وداعاً صديق العمر والدراسة والنضال المغفور له بإذن الله ابو جميلة سليمان موسي حاج

الشهيد سليمان موسى حاج

(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي )) صدق الله العظيم
ببالغ الأسى والحزن العميق بلغني النبأ الجلل وفاة المغفور له بإذن الله الأستاذ المناضل الجسور سليمان موسي موسى حاج لقد أخبرني مساء الاربعاء الأخ علي محمد صالح شوم علي بمرض سليمان مباشرتاً اتصلت بأسرته الكريمة وردت عليا اصغر البيت ابنته الدكتورة نجلاء وعندما سمعت صوتي قالت مرحبا مرحبا عمى سألتها عن والدها قالت للتو عاد من المستشفى أخذ درب ونام ثم اعطتني والدتها وتحدثنا مطول عن وضعه وقالت بعد ما رجع نام قلت لهم أن شاء الله اتصل بكم غداً وفي الصباح اتصلت بي ابنتى نجاة من كسلا قالت لي عمي سليمان توفي هذآ الصباح إلى جنات الخلد ان شاء الله كنت اشحن جوالي للاتصال بهم ماذا أقول ألا ما يرضي الله ورسوله (أنا لله وإنا إليه راجعون ) إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا علي فراقك لمحزنون يا فقيد الوطن يا حكيم زمانه يا من حباه الله بمكارم الأخلاق وصبر يحسد عليه .
كان لا يعرف التعصب تجده من أول الحاضرين في السراء والضراء مع أنه من أسرة ميسورة ولكنه كان بسيط جدا عرفته عن قرب وكنت جزء من عائلة المغفور لهم بإذن الله والده ووالدته رحمهم الله كانوا يتعاملون معي كأني احد أفراد الأسرة الكريمة وخصوصا بعد التحاق سليمان بالجبهة يستشيرونني في أمور كثيرة وعندما كنت اعمل مدرس في الساحل كانوا يلزموني على زيارتهم كل ما آتي الى كرن ويطلبوا زيارتي يومياً وكثير ما كنت ابيت في منزلهم العامر ويكرموني بما لذة وطاب من الاكل والشرب وكان الاستاذ الجليل ابو منصور عمر موسي حاج عندما كان عمدة بلدية مقلي كان يأخذني من الفندق وابيت معه ومنها نقل الى عمدة ديريداوا فكل ما يأتي الى اسمرا في طريقه الى كرن كان يزورنى واخر مرة قابلت فيها الاستاذ كانت في بداية نوفمبر عام 1977 عندما علم بوجودي في اسمرا اتصل بي عبر التلفون وطلب منى الحضور قائلا لي انه تعبان وتعال لي في الفندق وعندما اتيت واخبرته إنني قادم لأسلم ميزانية كرن والساحل التي كانت عهدتي في البنك فحولتها من حسابي الى حساب مكتب ادارة التعليم واخبرته بأنى اخذت اجازة سنوية وغدا ذاهب الى كرن لان الجبهة استدعتني وحاول بكل الطرق يثنيني بعدم الانضمام الى الجبهة قائلاً ما يكفينا سليمان وقال لي سمعت بأنك مرشح لتكون نائب المدير العام في الشؤون الادارية ونحن فخورين بيك ماذا ستجنى من الجبهة ودار بيننا حوار مطول ولكن كانت ارادة الله بان لم اسمع كلامه رغم احترامي لوجهة نظره وكان يري ان نخدم شعبنا من الداخل وكنت انا وجيلنا متحمسين للنضال من الخارج حتى لو تركنا مناصبنا والتحاقنا كجنود في الجبهة وهذا ما حصل من اغلب الشباب .
ومن أحب اخوانه لي كان اخوهم الصغير الاخ يسين رحمه الله توفي فجأة في ريعان شبابه كان يحبنى واحبه كشقيق وصديق جعل الله قبره روضة من رياض الجنة.
كان الراحل سليمان تقبله الله يدرس معنا في كلية التربية وفي اخر سنة تخرجه احتاج اليه والده ليساعده في اعماله التجارية فترك الكلية لمساعدة والده وكان باراً بوالديه .
