جمع تسكير في عرس نجل د. أبي البراء حسن سلمان

albara

بقلم د.حامد محمد إدريس

جمع تسكير في عرس نجل  د. أبي البراء حسن سلمان

هنا تلتقي أرتريا ويتصافح  الدف والذكر

أتيت ملبياً لدعوة فوجدت هنا أرتريا ، الناس لا المكان، مسلمين ومسيحيين ، جمعهم  حدث سعيد في صالة أنيقة مؤجرة .

كانت  الأحجام أرترية ،

والألوان،  و اللغات،  والقبائل أرترية…

إلا ما كان من ضيوف ومعارف ازدان بهم المكان والزمان .

سر اختيار يوم الأربعاء :

كان اليوم يوم الأربعاء ( 17 / 2 / 2016م )   فهل كان اختياره للتفاؤل باستحضار نوره ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ( أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بيدي فقال خلق الله عز و جل التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم عليه السلام بعد العصر من يوم الجمعة في آخر الخلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر إلى الليل) رواه مسلم في صحيحه. وذكره الشيخ الألباني  في  سلسلة الأحاديث الصحيحة  رقمه :  1833

فالميعاد الزماني يحمل التفاؤل الحميد فهل كان مقصوداً؟ وهل أردتم كسر ما اعتاده الناس من الاحتفال في يومي الخميس والجمعة؟

وكانت الساعة ما بين الظهر والعصر وانفض السامر بعد أنس جميل راضياً

وعرس  البراء نجل الشيخ الدكتور حسن سلمان كان الحدث الذي كسر القاعدة  فجمع الليل والنهار، والأرض والسماء ،   والظل والحرور في جو مؤتلف تنبسط فيه الأضداد لبعضها وتأنس بتلاقيها .

 

جمع تكسير:

وكان الجمع جمع تكسير تغيرت فيه كل الصيغ المألوفة فأتى غير ملتزم بصيغة الأعراف العازفة التي يستخفها الطرب  ولا بصيغة الأسلاف المحافظة التي تلتمس التدين في التجهم باسم الدين في يوم عرسها مثل يوم … وحاشاكم.

وكان العرس السعيد بين ذاك وذا بما يشبه الوسط المعتدل وهذا هو سر الرضى في الدعوة والداعي والمناسبة التي لم تلجأ إلى فهم ( لا يأكل طعامك إلا تقي ولا يحضر مجلسك إلا تقي  ولا يصطف بجوارك إلا من يلصق الكعب بالكعب ) وإنما اتجهت إلى الأخذ بسنة ( إعلان النكاح وإطعام الطعام وإفشاء السلام وبث السرور) مع التحوط لآداب الدين   والاسترشاد بهداه.

أشجان السياسة :

جلست في طاولة مع شيخين  وقورين  فاكتسبتُ الجلالَ من الجوار الجليل

الإدارة كانت تعرف للناس مقاماتهم ، ولهذا تجمع في  مجلسنا فلان وفلان وفلان .. تم العدد وهو يمثل عدداً من تنظيمات أرترية معارضة وأمثاله  في طاولات أخريات شبيهات..

والأنس بين أعضاء الجلسة كان ينزع إلى الحديث عن السياسة ويثير أشجاناً في يوم الأفراح وقال أحدهم : هذه الجموع التي جمعها العرس والطعام المبارك ليتها تتحد لتفعل المعجزات في الوطن السليب. وكان من بين الجالسين شيخ طاعن في السن يروي عن تجربته النضالية  ويذكر الناس والجبال والقرى والنبات والهزائم والانتصارات… والرواية تحظى بإصغاء من بعضنا والصوت الخافت حرم البعيدين .. والعصى التي يتكئ عليها تشهد بمرارات وآلام الماضي والحاضر وضياع الحقوق.. أخي الكريم كان مكانك بعد التحرير أن تجلس على أريكة أنيقة في القصر المنيف  لا أن تلاحقك العذابات والبلاءات والمرارات في بلاد الغربة وأنت إلى الآخرة أقرب.

