هل تندلع الحرب بين إرتريا وإثيوبيا..؟

الخرطوم – مركز الخليج للدراسات والإعلام بالقرن الأفريقي                27/4/2005م

 

بصورة مفاجئة أعلن الرئيس الإرتري عن حرب وشيكة مع إثيوبيا، وجاء ذلك في كلمة مقتضبة له خلال اجتماعه مع قيادات حزبه ومؤسسته العسكرية، وتزامنت تصريحاته  مع مناوشات عسكرية تشهدها المنطقة الحدودية، أعلنت عنها حكومة أسمرا. وزيارة وزير خارجية إرتريا على سيد عبد الله لموسكو، والتي التقى خلالها مع وزراء الدفاع والخارجية والآمن الروسيين. وقام بجولة تفقدية للمصانع الحربية أبرزتها صحف موسكو.وتعمد السفير الإرتري في موسكو بتسريب معلومات عن صفقات عسكرية بين موسكو وأسمرا الأمر الذي فسرته صحف أديس أبابا،باكتمال استعدادات إرتريا لحرب جديدة مع إثيوبيا. كما تدخلت عوامل كثيرة من أبرزها الحملة الانتخابية التي دخلت مراحلها الأخيرة في وقت أصبح فيه النظام الإرتري الغائب والحاضر في الحملة الانتخابية بعد أن تحالف مع أحزاب المعارضة الإثيوبية، (الائتلاف من أجل الوحدة والقوى الإثيوبية الديمقراطية المتحدة) اللذان يعارضان بشدة استقلال إرتريا. ويطالبان بضمها إلي إثيوبيا. والمعارضة الإثيوبية بالرغم من رفضها لاستقلال إرتريا إلا أنها تحظى بدعم وتأييد كبيرين من قبل النظام الإرتري، الذي يتهم من قبل الائتلاف الإثيوبي الحاكم بدعم المعارضة التي تتبنى أفكار الإمبراطور هيلي سلاسي ونظام منجستو.

 

 

 وأعلنت أديس أبابا مؤخراً عن إلقائها القبض على مجموعات تخريبية تدربت في إرتريا وحاولت التسلل من مناطق حدودية متعددة للقيام بأعمال تخريبية لعرقلة الانتخابات.

وحذرت النظام الإرتري والمعارضة المدعومة من قبله الاستمرار في الأعمال الإرهابية.

 

 

وفي ظل هذه التطورات تشهد الأوضاع بين إثيوبيا وإريتريا المزيد من التصعيد مع اقتراب موعد الانتخابات الإثيوبية التي يتنافس فيها أكثر من 1400رمشحا على مقاعد البرلمان المركزي البالغ عددها 548 مقعد. ويشارك اكثر من 300مراقب منهم 170 من الاتحاد الأوروبي ومن أبرز المراقبين  الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر  والرئيس البتسواني السابق ورئيس وزراء تنزانيا الأسبق. وأبرزت الصحف الإثيوبية نبأ توقعات وتنبؤات تجدد الحرب وتصدرت تصريحات الرئيس الإرتري عن وقوع حرب وشيكة بين البلدين. حيث نشرت صحيفتا “ريبورتر” و”مونيتر” الإثيوبيتين المستقلتين عدد من التقارير حول استعدادات إرترية لحرب جديدة، وكان قد نشر موقع “عواتي” تقريراً خلال الأسبوع الحالي وجاء فيه تصريحات الرئيس الإرتري في اجتماع المكتب المركزي أعلن فيها عن هجوم إثيوبي مرتقب على بلاده. وركزت عدد من الصحف المستقلة على تقارير صحفية نشرتها صحف موسكو عن شراء إرتريا صفقة لأسلحة روسية . واعتبرت صحيفة (مونيتر) الإثيوبية الناطقة بالإنجليزية في عددها الأخير زيارة وزير خارجية إرتريا على رأس وفد عسكري إلى روسيا بأنها إعلان حرب ورسالة موجهة مباشرة إلي إثيوبيا. وقالت الصحيفة أن الرسالة مفادها استعداد الحكومة الإرترية لجولة جديدة من القتال.

 

 

وأشارت الصحيفة إلي أن الوزير الإرتري أجرى محادثات مكثفة بالمسئولين في وزارة الدفاع الروسية. وخلال لقائه المطول بقائد الخدمات العسكرية الفيدرالية والتعاون التقني العسكري الروسي ميخائيل ديمتريف بحث معه علاقات التعاون العسكري الروسي- الإريتري، ونسبت الصحيفة إلي مصادر لم تكشف عنها إن روسيا وقعت على عدة اتفاقيات عسكرية بموجبها تحصل إرتريا على طائرات مقاتلة ودبابات ومضادات للصواريخ وراجمات طويلة وقصيرة المدى. وأشارت الصحيفة عن اتفاق بين البلدين أسفر بمد موسكو لأسمرا المزيد من الصواريخ المضادة للطائرات. وبموجب الاتفاقية التي أبرمت خلال زيارة على عبد الله الأخيرة لموسكو تتولى روسيا تحديث سلاح الجو الإرتري ومهمة التدريب لقواتها. 

