إثيوبيا – ما الذي جدّ؟؟ صورة من موقع الحدث!!

التظاهرة الأخيرة التي تم تنظيمها في مدينة بحر دار

بما أنّ سياسة فرّق تسد التي اتبعها نظام إثيوبيا-التقراوي قبل أسابيع التغيير الدراماتيكي الأخيرة قد نجحت في جانب التفرقة التي هي الوسيلة ولم تنجح في جانب السيادة التي هي الهدف. وبما أنّ جيل الآباء في الجبهة الشعبية لتحرير تقراي صاحب هذه السياسة كاد أن ينقرض، كان لزاما أن تأتي المكاشفة بين أفراده فتصدرت الصقور جانباً ومجموعة أخرى جانب الحمائم، فحمل كلّ منهما على الآخر باعتباره المسؤول عن هذه السياسة الجائرة والتي أودت بهم الى “داخل فم الأسد” كما قال أحد مؤتمريهم.

ويقول آخر من ذات المؤتمر بأنهم وإرضاءاً للإثيوبيين قد تورطوا في حرب (1998-2000) مع إرتريا ذات المصير المشترك والعنصر المتشارك، وذلك سعياً وراء التأكيد لهم بأن التقراي لم يكونوا يوماً عملاء للشعبية كما جرت التسمية الإثيوبية المعتادة لهم “معاوني الإنفصال” حين يتم قرنهم بالجبهة الشعبية لتحرير إرتريا المعروفة تاريخيا بـ”الإنفصاليين”. ثم يجمل حديثه بالقول بأنهم بذلك قد أثبتوا أنهم أعداء حقيقيون للشعب الإرتري ولا أمل لهم في العودة إلى صداقته. ورغم ذلك يؤكد التقراي بأنهم قد حققوا الوسيلة باقتدار ولم يصلوا إلى تحقيق الغاية التي كانت تصبوا لإثبات أنهم جزء إيجابي في المجتمع الإثيوبي وليسوا أدوات في الأيدي الإرترية. وقد كانت لنتيجة الفشل هذه تكاليف عظمى تكبدتها إثيوبيا. تلك الأثمان الباهظة التي قد تفوق المئتي ألف قتيل تم التورط فيها من اجل تنقية أجواء التقراي ومحاولة كسب ثقة شعبهم الإثيوبي.

وبما أن الحروب، لا يهم من أشعلها، لا رابح فيها فإن الخسارة الأكبر قد تأكدت بأنّ نخب التقراي السياسية قد خسرت ما ادعت بأنّه سبب لاستعار الحرب الضروس بالتحكيم ثم خسروا ثقة شعب التقراي بوضعهم في مواجهة الشعب الإثيوبي أولاً ثم في تحميله تبعات حالة اللاحرب واللاسلم التي كانت أرضهم رحاها كما لمح لهم بذك الدكتور أبي أحمد.

وأخيراً وكنتيجة نهائية نجدهم قد خسروا كل من سعو لتطمينه وهو جموع الشعب الإثيوبي حيث تكشفت أمامه الأسباب الحقيقية للتأزيم المستمر ومنطق الهروب إلى الأمام كسباً للوقت الذي احترفته مؤسسات نظام التقراي في إثيوبيا.

وبناءاً على ذلك تداعت إثيوبيا على هذا العبث فأطلقت مبادرتها التوحيدية ووأدت أكبر انجازات هذا النظام المتمثلة في صناعة العداء بين مكونات المجتمع الإثيوبي، فعادت إثيوبيا موحدة وتخلصت من العداء السافر بين مكوناتها الذي سعت مؤسسات التقراي لتحقيقه، وتوحدت أولاً في الإيجابية وثانيا في الطرح الوطني الشامل (إثيوبيا الموحدة – لا مجال للشرذمة)  ثم في العمل الحضاري (الحراك العام-العلم-صناعة القائد) الذي فاق كل موروث إثيوبيا.

