كلمة الحزب الإسلامي الإرتري للعدالة والتنمية في مهرجان فرانكفورت 2014.08.09

الإخوة الأفاضل  المناضلين في حزب الشعب الديمقراطي الإرتري قيادة وقاعدة

الإخوة في اللجنة التحضيرية لهذه المهرجان الوطني.

 

يطيب لى في البدء باسم الحزب الإسلامي الإرتري للعدالة والتنمية   قيادة وعضوية  بان اقدم لكم تحية وطنية خالصة  تحية النضال والصمود والعمل من أجل التغيير لتحقيق غدٍ افضل تشرق فيه شمس الحرية ويسود فيه العدل والتعايش  وتتحقق فيه التنمية المتوازنة في وطننا الحبيب ارتريا شاكرين لكم  هذه الدعوة  الكريمة

كما يسعدني  بان اقدم  شكري للأخوة الذين سهروا  لتحضير هذا المهرجان ، وأصالة عن نفسي ونيابة عن اخواني في قيادة الحزب اقدم تحية عطرة للضيوف الكرام من الأخوة والأخوات  ، وتحية نضالية ثورية للحضور الكريم من الجماهير الإرترية.

الحضور الكريم اسمحوا لي في هذه العجالة والوقت المسموح به بان اتحدث معكم  اكثر عن المستقبل وعن حجم التحديات التي تنتظرنا كمعارضة  وبأن لا نضيع الوقت في الحديث عن جرائم إسياس والعصابة التي تسانده في الحكم،  فقصة هؤلاء أصبحت مكشوفة ومعروفة لكل وطني ارتري يمتلك ادنى قيم من الإنسانية والوطنية والديمقراطية…. وأن إسياس ونظامه عاجلا ام اجلا مصيرهم  في مزبلة التاريخ عندما تثور الجماهير وتتحرك القوي الوطنية من الداخل والمهجر ….. وهذا اليوم آت لا محالة. ولكن التحدي هو ماذا أعددنا نحن لهذا اليوم ؟ وماذا نحن فاعلون عندما يأتي التغيير و لاسيما و نحن نرى من حولنا كيف تسرق ثورات الشعوب عبر الثورات المضادة المسنودة دوليا وإقليميا. سنكون من  السذاجة بمكان لو ظننا إن إسياس  لو رحل  سوف يحزم حقائبه ويرحل إلى مزبلة التاريخ بعد أن يطلب من أعوانه تنظيف المكان والمؤسسات ليتركها لنا نقية سليمة.

إن أثاره وسمومه وعقليته ومشروعه الثقافي ستواجهنا في كل مكان ….  في معسكرات الجيش ووكر المخابرات وفي مقرات الحكومة بل وفي ذهنية جيل تربى على دكتاتورية إسياس…. ومع كل ملف من الملفات الوطنية الهامة والشائكة، ملفات كتبت بعقلية لا نعرفها واقل ما يقال فيها انها غير وطنية ولا تعبر عن كل المكونات الإرترية.

يقول المفكر الجزائري  مالك ابن نبي : إن الحرية عبئ ثقيل على الشعوب التي لم تحضرها نخبها لتحمل مسؤولية الاستقلال .

لذا نحتاج لمشاريع وطنية عديدة لكي نتعامل مع تلك الآثار السلبية و نشرك فيها العالم والعامل والمفكر والفلاح والمثقف والعامي والطالب والمعلم والجماهير ومنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية ولابد من ان نكون مستعدين لهذا التغيير القادم وإن المشاريع الناجحة تتطلب الفرصة والاستعداد، فكم من فرصٍ جاءت ولم نكن مستعدين ،وكم كنا مستعدين ولم تُتح لنا الفرص.

لذا في ظني إن أول هذه المشاريع هو المشروع الثقافي الوطني،  لأن الثقافة والوعى في كل الأوقات الصعبة في تاريخ الأمم والشعوب هي التي تكون طوق النجاة للمجتمع حين يتعرض لخطر الغرق

وإن الذي فجر طاقاتنا وإمكاناتنا في المراحل التاريخية السابقة الصعبة ليس الإمكانات المادية أو العلمية ولا العلاقات والسند الإقليمي أو الدولي… إن الذي فجر طاقتنا وإرادتنا الجمعية في التحدي والصمود كان من وحى ثقافتنا بمعناها الواسع والشامل للكلمة تراثنا الوطني النضالى و الحضاري والديني الذي يأبى الاستسلام والدونية والهزيمة ويرفض الظلم.