تعابير مبتهجة :

من بعيد كنت أسمع زغاريد نسائية تعبر عن الفرح والسعادة ويفصل بين الرجال وبينهن ستار أبيض كبياض  يوم العرس لكن ” الدلوكة أو الدف ” اخترقت الحجاب إلينا ،  وأصوات النساء ضاجة ، ورأيت العمائم واللحى  تستمع وتبتسم  وتتبادل التهاني

الفقه الجديد :

قال لي  شيخ كبير السن ، وأبيض اللحية  شديد بياض الثياب : شِبْتَ؟! واحتضنني محيياً وكنت أعرفه  وأعرف شغبه على إخوانه ويعرفني والتجارب والمواقف والاجتهادات  فرقت .رددت عليه : نعم أكلت السنون والهموم ما كنتَ تعرف من سواد الشعر ونضارة الجلد

انتبهت للعصى التي بيده فعلمت أنها عصى زينة و” قيافة ” وليست عصى تغيير المنكر التي كان أمثالها  في  التسعينات يهدد  بكسر التلفاز بحجة  وجود الصور فيه متحركة وساكنة والآن الفقه تغير ، والحماس تغير ، والمصالح تغيرت إلى درجة  لا تستطيع أن تميز بين زيد وعبيد من حيث   الفكر والسلوك  والفعل السياسي المتغير ولهذا لا تجد الجواب للسؤال المحتار : لماذا يختلف الإسلاميون الأرتريون الآن ؟

العرس المبارك جمع الناس ، السلفيين والإخوانيين  ومسلمين وغير مسلمين وعدداً من تنظيمات المعارضة الأرترية  جلست في موائد تلتقط الطعام السعيد  وتتبادل الأنس المسرور وتتجاذب أطراف الحديث

لقطات :

استقبلتْ الأسرة الكريمة في بوابة الصالة ضيوفها وحَيتنا تحية  فرح وسرور ، ساقنا أحد الكبار إلى ركن وسط  فَجَالَسَنَا – مشكوراً – ومازحنا فتبادلنا الابتسامات العذبة

لم أكره في الحفل شيئاً غير أني تمنيت أن تقوم بخدمة الضيوف الأسرة الداعية والحاشية المقربة لا الشركة المؤجرة على الرغم من الاعتراف بجهدها المقدر استقبالاً للضيوف وترتيباً لإجلاسهم ومعرفة أقدارهم وتنزيلهم منازلهم وكان في ذلك  إحياء لعادة أرترية عريقة محببة

اختلطت في الحفل البهيج الأضداد فهنا قميص قصير يصافح قميصاً طويلاً ولحية كثة طويلة تأنس بلحية متضررة من أطرافها أو تصافح لحية محلوقة باكية وشعر مصبوغ بالحناء الأصفر يجاور برضى شعرًا اختفى بياضه بصبغة سوداء وليس من بينهم من يعير صاحبه بالبدعة المنكرة.

وكانت الجلابية سيدة الموقف لكنها لم تخاصم نماذج من البناطلين التي شارك فيها الكبارُ الصغارَ

العرس أظهر قدرة الأرتريين في التواصل ، والتعاون وتبادل الاحترام وهو مؤشر إيجابي يبشر بإمكانية التعايش وبناء الوطن وتنميته وحمايته بأيدي كل المواطنين .

غياب :

تفحصت في وجوه الناس هل غاب عن هذه المناسبة الجامعة أحد فلم أجد ضمن الحاضرين ثلاثة أشخاص كان أحدهم ممثل النظام الأرتري وغصنان آخران مشهوران تربطهما بالمناسبة تاريخ وحاضر ومستقبل ودين.. هل بلغتهم الدعوة . لا أعلم

بين المواكبة والمحافظة :

والتعبير عن الفرح محتاج لفقه مثل هذا لطرد الكآبة  التي تفرض باسم الله  على  مناسباتنا السعيدة   ولتقريب المسافات بين الفرقاء المتباعدين سياسياً

المناسبة كانت عصرية مواكبة مع ما حرصت أن تحافظ عليه من مظاهر عادات أليفة محببة مثل  القيام على خدمة الضيوف بداية من الاستقبال الوقور الهاش الباش وانتهاء بالوداع الباسم الوديع المصافح المحتضن.

وددت لو أقيمت المناسبة في الدار ليغرس العَتَبُ الأخضرُ  بالحليب في يومه البهي- وهذا عرف حميد موروث –  ووددت لو زيدت نسبة الانبساط بمشاهد من سيوف بارقة ، وأرجل طاربة وأكتاف هازة بأدب محافظ ، وأناشيد مقتدية بـــــــ

( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ نِكَاحَ السِّرِّ حَتَّى يُضْرَبَ بِدُفٍّ ، وَيُقَالَ : أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيُّونَا نُحَيِّيكُمْ.) رواه الإمام أحمد وغيره وقال فيه الشيخ الألباني – رحمه الله – ( قلت: فالحديث به حسن، لاسيما وهو بمعنى حديث ابن الزبير مرفوعا. ” أعلنوا النكاح ” ) . وهو في  مسند الإمام أحمد برواية : ( عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : أَعْلِنُوا النِّكَاحَ. )

حرف الختام:

