بكل موضوعية‏

كنت قد تناولت في مقالي ” الواقعية ” خسارتنا الكبري كمسلمين لارتريا ارضا وتاريخا وثقافة ورجالة ورجال .. ولكي نتعلم من الماضي والواقع طرحت عدة اسئلة علي القراء في اطار المعرفة .. وبقصد الفائدة تناولت بعض التجارب النضالية في حياتنا في نقاط غير مفصلة .. وقد توقفت عند اول انشقاق شهدته جبهة التحرير الارترية واليوم سأتطرق سريعا إلي كيفية تعامل الجبهة مع هذا الأمر وهل كانت صائبة في تعاملها مع الامر ام كانت مخطئة ؟ وكيف تعامل الفصيل الاخر (قوات التحرير الشعبية) مع الامر وكيف انهارت الجبهة ولماذا تأسست حركة الجهاد الاسلامي الارتري واين هي اليوم ؟ لماذا هذا الواقع وهذا الهروب ؟ ماهي أزمتنا وكيف الخروج منها ؟ كم حزب لدينا ماذا فعلو ويفعلون  ؟ .. وقبل كل ذالك أود أن أشير  لنقطة مهمة  للقارئ الكريم وهي انني ابن هذا  الحاضر لاعلاقة لي بما مضي سوي ارتريتي انني حين اكتب عن الماضي اكتب عنه كجزء من التاريخ والتاريخ يعلمنا بل يجعلنا نفهم الحاضر والمستقبل لو قرأناه كتاريخ بعيدا عن العواطف والكذب ولعلي اخطئ واصيب فالخطأ وارد واتقبل التصويب في الخطأ ولم اكتب ماكتبت الا بقصد الصواب.. في اعتقادي الشخصي ان ازمة الجبهة والاخرين عدا الجبهة الشعبية كانت ازمتهم ازمة قيادة .. فقد تعامل الفصيلين الجبهة وقوات التحرير مع بعضهم البعض بروح عدائية وقد ادي ذلك لمجازر وحروب اهلية راح ضحيتها الاف من الابرياء خرجو من اجل ارتريا لكنهم تقاتلو فيما بينهم بسبب قرارات سياسية صاغوها سرا قيادات من الطرفين وكان هذا اكبر خطأ ارتكبوه في حق الابرياء من المناضلين ( يمكنكم أن تبحثوا عن معركة قرقر وغيرها ) قد عاتبهم الفنان الثوري ادريس محمد علي باغنية اب سبتكم مسؤليين اعتقلوه بسببها .. كان كل طرف فيهم  يريد الشرعية الثورية لنفسه ويري انه الاحق بالثورة وقد كانت الغلبة للجبهة ميدانيا ولقوات التحرير سياسيا واقتصاديا ولكن سرعان ما استطاعت الجبهة ان تستعيد بعض علاقتها الخارجية وفي الوقت نفسه انشق اسياس افورقي ومجموعته من قوات التحرير الشعبية وكون الجبهة الشعبية وبذلك خسرت قوات التحرير الشعبية وضعفت قوتها .. ميدانيا اصبحت في الارض قوتين هم الجبهة والشعبية وكانت القوة الاكبر والاكثر تسلحا في الارض هي الجبهة ولأن الشعب الارتري كان ضحية مؤامرة ولايزال حتي الآن تآمر الغرب باكمله والحكومة السودانية في حينها والجبهة الشعبية الارترية والاثيوبية لتحرير تقراي .. علي القضاء الكلي علي الجبهة ؟ القيادة في حينها كانت مأزومة حيث لم تفهم او تستوعب مايحاك من مؤامرات خارجية وداخلية لتصفية الجبهة انهم عجزوا أن يحمو الثورة امنيا وهذا الخطأ الفادح أدي  لدخول الجبهة الي كركون وهي في كامل قوتها وبمقاييس التسليح العسكري والبشري الجبهة كانت اكثر قوة ممن اخرجوها لكنها كانت هشة قياديا .. بعد كركون حدث  انقلاب عسكري في الجبهة اوحركة تصحيحية كما يسموها انصارها تمت فيه تصفية مدير الامن بتهمة الخيانة واعتقال بعض القيادات وعلي رأسهم رئيس الجبهة انذاك الشهيد احمد ناصر .. انقسمت الجبهة الي فصائل متعددة وفعليا استطاع ان يعود فصيل 25 مارس الي الارض مقاتلا للعدو في الوقت الذي عاد فيه فصيل ابراهيم توتيل فك الله اسره الي الارض متحدا مع الشعبية .. تمسك فصيل 25 مارس باسم الجبهة وعاد اليه الكثيرين من المقاتلين من اللاجئين ممن رفضو ان يذهبو لامريكا واروبا و الخليج لأن لهم ارض مغتصبة وشعب لاجئ وثأر لم يجف دمه بعد .. في هذا الوقت تم تأسيس حركة الجهاد الاسلامي وقد عادت الحركة بصورة علنية فصيل 25مارس حيث كانو ينشدون في اناشيدهم الحماسية والتي كانت بمثابة تثقيف سياسي للمجاهدين وهي للأسف لم تكن الا غسيل لوعي الانسان . ( ولن نتبع منهجا اعوجا ولن نتبع قائد اعرجا ) وكانو يقصدون الشهيد عبد الله ادريس .. في المقابل كان الجبهة تصف المجاهدين بالرجعية والتخلف .. استطاعت حركة الجهاد الاسلامي ان تكسب