لذا لابد لنا كمعارضة من أن يكون لنا مشروع ثقافي وطني ننتج من خلاله عقلية إرترية وطنية جديدة تتحمل عبء مشروع التغيير الفكري والسياسي  ونسقطه على الواقع عبر خطط وبرامج ووسائل مدروسة…. لابد من بناء جيل يتمتع بعقلية  فطنة وإرادة وطنية قوية ونفسية تحكمها روح فريق عمل الذي يقول عنه أحد خبراء التنمية، عندما أقوم ببناء فريق عمل فإني أبحث دائما عن الناس الذين يحبون الفوز وإذا لم أعثر على واحد منهم فإنني أبحث عن الناس الذين يكرهون الهزيمة.

لذا نحن بحاجة لفريق عمل وطني  يدرس بعمق تجارب الآباء والشعوب ويأخذ منها العبر والدروس   جيل  واعد ناشئ على القيم والمبادئ والعدل والحق و يسخر الإمكانات و الثروة الوطنية لبناء و حماية الوطن والشعب ومؤسسات الدولة  والتنمية وتحقيق دولة الرفاهية وبناء الإنسان الصالح. أقول الإنسان الصالح بدل المواطن، لأن المواطن الصالح حسب تقيم بعض الدول هو المواطن الذي ينفذ سياسة الدولة في الحق أو الباطل، ويرتكب من الجرائم ما يتنافى  مع القيم ألإنسانية… وأن المواطن الصالح لدى اسياس هو الذي ينفذ الأوامر ويدفع الأموال ويحضر مهرجانات الرقص ويعتقل أبوه ويتجسس على أخيه ويعتقل رفاقه في السلاح والكفاح دون محاكمة وقانون. لذا إننا بحاجة ماسة إلى هذه الثقافة الوطنية لبناء إنسان صالح يتحاكم للقيم الإنسانية النبيلة ويحقق العدل له وعليه.  لذا نحتاج لهذا المشروع الثقافي اذا اردنا بناء الموارد البشرية الوطنية وفق القيم والأسس الإنسانية وتسخير الثروات الوطنية لهذا الإنسان الإرتري حتى يتحقق له العيش الكريم ، وهذا يجب أن يتصدر أولويات وبرنامج وثقافة المعارضة الإرترية  لبناء  إرتريا الحديثة.

نحن ايضا بحاجة ماسة كمعارضة في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها ارتريا كوطن يكون أو لا يكون، بان نعيد قرأة تأريخنا الوطني بذهنية منفتحة وروح وطنية مسؤولة…. وكما يقول احد المفكرين علينا أن ننظر لتأريخنا الوطني وتجاربنا المشتركة بعين النحلة لا بعين الذبابة ،فالذباب يعلم الجميع أين يسقط وماذا ينقل بينما ان النحل يطوف حول بستان الزهور وينتج منها العسل الذي فيه غذاء وشفاء للناس… كذلك نحن في المعارضة لا بد من أن نعمق تجاربنا الوطنية الإيجابية لنجعل منها معالم مضيئة لطريق المستقبل نحقق من خلالها لشعبنا ووطننا الأمن والسلام وقراءة التاريخ تتطلب السير المكاني والفكري والزماني والتنقل والنظر في تجارب وإخفاقات الآخرين وأخذ الدروس والعبر  والله سبحانه وتعالى  يقول في القران الكريم (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)صدق الله العظيم .

نحن ايضا بحاجة ماسة في ممارسة  العمل السياسي لثقافة جديدة ليس في التنظير والدساتير وفقط بل في الممارسة والتكوين. والسؤال المطروح علينا كمعارضة في هذا الجانب هو كيف نحول عقلية التدافع السياسي على مستوى الأذهان والممارسة من عقلية (حدي هزبي حدي لبي )، شعب واحد وقلب واحد ، من عقلية الصراع الوجودي الصفري غالب او مغلوب العقلية التي كانت سائدة في أيام الكفاح المسلح وإن الساحة الإرترية لا تتحمل إلا تنظيم واحد وفكر واحد هو الوطني وغيره من الأفكار والمشاريع فهي ما دون الوطنية (تحت هقراونت)…. هذه العقلية التي أنتجت لنا ديكتاتور يطلب منا الذهاب الى القمر في البحث عن الديمقراطية .

والتحدي الذي يجابه قوى المعارضة الآن وفي المستقبل هو كيف تتخلص من هذه العقلية في الفكر والممارسة وتحولها الى عقلية التدافع التنافسي  الذي يحقق فيه الكل الفوز للوطن ولو بنسب متفاوتة عبر آليات متفق عليها ومعايير وطنية من وحدة الأرض والشعب و حقوق وكرامة الإنسان المواطن والعمل من أجل تنميته وتطويره، عبر برامج خدمية تتنافس فيها الأحزاب والأفكار عقلية تؤمن بهذه القيم وترسخها عبر  الحوار وتحترم  الأخر المخالف في الفكر والدين والثقافة والسياسة.

