فقد ريحانتنا
هنالك أناس كالنجوم يضيئون حياتنا بما بذلوا من خير عميم كغيث ينفع حيث أصاب ثم برحلوا عنا ولكن مسك رائحتهم ما زال يعطر نفوسنا وذكراهم الجميلة عالقة في ربوع قلوبنا وشخوصهم تتراءى لنا في كل زاوية من زوايا الحياة التي عمروها بحبهم وفضائل أعمالهم وعزاءنا في وصالهم حبل الدعاء الممدود بيننا وبينهم ربي افتح على قبورهم نافذة من نسائم عفوك لا يغلق أبداً..
انتقلت إلى رحمة الله الخالة الحنونة أم الكل زينب جمع كلب ركا يوم الثلاثاء 4/ 2/ 1447هـ الموافق 29/7/2025م ووري جسدها الطاهر في مدينة جدة بعد حياة مليئة بالسيرة الحسنة وبذل المعروف والخير للجميع من أرحامها وجيرانها لا سيما من المحتاجين والفقراء ولذا كان دارها مأوى للقاصدين وعابري السبيل وفضلا عن ذلك تحب تكرم الضيف أيما إكرام بلا من ولا أذى وتواسي المكلوم والمحزون وتوقر الكبير وترحم وتعطف على الصغير ويا لها من نفس أبية رضية كريمة وقنوعة … وفي الجملة الخالة كانت فيض من العطاء والإحسان ويمتد خيرها للجميع . وتلك النفوس لا تنسى ، بل تبقى بصماتها محفورة في القلوب والذكريات الجميلة.
والخالة مع كرمها كانت أعرف الناس بالنسب والحسب للجميع ولها ذاكرة حادة وقادة وحاضرة حباها الله لها حتى آخر لحظات حياتها أن اعطيتها رأس الأمر تكمل السلسلة النسبية لجميع القبائل المختلفة وهذا ما يثير دهشة السائل . وقد تعلمنا الكثير من هذه المدرسة النسبية وكما أنها كانت قوامة لصلاة الليل والضحى طيلة حياتها وكثيرة الدعاء ٠
ولذلك لم يفقدها أهلها وذويها فحسب بل فقدها الجميع وبحق كانت هي الريحانة الأخيرة من شجرة العائلة المباركة …
ويبدو أن الخالة لم تكن مجرد فرد عادي في الأسرة ، بل كانت النور المتبقي، وصوت الذكرى، ودفء الماضي كله. ومع رحيلها، خفتت الأصوات، وتراجع الضوء، وأصبح الفراغ أكبر من أن يُحتوى. ومع ذلك، ستبقى سيرتها الرائعة ، وتبقى ذكراها كالعطر الذي لا يزال ، يلامس القلوب ويطيبها رغم الألم.
نسأل الله أن يكرمها بجنات النعيم، وأن يجعل كل لحظة أحسنت فيها، وكل دمعة فُقدت لأجلها، نورًا في قبرها، ورحمة تحيط بها. وأن يجعل الفردوس الأعلى مثواها حيث لا فراق ولا وجع.
القلوب مُنكسرة، والعيون تترقرق بالدموع، ولكن في هذا القول عزاء عظيم… نعم، إنا لله وإنا إليه راجعون، فكل نفس ذائقة الموت، وما الحياة الدنيا إلا محطة فانية.
رحيل الأحبة ككسر لا يجبر، لكننا نؤمن أن الله أرحم بها منا، وأن دار الخلود خيرٌ من دار الزوال. أسأل الله أن يبدلها دارًا خيرًا من دارها، وأهلًا خيرًا من أهلها، وأن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة.
اللهم أنزل عليها شآبيب رحمتك وعزائم مغفرتك
اللهم افسح لها فى قبرها مد البصر ونور لها فيه
اللهم اجعل ما أصابها من نصب ووصب ومعاناة مغفرة للذنوب ورفع في الدرجات .
واجمعنا بها في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
ولا نقول إلا ما يرضي الله
وإنا على فراقك يا خالة لمحزنون .
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
.
بقلم / حسين رمضان عمر
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=47646