التأييد الشعبي وساعدها في ذالك تشرزم جبهة التحرير الارترية الي عدة فصائل بالاضافة الي الخطاب الديني والمحيط الاقليمي .. اصبحت الحركة قوة في ارض الواقع حيث وصل جنودها الي ضواحي اسمرا لكنها ما ان وصلت قوتها لقوة الجبهة قبل الانشقاقات انشقت هي الاخري الي فصيلين مختلفين إلا ان مايحسب للحركة ان الفصيلين لم يقاتلو بعضهم كما فعلو الرفاق في الجبهة .. ومهما كان السبب الذي ادي للانشقاق لكن كان من الممكن تفادي الامر لو ان الحركة لم تكن مخترقة امنيا كما كانت الجبهة .. إن لكل دولة عملاء ولكل عميل خطة ولكل كيان ثوري كيان امني لكن امن الجميع لم يكن امنا .. المفارقة ان الفصيل المنشق من الحركة  كان اكثر قدرة من كل النواحي لهذا استطاع ان يكسب الاف المجاهدين حتي اصبح الكل يحسب له الف حساب ..  إلا أنهم لم يتعلمو شيئا من الماضي أو أنهم لم يقرؤه ليتعلمو منه .. فقد تناحرو فيما بينهم كما تناحرت الجبهة وقتلو رفاقا لهم اختلفو معهم بحجة الحفاظ علي الحركة .. توالت الانشقاقات واصبحت القبيلة حاضرة في خلافاتهم مما جعل البعض يصفهم بالمنافقين فالقبلية وليس القبيلة مرفوضة في الدين .. في النهاية سلمت الحركة عتادها العسكري للحكومة السودانية حين طلبو منهم ذلك واخيرا اقفلت السودان المكاتب المفتوحة لكل التنظيمات الارترية المعارضة ؟ التحليلات الامنية للثلاثة تجارب تعطينا شئ مشترك وهو ان الازمة كانت ازمة قيادة وكان اهمال الجانب الامني فيها واضحا خاصة فرع المعلومات والامن الخارجي لكل فصيل وكل تنظيم .. ان الواقع الذي نشاهده اﻵن والذي اصبح الهروب الي الغرب بكميات مخيفة احد معالمه البارزة ليس صدفة ولكنه طبيعي لتلك المرارات التي شكلتها كل تلك التجارب .. ان الشعب الارتري المسلم ضحي كثيرا ضحي باسم الوطن ضحي باسم الدين ضحي باسم الفكر لكنه خسر كل شئ .. هذا الشعب ليس ملائكة ليتحمل كل تلك الخسارة من غير ان ينصفه التاريخ هو ليس مستعدا ليسمع تفاهات السياسين الذين اكلو باسمه .. تيتمو ابناء الكثيرين لم يسأل عنهم احد احسو بالمرارة ولم يجدو من يظنو فيه الخير .. المسألة ليست سياسات دول مجاورة فالثورة لاتأخذ اذ من احد المسألة بالنسبة لهم حسابية ضحو بكل شئ من غير مقابل فقط من اجل ان يعودو الي الوطن .. في المقابل لم يرو الا الانشقاقات ولم يرثو الا الاحقاد .. كثيرين منهم استسلمو واختارو الهروب كالذين سبقوهم بعشرات السنين .. ازمتنا اذا هي ازمة ثقة تسببو فيها السابقين بوعي او بدون وعي والخروج من هذه الازمة لا يكون الا بوحدتنا كشعب اكرر كشعب وليس كقبيلة او اقليم او منطقة .. ان الوحدة الوطنية هي الخلاص الوحيد للشعب وان قول الحقيقة من غير مجاملة هي قمة الوطنية .. ان اسياس وهو رجل طائفي قال في وثيقته المعروفة نحنان علمانان ( نحن واهدافنا ) ان المسيحين تعرضوا لظلم داخل الجبهة و الجبهة تستهدفهم وبغض النظر عن صدق كلامه من عدمه الا انه رفع شعار الوحدة الوطنية وصدقوه الناس ولازالو يصدقونه الي اﻵن بعض السذج .. إننا لانريد ان نكذب علي الشعب كما فعل ويفعل اسياس .. فقط ندعو الي الوحدة صادقين وصدقنا يحتم علينا ان نقول بكل وضوح ماخسروه المسلمين في ارتريا هو شئ لايطاق ولايوصف  .. إن التنظيمات السياسة الموجودة  في الساحة اليوم هي اكثر من ثلاثين حزبا وهي في الحقيقة تنظيمات قبلية شاء من شاء وابي من ابي سوي اثنين او ثلاثة منهم ممن يتبنون افكار ايديولوجية مختلفة جربها الشعب من قبل وفشلت .. إن هذه التنظيمات تجتمع اليوم لتناقش ماقاله التنظيم الفلاني والعلاني او الشخص الفلاني وتجتمع لتدين وتستنكر ولتبارك الاعياد وتنعي المناضلين الذين رحلو ويرحلون .. وكل تنظيم يدافع ويمجد القبيلة التي ينتمي إليها وهو يعلم أن القبيلة لايمكنها ان تبني ثورة لكنها تستطيع ان تهدم ثورة وجيل وشعب .. ان الثورة ليست عملية موت وحسب إنما هي نصر أو شهادة لقد جربنا الموت كثيرا نريد طعم الانتصار هذه المرة .
جعفر وسكة