 

 

وكانت إرتريا قد وقعت اتفاقيات لتحديث الطائرات والآليات العسكرية التابعة للقوات الجوية الإريترية وتستمر هذه الاتفاقية حتى العام 2008م.

واستبعدت الأوساط السياسية والإعلامية في المنطقة احتمالات اندلاع حرب جديدة بين الجارتين “إرتريا وإثيوبيا” وقال السفير الأمريكي الأسبق في إثيوبيا “ديفيد شيني” إن الحرب مستبعدة وفرص التطبيع ضعيفة. وأكد “شيني” الخبير في شئون منطقة القرن الإفريقي والمحاضر في جامعة جورج واشنطن إن الحرب التي نسمع عنها ليست اكثر من إثارة إعلامية . وجاء ذلك في تصريحات نشرتها صحيفة “ريبورتر” في عددها الأخير. ويلاحظ المراقبون حالة التصعيد التي تبنتها إرتريا من خلال التصريحات الصادرة من رئيس النظام وإعلامه الرسمي الموجه الذي بدأ يقرع طبول الحرب. بعد إعلانه لحالة التعبئة القصوى والاستنفار في صفوف قواته. وفتح معسكراته التدريبية وزاد من ميزانيته الحربية. 

 

 

ويؤكد المراقبون إن ميزان القوى سياسيا وعسكريا واقتصاديا ليس لصالح إرتريا.التي تشهد عزلة إقليمية بعد الانتصارات الدبلوماسية من تعاون صنعاء الذي حقق تقدما كبيرا على النظام الإرتري. وعلى الصعيد العربي سجل النظام تراجع أكبر بعد التطبيع الكامل بين أديس أبابا والقاهرة التي أعلنت عن وساطتها بين أديس وأسمرا. كما أجرت القاهرة اتصالات مع الحكومة الإرترية لعقد قمة ثلاثية بين زيناوي وأفورقي ومبارك في شرم الشيخ في يونيو القادم.

 

 

وكانت أسمرا قد اشترطت على إثيوبيا تنفيذ قرارات التحكيم ومن ثم التطبيع. مما قد تتصادم المساعي المصرية مع الشروط المسبقة التي وضعها النظام الإرتري. وعمليا العلاقة بين أديس ومصر شهدت نقلة كبيرة. وللمرة الأولى تعلن فيها أديس أبابا تجاوزها خلافاتها مع القاهرة حول مياه النيل. كما توصلت إلي اتفاق حول ملف التباينات التاريخية المتعلق بالصومال والسودان والآمن الإقليمي.

 

 

ومن المتوقع أن تنعكس الإيجابيات من اتفاق أديس والقاهرة في العلاقة العربية الإثيوبية والتي تأتي خصما للعلاقات الإرترية العربية. حيث خسرت حكومة أسمرا حلفائها الأوروبيين وأخرهم إيطاليا التي وصفها رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي في مراسيم الاستقبال للجزء الثالث والأخير من مسلة أكسوم التاريخية. بأنها حليف استراتيجي لدول الإقليم وتوقع بشراكة إيطالية إثيوبية مرتقبة سياسياً واقتصادياً لتحقيق التنمية والسلام والاستقرار في منطقة الإفريقي وأعلن زيناوي عن بدء مرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين.

 

 

في وقت سجلت فيه العلاقة الإرترية تراجع كبير مع واشنطن في السنوات الأخيرة ووصلت إلي أدنى مستوياتها في عام 2004م. بعد الانتقادات التي وجهتها أسمرا ضد واشنطن.وإن زيارة وزير الخارجية الإرتري لموسكو كانت بمثابة رسالة بعقلية “الحرب الباردة” موجهة إلي واشنطن في إطار سياسية الابتزاز التي انتهجتها حكومة أسمرا ضمن مرتكزات سياساتها الخارجية في سنوات ما بعد الاستقلال.

 

 

ويعتقد المراقبون أن تعزيز أسمرا علاقتها بموسكو يأتي في ظل فتور واضح في علاقتها بواشنطون اثر اتهام تقرير للخارجية الأمريكية الحكومة الإريترية بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وقمع الحريات الدينية وحرية التعبير وهو التقرير الذي ردت عليه أسمرا بغضب وانتقدت هي الأخرى ملف حقوق الإنسان الأمريكي، واصفةً أمريكا بأنها أكبر منتهك لحقوق الإنسان عبر التاريخ.

 

 

ويستبعد المراقبون أن تكون زيارة على سيد لموسكو في إطار سباق التسلح بين أديس وأسمرا، مشيرين إلي أن الزيارة كانت ردة فعل للسياسات الأمريكية التي أقرب ما تكون   لأديس أبابا من أسمرا . 

