وفاة عمر جابر رجل الكلمة الصادقة وصاحب المواقف الشجاعة

بقلم: محمد طه توكل

( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (

ببالغ الحزن والاسى نودعك يا فقيد الوطن المناضل فارس الكلمة الشجاعة والقوية والصادقة ( عمر جابر عمر)  الى جوار ربك راضيا مرضيا في يوم الجمعة الموافق: 19/12/2014م .وتلك علامة الصدق والصفاء والنقاء في ان اختار لك المولى يوم  الجمعة المباركة ولا نذكيك على الله بتاريخك العريق ومواقفك الشجاعة وصمودك التاريخي منذ انخراطك في صفوف العمل الوطني منذ نعومة اظافرك . حيث  التحق الراحل بالثورة الإرتيرية في وقت مبكر وناضل في صفوف جبهة التحرير الإرتيرية ابان الكفاح المسلح وتدرج فيها الى ان اخذ موقعا قياديا مرموقا بصفوفها وقد جاءها قويا مؤمنا بفكرة النضال الذي تشبع به قبل ان يلتحق بجبهة التحرير الإرتيرية   فهو ينتمى لأسرة مناضلة قدمت اكثر من شهيد ومن بينهم الدكتور الشهيد يحيى جابر ، وواصل مسيرته النضالية عبر التنظيم الموحد وكان له بصمات نضاليه واضحة ابان الكفاح المسلح  فهو ثوريا من طراز الرعيل الاول ومناضلا مخضرما لا تلين له عزيمة وقد كلف بمهمات نضالية مختلفة بالثورة الإرتيرية وكان مسؤول الاعلام والعلاقات الخارجية بالتنظيم الموحد لكفاءته وحنكته عرف المناضل (عمر جابر ) بالشجاعة والاقدام والفصاحة والبيان .

وكغيره من الذين فرحوا بالحرية كان من اوائل الذين عادوا الى  الوطن لكي يساهم في مسيرة البناء والتعمير بالوطن الذي طالما ظل يحلم به وكما كان  من اوائل المناضلين كان كذلك من اوائل الذين اكتشفوا بان الحرية تحققت في تحرير الارض ولكنها لم تتحقق في تحرير الانسان الذي يمثل القيمة الحقيقية لكل شئي واختار ان يكون اول الرافضين فاثر الهجرة مرة اخرى وعاد الى المنفى وانضم الى المعارضة الإرتيرية في مواجهة الطغيان الجديد ضد الشعب الإرتيري ليكون  من ابرز المعارضين للدكتاتور  وظل ثابتا بذات القوة التي بدأ بها نضاله العريق والتليد  في مناصرا لقضيته العادلة ومقاوما للظلم والاستبداد .

هاجر الى استراليا وحط رحاله بمدينة  ملبورن التي سجل بها تاريخا اخر من النضال الوطني فلم يتخلى عن دوره في بلاد المهجر حيث كرث كل جهده في خدمة الانسان المهاجر خاصة الأريتريا من خلال منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الخيرية في خدمة البشرية فأسس وكون وتابع وشجع في هذا المجال ولم يحرم نفسه من الحقوق القانونية في بلاد المهجر حتى أخذ ينافس  في البرلمانات والجهات الرسمية من اجل الدفاع عن حقوق المهاجرين وتثبيت قضاياهم بكل وعي وادراك وبكل شجاعة واقدام . الى جانب هموم شعبه ووطنه التي ظل يحملها اين ما حل وعرف عنه ايجابيا مع كل المبادرات التي تطرح في الساحة وكان يتسم بالصراحة والوضوح وقد قدم سلسلة مقالات عبر المواقع الإرتيرية تساهم في بلورة الساحة السياسية  وايضا ساهم عبر هذه المواقع في تعرية النظام القائم في اسمرا ، فكان يمتلك قلما ثوريا رصينا وذاكرة تختزن كثير من الاحداث  سخرها بصورة قوية وشجاعة وموضوعية وبلا شك ستكون هذه الاسهامات تاريخ يستند عليه الاجيال الحاضرة واللاحقة لرجل صاحب تجربة ثرة ومتفردة لم يتوقف عن الدفاع عن الحقوق حتى انتقل الى جوار ربه . رجل كان يجيد الخطابة ويمتلك ناصية الحوار فان حدثك لن تمل من الاستماع اليه وان كتب مقالا لن تتوقف من قراءته ، وكان الراحل متمسكا بالثوابت الوطنية ومناديا بوحدة التراب الإرتيري وكان نموذجا ثوريا لم يحيد عن مبادئه وان ظل وحيدا ولم يجد مناصرا له .

والسنوات الاخيرة من حياته تؤكد على انه رجلا مات واقفا مثقلا بالتجارب والخبرات الادارية والنقابية ولم يتوقف من العطاء والتضحية برغم من اعتلال صحته وكبر سنه ، وكان يتواصل مع الشباب عبر المنابر والنوافذ الإعلامية ويحثهم على العطاء والتضحية ويحفزهم لمواصلة المسيرة ويشد من ازرهم .

ولعل اكثر ما يؤلم الانسان الإرتيري في فقد امثال هؤلاء من الافزاز في ان  يوارى الثرى بعيدا عن ارض عشقها وعشقته وبذل في سبيلها الغالي والنفيس ، و لم يجد  الراحل (عمر جابر )  وغيره من الشرفاء الذين دفعوا حياتهم لها متسعا في باطنها حتى تحمل رفاته الطاهرة وبقايا جسده المنهك ..

وانا اذ اكتب  عن رحيل عمر الذي جمعتني به سنوات المهجر في ملبورن وقد عرفته فيها رجلا يتجسد الوطنية ويحمل قيم الثورة ومبادئها وغيرته عليها يستند على معرفته الواسع بكل اطياف المجتمع الإرتيري واصدقاء الثورة الإرتيرية وقد صادف رحيله اجتماعات بعض القوى المعارضة الإرتيرية التي امتلأت بها دول المهجر دون ان تحرك ساكنا في دكتاتورية الرجل الواحد التي اضاعة الوطن وكرست لشخصية الرجل الواحد وكأنما أرتيريا خالصة له رجل جاء من اجل تهجير الشعب الارتيري . ما يوسف له ان كل قوى المعارضة لا زالت حبيسة الاجتماعات والانشقاقات والتشرذم ولم تكن بمستوى الطموح والآمال التي يعقدها عليها الشعب الارتيري الصابر فهي لم تستفيد من الشخصيات الوطنية امثال الراحل (عمر جابر) وعجزت عن الاتفاق في ايجاد برنامج الحد الادنى من العمل المشترك امام مشروع انهيار دولة يوشك ان يكتمل وفي كل يوم يرحل اهم واكبر القيادات التي افنت حياتها في ان ترى أرتيريا حرة ومستقلة ينعم بها ابنائها تحت ظل العدالة الاجتماعية والديمقراطية .

الا رحم الله فقيد الوطن واسكنه الفردوس الاعلى مع الشهداء والصديقين ..

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=32344

نشرت بواسطة في ديسمبر 20 2014 في صفحة مختارات. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010