مع كل من الشرطة الأسترالية واللجنة الإرترية  الممثلة للضمير الحى للشعب الأرترى فى قلعة الصمود ملبورن.

 

فهل كانت العيون الساهرة منشغلة فى متابعة دروس فتح زجاجات الشمابنيا ام انها كانت مشغولة فى التدرب على وسائل ومعدات التسول الحديثة!!! وخاصة ان كل الدلائل تشير ان العيون الساهرة كانت قد باشرت فى وقت ليس ببعيد فى متابعة بعض دروس فنون التسول وكان  الدرس الأول قد بدأ منذ  ان  تحولت انظار العيون الساهرة من اقصى اليمين الى اقصى اليسار. اما  الدرس الثانى  كان قد حدث فى الأيام القليلة الماضية عند  فتح المجال لهذه العيون الساهرة لاجراء لقاء إذاعى معها  فى احد البرنامج الأذاعية  المسموعة التى تروج الدعاية لنظام هقدف.

 

فيا ترى  ماذا اصاب العيون الساهرة حتى تغيبت عن حضور لقاء كان سيجمعنا بها  مع الشرطة الأسترالية ليثبت كل منا جدارته  ومدى  حرصه و حبه للوطن وصدقه فى القول والعمل؟

 فاذا كان سبب الغياب يعود الى اختلافنا معها فى الرأى ، كانت قد اكدت بنفسها بانه لاحرج فى ذلك  بقولها ( ان الاختلاف فى الرأى لايفسد  للود قضية) …. اما اذا كان السبب نتبجة لأصابتها بمرض العمى الليلى من شدة السهر  و وقد صعب عليه البصر، فنتمنا لها الشفاء العاجل، اما اذا  كان سبب الغياب يعود الى ان الغائب كان فى  ملتقى التدريب على فتح زجاجات النبيذ  فنقول لها، ان  حضارات الأمم وتقدمها  لاتقاس بالدق على الطبول وشرب الخمور ، انما تقاس بمدى اهمية وارتفاع قيم الأنسان و الحق والعدل فيها… تقاس بإحترام الأنسان وتقديس حرياته…… تقاس بإحترام القانون وسيادته، مما يؤدى الى شيوع الأمان والإستقرار فى المجتمع وتعميق الإنتماء وحفز المواطنين على العمل والأنتاج والأبداع وحب الوطن.

 

ايتها العيون الساهرة التى اصابها الأرق خوفا وجبنا:

ايتها العيون الساهرة  التى غاب النوم عنها من شدة الإحساس بالذنب:

ان الشعب الأرترى ليس فى حاجة الى مهرجانات التسول والتهريج ،  ولكن فى حاجة ماسة الى الإصلاح السياسى ، لأنه هو الطريق الأساسى بل والوحيد لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية وبدون الإصلاح السياسى  لايمكن الوصول الى وطن حر مستقر ومتقدم . 


روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6598

نشرت بواسطة في ديسمبر 22 2005 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010