 

 

وعلى الرغم من أن زيارة وزير الخارجية الإرتري تأتي في الإطار الثنائي وتعزيز العلاقات القائمة بين البلدين كما أعلنت أسمرا، إلا أنه وفي ظل التوتر الراهن بين إثيوبيا وإرتريا فإنها تأخذ أبعاداً أخرى وربما اندرجت في إطار سباق التسلح. يستقل هنا وهناك وأصبحت مادة إعلامية في الحملات الانتخابية في إثيوبيا فيما أصبحت مادة رفع المعنويات للحكومة الإرترية والمتعاطفين معها بهدف لفت الأنظار والهروب من الأزمة الداخلية التي اكتملت فصولها، بعد التطورات الأخيرة، حيث أصبحت حكومة أسمرا تعيش في أزماتها وتصنع أخبار الحرب لتضليل الرأي العام المحلي والعالمي.

 

 

واعتبر المراقبون التوقعات باندلاع الحرب على لسان الرئيس الإرتري سابقة خطيرة تتحمل إرتريا تبعياتها. وأرجع المراقبون تنبؤات الحكومة الإرترية باندلاع الحرب  إلى الأوضاع  الداخلية في إريتريا. ومن أبرزها عملية اللا سلام واللاحرب باعتبارها مدمرة للنظام الإرتري ويعتبر المراقبين موتاً بطيئاً للنظام الإريتري، حيث امتدت الأصوات الناقمة داخل المؤسسة العسكرية (مرجعية الحكم) امتدت إلى المتخندقين في الدفاعات منذ ستة أعوام في الدفاعات والمعسكرات التي تحولت إلى الجحيم.

 

 

وإن عملية نقل القوات من موقع إلى موقع آخر وتغيير القادة العسكريين أصبح تأثيرها ضعيفاً وإن معاناة الأسر الإرترية بدأت تنعكس على أبنائهم الذين بدأوا ينتقدون علناً سياسات الحكومة بعد إعلانها الحرب للالتفاف على المشاعر الناقمة ضدها. 

 

 

 في محاولة منها لتوحيد مشاعر الرأي العام الإريتري الساخط على (السياسات النظام الإريتري) نتيجة الاعتقالات والقمع والإجراءات الاقتصادية والسياسية التي انتهجها بهيمنته على جميع مصادر الدخل في البلاد.

 

كما أن أزمة الوقود التي  مضى عليها أكثر من ستة أشهر فجرت الأوضاع المتأزمة أكثر. فقد وصل مؤخراً سعر اللتر الواحد للبنزين إلى 30 نقفة (بالعملة المحلية).

 

 

كما أن جميع المصانع قد توقفت عن الإنتاج بسبب عدم توفير قطع الغيار التي تحتاج إلى العملات الصعبة لجلبها  من الخارج. والنظام الإريتري هو الجهة المخولة لحيازة الدولارات والتدخل العظام في كل كبيرة صغيرة في إنتاجية المصانع وهو الذي يحدد عن كيفية توزيعها محلياً أو تصديرها إلى الخارج، بالإضافة إلى فرض النظام على تلك المصانع ضرائب خيالية مما تضطر المصانع من إغلاق أبوابها.

 

 

وحدثت تراكمات في مرتبات الموظفين تجاوزت الخمسة الأشهر وعجزت الحكومة من تسديد الرواتب للموظفين. وكانت عوائد الدخل للتجارة الخارجية في عام 2003 بلغت نحو 250 مليون نقفة . وانخفضت  هذه العائدات في عام 2004 وصلت إلى 50 مليون نقفة، ونتيجة لهذا العجز اضطرت الحكومة إلى إغلاق  أعمال الصادرات والواردات. بالإضافة بأن الحكومات الأوروبية والأمريكية مساعدات اقتصرت على مساعدات غذائية بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية حيث لعبت دوراً هاما في الاقتصاد الإريتري  أهمها عدم هطول  الأمطار منذ ثلاثة سنوات بصورة منتظمة، مما أدى إلى الجفاف وحسب التقارير الواردة من الأمم المتحدة بأن سكان إريتريا مهددين بالمجاعة.

 

 

كما يستبعد المراقبون اندلاع الحرب بين البلدين أولا لوجود قوات حفظ السلام تفصل الشريط الحدودي ثانيا هناك خط أحمر من الصعب تجاوزه بالإضافة إن الجانبين لا يستطيعان تحمل تداعيات وإفرازات الحرب، كل ما يروج له لا يخرج من الاستهلاك المحلي للهروب من الأزمات الداخلية. وتجدد الحرب يعني إحداث تغيير شامل ليس في الأنظمة بل في الخارطة السياسية على مستوى الإقليم. إلا أن الخبراء في الشئون الإرترية يتفقون أن الحرب مستبعدة ومغامرة إرتريا قد تفاجئ الجميع فالاحتمالات والخيارات مفتوحة في ظل غياب نظام يحكمه الدستور في إرتريا.

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=4708

نشرت بواسطة في أبريل 27 2005 في صفحة الأخبار. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010