بدانا العمل الوطني في عام ١٩٥٧م أي قبل تأسيس حركة التحرير وانشأنا حركة شبابية وكانت الفكرة فكرة الشيخ المناضل الكبير ادم محمد على اكتي كنا نجتمع في بقالته في سوق الصياغين في البداية كنا اربعة ادم محمد على اكتى اطال الله عمره والمرحوم سليمان موسي حاج رحمه الله وعلى محمد صالح شوم اطال الله في عمره وشخصي الضعيف ومن بعد نشرنا الفكرة الى كل الشباب وبدانا اجتماعاتنا في معهد الجامع الكبير واخر اجتماع كان في بيت المغفور له بإذن الله نوراي احمد حبونا بالقرب من كنيسة الارثدوكس انتهي الاجتماع بعد منتصف الليل كان الاخ يسن فتوراري عثمان ساكن في حي البوليس فاعتقل بالقرب من منزله وعندما علمنا ارسلنا اليه الاخ ادم اكتي والاخ المغفور له بإذن الله عافه عثمان ضرار ليسأل عنه فاعتقلتهم الشرطة وكانت في جيبه ادم اكتيى كانت ورقة بها قائمة الاعضاء فمضغها وبلعها خوفا من اعتقال البقية وفي اليوم التالي تحركت العضوية وامرت بإقفال سوق كرن ودعت الناس بالاجتماع في جيرا فيوري وعندها الامن والشرطة قالوا امشوا الى اعمالكم وسوف نفرج عنهم ورفض الشعب واخيرا قرر الشعب الذهاب الى رئاسة الشرطة وتوجهت الجماهير الى مكتب مدير الشرطة ووصل من اسمرا رئيس الشرطة الجنرال زراماريام ازازي وبرفقته مدير مديرية كرن القنزماش امباي هبتي وبدأ حديثه بان تفرقوا وسيتم اطلاقهم الشعب رد يجب اطلاقهم فوراً ورمي احد الحضور طوبة خلعت قبعة المدير عندها الجنرال قال فاير فاطلقت الشرطة قنابل مسيلة للدموع واول مرة يسمع الشعب صوت الرصاص الحي فحصل هرج ومرج وهرب الشعب الكل يسارع الرياح والقت الشرطة القبض على الابرياء ولم يكن من بين السجناء من القيادة سوى نوراي حبونا ومحمد سعيد عمر عنططا كان يحرك الطلاب رحمة الله عليهم نوراي توفي في امريكيا قبل سنة ومحمد سعيد عمر عنططا توفي في استراليا ولحقهم سليمان موسي حاج بكرن .
سليمان موسي حاج وعلى محمد صالح شوم كانوا يحركوا الجماهير وعمر صالح عمر ومحمد سعيد عمر عنططا كانوا حركوا الطلاب .
الكتابة عن ابو جميلة تحتاج الى دواوين فهو في كل شيء فريد من نوعه غفر الله له كان وطنياً شجاعاً وقائد فطن وعادل وشهم لو تقلد سليمان وأمثاله قيادة الوطن لقاد الوطن الى التقدم والازدهار ولكان حال الوطن في قمة الازدهار والثراء والتطور وربما لتفوقت ارتريا على الدول الناجحة امثال سنغافورا في اسيا ورواندا في افريقيا ارتريا تمتلك خيرات كثيرة من موقع استراتيجي وموارد طبيعية من ما يؤهلها الى مصافي الدول النامية .
وقد تقلد المغفور له عدة مناصب قيادية، منها تم انتخابه مرتين عضوا المجلس المركزي بجبهة التحرير الإرترية، كما شغل منصب المراجع العام وأيضا مندوب الجبهة في الخرطوم وأول ما التحق بالجبهة عامة ١٩٦٧م كان عضو اللجنة الثورية .
من صفاة المغفور له اخي سليمان موسي حاج انه لا يعرف التعصب والتعنصر يؤمن بالمواطنة والتعايش السلمي وكان يكره العنصرية المقيتة وكان عازف عن المراكز السياسية مع امتلاكه لبصمات القائد العادل من كاريزما وشجاعة .
عندما كان ممثل الجبهة في الخرطوم كان يتعامل مع اعضاء ادارة مكتبه بلطف وتواضع مما اكسبه ثقة واحترام الجميع وتكاتف بين طاقم مكتبه .
عندما كنت آتى الى الخرطوم كان رحمه الله يستقبلني بسيارته ويوصلني الى منزله في الصحافة زلط ينزلني ويعود الى مكتبه ويقول لي اليوم ترتاح وغداً ارتب لك سواق يسهل لك امورك وكانت اسرته الكريمة تستقبلني بحفاوة وترحاب ويعتبروني جزء من الاسرة ، لقد كان وزيري في زواجي الاول وكان مشفق عليا لأنى كنت في عمر المراهقة حينها وكنت انا ايضا وزيره في زواجه الاول والثاني في ذلك الزمن الجميل وزيرك هو اقرب الاقرباء ويقف معك في السراء والضراء للأسف باعدتنا الظروف القاهرة والتي حرمتنا من وداع اقرب الاقرباء واصدق الاصدقاء .
