أرتريا ما هى سيناريوهات محتملة بعد رحيل افورقى ؟

بقلم : أحمد نقاش

كثرة الاحاديث فى الاوينة الاخيرة عن رحيل افورقى او مرض عضال يحول دون ممارسة مهامه اليومية ،هذا دون تأكيد من اى جهة رسمية الا ان الشارع السياسي الارترى هذه المرة كان اكثر حذر ًا فى التعامل مع مثل هذه الاشاعات بل الكثير لم يعر لها الانتباه ذلك لكثرة مثل هذه الاشاعات من قبل  اجهزة النظام. لكن رحيل النظام ان لم يأتى اليوم سوف يكون غدا لان كل نفس ذائقة الموت لذا اردت ان اتناول نقطتين أساسيتين فى هذه  السطور وهما :

  • لماذا تمارس اجهزة استخبارات النظام  مثل  هذه  الاشاعات ؟!
  • ما هى سيناريوهات متوقعة بعد رحيل رأس النظام ؟

اجهزة استخبارات النظام الارترى تصنع  وتكثر لمثل هذه الاشاعات لعدد  من الاهداف ..

  • لوضع الشعب والمحيط الاقيلمى والدولى فى حالة ترغب وشد الانظار  اليه والى وسائل  اعلامه التى هجرها الشعب فى الداخل والخارج،بعدها ليظهر راس النظام فى خطاب بطولى يؤكد وجوده فى الحياة وعودة شبابه وحيويته  إليه، حتى يفقد ويطفئ فى نفوس  الشعب امل التغيير والتحرر .
  • لمحاولة كشف الخلايا السرية التى تعمل فى الداخل،بإعتبار ان إشاعة موته سيكون طعم جيد لظهور بعض التصرفات الغير محسوبة من قبل تلك القوة التى تعمل فى داخل النظام، ومن ثم إقتناصها دون رحمة،فضلا عن ان هذا الاسلوب يعتبر وسيلة جيدة لامتحان وإختبار الذين يصفقون للنظام،لان طاعة شياطين الانسان للانظمة الدكتاتورية شبيها بطاعة الجن لملك سليمان -عليه وعلى نبينا افضل السلام – لان طاعتهم مرتبطة بالخوف والمصالح وليس بالايمان هذا ما يفهم من سياق الاية ..( فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ..) سبأ 14.
  • تعويد الناس على الاشاعات وعندما يهلك افورقى حقيقتا تجد العصابة من بعده فرصة كافية لترتيب امر انتقال السلطة بالهدوء قبل تحرك اى قوة اخرى فى الداخل او فى الخارج لايجاد واقع جديد او احداث توازن القوة .

اذا كان هذا هو هدف من تكرار اشاعات إستخبارات  النظام .. ما هى السناريوهات المتوقعة بعد رحيل  النظام حقيقتا؟!

كذلك يلاحظ فى هذه الايام حراك سياسي شديد على مستوى الداخل التى تمثلت فى زيارة مسؤول إستخبارات النظام على غير العادة لدولة اقليمة مهمة جدا،فضلا عن تغييرعملة الدولة وغيرها من الترتيبات.وعلى مستوى المعارضة الارترية تمت عدد من اللقاءات فى كل من ” فرنكفورت – اديس أبابا- نيروبى ” فى ظل غياب ملحوظ لاى دور للكتل القديمة مثل ” المجلس الوطنى – التحالف الديمقراطى – التضامن .. ” والتحرك الجديد يتمظهر فى خاريطة اشبه بخريطة رملية متحركة طرفه ” مدرخ  واخر أديس ” كل هذا ان  دل انما يدل على ان هناك شئ ما فى البلاد ” وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا” لكن فى كل الاحوال التغيير يلوح فى الافق. البعض من الناس يتوقعون حدوث صراعات داخل منظومة النظام الحاكم فى ارتريا لمجرد رحيل افورق او فى حالة عدم قدرته على ممارسة سلطاته بشكل عملى. أعتقد هذا بعيد الحدوث فى المنظور القريب وان كان لا يستبعد حدوثه فى المنظور البعيد لأن المنظومة التى تحكم البلاد اليوم هى منظومة متكاملة الاركان وتجمعها مصالح متعددة( السلطة، الثروة،الاقليمية،الطائفية ).

