الكناما بين سندان تاريخ أقار الدموي ومطرقة الابن قرنيلوس الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها : الجزء الثاني

بقلم محمد عبد الرحمن

تحدثت في الجزء الأول عن عشرات المعارك التي كان عمادها ودافعها السلب والنهب وعصبها المحرك عصابات الشفتا من أبناء الكناما والتي لم تكن عمليات بريئة لامن حيث الأهداف والمقاصد ولامن حيث إختيار الوقت كانت عمليات مدعومة من الاستخبارات الأثيوبية التي سلحت بعض العملاء لدق إسفين الفرقى بين مكونات البلاد وتحريك بعض المتطلعين للثراء الحرام وهي كانت إمتداد تلك الأعمال التي جرت في أسمرا وعموم المرتفعات الارترية وفي بركا لعال والهدف إظهار البلاد بمظهر الإضطراب وإستحالة التعايش لتمرير مشروع الالحاق وإعاقة عمل لجنة تقصي الحقائق وهذه الأشكال من أعمال النهب والقتل كانت غطاءاً مناسباً وبالفعل نجحت تلك الاستخبارات في مسعاها وسجلت وجود الاضطراب وأثبتت دبيبه على الأرض لهذا لم تمر لجنة تقصى الحقائق في عموم المناطق الارترية  ولم تأخذ راي شعبها.

وكانت المواجهة الثانية إمتداد لتلك الأولى وهي المعارك التي عرفت لاحقاً بسلاب حياي .

سلاب حياي :

وهي المواجهات التي فجرتها شفتا من أبناء الكناما في أعوام 1949- 1950-1951وهي الفترة التي إجتاحت فيها المجاعة الطاحنة مناطق شاسعة من منخفضات بركة السفلى وأمسكت السماء ماؤها فرحل الأهالي إلى السعيد وأعالي القاش إلى حيث المراعي التاريخية لبهائمهم وإندفعواد للإحتشاد في مناطق الرعي حيث البهائم ليأكلوا لحمها ويشربوا لبنها فكانوا يحلبون للإبقاء على أنفسهم وأولادهم ويذبحون التي لاتقوى على البقاء ، وتجمع الناس في المنطقة الممتدة بين  بكو وتلتلي حتى ميشار إلى نهر سيتيت ، كانت أعداد كبيرة من النساء والأطفال والشيوخ ومن كل الأعمار كانت جموع تغطي تلك المساحة الشاسعة ببيوت البروش الصغيرة  ، كان الجوع واضح على وجوه وأجسام الناس ، كانت العيون غائرة يكاد الناس يعدون عظام الوجوه وتفاصيل الهياكل العظيمة كانت أيام مأساوية حقاً أوشك أن يباد فيها الناس ، لم يجد الناس ما يأكلون ، لهذا كان الكل متجهاً إلى حيث البهائم في الصعيد للإبقاء على حياته وحياة من يعول كان الناس يعيشون على اللحم طريه وجافه .

لهذا إنتشر الناس في المنطقة الممتدة من بكو وحتى تلتلي وميشار وداسي ، بدأت مجموعة من زعران الكناما بقيادة عقبا وأقاروالد قرنليوس  وكنانو دادو وغيرهم بإغلاق الطرقات وقتل كل من يصادفونه ونهبه وسلبه ومطالبة البعض الآخر بشلح ما عليهم من ملابس ومن يرفض يقتل إمعاناً في الاذلال لهذا سميت تلك الفترة بسلاب حياي ، كما ساروا بعيداً وبدؤا يغلقون طرق سير وعودة الأهالي من الصعيد بعد أن تغيرت الأحوال المناخية وهطلت الأمطار بغزارة  ، فقتلوا الشيخ عثمان طه ثم قتلوا بعد مواجهة دامية الشيخ محمد حسن الحبابي من قرية عد كوتاي  وبدؤا موجة من القتل والسلب والنهب وأخذ الناس يتفاكرون في ما العمل فكر الكثيرون في تشكيل قوة مواجهة مع هذه العصابات إلا أن مجموعات من الشباب أخذت زمام المبادرة ونهضت للمواجهة الفعلية وكانت تلك المجموعات  من شباب المنطقة وفرسان الأهالي  ، كان الهدف التصدى لأولئك القتلة وكان فيها كل من كبوب حجاج ، دنقس أري ، عثمان لونقي ، إدريس أدرو ، حسن كرار عواتي  وغيرهم من الفرسان  وخاض هؤلاء معارك ضارية وكانت كلها معارك دفاعية والمعركة الهجومية الوحيدة كانت معركة  جبل أولى  الذي صعدوا إليه ودارت تلك المواجهات من مناطق موسي ، برمكانات ، حتى داسي وكانت المعركة الخاتمة في سلسلة جبل أولى حيث دارت معارك ضارية على هذه السلسلة الاستراتيجية وكانت مطاردات للقتلة والدخول خلفهم أينما دخلوا لكف أيديهم عن الأذى ،  وكان هؤلاء اللصوص يتوهمون أن أولئك غزاة وحانت الفرصة لإبادتهم وإفقارهم بمساعدة المجاعة وضعف الناس وهلعهم وهزالهم وخوفهم الشديد على أطفالهم خاصة وأن المئات منهم قد بادوا بسبب الجفاف وبدؤا يقتلون وينهبون وإمتدوا بقتلهم ونهبهم حتى تخوم الحدود الارترية السودانية في مداخل السلاسل الجبلية الحدودية ونهبوا 7 مراح من أبقارآل عسكول ويقدر عددها بسبعمائة رأس من البقر وقتلوا إثنين من الرعاة وهم همد عسكول ومحمد عبد الرحمن وقال عنهم الشاعر ود شقراي قرية عد حطور ساوا .