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=36368

نشرت بواسطة في يناير 28 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

2 تعليقات لـ “بكل موضوعية‏”

  1. عبدالله

    لا يمكن للطبيب أن يعالج مريضه إذا لم يشخصه تشخيصا صحيحا — وكذلك لا يمكن للسياسي أن يحل مشكلة إذا لم يعرف من أين بدأت شرارة الانشقاقات — التحدث عن الحريق الهائل الذي شاهده الجميع لا يعني بأن هذا هو اساس المشكلة

    يا حبيبي وسوك المشكلة في داخل جبهة التحرير بدأت عندما تم الشروع في تكوين حزب العمل الشيوعي السري في داخل جبهة التحرير الارترية الذي هذا الحزب السري حول الثورة من النضال من أجل التحرر من الاستعمار إلى صراع من أجل السيطرة على جبهة التحرير الارترية — قيادات جبهة التحرير فشلت لأنها كانت مشغولة في تصفية خصومها الذين لا يتفقون معهم في الدين الالحادي الذي يعتنقونه — هذا الارث المدمر الذي أوجده حزب العمل السري ورثته التنظيمات الارترية دون وعي وصارت تخلط بين مرحلة التحرر والانتخابات الكل اصبح لا تدرك الفرق بين مرحلة النضال من أجل استرداد الحقوق والمنافسة في الانتخابات وسط شعب مستقر للفوز بالسلطة

    الحل يأتي عندما تستوعب وتتعلم التنظيمات الفرق بين مرحلة التحرر من الاستبداد والمنافسة الشريفة في إنتخابات حرة وشفافة

  2. أبو محمد

    يا وسكة !! ياخي كدي دقيقة عليك الله. والله نحن ملينا من الكلام والرد علي الكلام والرد علي رد الكلام وشبعنا من دا كله. وكل ما تفضلت بسردهـ_ مع الاحترام الشديد لجهدك_ معلوم للقاصي والداني وهو كلام مكرر حفظناه عن ظهر قلب. والدعوة الي الوحدة لا تتأتي هكذا بمجرد دعوات بريئة وعواطف جياشة… ما ينقصنا هو العمل الصادق والحقيقي في حياتنا اليومية، أكرر حياتنا اليومية. هذا ما ظللت أقوله وأنا مؤمن به .
    أخي نحن لا نجيد ثقافة الحياة ، لأن الحياة الكاملة المزدهرة أنما هي وحدات صغيرة من الحيا اليومية الناجحة، وأنا لا أقول هذا جلدا للذات ولا تثبيطا ، ولكن حتي ندرك مسألة ال((كيف)). يعني كيف نحقق ما نصبو اليه. ما ينقصنا هو البرنامج الاجتماعي والسياسي المفصل الي اجندة يومية نستطيع به البناء الاجتماعي السليم ومن ثم الانجاز الوطني الكبير ، يعني بالبلدي كدة(دايرين شنو، وكيف ،وين ومتين) ، ياخوي دي ما كيميا…. غيرنا عمل بهذا ونجح والدليل أسياس وزمرته. كنا في ميدان وبوتقة عمل واحد كانو هم الاجدر بقطف الثمار تلك لأنهم أجابو علي الاسئلة أعلاه…أما نحن فلا!!! هم أجابو واستجابو أفرادا وجماعة ونحن بالعكس. ومن يظن أن أسياس حقق ما حقق لوحده فهو واهم ولا يعرف حقائق التاريخ الارتري ولا المجتمع الارتري. نحن مالم نسير في الطريق الصحيح حتي لو بدأنا من الصفر فلن نصل الي ما نصبو اليه.. والقادم أدهي وأمر.
    ختاما لست متشائما ولا مخذلا لأحد ولكن صاحب وجعة وأتحسس مواطن الخلل….. ولمن أشوف الحال الجن بركبني لان مأساتنا وخسارتنا تتضاعف يوميا بمتوالية حسابية عكس أستجابتنا وفهمنا السلحفائي لما يجري.

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010