بعد التحرير كان يزور والدتي وكان يأتي اليها بالرعيل الاول من القيادات رفقاء اخي صالح سيد حيوتي ويسالها هذا اتى لزيارتك هل تعرفينه فكانت تقول له هذا ابنى فلان وتذكر اسمه كانت رحمها الله تمتاز بذاكرة قوية رغم كبرها وضعف حواسها وعند وفاتها كان اول من اتصل بي يخبرني معزي الي في فقدانها رحمها الله وجعل قبرها روضة من رياض الجنة .
كل ما يزور كندا كان يتصل بي ليل نهار ونتحدث بالساعات الطوال عن ذكرياتنا وماضينا الجميل ، كان ناجح في اى عمل يقوم به بعد وفاة المغفور له بإذن الله العم عبدالرحيم عثمان كيكيا حل محله بعد انتخابه مدير الشركة شركة لبان وادارها بكل همة واقتدار على خطي سلفه رحمهم الله جميعا .
ابنته البكر جميلة رحمها الله كانت تدرس طب في القاهر وعند زيارتها للسودان قبل تخرجها بسنة توفيت فجأة رحمها الله وعوض شبابها الجنة فتقبل هذه المحنة بصبره المعهود وبرضاء لقضاء الله وقدره كما فعل والديه من قبل عند وفاة ابنهم يسن وهو في اخر عام في الثانوية في اسمرا وكانوا يعدوا لزواجه بعد تخرجه وعندما اتيت من الساحل معزيا في اليوم الثالث من وفاته وجدتهم اكثر صبرا منى قائلين لله ما اعطي ولله ما اخذ رحمهما الله جميعاً .
تزوج سليمان زوجته الاولى انجب منها المرحومة جميلة ومدينة متزوجة من ابن عمها منصور عمر وتقيم في كندا وبعدها تزوج خطيبة اخيه الراحل يسن بعد وفاته بشهور ومن زوجته الثانية ام سميرة انجب منها سميرة ساكنة في الخرطوم ثم يسن موجود في كندا وحسينة في الخرطوم وامال في كسلا وموسى في استراليا ومحمد في كندا واخر العنقود الدكتورة نجلاء في الخرطوم ما شاء الله كلهم بعيالهم حفظهم الله وبارك فيهم وجميعهم خريجين جامعات والان غالبيتهم في كرن لزيارة والدهم رحمه الله نعم الذرية الصالحة ربي يبارك فيهم ويمد في اعمارهم ويمتعهم بالصحة والعافية ويجعلهم خير خلف لخير سلف ويحفظهم ويعظم اجرهم في هذا الفقد الجلل ويلهمهم الصبر والسلوان وحسن العزاء وكانت وفاته في الايام المباركات في العشرة ذو الحجة من سعادته لأنها أفضل حتي من العشرة الايام الأخيرة من رمضان فيا لها من سعادة لا يلقاها إلا السعداء .
اللهم عافيه واعفوا عنه واكرم نزله ووسع مدخله واجعل قبره روضة من رياض الجنة اللهم اغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس اللهم جازيه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفوا وغفرانا ولقه برحمتك ورضاك وقه فتنة القبر وعذابه اللهم حل روحه في محل الابرار وتغمده بالرحمة آناء الليل والنهار برحمتك يا ارحم الراحمين اللهم انقله من ضيق اللحود والقبور الى سعة الدور والقصور في سدر مخضود وطلح منضوض وماء مسكوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة مع الذين انعمت عليهم من النبين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا اللهم اجعلنا واياهم من عبادك الذين تباهي بهم ملائكتك في الموقف العظيم وارزقنا حسن النظر الى وجهك الكريم مع الذين تجري من تحتهم الانهار في جنات النعيم دعواهم فيها سبحانك اللهم وبحمدك وتحيتهم فيها سلام واخر دعواهم ان الحمدالله رب العالمين
اللهم الهم اهله وذويه وشريكة حياته وابنائه وبناته واخواته زهرة وعائشة وفاطمة واحفاده ومحبيه ورفاق دربه وال الحاج والإرتريين عامة الصبر والسلوان وحسن العزاء .
الاستاذ عيسى سيد محمد

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=44952

نشرت بواسطة في يوليو 19 2021 في صفحة التاريخية, المنبر الحر, شخصيات تاريخية. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010