( شنشلياي لحوطتوا * بدير ما عنافيت كود نسيء بعل قطوا *

هليت إكم ولادات * أوروت كا إبمدتوا *

ديب كرب كواتي * حمروق بيلا ودعسكول لفجر دماتي *

عدك لدم أدرركاهو * وأنسوا عالا لتباكي *

إن بالسا ديرا * سكاب إيكوا وهرقاتي *

شنشلياي قروتوا * بعلا همد عسكول عاجتوا لإبا نقوتوا *

وبعلا همد ود إدريستو * إي اتين إب نوسوا *

إسايسوت لحلاي من إنبلو أفوتوا * إت أبايكم كعيناهوا لعشل كأفوتو *

شنشلياي لقروت بعلا همد ودعسكول * ماطيت ولجاهلوت *

لا كفتو قداير لبأس إمبل حابروت * كلوما كبد قبلو أورت إيكو وكلؤت *

لموت رب لرحموم * ومط ء منوم كمبسوت *

رصاص طليم أطبحا إبوم * ورار ولقيللوت *

والخ … نكتفي بهذه الأبيات للتدليل بحجم السطو والنهب ولتذكير الغافل قرنليوس .

ورغم هبة النجدة إلا أنها لم تستعيد سوى 2 مراح بما يقدر ب 200 رأس جفلت وحدها من جملة باقي الأبقار وخلدة تلك الحادثة الأغاني التراثية الشعبية وكانت الواقعة الأولى في منطقة شنشلياي ، كما قتلوا رجال آخرين من قرية آل سيدنا حامد همد في منطقة برمكانات ناقضين العهد الذي كان بينهم والشيخ سيدنا حامد همد  ، كما إمتدت بعض عصاباتهم حتى تخوم قيدنا وأف همبول في بركة ، مما أفقد المنطقة السلام والاستقرار وصار التبضع والسير والتنقل مخاطرة كبيرة بالحياة بالاضافة للرعي والمرعى الذي كان ساحة للموت فكان الذاهب للرعي مفقود والعائد منه مولود ، وتمكن أولئك الشباب من مطاردة عصابات السراق والنهاب وتأمين قوافل المواطنين القادمة من مناطق البهائم والعائدة إلى حيث مضاربها ، بعد أن تمكن أولئك النفر من فك الحصار المضروب على الأهالي العزل من النساء والولدان والشيوخ وبات أولئك المواطنين في المنطقة وكانت أعدادهم كبيرة فباتوا في المنطقة الممتدة بين بارنتو وقونيا وحتى منطقة إنشيلي ثم تحركت قوافل الأهالي تحت حراسة الشباب المسلحين بالسيوف والبنادق الايطالية العتيقة ونزلت القوافل عبر كتاي سبقى في هبردا وبقى الشباب في تلك المنطقة الجبلية يحمون الخلفية حتى إختفت القوافل وتفرقت إلى حيث مضاربها ، ويذكرأحد أبناء الشيخ آدم كرار بخيت  ( القعوداب ) من قرية عد همئي كيف أنهم كانوا في قافلة أهلهم التي جاءت بغرض العبور وسمعت أصوات الرصاص وعلمت أن هنالك شفتا أغلقت الطرق وإنتشر الخوف بين النساء والأطفال وبينما الناس في حيرة من أمرهم جاءتهم من الخلف جموع من الشباب المسلح بالبنادق الايطالية العتيقة فخاف الناس إلا أن خوفهم تبدد عندما علموا أنهم قوة جاءت لنجدتهم فإنتشر زغاريد النساء في كل مكان ورددت وأعادت صخور الجبال أصداء الأصوات مرة أخرى فسرت في عروق الناس الحمية وروح القتال وإنطلق  كل بما في يده من عصى أو سيف أو فرار إلى حيث كانت تتواجد الشفتا التي سدت الطريق إلا أن الرجال المسلحين إلتحموا بها قبل قدوم تلك الجموع وفرقوا شملها ،  ورغم كل الاوهام المتعلقة بالسحر والشعوذة التي كان يروجها القتلة عن سلسلة أولى  إلا أن أولئك النفر المصرون على إسترداد حقوق أهاليهم ، صعدوا لقمة جبل أولى وهناك وجدوا أعداداً كبيرة من البهائم المنهوبة فأنزلوها وأعادوها إلى أهلها ، كما أخذوا معهم فرس كان قد أخذها فايز تنقا من مواطن سوداني يدعى الصادق وبما أن حامد إدريس عواتي لم يشارك في تلك المعارك فقد منحوها