الإيجابية:-

እንደመር1- 

كلمة تلقفها الجموع من لسان قائدها الشاب قد نفسرها بأهمية أن نتجمع ونضاف الى بعضنا بعضاً فالإتحاد قوة ولن يغلبنا أحد ونحن مجتمعين مجمعين على الوطن الواحد. ومن عجائب القدر ودلالات أقدارنا القادمة كإرتريين فإنّنا نجدهم قد أضافوا إلى صورة قائدهم أبي أحمد صورة لإساياس حين رفعت هذه اللافتة جموع مدينة بهردار تحت هذه الكلمة لتأكيد أن القوة تأتي في ظلها.

እንታረቅ 2- 

التصالح أساس العمل ولا مكان  بيننا للثأر والكيد وعلى أساس هذا الطرح بدأت رموز المعارضة بما فيها رموز نظام منقستوا في العودة إلى إثيوبيا. وقد سمعنا ولا شك سنسمع  رئيس حكومة إثيوبيا ينادي معارضيه إسماً إسماً وبكل توقير واحترام داعيا لهم إلى التصالح والإنضمام إلى المسيرة.

ፍቅር ያሸንፋል ፍቅር ያዛልቃል -3

“لا مكان للكراهية فالحب هو المخرج الوحيد لنا من الحال الذي نحن فيه وهو المنتصر الأوحد في حالنا” شعارين كررهما أبي مؤكداً بأنّ ذلك سيرتقى بالجميع ويستمرّ في المسير نحو المستقبل. وبناءاً على ذلك تلاشى العداء بين الأمهرا والأوروموا حتى أن أحد رموز الأوروموا الأشهر في إطار الجبهة الفضفاضة (الجبهة الثورية الديمقراطية لشعوب إثيوبيا) قد دعا للتوقف عن كتابة اللغة الأورومية بالأحرف اللاتينية وإعادتها إلى الأحرف القئزية الإفريقية في ثورة على المبادئ التي سار عليها نهج الإبعاد والتفرقة لحكم التقراي. وها هي جموع الأمهرا الأورثودوكسية، التي عرف عنها التّزَمُّت، تنادي بعالي الصوت بأورومي بروتستانتي يحمل إسماً مسلماً انتصاراً للمحبة التي نادى بها قائدهم!! ذلك في مقابل الدولة التي سعى التقراي لتأسيسها على أسس من الكراهية بين أفرادها ومكوناتها في كل مناحي الحياة.

الطرح الوطني:-

لم يعد في إثيوبيا الثورة مكاناً للحديث عن القومية والفئة والعقيدة حيث أصبح الكل في هم الوطن الواحد والدولة الإثيوبية الموحدة وسيادة القانون على الجميع. كل الحديث يدور حول اللحمة جالباً من التاريخ الحالة التي كانت سائدة وقت الأزمات والتي يجب أن تكون عليها. تسمع الجميع يتحدّث عن تاريخ إثيوبيا الواحدة وكيف تحركت فرسان الأورومو باتجاه الشمال وكيف إلتحم بهم محاربي الأمهرا وكيف تداعى أهل سيدامو وبالي لنجدة وطنهم الذي تهدده الطليان، وكيف أنّ الكل قد اتحّد من أجل إثيوبيا وتفوق على الصلف الأوروبي وسحق جحافله في عدوا. ثم كيف ساندت جموع الإثيوبيين بلاي زلقي في ثورته التي زلزلت أركان المستعمر الإيطالي ولم يتمكن بسبب عنفوانها من السيطرة على الوطن الإثيوبي فجعل منها الدولة الإفريقية الوحيدة التي لم يهنأ المستعمر الأوروبي بالسيطرة علي كل ربوعها واستمر حكمها الوطني صامداً حتى جلاء المستعمر.

المظهر الحضاري:-

አረንጓዴ፣ ቀይ፣ ቢጫ1-

الوان العلم الإثيوبي التاريخي فقط تتصدر الحملة حيث يتوحد الجميع تحت راية إثيوبيا التاريخية الرفض العام لأي زيادات يتم إضافتها عليه كنجمة الحكم الزرقاء وأسد هيلي سلاسي وغيرها. كل الدعوات تقول بالتركيز على هذا المظهر الإجماعي حيث تؤكد ذلك كل المظاهرات التي جرت ما بعد مظاهرة أديس أبابا الكبرى ولنا في مظاهرة بهردار دليلا، حيث تلاشت أعلام الأقاليم أيضاً. وللعلم فإن التقراي كانوا يعلمون هذه الحقيقة، إذ دأبوا على تصدير هذا العلم في حربهم الأخيرة مع إرتريا وأخفوا علم حكمهم الرسمي عن الساحة.

