هل تفلح الجبهة الشعبية في استغلال الجبرته بالسودان لتنفيذ أجندتها الخاصة ؟

بقلم: علي عبد العليم

11/6/2010م

إن موقف الجبهة الشعبية الاقصائي تجاه قومية الجبرته ، والرافض للاعتراف بها ضمن منظومة القوميات الارترية ، قبل الاستفتاء علي الاستقلال شكل صدمة كبيرة لهم !. واشتدت الصدمة عندما ألحقتهم قسرا بقومية التجرنية ، فهب الجبرته حول العالم لمواجهة هذا الإقصاء وعدم الاعتراف ، وازدادت حملتهم ضراوة بعد اعتقال الجبهة الشعبية لممثليهم الذين أوفدوهم إلي اسمرا لمحاورة النظام بشأن قوميتهم .. ولم تطلق حكومة الجبهة الشعبية سراح الموفدين إلا بعد أن تكاثفت الضغوط عليها ، وقد شكل الضغط الخارجي عاملا حاسما في هذا الاتجاه ..

تمثل هذه الخلفية المخزية العلاقة غير الودية بين الجبرته والجبهة الشعبية ، وزادت من سوئها اعتداءات النظام الدكتاتوري علي أراضيهم وتوزيعها علي مواطنيهم النصارى ، وتغيير الأسماء الإسلامية للقرى والمناطق .. والتعدي علي المقدسات الدينية كهدم المساجد الأربعة بمدينة مندفرا ، وإبعاد كبار تجارهم عن ساحة المنافسة التجارية ، بالاغتيالات أو بإلصاق التهم وزجهم في السجون ، والتجاهل المتعمد لثقافة الجبرته المبنية علي الإسلام ، وسد الفرص في وجهها  للتعبير عن نفسها بحرية عبر الوسائط الإعلامية للدولة ، فبالرغم من سيادة الثقافة واللغة التجرنية التي يتحدثها كذلك الجبرته إلا أن الإقصاء لحقهم كغيرهم من المسلمين !. وأصبحوا مواطنين من الدرجة الثانية !!.

وعندما أسس الجبرته أول جمعية خيرية لهم بمدينة كسلا ، بعد تآمر الجبهة الشعبية علي جبهة التحرير الارترية وانكسار الأخيرة  متراجعة إلي السودان ، قدمت الجمعية بعض الخدمات ، والأهم شكلت بوتقة التقاء وانصهار للجبرته في ظرف اللجوء والحرمان ، تمظهرت فيها وحدتهم وتماسكهم ، فتحركت سخائم الصليبية في نفس الجبهة الشعبية ، وصوبت سهامها نحوهم ، كما فعلت بباقي الاثنيات المسلمة ؟!.

وبعد أن فشلت الإغراءات المادية لاحتواء قيادة الجمعية ، لجأت إلي أسلوب العنف والتهديد بالاغتيالات ، وهي بارعة في هذا المجال ولها سجل حافل تستحق عليه شهادة  (iso)  للجودة ولكن يا للعار في الجرائم !!.

ومن جراء التهديد بالاغتيال هاجر رئيس الجمعية حينها إلي أوربا مرغما ، واقتيد السكرتير إلي الميدان وعاد بعدها ليلتفت إلي معاشه فقط ، ويشتغل بدنياه معتزلا عشيرته !.ومع ذلك لم تتفتت الجمعية كما كانت تنتظر ( الشعبية ) ، إلا أن الجمعية لم تتمكن من التقدم كثيرا !. ومن يومها لم تفتر( الشعبية ) أو يهدأ لها بال في حياكة الدسائس والمؤامرات ، وساعدها بعض المتزمتين ممن يدعون النهج القويم للإسلام ، ساعدوها بغباء ، في ضعضعة صف الجبرته بالسودان !. بتصرفاتهم المتطرفة ، ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) !. وبدأ العد التنازلي لتراجع الجمعية ، و( الشعبية ) تكشر عن أنيابها منتظرة السقوط المدوي حتى تنقض علي فريستها !.

وحال العلاقة علي هذا النحو بين الجبرته والشعبية ، اندهشت لجرأة الشعبية وسفيرها الهمام بالخرطوم والذي للأسف ينتمي إلي قومية الجبرته !. جرأتهم علي تجاوز أو تناسي كل هذا التاريخ الأسود والتراكمات من الاستهداف وغمط الحقوق والإحن في العلاقة بين الطرفين .. والتحرك  المحموم وسط الجبرته ، من قبل السفير العاق ، واتصالاته المكثفة بقياداتهم ، حاثا لهم المشاركة الفاعلة في تكوين فرع للجالية الارترية بولاية كسلا ، وتسجيل حضور كبير في حفل افتتاح قنصلية النظام !. ممنيا لهم بالتسهيلات والفوائد والحظوة ؟!.

كان المنتظر من السفير العاق أن يكون تحركه وسعيه الجاد في اتجاه جلب اعتراف حكومي بقوميته ، كقومية قائمة بذاتها ، جنبا إلي جنب مع باقي القوميات الارترية ، واسترداد كافة حقوقها المهضومة ، ولكن للأسف ويا للخزي والصغار لم يكن تحركه محمودا ولا سعيه مشكورا ، إذ بذله لخدمة زمرته الانعزالية ، وحكومته الشوفينية ، واتضح أنه مجرد أداة في يد الدكتاتور يستخدمها في قمع خصومه من السياسيين والشرفاء والأحرار..