المناسبة كانت سعيدة فهي أَحْيَتْ عرفاً سمحاً جَماعاً ولعل توفيق الله معك يا شيخ حسن فمثلك مدخر لجمع الشتات المتنافر وما لديكم من حسن الثقة وحسن العلم وحسن الجهد ما يجعلك تدرك أن من لبى الدعوة السعيدة  يكن لك الاحترام وهو اللبنة الأهم لكسب القلوب والمواقف للقيام  مع إخوانك بدور رائد في توحيد الأمة ومن تنتظره هذه المهمة لا يعتز بتاريخ مضى باجتهادات خاطئة وإنما تشرئب نفسه وتتوق إلى القمة يريد أن يصعد إليها وأن يتقي الجُحْرَ اللادغَ في مقبل أيامه وما أكثر الجحور اللادغة في التاريخ الأرتري ! والمواقف الخاسرة لا يصلحها غير الاعتراف بها والصعود منها نحو الأصلح  والأوبة أحمد من المضي في دربِ غيٍ ساقَ إليه اجتهادُ الماضي الحزين وعِرْقُ الدين وموردُ الشريعة وفيضها  ورحمة الجماعة  ينزع يا شيخ حسن إلى الشجرة الخضراء ، هنا  الظل الظليل، والماء الزلال، والبركة السابغة، أما غيرها فمهما حسبه الناس ماء  ألفوه سراباً ولنا من التجارب الفاشلة ما يكفي لمراجعة وصيانة سفينة نوح

دامت أفراحكم وتوالت أخي الكريم  د.حسن سلمان وتهانينا للعروسين .

 

 

 

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=36502

نشرت بواسطة في فبراير 20 2016 في صفحة المنبر الحر. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

3 تعليقات لـ “جمع تسكير في عرس نجل د. أبي البراء حسن سلمان”

  1. Idris Said

    “فمن ذلك أن أحدهم يشتغل بالقراآت الشاذة وتحصيلها فيفني أكثر عمره فِي جمعها وتصنيفها والأقراء بِهَا ويشغله ذلك عَنْ معرفة الفرائض والواجبات فربما رأيت إمام مسجد يتصدى للأقراء ولا يعرف مَا يفسد الصلاة وربما حمله حب التصدر حتى لا يرى بعين الجهل عَلَى أن يجلس بين يدي العلماء ويأخذ عنهم العلم1 ولو تفكروا لعلموا أن المراد حفظ القرآن وتقويم ألفاظه ثم فهمه ثم العمل به ثم الإقبال عَلَى مَا يصلح النفس ويطهر أخلاقها ثم التشاغل بالمهم من علوم الشرع ومن الغبن الفاحش تضييع الزمان فيما غيره الأهم قَالَ الْحَسَن البصري أنزل القرآن ليعمل به فاتخذ الناس تلاوته عملا يعني أنهم اقتصروا عَلَى التلاوة وتركوا العمل به ومن ذلك أن أحدهم يقرأ فِي محرابه بالشاذ ويترك المتواتر المشهور والصحيح عند العلماء أن الصلاة لا تصح بهذا الشاذ وإنما مقصود هَذَا إظهار الغريب لاستجلاب مدح الناس وإقبالهم عَلَيْهِ وعنده أنه متشاغل بالقرآن ومنهم من يجمع القراآت فيقول ملك مالك ملاك وهذا لا يجوز لأنه إخراج للقرآن عَنْ نظمه ومنهم من يجمع السجدات والتهليلات والتكبيرات وذلك” من كتاب تلبيس إبليس ﻹبن القيم. لا تعليق!

  2. أولا :الحديث يتعلق بتفصيل كيفية الخلق على الأرض وحدها فقط ، وأنه كان في سبعة أيام. و خلق السماوات والأرض في ستة أيام لا يعارض الحديث النبوي الشريف، لانه يحتمل أن تكون هذه الأيام الستة غير الأيام السبعة المذكورة في الحديث، فالحديث يوضح مراحل خلق ما على وجه الأرض فقط. ثانيا: الله جل جلاله خلق السموات في يومين وخلق الأرض في يومين وبارك فيها وقدرفيها أقواتها في يومين آخرين فكان خلق الأرض في أربعة أيام وهذا تفصيل لماذكر مجملا في قوله تعالى (وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ) هود الآية7 , والله تعالى أعلم

  3. abdul

    من المتواتر في المحكم التنزيل ان الله خلق السماوات والارض وما بينهما في ستة ايام. وآية اخري تدل ان الله خلق الارض في يومين وقدر فيها اقواتها في اربعة ايام. فأين هذه الآيات القرآنية من هذا الحديث عن خلق التربة يوم السبت و الجبال يوم الاحد، والشجر يوم الاثنين وما الي ذالك حتي صار خلق الارض واقواتها في سبعة ايام من يوم السبت الي عصر يوم الجمعة. ارجوا الايضاح وشكرا

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010