  • السلطة : تتركز هذه السلطة فى يد مجموعة من جنرالات وضباط الجيش القريبين منهم بما  ان  مصيرهم  مشترك سيكونون حرصين على إنتقال السلطة بشكل سلسل لان اى خلل اوعواصف سوف تغرق السفينة ومن عليها.
  • الثروة : بما ان فى عالمنا العربى  والافريقى الثروة مرتبطة دائما بالفيئة  الحاكمة وفق منهج فاسد،ان ثروة البلاد الظاهرة والباطنة هى فى يد مجموعات الجنرالات ورجال اعمال المحسوبين الى النظام وطائفته،وهذه الثروة فى ارتريا تقدر بارقام فلكية رقم ما يعانه الشعب من العوذ والفقر. وكل هؤلاء المنتفعين  من سدنة النظام الثابتون والسابقون او القابعون فى الداخل والمنتشرون فى الخارج سوف يحرصون  على انتقال  السلطة بسلام بصرف النظر من يكون على رأسها.
  • الاقليمية : الاقليمية فى ارتريا من احد عناصر السيطرة على السلطة لذا نجد ان السلطة الحاكمة والمسيطرة على مقاليد الدولة تكاد تتمحور على إقليم بعينه والمولدين المحسوبين على نفس الاقليم الذين سكنوا أسمرة خاصة منطقة (ظلوت) فضلا عن ان هناك ما يسمى (مجلس الاربعين) يتكون من رجالات النظام الاساسين واصحاب المال والعلم والثقافة ورجال الدين، وكلهم محسوبين على اقليم واحد. والجدير بالذكر قيل ان هذا المجلس هو الذي لعب دور كبير فى افشال “حركة 21 يناير بقيادة الشهيد “سعيد على حجاى ” وامتساس اثارها واعادة اللحمة من جديد بين رأس النظام وبعض الجنرالات الذين تعاطفوا او بحثوا عن شئ من التغيير فى حركة 21 يناير. وبالتالى ان هذا  التجمع الاقليمى وهذا المجلس المنظم لابد لهما الحفاظ على السلطة ومكاسبها ومحاولة نقلها بشكل سلسل.
  • الطائفية : من المعلوم ان نظام افورقى قام على أساس الطائفية والثقافة القومية ،وهذه الطائفية فى ارتريا ليست سطحية او وليدة اللحظة انماهى عميقة عمق الصراع الدينى فى القرن الافريقى المرتبط تاريخيا بصراعات القوى الكبرى وصراعات الشرق الاوسط، بل يمكن القول ان المسالة الارترية وإشكالياتها محليا وإقليميا ودوليآ تمحورت على هذا الصراع التاريخى المتجدد بمسميات مختلفة. لذا يمكن القول إن استمرار مأساة ارترية الى الان يعود الى طائفية طرف وجهل طرف اخر فى كيفية ادارة هذا الصراع. -لا اريد الاطالة فى هذا الجانب حتى لا اخرج عن سياق موضوع المقال- صحيح  الان الغلاف الطائفى مثقوب نتيجة مماراسة افورقى وحصر المصالح على الاقليم ،الا ان هذه الطائفية سوف تحاول ترميم ما افسده راس النظام لان غيابه سوف يتح المجال للحركة الحرة والمناورة بل قد يتخطى الامر لاصلاح ما افسدته عنجهية افورقى ما بين طائفة النظام وطائفة المعارضة واخرى لا نعلمها والله  يعلمها.هكذا سوف يحاول كل اصحاب المصالح المحلية والاقليمة والدولية على انتقال السلطة بشكل سلس وهادئ بقدر المستطاع وفى هذه الحال ان الوضع الجديد بطبيعة الحال يتطلب منه اجراء بعض الاصلاحات السطحية بإعتبار انه “شرُ لابد منه” لان انهيار الدولة ليس من مصلحة احد خاصة لمن يملك الدولة والثروة.
  • النظام الجديد : اذا ما تم له الانتقال السلس للسلطة سوف يحاول اجراء بعض الاصلاحات على المستوى الداخلى والاقليمى والدولى .لان اجراء هذه الاصلاحات هى تمثل بالدرجة الاولى مطالب المنظومة الغربية ومؤسساته المدنية والكنسية التى لعبت دور كبير فى دعم نظام الجبهة الشعبية فى مرحلة الكفاح المسلحة وايصاله الى السلطة فى ارتريا بإعتباره الحليف الاستراتيجى فى الدولة الوليدة. وكما ان اجراء هذه الاصلاحات السطحية مطلوبة بطبيعة الحال لذر الرماد فى العيون مثل “اخراج بعض السجناء الاحياء – وسن بعض القوانين – محاولة صياغة شبه دستور – مغازلة بعض قوى المعارضة القريبة منهم” فضلا عن أن الاصلاح من مطالب أساسية  لقوى المعارضة التى تنتمى للجبهة الشعبية فى خلفيتها السياسية والفلسفية.