መሪያችን 2-

ليست ثورة لرفض الغطرسة التقراوية بقدر ماهي ثورة لصناعة المستقبل. الكل مجمع على القائد، والكل مجمع على أهمية الوقوف بجانبه والكل يتغنى بإخلاصه والكل يصنع حوله الأساطير والكل يسعى لتسويقه بما في ذلك النخب المقاومة التي كانت خارج فسيفساء الخارطة السياسية الإثيوبية بالإضافة إلى من كانوا في سجون النظام وأطلق سراحهم مؤخراً. هذا الوجه الحضاري جعل من فرد لم يكد يذكر منذ عام قائداً ملهماً لكلّ الإثيوبيين ورمزاً للأمل في المنطقة بأجمعها. قامت إثيوبيا عمليّاً بتلقيننا كيف تصنع المجتمعات المتحضرة قياداتها.

ቀጥሉበት3-

الإستمرار في الحراك حيث يقوم العمل الثوري في كلّ زوايا واركان الدولة. هكذا تقول النخب للشعب الإثيوبي ويؤكدون لهم بأنّ أي توقف سيؤدي إلى سطوة سلاح الوياني ومن ثم سيتم استئصال شأفة الثورة بقوة السلاح. وعليه القيادة وحدها لن تعمل المعجرات إذا لم يستمر الحراك في الشارع حتى إنجاز المهمة كاملة. ولهم في الثورة المصرية واعظاً وكيف تم اجهاضها وذلك لركون أهلها إلى الإتكالية وعدم متابعتهم اليومية لها في الشارع، ثم سعيهم وراء مصالح فئوية خادعة.

ولإجمال حديثنا يمكن القول بأنّ إثيوبيا قد بدأت مسيرة التقدم ولن تترك المنطقة خلفها، فالكل سيلتحق حتى لو استدعى الأمر أثمانا باهظة.

 

بشرى بركت

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=43284

نشرت بواسطة في يوليو 7 2018 في صفحة البشرى, المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

2 تعليقات لـ “إثيوبيا – ما الذي جدّ؟؟ صورة من موقع الحدث!!”

  1. هذا الحديث يخص اثيوبيا فقط.. اما ماخص منه ارتريا فقد تم طرحه في الحديث السابق .. ولك الرد الكافي لتساؤلك وريبتك في ذاك الحديث (بالنسبة لارتريا!!) فارجوا مراجعته ثم العودة لقراءة الحديث اعلاه

  2. عبدالله ()

    يقول بشرى برخت:

    “ولإجمال حديثنا يمكن القول بأنّ إثيوبيا قد بدأت مسيرة التقدم ولن تترك المنطقة خلفها، فالكل سيلتحق حتى لو استدعى الأمر أثمانا باهظة.”

    أنك تبشرنا بأن إبليس إرتريا سوف يتوب ولكن تاريخه الحافل بالجرائم وضحالة ثقافته وضيق أفقه التحرري والحضاري يشير إلى غير ما تفضلت به … إسياس يطبق نفس الأساليب السياسة التي قام بها مع السودان عندما وجد الضوء الأخضر من السودان … أعتقد الكل يتذكر إسياس أمر كل المعارضات السودانية التي انشأها واحتضنها بإدخالها عن طريق الصلح الصوري لكي يستخدمها في تفكيك السودان واضعافه إقتصاديا وسياسيا وعندما وجد من يقف معه ويدعمه نراه اليوم يتآمر على السودان … نفس السيناريو يتم اليوم مع إثيوبيا أبي أحمد … لقد بدأ إسياس في إدخال عملائه من الإثيوبيين الذين عجز في إدخالهم عن طريق الحدود مضججين بالسلاح يدخلهم بأسلوب ناعم … والنتيجة النهائية معلومة هي تفتيت إثيوبيا وتنصيب إسياس نفسه ملك الملوك في القارة السمراء

    من نتوقع التوبة من إبليس فهو واهم وانسان سطحي جدا جدا جدا

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010