يتهلبلب الحارس الأمين

تلك الجبال التي كنت أرها في شبابي صافية تبدو لي الآن بعيدة لأستطيع رؤية رؤوسها بشكل  جيد فهي غير واضحة المعالم  لي , كما أن  الزمن بدأ يتلاعب بذاكرتي  يشدها ويرخيها ومع ذلك لم أنسى تلك المناظر مثل جداول الماء  المتدفق منها وصغار العصافير التي كانت تزقزق من حول الجبال والحقل الأخضر والماشية التي كانت ترعى في أطراف الجبل.

ولعل ما يشير فيني  الرغبة في ذكر هذا المكان إنني أعلم بان هذا الجبال مليئة بالعناوين الدامية لقد جئت إليها متأخراً عن الرعيل الأول بزمن وجئتها كزائر غريب في منتصف الليل بروح الرعيل الأول لأرى نهاية الجيش الأثيوبي بعد الشروق الشمس بساعات.

كان ذلك في احدي أيام ديسمبر تحديداً من 2/12/1979 إلى 6/12/ 1979حينما التصقنا بالصخر لنكون جزء من الجبل وكانت عوت وي موت هو القسم الذي راهنا به للأقدام فقهرنا الموت وتغلبنا على الخوف حتى صعدنا قمة جبل يتهلبلب حيث يكمن  عند حافته الأعلى كل النصر.

 أما العدو كان متأخراً بحذائه الكبيرة ودباباته الثقيلة ورغبته في الحياة كان لايهمه التأخير والتقديم وكان يمضي إلى ما يشبه الدائرة التي تعود إلى ما ابتدأت منه فكان يحاول للرجوع للخلف باستمرار. بهذا النغم العسكري يمكنك أن تقيم الفرق بيننا كما أن هذا الجبل الحلزوني ليس له نهاية, يخيل لي أنه توقف عن الركض في عرض الطريق من الزمن الكمبري (الجيولوجي الأول) ليسقط كل شيء بين يديه فهو جبل ثائر بلا طريق وفي قمته يوجد مفتاح الأمان

 كانت السحب وراء سحب فوقي ودمار وراء دمار تحتي لم التوقع هذا الحد من القتلى والجرحى والدمار ولم أتوقع للواء مظلات نارو والقوات المسعفة من كرن تترنح بهذه السهولة حضرت عذابات الجيش الأثيوبي وهلوسة ضباطه ودندن وحارينا وقمة نخراء تحاصر اللواء 7 و18 و19 وللواء المليشيات 76 في الجناح الأيمن من نقفه والجيش الأثيوبي يهرب بالذعر تاركاً طبايت وقبر طعدا خلفه باتجاه وادي معو وحداي مفرق نيرانه عشوائي دون تميز.

 أدهشني ما أرى وأسمع كيف هذه الجبال انتزعت منهم المبادرة؟ وبهذه السرعة الخاطفة ليفرض يتهلبلب عليهم أحكامه ويحصل فيهم خلال ساعات قلائل كل هذا الدمار.أين مقولة نقفه ستسبح مقبرة للانفصاليين؟ كان منغستو متفائل  ولئيم يرقص رقصته المجنونة في أسمرا يستنشق الدم  في قارورته المشهورة ويلهو بالحقد الأثيوبي القديم  في خطب طويلة يكذب فيها للعلم الاشتراكي بل اخترع حكايات وبطولات لشعب الأثيوبي كان أهلها ارتريون  كما خلط للجيش السم في لعسل حتى أحالهم إلى مقابر مفتوحة في أرض الساحل.

الجبال  هنا لا تعمل كما يفكر منغستو فهي مثل الوحش ينهش ضحاياه بعد أن يشل تماماً وعيهم كما يفعل الضبع رمز هذه الأرض القوية, بهذه المعنى ضيقت الجبال على أسلحتهم وأربكت رجالهم بفضل تضاريسها الوعرة كذلك أوقفت مفعول الطياران والدبابات والأسلحة الثقيلة ليدخلوا في كماشة معدوم فيها فرص النجاة فأصبح لهم الرجوع من الجبل دمار أكيد, والهروب منه أكثر تدميراً.

 جنرال يتهلبلب إنني اليوم سعيد برويتك وأتمنى أن تكون بخير واني لا أريد أن أنادي اسمك دون أن أسبقها بكلمة جنرال لأنني رأيت لا دبابة ولا طائرة ولا مطر ولا ظلام الليل قادر أن يخترق خططك العسكرية  رأيتك كيف بنيت حول 100 ألف عسكري شرنقة وحولتهم إلى أسر بعد أن عزلتهم  تماماً وجعلتهم مثل ضحايا سفينة هائمة على جزيرة نائية.

 فدحتهم  أيها الجنرال  في كل الحملات التي لحقت هذه المعارك فتت سنطق/ومبرق/ ونادو از والفرقة( قي امبوط ) التي تدرب فيها منغستو ستة حملات وأنت ودندن تضربون فيهم بشدة حتى انتهى خطاب منغستو كل فصوله عندك ليصبح كلمة واحدة أروماي  فقط.

 لهذا نقول الأذكياء وحدهم هم الذي يدركون أهميتك  هؤلاء لايعرفون منذ متى أنت في هذا المكان من العصر الكمبري وأنت تدرس الفنون العسكرية حتى أصبحت جبل هائل الارتفاع

لا يهتز بسهولة كما لا يهمك جميع الحكايات الأثيوبية المروية سواء كان عمرها 3000 سنة أو غيرها.

 أنت مع أبناءك الذي لا ينامون المتأرقين دائماً في دفاعات وأنت مع نقفه وأرجو أن توسع صدرك أنت جبل لا ياهتز بسهولة وأنا أعرف لا أحد يجلب لك البريد ولا بطاقة تهنئه بعيد الثورة ذوقنا مقرف ومبادئنا معقدة أما التهميش والخيانة له أصل وسلف في هذه البلاد وأنت لست الوحيد الذي يعاني من التهميش هناك من يتعصر ويتألم من خراب مالطا كلها.

  

 وبمناسبة يوم الشهداء أقو لك

 كل عام وأنت وشعبك بخير

 

 بقلم/ متكل أبيت نالاي

 

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=6844

نشرت بواسطة في يونيو 9 2006 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010