وهذه الاخيرة قد تحاول جر او اقناع بعض قوى المعارضة الارترية التى تراها قريبة من رؤيتها او تغض النظر عن المطالب الجوهرية للجماهير الارترية فى التغيير فى سبيل الكعكة،لحملها الى عاصمة البلاد معها لآكمال الديكور وإضفاء الشرعية على الوضع الجديد دون تغيير جوهرى وحقيقي الذى يحلم به غالبية ابناء ارتريا،وفى مثل هذه المساعى قد تقوم  بعض مؤسسات المنظومة الغربية بتقديم المساعدات اللازمة والضرورية وفق النظرية البرقماتية التى تتصف بها سياستهم الخارجية. لذا ان الاصلاح على المستوى الداخلى قد يكون محدود او ما يسمى بنظرية “اللعبة فى اطار المتشابه” او “تقليب دون تغيير”اما  على المستوى الاقليمى قد يحاول النظام الجديد اصلاح ما افسدته عنجهية افورقى فى علاقاته مع دول الجوار وخاصة أثيوبيا،و فى هذا الجانب دور المنظومة الغربية سيكون مطلوب بشكل اكبر لتقريب وجهة النظر بين الدولتين الحليفتين للغرب على أساس ما تم الاتفاق عليه فى المحادثات التى جرت مع الجبهة الشعبية فى كل من نيروبى واتلانتا ولندن قبل تحرير التراب الارترى. فى حالة نجاح الصلح بين الجارتين قد تطلب اثيوبيا اشراك بعض قوى المعارضة الارترية القريبة منها فى الوضع الجديد،الا ان مثل هذا الطلب قد يجد صعوبة فى الاستجابة له من النظام الجديد او من المحسوبين على فلسفة الجبهة الشعبية عموما لحسابات اقليمية وتاريخية وأخرى سياسية غاية فى الحساسية. اما اذا فشلت مساعى الاصلاح ما بين الدولتين سيستمر الصراع بشكل علنى او خفى،فى هذه الحال قد لا يستطيع النظام الجديد فى اسمرة الاستمرار فى الصراع مع الجارة الكبرى اثيوبية، الا فى حالة استيعاب كل القوى الوطنية الارترية فى الوضع الجديد واجراء اصلاحات حقيقية ومرة على من إعتاد على السيطرة المطلقة.اما دول الجوار العربى قد لا يجد النظام الجديد صعوبة فى إستعابها وكسب مساعدتها اذا ما إستجابة لمطالبها السطحية التى لا ترتقى الى ازعاج تركيبة الحكم فى ارتريا.
  • كذلك على المستوى الدولى قد لا يجد النظام الجديد اى صعوبة فى التلبية والاستجابة لمطالب الدول خاصة المنظومة الغربية وحلفائهم الاقليمين فى تأمين مصالحهم الاستراتيجية لان هذه المصالح لا تتناقض معه بل تتقاطع مع مصالحه .
  • خلاصة القول المطلوب من المعارضة الوطنية الصادقة هو ان توحد رؤيتها وأهدافها فى عملية التغيير المطلوب الذى يتطلبه الوضع الوطنى برمته وان تتوافق على خارطة واضحة المعالم تضع النقاط فوق الحروف تتضمن خارطة زمنية لانتقال السلطة الى الشعب عبر حكومة انتقالية يتوافق عليها الجميع . اى حل غير هذا او تساهل سيعتبر توقيع على البياض ومجرد اعطاء الشرعية والزمن للنظام الجديد.لان المرحلة تعتبر دقيقة وغاية فى الخطورة يتطلب فيها اعمال العقل قبل المصالح الانية والضيقة لان الحوار مع اى جهة ليس سلبى او إيجابى فى حد ذات لكن المخرجات هى الاساس التى تحكم على الحوار ومطلب الشعب واضح لا ريب فيه هو ” الدولة المدنية ذات مؤسسات تحكم بالدستور وفق نظام حكم اللامركزى ديمقراطى ” . وكذلك على الجماهير الارترية صاحبة المصلحة الحقيقية ان تصعد من نضالها بشكل ايجابى وان تراقب أداء نخبها السياسية ومنظماتها السياسية والمدنية بشكل واعى ومقصود ودقيق .. والله المستعان ..

 

Ahmednegash99@gmail.com

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=35970

نشرت بواسطة في نوفمبر 29 2015 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

2 تعليقات لـ “أرتريا ما هى سيناريوهات محتملة بعد رحيل افورقى ؟”

  1. اسياس طريح الفراش منذ ايام

  2. مقال رائع وتحليل عميق تسلم احمد نقاش

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010