وليس هذا الموقف بمستغرب علي هذا السفير، فقد بدأ عهده المأفون بعد تسلمه مهام السفارة ، باستدعاء أبناء جلدته وتحذيرهم من معارضة سياسات الجبهة الشعبية ، ومرسلا التهديدات والوعيد إلي المعارضين السياسيين منهم ، عبر أقاربهم ،  إن إنسان هذا شأنه مع ذوي القربى لا يرجي منه خيرا لغيرهم ، اللهم إلا لأولياء نعمته وفصيلته التي تؤويه (الشعبية ) ولسيده الطاغية أسياس !.

ولم تنزجر الشعبية ويدب اليأس فيها إلا بعد أن قاد جمعية الجبرته بالسودان المناضل الجسور والنقابي الكبير الشيخ/ عبد الوهاب عبد الرحيم ، الحائز علي نجمة الانجاز ووسام الخدمة الطويلة الممتازة من اتحاد نقابات العمال العرب ، وفي عهده الذي امتد لثمانية أعوام ، تراصت الصفوف وسدت الثغرات أمام كيد الشعبية ومخططاتها الآثمة ، فكان بحق عهد الانجازات والخدمات الشاملة للجبرته وغيرهم ، والمشاركة بفاعلية في خدمة المجتمع ودعم قضاياه ، مما ارتفع بالجمعية إلي مصاف منظمات المجتمع المدني التي يشار إليها بالبنان ، وهذا بالطبع لم يرض ( الشعبية ) ، وأثار أحقادها مرة أخرى ، وسهل عليها  إنفاذ مخططها ، هذه المرة ، انتقال قيادة الجمعية إلي مجموعة هشة ، استطاعت ( الشعبية ) أن تنتاشها بسهامها ، وتخترق جسدها الضعيف ، لدرجة أن يطوف قيادييها ببطاقات الدعوة علي العمد والمشايخ بكسلا لحضور حفل تكوين الجالية وافتتاح القنصلية !!.

يدرك القاصي والداني ومتوسط الذكاء أن ( الشعبية ) لا تريد من وراء افتتاح قنصلية رعاية مصالح الارتريين بولاية كسلا !؟. بل تريد رصدهم ومتابعتهم واحتوائهم وتهديدهم عن قرب ، بإتباع أسلوب الترغيب والترهيب لدفعهم وقهرهم لمساندتها و الانخراط في صفوفها ، ..

تريده ( الشعبية ) قنصلية تكون مركزا استخباريا ، ووكرا لممارسة الفساد ، ومنطلقا لفرق الاغتيالات لتصفية المعارضين السياسيين ، ورعاية لتهريب السلع لا للتبادل التجاري المشروع ..!. قنصلية بهذه المواصفات والمهام ستسيء – حتما –  إلي علاقة ارتريا بالسودان أكثر مما تخدمها وتطورها ..

إن العلاقة التاريخية المتينة ، بين الشعبين الشقيقين الارتري والسوداني ، والمعضّدة بوشائج القربى ، والتواصل المستمر ، لا تحتاج إلي قنصلية نظام دكتاتوري طائفي معزول ، ولا تحتاج العلاقة الشعبية الراكزة إلي تقنين جاليات ، أو وجود قنصليات !. فلم يشعر الارتريون في السودان قط أنهم أجانب ، بل في وطنهم ، ولا أقول في وطنهم الثاني !.

كيف يشارك الجبرته – وموقف ( الشعبية ) من قوميتهم معروف – في توفير الغطاء السياسي والجماهيري لنظام قمعي دكتاتوري سلبهم وجميع الارتريين أبسط مقومات الحرية والديمقراطية ،

لماذا يريد السفير العاق من الجبرته بالسودان أن يخونوا قضية الوطن ؟. ويكونوا سندا وظهيرا لـ ( الشعبية ) ، ليواروا سوأتها ، ويسدوا عجزها الجماهيري في تكوين الجالية وافتتاح القنصلية ، ويضعوا بذلك السلاسل والأغلال علي أعناقهم ويسلمونها ( الشعبية ) ، بعد أن يكونوا قد وضعوا مقدراتهم في يديها ؟!. انه الانتحار بعينه !. أم يريد السفير العاق أن ينحر عشيرته ليقدمها عربون ولاء وتبعية للدكتاتور، ليقول له النفس والأهل فداك ياريس ؟!.

وجدت ( الشعبية ) الساحة خالية ، بعد إغلاق مكاتب المعارضة الارترية بالسودان ، تريد أن تسرح وتمرح وتعربد كيفما شاء لها ، ولكن هيهات لها الوصول إلي مبتغاها ، فالشعب الارتري حيثما وجد لفظ ( الشعبية ) وينتظر يوم الخلاص منها بفارغ الصبر .

إن قيادة الجبرته ممثلة في عمدة القبيلة وشيوخها ، وإدارة الجمعية مطالبة بالتحرك السريع لوقف استغلال اسم الجبرته لدعم أنشطة الجبهة الشعبية ، والضرب علي يد  العاقين من أبنائها ، ومن تسول له نفسه الارتماء في أحضان ( الشعبية ) وجعل ظهره مطية لها لتنفيذ أجندتها الخاصة ، والتعاون معها باسم القبيلة ، مستغلا وضعه الإداري ، أو يحاول تغييب الجبرته عن النشاطات الوطنية الهادفة إلي التحرر من ربقة الدكتاتورية ، مثل حضور ملتقي الحوار الوطني الارتري المزمع عقده بأديس أبابا .. وغيره .

ننتظر موقف وطني صارم من قيادات الجبرته بالسودان ، يوقف (الشعبية) وعملاءها عند حدهم ؟؟.

والله من وراء القصد ، وهو يهدي لأقوم السبيل ،،،

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=3639

نشرت بواسطة في يونيو 13 2010 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010