له هدية لأنه يحب الخيل وهي تحل لكل أولئك مشكلة حيث ستنهي نزاعهم في من يأخذ تلك الفرس ، أما فايد تنقا وبعض الواجهات من الكناما فقد هرعوا لعد سيدنا مصطفى لطلب العهد ( القلد ) وبعد أخذ ورد وجد طلب العهد القبول ، إلأ ان  شذاذ الآفاق من اللصوص والصعاليك المحسوبين على الكناما إسماً بقوا يخرقن أي إلتزام لكبارهم ويستقون بأي شيئ وأخيرا إستقوا بأثيوبيا ولهذا الاستقواء قصص دامية ومذابح مروعة إرتكبها أولئك القتلى ضد أهالي القاش وبركة ليس من المكونات الأخرى فحسب بل من الكناما أنفسهم وهي قصص دامية حزينة يعرف من بقى من كان يقود تلك العصابات بالاسم وهي من الملفات المسكوت عليها لأنها علقت برقبة الاحتلال الأثيوبي ، أما حامد إدريس عواتي فكان له وعلى حسب رواية معاصرية رأي متكامل في كل تلك القضايا  إذ كان يرى ضرورة السماح له قانوناً لملاحقة الشفتا ولكنه كان يؤمن بمشروعية قضية الدفاع عن الحياة والأموال والمضارب ، كما كان يرى أن الحملة المتزامنة مع حملات أخرى تشنها عصابات الوالقيت وغيرها من لصوص البهائم ومثيري الرعب ليست بريئة  وإذا ما ربطت مع الجو السياسي العام في البلد في تلك الفترة ولجان تقصي الحقائق التي كانت ستجوب البلاد فالقضية كانت أكبر وأوضح  لهذا كان يصرعواتي على ضرورة إستجابة السلطات الانجليزية لطلبه في تشكيل قوة رسمية بموافقة سلطات الانتداب البريطاني للحماية الذاتية مكونة من أهالي المنطقة من البني عامر والكناما والباريا وكان همه حماية كل من يرعى في تلك المنطقة إلا أن تلك السلطات لم تصادق على طلبه ومن غير المعقول أن يدرج عواتي إسم الكناما في مكون قوته وهو على خصومة معهم وهناك شهود مازالوا أحياء يعرفون تفاصيل تلك المرحلة .

ملاحظة أخيرة إن الحاقدين وشذاذ الآفاق والقتلة المأجورين وعصابات السلب والنهب والمتعصبين لاقومية ولادين لهم قوميتهم المال ودينهم السلطان وهم في سبيل الوصول لهذين العاملين يستخدمون كل شيئ ويمكنهم أن يدمروا الأوطان والتعايش المشترك ويبيدون قوميتهم بإستخدامها متراس لمواجهة الآخرين ولتحقيق أشواقهم وأحلامهم المريضة وهؤلاء يتبعهم من على شاكلتهم من المرضى وهؤلاء شرانق لاتنموا إلا في قواقع العفن وبث الحقد والكراهية والتدليس والتزيف

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=30340

نشرت بواسطة في فبراير 17 2013 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

3 تعليقات لـ “الكناما بين سندان تاريخ أقار الدموي ومطرقة الابن قرنيلوس الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها : الجزء الثاني”

  1. أخى محمد الزين …………
    المقال يطرح معلومات تاريخية عن حقبة زمنية فى منطقة تاريخية كان فيها صراعات وللتوضيح فنشر مثل هكذا تاريخ مهم فعليه فلا تبخثوا للذين يجتهدون عملهم الذى يجب شكرهم عليه والشد من أزرهم للتنقيب عن تاريخ ارتريا بقدر إستطاعتهم

  2. omar abdulkader

    الشكر الجزيل لكاتب الحلقات ،لقد أوضح وملك معلومات عن فترة تأريخية مهمة ،إسلوب جميل، معلومات دقيقة ترسم بعض تلك المرحلة ونتمني أن يواصل الكاتب ما آستطاع إلي ذلك سبيلا ٠

  3. محمد الزين

    ما فائدة هذا المقال الناس فى اى والكاتب فى اى

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010