أعتقد ايضا إن  إحدى الإشكاليات و التحديات التي تواجهنا داخليا في المعارضة هي اننا في أحيان كثيرة ننسى إننا مشروع تغيير ونبذل مجهود لتغير الآخرين ونقنعهم بان عليهم أن يتغيروا …. أما نحن كأحزاب و كفكرة للتغير تدفعنا عمليا لنقول للآخرين عليهم أن يتغيروا ويتطوروا

أما نحن فثابتين لا نحتاج للتغيير والتطور وهنا تكمن المشكلة بل نحتاج الى تغيرات جذرية في الأفكار والقناعات والممارسة العملية في ما يتعلق في رؤيتنا لإرتريا كوطن متعدد المكونات ضمن وحدة تحترم خصوصية التعدد والتعدد الذي يعزز الوحدة…. لابد من إيجاد توازن بين هذين المفهومين  والاعتراف بهما والنظر إليهما بعين الاعتبار… والعدالة في التنمية والسلطة والثروة والتعبير عنهما في وطن يعتمد مفهوم الوحدة في ظل التعدد واللامركزية في الحكم ، ودولة مدنية راشدة تتعامل مع هذا التعدد والتنوع بإيجابية وكمصدر نماء وتطور وتحمي كل ذلك بنصوص دستورية .

وهذه الدولة المدنية الراشدة تنطلق من المكونات الإرترية الأصلية وتعتمد في مرجعيتها على معتقدات الشعب الإرتري وأعرافه وقيمه وثوابت تعايشه وتعترف بتعدد مكوناته وتتبنى كل ذلك في بنيتها وقوانينها  وسياساتها . وهكذا تبنى دولة المواطنة والقانون والمؤسسات الديمقراطية والرفاهية والتنمية المتوازنة واللامركزية في الحكم.

وكما يقال لا تفوح رائحة الكعك  الزكية الا حين تمسها حرارة الفرن… كذلك فإن احلامنا الوطنية لن تنضج  ما لم  تمسها قسوة التجارب والمكابدة الصعبة.

وبالرغم  من أنها تجارب مريرة و مؤلمة وقاسية حيث اصبح أبطال وطننا الحبيب ارتريا في القبور ورجاله في السجون ومناضليه في الغربة وشبابه تبتلعه البحار والصحاري ويباع كقطع غيار بثمن بخس، وشعبه مشرد في الملاجئ….. أما  اللصوص وجلادي شعبنا يعيشون في القصور مع الدكتاتور وهم يتراقصون فوق جماجم الشهداء وأحلام الشباب وأمال  الجماهير ودموع وأهات الأمهات.   وبالرغم من تلك التجارب القاسية. إن زحفنا في طريق الحرية الذي بدأناه ببنادق صدئة معدودة وعدد قليل من الرجال ونحن ننشد قائلين :

ياطريق الحرية الغالي مشيناك   بدموع ودماء شهدائنا عبرناك

هذا الزحف لم ولن ينقطع ولن تنكسر إرادتنا  حتى تتحقق اهداف ثورتنا المجيدة… ونجدد العهد لشهدائنا الأبرار بأننا سنواصل العمل حتى نجعل من ارتريا وطنا لا يظلم فيه أحد وطن الحرية والعدالة والتعايش والتنمية المتوازنة، ودولة  مدنية  ديمقراطية راشدة …. دولة القانون والمؤسسات …. عندها سوف نجتاز هذه الآلام والأحزان وننشد مع عاشق ارتريا الشاعر احمد سعد قائلين :

وغدا تعود الدار …..  وتغرد الأطيار ……    ونغني للأحرار

في الختام لا يسعني إلا أن نكرر شكرنا وتقديرنا لدعوتكم لنا لحضور مهرجانكم هذا، راجين أن تتواصل لقاءاتنا وتتطور علاقاتنا لما فيه خير شعبنا ووطننا…

شكرا على حسن الإصغاء ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=31130

نشرت بواسطة في أغسطس 12 2014 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

3 تعليقات لـ “كلمة الحزب الإسلامي الإرتري للعدالة والتنمية في مهرجان فرانكفورت 2014.08.09”

  1. عبدالله

    الأخ \ إدريس عبي — تحياتي

    نعم الذي لا يسمع الكلمة فبكل تأكيد يسمع القعقعة

  2. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    نعم كلمة أكثر من رائعة ولكن سوف تكون الحياة لمن تنادي عندما يكون الفعل هو الذي يتكلم (لغة لا تكتب بالحبر)

  3. عبدالله

    كلمة رائعة ولكن لا حياة لمن تنادي

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010